نظرات على حزب التحرير (16)
حزب التحرير والتدرج
------------------
التدرج المنادى به من قبل حركات إسلامية يقوم على تطبيق (10% إسلام و 90% كفر) ثم (20%إسلام و80% كفر) ثم (30%إسلام و70% كفر) .......ثم (90%إسلام و10 كفر) ثم 100%إسلام، وهذه النظرية عليها عدة ملاحظات:
• هذه نظرية خيالية لم يتم تطبيقها أبدا لا قديما ولا حديثا، وحتى من نادوا بها لم يطبقوها، فبقيت في إطار النظرية.
• لو فرضنا جدلا إمكانية تطبيقها فتطبيقها حرام، لأنه أثناء التدرج يتم الحكم بأحكام كفر وهذا لا يجوز شرعا، فتطبيق حكم واحد كفر لا يجوز، وتطبيق 1% كفر لا يجوز، وان كان أكثر فالحرمة اشد، ومعلوم أن الله لا يتعبد بالمعصية.
• الذين يقولون أن الإسلام عندما نزل.. نزل بالتدريج فهذا صحيح، ولكن الملاحظة هنا هي أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم كان يطبق كل ما ينزل عليه ولا يتدرج في تطبيق ما نزل عليه أبدا، وقبل نزول الحكم معلوم أن الأمور تكون متروكة، وبعد نزول الحكم الشرعي يصبح لها حكم شرعي واجب التنفيذ، والملاحظة الأخرى أن موضوع نزول الأحكام بالتدريج هو أمر إلهي لا دخل للبشر به، ولكن بعد نزول الأحكام يجب تطبيقها كلها وبدون تدرج.
• الفتوحات الإسلامية في عهد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وفي عهد الصحابة ومن بعدهم لم يرد أنهم تدرجوا في تطبيق الإسلام على أهل البلاد المفتوحة، وهذا يبطل القول بالتدرج نهائيا، ولا عذر لمتدرج هذا إن كان فعلا سيتدرج.
كل الذين نادوا بالتدرج من الحركات الإسلامية مثل الأحزاب الإسلامية المعتدلة (العلمانية عندما تصل الحكم) لم يتدرجوا أبدا في تطبيق الإسلام، ومرت عليهم السنون وهم هم يطبقون الكفر والدساتير الوضعية، بل على العكس من ذلك تدرجوا في إرضاء الكفار وتنفيذ مشاريعهم وأصبحوا مثلهم مثل الحكام في العمالة والارتباط بالغرب وتنفيذ مشاريعه، وهذا يدل على أن المناداة بالتدرج كانت لاستقطاب الأتباع للنجاح في الانتخابات.
جهل الناس بمعنى العلمانية جعل الناس تصدق أنهم يتدرجون، فمشاهدة الناس لنساء أصبحت تلبس الحجاب وأناس أصبحت تقرأ القران وبناء أكثر للمساجد وغيره من إقبال الناس على الإسلام، أصبح الناس يظنون أن هذا هو التدرج وأن الحاكم يتدرج في تطبيق الإسلام، مع أن هذا الحاكم في الدستور وأساس الدستور والأنظمة المطبقة ما زال يطبق الرأسمالية بحذافيرها، فظن الناس أن إقبال الناس على بعض الأحكام الشرعية هو تدرج، مع أن التدرج في الحكم "لو طبق" مثلا فهو مثل: إلغاء البنوك والشركات الرأسمالية المساهمة وإيجاد شركات إسلامية، ثم إلغاء كل أحكام النظام الاجتماعي المخالفة للشرع في الحياة العامة والخاصة وفي المجتمع وإلزام الناس بالأحكام الشرعية، ثم قلب نظام التعليم كليا ليصبح المنهج إسلاميا صرفا، ثم تغيير أو قطع العلاقات مع الدول والبداية بتأسيس علاقات الجهاد والقتال في الشرع، ثم نسف النظام الجمهوري وإجراء انتخابات لبيعة خليفة يحكم بالكتاب والسنة، هذا هو مفهوم التدرج (مع انه خيالي ومحرم) لمن أراد التدرج، أما أن يظن أن التدرج هو زيادة عدد المصلين وعدد من تلبس الحجاب من النساء وعدد من يقرؤون القرآن وعدد.... فهذا يحدث في كثير من الدول العلمانية التي لم تدع يوما أنها تتدرج في تطبيق الإسلام، لا بل وتحارب من يدعو لتطبيق الإسلام في نظام الحكم والدولة.
حزب التحرير لا يدعو للتدرج لأنه محرم شرعا، وهو فوق ذلك خيالي، وهو يرى أنه بمجرد أن تتم البيعة لخليفة المسلمين يجب على الخليفة أن يقوم بإزالة النظام القديم كليا ويضع مكانه نظام الإسلام كاملا ومن أول يوم، فيعلن رسميا من أول يوم أن دستور الدولة هو الدستور الإسلامي الصحيح المأخوذ من القران والسنة، وكما قلت سابقا فالحزب اعد مشروعا سياسيا جاهزا للتطبيق ومن أول يوم.
والبيعة لا تتم إلا بعد السيطرة على الجيش وكل مفاصل الدولة، أما بيعة كما حصل لمرسي مثلا وأغلب أجهزة الدولة العميقة والجيش خارج عن سيطرته فهذا هو الانتحار بعينه، فلا بيعة إلا بعد السيطرة على الدول بكل مفاصلها حتى يستطيع الخليفة تطبيق الإسلام.
أما صعوبات التطبيق فهذا بحث آخر على الدولة أن تضع الخطط لتجاوز كل الصعوبات الممكن أن تحصل في أول أيام التطبيق، ولكن يجب التأكيد هنا أن الناس ستفرح فرحا شديدا بتطبيق الإسلام وستساند الدولة بكل قوة لتطبيق الإسلام، وستكون شديدة اللهفة لتطبيق الإسلام، ولذلك يمكن تجاوز أي صعوبة في أول أيام التطبيق بسهولة بالغة بإذن الله ومشيئته.
يتبع......................................