منتدى الناقد الإعلامي

السلام عليكم , للمشاركة اختر ( دخول | تسجيل )



ملتيميديا

مقتطفات فيديو من انتاج الشبكة

78 الصفحات V  « < 76 77 78  
Reply to this topicStart new topic
> متابعة الثورة السورية وتناول الإعلام لها " متجدد "
حلبجه
المشاركة Sep 26 2018, 08:54 PM
مشاركة #1541


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 1,419
التسجيل: 21-May 12
رقم العضوية: 1,908








السؤال: حشد النظام السوري قواته جنوبي محافظة إدلب وأعلنت روسيا الجهوزية لخوض معركة إدلب "المعركة الكبيرة الأخيرة!" في سوريا، وأقامت مناورات عسكرية هي الأضخم في تاريخها الحديث شرقي المتوسط، وكان كثيرون ينتظرون بدء المعارك بعد القمة الروسية التركية والإيرانية التي انعقدت في طهران 7/9/2018، فظهرت معارضة الرئيس التركي أردوغان للحملة العسكرية على إدلب، وحل محل الهجوم على إدلب اتفاق المنطقة المنزوعة السلاح الذي جرى بين أردوغان وبوتين في 17/9/2018 فما سبب هذا التغيير؟... ثم توعدت أمريكا برد قاسٍ إذا استُخدمت الأسلحة الكيماوية، وتناغمت معها بعض الدول الأوروبية... فما حقيقة المواقف الدولية والإقليمية حول معركة إدلب؟

الجواب: لكي نتبين المواقف الدولية تجاه معركة إدلب يجب استعراض الوقائع التالية:

1- في البداية نقول إن أمريكا غير صادقة في ما تتظاهر به من دعمها للمعارضة، فهي من وراء النظام التركي والسعودي لخداع الفصائل السورية بسياسة الجزرة والعصا وجرها إلى المصالحات والهدن مع النظام، وتسليم المناطق له، بل إن رسالة أمريكا للمعارضة السورية في الجنوب كانت واضحة صريحة بأن عليها أن لا تتوقع دعماً أمريكياً لصد هجوم الجيش السوري. وفي مسألة إدلب فقد قالت المندوبة الأمريكية في الأمم المتحدة نيكي هيلي في مؤتمر صحفي ("هذا موقف مأساوي وإذا أرادوا مواصلة الطريق للسيطرة على سوريا فيمكنهم أن يفعلوا ذلك" في إشارة إلى الحكومة السورية وحليفتيها روسيا وإيران. وأضافت "لكنهم لن يستطيعوا أن يفعلوا ذلك بالأسلحة الكيماوية..." رويترز 4/9/2018)، فالمعارضة الأمريكية المعلنة هي لاستخدام الكيماوي وليس لسيطرة النظام على سوريا، ومن ذلك أيضاً ما طالب به رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية الجنرال جوزيف دانفورد بـ(مزيد من المباحثات بين الأتراك والسوريين والروس بشأن عمليات أكثر دقة لمكافحة (الإرهاب) ستكون النهج الصحيح على عكس العمليات التقليدية الواسعة النطاق. وقال "أقترح تنفيذ عمليات مكافحة (الإرهاب) بطريقة تخفف من مخاطر فقد الأبرياء أرواحهم"... رويترز 4/9/2018). وأمريكا تستدعي مسألة الكيماوي متى أرادت، وتطلب فعلها من النظام ليكون ذلك ذريعةً لها لتنفيذ سياساتها، والنظام مطمئن بشكل كبير للدعم الأمريكي، إذ لولاه لما جاءت إيران وروسيا، ولولاه لما ضغطت تركيا والسعودية على الفصائل المسلحة لتوقيع الهدن والانسحاب من المناطق ليسيطر عليها النظام السوري، ولولاه لما عاد نظام الطاغية للمجتمع الدولي ومنه مفاوضات جنيف ليكتسب شرعية فقدها في سنوات الثورة الأولى.

2- إن أمريكا سمحت للتدخل العسكري الروسي لدعم النظام وقد أدت روسيا وإيران والمليشيات المهمة وأصبح النظام يسيطر على كثير من الأراضي السورية وأبرز ما بقي من الأراضي ذات الشأن هي إدلب... أما روسيا فهي تعاني في مستنقع سوريا وتريد أن تقتحم إدلب لينتهي مأزقها العسكري وتفرغ للأعمال السياسية، وأما أمريكا فتريد ترتيب الحل السياسي قبل إنهاء موضوع إدلب واستغلال موضوع إدلب لابتزاز روسيا بإطالة مأزقها العسكري أو تقصيره وفق موافقة روسيا على خطة الحل الأمريكي لسوريا التي يترتب عليها إخراج القواعد العسكرية الروسية كشرط للحل السياسي الذي تصوغه أمريكا وتجعل المعارضة تصر على إخراج القواعد كشرط للحل أي أن تكتفي روسيا من الغنيمة بالإياب! وهكذا كانت معارضة تركيا للعمل العسكري الروسي الذي كان معداً لمهاجمة إدلب بدافع من أمريكا...

3- لقد استمرت روسيا تنفذ مهمتها العسكرية في سوريا دون أي أفق لأي مهمةٍ سياسية بعد مجيء إدارة ترامب، فكان الاستيلاء على الغوطة بتعاون تركي كبير، أي برضا أمريكا، وفي السياق نفسه الاستيلاء على الجنوب... وفي الوقت ذاته ترفض أمريكا إجراء مفاوضات مع روسيا بشأن سوريا في إشارة إلى أن إدارة ترامب لا ترى دوراً سياسياً لروسيا على الأقل قبل أن تكمل مهمتها العسكرية! ولما تم حشر الثورة السورية المسلحة في إدلب، وأرادت روسيا الاستمرار في أعمالها العسكرية، فحشدت وتوعدت وناورت في المتوسط ببوارج كبيرة وقاذفات جوية استراتيجية وأغلقت المجال الجوي في شرقي المتوسط للمرة الأولى في تاريخها، فقد وجدت نفسها أمام مأزق كبير حيث شاهدت روسيا أموراً لم تكن في حسبانها، ومن ذلك:

أ- المعارضة التركية لعملية شاملة في إدلب: لم توافق تركيا على حرب شاملة على إدلب، (واعتبر الوزير التركي أنه ينبغي تحديد "الإرهابيين" ومحاربتهم، ولا يصح شن حرب شاملة على إدلب وقصفها بشكل عشوائي.) عنب بلدي 14/8/2018، وقد تجلّت معارضة تركيا للحرب بشكل واضح أثناء مؤتمر طهران بين رؤساء روسيا وتركيا وإيران، وأبرزت تركيا، بشكل فاجأ روسيا، مخاوفَها من الحرب على إدلب، ومن تدفق اللاجئين إليها، وأحرجت روسيا باعتبار الحرب أداةً للقضاء على الحل السياسي في سوريا، (قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم الجمعة إن استمرار الهجمات على محافظة إدلب التي تسيطر عليها المعارضة سيؤدي إلى انهيار العملية السياسية في سوريا... اليوم السابع 7/9/2018) ثم ومع ارتفاع النغمة الأمريكية ضد المساعي الروسية للحرب على إدلب، أخذت تركيا تحشو نقاط مراقبتها في إدلب بالسلاح، تلك النقاط التي أقيمت ضمن اتفاقية خفض التصعيد المتفق عليها مع روسيا وإيران، (قالت مصادر ميدانية وشهود لـ"سكاي نيوز عربية"، الأحد، إن رتلا عسكريا تركيا توجه إلى مدينة إدلب، المتاخمة للحدود مع تركيا، التي تسيطر عليها فصائل المعارضة السورية وجماعات أخرى. وذكرت المصادر أن الرتل العسكري التركي، الذي دخل إلى الأراضي السورية من معبر كفرلوسين باتجاه محافظة إدلب وريفها شمالي سوريا، يضم دبابات ومعدات عسكرية ويحمل ذخيرة... سكاي نيوز عربي 9/9/2018). وبهذا فقد أصبحت تركيا عقبة أمام الطموح الروسي بالقضاء على الفصائل العسكرية في إدلب. ولأنها كذلك فقد استدعى الأمر اجتماعاً ثانياً بين أردوغان وبوتين 16/9/2018 في سوتشي، أي بعد تسعة أيام فقط من اجتماعهما في طهران.

ب- مؤشرات تبدل للموقف الإيراني: أما إيران فقد أظهرت تمييزاً غير معهود في قمة طهران 7/9/2018 بين الفصائل المسلحة المعتدلة والأخرى "الإرهابية" في إدلب، وكأنها تؤازر موقف الرئيس التركي أردوغان الرافض للحرب وذلك ضد الموقف الروسي، ثم أخذت مواقف إيران تتضح أكثر (كشف وزير خارجية إيران، محمد جواد ظريف، اليوم السبت، في تصريحات صحفية، عن اقتناع بلاده بأن الحل في سوريا سياسي وليس عسكرياً. وقال ظريف في مقابلة مع صحيفة (ديرشبيغل) الألمانية إن إيران تحاول تجنيب إدلب ما وصفه بـ"حمام دم"، في إشارة لمعارضة بلاده لأي هجوم عسكري على المنطقة... صحيفة زمان التركية 15/9/2018). وهذا الموقف الإيراني إذا ما اكتمل فإن روسيا قد تجد نفسها وحيدةً في حرب إدلب إذا ما أصرت على المضي فيها، وهي لا تستطيع خوضها وحيدةً.

ج- ولعل الأخطر من كل ذلك الموقف الأمريكي، الذي سارع بقرع طبول الضربة العسكرية إذا ما تم استخدام الكيماوي في إدلب، وتعلم روسيا بأن أمريكا وعبر النظام هي من يمسك ويتحكم بالضربات الكيماوية، لذلك سارعت باتهام المعارضة المسلحة بالتحضير لهجوم كيماوي ضد نفسها لتبرير ضربة أمريكية، بل واتهمت بريطانيا بالضلوع في ما أسمته "مؤامرة الكيماوي"، والضربات الأمريكية بشكل عام في سوريا تحرج روسيا كثيراً، بل إن الضربة الأمريكية هذه المرة قد تكون أشد وأوسع! (وقال بولتون خلال رده على أسئلة في أعقاب خطاب بشأن السياسة: "سعينا لتوصيل الرسالة في الأيام القليلة الماضية بأنه إذا تم استخدام الأسلحة الكيماوية للمرة الثالثة، فسيكون الرد أشد بكثير". وأضاف: "يمكنني القول إننا أجرينا مشاورات مع البريطانيين والفرنسيين، الذين انضموا إلينا في الضربة الثانية، واتفقوا معنا أيضا على أن استخدام الأسلحة الكيماوية مرة أخرى سيؤدي إلى رد أقوى بكثير".) عربي 21، 10/9/2018، وتتخوف روسيا ليس فقط من ضربة أمريكية غربية تحرجها في سوريا، بل وأيضاً من أن تطال قواتها هناك.

