منتدى الناقد الإعلامي

السلام عليكم , للمشاركة اختر ( دخول | تسجيل )



ملتيميديا

مقتطفات فيديو من انتاج الشبكة

 
Reply to this topicStart new topic
> التدخلُ العسكريُّ الأجنبيُّ جريمةٌ وانتحارٌ،, وبالاعتمادِ على الذاتِ المتوكلة باللهِ يكونُ الانتصار
حلبجه
المشاركة Jun 13 2012, 03:41 PM
مشاركة #1


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 1,419
التسجيل: 21-May 12
رقم العضوية: 1,908



******* ثوّرة شباب تحرير سوريا *******



التدخلُ العسكريُّ الأجنبيُّ جريمةٌ وانتحارٌ،

وبالاعتمادِ على الذاتِ المتوكلة باللهِ يكونُ الانتصار


تغييرُ النظامِ وبناءُ الدولِ يحتاجُ إلى إمرين:حراكٌ مجتمعيٌّ ناتجٌ عن التغيرِ في الرأيِ العامِ لصالحِ مشروعٍ سياسيٍّ،و قوةٍ ماديةٍ تساندُ هذا الحراكَ تؤمنُ بذاتِ المشروعِ السياسيِّ، أي ثورةٌ جماهيريةٌ في المجتمعِ، ونصرةٌ من الجيشِ تجتمعان على مشروعٍ سياسيٍّ واحد،هذان هما الشرطان للتغيير. بامتناعِ أحدِهما أو كلاهما لايمكنُ التغييرُ المنتج. وهذه هي الطريقةُ الوحيدةُ للتغييرِ الحقيقيِّ،فإن الانقلابَ العسكريَّ من قبلِ الجيشِ معزولاً عن فكرِ الجماهير،يُنج وصولاً إلى الحكمِ ولكنه لاينتجُ بناءَ دولةٍ ،ولا يُحدثُ نهضةً،و لا ينتجُ تغيراً حقيقياً،و إن ثورةً شعبيةً من المدنيين العزلِ،هي ثورةٌ عرجاءُ بقدمٍ واحدةٍ،طريقُها طويلٌ و اختطافُها محتملٌ،لأنها لا بدَّ لها في النهايةِ من سندٍ قويٍّ يحميها و تلتجئ إليه، و يتنتقلُ بها إلى الحكم،أي لا مفرَّ لها من طلبِ النصرةِ، من أهلِ القوةِ،و إلا سترهقُ و تسحقُ و لن تصل.

وعندَ الحديثِ عن الاستنصارِ بأهلِ القوةِ نكونُ أمامَ أحدِ خِيارين :إما الاستصارُ بقوةِ الداخلِ و إما الاستنصارُ بقوةِ الخارج.وبالأولِ يكونُ التغيرُ الحقيقيُّ و بالثاني يكونُ الارتهانُ و الانتحارُ السياسيُّ، ولن يكونَ تغيرٌ حقيقيٌّ و لا مفر.

إنَّ الاستعانةَ بالخارجِ الأجنبيِّ،يستدعي منا الوضوحَ الكاملَ في تعريفِ من هو الأجنبيُّ،أي من هو الخارجُ، ،والإجابةُ و لا ريبَ تتوقفُ على تعريفِ أنفسِنا نحن،من نحن؟ فإن عرفنا أنفسَنا بالعربِ،فغيرُ العربِ من تركٍ و فرسٍ وغربيين و غيرِهم ،هم الخارجُ،و إن عرفنا أنفسَنا بالمسلمين،و هو الحقُ،لقولِه تعالى :"هو سماكم المسلمين"،كان التركُ و البنغالُ والعربُ وكلُّ من دان بالاسلامِ هم الداخلُ،كما يلحقُ بالداخلِ الأفرادُ غيرُ المسلمين من الأفرادِ ممن ربط نفسَه بجسمِ الأمةِ و قبلت به الأمةُ ،أما غيرُ ذلك من الكفارِ ،غيرِ المسلمين فهم الخارجُ الأجنبي.

و عندنا في الإسلام،يجوزُ أن يُستعان بالكفارِ بوصفِهم أفراداً، وبشرطِ أن يكونوا تحتَ الرايةِ الإسلامية، بغضِ النظرِ عن كونهم ذميين أو غيرِ ذميين، أي سواءً أكانوا من رعايا الدولةِ الإسلاميةِ، أم لم يكونوا.

