الثورات والشعارات ومعنى الحرياتما إن حادّت الأمة عن الخطّ المرسوم لها والذّي كبّلها طويلا في سنواتها العجاف من(القبول بالهيمنة الغربية , الاستبداد , نهب لثرواتها و سلب لممتلكاتها العامّة ) كان لا بدّ لأصحاب الحقوق أن يهتزّوا و يدافعوا عن حقوقهم و كان لابدّ لقلب الأمّة الثوري أن ينبض بالحياة للخلاص من هذا الظلم المسلّط عليها و كان لابدّ أيضا للغرب الكافر أن ترجفه هذه الراجفة السياسية المزلزلة من صاحب السلطان على مغتصبه فتراه( أي الغرب) يتخبط في تصريحاته تارة أولى بدعمه لعملائه و حثهم على تقديم المزيد من الإصلاحات و تارة ثانية بمدحه المنمّق لهبة الشعوب التي قدمت صدورها العارية من اجل إسقاط النظام ..وتارة ثالثة بالاتكال على أداته الحادة و المتمثلة في (الإعلام) لاحتواء الأمر كورقة أخيرة......
و بما ان الإعلام هو المنوط بهذه المهمة كان لابد له من تمويه المتلقي و ذلك بالسير به نحو عملاء جدد و طرحهم كبديل من زاوية أولى و تحريف الدوافع الحقيقية لهذه الثورات و مطالبها و شعاراتها من زاوية ثانية و ترجمة مطلب أبناء الأمة للتحرر من أفيون الاستعمار الأجنبي المباشر و الغير المباشر الذي كبلهم بطوق من "الظلم , القمع , التسلط , و الارتهان للغرب ..."على انه ترجمة لأمة تنادي بحرية الغرب المغشوشة من زاوية ثالثة....
ففي ثورة تونس مثلا و التي كانت أول من مسك بمعول الهدم و القطع مع حاجز الخوف مما أذهل العالم وأعين استخباراته، تجد الإعلام يسطّر ما خطّه أبناء تونس بوقوفهم بصدور عارية مردّدين حرية حرية مطالبين بالتحرّر من هيمنة و قهر تلك الأجهزة الأمنية للدكتاتور بن علي على انه التحرّر من القيود هذا من ناحية ومن ناحية أخرى تراه يشخّص أن كلاّ من النظام والسلطة مركّزة في فرد بن علي، وإذا سقط الرئيس فإن كل البناء ينهار.....
و في ثورة مصر فقد نصّب الإعلام كاميراته في ميدان التحرير الممتلئة بالحشود التي خرجت تطالب بإسقاط نظام مبارك و ركّز على قمع السلطات البلطجية و ضرب و قتل المتظاهرين ..
و برغم سرعة هبوب ثورات التغيير في كل من ليبيا, اليمن وسوريا و برغم بشاعة المجازر المرتكبة لإخماد الرّوح الثّورية فقد كان للتغطية الإعلاميّة دور أخر دور خيّم عليه الصمت في جزء أول من قبل إعلامي و مفكري الفضائيات و خاصة منها الغربية من أمثال غلوكسمان و فينكلكراوت و برنار هنري ......ثم في جزء ثاني قوبلت بتضليل إعلامي تهلّل وتكبّر لما يسمّى برموز المعارضة (رموز المعارضة تلك متمثّلة في المجلس الانتقالي بنسختيها في 'ليبيا و اليمن ' ) و دليلا على ذلك فقد وظّفت ثورة ليبيا من قبل الناتو و المجلس الانتقالي كما وظّفت ثورة اليمن من قبل هذا الأخير .
اتّخذ الإعلام لذلك أسلوب توظيفي وظّف من خلالها أجندة خارجيّة أي (مشاريع الغرب)و لكن بأدوات محليّة لا تلبث أن تطالب بأنظمة غربيّة بما يتناقض مع النهج الثوري الذي هتف بشعارات من وراء الدافع العقائدي " الله أكبر الله أكبر و لا إله إلا الله الشهيد حبيب الله" "ملايين ملايين شهداء بالملايين على الجنّة رايحين" .......
