نظرات على حزب التحرير (1)
مفهوم الحزب
------------------
حزب التحرير يكاد يكون الوحيد اليوم على الساحة الذي يسمى حزبا حقيقة، والبقية هي أحزاب اسمية أو تجمعات ولا ترقى لمفهوم الحزب بالمعنى الحقيقي، فالحزب حتى يكون حزبا يجب أن يكون له فكرة يسعى لإيجادها في المجتمع وطريقة من جنس الفكرة تكون واضحة ومبلورة، وطريقة الضم هي اعتناق أفكار الحزب لا أي أمر آخر مثل المركز أو الوجاهة أو الغنى فلا يقبل في الحزب إلا من هضم الفكرة، هذا معنى الحزب؛ وللأسف أكثر من 97% من الناس لا تعرف معنى الحزب الحقيقي، فما تراه على الساحة اليوم أحزاب لا تعرف ما هي فكرتها، وان طرحت فكرة فعامة وغامضة ومبهمة مثل الإسلام هو الحل ومع ذلك تتبدل حسب الأحوال، ولا طريقة لها لتطبيق فكرتها لأنه أصلا لا فكرة واضحة لها، فالطريقة التي تتبعها اغلب أحزاب اليوم هي نفس الطريقة التي تسير عليها الأحزاب العلمانية للمشاركة في الحكم، أما نشر فكرة صحيحة وهدم فكرة باطلة فلا تعرفها أغلب أحزاب ليوم، فهمها المناصب والمكاسب والمشاركة في الحكم لأنها ترى ذلك الطريقة للتغيير، وما إن تصل الحكم تصبح مثلها مثل الأحزاب العلمانية لا تفرقها عنها.
بعض الأحزاب لها فكرة جزئية مثل الدعوة للصلاة، وبعضهم يسعى للدعوة إلى الأخلاق، وبعضهم يتبنى العمل المادي بشكل عام وسرعان ما ينحرف بسبب الدعم المالي لأنه لا فكرة واضحة تضبطه ولا طريقة تقيده.
وهذا أمر يعيب كل من كان هذا شأنه، أما ثبات حزب التحرير على فكرة العمل لاستئناف الحياة الإسلامية بطريقة الرسول الكريم، ولا يقبل في صفوفه إلا من يهضم أفكار الحزب، فهذا أمر ممدوح في الحزب، وهو الذي أدى لثبات حزب التحرير ولقدرته على اختراق أصعب الأوساط في المجتمعات، وعدم وجود فكر لأغلب الأحزاب الموجودة جعلها تتغير كل يوم حسب المصلحة، وأما الأحزاب التي لها فكرة جزئية كالصلاة فهي تدور في حلقة مفرغة لأنها لم تشخص المرض بشكل صحيح، ولا تستطيع أن تنفذ فكرتها بشكل صحيح.
ولو نظرنا لحزب الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في مكة وهم الصحابة لوجدنا أن حزب التحرير هو الأقرب إتباعا لهم، فكانت لهم فكرة وهي نشر الإسلام وإقامة دولة تطبق الإسلام، ولم تتغير هذه الفكرة مع مرور الزمن، وكانت لهم طريقة في العمل لم يغيروها أو يبدلوها ولم يتلقوا دعما من أي جهة وكانت دعوتهم فكرية، ولم ينضم احد لهم إلا بعد هضم الفكرة الإسلامية، وتعرضوا لأشد أنواع التعذيب من قبل الكفار، والذي أوصلهم للحكم بالإسلام هو ثباتهم وليس تلونهم الذي سعى الكفار كثيرا كي يجعلوهم متلونين ولكنهم فشلوا.
يتبع.....................