منتدى الناقد الإعلامي

السلام عليكم , للمشاركة اختر ( دخول | تسجيل )



ملتيميديا

مقتطفات فيديو من انتاج الشبكة

الملف الشخصي
صورة العضو
التقيم
 
الخيارات
الخيارات
الإعلان الشخصي
ابو ياسين لم يقم بكتابة أي إعلان .
معلومات شخصية
ابو ياسين
ناقد
العمر غير محدد
الجنس غير محدد
إسم البلد غير محدد
تاريخ الولادة غير محدد
الهوايات :
لا توجد معلومات
الإحصائيات
الإلتحاق بتاريخ: 26-October 11
عدد مشاهدة الملف 1,453*
آخر تواجد في : 4th January 2012 - 01:17 PM
التوقيت المحلي: Nov 12 2024, 02:12 PM
17 المشاركات (0 :المشاركات باليوم)
معلومات الإتصال
AIM لا توجد معلومات
Yahoo لا توجد معلومات
ICQ لا توجد معلومات
MSN لا توجد معلومات
Contact خاص
* يتم تجديد عدد المشاهدات كل ساعة

ابو ياسين

الأعضاء

**


المواضيع
الردود
التعليقات
الأصدقاء
المحتوى
مقابلة صحفية : الثورة في سوريا مختلفة وفيها (إن شاء الله) الخير العميم

هذه مقابلة أجراها أنطوني شديد. وهو أميركي من أصل لبناني يعمل في صحيفة نيويورك تايمز، ومراسل الشرق الأوسط لوكالة الأسوشيتدبرس من القاهرة، وهو من الصحفيين القلائل جداً الذين سمحت لهم السلطات السورية بدخول أراضيها والاتصال بالتنسيقيات وبناء علاقات معهم وتقييم الوضع، وتقديم الاقتراحات ...في عمل لا نظنه إلا مشبوهاً ويجب الحذر كل الحذر منه ومن مثله، وإننا ننصح بعدم اللقاء مع أمثاله، وبعدم إعطائهم معلومات، فكل ما يعطى لهم يضر.ونعلم الإخوة في التنسيقيات أن مهمة هؤلاء شراء الذمم وتحويل الثورات عن أهدافها وربطها بجهات أجنبية ... وهذه المقابلة أجراها هذا الصحفي مع من يظن أنه نقلها على لسان أحد مسؤولي التنسيقيات، وهي تعطي صورة جيدة عن وضع الداخل وتنظيمه، وعلى وعي يستحق الوقوف عنده، ومما جاء في المقابلة