د- وأيضاً، فإن الضربة العسكرية لكيان يهود 4/9/2018 على وادي العيون بالقرب من مصياف غربي حماة وبانياس بريف طرطوس، وكل ذلك بالقرب من القواعد العسكرية الروسية (على بعد 50 كلم من قاعدة حميميم الروسية) ومن فوق القاعدة الروسية في طرطوس وأثناء المناورات الضخمة التي أقامتها روسيا في المتوسط من 1-8/9/2018 بمشاركة مجموعة كبيرة من عشرات القطع البحرية الكبيرة والقوات الجوية، تلك المناورات التي روجت لها روسيا باعتبارها المناورات الروسية الأضخم في التاريخ الحديث في البحر المتوسط... فكانت هذه الضربة من كيان يهود تحمل تحدياً غير مسبوق لروسيا. (وأفادت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري بأن الدفاعات الجوية لنظام الأسد تصدت لعدة صواريخ أطلقتها طائرات (إسرائيلية) على منطقة وادي العيون بريف حماة. وقالت سانا إن منظومات الدفاع الجوي تصدت لهجوم (إسرائيلي) بطائرات تسللت على علو منخفض من غرب بيروت واتجهت شمالا مستهدفة بعض المواقع العسكرية بمحافظتي طرطوس وحماة، وقد تم التعامل مع الصواريخ "وإسقاط بعضها وإرغام الطائرات المهاجمة على الفرار"... العربية نت 4/9/2018) ومثل هذه الضربة العسكرية القريبة من القواعد الروسية لا يجرؤ عليها كيان يهود دون التنسيق مع أمريكا، ولعل فيها ما فيها من الرسائل بأن التكنولوجيا الأمريكية لا تعوقها الدفاعات الجوية الروسية (إس 500)، حتى تتمالك روسيا الخشية بعد ذلك أن يطال القصف الغربي قواعدها في سوريا أو طائراتها...

ه- وهذا ما كان فقد تم إسقاط طائرة روسية في ريف إدلب ما جعل روسيا في مأزق فعلي: (وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع اللواء إيغور كوناشينكوف، إن الطيارين (الإسرائيليين) عمدوا إلى التستر بالطائرة الروسية مما جعلها عرضة لنيران الدفاعات السورية التي تسببت بسقوطها. وأضاف: "لم يكن ممكنا لوسائل مراقبة الطيران (الإسرائيلي) وطياري "إف-16" ألا يكونوا قد رأوا الطائرة الروسية، حيث إنها اتجهت للهبوط إلى ارتفاع 5 كلم. ورغم ذلك، نفذوا هذا الاستفزاز عمدا"... وسقطت الطائرة، وهي من طراز "إيل-20" وعلى متنها 15 عسكريا، حين كانت في طريق عودتها إلى قاعدة حميميم الجوية قرب مدينة اللاذقية الساحلية التي كانت تتعرض وقتها للهجوم من "صواريخ معادية" مساء الاثنين.. وشدد المتحدث على أن (إسرائيل) لم تحذر قيادة القوات الروسية في سوريا مسبقا، ولم يصل الإبلاغ بعمليتها عبر الخط الساخن إلا قبل أقل من دقيقة من الضربة، مضيفا: "الأمر الذي لم يسمح لنا بإخراج الطائرة الروسية إلى منطقة آمنة"... سكاي نيوز عربية ظهر الثلاثاء 18/9/2018)... (وأعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشينكوف، اليوم الثلاثاء 18 أيلول/سبتمبر، أن (إسرائيل) لم تحذر قيادة القوات الروسية في سوريا بعملياتها بالقرب من اللاذقية. فقد قال كوناشينكوف: "لم تبلغ (إسرائيل) قيادة مجموعة القوات الروسية في سوريا بالعملية المخطط لها. وقد جاء البلاغ عبر "الخط الساخن" قبل أقل من دقيقة من توجيه الضربة، ما لم يسمح بانسحاب الطائرة الروسية إلى منطقة آمنة". وأشار المتحدث باسم الوزارة إلى أن الطائرة (الإسرائيلية) تمكنت من التغطية بالطائرة الروسية، لتتلقى الأخيرة ضربة منظومة الدفاع السورية. وأضاف أن الطائرات (الإسرائيلية) تعمدت خلق وضع خطير في منطقة اللاذقية، مشيرا إلى أن 4 طائرات "إف-16"، تابعة للقوات الجوية (الإسرائيلية) قصفت أهدافاً بالقرب من اللاذقية، يوم 17 أيلول/سبتمبر. وقد تم تنفيذ الضربة من علو منخفض. وصرح كوناشينكوف أن الإجراءات غير المسؤولة أسفرت عن مقتل 15 عسكريا روسيا، وذلك لا يتوافق مع روح الشراكة الروسية (الإسرائيلية)... سبوتنيك عربي نيوز 18/9/2018).

كل هذه الشواهد جعلت روسيا غير قادرة على حسم إدلب عسكرياً لتخرج من مأزقها ولا هي قادرة على تحمل استفزازات كيان يهود بدافع من أمريكا!

4- وهكذا فإن أمريكا تريد لروسيا أن تبقى عالقةً في سوريا، لا تستطيع الخروج منها إلى أن تنتهي أمريكا من تنفيذ الحل السياسي وفق مخططاتها، فقد أعلن مستشار الأمن القومي الأمريكي، جون بولتون الأربعاء خلال مقابلة خاصة مع وكالة رويترز ("أن روسيا عالقة في سوريا وهي تبحث عمن يستطيع أيضا تمويلها لإعادة البناء بعد الحرب مشيراً إلى أن هذا يمنح واشنطن أدوات في المفاوضات مع موسكو... وقال بولتون إن واشنطن لديها ذراع في المفاوضات مع موسكو لأن "روسيا عالقة هناك في سوريا في الوقت الراهن" وأضاف بولتون "وأنا لا أعتقد أنهم يريدون البقاء هناك"... المصدر سبوتنيك نيوز عربي 22/8/2018).

وقد باتت روسيا تعي هذه السياسة الأمريكية، وربما أدركت توريط أمريكا لها في سوريا، وهي فعلاً عالقةٌ فيها لا تستطيع الخروج إلا بإذن أمريكا التي تمتلك كافة أدوات التأثير في سوريا، لذلك لم تستطع إكمال هجومها الذي أعدت له لإنهاء الأزمة في إدلب على طريقتها لأن تركيا بدفع من أمريكا اعترضت وإيران صمتت... وهكذا فشل اجتماع إيران 7/9/2018 في إقرار خطة روسيا لمهاجمة إدلب وإنهاء الأزمة على طريقة روسيا، ولم يمض سوى بضعة أيام حتى عقد اجتماع أردوغان بوتين وحل محل الهجوم إنشاءُ منطقة منزوعة السلاح! وذلك بمباركة أمريكية، فقد نقلت وكالة نوفستي يوم 18/9/2018 عن مسؤول في الخارجية الأمريكية قوله للوكالة: "نرحب ونشجع روسيا وتركيا على اتخاذ خطوات عملية لمنع الهجوم العسكري من حكومة الأسد وحلفائه على محافظة إدلب..." وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أعلن اليوم الاثنين الاتفاق مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان على (إقامة "منطقة منزوعة السلاح" في منطقة محافظة إدلب "شمال غرب"، بحلول الخامس عشر من تشرين الأول/أكتوبر، تكون تحت مراقبة بلديهما. وقال الرئيس الروسي في ختام لقائه نظيره التركي في منتجع سوتشي الروسي "قررنا إقامة منطقة منزوعة السلاح بعرض يتراوح بين 15 و20 كيلومترا على طول خط التماس، ابتداء من الخامس عشر من تشرين الأول/أكتوبر من هذا العام". واعتبر بوتين أن هذا الاتفاق يمثل "حلا جديا" يتيح تحقيق "تقدم في حل هذه المشكلة". من جهته، أعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو للوكالات الروسية أن هذا الاتفاق سيمنع الهجوم المرتقب منذ أيام على آخر معقل للفصائل في سوريا. وردا على سؤال حول ما إذا كان هذا الاتفاق يعني أنه لن يكون هناك هجوم عسكري على إدلب، أجاب الوزير "نعم"، وفقا لوكالتي "إنترفاكس" و"تاس"... وفي المقابل، قال أردوغان في المؤتمر الصحفي عقب الاجتماع بين الرئيسين: "إن روسيا ستتخذ الخطوات اللازمة لضمان عدم حصول أي هجوم على منطقة خفض التصعيد في إدلب". فرانس24 / أ ف ب 17/09/2018).

وهكذا أوقفت روسيا قصفها على إدلب وأعادت سفنها التي ناورت في البحر المتوسط، ولا تزال تستجدي أمريكا مباشرة أو عبر تركيا لحسم موضوع إدلب عسكرياً قبل الحل السياسي... ولكن أمريكا تريد الحل السياسي قبل أي حسم عسكري في إدلب لاستعمالها ورقة ضغط لابتزاز روسيا حول قواعدها العسكرية في سوريا ومن ثم تجعل المعارضة تعرض موضوع القواعد في الحل السياسي... أي أن اهتمام تركيا ومن ورائها أمريكا بمنع هجوم روسيا على إدلب كان في الدرجة الأولى لمصلحة أمريكا وليس لمنع النظام من الوصول لإدلب أو لحماية المدنيين، بل في الوقت الذي تُحكم فيه أمريكا الحل الذي تريد وتخضع له روسيا فحينها تهون عندهم دماء إدلب، مدنيين أو غير مدنيين، منزوعة السلاح أو غير منزوعة السلاح... وسيرتهم تنطق بذلك في مناطق سوريا المختلفة، وجرائمهم تتقدمهم من كل جانب...

5- هذه هي حقيقة المواقف المؤثرة في مسألة الحرب على إدلب، دولياً وإقليمياً... لكن هناك أمراً يمكنه بإذن الله أن يقلب الطاولة على الموقف الدولي والإقليمي وهو بأن يتم إحسان وإتقان دور الفصائل في إدلب، وتفعيل دورها بصدق وإخلاص مع الله سبحانه،

، وهذه الفصائل نوعان:

الأول: الفصائل العسكرية التابعة لتركيا، وهي تلك التي نفذت الانسحابات والخيانات في مناطق مختلفة، والتي تتداول أفكار المصالحة والهدن بفعل الضغط التركي الكثيف المصحوب بشراء الذمم لقيادات تلك الفصائل وإغراقها بالمال السعودي، وهي الفصائل التي جرتها تركيا لمفاوضات أستانة التي أنتجت مناطق خفض التصعيد، أي سيطرة النظام وتسليم المناطق له. هذه الفصائل اليوم تقف أمام الحقيقة، وهي أنها كانت الأداة لإضعاف الثورة السورية وفقدان الكثير من المناطق بفعل وعود تركية تبين زيفها... ولأن صفوف هذه الفصائل لا تخلو من أفراد مخلصين، فإن همساً ملحوظاً يقترب من الصوت المسموع أصبح يدور في صفوف الفصائل حول خداع تركيا لهم، وقد لاحظ أردوغان هذا الأمر، وهو ما عبر عنه في قمة طهران مع رئيسي روسيا بوتين وإيران روحاني، بقوله (المعارضة تشعر بتعرضها للخداع عقب التطورات التي حدثت بعد تأسيس تلك المناطق "خفض التصعيد"... الجزيرة نت 7/9/2018) فأردوغان يقر بأن خططه في خداع الفصائل السورية قد انكشفت لهم، وهو ما يتخوف أردوغان منه، فهذه الفصائل حتى الآن لم تندفع لقتال الفصائل الرافضة للحل السلمي وفق الخطة التركية... وانكشاف الخداع التركي يمكن أن يستغل لاندفاع هذه الفصائل للقتال بشراسة إذا ما هوجمت...

