السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ،،
الحلقة العاشرة من برنامج ثم تكون خلافة ...بعنوان
{ إن الخلافة ليست حلماً ، إنما هي وعد ربنا وبشارة رسولنا صلى الله عليه وسلم}قال تعالى { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}
ومر معنا الحديث الذي بشرنا بأن الخلافة على منهاج النبوة هي عائدةإن شاء الله بعد الملك الجبري الذي هو الى زوال .
صحيح ان الجيل الحاضر لم يعي على الدولة الاسلامية ولمم يعي على الخلافة الاسلامية التي يطبق بها الاسلام ، وإن كان هناك من عاش في اواخر الدولة العثمانية التي هي اخر دولة اسلامية ، فإنه راى بقايا فيها اسلام ولم يرى دولة حقيقة تطبق الاسلام كما أراد الله سبحانه وتعالى .وبهذا فإنه من الصعب وأصعب ما يكون أن نقوم بتقريب أذهان المسلمين الى صورة الحكم في الاسلام ، لأن هذه الصورةبعيدة جدا عن أذهان الناس ولم يرووا هذا الجيل هذه الدولة ولم يراها مطبقة في أرض الواقع .
كذلك هو متأثر بالأنظمة الديمقراطية الفاسدة المفروضة على المسلمين بلاد المسلمين فرضاً ، وليست هذه الصعوبة وحدها إنما أصعب الصعوبة هو تحويل هذه الأذهان المضبوعة بالثقافة الغربية . لقد كانت الثقافة الغربية سلاح شهره الغرب في وجه الدولة الاسلامية وطعنها بها طعنة نجلاء ، وحمل الى ابناء الامة سلاحه هذا يقطر من دم أمهم القتيلة وقال لهم مفتخرا : لقد قتلت أمكم العجوز التي تستحق القتل لسوء حضانتها لكم ، وقد مهدت لكم عندي حضارة تذوقون فيها الحياة السعيدة والنعيم المقيم" .
ثم إنهم مدوا أيديهم يصافحون القاتل وما يزال سلاحه هذا مخضباً بدماء أمهم . لقد فعل بهم فعل الضبع فيما يروون حينما تجعل فريستها تذهل إلا عن اللحاق بها فلا تصحو إلا بضربة يسيل بها دمها وتصل بها الى قعر الوادي وتأكلها .
لذلك عندما نقول هذه الرجل رجل مضبوع بالثقافة الغربية أي أنه متأثر بها ولا يدري لماذا هو متأثر بها . ولماذا هو يدافع عنها . فحامل الدعوة اليوم كالذي يقف على رأس الجبل وعلى مفترق طرق يرى جماعة من الناس يسيرون الى الطريق الذي يؤدي بهم الى الهلاك وهو قادر على ان يقول لهم من هنا الدرب أبها التائهون . هذا هو حامل الدعوة الذي يحمل الدعوة الى إعزار دين الله سبحانه وتعالى لإقامة الخلافة الاسلامية . حامل الدعوة الذي يقول للناس هذه الأفكار أفكار مستوردة من الغرب الكافر حملها لكم وسعى الى تكون هي أفكاركم . ولو تطلعنا الى ما يسمى الغزو التبشيري في بلاد المسلمين لوجدنا أنه بذل كل ما يستطيع الى حمل المسلمين لتبني هذه الحضارة الغربية ويبني هذه الفكرة .
وإن من أشد الأفكار خطورة على عودة الدولة الاسلامية أفكار فصل الدين عن الحياة أو بمعنى أصح أفكار رأسماليةوعلمانية تقول " دع ما لله لله وما لقيصر لقيصر " والتي تقول " الدين لله والوطن للجميع" " ولادين في السياسة ولا سياسة في الدين "
هذه أفكار مناقضة للاسلام ، لأن الاسلام عقيدة عقلية ينبثق عنها نظام ينظم كل شؤون حياة المسلمين .
كذلك من الأفكار الخطرة التي تهدد عودة الدولة الاسلامية كما كانت والتي لها دور كبير في هدم هذه الدولة ، أفكار القومية والوطنية التي مرت عقود طويلة ونحن نرفع شعارها ونتكلم بها ونقول أمة عربية واحدة وذات رسالة خالدة ، ثم بعد ذلك تبين إن كلها شعارات فارغة .