و هنا يجب الإشارة و التأكيد أن الأمّة أصبحت عصيّة عن التوظيف ......
ومع تصعّد نسق الثّورات بكفاحيّة فذّة فقدت ثورة تونس و مصر بعض الاهتمام و تمّ التركيز على نبش فساد الحكام المخلوعين مع الإسهاب في تفصيلات تهمّهم وتهمّ عائلاتهم كالاستيلاء على الأموال وغيرها من مقدّرات الشعوب و تسليط الضوء أيضا على توافد جحافل الغرب لتونس و مصر لضمان أن تكونا نموذجين للدّيمقراطية و الترويج لخدمات صندوق النّقد الدّولي للتحكّم في قوّتهما ...و إن دلّ هذا على شيء فهو يدلّ على أنّ المشهد الإعلامي مازال حمّال أوجه فهو يسعى للركوب على حراك داخلي حقيقي لنبض ثّوري لخدمة أجندة خارجية كما بيّنا سابقا!!!!! .
- فكيف تعامل الإعلام مع من حملوا شرف الثوّار والعاملين للتغيير ؟ و هل نجح في إيصال الرسائل الصحيحة و المطالب الحقيقية لهذه الثّورات ؟ و هل أدى دوره المفروض و المطلوب منه في تواصل الأمة الإسلامية المنتفضة جميعا مع بعضها البعض ؟ و هل كان مطلب العالم كله الحرية بمعناها الحقيقي أم عمل الإعلاميون على حٍرف معنى الحرية التي ينشدها الناس ؟
لقد انطلقت الثورات تبعاّ وتردد على أسماعنا مجموعة من الشعارات التي اتخذتها الشعوب بطريقة عفوية نابعة من الشعور فهي وان كانت شعارات صحيحة وقوية تعبر عن واقع معين إلا أنها تفتقد وعي رافعيها والفكر الذي وجب أن يحتضنها لتكلل هذه الثورات بالنجاح.
ولعل من أبرز الشعارات التي رفعت في الثورات هي : الشعب يريد إسقاط النظام
حرية ، كرامة وطنية
هذا بخط عريض ، لكننا إن أردنا التفصيل أكثر سيكون تصنيف الشعارات كالآتي:
شعارات تواجدت في بداية الثورات:
بدأت المطالب مع اندلاع الثورات وكانت مطالب لتحسين الأوضاع ليس إلا خرجت من أفواه متذمرة سئمت الواقع المرير ، لكنها قوبلت هذه المطالب مكسورة الجناح بالنار والحديد لمن رفعها أو يفكر في ترقيع الواقع وليس التغيير حتى!!
شعارات بارزة ركز عليها الإعلام:
* الشعب يريد إسقاط النظام هذا ما أجمعت عليه ثورات الشعوب اليائسة ، المنهكة ، المظلومة ، فماذا يقصد الشعب بهذا الشعار ؟ أم هو داء اشتكى منه لا يدرك أصله ولا العلاج منه كيف سيكون ـ كل ما فعلت الشعوب أن نقلت إحساس بواقع يصف شعور بالظلم لم يرتقي ليصبح فكر فهو يفتقد الوعي ومن هنا يأتي خطر توجيهه وحرفه من قبل الإعلام فقد ركز هذا الأخير على فساد الحكام وحصر النظام في الأشخاص مداراة على حقيقة النظام كما حدث اثر هروب بن علي وتنحي لا مبارك فإننا لاحظنا تركيزا على شخصهم وفسادهم مع التعتيم على ما كان يُطبق من قوانين وسياسات اقتصادية تابعة للغرب متزامن مع الترويج لحكومة انتقالية من جنس النظام وترويجا واضحا للنهضة في تونس والإخوان في مصر تمهيدا لهم ولأفكارهم .
