نظرات على حزب التحرير (24)
حزب التحرير والترخيص والإذن للقيام بالأعمال
------------------
قام حزب التحرير بداية لأن قيامه فرض بناء على الآية الكريمة: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، ولذلك الترخيص لقيام الحزب هو من الله تعالى، ولذلك لا يأخذ الحزب أي ترخيص لوجوده وقيامه بالأنشطة الحزبية من الدول، أما موضوع العلم والخبر للنظام الموجود فلا مانع منه، والفرق بين الترخيص والعلم والخبر هو أن الترخيص يعني أن الدولة والنظام هم من يسمحون لك بالعمل والتأسيس لإنشاء الحزب وهم من يرفضون، وهذا يخالف الآية القرآنية التي أوجبت على المسلمين تأسيس الأحزاب ضمن الشروط التي في الآية.
أما في حالة إنشاء الحزب وتأسيسه في أي بلد، عندها لا مانع شرعا من تنظيم الأعمال للحزب بإعطاء العلم والخبر للنظام الموجود، مثل أن تعلم السلطات بمكان مسيرة معينة أو مكان مؤتمر من باب التنظيم وترتيب أمور السير والحشد واستخدام وسائل الإعلام وما شابهه، فان كانت الدولة ترفض إعطاء الإذن للقيام بالعمل فان الحزب حينها يضرب هو الآخر بقانونها عرض الحائط وينظم أعماله حتى دون علم وخبر وبشكل محرج لهم، والعلم والخبر ليس ترخيصا بل هو قانون في الدول تطلب فيه الدول ممن يريد القيام بأي نشاط إعلام الدولة فقط حتى تقوم الدولة بتنظيم المرور والسير والإعلان، أما إذا رفضت الدولة فعندها يكون الحزب أول من يضرب بقانونها عرض الحائط.
إذن الحزب ترخيصه من الله الذي أمر بتأسيس كتلة ضمن الشروط التي في الآية، وأعماله سيقوم بها رغم أنف الجميع، لا مانع من أن يأخذ العلم والخبر لتنظيم الأمور ولكن الأعمال يقوم بها الحزب حتى لو رفضتها الدول وحتى لو شنت حملة اعتقالات لشباب الحزب، والموافقة على أخذ التراخيص يعني إعطاء الظالمين الفرصة لمنع قول كلمة الحق ومنع الناس من محاسبتهم وهذا إثمه شديد جدا، حتى في دولة الخلافة فان دولة الخلافة لن تطلب لإنشاء أي حزب إلا العلم والخبر وسيكون من حق جميع المسلمين تأسيس أحزاب إسلامية لا تخالف في نهجها القرآن والسنة وتحاسب الدولة إن ظلمت وتنافس على بيعة خليفة من بين أبنائها، فعملية الترخيص شديدة الخطورة إن خضعت لها الأحزاب الإسلامية بالذات.
الكثير من الحركات والتجمعات للأسف تستجيب لعملية الترخيص، فان منع ترخيصها حلت نفسها، وبعضها يقاوم سحب الترخيص منه وتتم ملاحقته من الدولة، وكثير منها للأسف مدعوم من دول أخرى ممن يقاومون سحب ترخيصهم، ولكن يبقى الأصل في إنشاء الحزب أو الحركة هو الدافع الشرعي، فان كان موجودا فهو أقوى شيء لمواجهة الدول التي تسحب الترخيص وتمنع الأحزاب السياسية في الدولة إلا ما وافق هواها.
ومعلوم أن الدول بشكل عام تعطي الترخيص لأي حزب لا يهدد وجودها أو نظامها، فإن هدد نظامها سحبت الترخيص منه، مع بعض الشذوذ لتلك القاعدة، وأما بالنسبة للملاحقة للأحزاب التي لا يوجد ترخيص لها فيعتمد على قوة الدولة والحالة السياسية فيها، وإلا بشكل عام فالدول تمنع الأحزاب التي لا يوجد لها ترخيص من مزاولة أي عمل، وأحيانا تلاحقهم وتلاحق اجتماعاتهم وتشدد بشكل كبير عليهم حتى يظهر كأنهم غير موجودين لقوة الملاحقة لهم.
عندما يكون الدافع لإنشاء الحزب أن القيام بالعمل فرض وتقوى الله، فإن أقوى الدول لن تستطيع منع إنشاء الأحزاب، وأما عندما يكون الدافع مصلحة أخرى فيمكن إنهاء تلك الأحزاب بضرب مصالحها ومصادر تمويلها وحرفها عن مسارها أو إغراء بعض قياداتها بالمناصب، وقوة الدولة والحالة السياسية فيها لها أثر كبير في التصدي لأي حزب تم تأسيسه في الدولة.
يتبع.....................................