منتدى الناقد الإعلامي

السلام عليكم , للمشاركة اختر ( دخول | تسجيل )



ملتيميديا

مقتطفات فيديو من انتاج الشبكة

> تعطيل الأحكام الشرعية بخداع المصطلحات "حقوق المرأة المهضومة" نموذجاً, الجزء الأول والثاني
أم حنين
المشاركة Jul 5 2020, 09:05 PM
مشاركة #1


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الإداريين
المشاركات: 5,578
التسجيل: 22-September 11
رقم العضوية: 35




السؤال: هل فعلاً تُعتبر قضية مساواة المرأة بالرجل في الغرب قضية مصيرية، ولمن؟

تشكلت أُسس حركة #حقوق المرأة في القرن التاسع عشر، والحركة النسوية خلال القرن العشرين، حيث كان الغرب يعتبر المرأة كائناً غير جدير بالاحترام وليس له حقوق. لذلك لا عجب أن تعمل #النساء في الغرب لنيل حقوقهن باستجداء الأنظمة الحاكمة العلمانية الرأسمالية العنصرية على مر السنين، ولا زالت المرأة الغربية مضطهدة أشد اضطهاد فلم تحقق الحركات #النسوية منذ قرن مضى الهدف الذي أُنشئت من أجله، لأن حقوق المرأة اختُزلت في مطالبة النساء للدولة مساواتها بالرجل في كل مجالات الحياة، فأصبحت القضية بالنسبة للحركة النسوية استهداف الرجل وليس استهداف المنظومة الرأسمالية الظالمة. ووقعت هذه الحركات في فخ النُظم السياسية وإعلامها الذي يلفت النظر بعيداً عن الأسباب الحقيقية للذل الذي تعيش فيه المرأة الغربية، وهي أسباب مرتبطة بالدرجة الأولى بفشل النظام الرأسمالي الوضعي في رعاية شؤون المرأة والرجل أيضاً، والتغطية على ذلك لخداع المرأة والرجل بحجة أن الدولة مهمتها أن تحافظ على الحريات فتُرك الناس لأهوائهم؛ ففي المبدأ الرأسمالي الدولة أولوياتها فقط المصلحة فإن لم تستفد الدولة من المرأة اقتصادياً فلن تكون قضية مهمة ما لم تجلب للمنظومة الاقتصادية العلمانية الربح المادي، وذلك الوضع نفسه بالنسبة للرجل، وطبيعي أن تعم الفوضى عندما يُترك النظام والأفراد والمجتمع لنظام الكفر بدون تحكيم العقل في وجود الإنسان في الدنيا والخلق والخالق عز وجل؛ فذلك وحده يُرشد الإنسان إلى الطريق المستقيم؛ وإلا فالمشاعر والغرائز تتحكم والمادة والمصلحة تحكم؛ وهذا ما حصل... فأين الحريات وأين الإنسان الغربي اليوم؟ فحرية الاعتقاد تحولت إلى إلحاد وكفر وشذوذ وقسوة واحتقار الإنسان لأخيه الإنسان بحسب لونه أو دينه أو عرقه، وحرية التملك أصبحت منافسات شرسة وملاحقات أنانية ومعاملات ربوية آذت الناس وجعلت المشاحنات بينهم لتحصيل أكبر قدر من المصالح على حساب القيم الإنسانية والأخلاق المستقيمة هو السائد، وأما حرية التعبير فتحولت إلى مجرد تنفيس عن الغضب، وحرية الرأي كذلك، فإن لم تكن مؤثراً في زيادة أموال ورفع اقتصاد الدول الرأسمالية وضمان حياة مرفهة "للرجل الأبيض" فليس لك كلمة نافذة، فمن كان مظلوماً عليه إنشاء حركات ومنظمات ترفع مظلمته ثم تنتظر لسنوات، فالقوانين البشرية لا تستوعب معالجة الأوضاع إلا بعد وقوع المشكلات وليس لمنعها من الأساس. والتناقض أن المجرم هو القاضي والجلاد فالمنظمات النسوية "المستقلة" تُلحَق بمنظمة الأمم المتحدة التابعة للدولة... كما توفر تمويلاً لهذه الشبكات النسوية الأخطبوطية التابعة لها والتي تتحرك فقط في نطاق ما تسمح به المنظومة الرأسمالية في الغرب أو خارجه. ومن التناقض أيضا أنه في الغرب بجانب الحركة النسوية التي تعمل ضد تسليع المرأة ويسمح لها القانون بذلك، تعمل آلة إعلامية ضخمة تروج للتجارة بأعراض النساء الغربيات وتديرها شركات رأسمالية استثمارية ضخمة لرجال الأعمال الأثرياء الموالين للنظام، وتدر هذه الشركات ملايين الدولارات على الاقتصاد في البلاد الغربية، ولا يرى القانون أو الدستور أو النظام ضرراً في ذلك، بل يستفيدون من المرأة مادياً وهذا عند الكافرين قمة "التحضر"!

