للتدقيق في واقع الإعلام الحالي في عالمنا العربي والإسلامي لا بد من التطرق إلى كيفية نقل الحدث حيث أن لكل حدث روايتان , رواية تصف هذا الحدث على حقيقته وتغطي كل جوانبه , ورواية مدروسة لها هدف وتلتزم بمعايير مخصوصة وضعت بشكل مسبق كخط سير له ضوابط .
فالرواية الأولى تغطي المساحة الشاملة الكلية للحدث ولا تبقي أي معلومة مهما صغرت خارج قوسي الخبر دون الالتفات إلى أطراف هذا الحدث ودون الانحياز لطرف دون الآخر وهي غير ملتزمة بمعايير تحد من شمولية التغطية ونقل المعلومات كاملة , على عكس الرواية الثانية التي دائما ما تضطر لاجتزاء وصف الحدث ونقله, أو تهميش جزء مهم منه ذلك للميزان الدقيق الذي يجبر الناقلين أو الواصفين (الإعلام والصحفيين العاملين) على قص وحذف ما لا يخدم دقة الميزان الذي له هدف لا بد من التزامه بدقة .
فمثلاً عندما تريد وسيلة إعلام إظهار حدث وتضخيمه فإنها توعز للمصور أن يظهر الحشود كبيرة تملأ عدسة الكاميرا وعندما تريد التقليل من نفس الحدث فإنها توعز للمصور أن يُظهر جزء يسير من الناس متفرقين في عدسة الكاميرا – هذا بالنسبة للمصور فكيف تكون التوجيهات للمحرر والمذيع ؟ .. حتى أن تلك التوجيهات تصل إلى توجيه المذيع كيف يكون تعبير وجهه عند إذاعة خبر ما .
هذا في الإعلام أمر واقع منذ هدم دولة الإسلام ولا يخفى على أي مراقب للإعلام حقيقة من حقائق سيره ووضوح الأجندات التي يسير عليها في خدمة السياسيين وأهدافهم , وهذه الخدمة أو التابعية للسياسيين وأجنداتهم تمثل الميزان الدقيق الذي يلتزم به , وبما أن الواقع السياسي الذي نعيش هو واقع سيء يشن حرباً ضد الإسلام وأهله وجدنا أن الإعلام هو السلاح الأقوى في أيدي السياسيين والخادم الأوفى في حربهم وتلك حقيقة أيضا.
|