خواطر علي طريق السياسة الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين محمد وعلي آله وصحبه وسلم. أما بعد فإني والحمد لله قد خطر ببالي أن أولف نظاما يحكم الدول الإسلامية تراعي فيها شرع ربها وتمتثل لأمره ومع ذلك آخذة بالأنظمة الحديثة التي لا تتعارض مع ديننا وآخذة بالعلوم والتكنولوجيا بحذافيرها لتصبح أمتنا أمة عظيمة تقود الأمم وتزدهر في دنياها وآخرتها طائعة لربها معبودة لله . الدستور الدستور هو قانون الدولة وينقسم إلي منصوص وغير منصوص ,المنصوص هو ما أمر الله تعالي به ونهي عنه فهذا يلتزم به بكتاب الله وسنة رسوله ,وأما غير المنصوص وهو المباح فيأخذ به بالقوانين الأوروبية ومن ضمنها القوانين التنظيمية والإدارية وكذلك ما رآه المسلمون حسن وفيه خير لهم . فصل السلطات أري فصل السلطات ألا وهي الثلاث المشهورة :التشريعية والتنفيذية والقضائية , أولا التشريعية : تنقسم إلي قسمين :1- مجلس الحل والعقد و2- مجلس النواب ,*فالمجلس الأول يضم كبار علماء الإسلام المعتدل الوسطي وكذلك أولي الحكمة والنظر السليم والعلم المتين , مهام مجلس الحل والعق: تعرض علي هذا المجلس القرارات التي اتخذت في مجلس النواب فيصوب ما فيها من مخالفة للشريعة ويمضيها وإذا كانت مصيبة وافق عليها كذلك انه يدل الحكومة علي أوجه الخير ويتوجه إليها بالنصح وينهاها عن الخطأ وعلي الحكومة تطبيق ذلك إلا إذا كانت في ظرف أو عذر فعندئذ تقدم اعتذارا للمجلس وتؤجل هذا العمل لوقت معين .أما إذا كان الأمر ضروريا جدا عندئذ يجب علي الحكومة تنفيذه . *والمجلس الثاني (مجلس النواب)يضم النواب من جميع نواحي البلاد عن طريق الانتخاب من كل ولاية ,وهؤلاء يجب أن يكونوا أشخاص ناضجين عقليا وفكريا (رجال أو نساء )وكذلك يمتازوا بأخلاق طيبة ويترسم فيهم التزامهم بالإسلام المعتدل الصحيح. مهام مجلس النواب :اتخاذ القرارات التي تسير الدولة وتقودها ,كذلك إيجاد الحلول لكل العقبات التي تواجه الدولة ,كذلك مناقشة القرارات التي اقترحها رئيس الدولة فإما الموافقة عليها ويمضي الرئيس في تطبيق ما اقترحه ,أو رفضها .كذلك محاسبة الرئيس إذا عمل شيئا فوق ما كلفه المجلس وعليه تقديم الأسباب لفعله هذه الأشياء, كذلك يحق لأعضاء المجلس أن يقترحوا آرائهم وتطرح للمناقشة فإن وافق عليها المجلس تنفذ وان رفضها لا تنفذ . الأحزاب السياسية يسمح بوجود أحزاب سياسية في مجلس النواب ,ولكن يجب أن تكون كلها متفقة في أنها لا تحرم حلالا ولا تحلل حراما وأن تكون محترمة للدين الإسلامي وأن تكون متخلقة بالأخلاق الفاضلة الداعي لها هذا الدين ,أما الأمور المباحة والقوانين الغير منصوص عليها فكل حزب له وجهته الخاصة وطريقه الخاص وتطبيقه الخاص به ,والكل هدفه إرضاء الله تعالي والنهوض بالدولة نحو الرقي والتقدم والازدهار وخدمة الإسلام في الأرض . ثانيا السلطة التنفيذية :وتشمل الحكومة ( الرئيس والوزراء ) حيث إن