هكذا نجد أن قضية المرأة الغربية تكتسب بعض الأهمية المصطنعة (كأهمية قضايا "الأقليات" الأخرى في الغرب) لأنها توجه غضب النساء على الرجل في المجتمع بدلاً من توجيهه إلى الوجهة الصحيحة والتي هي منظومة الدولة الرأسمالية الكافرة - المجرم الحقيقي في استغلال المرأة للكسب المادي والمتع الجسدية - فهذه هي النظرة الوحيدة للمرأة في منهج الغرب.

وهنا نتساءل: هل القضية قضية تحرير المرأة من عبودية الرجل أم هي التحرر من العبودية لنظام الكفر؟

إن هذه المنظومة #الرأسمالية تجعل ممن يرفعن شعار التحرر من عبودية المرأة للرجل أو تحرير المرأة و #المساواة بالرجل مجرد أضحوكة، وقد جعلت من قضيتهن فأر تجارب يدور في عجلة في معمل مهجور يتعب من الركض ولا يصل إلى أي مكان أبداً!! والأسوأ أن المرأة الغربية قد صدّقت خدعة النظام الرأسمالي بأنه يوفر لها "حريات" لتفعل ما تريد كيفما تريد، بينما هو الذي يملي عليها أن تخلع ملابسها ليبيع عِرضها للمتفرجين مقابل الأموال للدولة على أنه قمة التحرر وقمة المساواة (جسدها ملكها تتعرى كما تشاء، سواء أكان في مواقع الدعاية والإعلان أم في المواقع الإباحية)، والمستفيد الأول هو الدولة ثم الرجال في المجتمع في كل الأحوال. ولن يتذكر التاريخ لعامة النساء في الغرب إنجازات غير الفجور والانحلال والتعري من جهة والاسترجال ومصارعة الرجال على المناصب والأعمال من جهة أخرى، وإن ظهرت هذه النماذج على أنها "عارضة أزياء جمالها صاروخي" أو "ناشطة حقوقية" تهتم لحقوق المرأة وتحارب من أجل نساء العالم! فالاثنتان هما مجرد أدوات:

فإذا نظرنا إلى حال #المرأة في الغرب نجد حياة النساء الغربيات حياة شاقة قاسية بعكس ما يروج في الإعلام وتضليل الناس لتجميل هذه الحياة القبيحة، فالواقع أن المرأة في الغرب أصبحت مطالبة بأكثر مما تستطيع المرأة تحمُّله، فهي تعمل في كافة مجالات العمل وتؤدي أعمال الرجال على أساس المساواة مع الرجال والاستقلال المادي و"تمكين المرأة" و"تفعيل دورها النهضوي في المجتمعات"، وهو في حقيقته إجبار من الدولة لهن على الإنفاق على معاشهن في بيئة تسمح بالاختلاط المطلق بين الرجال والنساء، ونتيجة للأزمات الاقتصادية الرأسمالية الطاحنة تردت أوضاع النساء الغربيات ليعملن في بيع أجسادهن لشركات الدعاية والإعلان، ونتج عن ذلك تسليع جسد المرأة واستغلالها في الدعاية والإعلان والأزياء والتجميل والدعارة المدفوعة الثمن بموافقة النظام، وكانت النتيجة استرخاص النساء وهوانهن فازدادت الجرائم ضدهن وصرن يتعرضن للتحرش والعنف حتى من أقرب الناس إليهن، بسبب استفزاز الرأسمالية المستمر والضغط على الإنسان أن يعيش حياة الكفر واختلاط الأدوار بالنسبة للرجل والمرأة، واستفزاز المنظومة النسوية للرجل وتشويه المجتمع ونعته بالمجتمع الذكوري والطعن المستمر في معنى الرجولة وتحدي الرجل ومنافسته في حقوقه وملاحقته قانونياً لصالح المرأة التي - كالرجل الغربي - أصبحت تعربد وتدمن المخدرات وتشرب الخمر وتنتحر لأنها غير سعيدة ومحاطة بمجتمع لا يحترمها ودولة لم تقدم لها غير حياة رخيصة؛ حياة العهر والإلحاد والأمراض الخطيرة؛ حياة لا تفهم المرأة فيها أنوثتها إلا في نطاق نظرة الأفراد والمجتمع والدولة الجنسية إليها! وكانت الضربة القاضية للمرأة في الغرب أن سلبتها هذه الدعوات العلمانية التي تدعو لمساواتها بالرجل، سلبتها أغلى ما تملكه المرأة وهو الأمومة، ففي الإعلام الغربي الأم في الغرب لا وزن لها لأنها لا تعود على الدولة بالربح المادي فعليها تحمل المسؤولية لوحدها، بالتالي الأمهات غير راضيات عن دورهن في إنشاء أسرة والقيام بأعباء أطفالهن المادية التي أثقلت كواهلهن، فالدولة لن تنفق على المرأة غير العاملة، وليس للدولة نظام يردع الزوج ويلزمه بنفقة الأم والأولاد في حالة الطلاق، ولن ترجع إلى بيت أبيها الذي تركته في عمر الثامنة عشر أو طُردت منه. تُترك المرأة للظروف وللأزمات الاقتصادية. وغالبية النساء الغربيات لا يفكرن في تكوين أسرة وفي الإنجاب خوفاً على جمالهن، لكن لا يمانعن إقامة علاقات متعددة، ووفقاً لمفاهيم "الجندرة والنوع الاجتماعي"، هذه العلاقات مع النساء أو مع الرجال، فالمرأة مستباحة من عمر صغير، فالدولة تبيح الزنا في سن الثانية عشرة، لا يضيرها أن يكون ابنها لقيطاً لا يعلم نسبه أو أن يتربى بدون أب أو أن تكون الأسرة من امرأة وأخرى أو من رجل ورجل لتربية أطفال معقدين مشوشين في أسرة غير طبيعية.

فالأغلبية من النساء في الغرب يعانين من عدم وجود دور حقيقي للرجل في حياتهن، إلا في الأفلام الأمريكية التافهة، ومن كل الأعمار وفي كل أطوار حياتهن؛ خُلق الرجل الغربي ليكون السوبرمان في أذهان الشقراوات وجيمس بوند، ولكنه على أرض الواقع الخائن والمغتصب وآلة القتل الذي لا تستطيع المرأة الاعتماد عليه. فحقوق المرأة الطبيعية مهدورة فلا حق لها في قوامة الرجل عليها ولا شيء يُلزم الرجل بالمسؤولية تجاهها وتجاه أطفالها، ولا حق لها في رعاية ولا ولاية أمر، ليس لديها مُحرم مجبور عليها لا والد ولا زوج ولا ابن ولا عم ولا خال، وليس هناك مفهوم صحيح ومحدد عن مؤسسة الزواج والأسرة، فالمرأة والرجل في الغرب يتساوون في الإنفاق، وفي تحقيق أكبر قدر من المتع الجسدية، بالتالي لا يوجد رب للأسرة، كل ذلك جعل المرأة مستباحة يضربها صديقها أو زوجها السكير الأحمق الذي يعيش لرغباته، وإن خرجت للشارع فهي معرضة أن يغتصبها مجرم هنا أو هناك، إنجازاتها صفر إن لم تكن إنجازات اقتصادية ومادية، غالبا تموت وحيدة بعد أن يتركها أولادها... هذه هي حياة المرأة الغربية التي تُوصف إعلامياً بأنها حياة التقدم والحرية والمرأة القوية في بلاد الديمقراطية!

وفي الحقيقة إن المرأة الغربية مهما بلغت من مناصب في الدولة ومهما بلغت ثروتها ستظل حقوقها في عيون الدولة والرجل هي حقها في الزنى والعربدة والشذوذ الجنسي والإجهاض أو أن يكون ابنها لقيطاً، وأن تفعل ما يحلو لها، وبالنتيجة لا تتحمل مسؤولياتها (فهي حرة)، ولا تقوم بدورها في تربية أجيال يقودون البشرية إلى نور الهداية، بل الأجيال الغربية الناشئة أسوأ من ذويهم في شدة الكفر وسطحية التفكير والضلال.

إن المرأة الغربية تائهة تلهث لتشبع رغباتها بدون ضابط ولا قائد ولا سند ليحفظ إنسانيتها وكرامتها في المجتمع وفي الدولة وفي عيون الرجل. هذا واقع المرأة الغربية الذي يرى الغرب أنه يحتاج إلى سن قوانين وضعية لتحقيق مساواتها مع الرجل الذي يعيش حياة الكفر القذرة نفسها! فالعلمانية وفصل الدين عن الحياة لن ينتج عنها إلا مثل هذه التخبطات، فالكفر هو عدو المرأة الأساسي والمبدأ الرأسمالي الكافر هو الشيطان الذي ينطق باسمه. فهل هي مثال يُحتذى به لبقية النساء؟! قطعاً لا!

الحقيقة أن حال المرأة اليوم - في الغرب أو حول العالم - حال مزرية في زمن يدعي زعماء السياسة أنه زمن العصرنة والحداثة والتقدم العلمي في هذا النظام العالمي الجديد (الذي طبعاً يظن أنه كفل للمرأة الغربية حقوقها ويظن أنه قادم ليضمن للمرأة المسلمة حقوقها أيضاً)، النظام العالمي الجديد الذي تديره دول الغرب الكافر بقيادة أمريكا الاستعمارية التي أُنشئت على جماجم "العبيد"، والتي تستعبد أبناءها باسم الديمقراطية وتقتلهم بالعنصرية، وتليها أوروبا الاستعمارية التي كانت أكبر سوق للمتاجرة بالرقيق في تاريخ البشرية واليوم هي أكبر سوق للتجارة بأعضاء البشر وأعراض النساء

والأطفال في الدعارة... بنظرة إلى العالم اليوم نجد أن هذه الأدوار لم تتغير ولم يتغير فِكر وحال النظام الرأسمالي العلماني منذ تأسيسه فهو مبدأ يحتقر الإنسانية بكل معنى الكلمة، به قُهر البشر وظُلم الناس في الغرب وحول العالم، ولم تكن لتظهر دولته الأولى أمريكا على العالم اليوم - ومنظمة الأمم المتحدة التابعة لها - لولا أن هُدمت دولة المسلمين القوية المنيعة في 1924م؛ دولة الخلافة، التي كانت تحلُم نساء أوروبا بالعيش في كنف سلطانها معززات مكرمات ومبدأ الإسلام العادل ومنهج الخالق عز وجل مطبق على المسلم وعلى الكافر، والجميع مُلزم باحترام المرأة مسلمة أو غير مسلمة، أولاً بأمر السلطان وبقوة القانون الرباني، ثم ثانياً بالتقوى والخوف من الله وروسوله عليه الصلاة والسلام.

واليوم لا زالت نساء أوروبا يحلمن بالزواج من الرجل المسلم، بل يعتنقن الإسلام بأعداد كبيرة، لأنهن يعلمن أنه سيكون قواماً على المرأة وأنه سيرعاها وسيكون لها السند الذي تثق به والقائد والمنفق ورب الأسرة الذي سيتكفل بها وبأطفالها والذي سيحافظ عليها لأنها عِرضه، بل كان ذلك رأي الجمعيات النسوية الأولى عن حال المرأة المسلمة في دولة الخلافة في تركيا بشهادة الغربيات أنفسهن، ونقتبس من مقالة "المرأة في الدولة العثمانية إبان ظهور النسوية الغربية":

