إن المدقق في طبيعة الصراع الدائر اليوم على أرض الشام المباركة يدرك أنه صراع بين مشروعين لا ثالث لهما، أولهما مشروع إسلامي والآخر علماني. وعندما نقول ذلك نعني تلك الأطروحات المباشرة والشديدة الوضوح والتي لا يلتبس أمرها على الناظر في كلا المشروعين. فالمشروع الإسلامي هو ذاك الذي يرى أصحابه أن «عقرُ دارِ الإسلامِ بالشَّامِ»، وهم يطمعون أن تشرق فيها شمس الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة. ويأملون أن يكون وعد الله سبحانه قد آن أوانه لما قال عزّ َوجلَّ في سورة النور: (وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ لَيَسۡتَخۡلِفَنَّهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ كَمَا ٱسۡتَخۡلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمۡ دِينَهُمُ ٱلَّذِي ٱرۡتَضَىٰ لَهُمۡ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنۢ بَعۡدِ خَوۡفِهِمۡ أَمۡنٗاۚ يَعۡبُدُونَنِي لَا يُشۡرِكُونَ بِي شَيۡٔٗاۚ وَمَن كَفَرَ بَعۡدَ ذَٰلِكَ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ ٥٥). ويتطلعون إلى أن بشرى رسوله صلى الله عليه وسلم باتت تلوح في الأفق القريب حين حدّث عن مراحل الحكم التي تمر بها أمته وفق ما روى الإمام أحمد أن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكًا عاضًا فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها، ثم تكون ملكًا جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة». ثم سكت. رواه أيضًا الطيالسي والبيهقي في منهاج النبوة، والطبري، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة، وحسنه الأرناؤوط.
كما لا يخفى على ناظرٍ مدى الجهد الذي يبذله دعاة هذا المشروع ليكوِّنوا ما يدعون إليه رأيًا عامًا لدى الأمة منبثقًا عن وعيها العام على دينها وعلى دولة خلافتها الراشدة القادمة. فهم يصلون الليل بالنهار، ويبذلون الغالي والنفيس ليعيدوا لأمة المليار ونصف عزها ومجدها وسؤددها حتى تكون دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة في مركز الدولة الأولى عالميًا، تحمل المبدأ الإسلامي للبشرية بالجهاد، وتحكم الناس بشرع الله كما فعلت دولة الخلافة الراشدة الأولى.
وكلنا يعلم أن دعاة هذا المشروع قد أعدوا العدة اللازمة لإنجاح مشروعهم في كافة خطواته ومراحله؛ وذلك بسيرهم على نهج رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحيدون عنه مقدار أنملة، والعمل على إعداد كل ما يلزم لتطبيق مشروعهم على أرض الواقع حال استلامهم لزمام الحكم تطبيقًا انقلابيًا جذريًا شاملًا مستنبطًا كله من قال الله وقال رسوله، فجهزوا كافة النظم الإسلامية بشكل واضح، ودوَّنوها بدقة تفصيلية ابتداءً من دستور دولة الخلافة الراشدة، إلى نظام الحكم الإسلامي، إلى أجهزة دولة الخلافة في الحكم والإدارة، إلى النظام الاقتصادي الإسلامي، فالنظام الاجتماعي، فنظام العقوبات، فالعلاقات الدولية، فالصناعة الحربية، فالتعليم… انتهاءً بآخر صغيرة تلزمهم للتطبيق الانقلابي الفوري على أرض الواقع.
والجدير ذكره في هذا المقام هو أن رائد هذا المشروع هو حزب التحرير، وهو رائده ليس في سوريا فحسب، بل في كل بلاد المسلمين، بل في كل مكان فيه مسلمون، إنه مشروع أمة، أمة المليار ونصف، وهذا ما يزيد طرحه قوة، ويزيد في إمكانية نجاحه، ويجعل دعوته تلقى تأييدًا وتشهد توسعًا، ويجعل مشروعه لإقامة الخلافة يتصدر الدعوة، ويجعله أمل الأمة، وفي مقدمة مواجهة المشروع العلماني الغريب عن الأمة، المرتمي في أحضان أعدائها. وهذا هو الذي تبناه حزب التحرير.