الرئيس مهمته هي تطبيق ما يقرره المجلسين وله صلاحيات في إدارة الدولة والمضي فيها علي النحو الذي يراه مناسبا تحت سقف الدستور ,كذلك له صلاحيات في اقتراح مشروع وعرضه علي المجلسين فإن وافقا شرع في موضوعه وان لم يوافقوا لم يفعل ,كذلك له صلاحيات في تعيين الوزراء وعزلهم ,*الوزراء مهمتهم إدارة وزيراتهم ولهم صلاحيات في إدارة مناصبهم علي النحو الذي يرونه مناسبا مع رئيسهم ويمتثلون تحت توجيهات الرئيس ولا يخرجون عن أمره . ثالثا السلطة القضائية :وهي متمثلة في القضاة والمستشارين والمحاكم ,ويقوم هؤلاء بالفصل بين المتنازعين وإعطاء كل ذي حق حقه ,أما الظالمين والمعتدين علي الناس وأملاكهم وأملاك دولتهم فهؤلاء يعاقبوا علي جرائمهم طبق القانون ,وما شرعه الله تعالي يطبق وما حرمه الله تعالي يجتنب وما أحله يحلل,وأما المباح فيحكم القضاة علي ما يروه الأنسب في حالاتهم ومجتمعاتهم.وليس للقضاة دور في التشريع ولا في التنفيذ. الصحافة الصحافة والأعلام كما يطلق عليهما السلطة الرابعة يجب أن تكون حرة ولها الحق في التعبير عن رأيها من دون مصادرة مع ا لالتزام بالأدب والأخلاق الفاضلة وعدم الاعتداء علي ثقافة من الثقافات إلا من جهة النقد ويجب أن يكون النقد موضوعي والغرض منه تبين الحق والصواب لا مجرد إشهار وإحداث فتن. القوات العسكرية (الجيش) القوات العسكرية أو الجيش هي القوة التي تدافع عن البلاد من أي خطر وهي التي تقوم بمهام خارجية إذا لزم الأمر ,والجيش هو مؤسسة مستقلة وطنية يتمركز تحت سلطة المجلسين ويتحرك ويقوم بمهام عند موافقة المجلسين ,وهو يتبع وزارة الدفاع من الناحية التنظيمية وينفذ الجيش أوامر الرئيس عند موافقة المجلسين فإن لم يوافقا لا ينفذ الجيش الأوامر,ويستطيع الرئيس استعمال الجيش من دون موافقة المجلسان في الأمور السريعة والبسيطة .ولا يتبع الجيش لأي حزب أو تيار ,كذلك الداخلين في سلك الجيش لا يسمح لهم بانتخاب أنفسهم أعضاء في مجلس النواب ولا للرئاسة ولا القضاء . الانتخابات البرلمانية يحق لكل مواطن حق الانتخاب في البرلمان عن طريق مدينته ودائرته فإن فاز يصبح عضوا في مجلس النواب عن دائرته التي انتخبته وتستمر العضوية مثلا خمسة سنوات ومن ثم تحدث انتخابات أخري فان انتخبوه يبقي عضوا لفترة أخري وإن خسر فقد خسر عضويته .وكما هو معلوم فإن أعضاء المجلس ربما يكونوا منفردين وغالبا ما يكونوا أتباع أحزاب, وتقوم هذه الأحزاب بترشيح أعضائها للبرلمان ,وكل حزب يرشح ما يعجبه وفي النهاية يكون هناك أحزاب لها مقاعد في المجلس أكثر من أخرياتها ,فتصبح صاحبة المقاعد الأكثر هي الأغلبية وباقي الأحزاب صاحبة المقاعد القليلة هي الأقلية في مجلس النواب ,إلي أن تأتي انتخابات برلمانية جديدة عند ذلك يعرض كل حزب مشاريعه التنموية للشعب لجذبه إلي تأييده. الانتخابات الرئاسية طبعا كما هو معلوم أن الأحزاب ترشح أعضائها للانتخابات البرلمانية وتفوز بمقاعد