الثاني: الفصائل الأخرى وهي التي غالباً ما ينعتها الإعلام بـ"الإرهابيين"، وهذه القوة قد زادت بترحيل الكثير من الثوار من مناطق مختلفة في سوريا كالغوطة والجنوب وحمص ومدينة حلب الشرقية وغيرها، وهذه القوة تسيطر على أجزاء معتبرة من المنطقة، وعلى الرغم من الاختلاف في أعدادها ودرجة تسليحها، إلا أن مكمن الخوف منها يمكن تلخيصه بما كانت تذكره التقارير الأمريكية سابقاً عن سوريا، والذي يفيد بأن القوى "المتطرفة" في المعارضة السورية وإن لم تكن الأكثر عدداً إلا أنها هي من يخوض المعارك الرئيسية الكبرى على الساحة السورية. أي أنها قوة صلبة ليس من السهل هزيمتها... خاصة أن منطقة إدلب تعتبر المنطقة الأخيرة التابعة للثوار، فإن القتال فيها عموماً سيكون شرساً من باب أن الثوار محاصرون فيها ولا مخرج آخر منها. لكل ذلك فإن المعركة من الناحية العسكرية ليست بالضرورة محسومة لصالح النظام رغم الحشد العسكري الكبير الذي أعدته روسيا لذلك، بل إن طول المعركة في إدلب وتركيز النظام قواه المحلية والأشياع فيها قد يفتح الباب على مصراعيه لتفلت مناطق أخرى سبق أن سيطر عليها النظام.


ولذلك فإن هذه الفصائل بأنواعها إذا أخلصت دينها لله، واستغلت مأزق روسيا نتيجة ضغوط أمريكا لابتزازها، وانفكت من خدع تركيا ومال السعودية... وقبل هذا وذاك تذكرت دائماً قوله سبحانه ﴿كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ فلم تخضع ولم تستسلم، ونصرت الله بصدق وإخلاص، فإنها بإذن الله ستُفشل خطط أعداء الإسلام والمسلمين وستردهم عن إدلب خائبين ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾.


Go to the top of the page
 
+Quote Post
حلبجه
المشاركة Oct 5 2018, 09:10 PM
مشاركة #1542


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 1,419
التسجيل: 21-May 12
رقم العضوية: 1,908








إن معادلة تحقيق النصر ترتكز على أسس حدّدها الشرع الحنيف وبيّن خطواتها، وعلى الساعين في طريق عزّ الأمّة والمبتغين مجدها، والراغبين بتحقيق نصر الله أن يتبعوا هذه الخطوات دون الحيد عنها قيد أنملة، وإنا لنحسب أنَّ المسلمين جميعاً يتوقون كي يشهدوا ذلك اليوم العظيم، يوم يفرح المؤمنون بنصر الله.

ولكنَّ غالبيتهم لم يتخذوا العمل لإقامة الخلافة وفق الطريقة الشرعية التي حددها الإسلام قضيتهم المصيرية، وذلك أنه بسقوط الخلافة سقط الدرع الحامي لنا، فانتهكت أعراضنا وسفكت دماؤنا، ونهبت ثرواتنا، وشُردنا في أصقاع الأرض، وبسقوط الخلافة ضاع الإسلام عمليا، فعطلت أحكامه، واستهدفت أفكاره، حتى بات محصورا في المساجد والزوايا، وبعضاً من الأحوال الشخصية، لذلك كان العمل لإقامة الخلافة وفق الطريقة الشرعية التي حددها ربنا، وسار عليها رسولنا e من أوجب الواجبات.

وكان لزاما على المسلمين جميعا أن يجعلوا من إقامة الخلافة قضيتهم المصيرية، ويتخذوا حيالها إجراء الحياة أو الموت؛ حتى يعود الدين إلى التطبيق العملي في معترك الحياة، وتعود للأمة الإسلامية عزتُها ومكانتها التي ارتضاها الله لها خير أمة أخرجت للناس.

وليس هذا فحسب بل عليهم أن يلتزموا وهم يعملون لإقامة الدولة الإسلامية الثانية، الطريقةَ التي أقام فيها رسول الله eالدولةَ الإسلامية الأولى في المدينة المنورة.

قال تعالى: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾، فهذا خطاب من الله الواحد الأحد لنبيه المصطفى ولمن يسير على خطاه، يُوجب فيه أن يسير في سبيل محددة، ووفق طريقة بينة مستقيمة، وأن تكون دعوته إلى الله على بصيرة، أي دعوة بينة واضحة كالشمس في رابعة النهار، لا مواربة فيها ولا غموض.

إن الصراع بين الحق والباطل، وبين الكفر ومعسكره والإيمان ومعسكره صراع أزلي، وما يحصل للمسلمين، وخاصة على أرض الشام خير دليل على ذلك.

فقد جمعت دول الكفر والدول المتآمرة جموعها، واستنفرت كل أدواتها، للقضاء على الثائرين الذين رفعوا الإسلام شعارا، وقدموا في سبيل الله التضحيات الجسام وهم يعملون لاقتلاع نظام الإجرام والعمالة للغرب الكافر.

ولا يكفي في هذا الصراع أن يكون حبُّ الخلافة في القلوب فحسب، ونصرةُ دين الله شعاراً فقط، بل لا بدَّ أن نسير في ذلك كما حدَّد لنا ربنا جلَّ وعلا، ولا بدَّ من الصدع والجهر قولاً وعملا، وذلك تأسِّياً برسولنا الكريم e، الذي استجاب لأمر ربنا عندما خاطبه بقوله: ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ﴾.

فكان عليه الصلاة والسلام سافراً متحدياً في دعوته، صادعاً بالحق هو ومن آمن معه، رغم جبروت قريش وبطشها.

وهذا رد صارخ على من يريد إخفاء المشروع بحجة إرضاء الغرب الكافر أو عدم استثارته، وهو يعلم يقينا أنَّهم لن يرضوا عنه حتى يتَّبعَ ملَّتَهم، قال تعالى: ﴿وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ﴾.

فتبنِّي المشروع شرطٌ من شروط النصر، والصدعُ به جزءٌ من طريقته، ولازمٌ من لوازمه، وهو السبيلُ الوحيدةُ لنيل شرف النصر والتمكين، وهو الذي يُجلِّي هذا المشروع لأبناء أمتنا، فيجعلهم يسعون له على بصيرة، ويتخذون العمل له قضيتهم المصيرية، ويلجأون إلى ركن عظيم، وعندها يندحرُ مشروعُ الغرب الكافر، وتسقط أدواتُه القذرة، وأنظمتُه العفنة، وهذا ما يخشاه أعداؤنا.

ولكي نقطع الطريقَ على المتردِّدين والمُثبِّطين والمُخذِّلين، الذين يُحاولون أن يُبرّروا الإحجام عن ذلك بالخوف من طغاة الأرض، واتقاء نقمتهم وفسادهم، فإن رسول الله e قد حسم هذا الأمر فقال عليه الصلاة والسلام فيما رواه أحمد: «لا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ رَهْبَةُ النَّاسِ أَنْ يَقُولَ بِحَقٍّ إِذَا رَآهُ، أَوْ يُذَكِّرَ بِعَظِيمٍ، فَإِنَّهُ لا يُقَرِّبُ مِنْ أَجَلٍ، وَلا يُبَاعِدُ مِنْ رِزْقٍ أَنْ يَقُولَ بِحَقٍّ أَوْ يُذَكِّرَ بِعَظِيمٍ».

أيها المسلمون الصابرون على أرض الشام:

لقد طال الكرب واشتدت المحنة وعظُم الثمن، وقد عاينتم تكالب الأعداء، وخذلان من يزعمون أنهم أصدقاء، وليس لنا من ناصر إلا الله جل في علاه، وقد وعد عباده المؤمنين الذين ينصرونه حق نصره، ويعتصمون بحبله، ويسيرون على هدي نبيهم، وصحبه الكرام، بالنصر والتمكين.

فهلمَّ أيها الصابرون الصادقون إلى ميثاق فيما بيننا، وفيما بيننا وبين ربنا، أن ننصر الله حق نصره، وأن نصدع بديننا، ونجهر بمشروعنا، "مشروع الخلافة الثانية على منهاج النبوة" لا نخشى في الله لومة لائم، ولنضعْ أيدينا بأيدي العاملين الصادقين، الذين نذروا أنفسهم لإقامتها، كي نحقق فوز الدنيا والآخرة، فلا نرى إلا شرعَ الله مطبقاً، وإلا رايةَ رسوله خفاقة، ففي ذلك عزنا وخلاصنا وشفاء قلوبنا، وما هذا ضرباً من الخيال ولا وَهْمَ دجّال، بل هو بشرى الصادق المصدوق، ووعدُ العزيز الحكيم، قال تعالى:

﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ

وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [النور: 55].

التاريخ الهجري :18 من محرم 1440هـ

التاريخ الميلادي : الجمعة, 28 أيلول/سبتمبر 2018م حزب التحرير

ولاية سوريا

Go to the top of the page
 
+Quote Post
حلبجه
المشاركة Oct 8 2018, 09:25 PM
مشاركة #1543


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 1,419
التسجيل: 21-May 12
رقم العضوية: 1,908








الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

هناك عدد من الحقائق الواضحة والتي يجب أن لا تغيب عن أذهاننا وهي:

لم يستطع نظام العمالة والإجرام، وحلف اللئام الذي يدعمه يوماً أن يتقدّموا شبراً على الأرض بقوّتهم العسكرية، وإنما حصّلوا جميع المناطق بالهُدن والمصالحات.

اتخذت الدول التي تكيد لثورة الشام ذريعة حقن الدماء وتحقيق الأمن، لتسويق الهدن والمصالحات مع نظام العمالة والإجرام.

ام الروس ونظام السفاح بشار ومن يدعمه، بخيانة كل الوعود، والتنكر لكل شروط المصالحات التي لم تحقن دمًا، ولم تصن عرضًا ولم تحفظ كرامةً ولا أرضًا.

كل الدول الضامنة لاتفاقات خفض التصعيد والمصالحات شريكة في جريمة التآمر على أهل الشام، وإن اختلفت الأدوار والأوصاف.