و الشعار الثاني 'شعار الحرية'
هو مطلب يفصّل و يشرح الشعار الأول الشعب يريد إسقاط النظام فالشعب يطلب الحرية والحرية ضد العبودية والشعب هنا يطلب الحرية والانعتاق من النظام الوضعي الذي سُلط عليه فمطلبهم حق مشروع لان الحرية واجبة لكل إنسان بوصفه إنسان والإسلام جاء ليخرج الإنسان من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ومن ضيق الدنيا إلى سعة و الآخرة
* شعار الكرامة .
وهو مرتبط أيضا بالحرية وطلب انتهاء الاستعباد من قبل النظام الوضعي الذي كان ابرز ما اتسم به الظلم والإذلال لعبيده ويظهر قبحه جليا في نظامه الاقتصادي الفاسد
شعارات همشها الإعلام وأخرى سخّفها :
من الشعارات التي تصرف نحوها الإعلام بأساليب ماكرة مختلفة فهمشها تارة وسخفها طورا هي الشعارات الإسلامية
• .... لا مفر لا مفر الخلافة هي الحل .....بالروح بالدم نفديك يا إسلام,,,,, لا اله إلا الله الخلافة وعد الله ، لا ديمقراطية لا قومية خلافة خلافة إسلامية..
• شعارات انطلقت من أفواه شباب تونس شباب حزب التحرير قالوها وهم يعون معناها يطالبون بالمطلب الشرعي كمسلمين يريدون للإسلام أن يحكم، يريدون أن يتحرّروا من ربقة الاستعباد وظلم النظام الوضعي
• تجاهل الإعلام هذه المطالبات والشعارات النقية النابعة من عقيدة سياسية و التي تقدم تصورا جديدا للواقع يزعج من لا يريد التغيير على أساس المبدأ الإسلامي ما دفع الجزيرة لاستضافة من يشاطرها الرأي راشد الغنوشي ليعلّق على الشعارات ومن يحملها بما يليق بخلفيته ومشروعه الذي يحمل في طياته أجندة أجنبية ويسانده الإعلام في النيل منها كما يظهر في هذا المقطع ،،حتى لا تكوّن رأيا عاما لشعب مسلم تعب من تداول الأنظمة الوضعية ، فاعتماد أسلوب التجاهل والتعمية من الإعلام التونسي عامة والاستهزاء والقذف من الجزيرة خاصة التي اختارت استضافة من اتخذ وجهة نظره من جميع المبادئ الوضعية إلا المبدأ الإسلامي..
- فهل جسد الإعلام مطلب الثورة أم مطلب القائمين عليه ؟؟؟!!
إن الثورة وكل الثورات هي قطع مع الماضي بمختلف أشكاله وأفكاره ومفاهيمه.. والدولة تنشأ بنشوء أفكار جديدة وتتحول بتحول هذه الأفكار ..ويٌلاحظ في الثورات التي انطلقت في البلاد العربية رغم عفويتها وعدم ارتباطها فكريا بأي جهة، لها مطالب عدة وأهمها "مطلب الحرية"
وتجسدت في عدة أعمال قام بها الناس من تظاهرات سلمية وتجمعات و اعتصامات كانت تصب جميعها في رفض الواقع الفاسد مع إرادة استبداله بواقع آخر برغم عدم وضوح برنامجه في الأذهان..
إلّا أن التضحيات التي قام بها المتظاهرون في الشوارع وشاركت فيها أغلب مدن البلاد كانت تطالب بحريتها وانعتاقها من ربقة استعباد الحكام الطغاة لها ..وتتابعت صرخات الحرية في تونس ومصر وليبيا وسوريا والبحرين وقالوا صراحة وهم عُزّل أمام رصاص الحكام وأزلامهم "الشعب يريد اسقاط النظام"
ورغم إجراءات الحكام وإسراعهم بتقديم إصلاحات ومغريات إلا أن الشعوب ظلت متمسكة بحريتها التي فهمتها كونها تحرر من عبودية الحكام وكلما زاد سفك الدماء زاد اصرار الناس على طرد الحكام بل ومحاكمتهم ..