أما الاستعانةُ بهم كطائفةٍ معينة لها كيانٌ مستقلٌ عن الدولةِ الإسلاميةِ فلا يجوزُ مطلقاً، فيحرمُ أن يستعان بهم بوصفِهم دولةً مستقلةً لقوله عليه السلام:"لا تستضيئوا بنار المشركين"،و نارُهم هنا كنايةٌ عن الحرب،و لقولِه عليه السلامِ إنا لا نستعين بمشرك. و أما الدليلُ على جوازِ الاستعانةِ بالكفارِ في القتالِ أفراداً: «أن قُزمانَ خرج مع أصحابِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يومَ أحد، وهو مشركٌ، فَقتلَ ثلاثةً من بني عبدِ الدارِ حملةَ لواءِ المشركين، حتى قالَ صلى الله عليه وسلم: إن الله ليأزرُ هذا الدينَ بالرجلِ الفاجر» رواه الطبري في تاريخِه، وان قبيلةَ خزاعةَ خرجت معَ النبيِ صلى الله عليه وسلم عامَ الفتحِ لمحاربةِ قريش، وكانت خزاعةُ حينئذ لا تزالُ مشركة،فقاتلت تحتَ لواءِ الإسلام،و لم تقاتلْ تحت لوائِها المستقل، حتى قال لها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «يا معشرَ خزاعةَ، وارفعوا أيديكم عنِ القتل، فقد كثرَ أن يقع» رواه أحمد. فهذه الأحاديثُ كلها صحيحةٌ تدلُ دلالةً صريحةً على جوازِ الاستعانةِ بالكفارِ أفراداً، أي على جوازِ أن يكونَ الكافرُ في جيشِ المسلمين يقاتلُ العدوَّ مع المسلمين. إلا أنه لا يُجبر على أن يكونَ الكافرُ في الجيش، ولا يجبرُ على القتال، لأن الجهادَ ليس فرضاً عليه،فإذا طلبَ الكافرُ أن يحاربَ مع المسلمين، أي أن يكونَ في جيشِ المسلمين يجوز ذلك في كلِّ ناحيةٍ من نواحي الخدمةِ في الجيشِ إذا كان موثوقاً لا يُخشى غدرُه.

وتنزيلاً للحكمِ على واقعِنا وما يلزمنا في بحثِنا هذا،،في ظلِّ غيابِ الدولةِ الاسلامية، نقولُ بكل ثقةٍ و اطمئنانٍ و وضوحٍ إن الاستعانةَ بأي كيانٍ من كياناتِ غيرِ المسلمين لا يجوز شرعاً، وأن نستنجدَ بهم عسكرياً،بعقدِ الأحلافِ معهم للتخلصِ من استبدادِ و ظلمِ الحكام، ، هو حرامٌ شرعاً وجريمةٌ سياسيةٌ لا تجوزُ مهما كانت المبرراتُ و الضرورات.

إنه لغريبٌ عجيبٌ ذلك التحولُ في الرأيِ العامِ لدى الأمةِ تُجاه الإستعانةِ بالأجنبيِّ،وطلبِ التدخلِ الخارجيِّ،لا سيما العسكريّ،فالجميعُ يذكرُ الموقفَ إبان حربِ الكويتِ ، و حربِ غزوِ العراقِ لإسقاطِ صدامِ حسين،فقد كان الرأيُ العامُ محسوماً و حاسماً ضدَّ أي تدخلٍ في شؤونِنا الداخليةِ،و أن الأمةَ هي أولى باقتلاعِ شوكِها من أرضِها،و أن الاستعانةَ بالأجنبيِّ خيانةٌ و جريمةٌ.أما اليومَ فلم تعد الاستعانةُ بالأجنبيِّ خيانةً ولا جريمةً،و لا حتى شيئاً مستهجناً!

إنه لعجيبٌ أيضاً رأيُ من يتصدرون للإفتاءِ في الأمة،من علماءَ و مشايخَ،إلا من رحم ربي،فعندما أفتى ابن باز،مطلعَ التسعينياتِ من القرنِ الماضي بجوازِ الاستعانةِ بالكفار،بدعوى الضرورةِ، و باشتراط أن يكون في المسلمين قلة، بحيث تدعو الحاجةُ إلى الاستعانةِ وباشتراطِ أن يكونوا ممن يوثقُ بهم في أمرِ المسلمين ،عندما أفتى هو و غيرُه بمثل هذه الفتوى،صدمت الأمةُ،و سلقتهم بألسنةٍ حدادٍ و تصدى لتلك الفتوى فتاوى مضادة . أما اليومَ فقد أفتى من مشاهيرِ العلماءِ على الفضائياتِ بجوازِ الاستعانةِ من غيرِ ايرادِ دليلٍ و لم يعقب أحدٌ على كلامِه، ومر َّكأنه عاديٌّ جداً غيرَ مستغرب ،و ليس ينكرُ عند هؤلاءِ العلماءِ تغيُر الفتوى بتغيرِ الزمانِ و المكانِ والعرفِ و الحالِ، ،معَ أن الفتوى إخبارٌ بحكم ِالشرع، والشرعُ هو حكمُ الله،و حكمُ الله لا يتغير،طالما أن الواقعَ هو هو لم يتغير،حيثُ مستعمرٌ كافرٌ لا يوثقُ به في أمر المسلمين، أوغل في ثرواتِنا نهباً ، وفي أمتِنا قتلاً و تشريداً وعداءً،و في مقدساتِنا تدنيساً،لم يتغيرْ زمانُه ولا مكانُه ولا نعتُه ولاحالُه، و إنما من تغير هو نحن، المتغيُر الوحيدُ الدائمُ في زمانِنا في معادلةِ الصراعِ معَ الاستعمار.

و على ما يبدو أن المقدمةَ الدمويةَ الهائلةَ التى قدمها نظامُ الإجرامِ في سوريا، و مَن قبلَه في ليبيا، مهدت الطريقَ لتلك الفتاوى و المواقفِ المستدعيةِ للمستعمرِ القديمِ الحديثِ ليستلمَ قضاينا من جديد،ذلك أن حجمَ الدماءِ التى سالت كبيٌر جداً،فرأوها ضروراتٍ ملحةً تبيحُ الاستعانةَ المحظورةَ ،و من الواضحِ بالاستقراء،أن فقه الضروراتِ بات يستخدمُ بشكلٍ واسعٍ لتليينِ المواقفِ عند الشدائد،و نقلِها عن مبدئيتِها لتصبح برغماتيةً مرنة،و لتصبحَ قابلةً للمساومة،و لم تعد فكرةُ الثباتِ على المبادئ الكبيرةِ،في المواقفِ العظيمةِ وتحملُ فاتورتَها الكبيرة، ذات معنى مادام فقهُ الضروراتِ يلاحقُها ليُحَلحِلها عن مكانِها ويحلحل الأمةَ معها عن مكانتِها،فيرجعها القهْقَرى.