:
في يوم الجمعة ١٥/٧/ ٢٠١١ م اتصل بي أحد الأصدقاء وأخبرني بأن هناك صحفياً أميركياً يرغب بزيارة مدينتي حمص وحماة وإجراء مقابلة مع شباب الثورة، تناقشنا بالغرض من الزيارة وما وراءها، وهل هو صحفي أم استخبارات، واستقر رأينا على أن نقوم بمقابلته لنعرف ماذا يمكن أن يكون وراءه
قمنا بترتيب أمور الزيارة ومكان اللقاء، وقمت بترتيب الأفكار التي يمكن أن نتناقش بها معه، وما هو الأنسب في هذه المرحلة أن يصل إلى الإعلام ويدعم ثورتنا.
في يوم ١٦/٧/٢٠١١م دخل هذا الصحفي الحدود السورية برفقة مصور إسباني أطلق على نفسه اسم (موسى)، الذي يظهر عليه عدم قدرته على التحدث باللغة العربية بعكس أنطوني الذي يتحدث العربية بطلاقة، .. توجهوا مباشرة إلى حماة وأجروا بعض اللقاءات فيها، كان يحمل هاتف ثريا ولم يكن معه جهاز لابتوب، وإنما كان يعتمد على الورق والقلم في تدوين ما يريده من معلومات وأفكار، كان يكتب باللغة الإنجليزية كتابات صعبة القراءة لدرجة يظن أنه يكتب رموز ، لكن هي كلمات إنجليزية، (بمعنى آخر... هو من يفهم على خطه )
في يوم ١٧/٧/٢٠١١م صباحاً عادوا إلى حمص وكان لقائي معهم واستمر لليوم الثاني بعد العصر، قام خلالها بمقابلة بعض شباب الثورة وأجريت هذا الحوار معه الذي تمحور حول النقاط التالية :
آليات العمل الميداني والتقني والتنظيمي لشباب التنسيقيات
كيف ينظر السوريون للبديل ؟
نقاشات سياسية في التعامل مع الثورة السورية من قبل القوى المحيطة، والتمايز في التعاطي معها بين المحافظات السورية من قبل النظام
١- آليات العمل الميداني :
في البداية أبدى إعجابه من المواكبة التقنية لشباب الثورة حيث شاهد اللابتوب وأجهزة الهاتف الخلوي وأجهزة HTC، وتشفير الاتصال بالإنترنت، سألني عن مصادر هذه التجهيزات فأخبرته بأننا نحضرها من الخارج وذلك للضرورات الأمنية، حتى تصعب المتابعة، وقمت بإخباره بأنني لن أستطيع إعطاءه تفاصيل تتعلق بسير العمل وذلك للضرورات الأمنية، وكان متفهماً جداً وقال لي: أي شيء تراه يضركم لا تخبرني به أو نبهني على عدم نشره؛ لأن استمرار عملكم شيء مهم، وأنتم أعلم بما يضركم وما ينفعكم
سألني عن التقسيمات الإدارية وآلية العمل فأخبرته بأن هناك ما يعرف باللجان المحلية أو لجان الأحياء، وهناك التنسيقيات، وهناك تجمع التنسيقيات أو اتحاد التنسيقيات، هذا على مستوى مدينة حمص .. وغالباً هذا ما ينطبق على بقية المناطق .. وهناك اتحاد تنسيقيات سورية. هناك أيضاً لجان منسقي قسم الأخبار، لجان تأمين المواد الطبية، لجان تأمين الموارد المالية، لجان سياسية إعلامية، لجان الجرحى والشهداء، لجان المتابعة الميدانية، لجان تجهيز اللافتات، لجان تنسيق المظاهرات، (تأمين المداخل، حركة المظاهرة، مراقبة تحرك الأمن، تأمين النقيفات) وغالباً كل لجنة تتكون من ٢٠ إلى ١٠٠ شاب، أبدى إعجابه بالوعي الأمني في كثير من المواقف بعبارة more secure
هنا سأل بأن هذا التنظيم لا يوجد بهذا الشكل بحماة، فأخبرته بأن حماة ما تزال في مرحلة تنظيم الفوضى، فاستغرب من هذا المصطلح فقمت بشرحه له على النحو التالي:
نتيجة للقمع الأمني الشديد الذي مارسه النظام طيلة السنوات السابقة على كل ما يشم منه رائحة التنظيم، صار الرعب من التنظيم كالهواء الذي يتنفسه أهل سوريا، وصار هناك قناعة بأن أي عمل يعتمد على التنظيم مآله إلى أقبية المخابرات، وعندما جاءت الثورة وخرجت الناس بهذه الأعداد الهائلة صار لا بد من تنظيم هذا العمل وتنظيم ما يترتب عليه من أعمال متابعة، فوقع الناس في هذه الجدلية: عمل منظم مصيره الاعتقال وثورة بدون تنظيم مصيرها الفوضى والفشل فخرج ما يعرف بـ «تنظيم الفوضى» أي التنظيم مع إبقاء حالة الفوضى... وهذه تدرجت بالمراحل التالية:
١- بالبداية كان كل شاب ناشط هو من يقوم بتحريض الناس على الخروج، وبالتظاهر والتصوير وإنشاء حسابات الفيديو على الإنترنت وتحميل الفيديو ومراسلة القنوات الإخبارية، وقد يكون هو نفسه الفدائي الذي يتجرأ على التكبير وسط المسجد بعد صلاة الجمعة.
٢- مرحلة تقاطع أعمال الناشطين حيث صار هناك من يصور، وهناك من يحمل على الإنترنت، وهناك من يتظاهر، وهناك من يهتف ، هناك من يكتب اللافتة ويعطيها لأي شخص بالتظاهرة يحملها فقط، هناك من يحضر المايكرفونات ويرميها وسط التظاهرة ليتلقفها أي إنسان ذو صوت جهوري ليردد الهتافات وتردد الناس من خلفه، هناك من يحضر الماء البارد، وكل هذه روابط على أرض التظاهر فقط
٣- في هذه المرحلة صار هناك قوى شبابية متخصصة على الأرض، صار هناك قسم لتجهيز اللافتات، وقسم لجمع الأخبار، وقسم لتجهيز الشعارات، وقسم للتصوير ومتطلبات الإنترنت، وقسم لمناصرة الأحياء لبعضها... وهكذا
جاءت هذه المراحل في مدينة حمص مع تطور الوضع الأمني وتقسيم المدينة إلى كنتونات صغيرة وتقطيع أوصالها عبر عدة أسابيع، أما مدينة حماة كان هناك تأخر في قيامها عن مدينة حمص، ثم صار معها قفزة مباشرة للتحرر من سلطة الدولة فلم تعش هذه المرحلة بتدرجاتها، لكنها تحاول الآن الدخول في هذه المراحل نتيجة التهديدات الأمنية المحدقة بالمدينة من قبل النظام، وهي تعيش الآن بالمرحلة الثانية، وأخبرته بأننا نقدم لهم النصح والاستشارات المطلوبة.
أبدى إعجابه هنا بهذا التنظيم وقال عنه أنه قمة الإبداع مستغرباً أن يخرج هذا من شعب عاش ثلاثين عام مغيباً عن الحياة التكتلية السياسية، وقال بأن الثورة السورية مذهلة بكل معنى الكلمة، وهي أهم ثورة تحدث حالياً بالمنطقة، وأن الشعب السوري مبدع وخلاق
تطرق هنا لقصة المنشد إبراهيم القاشوش الذي قتلته المخابرات السورية ونزعت حنجرته ومثلت به ظناً منها أنه هو من يقوم بقيادة المظاهرات في حماة وهو حامل لواء (ياللا إرحل يا بشار) وتطرق لأنشودته التي انتشرت في أرجاء العالم والتي صار لها ما يعرف بالميكس الموسيقي، فأخبرته بأن المنشد إبراهيم المقتول ليس له علاقة بإبراهيم صاحب الهتاف، والاثنين من عائلة القاشوش، وقتل أحدهم بجريرة الآخر، وأن المخابرات السورية روجت إشاعة أن هذا الرجل مخبر تابع للنظام حتى تثير الريبة والشك بأعماله،كما قامت بنشر قوائم التجار المساهمين والداعمين للثورة على أنهم مخبرون لضرب الثقة بين الناس وبينهم.
تطرق أيضاً لموضوع أنه توقع أن تكون حماة أكثر راحة بغياب الأمن، لكنه تفاجأ بأن الوضع على الأرض متوتر جداً، فأخبرته بأن شوكة الدولة لم تكسر بعد، وأن أهل حماة لهم تاريخ مع هذا النظام وهم يتحسبون لغدره بأية لحظة.
٢- كيف ينظر السوريون للبديل ؟