والسؤال المطروح هل كانت هناك أصوات تنادي بنوع آخر من الحرية ؟
النظرة الدقيقة إلى ثورات الشعوب وكما أسلفنا ،،كانت عفوية غير موجهة بتاتا ..انطلقت من فطرة الإنسان وجبليته بما أنه مفطور على صد الظلم والقهر ومقت العبودية ولاسيما عبودية الحكام العبيد، اللذين ملكوا رقاب الشعوب المستضعفة.. إلا أن الملاحظ أن الإعلام قد تحركت عجلته وحاول تحريف مطلب الحرية عن سياقه ..
جاء في بعض الفضائيات المرئية والصحف المكتوبة التعريفات التالية للحرية مع فتح نقاشات وتمرير رأي تلك الإعلاميات عبر ضيوفها ومنها قناة الجزيرة خاصة :
الحرية: لا يمكننا الحديث عن قيم الأنسنة والعقلنة دون أن يتم ذلك في فضاء من الحريات التي تمكن المجتمع من التعبير عن ذاته.
والحديث هنا يتعلق بالحرية كقيمة عليا تشمل مختلف مجالات الإنتاج والإبداع، أي حرية التفكير والتعبير والاعتقاد. إنها تلك الحرية الشاملة الخلاقة المؤسسة على وعي ذاتي بمسؤوليتها.
لكن المشكل -الذي يطرح اليوم من خلال شعارات الثورات العربية- يتمثل في حصر الحرية في بعدها السياسي المرتبط بعلاقة الحاكم بالمحكوم.
والحال أن جانبا كبيرا من محتوى الحرية يتعلق بعلاقة الفرد بالمجتمع ذاته. فإن كانت الدولة التسلطية تمثل المحافظة السياسية فإن المجتمع العربي يمثل المحافظة الفكرية والاجتماعية، وهي أحد الرهانات الصعبة اليوم.
مفاهيم جديدة يسوّقها الإعلام
- 1/التنوع:
- لماذا الحرية؟ لأن المجتمع بطبيعته متنوع بالرغم من محاولات الأنظمة العربية ترسيخ قدر غير معقول من التجانس الضامن لتسهيل مراقبته.
"
التنوع هو الثروة الحقيقية التي تٌمكّن المجتمع من التطور والتأقلم وتجاوز الأزمات, وهو الضامن لدخول الثقافة العربية الإسلامية مرحلة الفعل في الحداثة
"
فالتنوع هو الثروة الحقيقية التي تمكن المجتمع من التطور والتأقلم وتجاوز الأزمات. وهو كذلك الضامن لدخول الثقافة العربية الإسلامية مرحلة الفعل في الحداثة. هذه الحضارة التي تم اختزالها اليوم في جملة من الحدود الشرعية لا أكثر.
"
التحديث2/
يعني انخراط الشارع العربي -عبر مطالبه السياسية- في سياق الوجود الإنساني العام, وهي حركة تندفع بهذا الشارع إلى الأمام للمشاركة في صنع التاريخ البشري العام..
وهذا كلام بعض الساسة من دعاة حرية الغرب :
"
يجب أن نقول الثورة العربية بالمفرد وليس الثورات العربية، وذلك لأن أسبابها واحدة وأهدافها واحدة ووسائلها واحدة، وحتى طبيعتها واحدة.. وأمام هذه القواسم المشتركة، لا أهمية لأي فوارق طفيفة,,وذلك لأن أهدافها واحدة.. حيث لم يرفع أحد مطلب بناء دولة العمال والفلاحين أو إقامة الخلافة، وإنما اتفقت كل الشعوب على الشعار الذي رُفع في تونس وصنعاء والمنامة والقاهرة وبنغازي "الشعب يريد إسقاط النظام"، وعلى مطلب مجلس تأسيسي ودستور يضمن بناء الدولة المدنية والمجتمع الحرّ ويقطع نهائيا مع الاستبداد.