إن تلك الفتاوى هي جزءٌ من الفكرِ العام الذي ينبغي تغييرُه، و تثبيتُه على ما يرضي الله تعالى ،ويحصنُ للأمةِ حاضرَها و مستقبلَها،و يحفظُ لها مصالحَها الحيويةَ،و ليست تلك الفتوى الصبغيةُ سوى سنداتٍ شرعيةٍ لواقعٍ غيرِ شرعي.

وبالطبعِ إن المستعمرَ الكافرَ ليس جمعيةً خيرية،تحركُه القيمُ الانسانيةُ و الأخلاقيةُ و الروحيةُ،حتى ننتظرَ منه أن يمدَّ لنا يدَ الانقاذِ بلا مقابل، بل هو شركةٌ رأسماليةٌ نهمةٌ شرسةٌ،تحسبُ تحركاتِها بالربحِ والمصالحِ، ولا تحركها عذاباتُ و دموعُ المظلومين،فلعلنا لم ننسَ شنَّ الصربِ حربَ ابادةٍ على مسلمي البوسنةِ، استشهد فيها 300 ألفِ مسلمٍ، واغتصبت فيها300 ألفِ امرأةٍ وطفلة، وهجّرَ مليونٌ ونصفُ مسلم،استمرت حربُ الابادة 4 سنواتٍ أمامَ أعينِ الغربِ المتفرج، و الغربُ عينُه هو من غزا العراقَ و أفغانستانَ،و وهو من يمتصُّ ثرواتِ أفريقيا ويرميها عظمةً جافةً وقائمة أعمالِه السوداءُ تطولُ و تطولُ ولا تتوقفُ . فعلى الذين يستدعون الخارجَ للتدخل،و يناشدون العالمَ أن يكفوا عن هذا العبثِ،و يعرفوا لنا و لأنفسِهم من هوالخارجُ الذي يستدعونه،و من هو المجتمعُ الدوليُّ الذي يستعطفونه،و العالمُ الذي يستنجدونه،أهو أمريكا أم بريطانيا أم فرنسا أم إيطاليا،أم غيرُهم،فليكونوا واضحين،أي المستعمرين يرغبون؟

لعل اعتقادَ البعضِ أن استدعاءَ الأجنبيَّ في ليبيا كان مشروعاً ناجحاً فأحبَّ استنساخَه في سوريا، ففوجِأ بالصدمةِ، وتبينَ له أن سوريا هي ليست ليبيا ، ومعادلتُها السياسيةُ،أعقدُ بفعلِ الجيو-سياسة،و انعدامِ البديلِ الداخلي،المرضيِّ عنه غربياً و شعبياً،إذ نظف الأسدُ القبورُ البلدَ من أيِّ بديلٍ،أو عميلٍ، لذا و جدنا أن روسيا و الصين أراحتا أمريكا و الغرب من عناءِ المطالبةِ بالتدخل،لأنهم لا يريدون التدخلَ،لإسقاطِ النظام،إلا بعدَ سقوطِ الدولة،فهم جميعاً مختبؤون خلفَ يدِ الفيتو الروسيِّ الصيني، وما هم عن روسيا بعاجزين، وليسوا بمقتلِ العبادِ و تدميرِ البلادِ بعابئين.

و لتذكيرِ من نسيَ أو تناسى نقولُ: إن الإستبدادَ الداخليَّ،بظلمِه و ظلامِه و ارهابِه هو امتدادٌ لذالك الذي نسميه بالأجنبيّ،إذ أن الأجنبيَّ المُستدعى هو عينُه عدونا،و هو من أتى لنا بالمستبدِّ الداخليِّ و دعمَه و مكَّنه،فهذا المستبدُ المجرمُ هو من تركه الأجنبيُّ المستعمرُ وراءَه ليقومَ عنه بوظائفِ الاستعمارِ بالوكالة، و لربما استفاقَ منا من استفاقَ على حجمِ التحكمِ الأجنبيِّ الاستعماريِّ الغربيِّ بأنظمتِنا في بلادِنا من خلالِ ما تكشفه ثوراتُ ما يسمى بالربيعِ العربيِّ،حتى بدا واضحاً أن البلادَ لم تنلْ استقلالهَا حقيقةً،و لم وتحررْ،و إن الاستعمارَ لم يخرجْ،و إنما خرج عسكرُه و وجهُه، وأبقى مكانَه وكيلَه و عبدَه.

