خلط النقيضين ينتج خليطا قذرا
عندما تخلط شيئين متناقضين، فان المخلوط الناتج سيُفقِد المخلوط الجيد صفاته ليكتسب صفات سيئة، وأما المخلوط السيء فانك ستعمل في تلك الحالة على تحسينه وسيبقى أصله كامنا فيه.
فعندما تخلط السكر بالملح، فان الخليط أبدا لن يكون حلوا، وستبقى صفة الملوحة المنفرة موجودة فيه -على فرض أن الملوحة سلبية-، وستقوم بإخفائها قليلا، ولكنها تبقى موجودة فيه، وكذلك الأمر لو خلطنا لونا أبيض مع اللون الأسود، فان اللون الأبيض سيختفي ولن يعود، وأما الأسود فلا يضيره كثيرا أن يكون شديد السواد أو رماديا داكنا، فكلاهما ألوان قاتمة.
وهذا ما يحصل مع الأفكار أيضا، فعندما يحاول البعض إيجاد إسلام يوافق الكفر أي خلط أحكام الإسلام مع أحكام الكفر لإنتاج إسلام وسطي كما يدعون، فإن الخليط الناتج سيكون كفرا في هيئة الإسلام ولن يكون إسلاما أبدا، فالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم جاء بها بيضاء نقية لا تشوبها شائبة، والإسلام أمر بقتال الحاكم إذا حكم بحكم كفر واحد معلوم من الدين بالضرورة، أي أن الإسلام لا يقبل ولو 1% من الكفر الصريح ويأمر المسلمين بالقتال في سبيل إزالة الـ (1%) من الكفر، فكيف يأتي أشخاص اليوم ويقومون بخلط الإسلام مع الكفر لإيجاد ما يسمونه الإسلام المعتدل وهو دين جديد أوجده المجرمون لتدمير دين الإسلام الحق.
وأيضا مثلا لا يوجد تنسيق امني مع مقاومة العدو، فلا يمكن أن يجتمعا، وإن اجتمعتا فان التنسيق الأمني سيطغى لونه القاتم على المقاومة، أما أن يبقى كل منها يحمل صفاته وهما يريدان الاختلاط (المصالحة) فهذا أمر غير وارد، فأن يطغى التنسيق الأمني على المقاومة فهذا هو الحال الموجود، وأما أن تطغى المقاومة على التنسيق الأمني -وهذا في حال وجود دول قوية تدعم المقاومة بشكل حقيقي وليس بشكل صوري- فهذه حالة غير موجودة حاليا.
وأيضا لا يمكن أن تختلط الثورة على الظلم والفجور مع اخذ الدعم من الظالمين والفجرة، فثوار سوريا الذين يريدون إسقاط ظالم عن طريق التعاون مع الظلمة الفجرة من حكام تركيا والسعودية وغيرهم، فهذا ضرب من الخيال والجهل تشوبه الخيانة، فلا اختلاط بين الأمرين، وقد رأينا كيف طغى في النهاية لون الخضوع والاستسلام والتعاون مع الظلمة والقبول بهم على الثوار كما في الحالة السورية.
وقس على ذلك الكثير، فلا يمكن أسلمة البنوك والمدارس والإعلام والحياة ... والنظام المطبق هو نظام غير إسلامي، فما دام الأساس فاسدا فإن أي محاولة لأسلمة أي ناحية من الحياة لن تنتج إلا خليطا قذرا ظاهره إسلامي وحقيقته أنه ضلال مبطن، فما دام الأساس فاسدا فإن أي بناء عليه سيكون فاسدا، فالإسلام مع الأنظمة الرأسمالية لا يمكن أن يعيشا مع بعضها البعض مع محافظة كل على خصائصه، وبما أن الرأسمالية هي النظام الحاكم، فان أي محاولة لأسلمة نواحي المجتمع كأنظمة الحياة أو محاول إيجاد التوافق بين الإسلام والضلال ستبوء بالفشل.
إن العمل على خلط النقيضين لا تصدر إلا من المهزومين نفسيا الضعفاء الجهلة بحقيقة دين الإسلام الذين يحبون الدنيا ونتائجها العاجلة ولا يحبون الاصطدام بالكفر وأنظمته وجنوده، فهؤلاء هم الذين يعملون على خلط النقيضين ليرضوا القواعد الشعبية لهم وفي نفس الوقت ليرضوا الكفار والمجرمين، ومعلوم أن إرضاء الحق والباطل في نفس الوقت غير موجود، والموجود هو أحد أضرب النفاق والعياذ بالله، ولا يخدم في النهاية إلا الكفار والظالمين.
https://www.facebook.com/145478009128046/ph...e=3&theater