3- الحرية السياسية:
بدأ التسويق لهدا المفهوم ويعني ممارسة حق الفرد والجماعة للنشاط السياسي بحرية والغاية منه التسويق للديمقراطية وقد حاول الإعلام تسويق المفهوم بأن ركز على عمليات التمثيل الحزبي في البلاد كتونس ومصر وخصص مساحات هائلة لأشباه السياسيين بالكلام وشرح حريات الغرب ومنها حرية اختيار المنظمة أو الحزب السياسي الذي يقتنع ببرنامجه الناس.. وكانت جل ما يتفق عليه هؤلاء الساسة الحريات في ممارسة السياسة والمعتقد والمحاسبة وحرية المرأة وتأهيلها والحرية الشخصية.. وقد استغلوا منابر إسلامية للتسويق إلى قيمة الحرية السياسية والمحاسبة مع تمرير مفاهيم كالتداول السلمي للسلطة ..والحرية تسبق العمل السياسي.. وهذا العمل يصب في خانة التضليل والتوظيف السياسي لفكرة الحرية.,,
كما يذكر الإعلام حرية المرأة ..وقد عقدت لهن منابر في الإعلام وتم تسويق فكرة المساواة تحت ذريعة التمسك بالإنجازات السابقة,, وسوّق الإعلام عدة تظاهرات ومسيرات تشارك بهن نسوة يطالبن حتى بالتحرر الكامل والحرية الشخصية.... .
أما عن حرية الرأي والمعتقد فقد فسح المجال لأشباه المثقفين ولإعلان حتى ردّتهم كما حدث من قبل مخرجة تونسية أنكرت وجود الله علنا على قناة تونسية أو كما صرح عياض بن عاشور رئيس الهيئة العليا لحماية الثورة بردته حين قال "ديني الديمقراطية "مما حيّر المذيع الفرنسي وطلب منه إعادة القول... ,,
تناول الإعلام لمطالب الجماهير وللشّعارات المرفوعة كان مدروسا ومتقاطعا مع سياسة الغرب في بلادنا ، لغاية الإبقاء على حضارته وثقافته . ويصنع الإعلام الحدث بتناوله لمطلب الحريّة والكرامة ويبرزها كونها المسار الوحيد ويصف مرحلة الثّورات أنّها انتقالية {الانتقال الدّيمقراطي؟؟} كما يستغلّ أحداثا نتيجة لبالونات الاختبار التّي يطلقها بقايا الأنظمة وأدوات الغرب المحليّة من حين لأخر .فيقوم الإعلام بتضخيمها واستثمارها لصالح شعارات ومطالب محدّدة ، لن تخرج جميعها عن أغراض وأهداف يرغب بتحقيقها من خلال إذاعتها ونشرها بين الناس بل تصّب في منظومة الغرب الرأسمالي كالحريّات والحقوق الفكرية وحريّة العقيدة والتعبير يضعها كمقدّسات لا يمكن المساس بها . تلك التي تدعوا إلى ثقافة الانحلال من حضارة الايدز, اللواط, أبناء السفاح , فساد , جرائم, فواحش, موبقات انتهاكات صارخة للقيم الأخلاقيّة, من خلال تكريس الحريّة الشخصيّة ومن إساءات للأنبياء و للمقدّسات و لرموز الإسلام محتمية هي الأخرى بعباءة حريّة الرأي, ومن خواء روحي من عبادة الأبقار ,الأوثان, تفشي الإلحاد تحت مظلّة حرية المعتقد ومن ظهور الاستعمار وقرصنة الأموال من قبل الرأسماليين من وراء فكرة حرية التملك
و رغم ما يلف هذه الكلمة( الحرية) من غموض في المعنى وفي التصور لدى الشعوب المنادية بهذا الشعار البراق واختلاف مفهومها لدى الناس سواء من النخب المثقفة أو من عوام الناس إلا أن أغلب الشعارات التي رفعت كانت تدور في دائرة الحرية والديمقراطية.
