منتدى الناقد الإعلامي

السلام عليكم , للمشاركة اختر ( دخول | تسجيل )



ملتيميديا

مقتطفات فيديو من انتاج الشبكة

 
Reply to this topicStart new topic
> جريدة الراية - التمسّك بالثوابت السياسية قوة وتقديم التنازلات ضعف
ام عاصم
المشاركة Sep 22 2022, 08:56 PM
مشاركة #1


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الإداريين
المشاركات: 2,094
التسجيل: 22-September 11
رقم العضوية: 27




التمسّك بالثوابت السياسية قوة وتقديم التنازلات ضعف
جريدة الراية

الإسلام كله ثوابت، سواء العقائد أو الأحكام، الفكرة أو الطريقة، فكل شيء في الإسلام ثوابت، ومن الثوابت المعروفة رفض القواسم المشتركة بين الإسلام وغيره، ومن الثوابت أيضاً عدم القبول بما يسمى بالالتقاء مع الكفار في منتصف الطريق.

ويتميز المسلم الحقيقي دائماً بتمسكه بالثوابت، وهذا يكسبه صفة القوة في شخصيته، وفي أدائه وسلوكه، والرسول ﷺ قد علّمنا كيفية التمسك بالثوابت لدرجة العض عليها بالنواجذ، فعندما قال له عمه أبو طالب: "إِنَّ بَنِي عَمِّكَ يَزْعُمُونَ أَنَّكَ تُؤْذِيهِمْ فِي نَادِيهِمْ وَمَسْجِدِهِمْ فَانْتَهِ عَنْ ذَلِكَ" قَالَ: فَحَلَّقَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ قَالَ: «هَلْ تَرَوْنَ هَذِهِ الشَّمْسَ؟» قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: «مَا أَنَا بِأَقْدَرَ أَنْ أَدَعَ ذَلِكَ مِنْكُمْ عَلَى أَنْ تَسْتَشْعِلُوا لِي مِنْهَا شُعْلَةً»، ومعلومٌ أنّ الرسول ﷺ قد رفض عرض قريش له في الزعامة والجاه والمال والزواج بأجمل النساء، ورفض كذلك مُشاركة قريش في العبادة، فعندما جاءه الوليد بن المغيرة والأسود بن المطلب والعاص بن وائل وقالوا له: "يا محمد هلمّ فلنعبد ما تعبد وتعبد ما نعبد ونُشركك في أمرنا كله"، فقال: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ...﴾، وبعد وفاة عمّه أبي طالب عرض عليه عمه أبو لهب الحماية مُقابل التوقف عن تسفيه آلهة قريش وأحلامهم فسأله: "يَا مُحَمَّدُ أَيَدْخُلُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ النَّارَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «وَمَنْ مَاتَ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ دَخَلَ النَّارَ». فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ لَعَنَهُ اللَّهُ: "وَاللَّهِ لَا بَرِحْتُ لَكَ إِلَّا عَدُوّاً أَبَداً".

هكذا كان ﷺ مُتمسكاً بالثوابت فلا يُداهن ولا يُداجي من بيدهم السلطة، ويعرض الدعوة على الجميع بغير تورية ولا مُواربة ولا مُجاملة.

وكما يشمل التمسك بالثوابت العقائد والأحكام الشرعية المتعلقة بالفكرة، فكذلك يشمل الأحكام المتعلقة بالطريقة، فعندما طلب ﷺ النصرة من قبيلة بني عامر بن صعصعة، واشترطوا عليه أنْ يكون لهم الحكم من بعده، رفض النبي ﷺ شرطهم بكل صراحة ووضوح، مع أنّه كان في أمسّ الحاجة للنصرة فقال: «الْأَمْرُ لِلَّهِ يَضَعُهُ حَيْثُ يَشَاءُ».

فالثوابت إذاً هي من المسلّمات الشرعية التي لا تتغير بتغير الزمان والمكان إلى يوم القيامة، والثبات عليها واجب، والتمسك بها فرض، والتزامها فوق ذلك كله ضرورة ملحة، لا يستغني عنها أي مجتمع من المجتمعات التي يُعمل فيها للتغيير.