إن استدعاءَ المستعمرِ الخارجيَّ ليحلَ محِلَّ المستبدِ الداخليِّ هو هروبٌ من تحتِ دلفِ ظلمِ الاستبدادِ إلى تحتِ مزرابِ الارتهانِ والاستعباد،واستجارةٌ من رمضاءِ الاستبدادِ الداخليِّ بنارِ التدخلِ الخارجيِّ،لربما يرى البعضُ الاستعانةَ بالخارجِ أقلَّ تكلفة دمويةً من ابقاءِ الاستبدادِ الداخليِّ في الوقتِ الحاضر،و لكنَّها أكثرُ كارثيةً على الحاضرِ و المستقبل، إذ الأممُ لا تثورُ كلَّ يوم،أو حتى كلَّ عقد، فتكونُ إن استعانت بالخارجِ ضمنت عبوديتَها و تبعيتَها له عقوداً مديدة،و حكمت على نفسِها بضياعِ البلادِ و مَن فيها و ما فيها،إن من يستنجدُ بحبلِ الأجنبيِّ الكافرِ المستعمرِ،ليخرجَه من الحفرةِ،فحبلُه في رقبتِه،يشنقُ به نفسَه بنفسِه.

الإستقواءُ بالخارجِ هو نتيجةٌ حتميةٌ لحالةِ الاستضعافِ التي يشعرُ بها المستقون،فهم يرون أن لا حولَ لنا ولا قوةَ إلا بالغرب،و أن الغربَ هو القوي العزيز،و أن لا ملجأ من الغربِ إلا إليه،و ليس عندهم واضحٌ عملياً مصدرَ العزةِ الحقيقيِّ، بأنه هو اللهُ عز وجل بالاعتمادِ على الذاتِ المتوكلةِ عليه،و أن العزةَ للهِ جميعاً.و من كان هذا فكرُه وظنه،فقد حكمَ على نفسِه بالعبوديةِ الدائمةِ للآخر،و ليس بمقدورِه وهو بهذه العقليةِ،أن يصنعَ نهضةً أو تحريراً حقيقياً للبلاد.و سيبقى في محِل المجرور دائماً.

نجدُ اليومَ الرأيَ الرافضَ بشدةٍ لتدخلِ الخارجِ بقضايانا الداخليةِ، يجابهُ من قطاعٍ من الرأيِ العامِ لا سيما في سوريا، بأنه من مصطفٌ إلى جانبِ النظام،إذ من هو المستفيدُ من عدمِ تدخلِ الغربِ غيرُ النظام،ثم لمَ حلال على النظامِ الاستعانةُ بإيرانَ و روسيا و الصين حرامٌ علينا الاستعانةُ بالغرب ؟إن الاستعانةَ بالخارجِ جريمةٌ و الابقاءَ على المستبدِ جريمةٌ،و الاعتمادُ على الذاتِ واجبٌ، والذات هنا ذاتٌ متوكلةٌ على اللِه تعالى، من جماهيرِ الناسِ و المخلصين في الجيش و المنشقين الأبطال.

إن هذا التغيرَ في الرأيِ العامِ لا يخيفني كثيراً، لأنه رأيٌ عامٌ مؤقتٌ،و ليس ناتجاً عن قناعةٍ عامةٍ إنما ناتجٌ عن حالةِ الهروبِ من الجحيمِ،و من حسنِ القدرِ في الوضعِ السوريِّ أن الخارجَ أدار ظهرَه للثورةِ،و لعبَ مع الناسِ لعبةً وقحةً مجوجةً، لعبةَ المباداراتِ و المهلِ المكشوفةِ التي جعلت الناسَ توقِنُ أنه كاذبٌ مناورٌ ومشاركٌ في قتلِه أو صامتٌ عنه،فجعلت الناسَ تفرُّ منه ومن النظامِ القاتلِ إلى جهةٍ واحدةٍ وحيدةٍ هي "اللهُ تعالى"،و جعلت الناسَ يوقنون أن الاعتمادَ على الداخلِ و العونَ من اللهِ هما المخرجُ الوحيدُ،فثمةَ انقلابٌ سريعٌ نسبياً في منحنى الرأيِ العامِ لصالحِ الاعتمادِ على الذاتِ،وإني أرى الوعيَ في سوريا في حالةِ بناءٍ قويةٍ، وإن كان من المؤسفِ أن نجدَ خِيارَ إلإلتجاءِ إلى اللِه تعالى هو الخِيارُ الأخيرُ و ليس الِخيارَ الأول.

و في الخلاصةِ نقول:آن الوقتُ لقطعِ ذلك المسلسلِ المملِ المذلِ من التبعيةِ للكافرِ المستعمر،و أن ندرك عملياً بأن من لا يأكلُ بيمينِه لايشبعُ،و أن المفتاحَ موجودٌ في الداخلِ،و أهلُ القوةِ عنوانُه،فاللهَ تعالى نسألُ،أن يجعلَ من بعدِ هذا الضيقِ فرجاً و مخرجاً للبشريةِ جمعاء،بخلافةٍ راشدةٍ على منهاجِ النبوة،اللهم آمين.و صل اللهم على نبيِنا محمدٍ، و الحمدُ لله رب العالمين.

أبو الهمام الخليلي

******* ثوّرة الكرامة نت *******
Go to the top of the page
 
+Quote Post
حلبجه
المشاركة Jun 14 2012, 11:04 AM
مشاركة #2


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 1,419
التسجيل: 21-May 12
رقم العضوية: 1,908



******* ثوّرة شباب تحرير سوريا *******



نظراتٌ في الطائفيةِ السياسيةِ

وحقوقِ الأقلياتِ الدينيةِ

في الفكر السياسي الإسلامي


الطائفيةُ السياسيةُ هي انتماءٌ سياسيٌ لمجموعةٍ دينيةٍ أو مذهبيةٍ، بحيثُ يكوِّنُ هذا الانتماء هُوِيةً سياسيةً مميزةً و فاصلاً سلوكياً لتلك المجموعةِ عن سلوكِ الأمةِ، و عليه فالأقليةُ الدينيةُ إن بُني لها سياجٌ سياسيٌ ، وهُويةٌ سياسيةٌ، انتقلت، بفعلِ هذا الوصفِ الطارئِ، من كونِها أقليةً دينيةً ، إلى طائفةٍ سياسيةٍ.

