نظرات على حزب التحرير (26)
حزب التحرير ونظرته لفكرة الإصلاح
------------------
حزب التحرير يرى أن تغيير الأوضاع المأساوية في بلاد المسلمين يكون بإقامة الدولة الإسلامية دولة الخلافة، على عكس أغلب التيارات الأخرى التي ترى أن الإصلاح يبدأ بإصلاح النفس آخذين بالمقولة: "أصلح الفرد يصلح المجتمع"، والحزب يرى انه فقط بتغيير النظام يصلح الناس أي بإصلاح النظام يصلح الناس، بينما البقية يرون أن الإصلاح يبدأ من الأفراد ليعم الأسرة والمجتمع والقرى والحارات وغيرها ويعم المجتمع ثم يصلح النظام.
وللتعليق على هذا الموضوع أقول وبالله التوفيق:
• يجب التفريق أولا بين عناصر إصلاح الفرد وعناصر إصلاح المجتمع، فعناصر إصلاح الفرد أربعة هي: (العقيدة والعبادات والمعاملات والأخلاق) فان قمنا بإصلاح تلك الأمور عند فرد معين فإنه يصبح فردا صالحا، وفرد صالح زائد فرد صالح زائد مليون فرد صالح يصبح هناك أفراد صالحين ولا يكونون مجتمعا صالحا، وذلك لأن عناصر إصلاح المجتمع هي (الأفكار والمشاعر والأنظمة) فان صلحت الأفكار والمشاعر عند الناس بغض النظر عن صلاحهم الفردي وطبق نظام من نفس تلك الأفكار والمشاعر الصالحة تكون المجتمع الصالح، والعنصر الرئيسي لإصلاح المجتمع هو تطبيق النظام الصالح (نظام الإسلام)، لذلك لو أصبح جدلا وهذا مستحيل كل الأفراد صالحين فان تطبيق نظام فاسد عليهم يجعل المجتمع غير صالح، فكان النظام هو الأساس في إصلاح المجتمع.
• في قصص القران بينت الآيات أن دعوة الأنبياء بدون دولة وقوة وسلطان لم تسفر إلا عن قلة مؤمنة دائما، والأكثرية فاسدة، أي أن الأغلبية رفضت الحق، وهذا يبين أن عملية إصلاح كل الناس ... والنظام الحاكم فاسد مفسد هي عملية مستحيلة.
• الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم (قدوتنا) في دعوته في مكة مدة 13 سنة كان عدد أتباعه قلة لا يتجاوزون 500، ولكن بعد إقامة الدولة الإسلامية سيطر على جزيرة العرب بفعل قوة الدولة وسلطانها خلا عشر سنوات.
• النظام الفاسد هذه الأيام يجعل عملية إصلاح الأفراد صعبة جدا، بل يجعل الأفراد الصالحين في خطر من فتنتهم عن الطريق الصحيح، لأنه لا يثبت على الصلاح إلا القلة من القابضين على الجمر ومن يحذو حذوهم، ونحن اليوم نرى حجم الفساد الكبير الذين ينتشر بين المسلمين بفعل سياسات الأنظمة من إباحتها للخمور والرقص والاختلاط وبث البرامج التي تفسد الأخلاق وتشجع تلك الأمور، بينما يتم محاربة كل من يدعو للفضيلة وكل من يدعو للتمسك بالإسلام ويتهم بالإرهاب ولذلك عملية إصلاح الأفراد صعبة هذه الأيام في ظل هذا النظام الفاسد، مع انه لو أصلح كل الأفراد جدلا فان المجتمع يبقى فاسدا لفساد النظام.
• عند تطبيق الإسلام فان عملية الإصلاح للأفراد ستكون سريعة جدا، فالدولة تشجع الصلاح وتدعو إليه وتمنع الفاسدين من الظهور بل وتعاقبهم، لذلك لن ترى في المجتمع إلا الصالحين، أما الدخول لنفوس الناس لإصلاحها فهذا في خارج نطاق كل البشر وكل الأنظمة، فأنت تصلح المجتمع بتطبيق الإسلام والناس تصلح تلقائيا، ومن يفكر بإثارة الفساد في المجتمع تمنعه الدولة، فلا يظهر فيها إلا الصلاح.
• حزب التحرير عندما يعمل لا يعني انه لا يهتم بإصلاح الأفراد، بل شرط رئيسي لأي شخص ينضم إليه أن يكون صالحا، ولا يقبل إلا الصالح، ويعمل لنشر الصلاح قدر الإمكان بين الناس، ولكن عمله مرتكز على تغيير النظام لأنه بتغيير النظام تبدأ عملية إصلاح الناس، أما التركيز على إصلاح الأفراد كل الأفراد والنظام فاسد فهذا ضرب من الخيال.
• القول لا يمكن أن ينزل النصر إلا بصلاح كل الناس فهذا قول باطل، لان الآيات والأحاديث بينت أن الله ينصر الفئة القليلة على الفئة الكثيرة، وبينت أن النصر ينزل لمن يستحقه، ولم يرد أن النصر لا ينزل إلا بصلاح الأمة الإسلامية كلها، ولذلك يمكن أن ينزل النصر على صلاح فئة معينة من الناس في بقعة معينة، حتى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عندما أقام الدولة الإسلامية وإقامتها نصر للمسلمين أقامها والكثير من المنافقين واليهود فيها، أي وجود كثرة من الفاسدين والمنافقين والكفرة، ومع ذلك انتصرت الدولة الإسلامية في المدينة المنورة.
• لو كان يمكن إصلاح الناس بدون تطبيق الإسلام فلم أنزل الله نظام الإسلام ومنه نظام العقوبات؟؟؟ وهذه الفكرة تجعل المسلم يرضى أن يعيش في دولة لا تطبق الشرع ويرى إيجاد الدولة الإسلامية ترفا لأنه يرى أن كل ما عليه فقط إصلاح نفسه.
• الكثير من الأمور لا يمكن تطبيقها إلا في ظل الدولة الإسلامية مثل النظام الاقتصادي والعلاقات الخارجية وفتح بلاد الكفر ومناهج التعليم ونظام العقوبات، ولذلك حتى الفرد الصالح سيقع حتما ومرغما في محرمات كثيرة رغم انفه لأنه مضطرا للتعامل مع هذه الأنظمة الفاسدة.
• كثيرا ما يقع من يقوم على عملية إصلاح الأفراد يقع باليأس لأنه يرى أناسا كثر لا يستجيبون له، فيسب الأمة والناس لعدم الاستجابة لأنه يرى الكثيرين ينفرون من الصلاح، ولذلك ينزوي ويصبح أنانيا مدعيا أنه قام بما عليه بإصلاح نفسه وأهله، ولا شأن له ببقية المسلمين، وهذا الشخص يرى الظلم وفساد الحكام ولا يتدخل به حتى ينجي نفسه.
يتبع........................................................