الرد على المقولتين:
"لا يمكن تطبيق الإسلام إلا بالتدرج" و "لا يمكن قلع الفساد المتراكم إلا بعد فترة من الزمن لمن أراد الحكم بالإسلام" فنقول وبالله التوفيق: 1- أن الإسلام نزل ليطبق ولم ينزل ليرتل ويتم حفظه فقط، قال تعالى : { وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيرا من الناس لفاسقون * أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون} فهذه الآية وحدها توجب تطبيق الإسلام وتحذر اشد الحذر من ترك حكم واحد من الإسلام، وهذه الآية تنفي موضوع التدرج نفيا قاطعا. 2- القول لا يمكننا تطبيق الإسلام دفعة واحدة هذا اجتهاد عقلي ليس عليه دليل من الشرع وإنما هو مجرد تبريرات عقلية لمن أراد تطبيق العلمانية لان الكفار والمجرمين يقبلونها أكثر من الإسلام. 3- الرسول صلى الله عليه وسلم كان يطبق ما ينزل عليه فورا دون تدرج، وكون الإسلام نزل على فترات فان هذا أمر تشريعي لا يجوز لنا تطبيقه. 4- الدليل على تطبيق الإسلام الفوري هو ما كان يصنعه الخلفاء الراشدون اشد الناس فهما للإسلام عندما كانوا يفتحون بلدا أهله كفار فإنهم كانوا يطبقون الإسلام كاملا من أول يوم ولم يراعوا كونهم كفارا لا يقبلون الإسلام أو كون هذا الأمر يزعجهم. 5- عدم قدرة ما يسمى الإسلام المعتدل على تطبيق الإسلام دفعة واحدة مرده إلى خطأ فهمهم للإسلام وليس بسبب انه لا يمكن تطبيق الإسلام دفعة واحدة، وما قلناه عن فعل الصحابة في الأراضي المفتوحة يكفي للرد عليهم. 6- الوصول الخاطئ للحكم بالطرق الديمقراطية العقيمة لا يعفي صاحبه من تطبيق الإسلام كاملا. 7- طريقة الإسلاميين المعتدلين في الوصول إلى الحكم طريقة محرمة ولا تجوز ولن توصل أبدا إلى تطبيق الإسلام لا بالتدريج ولا بالكذب وهي طريقة الانتخابات الديمقراطية. 8- الطريقة الصحيحة للوصول إلى الحكم بالإسلام تعتمد على عنصرين اثنين لا غنى عنهما وهما: "القاعدة الشعبية للنظام المراد تطبيقه" و"دعم أهل القوة في البلد لهذا النظام الجديد". 9- نقصد بالنظام قوانين الحكم ودستوره وليس شخص الحاكم فقط وفي الإسلام نظام الحكم هو نظام الخلافة لا غير، إذ النظام الجمهوري والملكي والدولة المدنية والديمقراطية والعلمانية كلها مسميات واحدة لا تمت للإسلام بصلة. 10- القاعدة الشعبية نقصد بها اقتناع الرأي العام بالبلد أن هذا النظام المنوي تطبيقه سيصلح حال البلد، وليس مهما سيرهم عليه قبل تطبيقه لان هذا من المستحيلات، بل مجرد بغض الناس للنظام الموجود وحلمهم بنظام جديد يقتنعون به كاف لتطبيق النظام الجديد عليهم. 11- والمسلمون عموما وبدون أدنى شك ومن استطلاعات كثيرة للرأي كلهم يريدون تطبيق الإسلام، والقول أنهم غير جاهزين هذا كذب وافتراء ومحاولة للضحك على الناس للوصول إلى الكرسي والحكم بالعلمانية. 12- أهل القوة مهمون جدا للوصول إلى الحكم بالإسلام وحمايته ممن يتربص به من المجرمين، ولا يقال انه ما دام الشعب يريد الحكم بالإسلام فلِمَ أهل القوة؟؟؟، ذلك أن الرأي العام هو أن تجد الأغلبية تريد الحكم الإسلام حتى أن أعداء الإسلام لا يجرؤون على التصريح العلني بعداء الإسلام، ولكن الكل يتجرأ على مهاجمة النظام القديم وعلمانيته وهذا يدل على بناء رأي عام على الإسلام، لذلك يبقى أهل القوة لحماية البلد من هؤلاء المجرمين الموجودين في الداخل وأيضا حمايته من الخارج وهو الأهم ممن يتربص بالدولة الجديدة. 