حجاب المرأة جمال أم حكم شرعي
إن الدافع للمسلم والمسلمة في أفعالهم يجب أن يكون الحكم الشرعي، وأي مخالفة للحكم الشرعي تعتبر إثما ومعصية لله تعالى، والأصل أن لا يخالط هذا الدافع أمر آخر مثل النتائج المترتبة على الفعل أو الفائدة المرجوة من الفعل أو تحكيم العقل بهذا الفعل، أو إمكانية تعويض التقصير في هذا الفعل بعمل آخر، وغيرها من الأمور، بل يجب كما أمر الله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} وقوله: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا}.
إن اللباس الشرعي قد حدده الشرع الإسلامي للمرأة في الحياة العامة، وهذا اللباس هو الجلباب بشروطه الشرعية يغطي جسد المرأة، والخمار غطاء للرأس بشروطه الشرعية، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} وقال عن الخمار: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}، ولست هنا في معرض تفصيل شروط اللباس، إلا أن هناك آراء شرعية تقول بالنقاب للمرأة أو الحجاب للمرأة الذي يغطي الوجه، أو ما يسمونه البرقع، وأصبح هناك اصطلاح شائع بين الناس أن المرأة يجب أن تتحجب، أي يجب عليها لبس اللباس الشرعي في الحياة العامة، على حسب ما تتبنى من آراء شرعية.
وهنا نريد التعليق على عدة أمور يجب الانتباه إليها:• اللباس الشرعي في الحياة العامة يختلف عن ستر العورة، فستر العورة شيء واللباس في الحياة العامة شيء آخر، إذ أن المرأة تستر عورتها ببنطال وقميص وخمار مثلا، وستر العورة يعني تغطية جميع الجسد ما عدا الوجه والكفين، ولكن هذا اللباس الذي ذكرناه يستر العورة، ولكنه لا يصلح للحياة العامة أي الحياة خارج المنزل وفي غير الأماكن الخاصة، فلباس الحياة العامة هو الجلباب والخمار، وأي لبس ساتر للعورة غير الجلباب والخمار تخرج فيه المرأة يعتبر إثما منهيا عنه حتى لو كان فضفاضا.
• التبرج هو إظهار المرأة للزينة الملفتة للرجال، قال تعالى: {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ} فأي زينة ملفتة للرجال غير المحارم على المرأة في حياتها الخاصة والعامة، أو التبرج بشكل عام في الحياة العامة حتى لو لبست المرأة الجلباب والخمار يعتبر إثما شرعيا يجب الابتعاد عنه، ومن صور التبرج ما تضعه المرأة من مساحيق تجميل أو ما تلبسه من زينة تلفت نظر الرجال أو ما تضعه من عطور تجلب إليها نظر الرجال، أو اللباس الضيق على الجسد فيظهر مفاتن المرأة أو اللباس الذي بطبيعته جذاب أو أي أمر يعتبر زينة للمرأة ويلفت نظر الرجال فهو تبرج منهي عنه، وهنا قد ظهرت بعض الجلابيب الغير شرعية فتظهر وتفصل جسد المرأة وفيها من الزركشة والزينة ما يلفت نظر الرجال، فهذه كلها تعتبر تبرجا منهيا عنه.إن الهجوم على المرأة وجلبابها من قبل المجرمين والوحوش التي تحب نشر الرذيلة عمل ممنهج وجزء رئيسي من الهجوم على الإسلام وعلى الأسرة المسلمة لتدميرها وتفتيتها وتدمير الأخلاق في المجتمع، ولتدمير أبناء المسلمين.
فالمجرمون يسعون جاهدين لإخراج المرأة من عفتها وطهارتها لتبرز مفاتنها وجمالها لغير المحارم وفي الحياة العامة، ومعلوم أثر هذا العمل على نشر الرذيلة والدمار في المجتمع، فهذه المرأة لا يقتصر خطرها على نفسها ومعصيتها لله، بل إنها تجر إليها الكثير من الشباب للنظر إليها والافتتان بها واخذ الكثير من تفكيرهم واهتمامهم في جلب نظر الفتيات إليهم والتفكير باللبس والهيئة المناسبة لجلب أنظار الفتيات إليهم، حتى أصبحنا نرى الكثير من الشباب المخنثين للأسف، وتعمل على إثارة غريزة النوع عند الشباب فتسيطر على أكثر تفكيرهم، فينحرفوا ويتحرشوا بالفتيات ويتألموا لعدم إشباع غريزة النوع وذلك لارتفاع تكاليف الزواج، وتغري الكثير من الفتيات ممن سيطر عليهن الجهل وقلة الوازع الديني لتقليدها، فتحدث انهيارا في الأخلاق وتشجع الفاحشة والرذيلة وتكثر حالات الاغتصاب والتحرش والاعتداءات الجنسية، وتنتشر الأمراض، ولذلك كان خطر المرأة المتبرجة الغير لابسة للبس الشرعي على أي مجتمع خطرا شديدا جدا، ولذلك نرى أن المجرمين يركزون جهدا كبيرا في كيفية إفساد نساء وبنات المسلمين وإخراجهن من عفتهن وطهارتهن.
ولهذا فإننا نوجه رسالة لأخواتنا المسلمات في كل مكان بالنسبة لموضوع اللباس الشرعي:• أولا أختي الكريمة يجب أن تعلمي وتتعلمي أن الجلباب فرض عليك كامرأة مسلمة، ويجب عليك الالتزام به من دافع أنه فريضة لا من أي باب آخر، فعند التزامك به من هذا الباب فلن تستطيع قوة التأثير عليك لعدم لبس هذا اللباس الشرعي.