أثناء هذا النقاش حضر دكتور بالشريعة الإسلامية يعمل بمديرية الأوقاف لمقابلته والحوار معه، كان يحاول إيصال فكرة أن الإسلام دين السلام والعيش المشترك، وأنه لا خوف من البديل القادم لأننا لا نريد إقصاء الآخرين، وأن ما نطلبه هو نموذج عن الدولة التركية الأردوغانية الإسلامية... فكان رد الصحفي هنا على الدكتور بأن تركية ليست دولة إسلامية وإنما هي دولة مدنية علمانية، لم يكن هذا الدكتور بالواعي سياسياً، وكان فقط يريد أن يدافع عن الإسلام ويعطي عنه الصورة المشرقة أكثر، فكان في كثير من مناقشات الحوار يشير الصحفي للدكتور بأنه لم يفهم عليه سؤاله، وأنني أنا فهمت مراده من السؤال، وكان يطرح أسئلة صريحة تحرج الدكتور من قبيل: هل يقبل الإسلام بزواج المسلمة من مسيحي فيرتبك الدكتور ولا يعطي جواباً صريحاً، وكنت أقوم بإجابته بكل صراحة وأرسم له طريقة التفكير في النظر لهذه الأمور، أيضاً أخبره هذا الدكتور بأن الدولة منذ بضع سنوات طلبت منه إجراء دراسة حول واقع التطرف في المجتمع السوري وخصوصاً في المدن التالية (حمص، حماة، حلب، دمشق، ريف دمشق، دير الزور) وأنه خلص من هذه الدراسة إلى أن المجتمع السوري فيه أناس طيبون، ولا يوجد به فكر متطرف بل يوجد فكر معتدل وحركات صوفية، وأما السلفية فهم قلة قليلة لا يشكلون شيئاً بالمجتمع، والنظام قام بإقصائهم... وبالنتيجة الشعب السوري يريد العيش بحياة كريمة دون رشاوى
كان الصحفي يركز هنا بأسئلته على :ما هو البديل الذي يتوقعه السوريون بالمرحلة التالية، وكان سؤاله لي ما الذي يريده الناس بعد سقوط النظام ؟
قلت له الناس لا تفكر في مرحلة ما بعد السقوط، الناس تريد إسقاط النظام الآن .. قام بإعادة السؤال بصيغ مختلفة .. ما الذي يتوقعه الناس بعد سقوط النظام؟.. كنت أُؤكد عليه أن الناس ليس بوارد ما بعد السقوط... وكرر السؤال بصيغة ثالثة و رابعة... وكنت أحاول استجراره أكثر لما أريد إيصاله له، بعدها قمت بتشبيه الوضع له بالتالي:
لقد عاش الشعب السوري كالسجين لمدة أربعين عاماً بسجن له نافذة عالية لا يستطيع أن يشاهد ما يحدث خارج سجنه إلا بصعوبة وبما يسمح له النظام بمشاهدته، فلا وجود لحركات سياسية مهما كانت مشاربها، لا علمانية ولا إسلامية ولا شيوعية إلا بما يشاهده الشعب من نافذة السجن ليقوم بتقليده بداخل نفسه بصمت يقنع به نفسه أنه عملٌ من أجل الخروج من هذا السجن، ويجمعهم فقط التوق للحرية والخروج من هذا السجن.
شاهد هذا الشعب من نافذة سجنه السجن التونسي المجاور وكيف أن أصحابه كسروا بابه وخرجوا، فتفتحت عيونهم على مكمن القوة بداخلهم والتي ربما تساعدهم على الخروج من سجنهم... لكنهم تريثوا ليروا تبعات ما يحدث لجيرانهم، وما لبثوا أن سمعوا بجيرانهم المصريين يكررون المحاولة عندهم، وما لبثوا أن شاهدوا نجاحهم بكسر باب سجنهم فتكونت له قناعة بضعف سجانيهم .. ما لبثوا أن شاهدوا جيرانهم اليمنيين والليبين ما فتؤوا يحاولون خلع باب زنازينهم فانتفض السوريون انتفاضة الرجل الواحد، الذي قاده سجنه السابق لذكاء فطري بعيد عن اللوثات الفكرية... ذكاء لم ينتبه له النظام ولم يكن ليتوقعه.
انتفض الشعب وهو لا يفكر إلا في كيفية كسر الباب والخروج من السجن، لا يفكر إلا بإسقاط النظام ولا يمكن أن يفكر بأي شيء آخر ولا حتى البديل، فلا وجود لأي عمل سياسي قبل سقوط النظام وقبل الخروج من السجن وقبل الحرية.
هنا أصابته الدهشة من هذا التشبيه وطلب مني تكرار ما قلت، ثم سألني هل هذا يعني أن الشعب لا يمكن أن يقبل بأي شكل من الأشكال بالحوار؟ قلت له: لا معنى لأي حوار يوصل لحرية داخل السجن... الخروج من السجن يفضي إلى الحرية وبعدها يكون التفكير بالبديل... والخروج من السجن يعني الخروج من سلطة السجان... مما يعني الشعب يريد إسقاط النظام... فلا حوار داخل السجن
لم يشبع هذا الجواب عطشه لمعرفة البديل فكرر المحاولة... فقلت له حتى أكون أكثر موضوعية معك... قد يفكر الشعب بالبديل لكنه لا يصرح أبداً بالحديث عنه بهذه الفترة، لكن الجميع مجمع على أن هذا ليس وقت الحديث به الشعب يريد الآن إسقاط النظام فقط.
هنا توجه بالسؤال للدكتور .. ماهو البديل الذي يطلبه الناس؟ فأجابه نريد دولة مدنية ذات صبغة إسلامية لا يوجد فيها إقصاء لأحد.
قال لي حسناً إذا سقط النظام... مالذي ستقوم الناس بفعله ؟ قلت له بعد خروج الناس من السجن سيقع الناس بحالة أشبه بالصدمة، سيتفاجؤون بأنهم بحاجة لرجل المرور وبحاجة للموظف وبحاجة لجندي الجيش لكن وعي الناس السابق كفيل لهم برسم الإبداع في الحلول غير المتصورة حالياً.
نعود للحديث السابق عن البديل حيث سألني سؤالاً صريحاً أراد إحراجي من خلاله فقال: الآن أنت هل تريد دولة إسلامية أم دولة مدنية؟ فأجبته مباشرة بالطبع دولة إسلامية، فتفاجأ هو، فتابعت نريد دولة إسلامية تحكم بشرع الله وتقيم أحكام الإسلام على المجتمع وتنشر الإسلام في العالم وتقيم الجهاد وتفتح أميركا – فكما أن أميركا تحتل هنا وهناك انطلاقاً من المبادئ التي تعلنها بنشر الحرية وحقوق الإنسان، فكذلك الدولة هذه تقوم بالجهاد اعتماداً على المبدأ الذي تحمله وستفتح واشنطن بإذن الله، بالإضافة إلى أنه يوجد لدينا أعمال سياسية من الممكن أن نقوم بها قبل فتحها بالعمل العسكري من مثل أن نفضح حكام أميركا أمام شعبها ونكشف كذبهم على الناس كون الشعب الأميركي مسالماً ويحب السلام، قال نعم إن الشعب الأميركي يحب السلام لكن لا لا ليس هذا المناسب، العلمانية مناسبة أكثر وتقبل جميع الطوائف والتوجهات، لكن الإسلام لا يقبل، فقلت له بالعكس، اعتناق الإسلام من قبل المسيحيين في هذه المنطقة زاد بينما العلمانية لم تستطع المحافظة على الأقليات، فقال هل تسمح الدولة الإسلامية بوجود المسيحي والعلماني، الغرب يخاف من الفكر الإقصائي، فقلت له هناك تفصيل ، فالمسيحي واليهودي هو الذمي، وهو يدفع الجزية مقابل حمايتي له - (هنا قال له الدكتور إن الرسول يقول : «من آذى لي ذمياً...» وكان استشهاده هنا رائعاً) - أما العلماني فلا، وهذا لا دخل للغرب به، فهذا قانون ضمن الدولة، فكما أن الغرب لا يقبل أن أناقش قوانينه كذلك لا يحق لك أم تناقش قوانين دولتي ، النقاش يكون بيني وبينه بالعقائد الأساسية فقط، الزواج بين المسيحي والمسلمة حكم شرعي، أي قانون لا يحق للغرب مناقشتي به، قال لي الدولة العثمانية كان فيها الكثير من الأخطاء والمشاكل التي أدت بالنهاية لتذمر العرب منها وسقوطها، فقلت له أنا لا أطالب بدولة إسلامية شبيهه بالدولة الفلانية أو العصر الفلاني، أنا أطالب بدولة إسلامية حسب مصادر التشريع التي لدي: القرآن والسنة وعندما تريد أخذ الإسلام لا يصح أن تأخذه من التاريخ وإنما من النصوص التي جاءت به، وكل ما يخرج عن هذه النصوص ما هو إلا إساءة لتطبيق الإسلام عبر العصور.
