إزالة بعض الصخور المعيقة للتغيير [13]
---------------------
بعض التوجيهاتوهذه بعض التوجيهات لمن يعمل في التغيير وبالذات تغيير عقول الناس وتغيير عقول البشر، ويجب أن يعلم أن العقل البشري ليس كالحاسوب إما أن يقبل البرنامج أو لا، فهناك مئات الأبواب والطرق للدخول للعقل البشري، وأصعب شيء تواجهه هو شخص لا يريد أن يقتنع عندها لا فائدة من كل الطرق، ولذلك يجب الصبر على الناس وعلى قلة استيعاب الكثير منهم، وهذا بسبب حجم التضليل الكبير الذي مورس على الأمة الإسلامية طيلة قرون مضت، ومن هذه الأساليب التي يجب أن يعي عليها حامل الدعوة أو العامل لتغيير البشر والمجتمعات البشرية:
• استغل ووجه ولا تحبط: تحصل في الأمة مطالبات كثيرة بالحقوق، وكثيرا ما يغلب على هذه المطالبات الجهل وقلة الوعي، مثل ثورة لتغيير شخص الرئيس ومثل مطالبة الرئيس أن يتدخل ومثل المطالبة بإقالة وزير ومثل مسيرة تطالب المجتمع الدولي التدخل ومثل ثورة جياع وبطون وتوفير فرص عمل وغيرها من الأمور التي يغلب عليها الجهل وقلة الوعي، وأحيانا تكون مسيرة من قبل بعض المجرمين لتحقيق أهداف سياسية لهم.
إن التصدي لكل حركة من تلك الحركات بنسفها ونسف أصحابها بسبب الجهل وقلة الوعي أو تسييرها من قبل المجرمين هذا الأمر سيبني بينك وبين الشعب حاجزا ضخما لا يمكن التغلب عليه، فأنت دائما تحبطهم بقولك: هذا أمر لا يجوز وهذا أمر يسيره الرئيس وهذه المطالبات للمجتمع الدولي لا تجوز وهذه الأمور تخدم الكفار وهذه تجعل للكفار سبيلا علينا وغيرها، فالناس بسبب قلة الوعي عندها لن تلتفت إليك إلا كمثبط لهم ولحراكهم وإلا كشخص ينظر إليهم من قصر عاجي عندها بارع في الانتقادات فقط... عندها سيمقتونك ويلتفون أكثر وأكثر حول المجرمين والمخادعين.
إن الطريقة السليمة للتعامل مع مثل هكذا أمور يكون بـ:
1- الخطب والدروس عن فساد الحاكم ونظام الحكم، وبيان أن سبب المشكلة ليس شخص الوزير بل الرئيس والنظام الحاكم وعدم التعرض لحراك الناس، وأحيانا يمكن القيام بحراك آخر له هتافات صحيحة تبين الفعل الصواب دون مهاجمة حراك الناس الخاطئ.
2- إن خرجت مطالبات للمجتمع الدولي التدخل ضد عدو مجرم فلتكن هناك بالتوازي معها تحركات أخرى تطالب الجيوش بهدم العروش والتحرك لحل القضية والقضاء على هذا العدو.
3- إن حصلت ثورة وكانت مطالبها غير شرعية، فليعمل الواعون على المشاركة بالثورة ورفع شعارات صحيحة كي يتم توجيه الثورة قدر الإمكان.
4- إن حصلت مسيرات بأمر من الزعيم لتضليل الناس فعلاج ذلك الأمر عدم المشاركة بتلك المسيرات، ولكن حديث ودروس وخطب وبيان الحل الصحيح الذي يوجبه الشرع دون تسفيه من خرجوا بأمر الزعيم.
• حاول أن لا تنجر للمراء والجدل واكتفي برسم الخط المستقيم أمام الخط الأعوج: وهذا الأسلوب يتبع أمام شخص لا يريد الوصول للحق، فما عليك إلا أن تضع الحل الصحيح وتترك الشخص المقابل اقتنع أم لم يقتنع، لأن استمرار النقاش سيجعل الأصوات ترتفع وعندها سنكون في جولة مصارعة كلامية ليس إلا.
إن تحديد نقاط النقاش وتحديد مقياس معين للنقاش وتحديد فترة لكل شخص ليدلي برأيه وعدم وجود أطراف أخرى تحضر النقاش أو تحييدهم إن وجدوا سيجعل النقاش يثمر، وان خرج الطرف المقابل عما اتفق عليه فاتركه ولا تنجر معه في المصارعة الكلامية.
• هاجم الفكرة وإياك ومهاجمة الأشخاص إلا إن كانوا حكاما أو رموز ضلال: تحدثت سابقا عن الحكام وعن رموز الضلال ووجوب تعريتهم بأشخاصهم، أما البقية فيجب أن يكون النقاش معهم نقاش فكري، أي مهاجمة الفكرة أو الطرح الذي يطرحه ونسفه من الجذور إن كان بيّن الخطأ، وبيان الرأي الأقوى إن كان للشخص المقابل شبهة دليل شرعي، فمهما حصل من الطرف المقابل كأن أصبح عصبيا أو هاجمك بشكل شخص أو اتهم جماعتك أو بدا بالسخرية فما عليك إلا أن تتركه كما في النقطة السابقة، وإياك أن تهاجمه من الخلف أو تنشر عنه على مواقع التواصل محاولا الانتقام منه فان هذا ليس بالشيء الجيد، بل اتركه واحتسب ما تعرضت له من إساءة عند الله تعالى، فهو في النهاية ليس حاكما ولا رمزا للإجرام كي يتم مهاجمته بشكل شخصي.
• اصبر على الأذى من الناس فإن الأجر على عملك تأخذه من الله وإن هدفك هداية الناس ولك بهدايتهم أجر عظيم: وهذه مهمة جدا ويجب التنبه لها وهي أن عملك للتغيير هو بسبب أن الله أمر المسلم بدعوة إخوته الضالين المخطئين وبيان الحق لهم، فان عملت مبتغيا الأجر من الله على كل شخص تهديه أو تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر، فانك ستستمر بدعوتك ولو تعرضت لأشد أنواع الأذى من الناس لأنك تعلم أن كل حرف يخرج من فمك يوزن لك يوم القيامة بالحسنات يوم لا ينفع مال ولا بنون، أما إن كان هدفك شهرة ومركزا ومديحا فان هذا فوق كونه يغضب الله تعالى، فانك ستنتكس عند أول عثرة تتعرض لها.
• العمل الفكري في التغيير بطيء: نعم يجب أن يدرك كل عامل للتغيير أن تغيير طباع البشر وتغيير الرأي العام في المجتمعات ليس بالأمر السهل، فالعقبات أمام ذلك كثيرة منها أن أغلب الناس بسيطة ليس من السهل عليها استيعاب الطروح الفكرية، وأيضا الناس أحيانا تخشى من بطش الظالمين فتعرض عنك، وأحيانا الناس تلتف حول من يقومون بأعمال مادية أو خيرية لان مشاعرهم ترشدهم لذلك ولأنهم يرون أثرا ماديا معجلا بينما التغيير الفكري أمر لا يلامس المشاعر كثيرا وأثره بعيد المنال، والناس أحيانا تراك شخصا كاذبا قبل أي نقاس لأنها ستحكم عليك كما حكمت على أشخاص سابقين خدعوها وضللوها، فتحكم عليك مسبقا كما حكمت على المخادعين بأنك تعمل لمصلحتك الشخصية، وكثرة اشتغال الناس بحياتهم اليومية وتأمين قوت عيالهم سيجعلهم يعرضون عنك حتى لا تهدد هذه الحياة التي يحيونها، ولذلك كما عانى الأنبياء سابقا عليهم الصلاة والسلام فاعلم أن طريق التغيير الفكري صعب وليس بالأمر السهل، ولا أقول ذلك لأحبطك ولكن لتعلم ما أنت مقبل عليه.
• إياك والتفريق بين أطياف المسلمين: إياك أن تميز بين المسلمين، ذلك سني أو ذلك شيعي لا يناقش، أو ذلك إسلامي وذلك علماني لا يناقش، أو ذلك وهابي متعصب لا يناقش أو ذلك صاحب مصلحة... أو.... أو .....
ناقش الجميع فلا تعرف أين سيكون الخير، ولكن بالتأكيد مع نقاش كل شخص حسب ما عنده من أخطاء، فالعلماني انسف له العلمانية من الجذور، وصاحب التوجه الإسلامي أناقشه بطريقة خدمة الإسلام الصحيحة، وصاحب المصلحة احذره أن تفتنه الدنيا عن الآخرة، حتى الكافر أناقشه بفساد عقيدته وأبين له عقيدة الإسلام الصحيحة الصافية النقية .
• ركز على نسف كل المقاييس المخالفة للشرع عند رؤيتك للشخص المقابل لا يفقه حجتك، فأنت ترى أخي أنك تخاطب الشخص بقال الله وقال الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يقول لك:
ولكن الأفضل أن نفعل ذلك....
إن نتيجة عملك ستكون مدمرة.....
ما تطرحه لن يقبله الكفار.....
هذا الزعيم أفضل من غيره من الزعماء......
وعقلي يقول لي أن كلامك غير صحيح.....
أنا أرى أن هذا الفعل أفضل من أفعالك.....
أنا أرى تقديم الصلاة في المسجد على الفعل الذي تأمرني به....
.....................................
وغيره الكثير من المقاييس التي تعتمد على الحكم العقلي وعلى التحسين والتقبيح العقلي وعلى استشراف النتائج قبل العمل وعلى وضع سلم للأولويات من ناحية عقلية وعلى فهم خاطئ لكيفية إصدار الأحكام الشرعية والاجتهاد فيها، وتدخل أحيانا في النقاش مقاييس نفعية بحتة مثل المصلحة والمنفعة، فما لم تتفق وتصل مع ضيفك أن "الحلال والحرام" هو مقياس المسلم للحكم على الأفعال ولا مقياس غيره فستبقى تدور مع الطرف المقابل دورانا لا تصل فيه لنتيجة.
وغيرها من التوجيهات الكثيرة والتي يمكن أن يستفيد منها كل من يعمل للتغيير.
يتبع ..... (الخلاصة)
https://www.facebook.com/145478009128046/ph...e=3&theater