السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
منقول للفائدة:
هكذا يدس السم في العسل
دراسات إجتماعية > دراسات و أبحاث إجتماعية >
دراسة الوثائق الدولية اتفاقية السيداو
دراسة الوثائق الدولية من جوانبها المختلفة اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)
نموذجا مقدم في المؤتمر الدولي أحكام الأسرة بين الشريعة الإسلامية والاتفاقيات والإعلانات الدوليةأ.هدى عبد المنعم
المحامية بالنقض والدستورية والإدارية العليا
وعضو اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل
مقدمة:
منظمة الأمم المتحدة تعمل على حماية بعض الفئات التي ترى أنها تحتاج الى حماية خاصة، وذلك من خلال عقد المؤتمرات العالمية، وصك الإعلانات والاتفاقيات والوثائق الدولية، التي تكرس حقوقًا خاصة بتلك الفئات. وسنحاول من خلال هذه الدراسة تسليط الضوء على بعض تلك الجهود، نحو إحدى هذه الفئات وهي المرأة، وذلك من خلال اتفاقية دولية أصدرتها الأمم المتحدة عام 1979، وخرجت الى حيز التطبيق عام 1981، بعد أن وقعت عليها خمسين دولة، وهي اتفاقية "القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة"
The Convention on the Elimination of All Forms of Discrimination against Women CEDAW
أهمية الموضوع:
1- إن قضايا المرأة تكاد تكون القاسم المشترك في أغلب المؤتمرات التي تعقدها الأمم المتحدة.
2- إن الهيئة الدولية لا تكتفي بهذا، وإنما عقدت للمرأة سلسلة من المؤتمرات الدولية والاقليمية الخاصة بها.
3- أن الإشكالية التي تثار دائمًا، أن هذه المؤتمرات والمواثيق الصادرة عنها يفترض أنها عالمية ومن ثم ينبغي أن تعكس تلك المواثيق كافة ثقافات العالم.
4- الصفة القانونية الإلزامية لتلك المواثيق وما يترتب عليها من تبعات قانونية على الدول التي صدقت عليها، ومن ثم ينعكس أثرها على الشعوب ونظمها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بما فيه من المساس بعقائدها وأعرافها وتقاليدها.
و سوف يتناول البحث ما يلي:
الفصل الأول :
1- إطلالة تاريخية على الوثائق الدولية المعنية بالمرأة بصفة عامة.
2- إطلالة على اتفاقية السيداو بصفة خاصة.
3- استعراض لاتفاقية السيداو.
الفصل الثاني : ( دراسة تحليلية لاتفاقية السيداو من جوانبها المختلفة):
1- من المنظور الفلسفي.
2- من المنظور الاجتماعي.
3- من المنظور القانوني.
4- من المنظور الشرعي:
- ما يتفق مع الشريعة.
- ما تجاوزت فيه الشريعة.
- ما تعارض مع الشريعة.
الفصل الثالث :
1- موقف البلاد العربية من الاتفاقية.
2- آليات تنفيذ الاتفاقية.
خاتمــــــة
الفصل الأول
أول:إطلالة تاريخية على الوثائق الدولية المعنية بالمرأة بصفة عامة
بدأ اهتمام هيئة الأمم المتحدة بالمرأة منذ عام 1946 حيث أنشئت لجنة مركز المرأة، وقد ركزت الهيئة الدولية في اتفاقياتها وصكوكها ومؤتمراتها على قضية المساواة بين المرأة والرجل بالمفهوم الغربي كقيمة مطلقة، واستخدمت قضية المساواة هذه في تمرير كثير من القضايا التي تنادي بها الأمم المتحدة؛ لعولمة النموذج الغربي للمرأة في جميع مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية والثقافية والإعلامية.
أولاً- الاتفاقيات الدولية المعنية بالمرأة:
وأهم تلك الاتفاقيات:
(1) اتفاقية حقوق المرأة السياسية سنة 1952م:
في 20 ديسمبر 1952م أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة (القرار رقم 640 د-7)، الاتفاق الخاص بالحقوق السياسية للمرأة. وهي أول معاهدة ذات نطاق عالمي تتعهد فيها الدول الأطراف بالتزام قانوني يتعلق بممارسة مواطنيها للحقوق السياسية. وأصبحت هذه الاتفاقية نافذة المفعول منذ 7 يوليه 1954.
(2) المعاهدة الخاصة بجنسية المرأة المتزوجة 1957:
تتمتع كل دولة – استنادًا إلى مبدأ السيادة – بحقها في وضع قوانين الجنسية الخاصة بها إلا أنه في سنة 1949 قامت هيئة الأمم المتحدة بالدعوة إلى ضرورة إبرام معاهدة دولية بشأن جنسية المرأة، تكفل للمرأة المساواة مع الرجل في تمتعها بحقها في الجنسية، وتمنع حرمانها من الجنسية عند الزواج أو الطلاق، وقد أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة هذه الاتفاقية في 29 يناير سنة 1957.
(3) اتفاقية منظمة العمل الدولية المتعلقة بالتمييز في العمل وشغل الوظائف سنة 1958م:
ويعرف التمييز – في الاتفاقية – بأنه "ما ينطوي على أي تفرقة أو استبعاد أو تفضيل على أساس العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو الرأي السياسي أو الأصل الوطني أو المنشأ الاجتماعي، ويسفر عن إبطال أو انتقاص المساواة في الفرص أو في المعاملة على صعيد العمل وشغل الوظائف، أو أي نوع آخر من أنواع التمييز أو الاستثناء أو التفضيل يكون من أثره إبطال أو انتقاص المساواة في الفرص أو المعاملة على صعيد العمل".
(4) اتفاقية الرضا بالزواج، والحد الأدنى لسن الزواج، وتسجيل عقد الزواج سنة 1962م و 1965م :
تطلب الاتفاقية – وفقًا للمادة الثالثة منها – تسجيل كافة عقود الزواج في سجل رسمي مناسب على يد السلطة المختصة. وعلى خلاف الاتفاقية – التي تركت للدول الأطراف تحديد الحد الأدنى لسن الزواج – فإن التوصية التي تكمل الاتفاقية تنص تحديدًا على أن سن الزواج لا يجوز أن يقل بحال عن 15 عامًا.
(5) العهدان الدوليان لحقوق الإنسان: (الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والحقوق المدنية والسياسية) سنة 1966م:
وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16 ديسمبر سنة 1966م على الاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وعلى الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية والبروتوكول الاختياري الملحق بالاتفاقية الأخيرة، وقد حظرت هاتان الاتفاقيتان التمييز على أساس الجنس، وجعلته من بين أسس التمييز الأخرى المحظورة كالعنصر والدين واللغة.
(6) إعلان القضاء على التمييز ضد المرأة 1967م:
صدر الإعلان العالمي الخاص بالقضاء على التمييز ضد المرأة 1967م الذي ينص على: "حق المرأة الدستوري في التصويت للانتخابات والمساواة مع الرجل أمام القانون، وعلى حقوقها في الزواج والتعليم وميادين الحياة الاقتصادية والاجتماعية. وقد أقرته الجمعية العامة في 7 نوفمبر 1967 بالإجماع."[1]
ونظرًا لأن الإعلان لم يتخذ شكل اتفاقية تعاقدية – فإنه وبالرغم من هيبته الأدبية والسياسية – لم يضع أمام الدول التزامات واجبة التنفيذ. ومن هنا، فإن اللجنة الخاصة بوضع المرأة أخذت في عام 1972 بدراسة الإمكانات لإعداد اتفاقية تجعل من الإعلان قوة ملزمة للمنضمين إليه.
(7) إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1974م أن عام 1975م سيكرس لخدمة قضايا المرأة:
أقر المؤتمر العالمي للعام الدولي للمرأة الذي انعقد في مدينة مكسيكو سيتي عام 1975م أهداف (العام الدولي للمرأة)، وخطة العمل الدولية التي يمكن عن طريقها تنفيذ هذه الأهداف. وكان أحد هذه الأهداف هو وجوب منح المرأة حقوقًا وفرصًا متساوية مع الرجل قانونًا وواقعًا في الاقتراع والمشاركة في الحياة العامة، وفي الحياة السياسية على المستويات الوطنية والمحلية وعلى مستوى المجتمع المحلي.
(8) اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة سنة 1979م والمعروفة بـ (سيداو/ CEDAW)
وسوف نتحدث تفصيليًا عن هذه الاتفاقية في الفصل اللاحق.
ثانياً- المؤتمرات الدولية الخاصة بالمرأة :
عقدت الأمم المتحدة العديد من المؤتمرات الدولية؛ للضغط على الحكومات، والرأي العام والمنظمات غير الحكومية لتحقيق ما جاء بالاتفاقيات والعهود والإعلانات الدولية، ومن تلك المؤتمرات:
- عام 1975م أول مؤتمر دولي للمرأة في مكسيكو سيي بالمكسيك تحت شعار "المرأة: المساواة والتنمية والسلم" . وعدَّ ذلك العام، العام العالمي للمرأة.
- عام 1980 المؤتمر الدولي الثاني عن المرأة في كوبنهاجن بالدنمرك؛ وذلك لتقويم ما أنجز في تنفيذ توصيات مؤتمر المكسيك.
- عام 1984م المؤتمر العالمي الثاني للسكان في المكسيك.
- عام 1985م المؤتمر الدولي الثالث عن المرأة في نيروبي بكينيا، لاستعراض وتقويم منجزات (عقد الأمم المتحدة للمرأة).
- عام 1994م المؤتمر الدولي الثالث للإسكان والتنمية في القاهرة، وأثار المراقبون حينذاك الكثير حول هذه المؤتمرات الدولية وما تطرحه من تغيير نوعي تدريجي. فقد لفت الانتباه الأطروحات التي تداولتها جلسات ومقررات هذا المؤتمر، كالدعوة إلى حرية الجنس للمرأة، وتغيير وحدة المجتمع الأساسية من الأسرة إلى العلاقة بين أي طرفين، ونادت بقانونية الإجهاض، ولم تعد المنطقة العربية والإسلامية بعيدة عن تلك الأطروحات، فالمؤتمر عقد في عقر دارها.
- عام 1995م المؤتمر العالمي الرابع للمرأة في بكين، ولقد اشتهر هذا المؤتمر؛ نظرًا للتغطية الإعلامية التي حظي بها، ولطبيعة النقلة النوعية في المطالب والدعوات التي قدمت فيه.
- تعقد لجنة مركز المرأة CSW اجتماعًا سنويًا؛ لمتابعة تطبيق وثيقة بكين، واتفاقية سيداو.
- عام 2000م مؤتمر في نيويورك تحت عنوان (بكين+5).
- عام 2005، عقدت لجنة مركز المرأة جلستها السنوية تحت عنوان (بكين+10).
ثالثاً: بعض المؤتمرات والإعلانات الدولية الخاصة بقضايا مختلفة لها صلة بالمرأة:
عقدت عدة مؤتمرات دولية خاصة بقضايا مختلفة، ولكنها تبنت نفس قضايا المرأة التي طرحتها مؤتمراتها المتخصصة، مثل مؤتمر الطفل بنيويورك عام 1990م، ومؤتمر البيئة والتنمية في ريودي جانيرو في عام 1992، وفي عام 1994 صدر الإعلان العالمي بشأن حماية النساء والأطفال في حالات الطوارئ والنزاعات المسلحة. ومؤتمر التنمية الاجتماعية بكوبنهاجن عام 1995م، ومؤتمر اسطنبول للمستوطنات البشرية "Habitat" عام 1996م، ومؤتمر الإنسان والثقافة في استكولهم عام 1998م. ثم مؤتمر قمة الأرض في جوهانسبرج- جنوب افريقيا 2002
نبذة تاريخية عن اتفاقية السيداو:
بدأت مفوضية حركة المرأة بالأمم المتحدة في عام 1973 في إعداد معاهدة القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة وأكملت إعدادها في عام 1979.
وفي يوم 18 ديسمبر 1979 اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة الاتفاقية باعتبارها إحدى الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان.
وفي يوم 3 ديسمبر 1981 أصبحت الاتفاقية سارية المفعول بعد توقيع (50) دولة عليها طبقًا لأحكام المادة 27 التي تنص على مبدأ نفاذ الاتفاقية بعد شهر من تصديق أو انضمام الدولة رقم عشرين عليها وكانت تونس هي الدولة العربية الوحيدة التي وقعت على الاتفاقية قبل نفاذها.
وفي هذا الإطار تعد اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة هي المتن الذي كتبت على هامشه جميع أعمال الأمم المتحدة من مؤتمرات (قمة دولية) في مجال المرأة.
عرض الاتفاقية:
تدعو الاتفاقية -كما سنعرض فيما بعد- إلى المساواة المطلقة في الحقوق بين المرأة والرجل في جميع الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمدنية وتعد الاتفاقية بعد المصادقة عليها ملزمة قانونًا للدول بتنفيذ بنودها وقد انضممت إلى عضوية الاتفاقية 11 دولة عربية وإن تحفظت على بعض البنود وهي (الأردن والعراق والكويت وليبيا وتونس والجزائر ولبنان ومصر واليمن و جزر القمر ومن الدول الإسلامية التي صادقت على الاتفاقية اندونيسيا وباكستان وبنجلاديش وتركيا وماليزيا).
تحدد هذه الاتفاقية المتضمنة 30 مادة، بصيغة ملزمة قانونًا، مبادئ وتدابير لتحقيق مساواة المرأة بالرجل داخل وخارج الأسرة، وفي جميع الميادين: السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية، وتدعو أيضًا إلى استنان تشريعات وطنية لحظر ما اعتبرته تمييزًا ضد المرأة، وتوصى باتخاذ تدابير خاصة مؤقتة للتعجيل بالمساواة بين الرجل والمرأة، وباتخاذ خطوات لتعديل الأنماط الاجتماعية والثقافية التى تجعل من التمييز أمرًا مقبولاً.
مواد الاتفاقية:
المادة الأولي : وبها تعريف لمصطلح التمييز ضد المرأة.
المادة الثانية : تدور حول التزام الدول الأطراف بشجب جميع أشكال التمييز ضد المرأة، واتخاذ جميع التدابير المناسبة -دون إبطاء- التي تستهدف القضاء على التمييز ضد المرأة وكفالة المساواة بينها وبين الرجل في التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في الاتفاقية.
المادة الثالثة : تدور حول التزام الدول بكفالة تطور المرأة وتقدمها الكاملين (تمكين المرأة).
المادة الرابعة : تتعلق بالتمييز الإيجابي.
المادة الخامسة: تتعلق بالتزام الدول الأطراف بتغيير الأنماط الاجتماعية والثقافية التقليدية لسلوك الرجل والمرأة.
المادة السادسة : تتعلق بالتزام الدول الأطراف بمكافحة جميع أشكال الاتجار بالمرأة واستغلال بغاء المرأة.
المادة السابعة : تتعلق بمشاركة المرأة في الحياة العامة على المستوى الوطني.
المادة الثامنة : تتعلق بمشاركة المرأة في الحياة العامة على المستوى الدولي.
المادة التاسعة : تتعلق بحق الجنسية.
المادة العاشرة : تتعلق بالتعليم ومحو الأمية.
المادة الحادية عشرة : تتعلق بالعمل.
المادة الثانية عشرة : تتعلق بالخدمات والرعاية الصحية.
المادة الثالثة عشرة : حق المرأة في الاستحقاقات العائلية والتمتع بالأنشطة الترويحية والألعاب الرياضية والخدمات الثقافية.
المادة الرابعة عشرة : تتعلق بالمرأة الريفية.
المادة الخامسة عشرة : تتعلق بالشئون القانونية.
المادة السادسة عشرة : تتعلق بالأحوال الشخصية.
المادة السابعة عشرة: تتعلق بالنواحي الإجرائية، كما سنوضح في السطور اللاحقة.
آلية تنفيذ الاتفاقية:
دارت المواد من 17 - 22 حول لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة من حيث الشكل والاختصاصات، ونصت المادة (18) بالتحديد على أن تتعهد الدول الأطراف برفع تقرير للأمين العام للأمم المتحدة عما اتخذته من تدابير تشريعية وقضائية وإدارية وغيرها من أجل إنفاذ أحكام هذه الاتفاقية في غضون سنة واحدة من التوقيع على الاتفاقية، وتقرير آخر كل أربع سنوات أو كلما طلبت لجنة CEDAW ذلك. ويحتوي التقرير على وصف مفصل لهيكل البلد القانوني والسياسي ووضع المرأة فيه، وترفع التقارير من الحكومة والمنظمات غير الحكومية ووكالات الأمم المتحدة بالبلد المعني.
الفصل الثاني
دراسة تحليلية لاتفاقية السيداو من جوانبها المختلفة
أولا: من المنظور الفلسفي:
لعل أهم عناصر الفلسفة الكامنة خلف اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة CEDAW هي نظرتها للإنسان باعتباره كائنًا ماديًّا بسيطًا (غير مركب، وغير متجاوز للمادة) يستمد معياريته من نفس القوانين الطبيعية المادية، ويخضع لنفس الظروف المادية وللحتميات الطبيعية.
ومن ثم فإن الحقوق الإنسانية للمرأة التي تتحدث عنها الاتفاقية هي حقوق لإنسان عبارة عن امرأة، أية امرأة يمثل وحدة كمية مستقلة ،أحادية البعد، لا علاقة لها بأسرة أو مجتمع أو دولة أو مرجعية تاريخية أو أخلاقية.
وهناك عدة مفاهيم أساسية تمثل منظومة المفاهيم الحاكمة لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وهى في مجملها تمثل جوهر مفاهيم الحضارة الغربية، ونظرتها للإنسان والكون والحياة، وتصوراتها للخالق أبرزها:
- مفهوم القانون الطبيعي Natural Law
المرتبط بذاتية الإنسان من الناحية الطبيعية، بغض النظر عن فكره ومنهجه وعقيدته، وهوليس قانونًا بالمعنى الدقيق، ولكنه مجرد (افتراض) أن هناك قواعد عقلانية منطقية سابقة على وجود الجماعة البشرية، وأن هذه القواعد تلقى قبولاً عامًّا من الإنسان، وأنها هي مرجع القوانين الوضعية ومعيارها، وأنها تحتوي على (حقوق طبيعية) للإنسان، تولد معه وتظل لصيقة به، ومن ثَمَّ فهي تحدّ من سلطة الدولة في علاقتها بالأفراد، في الوقـت الذي لا تفـرض فيه على الفرد أية واجبات مـقابل تمـتعه بــهذه الحــقوق وممارسته لها.
لذلك يكون الإنسان في هذا التصور الكلى مُشَرِّعَ نفْسِه، ضابطَ حَقِّه، رافضًا أن يكون شرعه مُنَـزَّلاً، أو أن ينبثق من الطبيعة الموجودة، الاجتماعية أو البيولوجية الحسية، الإيمان الوحيد هنا بالإنسان، وليس ما فوق الإنسان، ومصدره العقل النظري.
والمساواة المطلقة بين الرجل والمرأة بما يقربها من درجة التماثل أو التطابق التام، تلك المساواة التي تشمل جميع مناحي الحياة كحلٍ أوحد وأساس، تقوم على رفض حقيقة وجود تمايز في الخصائص والوظائف بين الرجل والمرأة.
- الفردية:
بمعنى النظر للمرأة كفرد، وليس كعضو في أسرة يتكامل فيها الزوجان، والترحم بين الآباء والأبناء، ذلك أن الحضارة الأوربية تقوم على الفرد والفردية، ولذلك ذهب أصحاب تحرير المرأة إلى النظر إليها باعتبارها فردًا وإنسانًا، وهذا ما يتعارض مع نظرية الإسلام الذي وإن اعترف للمرأة بما توجبه إنسانيتها من حقوق، فإنه لا يقوم - أصلاً - على نظرية الفردية، وله نظرة وسطية متوازنة بين الفردية والجماعية، ويحترم الفطرة الإنسانية التي فطر الله الناس عليها، وتظهر في مجال المرأة، باعتبارها إنسانًا وأنثى، وأنها والرجل صنوان في الحقوق الإنسانية العامة وفى خطاب التكليف وفى الثواب والعقاب ووضع قيمًا وضوابط لتنظيم العلاقة بينهما.
- حتمية الصراع وديمومته:
وذلك كى تنال المرأة حقوقها، فالخطاب المتمركز حول الأنثى هو خطاب يعلن حتمية الصراع بين الذكر والأنثى، وضرورة وضع نهاية للتاريخ الذكرى الأبوي، وبداية التجريب بلا ذاكرة تاريخية، وهو خطاب يهدف إلى توليد القلق والضيق والملل وعدم الطمأنينة في المرأة، عن طريق إعادة تعريفها، بحيث لا يمكن أن تحقق هويتها إلا خارج إطار الأسرة، بما نتج عنه إعطاء ضمانات قانونية وإجراءات رقابية لحقوق النساء خاصة وترك حقوق الرجال دون ضمانات الأمر الذى يخل بالمساواة بين الجنسين بحيث تصبح المرأة في مركز قانوني وعملي متميز عن الرجال.
ثانيا: من المنظور الاجتماعي:
(1) تقليل النمو السكاني:
يعاني الغرب حاليًا من خطورة تدني النمو السكاني حتى سادت مقولة أن أوربا تذوب كالجليد، وفشلت محاولات تحفيز نساء الغرب وحثهن على الإنجاب عن طريق تقديم الإعلانات المادية لهن وإجازات الوضع .. إلخ.
هذه السياسة لم تؤتِ أُكُلها لأسباب متعددة منها التفكك الأسري والاجتماعي والعزوف عن الزواج أو تأخره وازدياد معدل الطلاق في الغرب.
هذا في الوقت الذي تنعم فيه مجتمعات الجنوب بزيادة مطردة في النمو السكاني فكان لابد من العمل على تقليل سكان الدول النامية وهو ما جاء في دراسة قدمها صندوق الأمم المتحدة للسكانUNFPA لمناقشتها في اجتماع خبراء تنظيم الأسرة الذي عقد في بانقلور بالهند عام 1992م ونشر موجزها في مجلة المرأة عام 2000 الصادر عن قسم النهوض بالمرأة بالأمم المتحدة تناول فيها الصندوق استقلال المرأة الاقتصادي عن الرجل ومساواتها به من أجل تقليل الزيادة السكانية وذكر أن السبب في ذلك يكمن في أن عدم حصول المرأة على الموارد المالية دائمًا ما يجعلها في حاجة مادية للزواج لتأمين المعيشة في الحاضر وإنجاب الأولاد الذكور لتأمين المستقبل ثم يحوجها ضغط الأعباء المنزلية لولادة البنات لمعاونتها في المنزل.
أما الورقة التي أعدها قسم النهوض بالمرأة لتناقش في نفس الاجتماع فتقول بأن برامج تنظيم الأسرة الحالية لا تؤدي دورًا فعالاً في تقليل النمو السكاني وإنه إذا أراد القائمون على هذه البرامج تقليل النمو السكاني على المدى البعيد فعليهم التركيز على تغيير دور المرأة الحالي في الأسرة والمجتمع وعليهم الحرص على تعليمها وتوظيفها في إعمال مأجورة وأن الإرادة السياسية لرفع مكانة المرأة هي العامل الهام في تقليل الخصوبة على المدى البعيد.
وجاء في كتاب نساء العالم 1995م الذي أصدرته الأمم المتحدة أن تعليم المرأة وتوظيفها واستخدامها لموانع الحمل بالإضافة إلى تأخر الزواج أسهم فى تدني الخصوبة على نطاق العالم، وجاء في نفس الكتاب يتعارض العمل مع الأمومة من النتائج الواضحة في كل الدراسات أن العمل خارج البيت دائمًا ما يتعارض مع الأسرة الكبيرة ويشجع على تخفيض الخصوبة.
وورد في صفحة 19 من نفس الكتاب أن تقليل الخصوبة هو أحد نتائج المساواة بين الجنسين؛ فالنساء العاملات خارج البيت أكثر تحكمًا في خصوبتهن لأن الرجال لا يساهمون معهن في العمل المنزلي ورعاية الطفل وبسبب تدني الخدمات الاجتماعية تقضي المرأة في سن الخصوبة من 15 – 49 عامًا 9 سنوات إلى 21 عامًا على الأقل في رعاية طفل يقل عن 5 أعوام وترتفع هذه النسبة في إفريقيا جنوب الصحراء حيث متوسط ما تنجبه المرأة 6 أطفال.
وقد جاء في دراسة من مائتي صفحة أعدها هنري كيسنجر مستشار الرئيس الأمريكي الأسبق عام 1974م عرفت ب 2000 – NSSM وأزيحت عنها صفة السرية ونشرت في مجلة EIR الأمريكية ركزت على 13 دولة من بينها 6 دول مسلمة هي مصر ونيجريا وبنغلادش وباكستان وتركيا وإندونيسيا ووصفتها بأنها دول ذات كثافة سكانية عالية وللولايات المتحدة فيها مصالح سياسية وإستراتيجية وانه لابد من تنفيذ سياسات لخفض سكانها حتى لا تصبح أكثر قوة مما هي عليه الآن.
تنظيم الأسرة في اتفاقية السيداو:
جاء تنظيم الأسرة في أربع من مواد الاتفاقية مما يدل على محورية هذه القضية في أذهان واضعيها إذ تنادي المادة 10 الخاصة بالتعليم في البند (ح) بإدخال معلومات تنظيم النسل في مناهج التعليم كذلك تنادي المادة 12 في البند (أ) الخاصة بالصحة بضرورة توفير خدمات تنظيم الأسرة ضمن الخدمات الصحية وجاء في تفسير هذه المادة ما يلي:
تعتبر قدرة المرأة على التحكم في خصوبتها أمرًا أساسيًا لتمتعها بكامل حقوق الإنسان، بما في ذلك الحق في الصحة ويجب أن يعطي كل من الرجل والمرأة الحق في تنظيم أسرتيهما ويتعين بذلك على الدول الأطراف إن توفر لهما المعلومات والتوعية بأساليب تنظيم الأسرة المناسبة والمعتمدة طبيًا وتكون للقوانين المتصلة بتقييد حصول المرأة على خدمات تنظيم الأسرة أو استخدامها لها على سبيل المثال اشتراط الحصول على إذن سابق من الزوج أو القريب كشرط أساسى لتقديم الخدمات أو المعلومات منافية لهذه المادة ويجب بالتالي تعديلها وعلى الدول الأطراف أن تتأكد من أن العاملين في مجال الطب، وكذلك المجتمع على علم بأن مثل هذا الإذن غير مطلوب وبأن مثل هذه الممارسة منافية لحقوق المرأة.
وحول هذه المادة يمكن ملاحظة أن المادة جعلت تقديم موانع الحمل في الريف والحضر والترويج لها في الريف في مناهج المدارس أمرًا قانونيًا وملزمًا للدول الأطراف في الاتفاقية، وبذلك فهمي تقنن حق المنظمات الأجنبية العاملة في هذا المجال في توزيع موانع الحمل في الأرياف كما أن إدخال المعلومات الخاصة بمنع الحمل ضمن مناهج التعليم سيشجع المراهقات على تناولها دون خوف من عواقب الحمل الغير مشروع وقد لعبت هذه الموانع دورًا كبيرًا في انتشار الإباحية في الغرب، ومن ناحية أخرى فإن عد اشتراط موافقة الزوج أو القريب الذي جاء في تفسير الاتفاقية صفحة 39 يشجع غير المتزوجات أيضًا على تناولها وتجعل الاتفاقية تحديد النسل أمرًا مشروعًا.
اجتماع الخبراء الذي عقد في بتسوانا عام 1992م للترتيب لعقد مؤتمر السكان العالمي الذي عقد بالقاهرة عام 1994م أوصى ضمن توصياته بأن حصول المرأة على مورد رزق مستقل خارج الأسرة يوفر لها التحرر الاقتصادي وأن اشتراك النساء في القوى العاملة هو العامل الأساسي في تقليل الخصوبة وأن العمل يشجع المرأة على الشعور بعدم الحاجة للزواج، ولوحظ في الدول الصناعية أنه كلما كثر عدد النساء العاملات قل معدل الخصوبة؛ بسبب قيمة وقت الأم وأهدافها الشخصية وطموحاتها.
(2) إلغاء دور الأمومة، ومن ثم تفكك الأسر وانهيار المجتمع:
تنادي المادة 5 (ب) بضرورة أن تتضمن التربية الأسرية تفهما سليمًا للأمومة بوصفها وظيفة اجتماعية، الاعتراف بالمسئولية المشتركة لكلٍ من الرجال والنساء في تنشئة أطفالهم.
تصف هذه الاتفاقية الأمومة بأنها وظيفة اجتماعية يمكن أن يقوم بها أي إنسان آخر، ولذا نادى تفسير الأمم المتحدة للاتفاقية بضرورة وضع نظام (إجازة آباء) لرعاية الطفل، وبضرورة توفير شبكات من دور رعاية الطفل حتى تتفرغ الأم لمهمتها الأساسية وهي العمل بأجر خارج البيت.
إن تعريف الأمومة بأنها وظيفة اجتماعية ينفي اختصاص الأم بها ويساوى عطفها وحنانها بغيرها، بحيث يمكن أن يقوم بهذا الدور غيرها بنفس النجاح.[2]
ونجد صدى هذا واضحًا في المادة 10(ج) الخاصة بالتعليم حيث نادت بضرورة إزالة أي مفاهيم نمطية عن دور الرجل والمرأة في جميع مراحل التعليم.
وفي صفحة 23 الفقرة الثانية الخاصة بتفسير هذه المادة جاء ما يلي:
"يجب على الدول الأطراف القضاء على الأنماط الجامدة غير المتغير لدور الجنسين في النظام الدراسي، وعن طريق الكتب المقررة المستخدمة في النظام الدراسي التي كثيرًا ما تقوي الأنماط الجامدة غير المتغيرة والتقليدية المنطوية على عدم المساواة، وبخاصة في مجال العمل والمسئوليات الأسرية".
إن ديباجة الاتفاقية قد حددتها بأدوار المرأة في المجتمع والأسرة، ونادت المادة الخامسة من الاتفاقية بالقضاء على هذه المفاهيم في الأسرة. كل هذه النصوص تؤكد أن المعنى بالإلغاء هو دور الزوجة والأم، وذلك يتفق مع تركيز الاتفاقية على تلقي المرأة لنفس التعليم والتدريب وتوظيفها في جميع المهن التي يقوم بها الرجل، ويتفق مع المناداة بتعميم استخدام موانع الحمل من أجل التفرغ لأعباء الوظيفة خارج البيت. ومما يؤكد هذا المفهوم ما جاء في إحدى إصدارات الأمم المتحدة بعنوان تغير القيم في العائلة العربية حيث ورد:
"وقد تزامنت الدعوة لخروج المرأة للعمل مع الخطاب الأيدلوجي الذي يؤكد الدور التقليدي للمرأة كأم وزوجة، فالمدرسة لا تعكس صورة حقيقية للمرأة كإنسان نشط وفعال اجتماعيًا واقتصاديًا بل غالبًا ما تصورها كامرأة ملتزمة بـ (الإنجاب والأمومة). ولا يسلم التشريع هو الآخر من التناقضات. ويتضح عدم المساواة في قوانين الأحوال الشخصية التي ترسخ وتقنن تبعية المرأة للرجل في مسائل الزواج والطلاق والسفر، ويبلغ إرث المرأة نصف إرث الرجل ويحدث كل هذا في الوقت الذي وقعت فيه الحكومات العربية على مواثيق حقوق الإنسان وحقوق المرأة والطفل وغيرها من الاتفاقيات الدولية. وفي مخالفة واضحة للدساتير التي تقر موادها بالمساواة الكاملة بين الرجل والمرأة في كافة المجالات)". [3]
(3) الاتفاقية والعدالة الاجتماعية للمرأة:
إذا ما نظرنا إلى الحلول التي طرحتها الاتفاقية لتحصين وضع المرأة عالميًا وإزالة الظلم الواقع عليها، فإننا نجدها قد طرحت المساواة المطلقة التي تشمل جميع مناحي الحياة كحل أوحد وأساسي، مساواة تقوم على رفض حقيقة أن لكل من الرجل والمرأة خصائصه، مساواة تجعل كلاهما يدور في حلقة تنافسية صراعية وليست تكاملية وتأليب النساء على الرجال، مما يؤدي إلى التفكك الأسري والذي تكون المرأة هي أولى ضحاياه.
ويرى د. أنيس أحمد في كتابه "المرأة والعدالة الاجتماعية" أن الإنتاج الاقتصادي لا يقتصر على المجال الصناعي أو التنمية الحضرية، وأنه فى المجتمعات الزراعية تسهم الزراعة في التنمية الاقتصادية ورفاهية الناس بدرجة أكبر من إسهام التنمية الصناعية أو التقنية. وأن السعي إلى فرض نموذج التنمية الصناعية الغربي دون دراسة لحاجة المجتمع وموارده مع غياب خطط التنمية يقود إلى هجرة غير ضرورية من الريف للحضر، وتدهور للإنتاج الزراعي كمًا وكيفًا، وبالتالي لن يؤدي لزيادة العائد الاقتصادي؛ لأن العمال الذين انتقلوا من الريف إلى الحضر كانوا غير مؤهلين، وهكذا يستمر التدني في الإنتاج.
إن المرأة الريفية التي تعمل أحيانًا اثنتي عشرة ساعة يوميًا لا تعتبر عاطلة، فهي تجلب الماء والوقود من مسافات بعيدة وتعمل في مزرعة الأسرة وتعد الطعام وترعى الصغار وتصنع مختلف الصناعات اليدوية. أما في المدن فتقل مساهمة المرأة ولكنها تقوم بعمل اقتصادي مثل توفير رواتب الخدم ومخصصات الأساتذة إذ تقوم بالشرح والمتابعة للتلاميذ من أبنائها وبناتها، كما أنها تعد الطعام وترعى الصغار فإذا اعتبر كل ذلك عملاً غير اقتصادي فإن ذلك يعني خللاً في الاقتصاد. إن ما تقوم به الأم أو ربة البيت من رعاية لأطفالها ورفاهية أسرتها وإسعادها لهي فوق القياس المادي، وأنه مهما بذل من مال للخدم أو لدور رعاية الأطفال فإنها لا يمكن أن توفر الإخلاص والتفاني الذي تقوم به والذي يحتاج إلى اعتراف أعظم بدورهن الاقتصادي المنتج). [4]
ثالثا: من المنظور القانوني:
هل اتفاقية "السيداو" ملزمة للدول الأطراف؟ بمعنى آخر هل الدول الأطراف بمجرد التصديق على هذه الاتفاقية يصير لزامًا عليها الالتزام بأحكام تلك الاتفاقية وإلا تعرضت للمساءلة القانونية الدولية؟ هناك رأيان في هذا الصدد:
الرأي الأول:
يذهب جانب كبير من الفقهاء إلى أن "المعاهدات الدولية ومن بينها (الاتفاقيات) -حتى لو كانت جماعية- لاتلزم قانونًا إلا الدول الأطراف فيها ومن ثم لا تصلح كمصدر من مصادر القواعد الدولية العامة والمجردة عملاً بقاعدة (نسبية آثار المعاهدات)".[5]
الرأي الثاني:
أن الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، تصلح كمصدر للقواعد القانونية الدولية العامة، ومن ثم تكون ملزمة ليس فقط للدول التي وقعتها أو صادقت عليها، ولكن تمتد طبيعتها الإلزامية إلى باقي دول العالم غير الأطراف في تلك الاتفاقيات[6]
وقد اختلف فقهاء القانون الدولي المؤيدين لوجهة النظر الأخيرة في تحديد أساس القوة الإلزامية لنصوص المعاهدات الدولية بالنسبة للدول غير الأطراف منها، حيث يرى بعضهم أن أساس القوة الإلزامية لاتفاقية حقوق الإنسان بالنسبة للدول غير الأطراف فيها، إنما يكمن في نص المادتين 55 ، 56 من ميثاق الأمم المتحدة، حيث أن تلك الدول – شاءت أم لم تشأ – تعيش الآن في ظل نظام قانوني دولي، يقوم على معايير للسلوك وقيم عليا مستهدفة ما ترتبط بواقع المجتمع الإنساني واستنادًا إلى نص المادتين المذكورتين على الدول أن تعمل على تحقيق هذه القيم [7]
الخلاصة:
رغم الخلاف بين الفريقين، إلا أن الجدل الدائر بينهما إنما يدور حول مدى إلزامية الاتفاقية في مواجهة الدول غير الموقعة عليها، أي غير الطرف فيها، لكن الثابت أن الدول الأطراف في الاتفاقيات، إنما اتفقت إراداتهم وارتضوا هذه الاتفاقيات، ومن ثم صار لزامًا عليهم الالتزام بما ورد فيها؛ تحقيقًا للهدف الذي تسعى الاتفاقية لتحقيقه وعلى هذا فإن (اتفاقية إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة) تتمتع بقوة قانونية إلزامية بالنسبة للدول الأطراف فيها، ومن ثم يتعين على تلك الدول الالتزام بأحكام تلك الاتفاقية، وتقديم التقارير السنوية المؤكدة لهذا التعهد، فهي إحدى اتفاقيات حقوق الإنسان.
لذا فقد جاءت المادة الثانية[8] من الاتفاقية، التي تعتبر بمضمونها العام ونطاق الالتزام الواردة فيها وبالمعايير التي اعتمدتها لتقييم مدى احترام الدول الأطراف لمقتضياتها، بمثابة (القاعدة الأساس) بالنسبة لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. فمن حيث المضمون العام لهذه المادة، نجد أنها قد تضمنت الالتزام الرئيسي للدول الأطراف والذي يتمثل في "شجب جميع أشكال التمييز ضد المرأة، والقضاء عليه، وذلك بكافة الوسائل الدستورية وغيرها من الوسائل والتدابير المناسبة الأخرى".
البنود السبعة المكونة للمادة الثانية من الاتفاقية تشتمل على وصف الإجراءات القانونية المطلوب من الدول الأطراف أن تتعهد بالقيام بها لتضمين مبادئ المساواة بين الرجل والمرأة في دساتيرها وتشريعاتها، وأن تتضمن التشريعات عقوبات للرجوع عن التمييز ضد المرأة، وأن تتيح للمرأة فرصًا للتظلم من التمييز، وإنشاء نظام لتقديم الشكاوى أمام الهيئات القضائية، ولا يكفي الاجتهاد لتحقيق مساواة رأسية للمرأة تجاه السلطات العامة بل على الدول الأطراف أن تعمل على ضمان عدم التمييز على "المستوى الأفقي"، أي داخل الأسرة.
ومن بين البنود السبعة في المادة الثانية من الاتفاقية، فإن البندين (و) و (ز) يدعوان إلى اتخاذ جميع التدابير، بما في ذلك التشريع لإبطال كافة الأحكام واللوائح والأعراف التي تميز بين الرجل والمرأة في قوانينها واستبدالها بقوانين تؤكد القضاء على هذه الممارسات، سواء أكانت صادرة عن أشخاص أو ناتجة عن تقاليد أو أعراف.[9]
"ثم جاء منهاج وخطة عمل (بيكين) الذي اعتبر العنف ضد المرأة من مجالات الاتهام الحاسمة واعتبر أن انتهاك الحقوق الإنسانية للمرأة هو انتهاك لحقوق الإنسان تحاسب الدول على ارتكابه".[10]
الاتفاقية وسيادة الدولة :
المادة السابعة تخول الاتفاقية الأمم المتحدة حق إلغاء التشريعات الوطنية وفي ذلك مساس بسيادة الدول علمًا بأن هذه الاتفاقية الدولية لم تشارك فيها غالبية الدول ولم يراع فيها اختلاف الثقافات والأديان في العالم إذ تطالب هذه المادة الدول بإبطال قوانينها وأعرافها وتقاليدها دون استثناء حتى لتلك التي تقوم على أساس ديني .
مثال ذلك تمنح المادة 15 المرأة أهلية قانونية مماثلة لأهلية الرجل وتعاملها على قدم المساواة مع الرجل في جميع مراحل الإجراءات القضائية وتندي بإبطال كافة الصكوك التي تحد من أهلية المرأة القانونية كى ما يتساوى الرجل والمرأة في قوانين السفر واختيار محل السكن .
وينص البند 3 من هذه المادة على ان تعتبر الدول الإطراف أي صك يحد من أهلية المرأة القانونية باطلاً ولاغيًا.
أما البند 4 من المادة 15 فقد جاء في تفسير الأمم المتحدة للاتفاقية بأن القانون الذي يجعل مسكن المرأة الدائم متوقفًا على مسكن زوجها يعتبر قانونًا تمييزيًا وبذاك يتعارض هذا البند مع قوامة الرجل في الأسرة ويؤدي العمل به إلى النزاع داخل الأسر وفصم عرى الزوجية وإثارة المشكلات داخل الأسرة .
ومثال آخر، تركيز المادة 14 على شغل المرأة الريفية بالعمل المأجور خارج البيت وغلبته على الأمومة ومسئوليتها والتي وصفها التفسير بالأدوار التقليدية التي يدعوا لإخراج النساء منها بمنحهن القروض .
والاتفاقية إذ تقنن لذلك فإنها تطلق يد المنظمات الأجنبية للعمل في الريف من أجل تحقيق أهداف سياسات سكانية عالمية بالدول النامية.
رابعا: من المنظور الشرعي:
أ- ما يتفق مع الاتفاقية:
يوجد في هذه الاتفاقية بعض الإيجابيات فهي تنص على إجراءات وتدابير تحمي حقوق الإنسان مثل المادة 3 التي تعمل على كفالة تطور المرأة وتقدمها وضمان ممارستها لحقوق الإنسان والحريات الأساسية ومثل المادة ( 5/أ ) التي تهدف إلى تحقيق القضاء على المتحيزات والعادات العرفية وكل من الممارسات الأخرى القائمة على فكرة دونية أو تفوق أحد الجنسين.
ويحمد لهذه الاتفاقية نص المادة (10) على ألا يحول دون حق المرأة في التعليم حائل مبني على التفرقة بسبب الجنس أو الدين وكذلك في المادة (11) على العمل على تساوي حقوق النساء مع الرجال في ميدان العمل فمن العدل الذي ننادي به استحقاق أجر مساوٍ لعمل مساوٍ.
ب- ما تجاوزت فيه الشريعة:
مواد وبنود تجاوزت فيها الشريعة الاسلامية الاتفاقية في عطاءها للمرأة، تأصيلاً لحقوقها وحماية لها من منطلق رؤية كلية، فالفلسفة العامة التي تحكم الحياة والسلوك الإنساني خاصة بين الرجل والمرأة فقد قامت على المساواة في الحقوق والواجبات وليس التماثل أو التطابق بين الرجل والمرأة " النساء شقائق الرجال" كنوعين لجنس واحد خلقا من نفس واحدة لهما مهمات مشتركة كجنس (كــنفس) ومهمات مختلفة كنوعين (ذكر ، أنثى) وهي تفرقة في الأدوار أو الوظيفة الموكلة لكل منهما مع التساوي في الحقوق والمسئوليات، والمساواة هنا لا تعني التماثل فالرجال والنساء يجب أن يكمل كل منهما الآخر داخل منظومة متعددة الوظائف بدلاً من أن يتنافس كل منهما الآخر داخل مجتمع أحادي الجانب.
وقد أعطى الإسلام النساء حقوقًا كاملة في أكثر المجالات:
ففي المجال الإنساني: اعترف بأن إنسانيتها كاملة لجعلها والرجل سواء بسواء (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ واحِدَةٍ) [النساء:1]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم :" النساء شقائق الرجال "
وفي المجال الاجتماعي وفي المجال الاقتصادي والقانوني: فتح لها باب العمل الاجتماعي من جميع جوانبه، كما أعطاها الإسلام الأهلية الكاملة والمساواة الكاملة مع الرجل على مختلف المستويات فيما لا دخل للفوارق الفطرية فيه.
وفي المجال الأسري: اعتنى الإسلام -أيما عناية- بالبنت قبل الزواج فأوجب على الأب رعاية ابنته وحمايتها وتعليمها والإنفاق عليها إلى أن تتزوج وأعطاها حق اختيار زوجها واشترط موافقة الولي أو علمه عند زواجها لأول مرة مساعدة لها في التأكد من صلاحية الزوج وقدرته على القيام بمسؤولياته لغلبة عاطفتها وعدم تجربتها الزواج من قبل ..
وبعد الزواج أولى الإسلام عناية كبيرة بمؤسسة الأسرة باعتبارها الوحدة الأساسية للمجتمع التي تحقق استقرار وتعاون أفراده فوضع لها من الأحكام ما يكفل لها ذلك الاستقرار ويحقق مقاصده فجعل عقد الزواج عقدًا رضائيًا لا يصح إلا برضاء المرأة الحر الكامل واعتبر الأسرة شركة أو مؤسسة ولذا لابد لها من رئيس أو قائد يتحمل مسئوليتها وحمايتها وتحقيق مصالحها فقد كلف الإسلام الرجل بتلك المسؤولية التي عرفت باسم القوامة وهي مسئولية تمارس في إطار من التراضي والتشاور كما حمله وحده مسئولية الإنفاق على الأسرة ولو كانت الزوجة غنية.
وجعل إنهاء هذه الرابطة حقا للطرفين على السواء فإذا أنهي الرجل تلك العلاقة الزوجية سمي ذلك طلاقًا وتحمل تبعاته وإذا قامت بإنهائها المرأة سمي خلعًا وأعادت لزوجها ما قد كانت أخذته منه من مهر للزواج ولها أيضًا أن تنهي تلك العلاقة عن طريق طلب الطلاق إمام القاضي للضرر ويمكنها أيضًا إنهاؤها إذا اشترطت أن تكون العصمة بيدها عند عقد الزواج وبالإضافة لكل هذا وضع الإسلام عددًا من الخطوات الإصلاحية بين الزوجين إذا وصلا إلى حافة الطلاق منها الصلح والتحكيم .
ج- ما تعارض مع الشريعة:
إن الاتفاقية لا ترمي إلى المساواة المطلقة في التعليم والعمل والمجالات العامة فقط، بل تمتد لتشمل قوانين الأسرة أيضا. (وبمقتضى هذه المادة[11] تصبح جميع أحكام الشريعة المتعلقة بالمرأة لاغيه وباطلة ولا يصح الرجوع إليها أو التعويل عليها ويبدو أن الأمر كما لو نسختها هذه الاتفاقية الدولية) ومن الثابت أن قوانين الأسرة في الإسلام ليست من وضع البشر، فضلاً عن أن السعي الدولي لإبطال هذه القوانين الشرعية يتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة نفسه الذي نص على احترام التنوع الثقافي والديني في الدول.[12]
وكذلك مخالفة الاتفاقية للطبيعة البشرية والفوارق البيولوجية بين الذكر والأنثى، تلك الفوارق التي عززتها الشريعة لاختلاف أدوار كلاً منهما في المجالات التي تخضع لتأثير تلك الفوارق، فنجد المادة الرابعة تحظر وضع أي أحكام أو معايير خاصة بالمرأة أي ليكون للرجل والمرأة نفس القوانين، وفي هذه المادة تجاهل للاختلافات الفسيولوجية بين الرجل والمرأة ولدور المرأة في الأمومة والنظر للجنسين باعتبارهما شيئًا واحدًا. ويعبر ذلك عن فكر الحركة الأنثوية الراديكالية (Feminism) التي شككت في مضمون الذكورة والأنوثة واعتبارها راجعة للبيئة والتنشئة لا لحقيقة قدرات الطرفين. ونادى هذا التيار بتفكيك الأسرة باعتبارها مؤسسة مصطنعة وليست طبيعية، وانتقدت حصر دور المرأة في الأمومة والإنجاب واعتبرت أن قيم العفة والأمومة وضعت لتزييف وعي المرأة لتقنع بالمجال الخاص. ونادت باعتماد المرأة على نفسها اقتصاديًا وطرحت الشذوذ والتلقيح الصناعي كأحد البدائل.
وبذلك انحازت الحركة الأنثوية للعام على حساب الخاص وهو الاستقرار الأسري وإشباع رغبة المرأة للأمومة. واعتبرت الذكورة هي المثال الذي يجب أن تحتذي به الأنوثة.
لذا نجد أن المادة (10/ز) تنادي بنفس الفرص للرجل والمرأة على أساس المساواة في المشاركة النشطة في الألعاب الرياضية والتربية البدينة.
لا شك في أهمية الرياضة للذكور والإناث، ولابد من توفيرها للجنسين على أن تكون للنساء ميادين رياضية خاصة بهن لا يسمح فيها بالاختلاط بين الجنسين وأن تكون أنواع الرياضة مناسبة للنساء ولا تقود إلى تحويلهن إلى جنس ثالث بارز العضلات لا هو بذكر ولا أنثى (مثل المصارعة والملاكمة وكرة القدم..إلخ) وألا ترتدي النساء فيها أزياء غير شرعية.
الفصل الثالث
موقف البلاد العربية من الاتفاقية
قامت البلاد العربية والإسلامية التي صدقت على الاتفاقية بالتحفظ على بعض مواد الاتفاقية. والتحفظ : إعلانا رسميًا بأن الدولة لا تلزم نفسها بجزء ما أو بمواد بعينها من الاتفاقية. وقد تحفظت كثير من الدول العربية والإسلامية على المواد التي تخالف الشريعة الإسلامية وسيادة البلاد، كالمادة (2) التي تتعلق بحظر التمييز في دساتير الدول وتشريعاتها، والمادة 7 والمتعلقة بالحياة السياسية والمادة 9) التي تتعلق بقوانين منح الجنسية للمرأة والإقامة والمادة (15) وتتعلق بالمساواة بين الرجل والمرأة في الأهلية للقانونية وقوانين السفر والمادة (16) والتي تتعلق بقوانين الزواج والأسرة والمادة (29) والتي تتعلق برفع الخلاف في تفسير الاتفاقية وتطبيقها بين الدول الأطراف إلى محكمة العدل الدولية.
ونستعرض أبرز تحفظات مصر -على سبيل المثال- :
- تحفظت مصر على المادة ( 2 ) من الاتفاقية والتي تنص على: "تشجب الدول الأطراف جميع أشكال التمييز ضد المرأة وتوافق على أن تنتهج بكل الوسائل المناسبة ودون إبطاء سياسة القضاء على التمييز ضد امرأة وتحقيقًا لذلك تتعهد بالقيام بما يلي :
§ تجسيد مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في دساتيرها الوطنية أو تشريعاتها المناسبة الأخرى إذا لم يكن هذا المبدأ قد أدمج فيها حتى الآن وكفالة التحقيق العملي لهذا المبدأ من خلال القانون والوسائل المناسبة الأخرى .
§ اتخاذ المناسب من التدابير التشريعية وغيرها بما في ذلك ما تقضيه الأمر من جزاءات لحظر كل تمييز ضد المرأة.
§ إقرار الحماية القانونية لحقوق المرأة على قدم المساواة مع الرجل وضمان الحماية الفعالة للمرأة عن طريق المحاكم الوطنية ذات الاختصاص والمؤسسات العامة الأخرى من أي عمل تمييزي.
§ الامتناع عن الاضطلاع بأي عمل أو ممارسة تمييزية ضد المرأة وكفالة تصرف السلطات والمؤسسات العامة بما يتفق بهذا الالتزام.
§ اتخاذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة من جانب أي شخص أو أي منظمة أو أي مؤسسة.
§ اتخاذ جميع التدابير المناسبة بما في ذلك التشريع لتعديل أو إلغاء القوانين والأنظمة والأعراف والممارسات القائمة التي تشكل تمييزًا ضد المرأة.
§ إلغاء جميع أحكام قوانين العقوبات الوطنية التي تشكل تميزًا ضد المرأة.
ملاحظات عامة حول المادة (2):
1- هذه المادة (2) تشكل جوهر الاتفاقية وموضوعها وغرضها الأساسي.
2- هذه المادة وإن شاب صياغتها كثير من التكرار والإلحاح على نفس فكرة فرض التماثل وإن عبرت عنه بلفظة المساواة إلا أنها تعمل على مستوى كل الثنائيات الممكنة مثل مستوى الدستور والقانون، ومستوى الممارسة ومستوى النص، ومستوى الدولة ومؤسساتها ومستوى المجتمع بمكوناته وقواه وهياكله، ومستوى المؤسسات العامة والمنظمات ومستوى الأفراد، ومستوى الجانب الإيجابي (سن التشريعات) ومستوى الجانب السلبي (حظر التشريعات).
3- إن الاتفاقية تعمل على شكل طبقات تسد كل طبقة لاحقة ثغرات الطبقة السابقة وتتكامل الطبقات في النهاية مع بعضها البعض.
4- تتكامل هذه مع سابقتها وهي أن الاتفاقية تعمل بالتدريج أي تنتقل من نطاق إلى نطاق بتدرج ونظام فهي تبدأ من مستوى العام إلى مستوى الأفراد وتختم بمستويين متكاملين:
§ أولهما: تعديل أية تشريعات تعتبر تمييزيه من وجهة نظر الاتفاقية طبعًا.
§ ثانيهما: إلغاء جميع أحكام قوانين العقوبات الوطنية باعتبار الاتفاقية ناسخة لغيرها من التشريعات والأحكام.
ملاحظات تفصيلية حول بنود المادة (2):
تشكل تلك المادة (2) ببنودها حزمة أو منظومة تقوي بعضها بعضًا وتسلم بعضها إلى بعض بل وتسد بعضها ثغرات بعض وهو ما يجعلنا نطلق عليها (المادة المنظومة) ونرى أن البند (أ) في هذه المادة يفرض على الدول العمل على مستويين:
§ الأول : مستوى الدساتير وهو القانون الأعلى أو مصدر القوانين والمحدد للمعالم الأساسية لها.
§ الثاني : مستوى القوانين التفصيلية أو التشريعات.
ومن ثم فان قبول هذا البند معناه أن الاتفاقية تتدخل في إطار سيادة الدولة وما يحدده دستورها من معالم شتى تبني على أساها قوانينها وإذا كانت المساواة بمعنى التماثل التام جزء من دستورها انعكس هذا بلا شك على قوانينها بالإضافة إلى ما تفرض هذه المادة من العمل على مستوى تلك القوانين ذاتها.
ثم أن البند ( ب ) من هذه المادة يعمل أيضًا على مستويين :
§ الأول : مستوى إيجابي وهو التدخل بغرض تدابير تشريعية.
§ الثاني : هو المستوى السلبي ويعني وضع إجراءات (عقوبات) لمرتكبي فعل التمييز.
وهنا تأتي أهمية الملاحظة على المادة (1) من أن لفظ التمييز هو مصطلح قانوني له أثاره وتداعيات وليس مجرد كلمة أو لفظة فبعد أن فرضت الاتفاقية رؤيتها للمصطلح تفرض تداعي من حيث الآثار القانونية المترتبة على اقتراف فعل التمييز.
البند (ج) :هذا هو المستوى الثالث من محاولة تقنين الاتفاقية داخل الأنظمة القانونية للدول، أو ما نسميه (استنبات اتفاقية السيداو) وذلك عبر عمل المحاكم الوطنية، فبعد الحديث عن المستوى الأول (الدستور) والمستوى الثاني (سن القوانين) بشقيه الإيجابي بفرض تشريعات تفرض التماثل، أو السلبي بحظر التمييز، ووضع عقوبات عليه، تأتي الاتفاقية إلى هذا المستوى حيث يخلق عمل المحاكم الوطنية شبه اليومي وقائع لا حصر لها تكرس مفهوم التماثل وتخلق له- كذلك- سوابق قانونية تطبيقية، سواء لمواد دستورية أو مواد قانونية، فإن لم يوجد هذان الأمران تكفل عمل المحاكم بوضع السوابق التشريعية.
البند (د): يعمل هذا البند على مستوى السلطات والمؤسسات العامة، وهو المستوى الواقعي في فرض الاتفاقية، حيث تملك المؤسسات دولاب العمل الحكومي اليومي، وهي ضرورية لفرض نمط الاتفاقية ليس من خلال النصوص والمواثيق فقط، وإنما أيضًا من خلال ممارسات يومية تفرض نمط حياة، وليس الأمر مجرد معاهدة دولية بين الدولة والمنظمة الدولية (الأمم المتحدة) وإنما نمط الحياة وطريق العيش هما أخطر مجلات التأثير، لأنهما يفرضان تغييرًا في البنية الذهنية للأفراد، وتصوراتهم للإنسان والكون والحياة.
البند (هـ): يعمل على مستوى الأفراد، الوحدة الأساسية.
البند (و): بمقتضى هذه المادة تتعهد الحكومات بتعديل أو إلغاء ليس فقط القوانين وإنما الأنظمة والأعراف والممارسات، وبذلك تصبح الاتفاقية أعلى من مصادر القانون عند أغلب المجتمعات (الدين- العرف- التقاليد).
بندي (و)، (ز) يدعوان إلى اتخاذ جميع التدابير بما في ذلك التشريع لإبطال كافة الأحكام واللوائح والأعراف التي تميز بين الرجل والمرأة في قوانينها وأن تستبدل بقوانين تؤكد القضاء على هذه الممارسات، سواء أكانت صادرة عن أشخاص أو ناتجة عن تقاليد أو أعراف دون استثناء من تلك التي تقوم على أساس ديني، ومخالفة هذه المادة للشريعة الإسلامية تأتي من كونها (أي الاتفاقية) لا ترمي فقط إلى المساواة المطلقة والتماثل التام في التعليم والعمل والمجالات العامة، بل تمتد لتشمل قوانين الأسرة أيضاً، أو ما يسمى بقوانين الأحوال الشخصية، وهي أخص خصائص المجتمعات والشعوب لاعتماد هذه القوانين على أسس دينية وخصوصيات حضارية وثقافية وبمقتضى هذه المادة تصبح جميع الأحكام الشرعية المتعلقة بالنساء لاغيه وباطلة ولا يصبح الرجوع إليها أو التعويل عليها ويبدو الأمر كما لو أن أحكام الشريعة نسختها هذه الاتفاقية (الدولية).
بمعنى إذا كان المجتمع الإسلامي مرجعيته الإسلام، فإن خطورة الاتفاقية تحديدًا في هذين البندين (و، ز) تنتج من أنهما يجعلان الاتفاقية (مرجعية) في ذاتها، وهي مرجعية ذاتها، أي لا تستمد معياريتها إلا من ذاتها بمعنى أنه لا يُحتج عليها بشيء خارج عنها، ويحتج بها على كل شيء (أعراف- تقاليد- أديان- ثقافات- قوانين).
التحفظ على المادة (16):
1- تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في كافة الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات الأسرية، وبوجه خاص تضمن - على أساس تساوى الرجل والمرأة:
أ. نفس الحق في عقد الزواج.
ب. نفس الحق في حرية اختيار الزوج، وفى عدم عقد الزواج إلا برضاها الحر الكامل.
ج. نفس الحقوق والمسئوليات أثناء الزواج وعند فسخه.
د. نفس الحقوق والمسئوليات كوالدة، بغض النظر عن حالتها الزوجية، في الأمور المتعلقة بأطفالها، وفى جميع الأحوال تكون مصالح الأطفال هي الراجحة.
هـ. نفس الحقوق في أن تقرر بحرية وبشعور من المسئولية عدد أطفالها، والفترة بين إنجاب طفل وآخر، وفى الحصول على المعلومات، والتثقيف، والوسائل الكفيلة بتمكينها من ممارسة هذه الحقوق.
و. نفس الحقوق والمسئوليات فيما يتعلق بالولاية والقوامة والوصاية على الأطفال وتبنيهم، أو ما شابه ذلك من الأنشطة المؤسسية الاجتماعية، حين توجد هذه المفاهيم في التشريع الوطني، وفى جميع الأحوال تكون مصالح الأطفال هي الراجحة.
ز. نفس الحقوق الشخصية للزوج والزوجة، بما في ذلك الحق في اختيار اسم الأسرة، والمهنة، والوظيفة.
ح. نفس الحقوق لكلا الزوجين فيما يتعلق بملكية وحيازة الممتلكات، والإشراف عليها، وإدارتها، والتمتع بها، والتصرف فيها، سواء بلا مقابل أو مقابل عوض ذي قيمة.
2- لا يكون لخطوبة الطفل أو زواجه أي أثر قانوني، وتتخذ جميع الإجراءات الضرورية - بما فيها التشريع - لتحديد سن أدنى للزواج، ولجعل تسجيل الزواج في سجل رسمي أمرًا إلزاميًّا.
الملاحظات: هذه المادة الخاصة بالأسرة تدعو إلى منح المرأة والرجل نفس الحقوق على قدم المساواة في عقد الزواج وفى أثنائه وعند فسخه، وكذلك في القوامة والولاية على الأبناء، وذلك يتعارض مع قاعدة ولى الزوجة عند عقد الزواج، ومع المهر، وقوامة الرجل على المرأة في الأسرة، وتعدد الزوجات، ومنع زواج المسلمة بغير المسلم، وأحكام الطلاق والعدة، وعدة الوفاة، وحضانة الأولاد.
وهذه المادة من أخطر مواد الاتفاقية على الإطلاق، وهى تمثل مادة - حزمة، تضم مجموعة بنود تعمل على مستوى (الأحوال الشخصية) زواج - طلاق - قوامة - وصاية - ولاية - حقوق وواجبات الزوجين - حقوق الأولاد، باختصار: كل ما يمس الأسرة كمؤسسة ونظام قيم ونمط حياة.
كما أن هذه المادة تمثل نمط الحياة الغربي، وهى تتجاهل معتقدات شعوب العالم ومنظوماتها القيمة وأنساقها الإيمانية.
فالبند (أ) يتجاهل مسألة الولاية على البنت التي لم يسبق لها زواج، وكثير من الآراء الشرعية - استنادًا على حديث "لا زواج إلا بولي" - تشترط موافقة الولي لتحرير عقد الزواج، حتى يكون شرعيًّا، والقاضي ولى من لا ولى له.
والبند (ب) يتجاهل موافقة الولي - في حالة البنت التي لم يسبق لها زواج - وتطلق حرية البنت في اختيار من ترضاه، إلا أنه تبعًا لهذه (الرؤية النقدية) فإن الزواج محصلة توافق آراء بين البنت ووليها، الذي هو أكثر خبرة وتجربة منها ومعرفة بمصلحتها، وعليه تعود عواقب فشل الزواج؛ لذا يشترط أن يكون له رأى في إقرار الزواج، ذلك أن الرؤية الإسلامية تفرق بين البِكْر والثَّيِّب، فالبكر لا يصح تزويجها إلا بعد استئذانها، ولا يمكن بحال إجبارها على الزواج بأحد ترفضه، إذ ينظر الإسلام إلى الزواج بوصفه عقدًا يشترط لصحته أن يكون العاقد بالغًا راشدًا راضيًا بالعقد، ولقد أعطى الرسول صلى الله عليه وسلم الحرية لفتاة شكَت إليه أن أباها أجبرها على الزواج من ابن أخيه.
يقول شيخ الأزهر السابق الشيخ جاد الحق -عليه رحمة الله-: (إذا اختلفت المرأة بِكْرًا كانت أم ثيبًا مع عصبتها، ورضيت لنفسها زوجًا ولم يقبله ولى أمرها بل رفضه وحظره عليها، فلها أن تلجأ للقاضي؛ ليتولى عقد نكاحها من هذا الزوج الذي اختارته شريكًا لها في حياتها بمحض إرادتها).
البند (ج) يتجاهل ما يفرضه الإسلام على الزوج من تقديم مهر، وتأثيث منـزل الزوجية، وتكفُّل بالنفقة، وتحمل الخسائر كاملة إذا فصم عُرَى الزوجية، من تأثيث منـزل للحاضنة، ومن متعة، ونفقة، وكفالة أبناء، في حين أن المرأة لو فصمت عُرَى هذه الزوجية (بالخُلْعِ) فليس عليها أكثر من رد ما أخذته مهرًا، ومن ثَمَّ فإن اختلاف الالتزامات والواجبات ينتج اختلاف المسئوليات والحقوق، ومن هنا ينشأ حق القوامة للرجل على زوجته في إطار الأسرة وشئونها وقراراتها، وينشأ حق المرأة في المشاورة، وأن تخرج قرارات الأسرة معبرة عن توافق وجهتي نظر الزوج والزوجة، لتسود (ثقافة السفينة)* التي على ظهرها كل منهما، وإذا غرقت تغرق بالجميع، وإن نجت نجت يهما معًا.
البند (د) يفصل بين مسئولية الأم كوالدة ووضعها كزوجة، والشريعة الإسلامية تتفق مع هذا البند فيما يختص بالرعاية الإنسانية والصحية للأم والطفل، وتضع أحكامًا خاصة بثبوت النسب وغير ذلك، في حالة ما إذا كان الحمل نتيجة زواج أم لا.
البندان (هـ) و (و) يتجاهلان وضع الأسرة كمؤسسة مكونة من زوجين، للزوج قوامة فيها (أي الأسرة) (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ) [النساء: 34] ، كما أن له أيضًا الولاية على الصغار، رغم أن هذا لا يعنى انفراد الزوج بتحديد القرارات دون رأى الزوجة، فالأمر شورى ومحصلة توافق آراء، مع ترجيح رأى الزوج الذي لا يسيء استعمال حقوقه، أو يتعسف في استعمالها.
البند (ز) الخاص باسم العائلة حيث تطالب الاتفاقية بإعطاء المرأة حق اختيار اسم عائلتها على قدم المساواة مع الرجل، فإن الإسلام لا يجيز نسبة الأولاد لغير آبائهم (ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ) [الأحزاب: 5]، كما أن الشريعة تقرر انتساب الزوجة نفسها إلى عائلتها وليس إلى عائلة الزوج.
البند (ح)، هذا البند هو تعبير عن نموذج لتصدير المشكلات الاجتماعية، فبأثر من انتفاء الذمة المالية للزوجة في الغرب قرونًا طويلة، ظلت المرأة الغربية تناضل لاسترداد ذمتها المالية المستقلة؛ لذا تنص على هذا الحق في كل المعاهدات واتفاقات وإعلانات حقوق الإنسان الخاصة بالمرأة، أما الشعوب والحضارات التي ظلت فيها النساء محتفظات بذمتهن المالية، فلا يشعرن بحاجة للدخول في معركة من هذا النوع، ونحن نقبل هذا البند دفاعًا عن كل نساء العالم، وحقهن في أن يسترددن ذمتهن المالية المستقلة تعبيرًا عن حق من حقوق الإنسان/البشر، الذي كرمه الله.
الخاتمة
حاولنا في هذا البحث، الاجابة على سؤال في غاية الأهمية، هل حقًا تحمي بنود الاتفاقية محل الدراسة، حقوق المرأة؟ وقد توصلنا الى نتيجة نهائية.. أن جل بنود تلك الاتفاقية إنما تؤدي للعكس وذلك من خلال الإصرار على محو كافة الفوارق بين المرأة والرجل، تلك الفوارق الفطرية التي فطر الخالق كل منهما عليها، وهي ليست تمييزًا ضد أي منهما .. بل هي تمثل عوامل مساعدة تساعد كل منهما على أداء أدواره بشكل متكامل.. ويكمل كل منهما الآخر..
أما ما جاءت به الاتفاقية، من أحكام ما أنزل الله بها من سلطان، فمن شأنها أن تسلب المرأة الحقوق التي كفلتها لها الشريعة الإسلامية الغراء .. ولا نعلم لمصلحة من يتم هذا؟! بالتأكيد ليس من مصلحة المرأة أن تسلب حقها في الرعاية والحماية والحياة الكريمة، ويصير لزامًا عليها - إذا ما طبقت بنود تلك الوثائق تطبيقًا كاملاً- أن تعمل لتعيش To make her living، ويتساوى واقعها- الذي تحسدها عليه بنات جنسها في المجتمعات الغربية كما أسلفنا آنفًا- مع هؤلاء النسوة اللاتي لا تجد إحداهن مفرًا من العمل الشاق جنبًا إلى جنب مع الرجل لتنفق على نفسها، وإلا فلن تجد من يطعمها.
وهل من مصلحة الفتاة، إذا ما فتح لها المجال لتتحدى رغبة الوالدين، والأب بشكل خاص، وتختار من تشاء ليكون لها زوجًا، وهي الفتاة منعدمة الخبرة في الحياة، هل من مصلحتها حرمانها من دعم الأب لها، والذي يمثل مصدر حماية لها في بيت زوجها. هل في هذه الحالة، تغيير القوانين لتضمن للفتاة مطلق الحرية في اختيار الزوج بدون الرجوع للأب، تكون الاتفاقية قد اضافت لها حقًا كانت في حاجة اليه؟
وهل من مصلحة الأسرة بشكل عام، أن تختفي المودة والرحمة والسكينة بين أفرادها، ليحل محلها التصارع والتنافس.. حيث تصير مكاسب كل طرف هي خسائر لباقي الأطراف، والعكس؟
إن إعادة النظر مرة أخرى في بنود الاتفاقية -من منطلق الحقوق الحقيقية وليست الوهمية للمرأة- يطرح أمامنا تساؤلاً في غاية الأهمية .. وهو: لصالح من تصاغ تلك الاتفاقيات الدولية؟ ولماذا تمارس الضغوط على الحكومات لرفع تحفظاتها التي وضعتها على الاتفاقية .. إذا كانت تلك الاتفاقية تراعي كل ثقافات العالم ودياناته.. ولا تتعارض معها؟ ولماذا نخضع لتلك الضغوط؟
لابد أن يكون معلومًا أن الشعوب لن تغفر هذا التفريط، ولن يمحى من ذاكرة التاريخ ما تتسبب فيه الموافقة على تلك الاتفاقيات من ظلم للشعوب من جراء تلك الاتفاقيات التي تتدخل في كل تفاصيل الحياة بين المرء وزوجه، وبين الآباء وأبناءهم .. بالترغيب تارة والترهيب تارة أخرى ..
[1] - فؤاد عبد الكريم، قضايا المرأة في المؤتمرات الدولية رسالة دكتوراه ، جامعة الإمام محمد بن سعود، السعودية 4234هـ ص 176
[2] - لمعرفة المزيد من التفاصيل حول المقارنة بين الأمومة ودو رالرعاية الأخرى أنظر د/ محمد رمضان أبو بكر، الطفولة في المواثيق الدولية والمحلية، دراسة تقويمية، رسالة دكتوراه، جامعة الأزهر، كلية الدعوة الإسلامية، القاهرة، 2003، ص 259: 273.
[3] - رؤية تأصيلية لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التميز ضد المرأة، عواطف عبد الماجد إبراهيم، مركز دراسات المرأة
[4] - عواطف عبد الماحد ، مرجع سابق ، ص
[5] - محمد طلعت الغنيمي " الغنيمي في قانون السلام، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1973، ص 269.
[6] - عبد الواحد الفار، قانون حقوق الإنسان في الفكر الوضعي والشريعة الإسلامية، دار النهضة العربية، 1991، ص 12
[7] - محمد الغمري، واقع المرأة المصرية في ضوء اتفاقية السيداو، مركز قضايا المرأة المصرية، 2003 ،ص66.
[8] - نصت المادة الثانية من الاتفاقية على: "تشجب الدول الأطراف جميع أشكال التمييز ضد المرأة، على أن تنتهج، بكل الوسائل المناسبة دون إبطاء، سياسة تستهدف القضاء على التمييز ضد المرأة، وتحقيقا لذلك تتعهد بالقيام بما يلي:
أ- إدماج مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في دساتيرها الوطنية أو تشريعاتها المناسبة الأخرى، إذا لم يكن هذا المبدأ قد أدمج فيها حتى الآن، وكفالة التحقيق العملي لهذا المبدأ من خلال القانون والوسائل المناسبة الأخرى.
ب- اتخاذ التدابير التشريعية المناسبة وغيرها من الإجراءات الضرورية بما في ذلك ما يقتضيه الأمر من جزاءات لحظر أشكال تمييز ضد المرأة.
ج- فرض حماية قانونية لحقوق المرأة على قد المساواة مع الرجل وضمان الحماية الفعالة للمرأة من أي عمل تمييزي، عن طريق المحاكم الوطنية ذات الاختصاص والمؤسسات العامة الأخرى.
د- الامتناع عن الاضطلاع بأي عمل أو ممارسة تمييزية ضد المرأة وكفالة تصرف السلطات والمؤسسات العامة بما يتفق وهذا الالتزام.
ه-اتخاذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة من جانب أي شخص أو مؤسسة أو منظمة.
و- اتخاذ جميع التدابير المناسبة، بما في ذلك التشريعية، لتعديل أو إلغاء القوانين والأنظمة والأعراف والممارسات القائمة التي تشكل تمييزًا ضد المرأة.
ز- إلغاء جميع أحكام قوانين العقوبات الوطنية التي تشكل تمييزًا ضد المرأة.
[9] - عواطف عبد الماجد – مرجع سبق ذكره ص
[10] - واقع المرأة المصرية في ضوء إتفاقية السيداو، محمد الغمري، مركز قضايا المرأة المصرية، 2003
[11] - نص المادة 16 من الاتفاقية ص ملحق كتاب السيداو.
[12] - عواطف عبد الماجد ، مرجع سبق ذكره