٣- نقاشات سياسية في التعامل مع الثورة السورية من قبل القوى المحيطة، والتمايز في التعاطي معها بين المحافظات السورية من قبل النظام
جرت نقاشات بيننا حول دور أميركا بالثورة فسألته: ما الذي تريده الآن بعد كل هذا الصمت؟ وأين مبدأ حقوق الإنسان أمام سيل الدماء الذي يجري على الأرض في سوريا؟ولماذا صرح السفير الأميركي بما صرح به؟ لماذا بدأت وفود الصحفيين الآن بالدخول وبعد أربع شهور من بدء الثورة (لم تسمح الدولة السورية بدخول إلا صحفيي صحيفتين أميركيتين ويبدو أنه منهم، أي أنه دخل بإذن رسمي)
فكان جوابه بأنه ليس هناك رابط بين توقيت دخوله الآن وبين ما يجري من سياسة إعلامية أميركية وليس تأخره بالدخول إلا للصعوبات الأمنية بالدخول التي يواجهها من قبل النظام، وخصوصاً هو وخصوصاً بعد لقائه الصحفي الأخير مع رامي مخلوف والذي وصفه به بالحرامي، مما أزعج النظام منه كثيراً، وتابع بأننا نحن نتخيل أن أميركا بيدها مفاتيح التغيير في سوريا، وهذا أمر نحن نهوله كثيراً، فأميركا ليست بهذه القوة على الأرض في سوريا لتحدث التغيير الذي تريد، بالإضافة إلى أن اللاعبين الرئيسين والمؤثرين في بقاء النظام في سوريا والساعين لتعطيل الثورة هم النظام التركي والنظام الإيراني و(إسرائيل)، النظام التركي أقوى من الإيراني في الأرض، وهو الأقرب للناس والأكثر خطراً، لأن له شعبية وامتداداً أيديولوجياً في سوريا ومصالح اقتصادية جغرافية، وإمكانية للتدخل العسكري أكثر من النظام الإيراني الذي يرغب بالمحافظة على خط الإمداد اللوجستي لحزب الله في لبنان، أما (إسرائيل) فتساعد النظام من خلال اللوبي اليهودي الضاغط في الكونجرس الأميركي لحماية النظام، بإعطائه فرصة تلو الأخرى في سوريا، والحائل دون أي خطوات جدية من الإدارة الأميركية لتغيير النظام، كذلك التخوف العالمي وخصوصاً الغرب من البديل الذي يضمن العيش المشترك لجميع الأطياف، وعدم وضوح البديل غير المتطرف، وضعف العلمانيين والخوف من دكتاتورية الأكثرية (وهذا ما يفسر إصرار هذا الصحفي على أخذ صورة عن البديل المتوقع وذلك لتعطش الغرب لمعرفته وخشيته من الراديكالية الإسلامية ).
أما عن زيارة السفير الأمريكي لحماة فقال: إنها زيارة عفوية، فأخبرته بأن الناس على وعي بأن أميركا هي من يساند هذا النظام، وأننا قمنا ليلة زيارة السفير بإحراق الأعلام الأميركية وصورناها لكننا قمنا بحجب الفيديو عن الإعلام حتى نتبين الأهداف الكامنه وراء الزيارة ( قام بتدوين هذه الملاحظة عنده وأكد عليها ) وأخبرته بأنه كلما تأخرت أميركا بتغيير النظام كلما زاد هذا من فقدانها السيطرة على مجريات الأمور على الأرض، وهذا مصدر سرور بالنسبة لنا، فقام بتكرار بأننا نهول قدرات أميركا على الأرض السورية، فقلت له هل تريد القول بأن النظام السوري حرم أميركا من إيجاد البديل عنه طوال هذه السنين بتقديمه لها أكثر مما ترغب وتنفيذ كل السياسات بشكل باهر أعماها عن التفكير بتأمين البديل على مدى ٤٠ عاماً... فقال: هذا ما أريد قوله بالضبط.
قلت له هل تؤيد القول بأن أميركا وأوروبا تفشلان لبعضهم المؤتمرات الدائرة حول سوريا بالخارج، هز برأسه وقال بالضبط هذا ما يحدث.
سألني ما رأيي في عدم تحرك حلب؟ فسكتُ قليلاَ ثم قلت له لا أعلم، لكن قد يكون تعامل النظام مع حلب في السنوات السابقة هو السبب فطلب مني التوضيح أكثر فقلت له إن النظام يتعامل مع المناطق بأساليب مختلفة تبعاً لطبيعة الشعب وطبيعة تفكيره...
قام بسؤالي وسؤال الشباب اللذين قابلهم عن تفاؤلهم بسرعة نجاح الثورة فكان جواب الجميع نعم سيسقط النظام عاجلاً أو آجلاً، خلال شهر أو شهرين، سنة أو سنتين، الشعب يريد إسقاط النظام... فضحك
سألته... هل تصدق الدولة السورية؟ فقال بالبدايات كنا نصدقها لكن الآن لا... لكن يوجد على الأرض سلاح، فقلت له لا يوجد سلاح على الأرض وثورتنا سلمية بحتة، فأصر على وجود السلاح، فأصررت على أن لا وجود للسلاح وما جاء على إعلام النظام ماهو إلا كذب وافتراء، وذكرت له قصص ترك السلاح من قبل الأمن أمام المتظاهرين وقصص العصابات المجرمة (الشبيحة) وقدمت له عرضاً خاصاً بفتح قناة LIVEstream خاص به أبث له من خلالها المظاهرات على الهواء مباشرة دون أن يكون لأحد علاقة به ليتأكد بنفسه أن لا سلاح على الأرض، فأبدى إعجابه بهذا وقال أنت مصدر ثقة بالنسبة لي وكلامك أصبح مصدر ثقة أعتز به، تطرقت أيضاً إلى أنه لدينا إعلام بديل، لا ننتظر أحداً، لدينا حتى جهاز مراقبة على الإعلام، أدواتها facebook - youtube، وكذلك جهاز مراقبة المخبرين.
سألني عن حياتي وعن عمري وعن نشاطات كنت أقوم بها قبل الثورة، وهل أنتمي لتيار سياسي معين، فأجبته بأن النظام لم يكن ليسمح بوجود تيارات سياسية فضلاً عن السماح بممارسة العمل السياسي على الأرض، فأعاد السؤال محاولاً الوصول إلى ما عندي فسألني عن النشاطات في المدرسة وفي الصغر بشكل عام وأكد على النشاطات الجامعية، فأجبته بشكل عام، سألني إن كنت أطمح بممارسة العمل السياسي بعد سقوط النظام وإن كنت أرغب بأن أكون وزيراً مثلاً، عاد وسأل بشكل صريح أي التيارات السياسية في الخارج تؤيد فقلت له... أنا حزب التحرير... فسكت قليلاً ثم قال هذا موجود في لبنان ، قلت له نعم، قال عمر بكري؟ قلت له لا، قال أبو قتاده؟ قلت له: لا .. قال أنا جلست في لندن تحت المطر لمدة ساعتين أنتظر مقابلة أبي قتادة لأتحدث معه لمدة عشر دقائق فقط، هو إنسان بسيط وأظنه بريء والتهم الموجهة إليه كذب وافتراء... لم أجبه... عاد وسأل الشهال؟ قلت له لا هذا التيار السلفي في لبنان...
ثم سألته عن المعايير المهنية التي يتبعها في تقصي المعلومات والتي يمكن أن نستفيد منها بالإعلام خصوصاً أنني شاهدته يحاول أخذ صورة لدبابة على الطريق، وطلب الاقتراب لمسافة خمسة أمتار حتى نحقق الشرط المقبول لعرض الصورة بالصحيفة، فقلنا له اقترب على مسؤوليتك فقال: «لا لا لا» نريد صورة
طبعاً تخلل هذا النقاش الكثير من القصص عن جرائم النظام التي يقوم بها والتي لا مجال لذكرها هنا، وصل لدرجة أنه توتر وقال متى سنعود إلى بيروت وكم بقي من الوقت، وهو أيضاً حدثنا عن صحفيين غربيين قام النظام السوري البائد في أقبيته بتقطيع أيديهم لشلها عن الكتابة.
ودعني هذا الصحفي الدبلوماسي طالباً مني لقاء آخر إما في بيروت أو في حمص وأكد على ضرورة اللقاء القادم... طلب مني أن أكتب له عن تصرفات الدولة مع المتظاهرين والقمع الذي يتعرضون له وعن طرائف الثورة، وأعطاني إيميلات للتواصل.



المصدر : مجلة الوعي
http://www.al-waie.org/issues/special/arti...d=1055_0_81_0_C
دور الإعلام في تحريك أو إخماد الثورات

وليد السعيد
بدأت الثورات في البلاد العربية ذاتية عفوية لم تخطط لها قوى خارجية ولا حتى داخلية، ثارت فيها الشعوب وتحركت تعبيرًا عن رفضها للظلم والاستبداد والفساد، دون أن تملك هذه الحركة العفوية مشروعًا واضحًا لمستقبلها، بل بدأت دون أن تعرف إلى أين ستصل أو ماذا ستحقق، لكن حديثنا هنا عن دور الإعلام في تحريك أو إخماد الثورات، وإنه وإن خفي على البعض دور الإعلام في توجيه هذه الثورات نحو شعارات الديموقراطية والتعددية السياسية والمشاركة الحزبية وإبعادها عن المضامين الإسلامية، فإنه لم يخفَ على أحد دورها في احتضان هذه الثورات وتحريكها أو دورها في إخمادها وإطفاء نارها.
إن مواقف الأجهزة الإعلامية وعلى رأسها الفضائيات من الثورات يمكن تقسيمها إلى التالي:
1- إعلام تبنّى الثورات وتلقفها وبدأ يبث أخبارها بشكل مباشر ومكثف ومكبر، ويمكن أن نضرب محطة الجزيرة مثالًا على ذلك في الثورة المصرية، فقد تبنت القناة التحرك الشعبي في ميدان التحرير، وأصبحت تصف هذا التحرك بالثورة وتنقل بالبث الحي المباشر ما يحصل ويقع هناك، بشكل حوّل المحطة إلى غرفة عمليات لتحريك وتوجيه الثورة، وبشكل أظهر الجزيرة بأنها منحازة للناس وفي صف الشارع، غير آبهة بردات فعل النظام الذي منعها من البث وأغلق مكاتبها ثم شوش على بثها بشكل كبير، والجزيرة لا تبالي بكل ذلك لأن ذلك لفت نظر الشارع إليها وجعل الناس تزداد رغبة في متابعتها مما أعطاها فرصة أكبر في تحريك الناس وإثارتهم ضد النظام ورموزه، فنالت الجزيرة أعلى نسبة مشاهدة، بل بلغ تأثيرها أن يكون أحد كبار موظفيها ضمن لجنة التنسيق في قلب الميدان، وجعل القائمين على الثورة يطمحون بل ويطالبون أيام الجُمَعِ بحشد الملايين، ثم ارتفع سقف المطالب عندهم إلى حد جعلهم لا يقبلون بأقل من إسقاط رأس النظام. وهكذا كان، فلم تقلع خيام الاعتصام من الميدان حتى غادر الطاغية مبارك كرسيه الذي أعده ليبقى عليه هو وأبناؤه من بعده، هذا الأمر تعدى تأثيره ميدان التحرير ليضع باقي طواغيت الأنظمة أيديهم على رؤوسهم ويشعروا بأن أجلهم قد اقترب وأن أنظمتهم أوهى من بيوت العنكبوت، بل وأدركوا بأن الإعلام أقوى حضورًا وتأثيرًا من الجيوش بل من أجهزتهم الأمنية التي أعدوها لقمع شعوبهم.
لقد بلغ نجاح الجزيرة في تأجيج حركة الناس حدًا جعل أميركا على لسان وزيرة خارجيتها كلنتون، تجد نفسها مجبرة على أن تقول عن الجزيرة إنها المحطة الملك التي قادت وغيرت أفكار الناس وتوجهاتهم، وقالت سواء أعجبنا هذا أم لم يعجبنا، ففاعلية الجزيرة قوية وعدد مشاهديها في ازدياد... هذا بعد أن كادت أميركا زمن الرئيس بوش أن تقصف المحطة لحنقها منها، وكذلك نشرت مجلة «فورين بوليسي» الأميركية مقالًا عن الرابحين والخاسرين من الثورات فكانت قناة الجزيرة في المركز الثاني في قائمة الرابحين، حيث اعتبرت «فورين بوليسي» أن الجزيرة تفوقت على جميع القنوات الفضائية بما فيها القنوات الغربية في تغطية أحداث مصر ومن قبلها تونس، مشيرة إلى أنه إذا اعتبرنا راديو القاهرة هو الجناح الإعلامي لثورة عبد الناصر فإن قناة الجزيرة هي الجناح الإعلامي للثورة العربية.
وهذا الدور للجزيرة تكرر مع الثورة في ليبيا واليمن وتونس من قبل وإن كان بتأثير أقل.
ومثال الجزيرة هذا ينطبق على إعلام الدول الغربية عمومًا لكن بتأثير أقل، وذلك مثل «بي بي سي» و «فرانس24» وغيرها، التي أدركت مبكرًا بأن الشعوب يكمن فيها بركان جارف، فتملقت هذه الفضائيات الناس وتبنّى إعلامها الثورات وحركة الشارع نفاقًا، وفي نفس الوقت كانت سفاراتها تعمل على إجهاض الثورات من خلال ترتيب الأوراق داخل هذه البلاد حتى لا تخسر نفوذها فيها.
2- في مقابل هذا النوع من الإعلام نجد الإعلام الرسمي الباهت التافه، الذي حاول يائسًا مساندة الأنظمة المتهاوية، ووجدت الأنظمة المتهاوية به سلاحًا لبث أكاذيبها للناس، ولأن القائمين على هذا الإعلام يعلمون أن سندهم ليس الأمة، وأنهم في نظر الناس «كذابون» فقد بدا عليهم الارتباك والخوف الشديدين، حتى إن الحكومة البعثية في سوريا أقالت رئيسة تحرير «صحيفة تشرين» لمجرد مسايرة قليلة خلال لقاء مع محطة الجزيرة، وكانت هذه الحكومة في وقت سابق قد افتتحت محطة فضائية جديدة أطلقت عليها اسم «الإخبارية السورية» أطلقتها وأعطتها شيئًا قليلًا من «الحرية» لتمنحها بعضًا من المصداقية التي فقدتها المحطة الرسمية القديمة، لكن الحكومة السورية لما اشتعلت الثورة وأحست بخطرها، ألغت هذه الحرية وجعلت هذه المحطة بوقًا قذرًا يقدس النظام، ويسب الناس ويسفه أحلامهم، ويوسع دائرة التهم لكل من يتحرك ضد النظام، فمرة يصفهم بالخارجين على القانون ومرة بالمندسين أو القلة، أو غير ذلك من النعوت التي زادت هذه الإعلاميات بعدًا عن الناس أو التأثير فيهم، بل زادت الناس نفورًا وبحثًا عمن ينقل صوت الناس ويذيعه.
3- إعلام متردد يتبع دولًا غير مبدئية ولا تفهم حتى المصلحة بالمفهوم الغربي الميكيافلي.
ويمثل هذا الخط الإعلام الروسي ومثله الصيني، فالإعلام الروسي ومن وراءه لم يدرك بأن التحرك الشعبي هو تحرك ذاتي وأنه أقوى من الأنظمة ذاتها، ففي البداية كان الإعلام الروسي قد ركز من خلال المحللين السياسيين التابعين له على التحذير من هذه التحركات والتشكيك فيها ومحاولة بيان أن الدول الغربية الاستعمارية تقف وراءها أو تستغلها، وأن «المتطرفين» قد يقفزون على الحكم من خلالها. ثم لما أدركت أن النظام في مصر ساقط لا محالة تحول إعلامها كي يقترب من الحقيقة والشارع أكثر فأكثر، لكنه بقي مترددًا خائفًا لا يعلم المجهول، ولكنهم كرروا هذا الخطأ مع باقي الثورات في ليبيا وسوريا، مما جعل هذا الإعلام ضعيف الأثر في الناس وتحركهم.
4- إهمال الحدث بشكل مقصود تبعًا لأجندات مفروضة على هذه الأجهزة الإعلامية، ومثال ذلك الجزيرة وأسلوب تعاطيها مع قضية البحرين، فأحداث البحرين تعاملت معها الجزيرة بأسلوب الإهمال وبالأخص بعد دخول قوات درع الجزيرة إلى أرض البحرين، أما ما هو السبب في ذلك فهل هو فتوى القرضاوي أن الموضوع هناك موضوع طائفي، أم أن الموضوع أبعد من ذلك بكثير، والحقيقة التي لا مراء فيها أن الإعلام إنما يعمل لصالح الجهة التي أوجدته وتقف وراءه وتموله ليحقق أهدافها ولا يحيد عنها، والفارق بين هذه الفضائيات أن بعضها قد منح مساحة من الحرية أوسع من غيرها لتكسب من خلال هذه الحرية ثقة الجمهور والناس، هذه القضية أي قضية البحرين لفتت نظر بعض الناس لكن التغطية الواسعة من الإعلام ومنه الجزيرة لما يجري في سوريا واليمن وليبيا جعل أكثر الناس لا تلتفت لهذا الإهمال الإعلامي لما يجري في البحرين.
لكني أعود لأختم بما قلته من أن هذا الإعلام إنما هو إعلام موجَّه يعمل لصالح الجهات التي تدعمه وبالتالي الدول الكبرى التي وراءه.