لقد غفل الكثيرون عن أهمية هذا الفرض ظنًا منهم أن هذا الأمر مقدور عليه حين يعتلي الإسلام سدة الحكم، واختلطت الأمور لدى آخرين ليظنوا أن تسمية فصيل مسلح باسم «الدولة الإسلامية» يكفي لذلك، وليقول بعضهم بشعار لا تفصيل فيه بأن (الإسلام هو الحل)، وليقول البعض الآخر بأن الإسلام لم يأتِ بنظم تطبيقية، وما إلى ذلك من شعارات تضر الدعوة إلى هذا المشروع ولا تنفعه… فالشقة قد بعدت بين هؤلاء وبين تطبيق الإسلام على الطريقة الشرعية…
أما المشروع العلماني، فلا زالت ذكراه ماثلة في أذهان الأمة بحيث لا يخفى عليها، لا هو ولا دعاته، مهما حاولوا أن يمكروا بها ويغيروا من مفرداتهم للتلبيس عليها.
فمشروعهم يقوم على فصل الدين عن الحياة، وبالتالي فصل الدين عن الدولة؛ وهو مشروع تكون السيادة فيه للشعب وليست للشرع… والديموقراطية هي من أبرز دعواتهم بحيث يقوم الشعب عبر ممثليه بتشريع قوانينه التي يرتضي أن يحكم بها وفق هواه، ضاربًا بكل تشريع أنزله الله سبحانه عرض الحائط.
إن الأمة باتت تعلم مدى خبث دعاة هذا المشروع في التلاعب بالألفاظ والمصطلحات، فمن الدعوة للدولة العلمانية إلى الدعوة للدولة المدنية وما إلى ذلك من تلاعب، لا يخفى عليها بأن مقصدهم واحد، ألا وهو فصل الدين عن الحياة، وعن الدولة، بحيث يكون عندهم لا شأن للخالق سبحانه لا بالحياة ولا بالدولة.
وقد بلغت وقاحة التلبيس بأحد دعاتهم أن قال نريد سوريا دولة علمانية تهتم بالعلم والعلماء، وقال الآخر نريد سوريا دولة مدنية يحكمها مدنيون ولا يحكمها العسكر، وأوقح القائلين قال نريد سوريا دولة مدنية على غرار الدولة المدنية التي أعلنها رسول الله في المدينة المنورة حيث لم يعلنها دولة مكية في مكة المكرمة، وقال بعضهم نريد دولة مدنية ذات مرجعية إسلامية… إنها تلبيسات ما أنزل الله بها من سلطان.
إن مشروعهم هذا يحاول أن يتخفى بالإسلام لضعفه أمام قوة تمسك أهل سوريا بالإسلام، وهو مشروع قديم لا جديد فيه، فقد سرق دعاته قرابة المئة عام من حياة الأمة الإسلامية، وصرفوا كل جهودهم ليطمسوا مفاهيم الإسلام الحنيف، وليفرضوا مفاهيمهم الغريبة على وجدان الأمة وموروثها الفكري والثقافي، وقد بلغت بهم الجرأة على الله ورسوله بأن قالوا إن ديموقراطيتهم هي من صميم الإسلام، فهي عين الشورى، وإنها بضاعتنا التي ردت إلينا. وحاولوا أن يوهموا المسلمون أن هذه تلك؛ ليختلط الأمر عليهم ويصدقوهم، وليظنوا أن ما يقدمه مجلس الشورى للخليفة من رأي ومشورة إن طلبها هو عين ما يقوم به مجلس الشعب عند العلمانيين من تشريع يضاهئون به شرع الإسلام الحنيف… ولكن أنَّى لهم ذلك.