إن قادة المنظومة الفصائلية وشرعيّيهم الذين جعلوا المصلحة العقلية لهم إلهاً، يحللون ما حرم الله على أساسها، هم -بغض النظر عن نواياهم- شركاء في جريمة حرف ثورة الشام عن أهدافها وتخليها عن ثوابتها، وفقدانها لبوصلتها، وتسليمهم قرار الثورة لأعدائها والمتآمرين عليها، حتى وصل بنا الحال إلى ما لا يخفى على أحد من تراجع وانحسار.

اتفاق سوتشي بين الحقيقة والتطبيل:

إن حقيقة اتفاق سوتشي ليس كما يُروج المطبلون لتركيا، المخدوعون بسياسة سلطانها، ولا كما يتوهم الحالمون المخدوعون، بأنها نصرٌ عظيم، وفتحٌ مبين، حفِظَ الدماءَ، وأنقذ إدلب وما حولها من الدمار والخراب، بل هو نعش يُراد أن يُحمل فيه ما تبقى من جسد الثورة، بعد القضاء عليه، إلى مثواه الأخير كما يُخطط الأعداء والمتآمرون علينا، حتى يعلنوا احتفالهم الكبير بالقضاء على ثورة الشام والمخلصين من أبنائها، الذين ثاروا على نظام العمالة والإجرام، وعلى ما خلفه من رأسمالية عفنة ونظام دولي مجرم، وتطلعوا إلى تطبيق شرع ربهم وإقامة دولة عزهم، دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة.

إن اختلاف طريقة القضاء على ثورة الشام واستبدال الأعمال السياسية بالأعمال العسكرية؛ لن يُغيّر من حقيقة سعي الجميع لتحقيق نفس النتيجة وإن اختلفت الطريقة والأساليب، وإذا كانت الغاية التي اتفق عليها الجميع هي موت ثورتنا والقضاء على آخر نفَس فيها؛ فمن الغباء أن نُصفّق لمن يحاول خنقنا بدعوى أنه أرحم بنا من الذي يحاول سحقنا بآلته العسكرية الفتاكة، ومن العار أن نُطبل ونصفق ونمتدح من يلف حبل الموت حول أعناقنا؛ بدعوى أنه أفضل ممن يريد قتلنا بطائراته وصواريخه، فالقتل هو القتل مهما اختلفت أساليبه وطرائقه.
سوتشي هو كأس الموت الذي يُراد لنا أن نتجرعه مبتسمين، وهو حبل المشنقة التي يراد أن نسير نحوه فرحين ونحن نتغنى بأمجاد قاتلنا العظيم.
أليس تسليمنا لتحصيناتنا في الخطوط الأولى؛ والتي بذلنا من أجل إقامتها الجهود والأموال والدماء، هو بمثابة تجرع السم القاتل.
وهل سحب السلاح الثقيل من نصف المحرر باتفاقٍ سياسي يُعتبر ذكاءً من الضامن التركي ونصراً لثورتنا؛ أم هو حبل موت يلتف حول أعناقنا؟!!!.
هل تسليم الطرقات الدولية (حلب-حماه) و(حلب-اللاذقية) ليُشرف عليها نظام الإجرام والروس والأتراك؛ مصلحةٌ للثورة أم مقتلة لها؟!!!، وهل يرضى نظام سفاح دمشق ومن يدعمه أن يُشارك الثوار بالإشراف على الطرقات الدولية التي تحت سيطرته.
وهل وجود المنطقة العازلة [15 -20 كلم على طول خطوط الرباط]؛ التي تفصل مناطق الثوار عن مناطق نظام الإجرام؛ ليتوقف عندها الجهاد؛ وتتفرغ بعدها الفصائل للاقتتال؛ الذي تُدق طبولُه وتنعق غربانُه؛ هو نصرٌ عظيمٌ أم شرٌ مستطير؟؟!!!.
وهل القضاءُ على فكرة إسقاطِ النظام؛ وشعارِ (الموت ولا المذلة)؛ الذي صدحت به حناجر أهل الشام نابعا من قناعتها، ليحل محله الرضى بعيش الذل والهوان والعودة إلى حظيرة نظام القتل والإجرام ليحكمنا بالكفر؛ ويسوسنا بالظلم والانتقام، هو فرج نُهلل له؛ أم عيش ذلٍّ وهوان نرتضي أن نحيا بظله؟؟!!!.
أمَا علم المروجون لهذا الاتفاق؛ وما يتضمنه من بنود وأفكار؛ أنَّه يهدف إلى فصل المجاهدين المخلصين عن حاضنتهم الشعبية؛ وتهيئة هذه الحاضنة للوقوع في مستنقع اليأس والاستسلام؛ وبذلك يفقد الثائرون سندهم الطبيعي؛ فيسهل اجتثاثهم والقضاء عليهم، فهل هناك أخطر على الثورة وأبنائها من ذلك الخطر الداهم؟؟!!!.
ولكن الكثيرين يتساءلون عن سبب تحول طبول الحرب التي كانت تُقرع إلى ما نتج عن سوتشي من مقررات منها "مناطق منزوعة السلاح" وإعطاء تركيا الدور الأبرز في إدلب وما حولها، وسنركز على الوضع الداخلي أكثر من الوضع الدولي، حيث تريد أمريكا فرض الحل السياسي على طريقتها، واستخدام إطالة الأزمة لترويض الناس؛ والضغط على الروس من خلال إطالة أزمتهم في سورية، حتى تتوصل أمريكا لإزالة القواعد الروسية من سوريا.

أما بالنسبة للوضع داخلياً:

فقبل انعقاد مؤتمر (سوتشي) أظهر كثيرٌ من الناس استعدادهم للمعركة القادمة؛ وأنها -بإذن الله- ستكون حاسمة تقلب الطاولة؛ وما بعدها لن يكون كما قبلها، وقد برز ذلك في مشاركة الناس في تحصين نقاط الرباط؛ وفي المظاهرات التي خرجت بالآلاف تصرُّ على إسقاط النظام.

هذا النَفَس الثوري والاستعداد للتضحية؛ جعل (أمريكا وروسيا وتركيا) يُدركون أن شنّ معركةٍ جديدة سيكون حماقة يرتكبها الدب الروسي؛ فتشتعل الثورة والجهاد من جديد؛ وتنقلب الطاولة عليهم، خاصة وقد ظهر أن هناك حاضنة شعبية للثورة يجب عزلها عن المجاهدين، وهكذا وجدت تلك الدول أن نزع السلاح من نقاط الرباط؛ و"تليين دفاعات إدلب"؛ خيرٌ من حربٍ طائشةٍ قد تقلب الطاولة، فتحوِّل معركة إدلب من معركة للقضاء على آخر أنفاس الثورة إلى معركة بدء التحرير باتجاه دمشق، و يلخص ما سبق قول أحد المسؤولين الروس: "اتفاق سوتشي يهدف لتليين دفاعات إدلب".

ويحقّ لأهل الشام بعد كل ذلك أن يتساءلوا: هل وقف قائدٌ من قادة الفصائل يوماً مسائلاً (الحليف التركي المزعوم) عن خروقات اتفاق أستانة وتهجير الناس من ديارهم؟؟!!! .

يحق لهم أن يسألوا لماذا سقطت مناطق خفض التصعيد واحدة تلو الأخرى؟؟؟؛ والضامن إما مشاركٌ في قتلنا أو مباركٌ لهذه المشاركة.

يحقّ لأهل الشام أيضاً أن يَسألوا (القادة): ماذا بشأن أصابعكم التي قلتم إنها ستبقى على الزناد؟؟!!! ألم تتعهدوا منذ [اتفاق وقف إطلاق النار والهدنة الشاملة في 29-12-2016] أن "أصابعكم ستبقى على الزناد"؟؟؟، فهل لا زالت على الزناد؟ أم أن "الخدر" قد أصابها فقررتم معالجة ذلك بتوجيه بنادقكم باتجاه صدور إخوانكم؟!!!.

هذا واقع الحال وأس الداء فكيف يكون العلاج والدواء:

قطع العلاقات مع الدول المتآمر سواء تلك التي تدعي صداقتنا أو تلك التي تجاهر بعداوتنا.
إدراك مدى الإمكانيات التي نملكها؛ والوعي على ضعف أعدائنا؛ وعدم الوقوع في اليأس وفيما يروج له أعداؤنا من أن الثورة انتهت ونظام السفاح قد انتصر، والإيمان بأننا نأوي إلى ركن متين عندما نتوكل على الله وحده.
الاعتبار والاتعاظ بحوادث التاريخ القديمة والحديثة؛ وتذكر ما حلَّ ببغداد من دمار بعد الاستسلام للتتار، وما حلَّ بأهل "سربرنيتشا" من قتل واغتصاب من قبل الصرب الأشرار؛ عندما وثقوا بوعود الأمم المتحدة وقواتها الدولية ورضوا أن يسلموا أسلحتهم لهم؛ ليُسلموهم بعد ذلك للصرب يُمعنون بهم ذبحا واغتصابا.
رفض كل الحلول التي يطرحها علينا الآخرون؛ حيث يتم تخييرنا بين طريقتين للقضاء علينا وعلى ثورتنا، إما القصف والقتل والتدمير؛ أو الاستسلام والخنوع والرضا بالعودة إلى حظيرة نظام الطاغية من جديد.
إيماننا أن الحل الصحيح يكون منبثقا من عقيدتنا؛ وهو ما يُوجبه علينا ربنا من العمل؛ معتمدين عليه متبعين ما أمرنا به؛ غايتنا بعد التوكل على الله نصرة دينه، وإعلاء كلمته؛ والعمل لإقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية التي بشرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لن يصلح أمرنا إلا بما صلح به أمر أسلافنا؛ وذلك باعتصامنا بحبل الله كما اعتصم من قبلنا ليؤلف الله بين قلوبنا ويوحد كلمتنا ويمن علينا بالنصر والتمكين؛ وعندها يفرح المؤمنون بنصر الله، ونحقق خلاصنا الحقيقي ونعود من التيه والضياع الذي أوصلنا إليه اعتمادنا على غير الله؛ ومحاولتنا إرضاء غيره من شرق وغرب، اتبعنا سبيلهم واستضأنا بنارهم، فأضلونا عن سبيل الهدى والرشاد؛ وأوردونا المهالك.
لن تجتمع كلمتنا ولن يتوحد صفنا؛ إلا إذا تبنينا المشروع الذي ينبثق من عقيدتنا "مشروع الخلافة الثانية على منهاج النبوة"، فلنجدد عهدنا صادقين مع الله؛ ولنضع أيدينا بأيدي إخواننا العاملين من أجل نصرة دينه وحملة مشروعه؛ ولنكن يدًا واحدةً وإخوةً في الله، نعمل متكاتفين كالبيان المرصوص؛ ليس فقط من أجل الدفاع عن إدلب والرضا بعيش الذل والهوان؛ بل نعمل من أجل نصرة دين الله؛ وتحكيم شرع الله؛ وإقامة دولة الإسلام بعد إسقاط نظام القتل والإجرام.
قال تعالى sad.gif إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ).

كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية سوريا

أسامة أبو زيد الشامي

Go to the top of the page
 
+Quote Post
حلبجه
المشاركة Nov 9 2018, 07:34 PM
مشاركة #1544


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 1,419
التسجيل: 21-May 12
رقم العضوية: 1,908





Go to the top of the page
 
+Quote Post
حلبجه
المشاركة Nov 13 2018, 11:20 PM
مشاركة #1545


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 1,419
التسجيل: 21-May 12
رقم العضوية: 1,908








لم يكن مشهد الجنوب "حوران" عندما وقع في فخ التآمر الدولي، بدعاً من الأمر، بل كان حلقة من مسلسل المؤامرات التي حاكتها دول الكفر وعلى رأسها أمريكا، محاولة القضاء على هذه الثورة المباركة!

وقد كان دور "رجال المصالحات" و"الضفادع" بارزاً في ذلك، بل كان دوراً أساسياً وخطيراً قامت به حثالة من المتسلقين والمنتفعين، وكثير منهم كان قد أرهق الثورة والناس - عندما كانوا في صف الثورة - بأعمال مكشوفة رهنوا الثورة ووضعوا مصيرها بيد أعداء هذه الأمة عبر الموك والموم، أو من خلال المزاودة على المخلصين من أبناء الأمة الذين ما برحوا يحذرونهم من الانجرار إلى دهاليز الغرب والدخول معهم إلى الغرف السوداء، والتي كانت نتيجتها بيع التضحيات الجسام التي قدمها أهل الشام الصابرون المحتسبون الذين ما فتئوا يقدمون الغالي والنفيس في سبيل الوصول بالثورة إلى النصر المبين المتمثل في إسقاط هذا النظام العلماني وإقامة نظام الإسلام العظيم.

فقد ظنت هذه الفئة المنتفعة بروسيا والنظام خيراً، فوثقت بهم وسلمتهم نفسها في بداية الأمر، ثم سلمتهم أهلها وديارها "على شاكلة ابن مفلح الحنبلي فقيه دمشق أيام التتار"، الذي سرعان ما بدأ بالبطش والتنكيل به، بعد أن تمكن من دمشق وأهلها!

وهكذا أعاد التاريخ نفسه، فقد ألقي القبض على الكثير من هذه الفئة، إن كان في الجنوب أو في حمص والغوطة، كما صُفي العديد منهم، وكذلك سيق الآلاف من أبناء أهل الجنوب والغوطة وغيرهما من المناطق إلى جبهات القتال المشتعلة في المناطق المختلفة ليبطش بهم وليعودوا إلى بيوتهم جثثاً هامدة.

كما ابتدع النظام طريقة أخرى في الفتك برجال المصالحات، انتشرت هذه بشكل واسع في مناطق الجنوب، إذ قام بدفع أزلامه لرفع دعاوى ذات صبغة جنائية، أغلبها بتهمة القتل أو الخطف والترويع، ومن ثم شن حملة اعتقالات بحق هؤلاء، ليكتشفوا بأنهم وقعوا في فخ مسرحية خطيرة هي المصالحات.

ولهم أن يسألوا الضامن الروسي، عن ضمانته وجدواها، ولم يعلموا بأنه لا يرتجى من مثل هؤلاء إلا الغدر والخيانة، بعدما رأيناهم بأم أعيننا يسوون مدناً وقرىً عامرةً بالأرض، يدمرونها فوق ساكنيها، غير عابئين بأهلها إن كانوا شيوخاً أم أطفالاً ونساءً.

ولقد كان بوسعهم لو فقهوا مساعدة أهلهم أهل الشام الصابرين المحتسبين والاصطفاف بجانبهم ونيل شرف العمل معهم تحت قيادة الثلة الواعية التي لم تخذل أهل الشام يوماً منذ اندلاع ثورتها المباركة لإتمام مسيرة هذه الثورة، نحو تحقيق هدفها العظيم، ولكن يأبى الله إلا أن يميز الخبيث من الطيب، ويأبى الله إلا أن يمحق المنافقين بعد كشفهم وفضحهم على رؤوس الأشهاد في الدنيا والآخرة.

وفي هذه الفترة التي تواجه الثورة أخطر مؤامرة حاكتها دول الكفر وتقوم على تنفيذها أدواتها الإقليمية بزعامة النظام التركي، نرى الكثير من أبناء الأمة لا يزالون غافلين، أو يتغافلون عن القيام بالعمل الحقيقي الذي من شأنه نصرة الثورة والوصول بها إلى بر الأمان، فهم لا يزالون يقومون بالدور نفسه الذي قام به رجال المصالحات وضفادع الجنوب، من الوثوق بالروس أهل الغدر المجرمين والعمل معهم والاستماع لهم، وكذلك هو الحال مع النظام التركي الذي بدأ يدندن على معركة شرقي الفرات، حيث طلب من الفصائل المؤثرة في الشمال تجهيز نفسها ومقاتليها لمساعدة الجيش التركي في مهمته هناك، وقد غاب عنهم أن الحكومة التركية تمتلك جيشاً عرمرماً هو السابع على مستوى العالم، وأنها ليست بحاجة لبضعة آلاف من المقاتلين…، لكنه الخداع الذي يقوم به هذا النظام، ليتمكن من تنفيذ ما تآمر زعيمه أردوغان والمجرم بوتين في سوتشي على أهل الشام عامة وعلى أهل إدلب بخاصة.

فقد رأى بأن مؤامرته هذه مكشوفة لأهل الشام الذين حباهم الله وتكفل بهم، وذلك من خلال إظهارهم لرفض سوتشي من خلال الأعمال الشعبية، من بيانات صدرت عن أغلب المدن والمناطق، ومن خلال التظاهرات الشعبية، وليس آخراً من خلال الوفود الشعبية من مناطق متعددة التي زارت النقاط التركية في إدلب، وحمّلوها كتباً إلى الحكومة التركية، عبروا فيها عن رفضهم لسوتشي ومخرجاته الخطيرة بحقهم وبحق ثورتهم التي قدموا في سبيلها الغالي والنفيس!

فعلى الفصائل والمجموعات والأفراد الذين لا تزال على أعينهم غشاوة أن يتنبهوا ويستفيقوا ويصحوا قبل فوات الأوان، فأدوات الكافر المستعمر لا تزال تفتك بثورتكم وبأهلكم وتكيد بكم لترجعكم إلى نير عبوديتها.

فالنظام التركي يريد أن يخرجكم من إدلب إلى شرقي الفرات ليمكن النظام وروسيا من أهل إدلب تماماً كما فعل عند تسليم حلب، ومناطق شرقي السكة، وهو كذلك مع روسيا يريدون فتح الطرقات الرئيسية التي بنتيجتها ستسلم مناطق شاسعة للنظام بدون إطلاق رصاصة واحدة، وسيستعيد شرعية كبيرة طالما فقدها لسنين، وستكون بمثابة فتح شرايين الحياة له، وسيكون النظام التركي على تماس معه، وحينئذ لن يدخل لإدلب شيء إلا بموافقة النظام.

أمام هذه المخاطر الجسام التي تحيط بأهلنا في إدلب، نسأل المقاتلين المخلصين والثوريين والفاعلين على الساحة ونقول ماذا أنتم فاعلون؟ ألا ترون مصير من وثق بالنظام وروسيا؟ ألا ترون نتيجة المفاوضات والمؤامرات التي تجريها هذه الدول وأنها كلها تكيد بكم وتريد القضاء عليكم؟

لذلك يتوجب عليكم قطع أواصر الغرب الكافر وأدواته الإقليميين، وعدم الوثوق بهم البتة، والعمل مع الثلة المخلصة من أبناء هذه الأمة التي تحمل مشروع خلاصكم، مشروع الإسلام العظيم، الذي سيكنس كل مخلفات الكافر المستعمر من بلادنا إن شاء الله تعالى.

فالعاقل من اتعظ بغيره.. والأمة لن تسامح من خذلها وتآمر عليها والتاريخ لا يرحم، والله يعلم السر وأخفى، ﴿فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ﴾ [سورة غافر: 44]


Go to the top of the page
 
+Quote Post
حلبجه
المشاركة Nov 24 2018, 09:05 PM
مشاركة #1546


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 1,419
التسجيل: 21-May 12
رقم العضوية: 1,908








لقد كان اتفاق سوتشي الخياني؛ يقضي بإيجاد منطقة عازلة على عمق 20كم؛ على امتداد خطوط التماس مع نظام طاغية الشام، ويقضي أيضا بفتح الطريق الواصل بين العاصمة دمشق وحلب، والطريق الواصل بين مدينتي اللاذقية وحلب، وغيرها من البنود التي لا تقل خطورة عن هذه البنود.

ويعتبر هذا الاتفاق منعطفاً خطيراً في مسار ثورة الشام؛ ولا زالت بنوده تضيِّق الخناقَ على رقبتها شيئاً فشيئاً تحت مسميات عدة؛ ظاهرها فيها الرحمة؛ وباطنها من قبلها العذاب، إمعاناً من القائمين عليه في تضليل أهل الشام؛ ليسهل عليهم تمرير مخرجاته وتنفيذ بنوده، ولعل بند فتح الطرقات لا يقل خطورة عن غيره من البنود؛ ويحمل في طياته مخاطر عظيمة تتمثل في أمور عدة أهمها:

- تنفيذه بوصفه أحد بنود اتفاق سوتشي؛ مما سيجعل فكرة إسقاط نظام القتل والإجرام من الماضي؛ ويمهد للحل السياسي الأمريكي.

- إعطاء الشرعية لنظام الإجرام عند السماح له بالمرور منها.

- فقدان القدرة على التحكم بالطرقات؛ لأنها ستكون تحت الحماية الدولية مما يعني خسارتها.

- إعطاء النظام مكاسب سياسية كبيرة وإعادة شرعيته الدولية بشكل كامل واعتبار الثوار كنتونات (إرهابية) يجب ترويض أهلها لإعادتهم إلى حظيرة النظام.

- تقطيع المناطق المحررة إلى ثلاثة أوصال مما يسهل العبث بها أمنيا والسيطرة عليها لاحقا.

- خروج الطرق الرئيسية عن سيطرة الثوار سيسهل الخروقات الأمنية المحتملة بشكل أكبر، مما سيزيد في عملية التصفيات للمخلصين من أبنائنا وإخوتنا، وسيسهل عمليات خطف بعضهم ونقلهم إلى أقبية الموت والقمع التي ثاروا للتخلص منها.

- تمكين النظام من وصل المدن الرئيسية بعضها ببعض وهذا مكسب كبير على كافة الصعد.