فان كانت للحرية معان عديدة حسب الاديولجيات والحضارات:
فمثلا الحرية في الحضارة الغربية هي "لا قيد" و"افعل ما تشاء"، ولكن هذا الشعار النظري فشلت الحضارة الغربية في تحقيقه كما أن الحريات المطلقة لم توجد يوما، ولا يمكن أن توجد، والتجأ الغرب إلي تقييد ما أطلقته بذريعة
"تنتهي حريتك عندما تبدأ حرية الآخر"، "قيود من اجل تنظيم أمور الحياة للأفراد" وغيرها من القواعد والضوابط
التي تقنن هذا التقييد فأصبح هذا الشعار مجرد كذبة كبرى يضحك به على ذقون الناس إلا أن الإسلام لا يعرف معنى للحرية إلا بكونها ضد العبودية أي الرق ....
أما أن يكون الإنسان حرا في تصرفاته يفعل ما يشاء ويحجم عما يشاء فهذا مما لا يجوز شرعا
وهنا العبودية لا تكون الا لخالق الإنسان وهو الاستسلام والخضوع لله سبحانه وتعالى ولأوامره... "فالأصل في الأفعال التقيد بالحكم الشرعي"
إن شعار الحرية الذي رفع في ربيع الثورات العربية كما سمتها وسائل الإعلام،
لم يرفع بالمعنى الغربي وبالمفهوم النظري الفلسفي بل نتيجة للكبت والظلم من أنظمة فشلت في رعاية شؤون الناس،
فأذاقتها صنوف العذاب والاستبداد وهيمنت على إرادتها وعمدت إلى طمس عقائدها فرفعت شعار الحرية أملا في الإنعتاق من ربقة الحكام الظلمة والتحرر من استعبادهم واسترداد لكرامتهم التي استباحت.....
هذا ما دأب عليه إعلامنا الناطق بلغة قراننا في الوقت الذي يدعي أنه من ملّة الأمة تراه لا ينفك عن المطالبة بأفكار الغرب و عقيدته ( فصل الدين عن الدولة ) لإقصاء الإسلام عن دفّة الحكم و بهذا نبقى متاعا لهم ....
إن الشعارات التي رفعها الناس ولا تزال ترفع تلاعب بها الإعلام بخبث وتقصّد. ليمرر شعارات محددة أرادها الإعلام مساوقة مع السياسة التي يريدها الغرب لبلادنا .لتبقى الأمة مرتبطة ،بحضارته ولا يغير إلا في ضوابط معينة وفق نفق مسدود ،يحجب الرؤية عن حقيقة شعارات الديمقراطية والحرية والكرامة والعزة والعيش الكريم.. وهده المفاهيم يجب أن يعي عليها الناس لهدمها .ومن ثم بناء مفاهيم حقيقية على أساس الإسلام، في الحكم وسائر نظم الحياة .حتى يكون التغيير جذريا وحقيقيا .وبالتالي يمكن القول :أن الشعب أراد تغيير النظام ووعد و أنجز هذه المطالب التي تلمح إليها الشعارات المرفوعة حتما ستتطور إلى ما اشرنا إليه وهذا ملاحظ في سرعة تسابق وتطور الشعارات التي رفعت سابقا وانقلبت من مطلب معيشي إصلاحي إلى طلب تغيير سياسي، سيأتي مكتملا قريبا ،باستكمال درجة الوعي عن دور الإعلام ومن يوجهه. وهذا عمل المخلصين منه كالناقد حتى ينبثق عن وعي الناس وفهمهم رأي عام يختار شعار الإسلام هو الحل بنظام حكمه -الخلافة -فيتحول السلطان بتحول هذه الأفكار . وان وعد الله حق ولن يترنا أعمالنا....
|