في المجلس والمجلس غالبا ما يضم أحزابا هم الأكثرية وقلة هم الأعضاء المنفردون ,عند وجود الانتخابات الرئاسية يبدأ أعضاء مجلس النواب الراغبين منهم بالترشح بعرض برامجهم علي الناس وتجري انتخابات حرة ونزيهة والفائز بأغلبية الأصوات هو من يتولي الرئاسة ويشكل هذا الرئيس حكومته لحكم البلاد قد يكون الرئيس منفردا وقد يكون تابعا لحزب وهذا هو الأغلب,فيصبح الحزب هو الحاكم للبلاد خلال هذه الفترة ويبدأ في إصلاحاته علي النحو الذي يراه مناسبا ويقود الدولة تحت سقف الدستور وبطريقته المناسبة إلي أن تأتي انتخابات رئاسية جديدة ,وعندها تتنافس الأحزاب من جديد ويسمح للحزب الذي كان حاكما أن يرشح أعضائه للرئاسة ما عدا من حكم لمرتين أو الرئيس الذي خسر الانتخابات.ويباشر الرئيس حكمه لمدة خمس سنين ومن ثم تجري انتخابات جديدة فإن انسحب انتهت رئاسته وان رشح نفسه لولاية أخري فإن خسر فقد انتهت رحلته ولا يسمح له بالترشح ثانية للحكم ,وإن فاز في هذه الولاية الثانية حكم البلاد خمس سنين أخري وبعدها تنتهي رئاسته ,ولا يسمح له بالترشح لولاية ثالثة علي الإطلاق . حقوق الأقليات كذلك يتم حفظ حقوق الأقليات وحفظ أنفسهم وأموالهم وممتلكاتهم ودور عباداتهم ,ويتم حفظ ممارستهم طقوسهم وديانتهم بكل حرية,المهم أن لا يضايقوا أهل الأغلبية بأشياء مؤذية أخلاقيا ,كذلك حفظ ممارستهم لأعمالهم وتاجراتهم بكل حرية ,كذلك معاشراتهم والإحسان إليهم والأكل من ذبائحهم والتزوج من نسائهم والتعاون معهم لصلاح الوطن وازدهاره بشعار (حب الله ثم حب الجار) الأعراف الإنسانية كذلك يجب مراعاة كل الأعراف الإنسانية من حقوق الإنسان من كونه يعيش حرا له حقوقه وعليه واجباته مع حفظ حقه في التعبير عن رأيه وحقه في الانتخاب وحقه في المجتمع المدني علي ما يقدمه ,وحقه في السجون من معاملة حسنة وحقه في العمل من إجازة وحقه في بنية تحتية جيدة ,وحقه في التعويض عن كل ما يصيبه من آذي من الدولة,كذلك عليه واجباته من عدم مضايقة أحد وإزعاج أحد وعدم فعل أفعال غير أخلاقية أمام الناس, والتعامل مع الممتلكات العامة بحذر واهتمام, وتغريمه غرامة إذا فعل ذلك قصدا ,وكذلك التأدب في النقد وعدم جرح الناس بألفاظ بذيئة , وتقديم شيء فعال في المجتمع . التعامل مع المذاهب الفقهية قضية تطبيق ما حرم الله وما أحله وما شرعه في المجتمع والدولة تتم عن طريق اختيار أحد المذاهب الفقهية أو مذهب البلاد ,وما وجدنا من خطأ تركناه وأخذنا بقول أحد المذاهب الأخرى مما تبين لنا صوابه .وتصاغ أحكام المذهب الفقهي علي هيئة جمل قصيرة فصيحة وتؤدي المعني الكامل للحكم الشرعي والغرض المطلوب منه ,وتوضع في الدستور . والله سبحانه أسئل أن يعفو عني إن أخطئت وأن يمدني برحمته إن أصبت وأرجوا من الله تعالي إن يوفق أمتنا للصلاح والتقدم وخدمة هذا الدين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. كتب بقلم"محمد الصادق جعودة"
|