"في الشوارع ترى نساء بقدر ما ترى رجالا، إن لم يكن أكثر (ذاهبات لقضاء احتياجاتهن اليومية إلخ) (...) أعتقد أني لم أرَ بلداً تتمتع فيه النساء بمثل هذه الحرية بغير لوم من المجتمع كتركيا (...) الأتراك مثال للأمم في تعاملهم مع بنات جنسنا (...) وأكررها، سيدي، أعتقد أني لم أرَ امرأة تتمتع بمثل هذه الحرية بغير لوم من المجتمع كالمرأة التركية - وأعتقد أن باستطاعتهن أن يكن أسعد المخلوقات بأسلوبهن في المعيشة". (السيدة إليزابث كرافن، رحلة عبر القرم إلى القسطنطينة، 1789م). السيدة إليزابث كرافن، الأديبة والكاتبة المسرحية من القرن الثامن عشر، دونت هذه الملاحظات عن المرأة في الخلافة العثمانية (وهي دولة إسلامية) في سنة 1789م، قبل ظهور الحركة النسوية في أوروبا وقبل ثلاثة أعوام من نشر كتاب "إثبات حقوق المرأة" لماري ولستونكرافت (سنة 1792م)، الكتاب ذي الثلاثمائة صفحة الذي سيصير حجر الأساس والنذير للحركة النسوية الحديثة) (منقول). والفضاء الإنترنتي مليء بالشهادات المختلفة عن أحوال المرأة في ظل الإسلام... والواضح أن الدول قد عملت في المئة عام الماضية على تردي أوضاع المرأة بعد أن غابت دولة الخلافة وغاب تطبيق الأحكام الشرعية في نظام الحكم عن حياة المرأة والرجل.

ولنا عودة بإذن الله تعالى.

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

غادة محمد حمدي – ولاية السودان

--------------
Go to the top of the page
 
+Quote Post
 
Start new topic
الردود
أم حنين
المشاركة Jul 5 2020, 09:14 PM
مشاركة #2


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الإداريين
المشاركات: 5,578
التسجيل: 22-September 11
رقم العضوية: 35



نانسي فريزر: كيف أصبحت النسوية خادمة للرأسمالية؟


«الحركة التي بدأت كنقد لاستغلال الرأسمالية ـ انتهى بها الحال كمساهم في الأفكار الرئيسية التي تتبناها الليبرالية الجديدة (النيو ليبرالية)»

كنسوية، كنت أعتقد دائمًا أن النضال من أجل تحرير المرأة هو نضال من أجل عالم أفضل؛ عالم أكثر مساواة، عدلا وحرية. إلا أنني في الآونة الأخيرة يساورني بعض القلق بأن رائدات النسوية يخدمن الآن غايات مختلفة تمامًا.

ما يقلقني على وجه الخصوص هو أن رفضنا للتمييز الجنسي أصبح الآن يستخدم لتبرير أشكال جديدة من عدم المساواة والاستغلال.

لسوء الحظ، أخشى أن الحركة النسوية مِن أجل تحرير المرأة قد وقعت في شباك السياسات النيوليبرالية الجديدة التي تهدف لبناء مجتمع السوق الحرة. مما يفسر كيف أن أفكار النسوية التي كانت يوما ما تعبيرا عن وجهة نظر عالمية راديكالية أصبح يُعبر عنها الآن في صيغ فردانية.

كانت النسوية يومًا ما ترفض المجتمع المبني على الوصولية، أما الآن فإنها تشجع النساء على «التماهي مع هذا البناء». الحركة التي كانت تعطي أولوية للتضامن الاجتماعي أصبحت الآن تحتفي بأن هناك بعض النسويات سيدات أعمال. الحركة التي لطالما أعطت أولوية لـ«الاهتمام» والارتباط المتبادل تشجع الآن على التقدم الفردي والوصول.

الحركة النسوية التي بدأت كنقد لاستغلال الرأسمالية انتهى بها الحال كمساهم في الأفكار الرئيسية التي تتبناها الليبرالية الجديدة (النيو ليبرالية)

ما يكمن وراء هذا التحول هو ذاك التغيير الهائل الذي طرأ على الرأسمالية. فالرأسمالية التي تبنتها الدولة في فترة ما بعد الحرب فتحت السبيل أمام شكل جديد من الرأسمالية «غير المنظمة»، المعولَمة والنيوليبرالية.

ظهرت موجات النسوية كنقد للرأسمالية في شكلها الأول، إلا أنها أصبحت خادمة للرأسمالية في ثوبها الجديد الذي ظهر بعد الحرب.

بالنظر لتجاربنا السابقة، يمكننا أن نرى كيف أن حركة تحرير المرأة كانت تشير لمستقبلين مختلفين محتملين. السيناريو الأول هو، السعي نحو عالم خالٍ من التمييز الجنسي تسير فيه الديمقراطية والتضامن الاجتماعي جنبًا إلى جنب.

السيناريو الثاني، اتخذت النسوية فيه شكلا من أشكال الليبرالية، تتعامل مع المرأة مثلها مثل الرجل كسلع، كل سلعة بمفردها وعلى حدة، بالإضافة إلى تشجيع التقدم الفردي.

لذلك عانت الموجة الثانية من النسوية مِن تناقض شديد، لأنها كانت محملة برؤيتين مختلفتين للمجتمع، بالتالي كانت عرضة لسرديتين مختلفتين للتاريخ.

كما أرى، فقد تم حل هذا التناقض في النسوية خلال السنوات الأخيرة لصالح الرأسمالية في ثوبها الجديد، سيناريو الليبرالية الفردانية، لكن هذا لم يكن بسبب كوننا ضحايا إغراءات النيوليبرالية. بالعكس، لقد ساهمنا نحن أنفسنا في تطويرها بثلاث أفكار مهمة.

كانت أحد مساهمتنا هي انتقاد «مستوى دخل الأسرة»: فكرة الأسرة التي يعمل فيها الذكر ليعول عائلته والمرأة تعمل كربة بيت والتي كانت مركزية في الرأسمالية التي كانت تنظمها الدولة. نقد النسوية لمستوى دخل الأسرة ساهم في شرعنة «الرأسمالية المرنة».

في النهاية، هذا الشكل من أشكال الرأسمالية يعتمد اعتمادا كبيرا على تسليع المرأة كـ يد عاملة، خاصة عندما تكون هذه اليد منخفضة الأجر في العمل وفي الصناعة، يشمل هذا المرأة العزباء والمتزوجة وحتى التي لديها أطفال، يندرج تحت هذا النساء من كل القوميات والأعراق وليس عنصرا معينا. بذلك، تدفقت النساء حول العالم إلى سوق العمل، فنموذج الأسرة الكامن في الرأسمالية التي تنظمها الدولة يتم استبدالها في الرأسمالية المرنة الأكثر حداثة.

هذا النموذج القديم للأسرة يتم معاقبته على ما يبدو من النسوية بنموذج يعمل فيه ربّا الأسرة.

ناهيك عن أن الواقع المتخفي خلف النسوية بشكلها الجديد هو واقع محبط على مستوى الأجور، قلة التأمين الوظيفي، انخفاض مستوى المعيشة، ارتفاع ملحوظ في عدد ساعات العمل لربّيّ الأسرة؛ بالإضافة إلى الزيادة الملحوظة في عدد الورديات، التي أصبحت تصل الآن إلى ثلاث أو أربع ورديات، ومع ذلك الفقر في ازدياد مستمر، ويظهر هذا بشكل أكبر في الأسر التي تعولها امرأة.

وهكذا، فإن النيوليبرالية تدس السم في العسل عند الحديث عن سردية تمكين المرأة. مبررة استغلالها للمرأة باستدعاء النقد النسوي لمستوى دخل الأسرة، مُسخّرة حلم تحرير المرأة إلى ترس في آلة رأس المال.

هناك أيضًا إسهام آخر للنسوية في بزوغ نجم الليبرالية الجديدة. في الفترة التي كانت فيها الرأسمالية مُنظَمة مِن قِبل الدولة، كُنّا فعلًا ننتقد الرؤية السياسية ضيقة الأفق والتي لطالما ركزت على عدم المساواة والتي اتخذت أشكالا «غير اقتصادية»، مثل العنف الأسري، الاعتداءات الجنسية والاضطهاد المتوارث.

برفض تسييس وتسليع «المسائل الشخصية»، وسعت النسويات من جداول أعمالهن السياسية لتحدي التسلسل الهرمي للتمييز الجنسي في البُنى الثقافية. لذلك، كانت النتيجة المتوقعة هي توسيع رقعة النضال لتشمل كلا من الثقافة والاقتصاد.

