| 
				بسم الله الرحمان الرحيم الخضراء تلفظ العلمانية و تحتضن الخلافة الاسلامية
 
 استطاع اهل تونس بعد معانات فاقت العقدين من حكم الطاغية ان يكسروا القيود و يحطّموا الاغلال  و ان ينقشوا في ذاكرة التاريخ ضربا من الامجاد،  فقد عمد سيئ الذكر الى كل صنوف القهر و الاذلال  و لبس لبوس اللؤم  الفرعوني و ظنّ ان ملكه  لا يبلى فاتاه الله من حيث لم يحتسب و قذف في قلبه الرعب  ففرّ هاربا و لم يعقبّ
 عاشت تونس فترات حالكة من الظلم و الاستبداد  كمّمت فيها الافواه  و نهبت فيها الارزاق و انتهكت فيها الحرمات و زجّ بالمخالفين في غيابات السجون و تسلط الغثاء من القوم على الناس بالوشاية و المكيدة و تغوّل الجلاّدون و الزبانية و لم يرقبوا في المسلمين الاّ و لا ذمّة ، و لكن هذا الوضع المهين و الرعب المميت لم يقتل الانفة و الشهامة المتجذرة في اهل الخضراء فقد كان الرماد يتّقد من تحته الجمر و ما ان سنحت الفرصة و لمعت الى الفضاء الطلق شرارة حتى اشتعلت النيران و انفجرت البراكين  في وجوه الغاصبين و فرّ سيدهم لا يلوي على شيء فتفرّق الجمع و ولّوا الدبر و تبرّا المجرمون بعضهم من بعض  .
 في غمرة الفرحة  بالانعتاق و التحرّر و في غفلة من مكر  المستعمر حرّك الاخير جيشه من جند الاحتياط  من مغموري الداخل و اعاد ابطال المنافي ممن صنعوا على عين بصيرة و اشربوا في قلوبهم عجل الحضارة الغربية  فسخر لهم المنابر و هيأ  لهم الشاشات و مدّهم بالمال و الرجال حتى اصبحوا فرسان الثورة بلا منازع و استطاع من خلالهم ان يلتف على الثورة  و ان  يغيّر وجهتها ، و دفع بالناس باتجاه انتخابات موهما اياهم  انهم هم اصحاب السيادة و القرار و افرزت الانتخابات مجلسا اوكل اليه المصادقة و الامضاء على دستور جديد لم يختلف عن سلفه  الاّ بانجلاء الستار و انكشاف  محركي الدمى على حلبة المسرح.
 ولد دستورهم هجينا ميتا لايمت للشعب بصلة، تعالى عن دين الامة و شرع  ربها  و ضيّع الحقوق و كرّس الفاقة و التبعية  و جاءت وفود الاستعمار و اذنابه من دول الضرار مهلّلين يهنّئ بعضهم بعض بنجاحهم باستغفال الشعب و سرقة ثورته .كان انجاز الدستور بمثابة الصعقة  الكهربائية  التي هزّت الكيان و زعزعت البنيان  انتبه على اثرها  اهل تونس ليلمسوا فداحة الخيانة و الخديعة التي تعرضوا لها على يد من توسموا فيهم الخير و الصلاح ليجدوا انفسهم  في نقطة الصفر بل تحت الصفر و لتتصدّر الوجوه الكالحة من العهد الغابر كرسي الحكم  فقابلوا هذا المكر باستقالة جماعية من العملية السياسية و كانت مقاطعة الانتخابات الثانية بما فيها من اكراهات دموية صفعة مهينة  وجّهت للخونة  و اولياء نعمتهم .
 لم يكن الكافر المستعمر ليسعد بنجاحه في سرقة الثورة لولا غياب الوعي و افتقاد القيادة المخلصة ، و رغم وجود حزب التحرير بين ظهراني الناس الا ان التضليل الاعلامي  و المال السياسي القذر جعل القيادات الفاسدة تستقطب الاضواء  و تنفرد بالغوغاء ، و لكن بعد سقوط الاقنعة و سفور الوجوه الماكرة تذكّر العامة و الخاصة ان هناك حزب  امين ما فتئ  يخلص النصح و يبيّن معالم الطريق القويم  و ان الايام و الاحداث جاءت لتبرهن على صدق ما قاله و تحقّق تحذيره و انذاره .
 ان الخضراء بلد الزيتونة ارض القيروان فتوح العبادلة السبعة  فعقبة بن نافع كان لها سبق في اللحوق  بدار الاسلام  و الاستئثار بمرتكز البعوث لفتح  افريقيا و غربي اوروبا فقد فتحت سنة27للهجرة على يد عبد الله بن ابي سرح  بامر الخليفة الراشد و الصحابي الجليل ذي النورين عثمان بن عفان و اصاب المسلمون في هذه الغزوات مغانم لم يصيبوا مثلها و يذكر الطبري عن اهل تونس  " كانت احسن امة  سلام و طاعة و اهل افريقية من احسن اهل البلدان و اطوعهم " و بتاسيس جامع الزيتونة  سنة79 هجرية اصبحت تونس منارة للعلم و المعرفة و مقصدا للطلاّب  من اغلب بلاد الاسلام فجامعة الزيتونة تعتبر الجامعة الاسلامية الاولى المتخصصة في صنوف المعرفة الشرعية و الدنيوية  و تخرّج من رحمها  اعداد غفيرة من العلماء و المبدعين  كاسد بن الفرات العالم الفقيه و المجاهد الجليل و محمد بن عرفة المفسر الملهم و عبد الرحمان بن خلدون درّة زمانه في بحوث العمران و الاجتماع  و الامام سحنون ذائع الصيت  و الشيخ محمد الخضر حسين الذي  اخذ مشيخة جامع الازهر و محمد الطاهر بن عاشور صاحب التحربر و التنوير و غيرهم كثير لا يتسع المقام لذكرهم . و قد كان للجامع الاعظم دورا رياديا في التصدي للاستعمار و دحر مكائده  و قد تجنّد شيوخه و طلابه لقيادة التمرد و العصيان و تصدّروا ساحات التظاهر بالخطابة و التحريض و ساحات الوغى  بالجسارة و التقتيل .
