على الرغم من الصراعات الدائرة بين الدول الكبرى الاستعمارية على المصالح في بلاد المسلمين، ولكل منها إعلامها الذي يحقق لها توجيه الرأي العام نحو ما تريده، إلا أننا نرى إعلامهم (كما حالهم) يتفق كله على توجيه الرأي العام نحو أن الإرهاب يتمثل في الإسلام وأهله ليكون الرد عليه إعلاميا وفي واقع الحياة بأسلوب همجي مبرر.
في يوم الجمعة 2015/11/13، تعرضت باريس لسلسلة من الهجمات التي أسفرت عن سقوط العديد من القتلى وعدد أكبر من المصابين.
وكانت ردود الفعل من زعماء العالم ووسائل الإعلام متوقعة - لدرجة أنه كان بالإمكان كتابة السيناريو مقدما.
وقد تم بعث عبارات التعاطف والدعم، وتم إلغاء جميع البرامج الصاخبة تكريما للضحايا.
إن الإسلام يعتبر أي قتل لشخص بريء حادث مأساوي. بينما إذا نظر المرء إلى الجانب الآخر من ردود الفعل من وسائل الإعلام الغربية والسياسيين، فيظهر لديه أنه قد سادتها المعايير المزدوجة والمركزية الأوروبية.
ونتيجة لهجمات باريس هناك الآن دعوة لتشديد الحرب في سوريا والعراق كجزء من الحرب ضد "تنظيم الدولة"، والذي كان على ما يبدو وراء هجمات يوم الجمعة.
وكما حدث في السابق، سوف يودي هذا بحياة الكثير من المسلمين المدنيين، إلا أن مواقف السياسيين ووسائل الإعلام تجاههم واضحة، ولن يكون هناك ذرف للدموع.
على الرغم من أنه معروف أن الخلافة هو مصطلح لنظام الحكم في الإسلام - جزء لا يتجزأ من الإسلام، والذي يتوق إليه مئات الملايين من المسلمين - تماما كما أنه معروف جيدا أن الدعم للميليشيات المنحرفة، والمعروفة باسم "تنظيم الدولة"، بين جموع المسلمين يكاد يكون معدوما، إلا أنه لا يزال يصور الآن كل مؤيد للخلافة على أنه عدو، والذي لا بد من محاربته، وحتى الأطفال لم يسلموا من ذلك.
فقد قال سورن اسبرسن؛ العضو في البرلمان عن حزب الشعب الدنماركي، في مقابلة مع القناة التلفزيونية الثانية: "نحن لم نقصف المناطق التي يوجد فيها مدنيون، لكننا مضطرون للبدء بذلك".
وردا على سؤال عما إذا كان يجب عليهم الآن أيضا قصف المناطق التي يتواجد فيها نساء وأطفال؟ أجاب: "نعم بالتأكيد.علينا ذلك، فهذا هو المكان الذي يختبئ فيه مقاتلو التنظيم".
تصريحات اسبرسن، ربما تسبب سخطاً لدى العديد من الناس العاديين، ولكن للأسف هي تصف واقعا قائما بالفعل عند أهل سوريا.
والحقيقة هي أن عمليات القصف، التي تتم بالفعل الآن، والتي يزعمون أنهم يحاولون خلالها تجنب خسائر في المدنيين، ينتج عنها قتل وتشويه عدد كبير من المدنيين، بمن فيهم النساء والأطفال الأبرياء.
وهذا لا يؤدي إلا إلى زيادة في وتيرة وعدد الهجمات "لحماية" الغرب و"الحريات".
والحقيقة هي أن الحكومات الدنماركية المتعاقبة منذ عام 2002 كانت متواطئة في قتل عدد كبير من النساء والأطفال في سلسلة من الحروب خاضتها ضد بلاد المسلمين.
وقال المتحدث السياسي للحزب الحاكم فينستري، جاكوب أليمان - جنسن في تعليق له: "نحن لن نقصف النساء والأطفال. نحن لسنا برابرة".
لذلك نستنتج أن ردود فعلكم وأعمالكم الموعودة، وليس أقلها جرائمكم السابقة في أفغانستان والعراق وليبيا ومالي، تجعل كليكما منافقين وبرابرة.
يونس كوك
الممثل الإعلامي لحزب التحرير في اسكندينافيا
03 من صفر 1437
الموافق: 2015/11/15م