لم يصبح رسول الله ﷺ ولا أحد أصحابه ولا أحد من آل بيته حاكماً إلا ببيعة المسلمين خيارات

[أم المعتصم]

بسم الله الرحمن الرحيم
لم يصبح رسول الله ﷺ ولا أحد أصحابه ولا أحد من آل بيته حاكماً إلا ببيعة المسلمين

* البيعة هي الطريقة الشرعية التي يصبح بها المسلم خليفة للأمة وأميراً للمؤمنين، وبها أصبح الرسول الكريم ﷺ حاكماً يرعى شؤون المسلمين.

* ‏لم تبايع الأمة علياً رضي الله عنه بالخلافة لكونه ورثها عن نبينا ﷺ ولم تبايعه لوجود نص شرعي ملزم لها ببيعته كما يزعم الزاعمون، وإنما بايعته الأمة بالخلافة حين رأت أنه أهل للنيابة عنها في تطبيق الشرع بعد الخليفتين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وقد بايعته كما بايعتهما قبله.

* ولو كانت البيعة لا اعتبار لها في الحكم لما بحث عنها الإمام علي ولما بحث عنها ابنه الحسن، ولكان يكفيه أن يقول للناس ورثتها بنص وعليكم واجب الطاعة، ولما جاز له أن يتنازل بها بعد ذلك لغيره.

* ‏بل إن الحسين إنما ذهب إلى الكوفة لعلمه أن هناك من سيبايعه فيصبح خليفةً ببيعة الناس لا بنص ولا بإرث، ومثله الإمام زيد، فكلهم رضوان الله عليهم كانوا يبحثون عن بيعة الأمة ولا يبحثون عن نص أو وصية ولا يقولون للأمة نحن لدينا صك بالخلافة فنحن ورثتها.

* إذا عُلم ذلك فالأمة هي صاحبة الحق تبايع من تراه أهلاً ليصبح خليفة المسلمين من حين بيعته لا قبل ذلك.

* ‏ومن ليس لديه بيعة من الأمة، فهو كسائر المسلمين ولو ادعى ما ادعى ولو كان ذا علم وتقوى وذا رأي وشجاعة، فلن يصبح إماماً على الناس إلا ببيعتهم له، ولو كانت حقاً أعطاه الله لفلان أو تركة ورثها بنص شرعي لكان يجوز له أن يقاتل عليها الناس، لا أن يحوزها ببيعتهم له، أما الذين يعتبرونها اليوم حقاً لبيت النبي ﷺ فهم متسلقون دجالون يريدون الحكم والسلطة، متخذين من آل بيت رسول الله غرضاً ليحكموا باسمهم، فويل لهم بما يفترون.

* الرسول الكريم ﷺ أصبح حاكماً للمسلمين ببيعة العقبة الثانية حين بايعه قادة الأنصار، وهم أهل القوة والشوكة والمنعة، وبهم وببيعتهم له قامت للمسلمين دولة.

* ‏لم يأت الرسول ﷺ لأخذ الحكم من أهل المدينة متسلطاً عليهم ومحتجاً بكونه نبي الله أو قائلاً لهم إن الله قد أعطاه الحكم عليهم وبذلك يصبح حاكماً عليهم، بل إنه صلوات الله وسلامه عليه يعلمنا أن الحكم والسطان حق للأمة، فهو إنما أخذ الحكم منهم برضاهم وببيعةٍ منهم.

* وعليه فمن سواه ليس له ما يزعمه بعضهم من نص أو وصية، فإن كان الرسول إنما أخذ الحكم ببيعة أهل المدينة فكيف له أن يورث الحكم من بعده وقد كان ليس حقاً له إلا برضاهم وببيعتهم؟!

* إن ثبوت كون الحاكم إنما يصبح حاكماً بالبيعة هو أمر يجب الوعي عليه وهو كفيل بأن يسقط ادعاءات المدعين ومغالاة المغالين وانتفاع المنتفعين، وأحاديث البيعة للحاكم أو الخليفة أو الإمام كثيرة مستفيضة - سواء عند الشيعة أو السنة - لا ينكرها إلا جهولٌ أعمى أو متعصبٌ ضالٌ صاحب فتنة.

* من يريد اليوم الخلافة ورئاسة المسلمين فليثبت للأمة أنه الأجدر وأنه صاحب مشروع إسلامي عملي خالص، فيسعى لإقامة دولة الإسلام مع الأمة وبها، لتبايعه على السمع والطاعة ما دام يحكمها بشرع الله لا بشرعة غيره.

* الاحتجاج بأن أنبياء بني إسرائيل قد آتاهم الله الحكم والنبوة، للقول بأن رسول الله لا بد أن يكون مثلهم له ما لهم:

أقول: لقد كان داوود عليه السلام قبل ذلك جندياً في جيش طالوت ثم قَتل عدوه جالوت، ثم قاد الجيش بعد موت قائده طالوت، ثم أصبح ملكاً، ثم بعدها آتاه الله النبوة، فهو كان ملكاً آتاه الله الملك قبل النبوة لا بسبب النبوة، وهكذا ورث سليمانُ داوود عليهما السلام فورث الملك أما النبوة فهي باصطفاء الله له لا بوراثة.

ورسول الله ﷺ كان نبياً رسولاً لم يرث حكماً وإنما بايعه المسلمون في بيعة العقبة الثانية على الحكم فأصبح حاكماً للمدينة حينها لا بكونه نبياً فقط.

أما قوله تعالى: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء﴾ فمعناه أنه لا يصبح أحد ملكاً جبراً عن الله إذ لا يقع في ملكه سبحانه شيء جبراً عنه.

فلا يتحججنَّ طاغية لا يحكم بالشرع بهذه الآية ليقول للناس إن الله قد آتاني الملك فلا تنازعوني فيه فتكونوا بذلك قد رفضتم ما أنفذه الله لي!! لا يقال ذلك لأن هذا ليس معنى الآية كما سبق ذكره، والله سبحانه قد أمر على لسان رسوله ﷺ بالتغيير على من بدل الشرع وأظهر الكفر البواح وأمر بإسقاط حكم الكفر وحكامه مع أنه هو من آتاهم الملك.


كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أبو هود الزيلعي