 ان المستعمر الذي اذاق اهل تونس التنكيل و التشريد و تنعّم بخيرات البلاد لقرابة القرن من الزمان  ما غادر الاّ بعد ان وضع في الحكم وكلاء عنه يمدونه بعسلة البلد و يحاربون باستماتة كل من يحاول التحرر و الانعتاق من التبعية و الارتهان و هؤلاء قد تجنّدوا لمحو هوية  الامة و قلع جذورها  فلا تهتدي الى طريقتها المثلى و لا تعود سيرتها الاولى و لكن هيهات ثم هيهات فانى لمثلهم الفلاح  و قد خاب من كان قبلهم اكثر عددا و اوفر مددا ، اما ما يرى اليوم من نجاحاتهم فليس ذلك لقوة حجتهم  و لا لصدق فكرتهم و انما لانهم قابلوا اغمارا لا قبل لهم  بالصراع الفكري و الكفاح السياسي حيث تسربل  جميع خصومهم بافكار المستعمر و تعصّبوا لحضارته و هم يبدون عداءه و محاربته و امثلهم  طريقة، ممن يهتفون بالاسلام ،  زادوا الطين بلة  بان البسوا افكار الجاهلية  لباس الاسلام  فاصبحت لديهم  ديمقراطية اسلامية و جمهورية اسلامية  و عدالة اجتماعية اسلامية و نقابات اسلامية  و هلمّ جر ..و لذلك و على اثر الثورة و انقشاع  سحب الدكتاتورية  اشرابت الاعناق الى السماء  ماخوذة  بسطوع نجم حزب التحرير  الذي التف حوله و انضم اليه الكثير من المخلصين  و قد وجدوا عنده البلسم الشافي  و المعين الصافي  فنهلوا من ثقافته الاسلامية النقية و انطلقوا في الارجاء ،حاملين الراية و اللواء ، فانكفأ  من امامهم  الاعداء و اندحرت جموع المكر و الدهاء موقنين بالهزيمة  و الفناء  ، فانّى لهم  الصمود  امام حزب ذو لسان صارم و بحر لا تكدّره الدلاء .
 لقد كان حضور حزب التحرير في المشهد السياسي في تونس متميزا لايدانيه و لا يوازيه حزب واضح الفكرة جليّ الطريقة ثابت الخطوة لا تهزّه الهزّات و لا ترجّه الرجّات ، يسير باتجاه غايته سافرا متحديا ، تصدر آراءه و مواقفه من الاحداث في الابان فتاتي الوقائع كفلق الصبح تصدّقه و تؤيّده هاجم الافكار الجاهلية في غير ما مداهنة و فضح الزعامات المضلّّلة بلا خشية و لا مهادنة و قد عمل خلال السنوات الاخيرة و خاصة  اثر الثورة بنسق متسارع اذهل الاستعمار و اذنابه  شاقّا طريقه بثبات غير آبه للتهديدات و لا للاغراءات ، متسلّحا بعزم لايعتريه فتور و لا سكون فاثبت للعدو قبل الصديق انه حزب الجدارة و الصدارة و حزب القيادة و الريادة  ، لا حزب المقايضات و المساومات و لا حزب المناسبات و الانتخابات .
 ان حزب التحرير اليوم في تونس  و من خلال مواقفه الجريئة في تبني قضايا الامة و كشف مؤامرات الاعداء استطاع ان يستفرد بثقة الجماهير المتعطشة الى القيادة الثورية الواعية و قد اثبت الحزب جدّيته و اهليته لانقاذ البلاد و اخراجها ممّا ارداها فيه وكلاء الاستعمار حتى صار محط آمال الناس و ملاذهم الوحيد للخلاص.
 ايها الاهل في تونس قد جرّبوا عليكم نظمهم و قوانينهم و اوهموكم بالنهضة و اللحاق بالركب الحضاري فما زادوكم الا رهقا و لم تجنوا من وعودهم الا الفقر و العوز و ضنك العيش و انا نبشركم بخيري الدنيا و الاخرة فالزموا دين ربكم و منهج نبيكم صلى الله عليه و سلم تفلحوا و اعملوا معنا لاقامة دولة الخلافة فهي مصدر عزكم و مركز مجدكم و لا تلتفتوا للمخذلين و لا للمخلفين فتونس اليوم مؤهلة كما الامس لتكون نقطة ارتكاز لمشروع الامة دولة على منهاج النبوة و قد اثبتم للعالم اجمع انكم اصحاب المبادرة و السبق فكما كنتم السباقين في الانقضاض على المستبدين فلتكونوا اصحاب السبق لنصرة حملة الدعوة و اعلاء كلمة الحق و الدين .
 طارق رافع –تونس-
 
 
 
 |