أيها المسلمون في الشام عقر دار الإسلام:

إن الغرب الكافر وعلى رأسه أمريكا يمكرون بثورتكم ليل نهار؛ مستخدمين بذلك أدواتهم في المنطقة من الحكام العملاء؛ مستخفين بشعارات إنسانية جوفاء وهم أبعد ما يكونون عنها؛ والأحداث شاهدة على ذلك، فلا تنخدعوا بشعاراتهم؛ ﴿وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ﴾ فهم العدو الذي أمرنا ربنا أن نحذره ولا نخضع لحلوله ومكره.

ولنسارع للعمل مع المخلصين الواعين من أبنائنا وإخوتنا لإسقاط مؤتمر سوتشي الخياني، ورفض كل مقرراته القاتلة؛ ولنحذر التنازل عن أهم ثوابت ثورتنا المتمثلة بإسقاط نظام الإجرام، وإقامة حكم الإسلام على أنقاضه؛ خلافة راشدة على منهاج النبوة؛ ففي ذلك عز الدنيا وفلاح الآخرة. قال تعالى: ﴿فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ﴾.

أحمد عبد الوهاب

رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير / ولاية سوريا

المكتب الإعلامي لحزب التحرير

ولاية سوريا عنوان المراسلة و عنوان الزيارة

تلفون: +905350370863 واتس

http://www.tahrir-syria.info E-Mail: syriatahrir44@gmail.com media@tahrir-syria.info


ولاية سوريا

التاريخ الهجري 10 من ربيع الاول 1440هـ رقم الإصدار: 1440 / 003

التاريخ الميلادي الأحد, 18 تشرين الثاني/نوفمبر 2018 م

Go to the top of the page
 
+Quote Post
حلبجه
المشاركة Jan 6 2019, 07:51 PM
مشاركة #1547


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 1,419
التسجيل: 21-May 12
رقم العضوية: 1,908










السؤال: توالت التصريحات من أردوغان حول الهجوم شرق الفرات، ثم تأجيل الهجوم، ثم معاودة التصريح بالهجوم...إلخ ثم المسارعة إلى روسيا بالتنسيق في العمليات بعد أن طلب الأكراد في منبج الحماية من النظام السوري... وقد تخلل ذلك إعلان ترامب أنه سيسحب الجيش الأمريكي من شرق الفرات... ثم الحديث عن سدّ الفراغ وهكذا... والسؤال هو: ما وراء تردد أردوغان في موضوع الهجوم شرق الفرات؟ وهل هذه الأعمال والتصريحات من أردوغان بالتنسيق مع أمريكا أو دون تنسيق ما يعني اختلافاً في السياسة بين ترامب وأردوغان؟ ثم ما الدافع لانسحاب الجيش الأمريكي من سوريا؟ والمعذرة عن طول السؤال وجزاك الله خيراً.

الجواب: بالتدقيق في الأحداث منذ إعلان أردوغان خطته للهجوم شرق الفرات وإلى إعلان ترامب الانسحاب من سوريا حتى اليوم... يتبين:

أولاً: سياسة أردوغان هي وفق السياسة الأمريكية لا تتجاوزها بشيء ذي بال، بل كما يقال حذو القذة بالقذة، وبيان ذلك:

1- جاء المبعوث الأمريكي لسوريا جيمس جيفري إلى أنقرة واجتمع مع المسؤولين الأتراك 2018/12/7، ورسم الخطة المرحلية الأمريكية في سوريا خاصة في منبج وإدلب، وأكد جيفري، أن التعاون حول منبج أصبح نموذجاً لإحلال السلام في سوريا، حيث ("من غير الممكن إيجاد حل نهائي هناك دون تعاون وثيق بين الولايات المتحدة وتركيا". وحول التعاون مع المسلحين الأكراد، قال: "دائما نؤكد أن عملنا مع قوات سوريا الديمقراطية ضد (داعش) مؤقت، وتكتيكي"... آر تي أون لاين في 2018/12/8)، وبعد أربعة أيام من تلك الزيارة أعلن أردوغان عن خطته الجديدة شرقي الفرات (في خطاب بثه التلفزيون، قال الرئيس التركي "سنشرع في عمليات عسكرية، خلال أيام، لإخلاء شرق الفرات من الإرهابيين الانفصاليين"، مشيراً إلى المناطق التي تسيطر عليها "وحدات حماية الشعب"... بي بي سي 2018/12/12).

2- بعد الإعلان التركي عن الحملة العسكرية الجديدة شرقي الفرات بساعات صدرت تصريحات أمريكية تعارض ذلك، وكان مركزها البنتاغون (وقال "شون روبرتسون"، المتحدث باسم "البنتاغون"، في بيان، إن "القيام بعمل عسكري من جانب واحد في شمال شرق سوريا خاصة في ظل احتمال وجود أفراد من الجيش الأمريكي هناك أو في محيط المنطقة محل قلق بالغ". وأضاف: "أي أفعال من هذا النوع غير مقبولة بالنسبة لنا"... موقع الخليج الجديد 2018/12/13)، وبهذه المعارضة التي كان مركزها البنتاغون وأعضاء جمهوريين بارزين في مجلس الشيوخ الأمريكي فقد وجدت تركيا نفسها بين رأيين مختلفين يصدران عن واشنطن، لذلك تجمدت الخطة التركية انتظاراً للرأي النهائي في واشنطن! وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوم الاثنين 12/17 (إن بلاده ربما تشن في أي وقت عملية عسكرية جديدة في سوريا..." وقال أردوغان في خطاب ألقاه بإقليم قونية بوسط البلاد "أعلنا رسميا أننا سنبدأ عملية عسكرية شرقي الفرات". وأضاف "ناقشنا ذلك مع السيد ترامب وكان رده إيجابياً"... رويترز 2018/12/17).

3- أعلن الرئيس الأمريكي ترامب وبشكل مفاجئ يوم الأربعاء 2018/12/19 سحب القوات الأمريكية من سوريا، وأن ذلك بناءً على إنجاز المهمة، وهي دحر "تنظيم الدولة" (قال ترامب: "بعد الانتصارات التاريخية ضد "داعش"، حان الوقت لإعادة شبابنا العظماء إلى الوطن"... وكالة سبوتنيك الروسية 2018/12/20)، وبهذا الانسحاب ظهر وكأن أمريكا تخلي ساحة شرقي الفرات لتركيا، وعلى الفور أعيدت الحياة لخطة أردوغان، فوَفق المصدر نفسه (أرسل الجيش التركي تعزيزات جديدة نحو وحداته قرب الحدود مع سوريا، جنوبي البلاد).

4- بإعلان الرئيس الأمريكي الانسحاب من سوريا فقد ثارت عاصفة من الاحتجاجات بين السياسيين الأمريكان في واشنطن، وعارضها أعضاء بارزون في الحزب الجمهوري، وبلغ من وقعها أن أدت وبشكل مفاجئ إلى استقالة وزير الدفاع الأمريكي (تقدم وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس باستقالته من منصبه... ولمح ماتيس بقوة في رسالة استقالته إلى وجود اختلافات في السياسات مع الرئيس ترامب..." بي بي سي 2018/12/21). ومع هذا الحرج في واشنطن قال الرئيس التركي في خطاب بإسطنبول (كنا قررنا في الأسبوع الماضي القيام بتوغل عسكري شرقي نهر الفرات... تحدثنا هاتفياً مع الرئيس ترامب وحدثت اتصالات بين دبلوماسيين ومسؤولين بالأمن وأصدرت الولايات المتحدة بيانات، وقد دفعنا هذا إلى التريث لبعض الوقت. وأضاف أردوغان "أرجأنا عمليتنا العسكرية ضد "المقاتلين الأكراد" في شرقي نهر الفرات حتى نرى على الأرض نتيجة القرار الأمريكي بالانسحاب من سوريا"... رويترز 2018/12/22).

وبهذا يتضح بأن العملية العسكرية التركية شرقي الفرات عادت بعد يومين فقط إلى مرحلة الانتظار مجدداً، لأنها تدور مع الهبّات القادمة من واشنطن، فتنشطها أو تخمدها، وأن التصريح بالهجوم والتأجيل كانت تقتضيه اعتبارات أمريكية منذ زيارة جيفري وما تبع تلك الزيارة، أي أن تركيا لا سياسة لها في سوريا بشكل منفصل عن ما يأتيها من واشنطن بما يكاد ينزل بها من الدوران في الفلك إلى ما يقربها من العملاء، فإن النظام في تركيا كان يراعي مصالح أمريكا أكثر من مصالح تركيا في أحيان كثيرة كما كان في عمليتي "درع الفرات" و"غصن الزيتون"! وكانت تُلزَم بالخطوط الحمراء الأمريكية كما كان في منبج عندما اقتربت منها عملية "درع الفرات"، فتوقفت بعيداً عنها!

ثانياً: أما عن الدافع لقرار الانسحاب الذي اتخذه ترامب فيمكن فهمه من استعراض الأمور التالية:

1- بعد خيبة الأمل التي حصلت نتيجة التدخلات الأمريكية في أفغانستان والعراق، دافع الرئيس الأمريكي أوباما في وقت سابق عن شكل جديد من أشكال التدخل الذي استبعد أو قلل من مشاركة القوات الأمريكية فيها، واعتمد بشدة على الحلفاء لتزويدهم بالجنود في القتال. ومنذ بداية الصراع السوري، حشدت أمريكا أتباعها في المنطقة مثل تركيا وإيران ودول مجلس التعاون الخليجي، وكذلك الاتحاد الأوروبي للعب دور فاعل في إحباط الثورة ضد الأسد. وعندما لم يكن هذا كافياً، لجأت الولايات المتحدة بشكل علني إلى مساعدة روسيا لإيجاد حل دبلوماسي عن طريق اتفاقات جنيف... ومع ذلك فلم تُخلِ أمريكا الساحة السورية عسكرياً.

ولما جاء ترامب ركز على هذه المسألة فكان قرار الانسحاب في 2018/12/19 وقد دافع ترامب عن قراره، فكتب تغريدات عدة يوم 2018/12/20 على موقع تويتر: "إنه يفي بتعهد قَطَعهُ أثناء حملته الانتخابية في عام 2016 بالخروج من سوريا. وإن الولايات المتحدة تقوم بعمل دول أخرى منها روسيا وإيران دون مقابل يذكر. وقد حان الوقت أخيراً لأن يحارب آخرون... روسيا وإيران وآخرون هم العدو المحلي للدولة الإسلامية. نحن نؤدي عملهم. حان الوقت للعودة إلى الوطن وإعادة البناء" (وقال ترامب في تغريدة نشرها عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل (الاجتماعي) "تويتر": "خططنا للبقاء في سوريا 3 أشهر، وكان ذلك قبل 7 سنوات، لم نغادر أبداً". وتابع: "عندما أصبحت رئيساً، كانت "داعش" تزداد شراسة، وها هو الآن قد انهزم شرَّ هزيمة، وحان الدور على الدول الأخرى مثل تركيا للقضاء على ما تبقى منه بسهولة، نحن عائدون إلى الديار"... روسيا اليوم 2018/12/22).

