السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ،،
الحلقة التاسعة عشرالوسطية والحل الوسطوهو من المفاهيم المغلوطة ، وفي المرة السابقة تحدثنا عن الديمقراطية والخلط بينها وبين الشورى
اليوم نتكلم عن الوسطية او مايسمى الحل الوسط ، مفهوم لم يظهر عند المسلمين إلا في العصر الحديث وروجوا لهذا المصطلح وأرادوا أن ينفوا عن الاسلام تهمة التطرف ، قالوا الاسلام دين وسط ، وقالوا وسط بمعنى الوسط بين الغلو والتفريط . إن الذين روجوا للوسطية أرادوا أن يسايروا الغرب في عقيدته التي تقوم على الحل الوسط ، وأرادوا أن يطبق هذا المصطلح على الاسلام وهذا يخالف الاسلام .
الحل الوسط نتج عن صراع بين الكنيسة من جهة ورجال الفكر من جهة اخرى . رجال الكنيسة أرادوا التحكم المطلق للدين ، والدين النصراني لا يمتلك التشريعات ولا يمتلك مفاهيم تعالج مشاكل الناس .والمفكرين رفضوا تحكيم الكنيسة في كل شيء .
فكانت فكرة المبدأ الرأسمالي عبارة عن حل وسط بين الطرفين ، الطرف الذي يريد أن يحكم الدين في حياة الناس ، وبين الطرف الذي يرفض الدين أساساً . فقالوا لا نرفض الدين ولا نحكمه بل نعزله داخل الكنيسة وهذا حل وسطي .
فجاءوا للمسلمين وأرادوا أن يطبقوا هذه الفكرة على المسلمين مع أن هناك بون شاسع بين الاسلام وبين النصرانية.
الاسلام دين كامل الحق سبحانه وتعالى قال { .الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً}
وقال سبحانه وتعالى { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ
لايمكن ولا بحال من الاحوال أن يدعي أحد أن الاسلام لم يأتي بحكم ليعالج مشكلة من المشاكل لا فيما مضى ولا فيما يستجد من مشاكل . القران الكريم وسنة النبي صلى الله عليه وسلمفيها العلاج لكل ما يستجد من مشكلات . الدين النصراني لا يمتلك هذه القدرة فهو يتعلق بعلاقة الانسان بربه فقط .
الذين يروجوا لهذه الفكرة أتوا متأثرين من الغرب التي تبرزز في كل مشكلاتهم ، هي تبرز في عقيدتهم وتبرز في حلولهم للمشاكل حتى في في كل ما هو موجود على الساحة الدولية .مثلا عندما قامت مشكلة بين اليهود والعرب ، اليهود يدعوا ان هذه الأرض أرضهم وموجودة في التوراة ، والعرب يدعون ان هذه البلاد لنا فكيف نحل هذه الإشكالية ؟فجاءوا بالتقسيم ، التقسيم ليس حلا جدذريا وليس بحثاً في كيفية الحل الحقيقي للمسألة ، إنما هو حل وسط بين الطرفين .
في كل المحافل الدولية الاشكاليات التي تحدث في العالم تبرز فكرة الحل الوسط .
توصلوا الى الفكرة وأرادوا أن يسقطوها على الاسلام وقالوا إن الاسلام دين وسطي ، فهو وسطي بين الطرفين فهو ليس بالغلو ولا بالتفريط . وقالوا أن اي شيء عبارة عن طرفين ووسط والوسط هو الأقوى ، واستدلوا بذلك ببعض الايات من القران الكريم . قال تعالى { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}
حاولوا أن يفسروا هذا المعنى إنها تعني الوسط وهذا المعنى يخالف الفهم الصحيح لهذه الاية ، وكلمة العدل تعني الخيار والعلو
والعدل من الشروط التي يجب ان تتوفر بالشاهد ، فإن لم يكن عدلاً فشهادته مجروحة .
والمقصود بالاية إنكم { أمة وسطا} إن الله يقول أن الأمة الاسلامية أمة الوسط بمعنى أمة الشهادة على غيرها . والدليل على ذلك قول الحق سبحانه وتعالى ويكون الرسول عليكم شهيدا) .
في حجة الوداع قال النبي صلى الله عليه وسلم مخاطباً الناس ( ألا هل بلغت وأشار بيده الى الناس فقالوا: نعم فقال : اللهم فاشهد .) بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم من يقيم الشهادة على الناس؟ الأمة التي تقيم الشهادة على الناس بحمل هذا الدين الى البشرية ، وإقامة الحجة عليهم أنهم بلغوا هذا الدين بعد وفاة النبي صلى الله عليه .
أمة الوسط أمة الشهادة تعني انها يوم القيامة بلغت هذا الدين لكل البشرية وانه ليس ديناً خاصاً بل دين لكل الناس
.قال تعالى وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ,
|
ايضا استدلوا بكلمة الوسطية بهذا المعنى بقول الله سبحانه وتعالى {
وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا
قالوا هناك ثلاث أشياء الاسراف والتقتير والقوام ، الاسراف هو الانفاق الكثير والتقتير هو عدم الانفاق ، القوام هو بين ذلك
ونحن نقول ان هذا الكلام غير صحيح ، رما ان الانسان يدعو انسان الى طعام ويأتيه بكل الأطايب وهذا ليس إسراف
وكذلك إذا أحضر له شيئاً بسيطاً ذلك ليس تقتير .
التقتير هو عن طريق الحرام والقوام والانفاق حسب الشرع سبحانه وتعالى .
========