ولئن كان أصحاب هذا المشروع هو الغرب العلماني الكافر؛ إلا أن الذي يتولى كبر الدعوة إليه هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا، هم دعاة على أبواب جهنم، كما وصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم دأبهم تشويه الإسلام ومحاربة عودة قيام دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة بكافة السبل، وما هو بالبعيد عنا ما يجري من كيد للثورة المباركة في سوريا من كل فئات العلمانية ودعاتها في العالم بحيث لا يدَعون صنيعة إسلامية إلا ونفثوا فيها سمومهم، وما محاربتهم لرفع راية رسول الله السوداء ولوائه الأبيض عنا ببعيد، وما تفضيلهم لرفع علم القذرَين سايكس وبيكو، وإيهام الجموع بأنه علم ثورة الشام المباركة، إلا من كيدهم وحقدهم القديم على الإسلام ودولته الذي ما زلنا نعايشه حتى اليوم.
إلا أن وضوح هذا المشروع الآثم وجلاء غايته يجعلنا نطمئن لفشله ولفشل صغار أدعيائه؛ ثقة بالله تعالى في قوله: (يُرِيدُونَ أَن يُطۡفُِٔواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفۡوَٰهِهِمۡ وَيَأۡبَى ٱللَّهُ إِلَّآ أَن يُتِمَّ نُورَهُۥ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡكَٰفِرُونَ ٣٢) ولثقتنا بإخباره لنا: (إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُمۡ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيۡهِمۡ حَسۡرَةٗ ثُمَّ يُغۡلَبُونَۗ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ
يُحۡشَرُونَ). وليقيننا بالله بإنجاز وعده وبشرى رسوله صلوات ربي عليه وسلامه.
إلا أن الحزن الذي ينتابنا ليس من هؤلاء، بل من أدعياء العلم من المسلمين الذين يتأرجحون بين المشروعين، متأثرين بواقع بعد الإسلام ودولته عن أرض الواقع، ويريدون عودتهما (الإسلام والدولة) ولكن بالطريقة التي يمليها عليهم فهمهم العقيم، لا بالطريقة التي فرضها الشرع الحنيف. فبتنا نسمع منهم مقولات يدّعون فيها فهمًا متميزًا للإسلام، ويدَّعون أنه يصلح لأن يكون خارطة طريق للمرحلة المقبلة، وفيه خلاص للأمة من معاناتها، وإقالتها من عثرتها.
ولا يكون ذلك عندهم إلا بتحديث الإسلام وتجديد خطابه بإبعاد نصوص شرعية، وليِّ أعناق نصوص شرعية أخرى لتتماشى مع العصر؛ فأمثال هؤلاء يقولون: هل يعقل بعد مرور أربعة عشر قرنًا ونيف من بعثة محمد صلى الله عليه وسلم أن نظل محتكمين لنفس العقلية السابقة؛ فلا بد من تجديد المفاهيم الإسلامية تجديدًا يتماشى مع تطور الإنسانية، ويجعل الإسلام في مقدمة المفاهيم التي تتقبلها البشرية؛ لذلك لا بد من إلباس الإسلام لباس الحداثة، وتضمينه الأفكار العصرية، حتى يخرج من قوقعته المملة، ويعود مقبولًا من العامة، متخلصًا من اتهام الآخرين له بالتخلف والرجعية؛ ذلك لأن لباسه القديم ما عاد مقبولًا، وما كان لمعتنقي النصرانية أن يصلوا لما وصلوا إليه من نهضة وازدهار إلا بعد أن أقدموا على مثل هذه الخطوة.
من هذا المنطلق خرجت بعض أفكارهم إلى العلن مشكلة قواعد ومنطلقات فكرية جديدة، تحدد مسارًا للقائلين بها، حيث ظن هؤلاء المسلمون أن مسايرة الزمان والاستفادة من الفكر الغربي الناهض أمر مطلوب إسلاميًا ليبقى الإسلام على مستوى العصر؛ فظهر لديهم الكثير من المقولات والأفكار المريضة التي زرعها الغرب لتبعد الإسلام ونظام حكمه عن أذهان المسلمين وعن الواقع، ولتخدم استمرار سيطرته على بلادهم. ومن أمثلة هذه المقولات والأفكار:
[إن دين الإسلام دين مرن قابل للتطور، والقبول بالمتاح ثم المطالبة بالمزيد، والقبول بتطبيق ما يوافق الشرع الإسلامي، أو القبول بتطبيق ما لا يخالف الشرع الإسلامي، وجواز ارتكاب أخف الضررين وأهون الشرين، والإقرار بأن ما لا يؤخذ كله لا يترك جله، والتدرج في تطبيق الإسلام بدعوى عدم جهوزية الأمة لتطبيقه كاملًا عليها، والديمقراطية من الإسلام وهي عين الشورى، ولا ينكر تغير الأحكام بتغير الزمان أو تغير المكان، وحيثما تكن المصلحة فثم شرع الله…]
وصارت هذه الأفكار ومثيلاتها هي االقيادة الفكرية للنهضة الإسلامية الحديثة عندهم، والتي يريدون أن يأخذوا بها المسلمين في سوريا إلى الهاوية. فسواء أصدر هذا الكلام من هؤلاء عن سوء نية أم عن حسن طوية فإن أثره في واقع الأمر لا شك واحد، ففيه ما فيه من الخطر الذي ينطوي على تشويه الإسلام، بل وعلى استبداله بالذي هو أدنى.
ولهؤلاء ولأمثالهم نوضح الأمر فنقول بأن الإسلام يفرض على معتنقيه طريقة معينة لأخذه وتطبيقه على أرض الواقع، فقد أنزله سبحانه وتعالى لنعالج به كافة شؤون الحياة، وكلنا يعلم أن تلك المعالجات المتضمنة بالأحكام الشرعية قد وردت في شرعنا الحنيف بنصوص قطعية الدلالة وبأخرى ظنية الدلالة، وما على المسلم إلا أن يبذل وسعه لاستنباط الأحكام الشرعية من النصوص الظنية الدلالة؛ بحيث تنضبط قواعد الفكر التي يستند إليها في استنباطه بعقيدة الإسلام وثوابته، وطريقة الاجتهاد هذه ثابتة في الإسلام لا يجوز تبديلها بحال من الأحوال، وهذا هو مصدر السعة والرحابة والتنوع في شرعنا الحنيف.
وبإنابة الأمة عنها خليفة لرسول الله بالبيعة الشرعية ليطبق عليها الأحكام الشرعية الواردة في نصوص الشارع القطعية الدلالة، ولما يتبناه من أحكام شرعية استنبطها مجتهدوها باتباعهم لقواعد الاجتهاد المعتبرة، نكون قد حققنا غاية الشرع الحنيف بإقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة لتطبق الشرع على الناس مستأنفة بذلك الحياة الإسلامية التي قصدها الشارع ولتحمل مبدأ الإسلام للناس بالجهاد لتخرجهم به من الظلمات إلى النور. هذا ما يجب أن يعمل عليه العاملون في سوريا لتكون فعلًا هي عقر دار الخلافة الراشدة، كما ذكر رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم.
هذا هو سبب نزول القرآن وفق ما وضح سبحانه بقوله: (إِنَّآ أَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ لِتَحۡكُمَ بَيۡنَ ٱلنَّاسِ بِمَآ أَرَىٰكَ ٱللَّهُۚ وَلَا تَكُن لِّلۡخَآئِنِينَ خَصِيمٗا ١٠٥)، وما تجب ملاحظته في هذه الآية قوله تعالى (لِتَحۡكُمَ بَيۡنَ ٱلنَّاسِ) وليس بين المسلمين.
وهنا نريد أن نذّكر المسلمين عامة، وفي سوريا خاصة؛ لأن الحديث عنهم، أن نذكرهم بعدد من الآيات والقواعد والأفكار شرعية التي يجب أن تسيطر على أذهانهم لتضبط توجههم وتعيِّن اتجاههم للعمل بحسبها:
فمن الآيات: قوله تعالى: ( وَمَنۡ أَعۡرَضَ عَن ذِكۡرِي فَإِنَّ لَهُۥ مَعِيشَةٗ ضَنكٗا )، وقوله تعالى: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلًا٥٩)، وقوله تعالى: (لَا تُقَدِّمُواْ بَيۡنَ يَدَيِ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۖ وَٱتَّقُواْ
ٱللَّهَۚ).
ومن القواعد والأفكار الشرعية نذكر لهم: (حيثما يكن الشرع تكن المصلحة)، و(الأصل في الأفعال التقيد بالحكم الشرعي)، و(الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد دليل التحريم)، و(الحَسَن ما حسّنه الشرع، والقبيح ما قبحه الشرع)، و(الخير هو ما أرضى الله سبحانه، والشر هو ما أسخطه)، و(لا حكم قبل ورود الشرع)، و(الأمة الإسلامية هي أمة واحدة من دون الناس)، و(الإسلام لا يقرّ قومية ولا اشتراكية ولا ديمقراطية ولا جمهورية)، و(الإسلام طراز معيّن في العيش يختلف عن غيره كل الاختلاف)…
ومن الأحاديث الشريفة: نذكرهم بأقواله صلى الله عليه وسلم بما يدل دلالة واضحة على أهمية التقيّد بما كان عليه سلفنا الصالح، وعدم الخروج عنه إلى الابتداع:
يقول صلى الله عليه وسلم: «تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبدًا، أمرًا بيِّنا، كتابَ اللهِ وسنّةَ نبيِّهِ». ويقول صلى الله عليه وسلم: «…وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار ما عدا واحدة. قالوا ومن هي يا رسول الله؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي اليوم». ويقول صلى الله عليه وسلم: «تركتكم على المحجّة البيضاء لا يزيغ عنها بعدي إلا كل ضالٍّ». ويقول صلى الله عليه وسلم: «خير الناس قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم». ويقول صلى الله عليه وسلم: «…إن من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا. وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة في النار… عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضّوا عليها بالنواجذ». ويقول صلى الله عليه وسلم: «كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد».
ففي أقواله هذه صلى الله عليه وسلم دعوة إلى الاتباع، وتحذير من الابتداع، وترتيب الخيرية بقوله يدلنا على أن الالتزام يضعف كلما ابتعد بنا الزمن عن زمنه صلى الله عليه وسلم ما يقتضي منّا تمسكًا أقوى وتحريًا للصواب أكثر، فالمطلوب منا أن نَعضَّ على سنته صلى الله عليه وسلم وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعده، وألا نبتدع في الدين فذلك مردود على فاعله.
ولا يتأتى لنا ذلك إلا بالمحافظة على العقيدة الإسلامية نقية صافية في نفوسنا، وأن نجعلها قيادة فكرية لنا، ومقياسًا نقيس عليه كل أفكارنا، وأن نتخذها قاعدة انطلاق لنهضتنا، وكذلك بالمحافظة على طريقة الاستدلال المنضبطة التي تمنع الهوى من التدخل في استنباط الأحكام الشرعية، وأن نجعل الإسلام أهم من أنفسنا ومن أولادنا وأهلينا، وأهم من مصالحنا وأهوائنا، لتكون كلمة الله هي العليا في نفوسنا، فلا نقدِّم بين يدي الله ورسوله، وأن نخلع أفكار الكفر من نفوسنا ليتسنى لنا خلعها بعدها من مجتمعنا،
وعلينا أن نقف في سوريا صفًا واحدًا مع المشروع الإسلامي ودعاته في مواجهة المشروع العلماني وخبث دعاته لنقيم معًا حكم الله في الأرض بإقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، فالفرصة اليوم متاحة لنا، وهي فرصة تاريخية من اغتنمها منّا اليوم فقد أمن سخط الله.
وعلى الله قصد السبيل.
المهندس عبد اللطيف شامي