المصدر : مجلة الوعي
http://www.al-waie.org/issues/special/arti...d=1057_0_81_0_C
الفضائيات ومحاولة حرف الثورات عن مطلب الإسلام

عماد أبو توفيق
ليس غريباً أن يُطلق مصطلح السلطة الرابعة على وسائل الإعلام المختلفة ومنها الفضائيات التي ما بقي بيت أو يكاد إلا ودخلته، وهذا الإطلاق إنما هو لبيان مدى التأثير الذي تحدثه وسائل الإعلام على الناس في مختلف الجوانب، الاقتصادية منها والفكرية والمشاعرية...
لا بد من القول بأن الفضائيات ليس لها تأثير فعلي بمفهوم السلطة التنفيذية للدولة، أي أنها لا تقوم بالفعل نفسه بصورة مباشرة، ولكنها يمكن أن تحول المشاهد إلى أداة فاعلة عن طريق التحريض لأمر ما، أو إعطاء تصور مسبق عن حدث ما. فالفضائيات لديها القدرة للتحريض وتوجيه وإنجاح العديد من التغييرات السياسية وإشعال الثورات والتوترات السياسية أو حتى تحريض جهة ما ضد جهة أخرى وإشعال الفتن والحروب الطائفية أو العرقية في العديد من دول العالم. كما أنها أي الفضائيات تستطيع من خلال الضغط السياسي المساهمة بشكل فاعل في تغيير الأنظمة وإحلال أنظمة أخرى محلها، حيث إن تأثير وتدخل ونفوذ تلك الفضائيات بل ووسائل الإعلام المختلفة الأخرى في الشؤون الداخلية للدول لا تقف أمامها حدود أو اتفاقيات أو حتى التزامات دولية ولا مواثيق ولا قوانين أو ما شابه ذلك.
بدون هذه السلطة (الإعلام ومنه الفضائيات) لم يكن من الممكن إنجاح التغييرات التي حدثت في المعسكر الاشتراكي والإسراع بإسقاط الأنظمة البوليسية هناك، فلم تكن هناك حاجة مع هذا التدخل الإعلامي لأي تدخل عسكري من قبل جيوش حلف الناتو.
وكم من الحكومات سقطت من خلال ما سُمي بالثورات البيضاء بتأثير من الإعلام فقط. ولا أدل على ذلك مما حصل في الثورة الإيرانية ودور الإعلام الهائل في إنجاح التغيير السياسي في إيران وإسقاط سلطة الشاه وقيام الجمهورية الإسلامية فيها.
إن سيطرة الدول المتنفذة على الكثير من الفضائيات والعمل على توجيهها لما يخدم مصالحهم جعل من هذه الفضائيات جهاز حرب يستخدم في العمل الدعائي للترويج لأفكار ما، كاستخدام الإعلام الغربي في إسقاط أو الإسراع بإسقاط العديد من دول المنظومة الاشتراكية دون مشاركة القوى العسكرية لحلف الناتو، مع أن المشرفين ومن لهم السيطرة الفاعلة على الإعلام الغربي يرفضون هذا الاتهام ولا يعترفون به ويقولون إنهم إنما روجوا لأفكار هم يؤمنون بها، وإنهم واثقون من صحتها كالديمقراطية وحرية الرأي والانتخاب والحريات العامة.
إن الدول والأنظمة التي تملك السيادة الفعلية يمكن أن توجه مثل هذه السلطة (سلطة الإعلام) الوجهة الصحيحة وتحقق بالتالي الفائدة المرجوة منها، ولكن لو نظرنا من حولنا لوجدنا أن هذا لا يوجد في الواقع سوى في بعض الدول في العالم التي تملك أمرها بل وتملك أمر غيرها مثل الدول العظمى التي باتت تسيطر على كل شيء حتى على أذهان وأذواق الشعوب المستضعفة ومنها دول الشرق الأوسط.
وبما أن هذا هو حالنا وتأثير الإعلام فينا، فلا بد إذًا من أن يكون كل ما يبث من إعلام على أمم هذه المنطقة لا بد وأن يكون قد دُبِّر أو مرَّ على شريط المراقب، وهو الدولة السيدة التي تملك النفوذ في تلك البلاد، وعليه لا يمكن التصديق بكل ما يُعرض، كيف لا والمشاهد لا يرى أو يسمع إلا ما يريده صاحب النفوذ والصلاحية والسلطة، ويدلل على هذا القول ما يحدث الآن في منطقة الشرق الأوسط من ثورات.
إن المتتبع لهذه الثورات من على شاشات الفضائيات يرى بأنها إنما تريد فقط إسقاط النظام أو الحاكم وأقصد شخص الحاكم، بل وإنها تطالب بعد ذلك بتطبيق الديمقراطية والحريات، وإن من يموت منهم إنما قدم روحه رخيصة من أجل أن يعيش غيره من الأجيال في ظل تلك الديمقراطيات والحريات والتعدديات السياسية والتي تجمع أصحاب التوجه الإسلامي مع غيرهم من نصارى وعلمانيين وغيرهم.
تظهر تلك الفضائيات أن الدوافع الحقيقية لهذه الثورات إنما هي الجوع والقهر وقلة العمل ولقمة العيش، فتراها إذا ما نزلت إلى الشارع لا تقابل الا تلك الشريحة من المجتمع التي ترفع تلك الشعارات العلمانية، ولا تبث شيئاً عن تلك الثورات الا ما ترغب في بثه عنها وهو ما يعطي انطباعاً عند جميع المشاهدين بأن الحقيقة هي تلك التي تُروجها وسائل الإعلام.
فهم يُعدون التقارير تلو التقارير عن تلك الثورات ويجرون اللقاءات المباشرة مع شريحة من الشرائح التي يعلمون توجهها سلفاً حتى يصب ذلك كله في تحقيق هدف الأسياد المسيطرين على تلك الفضائيات.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل حقاً أن جميع الشعوب تهدف إلى إسقاط -أو قل استبدال- الأنظمة الموجودة لتأتي بأختها ولكن بزي آخر وشكل متجدد؟ أم أن هناك مطالب أخرى لا تبرزها تلك الفضائيات سوى ما يظهر رغماً عنها ولا يمكن تفاديه وتمر عليها مرور الكرام ولا تعود إليه ثانية؟.
في الحقيقة أن الواقع ليس كذلك أبداً، فتلك الفضائيات إنما تضخم ما تريد تضخيمه وتقلل من شأن ما تريد تقزيمه، بل وتتجاهل بالمطلق كل ما لا تريد أن يُعلم أنه قد حدث.
كيف لا وأن نبض الشارع اليوم يرنو نحو الإسلام، وأن الثائرين إنما يتوقون ليروا الإسلام مطبقاً في واقع حياتهم.
ألم يُشاهد الجميع صور الثائرين في تونس ومصر وليبيا واليمن وهم يؤدون الصلوات في أوقاتها ويتضرعون ويتوجهون إلى الله الجبار المنتقم أن يخلصهم من طواغيتهم، فهذه المشاهد ما كان للفضائيات أن تزيلها حال إعدادها للتقارير أو بث الأخبار.
أما الأحداث العظيمة والتي تنادي بعودة الإسلام ليطبق في الواقع فبالرغم من عظمتها وضخامة بعضها، إلا أنهم لم يأتوا على مجرد ذكرها.
فهل لا تعلم الفضائيات مثلًا عن المؤتمر الذي عُقد في إندونيسيا تحت عنوان «معاً لاستئناف الحياة الإسلامية في دولة الخلافة» والتي أقامته حاملات الدعوة هناك بتاريخ 21/4/2010م؟ وهل جهلت الفضائيات المؤتمر الكبير الذي دوّى تأثيره أصداء المعمورة حيث ارتفعت حناجر عشرات الألوف مدوية بالمطالبة بعودة الخلافة بتاريخ 12/آب/2007م؟ وأين الفضائيات من مؤتمر علماء المسلمين الذي انعقد بتاريخ 21/7/2009م وكان من الضخامة بمكان بحيث ضم علماء من مختلف البلاد الإسلامية في العالم عربها وعجمها ولكن لم تأت الفضائيات على ذكره.
تلك أمثلة من أحداث سبقت، أما الأحداث الحالية وأخبار الثورات اليوم فليس كل ما يحدث في الواقع يعرض على شاشات الفضائيات، ومثال ذلك قناة الجزيرة مثلاً والتي يصلها بعض التسجيلات من داخل الحدث ويقوم بتسجيلها الناس والمشاركون ثم تقوم هي بعرض بعضها بالصوت والصورة والبعض الآخر بالصورة دون الصوت، والسبب في ذلك أن الصوت في تلك التسجيلات يُكذب ما تروج إليه تلك الفضائيات من مطالب الناس الحقيقية، ففي حمص مثلاً وفي تسجيل شاهدته وسمعته على موقع منتدى العقاب طالبوا بعودة الخلافة الإسلامية حلاً لمشاكلهم وكانت تلك في مسيرة ليلية، ولم تأت الجزيرة والتي تعودت على نقل مثل هذه التسجيلات على ذكره. وفي ثورة تونس لم تظهر الفضائيات أي مطلب إسلامي على الإطلاق مع أننا سمعنا ومن مواقع مختلفة بعض تلك المطالب من مثل «لا مفر لا مفر، الخلافة هي الحل» وفي غيرها من البلاد التي تشهد الثورات الآن والتي يوجد فيها من يقول بأن لا بد للإسلام من عودة والحل لهذه المعضلات لا يكون إلا بتطبيق الإسلام، وغيرها الكثير الكثير.
نعم، لم تُظهر الفضائيات مثل ذلك استجابة لما تأمر به القوى المتسلطة، فالخوف من الإسلام السياسي الفاعل والمؤثر يؤدي بهؤلاء وأسيادهم إلى عدم التطرق إليه خشية من انتشاره.
هناك تصريحات أدلى بها كبار الساسة في العالم من أمثال هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية حذرت فيها بتاريخ 13/1/2011م الأنظمة العربية من السقوط في براثن السياسات الراكدة وخوَّفتها من خطر الزحف الإسلامي القادم لاجتياحها فقالت: «إن الذين يتمسكون بالوضع الراهن كما هو قد يتمكنون من الصمود أمام مجمل مشاكل بلدانهم لفترة قصيرة ولكن ليس للأبد، وأن آخرين سيملؤون إذا ما فشل القادة في إعطاء رؤية إيجابية للشباب وسبل حقيقية للمشاركة». وحذَّرت كلينتون قادة الدول العربية: «من التطرف الذي يمكن أن يملأ الفراغ». وللخروج من مأزق الركود والجمود دعت كلينتون في منتدى المستقبل في الدوحة إلى إشراك القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني في صناعة القرار، ووصفت المؤسسات القائمة في الدول العربية بأنها فاسدة وسياساتها بأنها راكدة. ودعت الحكام العرب «لمكافحة الفساد وضخ حياة جديدة في أنظمتهم السياسية الراكدة وإلا جازفوا بخسارة المستقبل لصالح المتشددين الإسلاميين» على حد قولها.
ولقد تزامنت تلك التصريحات التحذيرية مع سقوط طاغية تونس زين العابدين بن علي من الحكم وفراره خارج البلاد، وهو ما يشير إلى خوف كلينتون على الحكام العرب من السقوط واجتياح الإسلاميين للسلطة في الدول العربية.
لكن تركيبة الأنظمة العربية الحاكمة لا تؤهلها للسير في مشاريع الإصلاح، خاصة بعد ما ثبت عجزها عن التغيير وإيجاد الحلول الجذرية للمشاكل المتفاقمة فيها. فهذه الأنظمة قد انتهى دورها وانتهى مفعولها وهي أنظمة من المؤكد أنها سوف تسقط قريباً ولن تجدي نصائح كلينتون لها نفعاً بالبقاء.
إن تخوف الأسياد من الإسلام السياسي الفاعل أدى بعملائهم إلى تغييب دوره وما يصدر عنه في الواقع، وإبراز دور الأشخاص المنادين بالديمقراطية والعلمانية والحرية.
وللإنصاف فإنهم يظهرون بعض المطالب لبعض الإسلاميين أفراداً وحركات، ولكن هؤلاء ممن ترضى عنهم دول الغرب تحت ذريعة أنهم ينتمون إلى ما يُسمى بالإسلام المعتدل.
من كل ما تقدم نخلص إلى أن الفضائيات تعمل جاهدة على التدخل في الثورات الحاصلة الآن، تعمل لتوجيهها نحو الهدف الذي يريده الغرب المتسلط على وسائل الإعلام المختلفة ومنها الفضائيات، وبالتالي فإنها تعمل وبكل جد على حرف هذه الثورات عن المطلب الأساس ألا وهو الإسلام، الإسلام الحق وليس إسلام مشايخ هذا الزمان، الإسلام الذي يريده رب العالمين، وليس الإسلام الذي تريده الدول المستعمرة التي صنفت الإسلام بالمعتدل والإرهابي وغيره من التصنيفات التعسفية. 