الطائفيةُ السياسيةُ تتأسسُ في المجتمعِ بفعلِ الدستورِ و قوانينَ أساسيةٍ، إذ عندما ينصُ القانونُ على محاصصةٍ سياسيةٍ في الدولةِ ويعُطي الناسُ حقوقاً على أساسِ نظامِ كوتاتٍ طائفيٍّ، يبدأ الفرزُ المذهبيُّ والدينيُّ، ويعادُ أوتوماتيكياً تعريفُ الهويةِ و الحقوقِ و الجماعةِ و يتقلصُ الولاءُ للمجتمعِ والدولةِ لحسابِ الطائفةِ في المجتمعِ، وكلٌ يذهبُ لمن يتقوى به و يجدُ مصالحَه عندَه، هكذا يحدثُ الاستقطاب في المجتمعِ بشكلٍ سحريٍّ، فلا يتصورُ المرءُ بعدئذ نفسَه إلا في سياقِ انتمائِه الضيقِ، فإذا ما تقوت الطائفيةُ على الدولةِ، صارت الطائفةُ نفسُها هي الدولة، تديرُ أمورَها بشكلٍ مستقلٍ عن الدولةِ، و تصبحُ لها مؤسساتهُا الخاصةُ، و مستشفياتُها، و مدارسُها، وهكذا، تتفكك الدولةُ لصالحِ دويلاتِ الطائفية.

ومن هنا نستطيعُ أن نفهمَ كيف يستقيمُ ما يبدو من تعارضٍ بينَ أن من يقودُ الطائفةَ بالغالبِ غيرُ متدينٍ، أو علمانيٌّ، وبينَ أن الطائفيةَ تقومُ على المذهبِ أو الدينِ، إذ معظمُ الأحيانِ تكونُ "الطائفيةُ" السياسيةُ مكرسةً من ساسةٍ ليس لديهم التزامٌ دينيٌّ أو مذهبيٌّ بل هو موقفٌ انتهازيٌّ للحصولِ على "عصبيةٍ" كما يسميها ابن خلدون أو شعبيةٍ كما يُطلقُ عليها في عصرِنا هذا ليكونَ الانتهازيُّ السياسيُّ قادرًا على الوصولِ إلى السلطة. ونستطيعُ أن نفهمَ كيف يُستعمل رجلُ الدينِ ويُستدعى جندياً على حدودِ الطائفةِ، يستخدمُه الانتهازيون كما يستخدمون المال.

وتعيشُ المجتمعاتُ حالةً من الاحتقانِ و الظلمِ و التهميشِ، حالَ كونِ طائفةٍ اعتلت السلطةَ و خطفت الدولةَ من الجميع، هنا تتحولُ الدولةُ إلى دولةِ إرهابٍ رعبٍ، لا يُسمحُ للإنسانِ العاديِّ التنفسَ خارجَ ما تسمحُ له مصالحُ الطائفةِ المتنفذةِ وسوريا منذ عام 1970 مثالٌ كبيرٌ على ذلك.

وقد ارتبط وجود الطائفية السياسية في تاريخنا المعاصر، عقبَ هدم الخلافة ، بالاستعمار، ففي لبنانَ أسستْ الطائفيةُ السياسيةُ ، من خلالِ متصرفيةِ جبلِ لبنانِ، و قد كانت المتصرفيةُ فكرةً طائفيةً استعماريةً، و هي نظامٌ حكمٍ أقرتْه الدولةُ العثمانيةُ بضغطٍ مباشرٍ من الدولٍ الغربيةِ على رأسِها بريطانيا و فرنسا، وتم بموجَبِه فصلُ جبلِ لبنان عن سوريا لأولِ مرة. وقد جاء في أعقابِ مذابحِ 1860 وعملَ به من عام 1860 وحتى عام 1915. وقد جعلَ هذا النظامُ المناطقَ الداخليةَ في لبنان (الحاليَّ)، ذاتَ التواجدِ المعتبرِ للنصارى والدروز، تحت حكمِ متصرفٍ نصراني، عثماني غيرِ لبناني، تعينُه الدولةُ العثمانية بموافقةِ الدولِ الأوروبية. وقد استمرَ أثرُ هذا النظامِ حتى مطلعِ يومنِا هذا.

وفي العراقِ اليومَ نرى كيف بنى المستعمرُ الأمريكيُّ الطائفيةَ السياسيةَ، واستطاعَ أن يمزقَ السلمَ الأهليَّ بينَ الناسِ هناك، إذ لم تكنْ الحالةُ السياسيةُ طائفيةً قبلَ الاحتلال للعراق، فالبعثُ على كل إجرامِه لم يكنْ طائفيا، حتى أن أمناءَه الثلاثةَ الأوائلَ كانوا من الشيعةِ، وإجرامُ البعث لم يميزْ بينَ أطيافِ المجتمع، ولكن عندما قررَ الأمريكانُ تفكيكَ العراقِ عمدوا إلى المعارضةِ العراقيةِ في الخارجِ و دعموها على أساس طائفيٍّ، استمر الأمريكان في طريقِهم إلى أن أسقطوا النظامَ وجاءَ الحاكمُ المستعمرُ بريمر يؤسسُ للطائفيةِ السياسيةِ، و يوزعُ الحقائبَ على الأساسِ الطائفيِّ، فأعادت أمريكا تشكيلَ المجتمعِ العراقيِّ من خلالِ إنتاجها هُويات سياسيةٍ جديدةٍ طبعت بالدمِ وقُننت بالدستور.

