|
ضع المقولة في موضعها.
سئل الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: "كيف تعرف أهل الحق في زمن الفتن؟! فقال: اتبع سهام العدو فهي ترشدك إليهم".
الكثيرون يستدلون بهذه المقولة مثلا على أن تصرفات تنظيم الدولة الإسلامية صحيحة والدليل أن أمريكا تقاتلهم، وهذا الاستدلال خاطئ، فالحق يعرف فقط بموافقته للقران والسنة، ونحن لنا نبراس لا يخطئ أبدا وهو قول الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم : (تَرَكْتُ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا: كِتَابَ اللهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ)
إذن لو قاتلت أمريكا تنظيم الدولة قتالا طويلا فهذا لا يعني الحكم على جميع تصرفاتهم بالصحة، بل يعني شيئا واحد أن أمريكا عدو للمسلمين تقتل المسلمين بغض النظر عن مدى التزامهم بشرع الله أم حيدهم عنه.
فكثير من أعمال تنظيم الدولة من مثل إعلان الخلافة اللغو وقتل معارضيهم ومقاتلة ثوار سوريا وأعمال الإعدامات البشعة التي يقومون بها وتشويههم للإسلام والأعمال المشبوهة الكثيرة التي تصب في خانة النظام تجعلهم تنظيم مشبوه.
ومع ذلك فمن يقف مع أمريكا أو مع الجيش التركي الخاضع للأوامر الأمريكية فهو مجرم وهذا لا يبرر أبدا قتال أفراد تنظيم الدولة مهما فعلوا تحت راية صليبية أو تحت راية أردوغان العميل الأمريكي العلماني المجرم.
أما مقولة الشافعي فهي ليست نص قراني أو حديث نبوي ينطبق على جميع الأحداث، وحتى لو كانت نصا فهي صحيحة تنطبق على أحداث معينة، وهذه الأحداث تتمثل في أن من يقاتلهم العدو وهم يريدون رفع راية لا إله إلا الله فهم بإذن الله على الحق في قتال العدو، أما باقي التصرفات لهذه الفئة فلا ينطبق عليها وصف أنها صحيحة فبحثها بناء على هذه المقولة بحث خاطئ لا علاقة له، وذلك مثل بعض السلاطين قديما الذين وصلوا الحكم وقاموا بقتل معارضيهم، ثم بعدما وصلوا الحكم جاهدوا في سبيل الله، فهؤلاء يجاهد تحت رايتهم وهم على حق في قتال العدو، ولكن لا يبرر عملهم أبدا في الوصول إلى السلطة.
والوعي السياسي يري أن أمريكا والأعداء بشكل عام قد يصنعوا أعداء أو يستغلوا البعض لمدة معينة ثم يعملوا على قتالهم، فان قتالهم لا يعني أنهم أبدا على صواب، وأمريكا لها تاريخ في قتال من عملوا معها عمرا ثم قاتلتهم.
وإذا عدنا إلى تنظيم الدولة نجد أن قتاله لا يصب في خانة نصر الإسلام وأهله ولا أعمالهم صحيحة، فنرجو عدم استخدام بعض المقولات للتدليس على الناس وإيهامهم أنهم على صواب حتى لو قاتلتهم أمريكا رأس الكفر، وهنا دعوة أيضا لثوار سوريا بعدم الوقوف مع أمريكا وجيش تركيا الخاضع لها لقتال إخوانهم في تنظيم الدولة الإسلامية حتى وان كانوا مجرمين.
وقد يفهم قول الإمام الشافعي رحمه الله بالتعبير المجازي مثل أن يفهم: "انظر إلى الجماعات التي تتعرض للهجوم من قبل الأعداء وهذا الهجوم قد يكون عسكريا أو فكريا أو مخابراتيا، انظر إلى تلك الجماعات التي تتعرض لأبشع أنواع المؤامرات للنيل منها، وانظر إلى الجماعات التي تتعرض للتشويه من قبل الأعداء وانظر إلى الجماعات التي يتعرض لها المسلمون لأنهم يظنوها غير صائبة وانظر إلى الجماعات التي يعتم عليها وانظر وانظر إلى آخره من الأمور ، فالمقولة بشكل عام صحيحة ولكن الجهل أحيانا وعدم الوعي يجعل الشخص يرى هجوما مخادعا من الأعداء أو يرى قتال الأعداء لجماعة فيظنها وأعمالها على صواب.
نحن في زمن الخداع والتضليل والمكر للإسلام وأهله، إذن يجب إدراك الأمور والأحداث بوعي كامل لنعرف من هو العدو؟ ومن هو على حق؟ ومن هو على باطل؟ ومن خدم الكفر بجهله وقلة وعيه؟، ويبقى نص الحديث هو المخرج" مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا: كِتَابَ اللهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ".
|
ضع المقولة في موضعها
Sep 23 2016, 01:14 PM