والأعمال السياسية التي تقوم بها الدولة الإسلامية الحقيقية هي من الكيفيات الدائمة التي يقام بها للحفاظ على تلك الثوابت، والتخلي عنها يؤدي إلى السير في نهج تقديم التنازلات الذي يجلب على الأمّة الويلات.

ولو أخذنا السياسة الخارجية التركية في السنوات العشر الماضية كمثال لرأينا رأي العين كم من التنازلات قدّمت على حساب الثوابت التي أعلنت عنها، لدرجة التضحية بالثوابت الشرعية والضرورية لصالح الحسابات الدولية والإقليمية للقوى الكبرى!

فقالوا مثلاً لا يمكن السماح بحماة ثانية، فسمحوا بحماوات كثيرة، وقالوا لا يمكن أنْ نُساوم على حلب، فساوموا عليها وسلّموها للنظام المجرم، وقالوا لا يمكن التعامل مع نظام ملطخة أياديه بدماء شعبه، فتعاملوا معه مخابراتياً ثم سياسياً، وقالوا لا يُمكن أنْ نُفرّط بالسوريين اللاجئين والمستضعفين والإسلاميين، ففرّطوا بهم وطردوهم وعاملوهم بعنصرية، وقالوا نحن لا نتعامل مع الأنظمة الدكتاتورية المستبدة غير المنتخبة، فأغلقوا ملف الصحفي جمال خاشقجي وسلّموه للسعودية، وتعاملوا وطبّعوا مع أعتى الدكتاتوريات كالسعودية ومصر والإمارات، وقالوا بأنّهم لا يطبعون مع كيان يهود قاتل المدنيين الفلسطينيين، فطبّعوا معه، ووسّعوا علاقاتهم الدبلوماسية والاقتصادية والتجارية معه إلى أقصى حد...!!

ومن أمثلة التفريط السياسي والتنازل عن الثوابت أيضاً ما تقوم به حركة حماس وهي تُمثّل السلطة الحاكمة في قطاع غزة حيث تخلت عن حركة الجهاد، وقبلت بالتنسيق الدائم مع المخابرات المصرية المجرمة، ووافقت على مبدأ التفاوض مع كيان يهود عبر السلطة الفلسطينية، وقال يحيى السنوار رئيس حركة حماس في القطاع: "سنواصل مسار المُقاومة الشعبية السلمية في مُواجهة آلة البطش التي يمتلكها الاحتلال"، فبماذا تختلف حماس عن محمود عباس إذاً؟!

وأمّا القيادي في حركة حماس موسى أبو مرزوق فمهّد للتنازل عن القتال ضد كيان يهود فقال: "لا غُبار على مُفاوضات الاحتلال، فكما نفاوضه بالسلاح نفاوضه بالكلام"!

فالإصغاء للكفار والالتزام بتعليماتهم لا يتوقف عند حد، وقال أحد المسؤولين في حركة طالبان: "لقد طلبوا مني إلغاء تطبيق الحدود الشرعية مقابل الاعتراف بأفغانستان في الأمم المُتحدة".

فالسماع من الكفار وتلبية مطالبهم لا تنتهي إلا بترك أحكام الإسلام تماماً، وحتى إن تمّ ذلك فالكفار لا يتوقفون حتى المطالبة بالمزيد من التنازلات، ثمّ بعد ذلك ربما لا يعجبهم هذا الذي تنازل لأي سبب من الأسباب فيعملون مع أتباع آخرين لهم على الإطاحة به، ويأتون بمن يقدم لهم التنازلات من نوع آخر كما فعلوا مع عمر البشير في السودان ومحمد مرسي رحمه الله في مصر بالرغم من تنازلهما للكفار عن كل شيء يتعلق بتطبيق الشريعة.

فالمطلوب الشرعي إذاً هو الذي يوجب على السياسيين التمسك بالثوابت الشرعية ورفض فكرة القبول بالتدرج في العمل السياسي لأنّ هذا القبول فوق كونه فكرة مخالفة للشرع فهو أيضاً فكرة قاتلة مُدمّرة.
Go to the top of the page
 
+Quote Post

Reply to this topicStart new topic
1 عدد القراء الحاليين لهذا الموضوع (1 الزوار 0 المتخفين)
0 الأعضاء:

 

RSS نسخة خفيفة الوقت الآن: 1st November 2024 - 09:40 PM