نظرات على حزب التحرير (27)
حزب التحرير وترك البعض للعمل معه
------------------
حزب التحرير يعمل لأن إيجاد التكتل الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر الداعي إلى الإسلام فرض، قال تعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} ولأن العمل لإقامة الخلافة أو استئناف الحياة الإسلامية فرض، فمن دخل حزب التحرير دخل ليقوم بما فرضه عليه الإسلام من العمل لدين الإسلام، ومن يدخلون حزب التحرير بشر يصيبون ويخطئون وهم غير معصومين عن الخطأ، ولذلك يمكن أن يخطئ شخص بعد دخوله حزب التحرير وهذا وضع طبيعي جدا.
الحزب يعامل المخطئين بالنصيحة أولا وبالإنذار ثانيا وبالعقوبة ثالثا، هذا طبعا إن لم يرتدع الشخص عن خطئه من أول مرة، فان ارتدع فهو المطلوب وإلا وصل الحال بالشخص أن يخرج من الحزب، وهذا وضع طبيعي من الحزب، فوجود أشخاص عاصين مصرين على المعصية داخل صفوفه غير مقبول لحزب يعمل لإرضاء الله تعالى، ووضع طبيعي أن يقوم الحزب بإخراج من يعيق عمله سواء بالمعصية أو بالخروج على أوامر الحزب أو تبنياته.
ومسألة دخول أشخاص في عمل صالح والخروج منه تحصل مع أي مسلم، وتحصل مع الحزب في عمله الحزبي، وبناء عليه يمكن التعليق على خروج أشخاص من صفوف الحزب كالتالي:
• القول أن الخروج من الحزب كان لأن التارك اكتشف أخطاء في الحزب، فهذا الكلام يرد عليه أن فكرة الحزب مطروحة على الجميع فيمكن مناقشة فكرة الحزب مع أي شخص، ولذلك القول أن من يترك الحزب فقد وجد فيه خطأ فهذا قول متهافت لا يحتاج ردا، حتى الإسلام وهو دين الحق يدخله أناس ثم يخرجون منه وهذا وضع طبيعي.
• القول أن الحزب يطرد كل شخص يعترض على أي أمر فهذا قول غير صحيح، فآلية المحاسبة في الحزب أكاد اجزم أنها فقط موجودة في الحزب دون غيره من الأحزاب، ولكن ضمن شروط حتى تبقى الكتلة متماسكة مثل المحاسبة الفردية وعبر قنوات معينة حتى لا تحصل التكتلات داخل الحزب وحتى لا يكون الأمر فوضويا، ومن وجد الحزب أن لديه رأيا مقنعا سار عليه الحزب، وإن وجد رأيه غير قوي طلب من هذا الشخص ترك رأيه لرأي الحزب.
• من يخطئ يبدأ الحزب معه بالنصيحة فان لم ينفع أنذره فان لم يستجب عاقبه حسب خطئه، ولا يكون الأمر كما يتوهم البعض بالعقاب من أول الأمر إلا إن كان الذنب علنيا مؤذيا لجسم الدعوة أو مؤذيا للكتلة ولو لم يكن علنيا، أو إن عمل الشخص عملا كبيرا فيه معصية لله فعندها قد يعاقب من أول مرة، ولكن الوضع الطبيعي أن يسار مع الشخص بحثِّه على التراجع وإعانته على الشيطان.
• الخطأ الذي ينذر عليه الحزب هو المعاصي بكافة أشكالها، وأيضا التمرد على أوامر الحزب، وأيضا الإصرار على مخالفة تبنيات الحزب، فعندها يعمل الحزب حفاظا على نفسه بنبذ المعصية وحفاظ على وحدته برفض التمرد ومخالفة التبنيات يعمل الحزب على السير مع الشخص حسب ما تقتضيه المسألة.
• من يترك الحزب أنواع:
1) شخص أصر على معصية معينة عندها يخرجه الحزب من صفوفه.
2) شخص أخذته الدنيا فلا يهتم بأمور الحزب إلا حسب فراغه من أعماله الدنيوية فهذا أيضا لا حاجة للحزب به ما دامت الدنيا محور حياته.
3) شخص أصابه الغرور أنه يفقه أكثر من الحزب فأصبح يخالف الحزب لأنه يرى رأيه صوابا والحزب مخطئ عندها يخرجه الحزب.
4) شخص كان صريحا بالقول أن العمل لإقامة الخلافة يحتاج جهدا ورجالا وقوة وأنا لست من هذه النوعية فينسحب بنفسه ولكنه يبقى مؤيدا للحزب.