لقد نظر الغرب في بلاد المسلمين فوجد ان هذه الدولة الاسلامية في بلاد المسلمين تتكون من عنصريين عنصر الترك وعنصر العرب ، فذهب الى الاتراك وقال لهم " لماذا أنتم تقومون بعبء الدفاع عن العرب ؟اتركوهم تخلوا عنهم ، اهتموا بأرضكم ، اهتموا ببلاد الأناضول ." فنشا في بلاد الترك حزب تركيا الفتاة او حزب الاتحاد والترقي ، فهو من الاحزاب التي تدعو الى القوميةالطورانيةوالقومية التركية . ثم ذهبوا الى العرب وقالوا لهم " ما بالكم تتركون الاتراك يحكمونكم ؟ إن الاسلام دين جاء عند العرب ، ونبي هذا الدين عربي ، والقران عربي فكيف تبقون هؤلاء يتحكمون بكم ويحكمونكم ؟
فنشأ عند العرب فكرة القومية العربية وكانت هذه الفكرة التي أدت الى تفتيت الدولة الاسلامية وهزيمتها في الحرب العالمية الاولى .
نحن نقول لهؤلاء المضبوعين بثقافة الغرب الذين ينادون بفصل الدين عن الحياة وبفصل الدين عن الدولة إن الاسلام دين والدولة جزء منه ، ثم نقول لهم ماذا تريدون؟ هل تريدون دولة على غير أساس الاسلام ، أم تريدون دولا متعددةفي بلاد المسلمين ؟
قد أعطانا الغرب منذ ان صار الأمر اليه دولا كثيرة ، ففي سلم خططه إبعاد الاسلام عن الحكم وتقسيم بلاد المسلمين ن وفي تخديرهم في التافه من السلطات . ولا يزال يعطيهم كل حين دولة ليمعن في تضليلهم . وهو على استعداد ليعطيهم اكثر ما داموا يحملون مبدأه ومفاهيمه لأنهم تابعون له .
إن الأمر ليس في قيام دول وإنما هو في قيام دولة واحدة في العالم الاسلامي كله ؟ وغن الأمر ليس بقيام أي دولة ن ولا بقيام دولة تسمى إسلامية وتحكم بغير ما أنزل الله ، ولا بقيام دولة تحكم بالقوانين الاسلامية المجردة دون ان تحمل الاسلام قيادة فكرية . إنما الأمر في قيام دولة تستانف الحياة الاسلامية عن عقيدة ينبثق عنها نظام . يتغلل الاسلام فيها وفي نفوس الناس فيتمكن من العقول وتحمل تلك الدولة الاسلام رسالة للعالم بالدعوة والجهاد .
ليس الدولة الاسلامية خيالا يداعب الاحلام ، لأنها قد أمتلات بها جوانب التاريخ على مدى ثلاثة عشر قرنا . فهي حقيقة وليست حلما كانت كذلك في الماضي وستكون كذلك في المستقبل القريب ان شاء الله وقد امتلات بها العقول والقلوب . وهي امنية الأمة الاسلامية المتعطشة لمجد الاسلام .
غن الدولة الاسلامية هي فكرة وهذه الفكرة حكم شرعي فهي فرض فرضه الله سبحانه وتعالى علينا ، وهي ممكنة وقادرة الأمة على أن تحققها .
كذلك اسرائيل كانت فكرة عند بعض المتصهينين واستطاعوا أن يحققوا هذه الدولة . وتوحيد امريكا في دولة واحدة كانت فكرة لكنها حصلت .
إذن الدولة الاسلامية ليست رغبة تستأسر النفوس عن هوى ، بل هي فرض أوجبه الله على المسلمين وأمرهم أن يقوموا به وحذرهم من عذابه إن هم قصروا بأدائه . وكيف يرضون ربهم والعزة في بلادهم ليست لله ولرسوله ولا للمؤمنين ؟
وكيف ينجون من عذابه وهم لا يقيمون دولة تجيش الجيوش وتحمي الثغور وتنفذ حدود الله وتحكم بما أنزل الله ؟
لذك كان لزاما على المسلمين أن يقيموا دولة إسلاميةلأنه لا وجود للاسلام مؤثراً إلا بالدولة . لأن بلادهم لا تعتبر تحكم بالاسلام إلا اذا كانت فيها دولة الاسلام .
ليست الدولة الاسلامية مع كل هذا من السهولة بحيث يتم الأمر بين عشية وضحاها ، إنما طريقها مفروش بلأشوالك ، محفوف بالمخاطر ، مملوء بالعقبات والمصاعب . ناهيك بالثقافة الغربية الغير إسلامية التي حشيت بها عقولنا ، وبالتفكير السطحي عقبة في طريق إقامة هذه الدولة .
إن الذين يسلكونطريق الدولة الاسلامية لإيجاد الدولة الاسلامية إنما يعملون للوصول الى الحكم ليجعلوه طريقة لاستئناف الحياة الاسلامية في البلاد الاسلامية وحمل الدعوةالاسلامية الى العالم ، ولذلك لا يمكن أن نقبل أن بحكم مجزأًً مهما تنوعت وسائل الإغراء ولا نقبل إلا الحكم كاملاً .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .