منتدى الناقد الإعلامي

السلام عليكم , للمشاركة اختر ( دخول | تسجيل )



ملتيميديا

مقتطفات فيديو من انتاج الشبكة

الملف الشخصي
صورة العضو
التقيم
 
الخيارات
الخيارات
الإعلان الشخصي
مجلة منهاج النبوة: مجلة فكرية سياسية فقهية دعوية تصدر كل شهر قمري عن ثلة من شباب الشام المباركة.
للتواصل والاستفسار ولإرسال المقالات يرجى التواصل عبر:
الموقع الرسمي للمجلة: www.mnhajalnbooa.com
منتديات مجلة منهاج النبوة: www.mnhajalnbooa.com/vb
البريد الالكتروني: info@mnhajalnboo
معلومات شخصية
مجلة منهاج النبوة
مدير المجلة
العمر غير محدد
الجنس غير محدد
إسم البلد غير محدد
تاريخ الولادة غير محدد
الهوايات :
لا توجد معلومات
الإحصائيات
الإلتحاق بتاريخ: 15-January 13
عدد مشاهدة الملف 3,216*
آخر تواجد في : 7th March 2015 - 06:21 AM
التوقيت المحلي: Nov 18 2024, 09:17 PM
50 المشاركات (0 :المشاركات باليوم)
معلومات الإتصال
AIM لا توجد معلومات
Yahoo لا توجد معلومات
ICQ لا توجد معلومات
MSN لا توجد معلومات
* يتم تجديد عدد المشاهدات كل ساعة

مجلة منهاج النبوة

الكتّاب


المواضيع
الردود
التعليقات
الأصدقاء
المحتوى
مفاهيم ينبغي أن تصحح

العرف و موقف الشرع من العرف

طالب جنان الخلد

العرف في اللغة بمعنى المعرفة، والشيء المعروف أي المألوف المستحسن، ومنه قوله تعالى: " خذ العفو وأْمُرْ بالعُرفِ وأعرِضْ عن الجاهلين " أي أؤمر بالجميل من الأفعال. ويطلق العرف ويُراد به العادة المنتشرة بين جماعة معينة، وبعبارة أخرى هي الأعمال المكررة من أفراد جماعة معينة.
إذِ العادة هي الفعل الذي يكرره الفرد ويرتاحُ له، فإذا انتشرت هذه العادة بين الجماعة، وفعَلَها معظمُ الأفراد أو كلهم، صارت عرفاً. فالعرف في الحقيقة هو عادة الجماعة؛ ولذلك يكون الحكم على الشيء بحسب العرف إذا كان حكماً مستنداً إلى ما اعتاده جمهور الجماعة؛ وبذلك يكون العرف في الأعمالِ، لا في الألفاظ، ولا في التقديرات للأشياء.
أما الاصطلاح: فهو اتفاق جماعة على إطلاق اسم معين على شيء معين، أي جعل المعين يطلق عليه اسم معين، ومن ذلك اللغات والاصطلاحات الخاصة، كاصطلاح أهل النحو، أو أهل الطبيعيات، أو اصطلاح قرية، أو قطر، أو ما شاكل ذلك. فهذه كلها اصطلاحات. وما يطلقون عليه (الحقيقة العرفية) هي من الاصطلاح، وليس من العرف، إذ هي تعارف القوم على إطلاق اسم معين على معنى معين، فهو كالاصطلاح اللغوي سواء بسواء، من حيث إنها اصطلاح، لا من حيث اعتبارها من اللغة، فهي مجرد اصطلاح، وليس من قبيل العادة والعرف، إذ هو يتعلق باستعمال بعض الألفاظ في معان يتعارف الناس على استعمالها، وهذا هو الاصطلاح بعينه.
يعتبر بعض المجتهدين العرف أصلاً من أصول التشريع، ودليلاً من الأدلة الشرعية، ويستدلون به على كثير من الأحكام الشرعية،
ويقسمون العرف إلى: عرف عام، وعرف خاص.
ويمثلون للعرف العام بالاستصناع، وذلك أنَّ الناس اعتادوا استصناع حاجاتهم من أحذية وألبسة وأدوات وغير ذلك، فيجيزون التعامل بها ولو كانت من قبيل المعدوم؛ لأن العُرفَ أجازه، ويعتبرونه دليلاً على جواز هذه المعاملة.
ويمثلون للعرف الخاص باصطلاح بعض التجار على أن يكون البيع المؤجَّل مُقسَّطاً إلى مدة لا تزيد عن كذا شهر، كستة أشهر مثلاً، فإن هذا العرف يحكم عند الدفع ولو لم يذكر عند العقد. ويقولون إن الشريعة اعتبرت العرف في قضايا متعددة؛ ولذلك يعتبرون الحكم المستند إلى العرف حكماً شرعياً مستنداً إلى دليل شرعي، ويستدلون على ذلك بقوله تعالى: " خذ العفو وأْمُرْ بالعُرفِ... " ويقولون: إنَّ الشرع أَمَرَ أن نأخذ بالعرف.
إن الآية التي استشهدوا بها على العرف قد أُقحِمَتْ إقحاماً فظيعاً في هذا الموضوع، ولا علاقة لها به، فإنَّ الآية مكية، وهي في سورة الأعراف ومعنى الآية: "خذ ما عَفَا لك من أفعال الناس وأخلاقهم وما أتى منهم، وتسهَّل معهم من غير كلفة، ولا تطلب منهم الجهد، وما يَشُقُّ عليهم حتى لا ينفروا"، كقوله صلى الله عليه وسلم : "يَسِّرُوا وَلاَ تُعَسِّرُوا" أخرجه البخاري.
وأْمُر بالعرف: أي بالجميلِ مِنَ الأفعالِ، والعُرف المعروف هو الفعل الحسن. أما ما قالوا عنه إنه حديث: " ما رأى المسلمون حسناً فهو عند الله حسن، وما رآه المسلمون سيئاً فهو عند الله سيء" فإنه قول لابن مسعود، وليس حديثاً؛ فلا يحتج به، فضلاً عن كونه لا دخل له بالعرف؛ لأنه ينص على ما رآه المسلمون لا ما تعارفوا عليه واعتادوه. أما الأعمال التي أقرها الرسول صلى الله عليه وسلم وكانت من الأعراف والعادات، فإنه يعتبر العمل بها عملاً بالدليل الشرعي، وهو إقرار الرسول، وهو دليلٌ شرعي وليس عملاً بالعرف والعادة، ولا يُتَّخَذُ ذاك قياساً؛ لأن إقرار الرسول وحده هو المعتبر دليلاً شرعياً، ولا عبرة بإقرار غيره، فلا يقال إن الشريعة أقَرَّتِ العرف.
وأما ما اعتبره بعض الفقهاء حكماً شرعياً في العرف، فإن منه ما يتعلق بالاصطلاح، ومنه ما يتعلق بتقدير الأشياء.
أما الذي يتعلق بالاصطلاح، فلا شك في اعتباره عند الذين اصطلحوا عليه، وهو يتعلق بإطلاق أسماء على معانٍ لا بأفعال الإنسان، ولا بالأشياء.
وبذلك يكون قد سقط جميع استشهادهم بما اعتبره بعضُ الفقهاءِ حُكماً شرعياً في العرف بظهورِ أنَّه من الاصطلاح أو من التقدير، وكلاهما ليس من العرف فضلاً عن مجيء النص صراحة في التقدير للأشياء.
وبذلك بطل استدلالهم على فرض أن هذه المسائل والأحكام مما يصح أن تتخذ دليلاً، وخاصة على اعتبار أن العرف أصل ودليل من الأدلة الشرعية.
إنَّ العرف- وهو الأعمال المتكررة- يجب أن يُسيَّرَ بالشرع حتى تَسيرَ أفعال الإنسان حسب الأحكام الشرعية، سواء أكانت هذه الأفعال مكررة من الفرد كالعادة، أم مكررة من الجماعة كالعرف، أم غيرِ مكررة من أحدٍ وفُعِلَتْ ولو مرة واحدة؛ لأنَّ من المقطوع به أنه يَجِبُ على المسلم أن يُسيَّرَ أفعاله بأوامر الله ونواهيه، سواء كُرِّرَتْ أم لم تُكَرَّرْ؛ وعليه يجب أن يحكَّمَ الشرعُ بالأعراف والعادات، ولا يجوز اعتبار العرف والعادة دالَّيْنِ على صحة الفعل أو عدم صحته، بل المعتبر هو الشرع فحسب، ولذلك لا يجوز اعتبار العرف دليلاً شرعياً، ولا قاعدة شرعية مطلقاً.
والعرف إما أن يكون مخالفاً للشرع أو غير مخالف، فإن كان مخالفاً للشرع، فالشرع جاء ليزيله ويغيره؛ لأنَّ من عمل الشريعة تغيير الأعراف والعادات الفاسدة. وإن كان غير مخالف للشرع يثبت الحكم بدليله وعلته الشرعية، لا بهذا العرف، ولو لم يخالف الشرع.
وعلى ذلك فلا يحكّم العرف بالشرع، وإنما يحكّم الشرع بالأعراف والعادات.
إنَّ أصل الأدلة الشرعية هو الكتاب والسنة، فهما الدليلان الأصليان، وما ثبت فيهما أنه دليل شرعي كالإجماع والقياس يُعتَبَرُ دليلاً شرعياً، وما لم يثبتْ فيهما أنه دليلٌ شرعي لا يعتبر دليلاً شرعياً، وبما أنه لا يوجد أصل للعرف والعادة لا في الكتاب، ولا في السنة، ولا في إجماع الصحابة، فلا اعتبار للعرف مطلقاً. إذْ لا اعتبار لأي دليل شرعي إلا إذا نصَّ عليه الكتاب أو السنة. أما ما استدلوا به على العرف من الحوادث فهو خاص بتلك الحوادث، وليس إجازة عامة للعرف بصورة عامة، وهو دليل على حوادث معينة، وليس دليلاً على أن العرف دليل شرعي.
إن الأعراف والعادات منها الحسن ومنها القبيح، ولا شك أن العادات القبيحة والأعراف القبيحة غير مُعتبَرةٍ شرعاً بالاتفاق، فما الذي يميز القبيح أو الحسن؟ هل هو العقل أم الشرع؟
أما العقل فلا يعتبر مميزاً الحسن من القبيح؛ لأن العقل محدود ويتأثر بالبيئة والظروف، وقد يرى شيئاً حسناً اليوم ويراه غداً قبيحاً، فإذا تُرِكَ تقدير العُرْفِ الحَسَنِ من العرف القبيح للعقل أدى ذلك إلى اضطراب أحكام الله وهذا لا يجوز؛ ولهذا كان لا بد من أن يكون الشرع وحده المُعْتَبَرَ في الحُكمِ على العُرف.
ومن هنا كان اعتباره متوقِّفاً على وجودِ نص في الحادثة تجعل اعتباره شرعياً حتى يعتبر، فيكون الدليل هو النص الشرعي وليس العرف.
إنَّ الأمثلة التي أوردوها جميعها ترجع إلى أحد أمرين:
- إما أن تكون صحيحة في الحكم ولكن الخطأ وقع فيها في التخريج، أو تكون خطأ في الحكم والتخريج. فإنْ كانت صحيحة في الحكم، فإنَّ الخطأ فيها قد وقع بجعل العرف دليلها؛ لأن لها دليلاً آخر غير العرف.
- وإن كانت خطأ في الحكم، فيكون الخطأ جاء من ناحية استناد الحكم إلى العرف وهو لا يجوز، وهي في جملتها لا تخرج عن ذلك، فمثلاً: يمين الشخص أن لا يضع قدمه في الدار راجع إلى الاصطلاح على اللفظ لا إلى العرف. وضمان الزيتون راجع إلى اصطلاح إطلاق اسم الضمان على بيع الثمر على الشجر لا على العرف. وكون الصديق يأكل من بيت صديقه راجع إلى القرآن الكريم في قوله تعالى: " أو صديقِكم " في آية: " أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت... " الآية. وأكل ثمر الشجر راجع للحديث الذي يجيز للمرء أن يأكل من ثمر الشجر على أن لا يحمل معه، وهو قوله عليه السلام: "لاَ قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلاَ كَثَرٍ" أخرجه أحمد، وقوله: "يَأْكُلُ غَيْرَ مُتَّخِذٍ خُبْنَةً" أخرجه أحمد، فأَكْلُ ما تَسَاقَطَ مِن الشَّجَرِ من باب أولى. وسكوت البكر جائز لقوله صلى الله عليه وسلم عن البكر: "إِذْنُهَا صُمَاتُهَا" أخرجه مسلم، لا للعرف. وبيع الدار وشِراءُ اللحم يَرجِع كل منهما إلى إطلاق اصطلاح كلمة الدار وكلمة اللحم على معنى معين، فهو راجع إلى الاصطلاح وليس إلى العرف. وكذلك مسألة الدراهم والدنانير. أما مسألة خياطة الثوب فهي راجعة لأجر المثل لا للعرف. ومسألة الزوجةِ خطأ في الحكم وفي الدليل، فالحق لا يسقط بالعرف، ولا يصلح العرف دليلاً على سقوطه، وإنما يجب أن تسمع دعواها، فإن أثبتتها حكم لها بمهرها، بغض النظر عن العرف.
وبذلك يظهر بطلان اعتبار العرف دليلاً شرعياً. ولا يوجد دليل شرعي قد ثبت كونه دليلاً شرعياً بالنص الشرعي سوى: القرآن، والحديث، وإجماع الصحابة، والقياس، وما عداها فلا قيمة له بالاستدلال على الأحكام الشرعية.
هذا من ناحية فساد كون العرف دليلاً شرعياً، أما فساد كونه قاعدة شرعية، فإنَّ القاعدة هي حكم كلي أو حكم عام. والعُرف لا هو حكم كلي؛ لأنه ليس له جزئيات، ولأنه لم يقترن به ما هو بمثابة العلة له. وليس هو حكماً عاماً إذ ليس له أفراد تدخل تحته، وعلاوة على ذلك، فإنه لم يستنبط من نص شرعي، لا من الكتاب، ولا من السنة، كما لم يكن هناك إجماع من الصحابة عليه؛ وبهذا لا يعتبر قاعدة شرعية.
من مجلة منهاج النبوة العدد الرابع

رابط المقال:
http://mnhajalnbooa.com/vb/showthread.php?t=15
مفاهيم ينبغي أن تصحح


أصلح الفرد يصلح المجتمع!!


كثيراً ما نسمع اليوم في أرضنا الحبيبة اسمَ الإسلام ومطالبة الناس للإسلام لا لغيره، هذا ما لمسناه في شعارات مظاهراتنا بين المسلمين، وعلى ألسن شبابنا فلله الحمد والمنة لهذا التوجه نحو الإسلام، لكن هناك بعض الالتباس الذي تحمله عقولُ بعض المسلمين؛ وهذا نتيجةُ غياب تدريس الإسلام في منهاج التربية في مدراس اليوم - مدراسِ حزب البعث الذي سعى في الأرض فساداً وخراباً ليس بالأمور المادية فقط بل بالأمور التربوية أيضاً-، فالأصلُ الذي بُنِيَتْ عليه مناهج التدريس على أساسٍ لا يَحترِمُ العقيدة الإسلامية ،طبعاً هذه السياسة كانت امتداداً لما بدأ به الغرب الكافر عندما دخل بلادنا الحبيبة - بلاد المسلمين- وبدأ ينشر أفكاره الرذيلة بين أفراد الأمة الإسلامية، وحتى يكونَ لهذه الأفكار قبولٌ بين عقول المسلمين أدخلها على أساس أنها لا تعارض الإسلام.
ومن الأفكار التي يظنها بعض الناس اليوم أنها الصواب هي" أصلح الفرد يصلح المجتمع!"
ونحن سرنا على هذا المفهوم دون النظر في كونه أنه يبت للإسلام بصلة، أم أنه من وحي عقول الغرب، وانطلاقاً من قاعدة: "الأصل بالأفعال التقيد بالحكم الشرعي" فلا بد أن نُرجِعَ هذا الفعل وهذا المفهوم وننظر: ما حكمه في الإسلام؟ وما حكم هذه القاعدة؟
وبما أن هذه الفكرة تدور حول إصلاح المجتمع فلا بد من معرفةِ أنها صحيحة أم أنها غير صحيحة فلا بد لنا من جولة في سيرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، فالمجتمع الذي قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بإصلاحه قاد البشرية فترة 1400سنة ، قاد البشرية بأفكار الإسلام ومفاهيمه عن الكون والإنسان والحياة. ولا بد- قبل البدء بهذه الفكرة- أن نفهم المجتمع وما هو تعريفه وما هي مكوناته، وبالرجوع إلى سيرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم نرى أنه عرف المجتمع تعريفاً جامعاً شاملاً حيث قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه عن النعمان بن بشير رضي الله عنه : "مثل الْقَائِم فِي حُدُود الله وَالْوَاقِع فِيهَا كَمثل قومٍ استهموا على سفينة فَصَارَ بَعضهم أَعْلَاهَا وَبَعْضهمْ أَسْفَلهَا، وَكَانَ الَّذين فِي أَسْفَلهَا إِذا استقوا من الماء مروا على من فَوْقهم فَقَالُوا: لو أنَّا خرقنا فِي نصيبنا خرقاً وَلم نؤذِ من فَوْقنَا فَإِن تركوهم وَمَا أَرَادوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِن أخذُوا على أَيْديهم نَجوا ونجوا جَمِيعًا" فالنبي صلى الله عليه وسلم صَوَّرَ المجتمع بالسفينة، حيث أن هذه السفينة فيها قوم كان نصيبهم الأعلى وقوم كان نصيبهم الأسفل، ويحكم السفينةَ قانونٌ يقوم على عدم القيام بأي فعل يؤدي بحياة القوم جميعاً، وفي كل سفينة قبطانٌ يقوم على متابعة أمورِ القوم حتى تنتهي رحلتهم بسلام.
ومن هنا نرى أن المجتمع هو عبارة عن مجموعة من الناس اجتمعوا في مكانٍ واحد وتجمعهم فكرةٌ واحدة ويحكمهم قانونٌ واحد ولديهم مشاعرٌ واحدة. فالمجتمع مؤلف من أربعة أركان إذا فُقد ركنٌ واحدٌ تحوَّلَ هذا الشيء مِن كونِه مجتمع إلى جماعة من الناس، وهناك فرقٌ واضح بين المجتمع والجماعة ولنضرب مثالاً على ذلك: لو كان ألف شخص في طائرة، وكلُّ فردٍ من بلدٍ مختلف عن الآخر فلا يُسَمَّون مجتمعاً وإنما جماعة لأنه لا يوجَد نظامٌ يحكمهم، وفكرتُهم ليست واحدة، ومشاعرُهم مختلفة، أما لو كان هناك قبيلة من الناس عددهم قليلٌ، ولكن لديهم فكرةٌ واحدةٌ (نقصد بالفكرة الواحدة هنا النظرة للكون والإنسان والحياة أي أن الله خلق الكون وخلق الحياة وخلق الإنسان وفرض على الإنسان أحكاماً شرعية لا بد من الالتزام بها وأن هناك يوم الحساب يُحاسَب فيه الناس ومن ثم إما الجنة وإما النار)، ولديهم مشاعرٌ واحدة ويحكمهم نظام ٌواحد؛ يمكن أن نسميهم مجتمعاً، فلا عبرة للعدد كبيراً كان أم صغيراً.
والإسلام عُني بالفرد على أنه "جزءٌ من كُلٍّ" أي: جزء من الجماعة لا فرداً منفصلاً عنها، كما أن اليد جزء من الجسم بحيث تؤدي هذه العناية للمحافظة على الجماعة، وفي نفس الوقت تُعنى بالجماعة بوصفها كلاً له أجزاء، حيث تؤدي هذه العناية للمحافظة على الأفراد، وخيرُ مثالٍ على ذلك قول خير البرية الذي لا ينطق عن الهوى في الحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه: "إِنَّ مَثَلَ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ وَتَوَادِّهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ الْوَاحِدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى".
ونعود من حيث بدَأْنا، فبعدَ أن عَرَّفْنا ما هو المجتمع وما أركانه وما الفرق بين المجتمع والجماعة؛ لا بد لنا من أن نرى وندقق في هذه العبارة لنرى أن " المجتمع مُكَوَّنٌ من أفراد وأنه إذا أصلحنا الفرد صَلُح المجتمع وإذا انتظمت أمور الفرد انتظمت أمور المجتمع " هي نظرة النظام الرأسمالي الغربي للمجتمع، فهو ينظرُ للمجتمع على أنه مجموعة أفراد فمتى صَلُح الفرد صَلُح المجتمع، أما الإسلام فيرى أن الأساسَ الذي يقومُ عليه المجتمع هو العقيدة وما نحمل من مشاعر وما ينبثق عنها من أنظمة، فحين تسودُ الأفكار الإسلامية والمشاعر الإسلامية ويُطَبَّقُ النظام الإسلامي على الناس يُوجَد المجتمع الإسلامي، ولذلك لو كان جميع الناسِ مسلمين، وكانت الأفكار التي يحملونها رأسمالية وديمقراطية، والمشاعر روحية كهنوتية أو وطنية، والنظام الذي يُطبَّق عليهم نظامٌ رأسمالي ديمقراطي، فإن المجتمع يكون مجتمعاً غير إسلامي- ولو كان جُلُّ أهلهِ من المسلمين-، ولكنْ هنا لا بُدَّ لنا من أن نُنَوِّهَ على أمرٍ مهمٍ وهو: أنَّ المجتمعَ إذا وصفناه بالمجتمع غير الإسلامي فهذا لا يعني أنَّ الناس الذين يعيشون ضمنه كُفَّارٌ، بل نحن نصفُ هنا النظامَ الـمُطَبَّق على الأمة بأنه نظامٌ غيرُ إسلامي.
هذا حكمُ هذه القاعدة في الإسلام، لكن ما البديل؟ وكيف هو الطريق للوصول للمجتمع الإسلامي الذي يُرضي الله عز وجل ؟؟ الجواب: أن نقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم لإصلاح المجتمع، فقد قام الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم بتربيةِ أصحابِه، وعلَّمَهم أمور دينهم، وثَبَّتَ العقيدةَ في عقولهم ونفوسهم، وصنع منهم الشخصية الإسلامية، وحين هاجر إلى المدينة أصبح لهم دولةٌ وقوةٌ، فطَبَّقَ رسول الله صلى الله عليه وسلم النظام الإسلامي؛ ومع ذلك وُجد في أيامه كفارٌ ومنافقون، وَوُجِدَ فيهم العاصي والمذنب والفاجر، ولكن لا يمكن لأحدٍ أن يقولَ إلا أنَّ هذا المجتمع كان مجتمعاً إسلامياً. وهذا معنى قول الله عز وجل: " إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ " فالآية الكريمة تدل على التغيير المتعلق بالمجتمع، وليس بالفرد، ودليل ذلك ألفاظ الجمع التي وردت فيها: (قوم، يغيروا، ما، أنفسهم)، إلا أنَّه لا بُدَّ أن يبدأَ حملَ الدعوة للتغيير فردٌ ثم جماعة، كما بيَّن الله في سرده لقصصِ الأنبياء، وكما يُفهَمُ من قوله تعالى: " وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ "
فمن اهتدى إلى الإسلام وعرَفَ الطريقَ الشرعي للتغيير، وجبَ عليه أن يعملَ لتغيير المجتمع الذي يعيش فيه، إنْ لم يكن مجتمعاً إسلامياً في أفرادِه وأفكارِه ومشاعرِه ونظامِه، وذلك بتغيير ما في هذا المجتمع من مفاهيم إلى مفاهيم إسلامية .
من مجلة منهاج النبوة العدد الثالث

رابط المقال:
http://mnhajalnbooa.com/vb/showthread.php?t=14
مفاهيم ينبغي أن تصحح

رجل الدين

أبو حامد الشاكر

منذ أفول دولة الإسلام وغروب شمسها مطلع القرن الماضي والمسلمون يعيشون حياة الذل والهوان والتبعية والانبطاح؛ ومما زاد الأمر سوءاً سيلٌ من المفاهيم والألفاظ الغربية - التي ماأنزل الله بها من سلطان - انتشرت وتغلغلت في كل ميدان من ميادين بلاد الإسلام حتى أصبحت الأمة معتادة على سماعها والتعايش معها دون أن تحرك ساكناً، وهي في الأصل ألفاظٌ لا تمت لديننا بصلة، والمسلم يجب أن يكون وقَّافاً عند كل كلمة يقولها - وهو رجل الكلمة - وسيُحاسَبُ عليها، فلابد أن يكون كيساً فطناً.
ولعل أبرز مايشيع بيننا لفظ " الشيخ- رجل الدين- سيدنا الشيخ ..." وهذه الألفاظ عند سماعها لا يتبادر إلى الأذهان إلا رجل ذو مظهر معين ومواصفات اجتماعية خاصة، فضَغْطُ الدِّين في أمثال هؤلاء وقَصْرُه عليهم، والناس من بعدهم هَمَجٌ رعاع لاعلاقة لهم بالدين سوى عبادات شكلية، وهذه ألفاظ ومفاهيم مستوردة لاتمت لنا بصلة سرت مسراها إلينا في ليلٍ حالكٍ لضعفنا وهواننا ونحن غافلون عن منهج حياة أنزله لنا ربنا - قد نمنا عنه ولكن أعداء الإسلام لاينامون -، ففي نهاية عهد الخلافة العثمانية ومابعدها سعى الأعداء إلى تشويه هذا الدين الحنيف في أذهان الناس من خلال تسويق هذه الألفاظ، كما عمدوا إلى حَشْرِ ثُلَّةٍ من الناس في زمرة العلماء، واختاروهم من ذوي المظاهر المنبوذة لدى الناس لتنفيرهم من الدين.
ولفظ رجل الدين في الأصل لفظ نصراني، ولايصح أن يُقال في ديننا، ففي الإسلام جميع المسلمين يحملون مسؤولية الإسلام، فلا رجال دين في الاسلام، وعلينا - نحن المسلمين - أن نمنعَ كل مايشعر بوجودهم بيننا. أما العلماء سواء أكانوا مجتهدين أومقلدين فليسوا رجالَ دين ولايملك أحدهم أن يُحِلَّ شيئاً أو يُحرِّمَ شيئاً، وهم كباقي المسلمين في كل حكم من أحكام الشرع، ولربما زلَّ أحدهم زلةً فتنهالُ عليه الشتائم، ولكنْ له ولغيره قال صلى الله عليه وسلم: " كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون "، فلايجوز أن يتميزَ أيُّ عالم عن المسلمين بشيء من أحكام الشرع مهما بلغت منزلته في العلم والاجتهاد والاحترام. فلايكون الحرام على غيره مباحاً له ولا العكس، ولايكون الواجب على غيره مندوباً عليه ولا العكس، بل هو كأي فرد من أفراد المسلمين. ولهذا فإن فكرة رجال الدين موجودة عند النصارى ولاوجود لها في الإسلام، ومفهوم رجال الدين عندهم مفهوم خاص لأن رجل الدين عندهم يُحِلُّ ويُحَرِّمُ، ونَقْلُ هذا اللفظ إلى العالم المسلم يوحي بنقل المفهوم النصراني إلى علماء المسلمين مع أنهم لايحلون ولايحرمون؛ ولهذا يُمنَع إطلاق لفظ رجل دين على العالِم المسلم، وقد وردت الأحاديث صريحةً في النهي عن تقليد اليهود والنصارى، فعن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم، قلنا: اليهود والنصارى؟، قال فمن؟ "، فتقليد اليهود والنصارى من حيث هو منهيٌّ عنه، فكيف إذا كان هذا التقليد يجرُّ إلى إيجاد مفهوم نصراني لدى المسلمين.
وعلى هذا فاعتبار العالم المسلم رجل دين هو تقليد للنصارى في إطلاقهم على علماء الدين عندهم بأنهم رجال دين، وهو أيضا ينقل المفهوم النصراني لرجل الدين إلى العالم المسلم لذلك كان داخلاً تحت النهي من ناحية التقليد وداخلاً تحت النهي الأشد من ناحية نقل المفهوم، ولهذا لا يصحُّ أن يُقال عن العالِم المسلم إنه رجل دين، ولايحل للعلماء أن يعتبروا أنفسهم رجال دين بمفهوم رجل الدين عند النصارى،
ولا يلتبس الكلام هنا مطلقاً مع حديث قائدنا محمد صلى الله عليه وسلم: " من حفظ الزهراوين فشيخوه"، - الزهراوين البقرة وآل عمران - فالمقصود هنا - والله أعلم – أي: عاملوه معاملة الرجل العاقل الراشد. وبهذا فعلينا جميعاً - نحن المسلمين- أن نبادرَ لفهم الإسلام فهماً صحيحاً لنكون حقاً خيرَ أمة أخرجت للناس، لننقذَ العالَمَ من ويلات البعد عن تطبيق دين الله كاملاً في الأرض؛
فالإسلام دين ودولة، مصحف وسيف، عبادة وسياسة.
من مجلة منهاج النبوة العدد الثاني

رابط المقال:
http://mnhajalnbooa.com/vb/showthread.php?t=13
مفاهيم ينبغي أن تصحح

مفهوم لا إله إلا الله


إن الناظر لحال الأمة الإسلامية يرى أنها تعيش حالة من الانحرافات الخطيرة، وكثير من الدعاة المخلصين يظنون أن ما أصاب الأمة الإسلامية من الذل و الضعف والهوان اليوم، هو سبب انحراف المسلمين في سلوكهم عن الصورة الإسلامية الصحيحة؛ وانحراف المسلمين في سلوكهم أمر واضح لا لبس فيه؛ ومع ذلك فليس الانحراف السلوكي هو الانحراف الوحيد في حياة المسلمين؛ ولا هو الانحراف الأخطر، إن الأمر تجاوز ذلك إلى انحراف في المفاهيم ِكلِّ المفاهيمِ الإسلامية الرئيسية ، حتى مفهوم ( لا إله إلا الله) ، وهذا الانحراف في المفاهيم هو الأخطر، فحين تجد إنساناً منحرفاً في سلوكه، ولكنَّ تصورَه لحقيقة الدين صحيح، فستبذل جهداً ما لرده عن انحرافه السلوكي، ولكنك لا تحتاج أن تبذل جهداً في تصحيح مفاهيمه؛ لأنها صحيحة عنده - وإن كان سلوكه منحرفاً عنها - ، أما حين يقع الانحراف في المفاهيم ذاتها؛ فكم تحتاج من الجهد لتصحيح المفاهيم أولاً، ثم تصحيح السلوك بعد ذلك؟ لا شك أنك تحتاج إلى وقت طويل جداً وطاقات كبيرة.
تلك حقيقة الوضع في العالم الإسلامي اليوم ، ولعل ذلك مصداقاً لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: " بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً فطوبى للغرباء " رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه.
لا إله إلا الله، هي الركن الأول والأكبر في الإسلام، بل إن الله عز وجل لم يخلق الخلق إلا لهذه الكلمة، قال تعالى: " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون " أي ليوحدونِ.
وما أرسل الله الرسل إلا لهذه الكلمة ِكلمة التوحيد، قال تعالى: " وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه آنه لا إله إلا أنا فاعبدون "الأنبياء.
وهي حق الله على العباد، فعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: « كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار فقال لي: يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك يه شيئاً، قلت: يا رسول الله أفلا نبشر الناس؟ قال: لا تبشرهم فيَتَّكِلوا » متفق عليه.
والقرآن الكريم إما خبر عن الله تعالى وأسمائه وأفعاله وصفاته وأقواله؛ فهذا توحيد خبري، وإما دعوته إلى عبادته وحده لا شريك له؛ فهو توحيد طلبي، وإما أمر ونهي؛ فهو حقوق التوحيد ومكملاته، وإما خبر عن أهل الشرك وما فعل بهم في الدنيا من النكال وما يحل بهم بالعقبى من العذاب؛ فهو جزاء من خرج عن حكم التوحيد. فالقرآن كله يتكلم عن التوحيد فهذا يدل على الأهمية العظمى لقضية لا إله إلا الله.
ولا إله إلا الله: أي لا معبود بحق إلا الله ولا تُصْرَفُ العبادة إلا له سبحانه وتعالى: " إياك نعبد وإياك نستعين " ، فمن أراد الدعاء فلا يدعوا الا الله : " وإذا سآلك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع اذا دعان " البقرة، ومن أراد الصلاة والذبح فلا تكون إلا له: " قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين " الأنعام، وغير ذلك من العبادات لا تكون إلا له سبحانه وتعالى.
فمن عُبِدَ من دون الله تعالى فهو طاغوت يجب الكفر به، فالقوانين الوضعية والشرائع التي ما أنزل الله بها من سلطان والأصنام كلها طواغيت.
" ألم تر إلى الذن يزعمون أنهم ءامنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا "
ومن حِرْصِ الرسول صلى الله عليه وسلم على فهم المسلمين كلمة التوحيد فهماً صحيحاً تأمل هذه الآيات من سورة الأنعام التي جعلها النبي صلى الله عليه وسلم وصيةً له، فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: " من أراد أن ينظر إلى وصية رسول الله التي عليها خاتِمُه فليقرأ قوله تعالى: " قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألّا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرّم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون* ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلّف نفسا إلا وسعها وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون* وأنّ هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرّق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون " الأنعام.
من مجلة منهاج النبوة العدد الأول

رابط المقال:
http://mnhajalnbooa.com/vb/showthread.php?t=12

شبهات وردود

العلمانية والإسلام توافق أم تناقض؟؟

الظـاهــر بيبــــرس


يمكن إيجاز معنى العلمانية في عبارة واحدة هي: عزل الدين عن الحياة. وهذا يعني أنَّ العلمانية ترى أن العقيدة الدينية والهدي السماوي وما يتبع ذلك من اتباع الدين وطاعة الله، والوقوف عند حدود شرعه لا يجب الالتزام بها إلا في حياة الأفراد الشخصية (علاقة الإنسان بربه فقط)، أما ما عدا ذلك من شؤون العالم في حياة الناس، فإنه يجب أن يعالج على أساس المادية البحتة، وفق رغبات البشر ووجهات نظرهم وميولهم دون مراعاة الدين، وقد نشأت العلمانية نتيجة لرد الفعل الذي أصيب به الغربيون من كراهية السلطة الدينية الذي افتعله الكهنة في الديانة المسيحية وهو الحكم باسم الإله أو نيابة عن الإله؛ حيث وقف هؤلاء حجر عثرة أمام الفكر الواعي الذي يهيم بحثاً وراء الحقيقة، فحاربوا كل عقل متحرر مستنير وصنعوا لأنفسهم بهذا الموقف أغلال مهانتهم؛ ولم يلبث الأمر طويلاً حتى تحول العداء لهذه الفكرة إلى نظرية مستقلة، وأصبحت هذه النظرية حجر الأساس في قاعدة المدنية الغربية وهي ( فصل الدين عن الحياة، ومنها الدولة)، وقد نسمع كثيراً من يقول: الدين هو تنظيم علاقة العبد بربه، وهذه الجملة القصيرة هي العقيدة التي تدين بها المدنية الحديثة، وهي تعني أنه إذا كان الإنسان يؤمن بوجود إله يستحق العبادة وحده دون سواه؛ فله أن يعتقد ذلك على أن تكون عبادته في نطاق حياته الفردية وليس لهذا الإله ولأديانه السماوية سلطة على شؤون العالم، ومن هنا نرى بطلان هذه العقيدة المدنية الحديثة لأن ذلك يتنافى والإسلام الذي هو دينٌ ينظم علاقة الإنسان بنفسه وعلاقة الإنسان بربه وعلاقة الإنسان مع غيره من المخلوقات، أما ما أرست المدنية الحديثة قواعدها وأقامت أنظمة حياتها بكافة العلاقات الإنسانية في صلة الإنسان بأخيه متحررة من السلطة الإلهية والتشريعية في ميادين الحياة كلها: الاجتماعية والاقتصادية والقانونية والسياسية وشؤون الحكم والإدارة والعلاقات الدولية؛ فكل شأن من شؤون الحياة البشرية التي لا حصر لها إنما يعتمد على معارف الإنسانية المكتسبة، ويكون وفق رغباته الخاصة.
وأصبح عندهم لا يجوز السؤال عما إذا كان اللهُ قد شرع للإنسانية في هذا السبيل شيئاً من المبادئ والأسس أم لا؟ بل أصبح مثل هذا السؤال رجعية وتخلف!، وليت الأمر قد اقتصر على التحرر من سلطة الله والدين في الحياة الاجتماعية لتسلم الحياة الفردية التعبدية، فإن فكرة التحرر من شريعة الله قد حولت حياة المجتمع إلى مجتمع علماني محضٍ، لأن هذه هي الثمرة التي يجنيها المجتمع العلماني من التعلم اللاديني؛ فمن الضروري في مثل هذا المجتمع أن يصبح الأفراد الذين يؤمنون بوجود إله يستحق العبادة قلة نادرة ولاسيما الذين يتولون قيادة المدنية الحديثة، بل إن هؤلاء بصفة خاصة قد استهانوا بالدين في حياتهم الشخصية، وتمزقت صلتهم الفردية بالله إرباً إرباً وانفصموا من عراها انفصاماً كاملاً، ونقول لكل من ينادي بالعلمانية وفصل الدين عن الدولة أو عن الحياة قال جل جلاله: " قل يا أيها الكافرون * لا أعبد ما تعبدون * ولا أنتم عابدون ما أعبد * ولا أنا عابد ما عبدتم * ولا أنتم عابدون ما أعبد * لكم دينكم ولي دين "

من مجلة منهاج النبوة العدد السادس

رابط المقال:
http://mnhajalnbooa.com/vb/showthread.php?t=59
آخر الزوار


14 Nov 2014 - 19:10


4 Nov 2014 - 19:48


7 Jul 2013 - 9:40


10 Jun 2013 - 23:04


12 May 2013 - 14:12

التعليقات
أم حنين
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ،،،
بارك الله في جهودكم وتقبل منكم
أرجو مراجعة خاصية إستقبال الرسائل عندكم فيبدو إنها ألغيت ولا نستطيع مراسلتكم على البريد
جزاكم الله خيرا
تحياتي
28 Apr 2013 - 23:13

الأصدقاء

17 المشاركات
6th July 2012 - 01:05 PM

1457 المشاركات
9th March 2015 - 09:34 AM

5578 المشاركات
22nd March 2023 - 10:00 PM

580 المشاركات
3rd February 2014 - 08:21 PM
اعرض جميع الأصدقاء
RSS نسخة خفيفة الوقت الآن: 18th November 2024 - 07:17 PM