المصدر : مجلة الوعي
http://www.al-waie.org/issues/special/arti...d=1056_0_81_0_C
الحج في الإعلام


:" الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى، وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ."


يحل موسم الحج هذا العام، والمسلمون تشغلهم همومهم في دينهم وما نزل بهم من مآسٍ ونكبات ما زال بابها مفتوحاً. ويذهب ملايين المسلمين الى الحج حاملين معهم هذه الهموم ليشكوا بثهم وحزنهم إلى الله، ليقفوا أمام باب الملتزم حيث لا يرد الله دعوة عبد وقف ببابه واحتمى بجنابه، يذهب المسلمون ولا يغيب عن بالهم إجرام أميركا بحق المسلمين في أفغانستان والعراق وفي كل مكان، ولا إجرام حاكم سوريا واليمن الذي غطى بحقده على كل إجرام، ... يذهب المسلمون ليشكوا إلى ربهم حكامهم الذين يشايعون أعداء المسلمين عليهم والذين يظاهرون الغرب واليهود والروس والهندوس في محاربة من يدعون إلى الإسلام ,والذين خذلوهم وجرعوهم غصص الظلم والذل وجعلوهم أدنى الأمم .


وفي هذه الايام المباركة تكثر وسائل الإعلام وخصوصا الفضائيات من استضافة العلماء والخطباء والوعاظ ، ويكثرون من الحديث عن الحج ومناسكه وشعائره والصفات الواجب توفرها فيمن سُمح له بالحج، ويتكلمون في كل أمر من شأنه أن يمكن الحاج من أداء حجه على الوجه الأكمل، ولا عجب، فهو مُقْدِم على عمل جليل وشعيرة مباركة إن وفقه الله لأدائها فهو على خير عظيم. فنجدهم يسمونه موسم الطاعات، ويحضون الحاج على الإخلاص فيه، ويحذرونه من الرياء، وأن يستحضر النية، وأن يجاهد نفسه، وألا يكون من أولئك الذين خرجوا إلى الحج رياء وسمعة، حتى يقال لأحدهم: إنه حجّ بيت الله الحرام، وأن ذلك رياءً، والرياء محبط للعمل. ويشدد العلماء والخطباء والوعاظ والمدرسون بأن أيام الحج هي أيام تلبية ودعاء فليغتنمها الحاج، خصوصاً يوم عرفة.

الا ان الأمر الأهم الذي تغفله وسائل الاعلام وتتعامي عنه عن سبق اصرار وترصد ,ويغفله علماء وخطباء ووعاظ هذه الفضائيات – إلا من رحم الله - هو تبصيرهم بأحوالهم وأحوال المسلمين، وعقد مقارنة ولو بسيطة بين حجاج اليوم وحجاج الأمس.
تلكم التبصرة وهذه المقارنة تستوجب بيان الأمور التالية:

1. إن الذي حج بالناس أول مرة هو رسول الله صلى الله عليه وسلم بصفته نبياً ليعلمهم المناسك، وليرعاهم بصفته رئيساً لدولة الإسلام الأولى، في إشارة واضحة إلى وجوب وجود أمير للمسلمين يحج بهم كل عام، أو ينيب عنه أميراً للحج يتولى هذه الولاية العظيمة. وكذا فعل الخلفاء من بعد الرسول صلى الله عليه وسلم، عندما كان للناس جماعة وإمام. وأما اليوم فلا جماعة للمسلمين ولا إمام.

2. كانت خطبة حجة الوداع بياناً سياسياً شاملاً لكافة القضاية المهمة، مما يدل على أن خطبة عرفة ينبغي أن تتناول أهم القضايا التي تواجه المسلمين في كل عام، فكيف بالله عليكم ترون خطبة عرفة منذ أن ولي السفهاء أمر المسلمين؟

3. لم نسمع ولم نقرأ في كتب التاريخ المعتمدة أو غير المعتمدة عن نفر من المسلمين أرادوا الحج فمُنعوه، وإن أُعطوه عجزوا عن تكاليفه ورسومه, ولم نسمع أو نقرأ في تاريخنا عن تخصيص عدد معين من الحجاج لكل مجموعة من الناس يعيشون في قطر من الأقطار، واستثناء آخرين من ذلك النظام القاصر المبتدع. لأن تجمع المسلمين في حجهم، في مكان واحد، أصبح يقض مضاجع الكفار وعملائهم ووسائل اعلامهم، يخشون هذا التجمع في شكله كما يخشونه في مضمونه. لذلك عمدوا إلى كل وسيلة في جعبتهم لوضع العراقيل أمام من أراد الحج، فحددوا نسبته، وتحكموا في أعمار طالبي الحج حتى صار، في كثير من بلاد المسلمين، لا يسمح بالحج إلا لمن بلغ من العمر عتياً، وهم لا زالوا يبحثون عن معوقات للحج ما وسعهم إلى ذلك سبيلا.


4. كان الحاج يسير من بلاده ولو كانت بالفج العميق إلى البيت العتيق يتنقل بحرية تامة، لا يوقفه أحد ليسأله عن جواز سفره، أو يفتش أمتعته، أو يخضعه للاستجواب الطويل إذا قال كلمة تفيد من قريب أو بعيد أمراً بمعروف أو نهياً عن منكر. كان يمر من القرى عزيزاً مكرماً، آمناً على نفسه ومتاعه، يلقى على طول الطريق تكايا وخانات تطعمه إذا جاع، وتؤويه إذا نزل، وتؤمنه إذا خاف، يستريح فيها من عناء السفر وطول المسير، فكانت استراحات حقيقية غير مزيفة، لا تشبه استراحات اليوم على نقاط الحدود إلا في الإسم والرسم، وما هي إلا مراكز إذلال تكرس التجزئة المقيتة بين بلاد المسلمين، وتذر قوافل الحجيج كمّاً مهملاً عند نقاط قطع الطريق، يتحكم فيهم موظفو تلك المراكز الجائرة كيف يشاؤون.

5. كان المسلمون في أزمنة العز والسؤدد يعظمون حرمة الدماء والأموال والأعراض أكثر مما يعظمون حجارة الكعبة وكسوتها وسدانة البيت وسقاية الحاج، مع أنهم يعظمونها أيضاً، ولكنهم اليوم قلبوا الموازين، واستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير. فدماء المسلمين تسيل أنهاراً في العراق وفلسطين والشيشان وأفغانستان وتايلند وكشمير وغيرها من بلاد المسلمين، ولا يأبه أحد بها، ولا يذكرونها إلا لماماً، وأما حجارة الكعبة فمعظمة، وكسوتها فخمة، وفناؤها أبيض نظيف، غير أن قلوب حكامها سوداء، وبطونهم جرباء، وعقولهم خربة، أن حكموا بغير ما أنزل الله، ووالوا أعداء الله، وعادوا أولياءه.

6. كان الحجيج يسيرون في بلاد المسلمين تحت راية العقاب ليس لكافر سلطان عليهم، يحملون تابعية واحدة مهما اختلفت ألوانهم وألسنتهم، وأما اليوم فما من حاج إلا ويخضع لنوع من أنواع السلطان الكافر من أعلى رأسه إلى أخمص قدميه، تظله رايات سايكس بيكو الكافرة، ويحمل وثيقة سفر صادرة من جهات معادية للإسلام والمسلمين، يُلزم بتعريف نفسه بها، والتجمع في المشاعر على أساسها، فهؤلاء حجاج فلسطينيون، وآخرون مغربيون، وأولئك حجاج أردنيون، وسوريون ومصريون وعراقيون وأندونيسيون وصينيون وما شاكل ذلك من قوميات ووطنيات... إن هي إلا أسماء سماها الحكام وأسيادهم ما أنزل الله بها من سلطان.

7. كانت إدارة الحج ولاية من ولايات الحكم والسلطان، وكان القائمون عليها موظفي دولة، واليوم أصبح القائمون عليها من القطاع الخاص، وصار الحج تجارة يستأثر بربحها المقربون من سلاطين الجور والمقاولون، منهم الصالحون ومنهم دون ذلك.