لكن على العكس من ذلك، كانت النتيجة الحقيقية هي التركيز على جانب واحد فقط وهو «الهوية الجنسيّة» على حساب مشاكل لقمة العيش. الأسوأ من ذلك، أصبحت سياسات النسوية بشأن الهوية الجنسية مُعشَّقَة ومرتبطة تمامًا بصعود النيوليبرالية والتي لم ترغب في شيء سوى محو كل ذكر للمساواة الاجتماعية.

في الواقع، لقد جعلت النسوية نقد التمييز الجنسي هو الغاية المُطلقة في الوقت الذي اقتضت الظروف إيلاء اهتمام شديد لنقد الاقتصاد السياسي.

أخيرًا، الإسهام الثالث للحركة النسوية في بزوغ نجم النيوليبرالية هو النقد الذي وجهته النسوية لأبوية دولة الرفاه. فكما هو واضح، منذ الوقت الذي كانت فيه الرأسمالية منظمة مِن قبل الدولة، تحول السجال ليأخذ صف النيوليبرالية في حربها على «الدولة المربية» واحتضانها المثير للشفقة للمنظمات الأهلية.

مثال ذلك، «القروض الصغيرة» برنامج القروض البنكية الصغيرة للنساء الفقيرات في جنوب الكرة الأرضية. والذي يجري التسويق له على أنها لتمكين المرأة، هي مشاريع بيروقراطية مِن قبل الدولة، على الرغم من أنها توصف على أنها ترياق الحياة لفقر وخضوع العديد من النساء.

ما لم يُقل هو أنَّ، هناك مصادفة غريبة هي أن: القروض الصغيرة تزدهر بشكل مطرد مع تخلي الدولة عن دورها الهيكلي في محاربة الفقر، على الرغم من أن القروض الصغيرة لا يمكن أن تكون بديلًا عن الدولة في حل مشكلة الفقر.

النيوليبرالية تبرر استغلالها للمرأة باستدعاء النقد النسوي لمستوى دخل الأسرة مُسخّرة حلم تحرير المرأة إلى ترس في آلة رأس المال

وفي هذه الحالة أيضًا، أصبحت النسوية معادلا للنيوليبرالية. وسيلة تهدف لدمقرطة (جعله ديمقراطيا) سلطة الدولة لتوسيع سلطة المواطنين وإضفاء الشرعية على اقتصاد السوق وتخفيض النفقات مِن قبل الدولة.

في كل تلك الحالات، تم حل التناقض الذي ضرب النسوية لصالح فردانية الليبرالية «الجديدة». ومع ذلك، قد يكون سيناريو النسوية التضامنية لا زال حيًا. لذلك، تتيح الأزمة الحالية الفرصة لتولي زمام الأمور وربط حلم تحرير المرأة برؤية لمجتمع متضامن.

ولكي تتحقق هذه الغايات، تحتاج النسوية لقطع علاقتها بالليبرالية الجديدة، واعتماد «الثلاث مساهمات» لخدمة أغراضها الخاصة.

أولا، يجب علينا أن نقطع الصلة الزائفة بين نقد مستوى دخل الأسرة والرأسمالية المرنة، والعمل لخلق شكل من الحياة لا يركز على أسعار/أجور العمل وتعزيز الأنشطة غير المأجورة، بما في ذلك، وليس هذا فقط، أعمال الرعاية.

ثانيًا، علينا أن نغير مسارنا من السجال حول اقتصاد السوق إلى الهوية السياسية، بحيث يتم دمج النضال لتقديم شكل يناهض القيم الذكورية ويسعى لتحقيق العدالة الاقتصادية أيضًا.

أخيرًا، علينا قطع الصلة بين سجالنا حول البيروقراطية وأصولية السوق الحر من خلال استدعاء عباءة الديمقراطية التشاركية كوسيلة لتعزيز السلطات العامة اللازمة لتحجيم رأس المال من أجل عدالة اجتماعية.
Go to the top of the page
 
+Quote Post



Reply to this topicStart new topic
1 عدد القراء الحاليين لهذا الموضوع (1 الزوار 0 المتخفين)
0 الأعضاء:

 

RSS نسخة خفيفة الوقت الآن: 8th July 2025 - 03:40 AM