13- عنصر القوة الذي افتقده أهلنا في مصر على سبيل المثال عندما وصل الإسلاميون إلى الحكم جعل وصولهم إلى الحكم خاطئا، فجعل الحكم في مهب الريح يعزله العسكر متى يريدون. 14- الأصل في حكم الإسلاميين الذي تم إسقاطه في مصر قيامه بعدة إجراءات إن أراد الحكم بالإسلام لكنه لم يقم بها لأنه لا يريد تطبيق الإسلام، بل يريد الوصول إلى الكرسي ويرضي الغرب عنه، ومن هذه الإجراءات التي كان يجب القيام بها: • الإعلان الفوري أن الدستور الجديد هو الدستور المأخوذ فقط من القران والسنة وهم لا يمتلكون للأسف هذا الدستور لأنهم كانوا يخططون للحكم بالدستور العلماني قبل وصولهم إلى الحكم، ومع ذلك فان حزب التحرير يمتلك دستورا إسلاميا جاهزا عرضه عليهم فرفضوه لأنه بنظر بعضهم مرعب ومتطرف، وهذه لم يفعلوها بل اجروا استفتاء على دستور علماني يحارب الله ورسوله وهو دستور علماني كسابقه مع بعض عمليات التجميل القبيحة. • عزل جميع قيادات العسكر الموالين للنظام السابق وتعيين جدد موالين للحكم الجديد، وذلك لضمان سير أهل القوة والمنعة مع الحكم الجديد. • السيطرة على قنوات الإعلام وطرد جميع العلمانيين والمرتبطين بالنظام القديم منهما ووضع أناس يدعمون الحكم الجديد ويروجون للإسلام وحكم الإسلام، ومع ذلك فقد ابقوا الأبواق العلمانية تهاجمهم وتحرض الناس عليهم وتهاجم أحكام الإسلام لان هذا ما يريده الغرب الكافر وأمريكا. • اعتقال جميع القيادات العلمانية وغيرهم ممن يمكن أن يقوموا بفتن داخلية، ومع ذلك بقي هؤلاء طليقين يحرضون الناس على الثورة على الحكام الجدد. • حل جميع الأحزاب العلمانية والوسط السياسي القديم، ومع ذلك فقد بقيت هذه الأحزاب لان الديمقراطية تحرم حل هذه الأحزاب وهم للأسف ساروا على الديمقراطية ولم يسيروا على الإسلام، فقادت هذه الأحزاب الناس للثورة على الحكام الجدد. • طرد جميع السفراء الغربيين الذي هم رأس الفساد ورأس كل شر في بلاد المسلمين، لان هؤلاء كانوا يحكمون مصر في الخفاء، وغيره من الإجراءات التي تثبت حكم الإسلام وتقطع أيدي السوء من الدولة الجديدة. 15- لا يقال أن هذا الأمر سيؤدي إلى ثورة، لان الناس لن تثور من اجل فئة علمانية ولن تثور من اجل منع العلمانية، وما دام الإعلام مع الحكم الجديد وكذلك الأمن وكذلك تم اعتقال رؤوس الفساد فان نسبة حدوث الثورة تكاد تصل إلى الصفر، وان حدث ثورة من قلة من الناس فهنا يبدأ بإقناعهم بالحكم الجديد ثم يأتي دور الجيش والقوة لقمع هذه الفئة التي تريد تثبيت العلمانية وكما قلنا نسبة حدوثها إن تم اتخاذ الإجراءات المناسبة تصل صفر. 16- ولذلك قلنا عن القاعدة الشعبية وهي تهيئة الرأي العام للحكم بالإسلام نظام خلافة قبل الوصول إلى الحكم، وليس تهيئة الناس لحكم مدني ديمقراطي علماني كافر كما فعل الإسلاميون للأسف، وللعلم فان القاعدة الشعبية للحكم بالإسلام موجودة ولكن إساءة الإسلاميين في وصولهم إلى الحكم هي السبب في سقوطهم وليس الناس. 17- قد يقول قائل أن هذه الأعمال تكبت المفسدين فترة من الزمن ولا تزيلهم، فنقول أن يسكت العلمانيون والمجرمين ويخضعون للقانون الإسلامي فهذا شيء جيد، وتبقى الدولة تراقبهم إن قاموا بأي عمل مخالف لقوانين الدولة الجديدة. 