عقيدة روحية سياسة
لقد فهمت قريش ما يدعو له نبي الله من أول ما بعث على أنه يدعو لقيام حياة على أساس روحي، أي أنه يدعو لعقيدة روحية سياسية تجعل بذلك الوجود الإنساني كله خاضعا لأحكام الله سبحانه فيُعالج بما أنزل الله من أحكام ومعالجات، كما أن هذا الخضوع والاستستلام متمثلا أصلا في الوجود الكوني كرهاً، لأن مخاطبة الرسول للناس ودعوتهم للإقرار ب(لا إله إلا الله محمد رسول الله) هي دعوة لنزع السلطان عن أي بشر يمارس السيادة ويحكم بما يراه كالأحبار والرهبان، فهي دعوة للانقلاب على النظام السياسي والاجتماعي والاقتصادي القائم آنذاك، وتوحيده سبحانه بالألوهية يعني أنه وحده الخالق والمتصرف في شؤون الحياة وصاحب السيادة والسلطان، وفي هذا إعلان للتحرر والانعتاق من كل سلاطين الأرض وحكام الطواغيت والعبودية لرب الناس خالقهم والمتصرف بشؤونهم جميعا، وهذا عينه ما فهمه الصحابي الجليل ربعي بن عامر لما قال "جئنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد"
|