وفي الوقت نفسه شكر روسيا وإيران والنظام السوري وأردوغان عندما أدّوا خدمة كبيرة لأمريكا في اتفاق سوتشي حول إدلب يوم 2018/9/17 مذكّرا أنه هو الذي أراد عقد هذا الاتفاق فلبّوا طلبه... فهو يدرك أن روسيا وإيران وحزبها في لبنان وأشياعها وتركيا والسعودية وأتباعهما من التنظيمات وغيرهم مستعدون للقتال للغاية نفسها التي تقاتل من أجلها أمريكا للحيلولة دون سقوط النظام السوري والحيلولة دون عودة الإسلام، فقد تعهدوا بذلك سراً وعلناً في اتفاقيات جنيف وأستانة وسوتشي وفي الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن المتعلقة بسوريا وخاصة قرار 2254 الذي تقدمت به أمريكا إلى المجلس ونال الإجماع وأصبحت كل هذه الأطراف وغيرها تطالب بتطبيقه. وقد ذكرنا في جواب سؤال بتاريخ 2018/7/29 أن من خطط أمريكا: ("الاعتماد على قوى إقليمية "لحفظ السلام"، وقد تستقدم قوات مصرية وسعودية وتركية لهذا الغرض. وهذا الكلام ليس جديداً... ولم ينته هذا التصور الأمريكي للحل في سوريا والقاضي باستجلاب قوات من الخارج... إن إدارة دونالد ترامب تخطط لإحلال قوات عربية محل القوات الأمريكية في سوريا لحفظ الاستقرار في شمال شرق البلاد بعد هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية...") وقد أعلن ترامب ذلك مباشرة في تصريحاته الأخيرة.

2- إن ترامب يفكر بعقلية التاجر التي تسيطر عليها فكرة الربح والخسارة، فهو يريد توفير نفقات الجنود الأمريكيين على الخزينة الأمريكية، ومع أن السعودية والإمارات كانت تدفع معظم نفقات الجنود الأكراد وتسليحهم وكذلك تساهم في تكاليف التحالف الدولي: (المملكة العربية السعودية والإمارات، باتوا في الآونة الأخيرة أحد أهم القوى الناعمة اللاعبة داخل سوريا، على خلفية تقارير إعلامية ذكرت دعم الرياض لكرد سوريا، على الحدود التركية... مصر العربية في 2018/12/4). وكذلك أعلنت السعودية يوم 2018/12/14 تسديد مبلغ للتحالف الدولي الذي تقوده أمريكا. فقالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية هيذر ناورت ("إن السعودية ساهمت بمئة مليون دولار في حين تعهدت الإمارات بتقديم 50 مليونا في التمويل الجديد"... الخليج أونلاين 2018/12/17) ومع ذلك فهو يريد أن تُغطّى كل نفقات جنوده وتكاليف تنقلاتهم وأسلحتهم لأنه يعدُّ تلك النفقات خسارة في عرفه كتاجر، ومن ثم يريد أن يقوم بهذا الدور غيره، وهذا ظاهر غير خفي في تصريحاته التي نقلتها رويترز 2018/12/20 عقب قراره الانسحاب من سوريا (وأضاف "هل تريد الولايات المتحدة الأمريكية أن تصبح شرطي الشرق الأوسط، وألا تحصل على شيء سوى بذل الأرواح الغالية وإنفاق تريليونات الدولارات لحماية آخرين لا يُقدِّرون، في معظم الأحيان، ما نقوم به؟ هل نريد أن نظل هناك للأبد؟ حان الوقت أخيراً لأن يحارب آخرون") من كل ذلك يتبين أن أمريكا تريد أن يقوم الآخرون بحروبها، فتسيل دماؤهم بدل دمائها، وتُفتح خزائنهم بدل خزائنها!

3- إن ترامب يريد أن تنشغل الأطراف بالحل السياسي كما تريد أمريكا وليس بالأعمال العسكرية على الأقل في الظروف الحالية وقد صنع ذلك بتوقيف حشود روسيا والنظام تجاه إدلب لأنه يريد تأمين الحل السياسي وفق مخططاته قبل كل شيء، وقد أشرنا إلى ذلك في جواب السؤال الذي أصدرناه في 2018/9/22: (وقد باتت روسيا تعي هذه السياسة الأمريكية... لذلك لم تستطع إكمال هجومها الذي أعدت له لإنهاء الأزمة في إدلب على طريقتها لأن تركيا بدفع من أمريكا اعترضت وإيران صمتت... وهكذا فشل اجتماع إيران 2018/9/7 في إقرار خطة روسيا لمهاجمة إدلب وإنهاء الأزمة على طريقة روسيا، ولم يمضِ سوى بضعة أيام حتى عُقد اجتماع أردوغان بوتين وحل محل الهجوم إنشاءُ منطقة منزوعة السلاح وذلك بمباركة أمريكية! فقد نقلت وكالة نوفستي يوم 2018/9/18 عن مسؤول في الخارجية الأمريكية قوله للوكالة: "نرحب ونشجع روسيا وتركيا على اتخاذ خطوات عملية لمنع الهجوم العسكري من حكومة الأسد وحلفائه على محافظة إدلب"... وهكذا أوقفت روسيا قصفها على إدلب وأعادت سفنها التي ناورت في البحر المتوسط، ولا تزال تستجدي أمريكا مباشرة أو عبر تركيا لحسم موضوع إدلب عسكرياً قبل الحل السياسي... ولكن أمريكا تريد الحل السياسي قبل أي حسم عسكري في إدلب لاستعمالها ورقة ضغط لابتزاز روسيا حول قواعدها العسكرية في سوريا ومن ثم تجعل المعارضة تعرض موضوع القواعد في الحل السياسي... أي أن اهتمام تركيا ومن ورائها أمريكا بمنع هجوم روسيا على إدلب كان في الدرجة الأولى لمصلحة أمريكا وليس لمنع النظام من الوصول لإدلب أو لحماية المدنيين، بل في الوقت الذي تُحكِم فيه أمريكا الحل الذي تريد وتُخضع له روسيا فحينها تهون عندهم دماء إدلب، مدنيين أو غير مدنيين، منزوعة السلاح أو غير منزوعة السلاح... وسيرتهم تنطق بذلك في مناطق سوريا المختلفة، وجرائمهم تتقدمهم من كل جانب...) انتهى الاقتباس. وهكذا فإن ترامب باتخاذه قرار الانسحاب فقد قرَّب الأطراف من هذا الهدف، فهو قد خدع تركيا بأن جعلها تظن أنها ستسد فراغ انسحاب القوات الأمريكية... وأدخل الرعب في قلوب الأكراد بتهديدها من قبل تركيا، فسارعت إلى النظام تطلب منه أن يحميها، وهذا ما أراده النظام، فأمام تهديدات تركيا للأكراد في منبج توجه النظام بقواته إلى منطقة منبج... ولأن روسيا تدعم النظام وفي الوقت نفسه متفقة مع تركيا، وإذن يصبح من الصعب أن تقاتل تركيا النظام في منبج إلا إذا جدَّت علاقات جديدة في المنطقة... وهكذا جعل ترامب الأطراف لا تجد ميسوراً أمامها إلا أن تبدأ في أحاديث التسوية وفق ما تريد أمريكا! وقد بدأت بعض الأطراف تتحدث بذلك علناً وآخرون يتحدثون سراً:

أ- أشارت الناطقة باسم الخارجية الروسية إلى (أن قرار واشنطن سحب القوات من سوريا عليه المساهمة في التوصل إلى تسوية شاملة للوضع، مشيرة إلى عدم وجود وضوح في الجدول الزمني للانسحاب من سوريا... سبوتنيك عربي 2018/12/26).

ب- مصادر "المدن" (أكدت أن عملية السيطرة على منبج والتي أعلن عنها منذ يومين، توقفت بطلب من الجانب التركي، وتم تأجيلها بهدف إجراء المزيد من المفاوضات التركية مع روسيا وأمريكا... المدن 2018/12/27) انتهى

وعليه فقد استطاع ترامب أن يحول جهود الأطراف إلى التسوية التي مهد لها بموضوع الانسحاب الذي صرح به... حيث أصبحت الأطراف لا تجد أمامها إلا مخطط أمريكا بالتسوية لأزمة سوريا.

4- ثم إن العامل الانتخابي هو كذلك من الأسباب المعتبرة ذات الأهمية عند ترامب، فإن لدى ترامب موقفاً شخصياً قديماً ضد الحروب الخارجية، وفقا لحملة "أمريكا أولا" التي جعلته يفوز في الانتخابات، ومن ثم فإن الدعوة إلى انسحاب القوات من سوريا وأفغانستان تعود بالنفع عليه شخصياً، من أجل الحملة الانتخابية المقبلة لعام 2020. ولذلك فهو مهتم بعودة 2000 من القوات الأمريكية من سوريا (ذي غارديان في 2018/12/19) و 7000 من أفغانستان، (npr في 2018/12/21) ومن ثم يحظى بشعبية عند الشعب الأمريكي بشكل عام تساعده في إعادة انتخابه في عام 2020.

ثالثاً: وهكذا فقد أوجد ترامب صداعاً بل فوق الصداع لعملائه والأتباع نتيجة قراره بالانسحاب حتى قبل تنفيذه البطيء الذي قد يستغرق أشهراً، هذا إذا تم بكامله... وبتدبر ما جرى ويجري يتبين أن ترامب لا يقيم وزناً للعملاء والأتباع، ولو كانوا يعقلون لانفضوا من حوله ولكنهم لا يعقلون! فاستعملهم لتنفيذ مخططاته بالإذلال والخداع ولم تسلم من ذلك روسيا وأوروبا:

1- فالأكراد الذين هم طوع بنان أمريكا ظنوا أن أمريكا تدربهم وتسلحهم لينفصلوا عن سوريا وتقيم لهم دولة تتكفل أمريكا بحمايتها، وصاروا ينفذون ما تريده أمريكا في سبيل الدولة الموعودة! ولذلك كانوا الخط الأمامي في كل قتال تريده أمريكا! وقد أشاد وزير الدفاع الأمريكي آنذاك أشتون كارتر بالقوات الديمقراطية السورية، وهي المظلة التي نظمت في إطارها الفصائل الكردية من قبل الولايات المتحدة. وقال كارتر عنهم ("أثبتوا أنهم شركاء ممتازون لنا على الأرض في محاربة (داعش). ونحن ممتنون لذلك، ونعتزم الاستمرار في ذلك، مع الاعتراف بتعقيدات دورهم الإقليمي". (صحيفة حريت ديلي نيوز، 18 آذار/مارس 2016) وهكذا ظن الأكراد أن أمريكا ستَبقى داعمة لهم في السرِّ والعلن ولم يلفت نظرهم تصريح جيمس جيفري، الممثل الخاص للولايات المتحدة في سوريا المذكور آنفاً: (... وحول التعاون مع المسلحين الأكراد، قال: "دائما نؤكد أن عملنا مع قوات سوريا الديمقراطية ضد داعش مؤقت، وتكتيكي"... آر تي أون لاين في 2018/12/8)، بل استمروا في عمالتهم ولهذا سهُل على أمريكا توظيفهم حيث تريد خدمة لمصالحها هي وليس لمصلحتهم! وعندما اقتضت مصلحة أمريكا إصدار قرار الانسحاب وترك ظهرهم مكشوفاً أمام تهديدات تركيا أصدرت أمريكا القرار ودون أخذ مصلحة الأكراد في الاعتبار... وهذا ما دفعهم إلى أحضان النظام وهو ما كانت تبغيه أمريكا لجعل النظام يعود إلى شمال سوريا وبطلب من الأكراد! (حث قادة الأكراد، الذين يسيطرون على معظم شمال سوريا والذين أزعجهم قرار الولايات المتحدة الانسحاب من المنطقة، روسيا وحليفتها دمشق على إرسال قوات لحماية الحدود من خطر هجوم تركي... وتكشف دعوة الأكراد لعودة قوات الحكومة السورية إلى الحدود، التي خضعت لإدارة المسلحين الأكراد لسنوات، عن عمق أزمتهم في أعقاب قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المفاجئ سحب القوات... سبوتنيك عربي 2018/12/27) وقد اعتبرت قوات سوريا الديمقراطية قرار الانسحاب الأمريكي المفاجئ من شرقي سوريا ("طعنة في الظهر وخيانة لدماء آلاف المقاتلين"، في أول تعليق لها على القرار، الأربعاء. ونقل المرصد السوري لحقوق الإنسان عن مصادر وصفها بالموثوقة، أن جهات قيادية في قوات سوريا الديمقراطية "اعتبرت انسحاب القوات الأمريكية في حال جرى، خنجراً في ظهر قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب الكردي"، التي سيطرت خلال الأشهر والسنوات الفائتة على أكبر بقعة جغرافية خاضعة لسيطرة تنظيم "داعش"، وهي منطقة شرق الفرات مع منبج. موقع التحرير نيوز في 2018/12/19) انتهى

2- وكذلك تركيا فقد أصبحت في حرج، فقد كانت تظن أن انسحاب أمريكا سيجعلها هي التي تسد الفراغ وبخاصة أن قرار الانسحاب كان بعد اتصال ترامب وأردوغان من خلال تلك المكالمة... فقد ذكرت روسيا اليوم 2018/12/19 (كشف مسؤول أمريكي مطلع أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، اتخذ قرار سحب قوات الولايات المتحدة من سوريا نتيجة محادثاته الأخيرة مع نظيره التركي، رجب طيب أردوغان. وأوضح المسؤول الأمريكي، في حديث لوكالة "رويترز"، اليوم الأربعاء، أن القرار تم اتخاذه بعد مكالمة هاتفية جرت بين ترامب وأردوغان الجمعة الماضي. وقال المصدر ذاته مبيِّناً: "كل ما حدث لاحقاً يجري تطبيقاً للاتفاق الذي تم التوصل إليه خلال هذه المكالمة الهاتفية".) وعن المكالمة الهاتفية بين أردوغان وترامب فقد نقلت وكالة الأناضول التركية 2018/12/21 (وقال الرئيس التركي "ترامب سألنا: هل بوسعكم القضاء على (داعش)؟" واستطرد أردوغان: "نحن قضينا عليهم، ويمكننا مواصلة ذلك مستقبلا... يكفي أن تقدّموا لنا الدعم اللازم من الناحية اللوجستية... في النهاية بدأوا "الأمريكيون" بالانسحاب. والآن هدفنا مواصلة علاقاتنا الدبلوماسية معهم بشكل سليم"). هكذا كانت تركيا تظن بأنها هي التي تملأ الفراغ... لكن الذي حدث هو تحرك النظام إلى منبج بطلب من الأكراد! (وتجمّع نحو ألف عنصر من قوات النظام، برفقة دبابات وعربات دفع رباعي مزودة برشاشات ثقيلة، في نقطة معبر التايهة. ودخل نحو 40 عنصراً من قوات النظام إلى نقطة مشتركة مع "قسد" في قرية اليالني شمال شرقي العريمة. وهي النقطة الأولى التي تتمركز فيها قوات النظام بعد الاتفاق مع "قسد" على نشر قوات مشتركة مقابل نقاط سيطرة الجيش الحر والقوات التركية... موقع المدن 2018/12/27).

ومن ثم توجه وفد تركي في 2018/12/29 وهو مكون من وزير الدفاع التركي والخارجية ورئيس الأركان لمناقشة الموضوع... ولكن تصريحات بعض المسئولين الروس كانت مستفزة لتركيا: فالمتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، قالت الأربعاء 12/27، (إنه "يجب أن تسيطر السلطات السورية على الأراضي التي سيخرج منها الأمريكيون". وتابعت زاخاروفا: "بطبيعة الحال يظهر سؤال أساسي: من سيسيطر على المناطق التي سيتركها الأمريكيون؟ من الواضح أن هذا يجب أن يكون من قبل الحكومة السورية بموجب القانون الدولي..." وأعلنت زاخاروفا: "نقوم بتنسيق وجهات النظر عن كثب وننفذ سياسات محددة على المسار السوري مع الزملاء الأتراك، سواء باتجاه السياسة الخارجية أو في مجال العمليات العسكرية لمكافحة الإرهاب على الأرض"... موقع المدن 2018/12/27) وقال السيناتور الجمهوري الأمريكي البارز لينزي غراهام أيضاً (إن ترامب ملتزم بالتأكد من عدم اشتباك تركيا مع قوات وحدات حماية الشعب عقب انسحاب القوات الأمريكية من سوريا وأكد لتركيا حليفة بلاده في حلف شمال الأطلسي إقامة منطقة عازلة في المنطقة للمساعدة في حماية مصالحها. وتَعتبِر تركيا وحدات حماية الشعب فرعاً للحركة الانفصالية الكردية في أراضيها وتهدد بشن هجوم على هذا الفصيل... عربي بوست في 2018/12/31).

ثم أعاد الجيش الروسي، العمل بـ"مركز التنسيق الروسي للمصالحة في سوريا" ("في بلدة العريمة بريف منبج، بعد انسحابه منها قبل فترة"... موقع المدن 2018/12/27)، وكل ذلك أوجد ويوجِد عقبات أمام تركيا في ملء الفراغ!

3- وحتى روسيا الدولة القوية نسبياً فإن أمريكا تنتقل بها من أزمة إلى أخرى... وروسيا تدرك أنها غرقت في مأزق سوريا منذ تدخلها العسكري في سوريا بعد اجتماع أوباما وبوتين في 2015/9/29 فكان بوتين يأمل في مقابل ذلك رفع العقوبات نتيجة القرم ولكنها لم تُرفع... ثم كانت روسيا تريد حسم موضوع إدلب عسكرياً لتتحلل من عبء سوريا وتخرج من ذلك المأزق وليأخذ الحل السياسي بعد ذلك الوقت الطويل، فلا يضرها ما دامت تحللت من العمل العسكري في سوريا... لكن أمريكا حالت دون ذلك إلا أن يكون الحل السياسي أولاً... وقد ذكرنا هذا الأمر في جواب السؤال الذي أصدرناه في 2018/9/22 المذكور آنفاً (وهكذا أوقفت روسيا قصفها على إدلب وأعادت سفنها التي ناورت في البحر المتوسط، ولا تزال تستجدي أمريكا مباشرة أو عبر تركيا لحسم موضوع إدلب عسكرياً قبل الحل السياسي... ولكن أمريكا تريد الحل السياسي قبل أي حسم عسكري في إدلب لاستعمالها ورقة ضغط لابتزاز روسيا حول قواعدها العسكرية في سوريا ومن ثم تجعل المعارضة تعرض موضوع القواعد في الحل السياسي...).

ثم زاد الطين بِلَّة قرار ترامب بالانسحاب!!! ثم ما حدث بعد ذلك من كون روسيا أصبحت بين النظام وبين تركيا في منبج وباقي مناطق الأكراد شرق الفرات! فروسيا تدعم النظام، وبين روسيا وتركيا اتفاقات، وحشود تركيا وقوات النظام يقتربون، وروسيا بينهما ما يجعل روسيا في مأزق إذا اندلع القتال... وهكذا فأمريكا تنتقل بروسيا من مأزق إلى آخر!

4- وأما أوروبا فمنها من كان مشاركاً مع التحالف الدولي وانسحاب أمريكا سيتركهم في حرج فهم لا يستطيعون البقاء وحدهم... وفي الوقت نفسه كانوا يريدون بقاء أمريكا تعاني في سوريا لا أن تراقبهم من بعيد بسلام! ولذلك "احتجوا وهاجموا" قرار الانسحاب... فقد أعلن المتحدث باسم رئيسة الوزراء البريطانية: "أن التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة قد أحرز تقدماً كبيراً لكن لا يزال هناك كثير من العمل، ويجب ألا نغفل عن التهديد الذي يشكله التنظيم حتى بدون أرض، لا يزال التنظيم يشكل تهديداً". (يورو نيوز 2018/12/19) أي يُبطل التصريحُ حجةَ ترامب التي أعلنها سبباً للانسحاب... وكذلك انتقد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بسحب القوات الأمريكية من سوريا، مشدداً القول على أن "الحليف يجب أن يكون محل ثقة". وقال متحدثاً من العاصمة التشادية نجامينا، "أشعر بأسف شديد إزاء القرار" الذي اتخذه ترامب بشأن سوريا. وقال ماكرون "أن تكون حليفا يعني أن تقاتل جنبا إلى جنب"، مضيفا أن فرنسا تفعل ذلك مع تشاد في قتال الجماعات المسلحة الجهادية. بي بي سي 2018/12/23) انتهى

رابعاً: وأخيراً فإنه من المؤلم أن يتحكم الكفار المستعمرون في قضايانا، فهم يقررون... والحكام في بلاد المسلمين ينفذون... دون أن يستحيوا من الله العزيز الحكيم ولا من رسوله صلوات الله وسلامه عليه، بل كلما بُيِّن لهم الحق نأوا عنه إرضاءً لسادتهم ومن ثم يبقونهم في مناصبهم، ولم ينظروا في ما مضى من أشياعهم عندما انتهى دورهم فلفظهم أسيادهم، فأهلكوا أنفسهم بأيديهم في الدنيا والآخرة، وذلك لبعدهم عن الحق الذي بُيِّن لهم ﴿وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ﴾ ومن ثم يخسرون دنياهم وأخراهم وذلك هو الخسران المبين.

في الثالث والعشرين من ربيع الآخر 1440هـ

2018/12/30م

Go to the top of the page
 
+Quote Post

78 الصفحات V  « < 76 77 78
Reply to this topicStart new topic
1 عدد القراء الحاليين لهذا الموضوع (1 الزوار 0 المتخفين)
0 الأعضاء:

 

RSS نسخة خفيفة الوقت الآن: 1st November 2024 - 05:15 AM