إن ولادةَ الطائفيةِ السياسيةِ في بلادِنا بلا شك مرتبطةٌ بالاستعمار-كما أسلفنا- ، ولكن ثمة عوامل تساعد على تكون هذه الطائفيةِ السياسيةِ، منها مسألةُ الولاءِ للدولةِ، وفكرةُ التابعيةِ وَفقَ فكرنِا أو المواطنةِ وَفْقَ الفكرِ الغربي، إذ أن الدولَ يجبُ أن تُبنى صالحةً للإنسانِ كإنسانِ بغضِ النظرِ عن دينِه و عرقِه و منشئِه، و الشعوبُ يجبُ بناؤها معَ الدولةِ على أساسِ التابعيةِ و الولاءِ للدولةِ، فإن كان بناءُ الشعوبِ على غيرِ هذا الأساسِ أو كان ضعيفاً فتح المجالَ للطائفيةِ السياسيةِ وللانتماءات السياسيةِ الضيقةِ، وعندما تتكسرُ الدولُ أو تضعفُ تتكشفُ عما في داخلِها، فتحدِث الصراعَ و الدمار.

إن الثقافةَ المجتمعيةَ يجبُ أن تكونَ قابلةً لاستيعابِ كل مكوناتِ المجتمعِ باختلافاتها الاثنيةِ و العرقيةِ، فاختلافُ الدينِ أو المذهبِ يجبُ أن لا تسدلَ عليه الطائفيةُ السياسيةُ، ويجبُ أن يبقى يتحركُ في دائرةِ الأخذِ و الردِّ بالدليلِ و البرهان، و الأهمُ من ذلك أو يوازيه أن تطردَ الطائفيةُ من العلاقاتِ في المجتمع، فيتعاملُ الناسُ بعضُهم معَ بعضٍ بيعاً و إجارة و رهناً و قضاءً بلا تمييزٍ ولا تحريضٍ.كما لا يتهم أحدٌ أحداً سياسياً بالخيانةِ أو الإجرامِ بناءً على الهوية الطائفية.

ولكن ذلك لا يعني تجاوزَ الإسلام بحالِ، فكلُّ شيءٍ قابلٌ للتعديلِ و التكييفِ إلا الإسلام، فلا نهربُ مثلاً من مصطلح ِكافرٍ بدعوى أنه مصطلحٌ طائفيٌّ! أو نسمحُ بالزواجِ المدنيِّ بدعوى انفتاحِه على الجميعِ باختلافِ أديانِهم و مذاهبِهم! أو ندَّعي بأن غيَر المسلمِ هو أخٌ للمسلمِ، و غيرُ ذلك، لأن هذا مساسٌ بالإسلام ، والإسلامُ إنما هو خطٌ أحمرٌ لا يجوزُ تجاوزُه، فالخطابُ الإسلاميُّ يجبُ أن يكونَ ملتزِماً بالإسلامِ التزاما لا يقبلُ مداهنةً أو مجاملةً، ولكنه في الوقتِ ذاتِه خطابٌ سياسيٌّ رفيعٌ محتوٍ للآخرٍ، يستوعِبُه رعايةً بالتي هي أحسن، و ليس خطاباً استفزازياً لغير المسلم، خطاباً خشناً غليظاً ينفضُ الناسُ من حولِه.

فحينَ النظرِ في المشاكلِ السياسيةِ الحاليةِ يجبُ عزلُ الطائفيةِ السياسيةِ عندَ تحديدِ مواقفِنا منها حتى و إن كانت طائفيةً بامتياز، فلا يُقالُ إن المشكلةَ السوريةَ هي مشكلةٌ سياسيةٌ معَ العلويةِ النصيرية، وإن كان مبنى النظامِ السوريِّ طائفيٌّ بنكهاتٍ قوميةٍ خارجية!

وكذلك في لبنانَ، لا نحملُ على حزبِ اللهِ بسببِ كونِه شيعياً، فذاك محِلُّه محِلٌ آخر، محِلُّ النقاشِ بالفكرِ بين المذاهبِ، وإنما نحملُ عليه مواقفَه السياسيةَ كموسميةِ المقاومةِ عندَه، و ارتباطِه بأنظمةٍ عميلةٍ، كما نكبرُ موقفَه وهو يقاتلُ أعداءَ الأمة.

ومشكلتُنا مَعَ إيران ليست مشكلةً شيعيةً سنيةً وإن تحركَ النظامُ هناك على هذا الأساسِ، فهو طائفيٌّ ولكن نحنُ لسنا طائفيين، ومشكلتُنا معَ النظامِ السَّعوديِّ ليست هي مشكلةً مَعَ الوهابيةِ أو السلفيةِ في مقابلِ كونِ بعضِنا أشاعرةً أو ماترديةً أو متصوفةً أو شيعة، مشكلتنا معَه سياسيةٌ، فهو نظامٌ موال ٍللمستعمرِ، يطبقُ غيَر شرعِ اللهِ تعالى، وينهبُ ثرواتِ الأمة.