فلماذا تصر وسائل الاعلام على قلب الموازين في هذه الايام المباركة ؟! و لماذا لا تكون هذه المسائل المصيرية والقضايا الجوهرية هي محل اهتمام وسائل الإعلام والعلماء والخطباء والوعاظ ، حتى يكون الناس ومنهم الحجاج على بينة من أمرهم، ولا يكون أمرهم عليهم غمة، فيهبوا إلى العمل لإنهاض أمتهم من كبوتها، ويكون موسم الحج بحق مؤتمراً عاماً مفيداً للمسلمين، تعالج فيه القضايا المهمة إضافة إلى أداء المناسك؟

إن الحج من شعائر الله التي تجمع المسلمين كلهم على صعيد واحد، وتتجلى فيه وحدة المسلمين بكثير من المظاهر: وحدة في الشعائر، ووحدة في المشاعر، ووحدة في الهدف، ووحدة في الحال، فلا إقليمية ولا عنصرية ولا عصبية للون أو جنس أو طبقة، فالرب واحد، والدين واحد، والقبلة واحدة والأمة واحدة مهما حاول الاعلام أن يغرس بينها من عوامل التجزئة لتفريقها، ومهما ُنصب عليها من حكام ظلمة لا يرعون فيها إلاً ولا ذمة.
التاريخ الهجري 28 من ذي القعدة 1432
التاريخ الميلادي 2011/10/26م

رقم الإصدار: ص/
ب ن- 99\ 011

بيان صحفي


السلطة تنسّق مع اليهود وتستنفر البلطجية والجواسيس لفرض مباراة كرة قدم نسائية
وتضرب وتعتقل وجهاء يطا المحتجين على إشاعتها لأسباب الفاحشة والرذيلة!



بالرغم من استنكار واعتراض وجهاء محافظة الخليل لدى مكتب المحافظ ورئيس بلدية دورا ومديرية تربية جنوب الخليل على عقد مباراة كرة قدم نسائية في مدينة دورا يوم الخميس 20/10/2011، إلا أن سلطة الإثم أصرت على عقدها، ثم أتبعتها بعقد مباراة أخرى في اليوم التالي، الجمعة، في قرية الكرمل شرق مدينة يطا بين فتيات من الكرمل وفريق إناث سويدي، متحديةً أهل فلسطين ووجهاءها مجاهرةً بالمعصية ومتعاونة على الإثم والعدوان مع الاحتلال اليهودي، وجندت أوباشها وأزلامها وبلطجيتها والجواسيس لفرض المباراة ولقمع واعتقال الذين احتجوا ورفضوا هذه الرذيلة.



إن الوجهاء والمشايخ وأهالي يطا والكرمل لمّا علموا أن السلطة مُصرّةٌ على الاستمرار في المعصية ونشر الرذيلة رغم محاسبة وجهاء محافظة الخليل، ولمّا علموا أن السلطة أحضرت الفتيات السويديات كاشفاتٍ لعوراتهن ليلعبن على ملعب الكرمل، خرجوا من مسجد بلال بن رباح في مسيرة حاشدة ضمت الوجهاء وأساتذة الجامعات والمدرسين باتجاه الملعب بعد صلاة الجمعة لإنكار هذا المنكر ورفض عقد المباراة بين أهليهم، وقد أسمعوا صوتهم للموجودين في نادي الكرمل، وعندما همّوا بمغادرة النادي وجدوا أن الشرطة استدعت الأجهزة الأمنية بعد التنسيق مع اليهود يرافقها البلطجية والجواسيس ليعتدوا على الناس بالهراوات والسكاكين وإطلاق الرصاص!!



لم يكتف رجال السلطة وأزلامها بالاعتداءات على الناس المحتجين وإصرارهم على عقد المباراة وحضورها ومشاهدة الفتيات خاصة الفتيات السويديات "بالشورت" وهن يركضن خلف الكرة، لم يكتفوا بذلك، بل وصف الذي تولّى كِبَرَهُ منهم (وهو مشبوه معروف) وجهاءَ وأساتذة ومدرّسي وأكارم يطا والكرمل "بالغوغاء المعزولين"، وصف لا يليق إلا بقائله، وبالأجهزة الأمنية والبلطجية الذين داهموا المنازل والمحالّ التجارية والمدارس بحثاً عن المشاركين في مسيرة الاحتجاج من شباب حزب التحرير وأقاربهم، ولا تزال حملة المداهمات والاعتقالات مستمرة حتى إعداد هذا البيان.



إن تصرفات وأقوال السلطة وأزلامها تشبه تماما ما قام به قذافي ليبيا ومبارك مصر وبن علي تونس وبشار سوريا وعلي اليمن، وكأن السلطة وأزلامها لم يستوعبوا الدرس ولم يعتبروا بما جرى للقذافي ومبارك وبن علي وأزلامهم، فهذه الأمة ومنها أهل فلسطين لن تنسى مَن ظلمها وأشاع الفاحشة فيها وكالَ لها التُّهم، واعتقل وعذّب أبناءها لأنهم أنكروا المنكرات وطالبوا بالحقوق ورفضوا إشاعة الفاحشة فيهم، "وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ".



وإننا في حزب التحرير نتوجه إلى أهلنا في فلسطين المباركة، أهل المسجد الأقصى المبارك، فنقول: أتقبلون بأن تقوم السلطة بإحضار الفتيات شبه العاريات من اليابان ومن السويد وكافة دول الكفر الحاقد على الإسلام والمسلمين وتجوب بهم مدن فلسطين ليلعبن كرة قدم مع بنات من فلسطين لم يردعهن دينهن عن لعب الكرة أمام الرجال ويختلطن بالديّوثين؟، أتقبلون الدّياثة وإشاعة الفاحشة والرذيلة فيكم؟ هل هذه هي فلسطين؟! هل هذه هي أكناف بيت المقدس؟! أليست السلطة التي ترعى الفواحش بين ظهرانيكم دخيلة عليكم؟



ألم يكْفِكم أن السلطة تحولت من حركة تحرر وطني إلى مجموعة مرتزقة تحرس أمن الاحتلال مقابل أموال دول المانحين الذين دعموا الاحتلال اليهودي!؟، كيف ترضون لها أن تتحول إلى مجموعة ديوثين يشجعون على كشف العورات والاختلاط والرذيلة؟! أيرضى رجل كريم أن تلعب ابنته كرة قدم أمام الرجال؟!، أيرضى رجلٌ غيورٌ وقورٌ يخاف الله أن يشاهد الفتيات شبه العاريات وهن يعبثن بالكرة؟! أليس من يحاول إدخال هذه الثقافة إلى عقر داركم مشبوهاً يعمل لصالح الكفار؟



إن الواجب عليكم أن تدركوا أنفسكم وبناتكم وشبابكم وتقولوا للسلطة ورجالاتها قولاً بليغاً وتمنعوا منكراتها، حتى ترعوي هذه السلطة وتتراجع عن شنيع فعالها، وحتى نستحق نصر الله فيهيئ لنا ولأمة الإسلام خليفة راشدا يحرك الجيوش ويحرر فلسطين من الاحتلال اليهودي ويرفع عنا غمة السلطة الظالمة.



( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ )


المصدر : المكتب الاعلامي لحزب التحرير
http://www.hizb-ut-tahrir.info/info/index....nts/entry_15160
===========================================

هذه الاعمال التي ترعاها سلطة العار والشنار تهدف الى سحق الفضيلة والأخلاق الكريمة في نفوس الشباب والبنات، وتهدم المفاهيم الصحيحة عندهم، وتزيل حاجز النفرة بين المرأة والرجل الأجنبي عنها، وهي تختزن رسالة إعلامية موجهة بعناية، وهدفها الرئيس تنمية الاندماج بين الجنسين، وإشعار النشء أن لا إشكال في بناء العلاقات والصداقات بين الجنسين، وان طقوس الفصل بين الجنسين، والحدود في علاقاتهم هي أمور لا صحة لها، ومع كثرة الدعاية الإعلامية الخطيرة لهذه الاعمال يألفونها، ثم قليلاً قليلاً يعتادون على رؤية الحرام, ويعايشونه لحظة بلحظة، ورويدًا رويدًا حتى يعتادوا العيش بنفس الطريقة التي يهدف لايجادها الغرب الكافر ومن شايعهم من الحكام.
آخر الزوار
ابو ياسين لا يوجد لديه زوار.

التعليقات
لم يقم باقي الأعضاء بكتابة تعليق لـ ابو ياسين.

الأصدقاء
لا يوجد أصدقاء.
RSS نسخة خفيفة الوقت الآن: 12th November 2024 - 02:12 PM