نظرات على حزب التحرير (14)
حزب التحرير والغيبيات
------------------
حزب التحرير عندما يعمل لإقامة الخلافة فهو لا يلتفت للأمور الغيبية ومدى تأثيرها على عمله، فالعمل لإقامة الخلافة فرض، وأي شخص يموت وهو لا يعمل للخلافة بعد أن وصله أن العمل لها فرض فهو آثم وسيحاسب أمام الله عن تقصيره، ولذلك الأمور الغيبية مثل أين تقوم الخلافة والإمام المهدي وغيره لا يلتفت لها الحزب.
فالعمل لإقامة الفرض لا يتوقف على أمور غيبية، فقد هدمت الخلافة قبل 98 سنة هجرية، ومات خلال تلك الفترة الملايين من المسلمين، وحديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يقول: ((من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية))، ولا ينجو من الميتة الجاهلية إلا من عمل لإقامة الخلافة، ولذلك ماذا يكون جواب هؤلاء لرب العالمين يوم القيامة؟؟؟
المهدي سواء أكان هو من يقيم الخلافة أم لا، وسواء أكانت صفاته كما وردت في الأحاديث، لان بعض الأحاديث تحدثت عن شخص بهذه الصفات، وبعضها تحدث عن ظهور شخص بهذه الصفات بعد إقامة الخلافة وحصول مشاكل فيها، وكل هذه الأمور غيبية، فان ظهور هذا الشخص لا يمنع العمل لإقامة الخلافة، فالفرض شرعا لا يتوقف على وجود شخص معين باسمه، بل الفرض يقام به متى علم.
عندما يعمل حزب التحرير فهو يحارب القدرية الغيبية، فهو يعتبر أن المطلوب من المسلم التغيير بغض النظر عما هو مكتوب في اللوح المحفوظ، فالله يحاسبنا يوم القيامة على عملنا ولا يحاسبنا أنا وجدنا في زمن الفتن وعلامات الساعة وما شاكله.
فالحزب يعمل للخلافة بغض النظر عمن يقيمها ومتى وأين، ونحن نعمل للتغيير بغض النظر أن أهل هذا الزمان صفاتهم كذا وكذا الواردة في الأحاديث ولا أمل بتغييرهم كما يرى البعض، فنحن نعمل والنتائج على الله، لان المطلوب منا كمسلمين العمل.
فبعض المسلمين يقولون: الخلافة قائمة فلم نتعب أنفسنا بالعمل لها!!، وبعضهم يقول أن نصر الله وتحرير فلسطين آت فلم اعمل للخلافة كي تحرر فلسطين؟!!، والمسلمين اليوم يحصل لهم وكذا وكذا كما ورد في الحديث الشريف أي أن الوضع سيصبح أسوأ فلم اعمل للتغيير، فهذه الفكرة أي القدرية الغيبية وهي الاستسلام للقدر يحاربها الحزب، لان المطلوب من المسلم الإيمان بما وجب الإيمان به، ولكن مطلوب من كل مسلم أن يعمل حسب الزمان والمكان والظروف التي هو فيها بغض النظر عما ورد من أحاديث عن تلك الفترة من الزمان، فبما أن الخلافة فرض اعمل لها ولو قامت بعد ألف سنة ولو على أيدي أناس آخرين ولو على يد المهدي.
فالحزب عندما يقرأ الأحاديث التي تتكلم عما يصيب الأمة من فتن وانتشار للخمور والمنكرات والفساد يقرؤها بشكل ايجابي، وهذه القراءة أن كل هذه المنكرات سببها عدم تحكيم شرع الله وان الحكام الحاليين هم من ينشروها لذلك وجب علينا العمل للتغيير بإقامة الخلافة، والخلافة وحدها من ستوقف تلك المنكرات بقوة سلطانها.
الحزب عند قراءة تلك الأحاديث لا يجلد ظهور الناس أنكم سبب البلاء، بل يبين الناحية السياسية فيها وهي أن غياب الخلافة والحكم الإسلامي سبب الفساد، فلو جلد الحزب ظهور الناس بتحميلهم مسؤولية ما هو موجود لقتلهم وقتل الأمل بالتغيير فيهم، ولكنه يوجههم لطريق خلاصهم بإقامة الخلافة وتطبيق شرع الله.
حتى عندما ذكر الحزب الأحاديث التي تتحدث عن فضل الشام في الثورة السورية، ذكرها من باب حث الناس على العمل وعدم اليأس وأن الله سيبارك في عملهم، على شرط أن ينصروا الله تعالى ويعملوا لتحكيم شرعه، أما إن اعرضوا عن العمل والشرع فان الله لن ينصرهم ولو وردت أحاديث عن فضل الشام.
هكذا ينظر الحزب للأحاديث التي تتكلم عن آخر الزمان والغيبيات، نظرة كلها إيجابية وحث على العمل وعدم يأس واستسلام للواقع بحجة أن هذا قدر لا راد له، وان المكتوب سيحصل عملنا أم لم نعمل.
يتبع...................