وكذا المشكلة مع َكلِ الأقلياتِ، حتى في الموقفِ من اليهود، نحن نميزُ بين يهوديٍ سلبَ بلادَنا وقتل أبناءَنا وبين يهوديٍّ مسالمٍ يعيشُ في بلادِ الماو ماو، بمعنى نحنُ نميزُ بين الصهويونيةِ وبين اليهوديةِ كديانة، فمشكلتُنا السياسيةُ هي معَ الصهيونيةِ وليست معَ الديانةِ اليهوديةِ، فالله تعالى لم ينهَنا عن الذين لم يقاتلونا في الدينِ ولم يظاهروا علينا أن نبرَهم وأن نقسطَ إليهم والله يحبُ المقسطين.

إن الإسلامَ عقيدةٌ روحيةٌ سياسةٌ ينبثقُ عنها نظامُ حياةٍ لكلِ انسانٍ، و الأديانُ الأخرى عقائدُ روحيةٌ وحسب، لا تملكُ أنظمةَ حياة، إنما تملكُ أحكاماً خاصةً في الأحوالِ الشخصيةِ و الشعائرِ التعبديةِ والمأكلِ و الملبسِ، و ما شاكل، فهي بطبيعتِها منفصلةٌ عن الحياةِ و السياسةِ، و تعيشُ في إطارِ علاقةِ الإنسانِ بمعبودِه و بنفسِه، فهي لا تتعدى ذلك إلى العلاقاتِ العامةِ بين الإنسانِ والإنسانِ أي لا تتعدى و لا تؤثرُ في العلاقاتِ الساسيةِ التى تُبنى عليها المجتمعاتُ، و بالنظرِ في شريعةِ الإسلامِ نجدُ الإسلامَ تركَ أصحابَ الأديانِ الأخرى على أديانِهم بلا إكراه أو تدخل، فكان هذا التركيبُ بين انفصالِ الأديانِ الأخرى عن الحياةِ و بين تغطيةِ الإسلامِ جميعَ مناحي الحياةِ معَ تركِه غيَر المسلمين وأديانَهم يجعلُ مسألةَ التعايشِ في المجتمعِ الإسلاميِّ بين مكوناتِه على اختلاف أديانِها طبيعياً سلساً لا مشكلةَ فيه مصانٌ بسياجِ التابعيةِ.

وهنا يجدرُ بنا لفت الانتباه إلى مسألةٍ هامةٍ وهي أن الأخوةَ الإسلاميةَ أو الموالاةَ للمسلمين غيرُ التابعيةِ لدارِ الإسلامِ بمفهومِها العامِ، فالتابعيةُ الإسلاميةُ هي حملُ الولاءِ للدولةِ والنظامِ، واتخاذُ دارِ الإسلامِ تحتَ ظل سلطانِ الإسلامِ دارَ إقامةٍ دائمةٍ، فهي تختلفُ اختلافاً جوهرياً عن الأخوّةِ الإسلامية. فالرابطةُ التي تربطُ الرعيةَ بالدولةِ هي التابعيةُ بالمصطلحِ الإسلاميِّ وهي ما تُعرف اليومَ بالمصطلحِ السياسيِّ الغربيِّ بالمواطنةِ، وهذه غيُر العقيدةِ الإسلاميةِ، فالتابعيةُ رابطةٌ تربطُ بين المسلمين وغيرِهم من أصحابِ المللِ الأخرى؛ للعيشِ السويِّ تحتَ نظامٍ واحدٍ يجمعُهم الكيانُ السياسيُّ الإسلاميُّ. وهذا المعنى واضحٌ في صحيفةِ المدينةِ التي كانت عهداً أو وثيقةً بين الرسولِ صلى الله عليه وسلم كقائدٍ للدولةِ الإسلاميةِ ويهود بني عوف، وقد نصت هذه الوثيقةُ أن اليهودَ هم «معَ المؤمنين أمةٌ من دونِ الناس» فهم يعيشون معَ المؤمنين تحتَ ذمةِ اللهِ ورسولِه عليه السلام ولكن هم ليسوا من المؤمنين.

والكلامُ عن التابعيةِ والطائفيةِ يستدعي بالضرورةِ الحديثَ عن أهلِ الذمةِ وحقوقِ الأقلياتِ الدينيةِ في الإسلام، فالأصلُ في أهلِ الذمةِ أن لهم مالنا من الأنصافِ، وعليهم ما علينا من الانتصافِ إلا أن هناك استثناءاتٍ قليلةً في بعضِ الحقوقِ والواجباتِ، اقتضتْها المخالفةُ في الدين.

فالإسلام إذ يفرقُ بين المسلمين والذميين في هذه الحقوقِ السياسية، ويجعلُ بعضَ الوظائفِ العامةِ مقصورةً على المسلمين وحدَهم، فذلك لأن الدولةَ الإسلامية دولةٌ مبدئيةٌ، تسيرُ وَفْقَ نظامِ الإسلام، وهذا يقتضى أن تُناطَ المناصبُ السياسيةُ، والوظائفُ العامةُ الرئيسيةُ التي تُسيِّرُ دفةَ النظامِ، بشخصياتٍ مؤمنةٍ بهذا النظامِ، متفهمةٍ لطبيعتِه، قد أُشربت قلوبُها حبَه، وإلا فقدت الدولةُ صبغتَها الإسلامية.