18- الرسول الكريم عليه وعلى آله أفضل صلاة وأتم تسليم عندما أقام الدولة الإسلامية في المدينة المنورة، كان فيها المنافقون واليهود، ولكن الرسول الكريم اوجد القاعدة الشعبية في المدينة المنورة للحكم بالإسلام عن طريق الصحابي مصعب بن عمير، وكان أهل القوة والجيش معه (سعد بن معاذ وعبادة بن الصامت قادة أهل المدينة رؤساء أهل القوة فيها) والمنافقون يمثلون العلمانيين واليهود يمثلون الكافرين داخل الدولة وهم كثر في بداية إقامة الدولة الإسلامية في المدينة المنورة، ومع عداء هذين الطرفين للرسول الكريم وللإسلام، إلا أنهم بسبب أن القوة في أيدي المسلمين خضعوا مرغمين لقوانين الدولة الإسلامية، وكل من كانت نفسه تسول له الخروج على قوانين الدولة وأذية المسلمين كانت الدولة الإسلامية تتخذ معه الإجراء المناسب حسب عمله حتى لو أدى للقتل كما حدث مع بعض قبائل يهود، إذ لا مساومة بعد إقامة حكم الإسلام مع أي طرف. 19- ومع الزمن بدأ الإسلام يقوى وبدأ وجود هؤلاء المنافقين واليهود يخف شيئا فشيئا حتى انتهوا. 20- عدم تطبيق الإسلام فورا يعني تطبيق النظام القديم وهو نظام كفر وكل مسلم سليم العقيدة عنده اعتقاد جازم أن من طبق كفرا فلن يحصد إلا الشوك، وهذا ما حصل مع الإسلاميين في مصر طبقوا العلمانية وهم يكذبون بادعائهم تطبيق الإسلام بالتدريج ومع حرب عليهم من العلمانيين الذين كانوا يسرحون في مصر أزال الله حكمهم. 21- الرسول لم يتدرج ولم يطبق كفر، وطبق الإسلام من أول ما نزل عليه، وموضوع نزول الإسلام بالتدرج يختلف اختلافا كليا عن تدرج البشر فيما نزل، وذلك أن تطبيقه لأي قانون مثل عدم جلده لشارب الخمر مثلا قبل أن ينزل كان بسبب أن هذا الحكم لم ينزل بعد ، وعدم تطبيقه له لا يوصف انه تطبيق للكفر لان الحكم غير معروف بعد، بل يقال أن الرسول طبق ما علمه انه موافق للإسلام، ولكن بعد نزول حكم تحريم الخمر طبقه فورا وكذلك فعل الصحابة في كل بلد فتحوها ولم يسوغوا لأنفسهم التدرج في إباحة الخمر ثم تحريمه كما فعل الإسلاميون اليوم، لان التدرج في التشريع أمر لا يعنينا الآن بل هو أمر خاص بالمشرع وهو الله تعالى. 22- التدرج أطروحة نظرية عند الإسلاميين المعتدلين أما في التطبيق فلا وجود لها، بل هي مجرد شعار للضحك على الأفراد والأتباع وإيهامهم أنهم يريدون تطبيق الإسلام. 23- أما إزالة الفساد فان تطبيق الإسلام كاف لإزالة الفساد وكبته حتى ينتهي من أول يوم، وان مقولة أن إزالة فساد سنين طويلة يحتاج لسنين مثلها هو قول خاطئ، لان إزالة الفساد فقط يحتاج تطبيق الإسلام بشكل كامل ومن أول يوم مع دعم أهل القوة، وعندها لن تجرؤ رؤوس الفساد على رفع رؤوسهم إن وجدت للإسلام قوة. 24- والخلاصة: فإن هاتين المقولتين "لا يمكن تطبيق الإسلام إلا بالتدرج" و "لا يمكن قلع الفساد المتراكم إلا بعد فترة من الزمن لمن أراد الحكم بالإسلام" قول خاطئ، والصحيح أن من اتبع الطريق التي اتبعها الرسول الكريم في الوصول إلى الحكم وذلك ببناء قاعدة شعبية للحكم بالإسلام وهي موجودة ولله الحمد ووصل بدعم من أهل القوة، فإنه يستطيع تطبيق الإسلام من أول يوم، ولا يمكن أن يتم له ذلك إلا بعدة إجراءات مثلما ذكرنا أعلاه، وتطبيق الإسلام سيخفي الفساد فورا، وان بقاء أناس فاسدين شيء طبيعي إذ أنهم سيزولون مع الزمن، ومن أراد الدليل فليقرأ سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم جيدا.
|