5) شخص يئس من قرب النصر ويرى أن الأمر يحتاج وقتا كثيرا فيترك الحزب.
6) شخص خاف وجبن عن مواجهة الظالمين فقرر السير في طريق السلامة الدنيوية تاركا السلامة الأخروية في العمل على إرضاء الله تعالى.
• من يتركون الحزب هم بين أمرين إما أن يؤسسوا حزبا إن كانوا يرون أن الفكرة الأساسية للحزب خاطئة، والأغلبية بل الجميع تقريبا لا يفعل ذلك لأنه لا يستطيع وضع فكرة أخرى لعملية التغيير، وإما أن الخلاف مع الحزب ليس بالفكرة الأساسية عندها يصبح على هؤلاء الأشخاص:
أ) إن خرجوا بفعل مخالفة فعليهم تصحيح أنفسهم والعودة لصفوف الحزب.
ب) إن كانوا قد فصلوا فصلا تاما ولا أمل برجوعهم للحزب لأمر كبير فعلوه فعليهم الاستغفار لله عز وجل أن يغفر لهم وان يسندوا الحزب بأي عمل يقوم به لما فيه من الأجر الكبير.
ت) البعض لشيء في نفسه يبدأ بمهاجمة الحزب واتهامه بمختلف التهم لأنه طرد من الحزب أو انه ترك الحزب لأمر في نفسه أو لأي سبب .. يبدأ هذا الشخص بالهجوم على الحزب، فعلى هذا الشخص أن يتق الله عز وجل، لأن هجومه على الحزب هو هجوم على العمل لإقامة الخلافة وهذا إثمه عظيم عند الله تعالى.
• فلنفرض جدلا كما يقول البعض أن بضعة أشخاص تآمروا عليه لإخراجه من الحزب، وليس له شاهد إلا الله تعالى، عندها إن صحت الفرضية فعلى هذا الشخص أن يستغفر الله وان يحتسب أمره عند الله وان يعمل بكل ما يستطيع لإسناد الحزب في عمله، فليس معنى أن يظلم شخص أن يبدأ بهدم الحزب الوحيد العامل للخلافة لأنه حسب رأيه خرج ظلما من الحزب، فان كان مظلوما فان الله لن ينسى من ظلمه، ولكن الأكيد أن الرد على ظلمه لا يكون بالهجوم على الحزب والعمل لهدمه.
• أغلب من بدؤوا بالهجوم على الحزب لم ينالوا إلا الخسران في الدنيا ونفور الناس منهم، فالحزب تعمل كل دول العالم لهدمه، ولو خرجت فئات قليلة جدا وبدأت بمساندة الكفار والظالمين في هدم الحزب فلن تزيد الحزب إلا قوة وثباتا.
• أكثر من تركوا الحزب ذبلوا كما تذبل الثمرة إن قطعتها عن الشجرة، تبدأ بالذبول حتى تنتهي، وهذا حال اغلب من خرج من الحزب أصبح كعوام الناس لا هم له إلا عمله وشغله، وبعضهم أمد حقد في نفسه حياته بعض الشيء ولكن للأسف في مهاجمة الحزب، وعلى كلٍ كُلْ من ترك الحزب فنصيحة له أن يعود للحزب إن استطاع وان لم يستطيع فعليه بالتوبة والاستغفار وإسناد الحزب في كل عمل إن كانت غايته إرضاء الله تعالى، وان كان يكره الحزب فليلزم السكوت اتجاه الحزب خير له أن يمضي بعض وقته في مهاجمة العاملين لإقامة الخلافة، فلن ينال من مهاجمة الحزب العامل للخلافة إلا الإثم.
الخلاصة أن ترك البعض للحزب أمر طبيعي جدا، هذا وإن كان البعض يركز على التاركين فان أعداد الداخلين في الحزب والحمد لله تفوق عشرات المرات من يخرجون من الحزب إن لم يكن أكثر، وهذا وضع طبيعي في الحزب، صحيح أن الشخص يتألم لشخص اختار ترك طريق الحق والذهاب لطريق الباطل، ولكن الله يميز عباده المؤمنين، ونفوس البشر بين يدي الرحمن يقلبها كيفما يشاء، ونسأل الله أن يثبتنا على دينه وعلى العمل لإقامة الخلافة وان يثبتا على كل حق يا رب العالمين.
يتبع...........................................