فكيف يتأتى إسنادُ منصبِ الإمامة لغيرِ المسلم، وهي خلافةٌ عن صاحبِ الشرعِ في حراسةِ الدينِ، وسياسةِ الدنيا به؟ وكيف يسوغُ أن يكونَ قائدُ الجيشِ كافراً، والجهادُ شُرعِ لإعلاء كلمةِ الإسلام، والذميُّ غيرُ مطالبٍ بالجهادِ أصلاً؟ فلابد أن تكونَ الوظائفُ العليا التي تقومُ على العقيدة الإسلامية، ويبرزُ فيها عنصرُ التدين، قصراً على المسلمين وحدَهم، وذلك كالإمامة، والقضاءِ، وقيادةِ الجيش، ووزارةِ التفويض ونحوِها، أما الوظائفُ الأخرى التي لا ترتكزُ على العقيدةِ الإسلامية، ولا تؤثرُ على أجهزةِ الحكمِ، فيجوزُ إسنادها إلى أهلِ الذمةِ، وقد سارَ الخلفاءُ على هذه الطريقةِ.

وهو أمرٌ طبيعيٌّ في الدولِ، فكلُّ دولةٍ مبدئيةٍ لها تصورٌ لما يجبُ أن يكونَ عليه المجتمعُ، أي لها أهدافٌ تسعى لتحقيقِها في الإنسانيةِ، فالمبادئُ الثلاثةُ الإسلامُ و الرأسماليةُ والاشتراكية، كلُ واحدٍ منها يرفضُ أن يكونَ على رأسِ دولتِه أو في وسطِه السياسيِّ رفضاً أوتوماتيكياً و قانونياً أناساً لا يؤمنون به، فهل تسمحُ الدولُ الرأسماليةُ لحزبٍ شيوعيٍ أن يخترقَ وسطها السياسي، أم هل سمعتَ بحزبٍ رأسمالي ليبراليٍ يتحركُ في بيئةٍ شيوعية، الأمرُ كذالك بالنسبةِ للإسلام ، والإسلامُ فوقَ كونِه أيدلوجيةً وطرازَ حياةٍ هو دينٌ بالأساسِ ، فأهدافُ الإسلامِ في الإنسانيةِ أهدافٌ تمتدُ من الحياةِ إلى ما بعدها،و مبدؤه يرومُ السعادةَ للبشريةِ في الدنيا و الآخرةِ، فكان من المحتمِ أن من يقومُ على دولةِ مبدأ الإسلام، في مراكزِها الحساسةِ، أناسٌ من جنسِ مبدأ الإسلامِ سياسةً و ديناً.

أما الحقوقُ العامةُ، وهي الحقوقُ التي تعتبُر مقوماتٍ لإنسانيةِ الإنسانِ كحقِه في الحاجاتِ الأساسيةِ من المأكلِ والمسكنِ والملبسِ والتطبيبِ و التعليمِ و الأمنِ فهي مكفولةٌ بدستورِ الدولةِ الإسلاميةِ لكلِ إنسانٍ. ولكلِ طائفةٍ ممارسةُ خصوصيتُها الدينية دون حيف ضمن النظام العام .

وفي خلاصةِ المقالِ نقول: إن بناةَ الدولِ يحملون صفاتِهم السياسيةَ معَهم إلى دولهِم الناشئةِ، فكيفما كانوا كانت دولهُم، لذا كان لزاماً علينا طردُ الطائفيةِ السياسيةِ عنا، فالطائفيةُ السياسيةُ إن تركت في واقعنِا ملأته دماً و ظلماً و إرهابا، وإن وجدت في خطابِنا كانت يداً علينا تُضمُ إلى يدِ المستعمرِ، و أغلقت دوننا مستقبلَنا، أو أعاقته كثيراً، هذا من جهةٍ، و من الجهةِ المقابلةِ، يجبُ أن لا نخضعَ تحتَ ضغطِ رفضِ الطائفيةِ السياسيةِ إلى تعديلاتٍ نجريها على خطابِنا يأباها المبدأ، فنميعُ خطابِنا لعيونِ الطائفيةِ السياسيةِ والاستعمار. إن الطريقَ إلى الخلافةِ يمضي على بصيرةٍ، و وعيٍّ سياسيٍّ، يحسبُ بدقةٍ لليومِ كما يحسب بدقةٍ للمستقبلِ ، و ستصلُ الأمةُ إلى غايتِها، و ستطبقُ شرعَ ربِها، بإذنِ الله، و ستقلعُ جذورَ الطائفيةِ الساسيةِ الآثمةِ، و ستقطعُ كلَّ يدٍ خارجيةٍ تحاولُ العبثَ في أمورِ الأمِة الداخليةِ، وسيُعطى كلُ واحدٍ حقَّه، مادامَ يحملُ التابعيةَ، بغضِّ النظرِ عن دينهِ أو طائفتِه أو مذهبِه أو لونِه أو غيرِ ذلك.

هذا واللهُ الموفقُ للعاملين المخلصين، اللهم لا تآخذنا إن نسينا أو أخطأنا، وصلِّ اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، و الحمد لله رب العالمين.

أبو الهمام الخليلي

******* ثوّرة الكرامة نت *******
Go to the top of the page
 
+Quote Post

Reply to this topicStart new topic
1 عدد القراء الحاليين لهذا الموضوع (1 الزوار 0 المتخفين)
0 الأعضاء:

 

RSS نسخة خفيفة الوقت الآن: 27th July 2025 - 05:23 AM