• أي لباس ساتر للعورة مثل البنطال والقميص أو البلوزة أو ما يسمى طقم الصلاة المنزلي أو أي لباس فضفاض غير الجلباب لا يجوز، لان الأمر بلبس الجلباب بشروطه الشرعية أمر شرعي لا يجوز الحيد ولا يجوز تعليله، فأمر اللباس وأمر العورة لا يعلل ولم يعلل.
• تأخير لباس الجلباب للفتيات اللواتي بلغن الحلم لا يجوز، بحجة أنها صغيرة ولم يتقدم بعد الخطاب لها، وهذه تقع فيها المسؤولية على عاتق الأم والأب في عدم إلباس بناتهن الجلباب لأنهن ما زلن صغيرات أو لم يتقدم بعد الخطاب لهن، فهذه مخالفة شرعية يجب الحذر منها.
• الجلباب ليس لباس جميل ولا يجب البحث عن جمالية الجلباب للمرأة، بل يجب البحث عن مدى موافقته للشروط الشرعية.
• ما تشاهدنه من ألبسة يقال عنها جلابيب كلها زينة ملفتة للنظر، فهذه يجب الحذر منها، وعدم الانجرار بالقول نتحجب وفي نفس الوقت نلبس لباسا جميلا يجذب إلينا الأنظار، فهذين الأمرين لا يجتمعان، أي لا يجتمع الجلباب مع التبرج للمرأة.
• الأعمال الصالحة الكثيرة لا تعوض عن عدم لبس اللباس الشرعي، فالفروض لا يعوض بعضها بعضا.
• المجرمون والوحوش البشرية يريدون نزع الجلباب عنك بطرق كثيرة ليخرجوك من عفتك وطهارتك فتغضبين ربك وتدمرين المجتمع، وهم في النهاية لا يهمهم أمرك نهائيا، فرؤيتك لهم يركزون على اللباس غير الشرعي وعلى التبرج وعلى العري، وعندما تتعرضين للقتل لا ترينهم وعندما ترمين في دور العجزة لا ترينهم، ولا ترينهم إن كنت معاقة، دليل على أن هدفهم الخبيث هو تدمير المجتمع، فاحذري كل هؤلاء المجرمين، ولا يتسع المقام هنا لذكر أساليبهم الخبيثة في إخراجك من عفتك وطهارتك.
• قبل التفكير في جمالك وأنوثتك فكري أنك إنسانة خلقها الله لتعبده وتطيعه، وفكري جيدا أن الدين الوحيد الذي حفظك طفلة وفتاة وشابة وامرأة وأما وجدة هو الإسلام، فهو يعاملك كإنسانة والمجرمين يحاولون التركيز على أنوثتك وشبابك لإفساد المجتمع وتدميره، ولا شأن لهم بالنساء وحقوقهن كما يدعون، فتيقني انك بطاعتك لربك ترضيه وتحافظي على نفسك بنتا وابنة وأما وجدة.
• قبل أن تفكري أنك أنثى جميلة، فكري بمن خلقت معاقة أو قبيحة المنظر أو مريضة، فكري من الدين الذي أعطاها حقوقها وحفظها كإنسانة، وانظري إلى كل دعاة المرأة والجمعيات النسوية هل ينظرن لهذه الفئة من الفتيات، فكري هل تقبل فتاة قبيحة المنظر أو مريضة أو معاقة في عمل كمضيفة أو سكرتيرة أو غيره لتعرفي الجواب، ولتدركي أن من يحترم جمالك يحترمه ما دام يتكسب منه، فإذا انتهى جمالك لأي سبب قاموا برميك، لأنهم يعتبرونك أنثى تدر عليها منفعة لا إنسانة يجب احترامها.
• انظري إلى بعض الشباب يتمتعون بالنظر إليك متبرجة كاشفة للعورة، فإذا أرادوا الزواج بحثوا عن العفيفة الطاهرة المتحجبة، لتدركي أنك بتبرجك تعصين الله وتمتعين الغير وعند الزواج لا ينظرون إليك.
• اعلمي أختي الكريمة أن القناعة كنز لا يفنى، فان لبست الحجاب مقتنعة انه لباس شرعي وانك ترضين الله واطمأنت نفسك له، فستشعرين بسعادة فائقة، وان كان في نفسك شيء من طلب إظهار الجمال الأنثوي ومنافسة النساء ومكايدتهن أو كنت متأثرة بالعروض التي تفتن النساء عن الدين كعروض الأزياء والممثلات والمغنيات المشهورات وما يبثه الإعلام الخبيث فستجدين الجلباب حمل ثقيل على كاهلك.
• اعلمي أن نوازع الشر التي تحاول جلب النساء إليها والموجودة في المجتمع سببها غياب الخلافة، وسبب كل المصائب عدم وجود الخلافة، وهذا الفرض مطلوب من النساء والرجال على حد سواء، فاعملي لهذا الفرض لترضي ربك وتنقذي أمتك وجميع أخواتك المسلمات بل وجميع البشرية.
• واعلمي أختي الكريمة أخيرا أنه مهما عشت فإن مصيرك النهائي الموت وبيت الدود فيأكل جسدك، وغدا ستلاقين ربك، فان أحسنت كان جمالك يوم القيامة ومنزلتك بقدر أعمالك الصالحة، وإن أسأت وعصيت فإن النيران التي تأكل الأجساد والقبح الذي فيه أهل جهنم والعياذ بالله سيجعل أجمل امرأة من أهل الدنيا وتكون من أهل النار والعياذ بالله سيجعلها تنسى من أول مسة عذاب شديد جمالها وأنوثتها الدنيوية.