السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ،، الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه و بعد ,
لم يترك لنا الإعلام ولو دقيقة إلا وحقن الأمة بحقن التلويث والتضليل وصرف لها من الأدوية الفاسدة التي تفسد الأذواق وتبلد المشاعر وتلوث الأذهان فكان الإعلام بحق من أشد الضربات التي تتعرض لها هذه الأمة التي تداعت عليها الأمم فتتالت عليها الضربات الموجعة فكانت سهام الإعلام اليوم هي الأشد في حرف الأمة عن طريق النهضة وصرفها عن القضايا المصيرية و الترويج لسياسة أسياده وتمرير مشاريعهم .والنبي الأكرم صلى الله عليه وسلم يقول أنت على ثغرة من ثغر الإسلام فلا يؤتين من قبلك .. فالدافع الذي دفعنا للتصدي للإعلام اليوم هي تلك الهجمة الشرسة على هذه الامة ,,فعملنا ليس للتسلية أو لمضيعة الوقت وإنما هو شعور بالمسؤولية في التصدي لهذا الإعلام الذي كشر عن أنيابه لإفساد أذواقنا وأبنائنا فنجتمع لنصغي إلى هذا الضيف الثقيل الذي يفرض نفسه علينا كما يحلو لموجهيه الذين لا يرقبون فينا إلا ولا ذمة والتلفزيون يطلق عليه علماء النفس في الغرب (ثالث الوالدين) ومن هنا تكمن خطورته على الناشئة والأجيال التي نعدها ذخراً للمستقبل، فإذا كانت هذه الأجيال تنشأ على لا مبالاة الأب والأم وخبث الوالد الثالث فتلك الطامة الكبرى ، والأسوأ من ذلك أن تلك البرامج تطبخ في بلدان الانحلال الفكري والخلقي. وبمساعدة المؤسسات المعلوماتية حيث ان هناك أكثر من مئة معهد معلوماتي منتشرة في دول الغرب تقوم برصد كل ظواهر و بواطن نفسيات و عقليات المسلمين مثل معهد اونيل دنغمن، التابع للمخابرات الإسرائيلية, ، و معهد بارتي للدراسات الدولية،و مؤسسة روكفلر للدراسات الاستراتيجية، فور فاونديشن للمعلومات، و مؤسسة راند للدراسات العربية الإسلامية و هناك مجلس أبحاث العلوم الاجتماعية لدراسات الشرق الأدنى و الأوسط, و جماعة أبحاث الشرق الأوسط، و مؤسسة فريزش ايبرت الألمانية و مركز شيكاغوا للدراسات الخارجية و العسكرية، و مركز برينتستون للدراسات الدولية، و مركز هارفود للشؤون الدولية ووكالة التنمية الأمريكية، ومئات المراكز الأخرى الجاسوسية و البحثية والاستراتيجية و الاقتصادية و الاجتماعية والنفسية و الدينية إلى آخره..و كلها تبحث بأسرار و إمكانيات وثروات و توجهات و نقاط ضعف و نقاط قوة الإنسان المسلم،وهي التي توجه سياسيات الغرب المتوجهة ضد المسلمين، ليس السياسات العسكرية و الاقتصادية فحسب بل و السياسات الإعلامية.
وللوقوف أمام هذه الهجمة الشرسة من كل الاتجاهات وخصوصا الهجمات الإعلامية لا تكون إلا بالوعي السياسي وإتباع التفكير السياسي، وذلك بالنظرة الى العالم من زاوية خاصة، وهي بالنسبة لنا من زاوية العقيدة الإسلامية. وبما ان أساس الفكر هو العقيدة و هي القاعدة و القيادة الفكرية كان لزاما أن يرقي التنبه عند الإعلامي ليكون تنبهه على أساس المبدأ . فيتصدى لرعاية شؤون الناس ويخوض النضال ضد جميع الاتجاهات التي تناقض اتجاهه وضد جميع المفاهيم التي تناقض مفاهيمه. وبما ان الإعلام اليوم يتبنى أفكارا في مجملها مخالفة في أساسها للعقيدة الإسلامية و طبعا يتبني على هذه المخالفة تلقائيا مخالفة الشرع , فيسعى الى تغيير أفكار الناس و مفاهيمهم , و استبداله بفكر يناقض ما عندهم تماما ,نهيك عن التلاعب بالعقول وجعل اللون الأبيض أسود والأسود أبيض.
وإذا كان موجهو أبواق الإعلام يحرفون و يكذبون ويعلمون أنهم يكذبون فمن واجب كل مسلم أن يعرف أنهم يكذبون وأن لا يتوقع منهم أن يصدقوا طالما بقيت هذه الأبواق بيد هذه النوعيات ومسخرة كلياً لخدمة أسياد هذه الأبواق.حيث لا يوجد في طول البلاد الإسلامية وعرضها إعلام مستقل عن النظام وإعلامه الرسمي، لذلك يمارس حجر إعلامي قاسِ على الناس يجبرهم أن يتلقوا الغث والسمين، والاكاذيب، وبعض الأوهام، وإذا كانت هذه الحيل والأكاذيب لا تنطلي على الواعين من الأمة. إلا أنها تجد بعض المستجيبين لها من ابناء الامة، والمؤلم في هذا الإعلام أن موجهيه يعرفون أنهم يكذبون على شعوبهم، وقسماً كبيراً من شعوبهم يعرف أنهم يكذبون عليه ورغم ذلك تستمر حملة التضليل المكشوف ويستمر بعض الناس في خداع أنفسهم بترديد نفس ما تردده وسائل الإعلام صباح مساء.
وعمل الناقد الإعلامي هو عمل سياسي صرف ,, لكنه يبني عمله السياسي هذا على الإعلام تحديدا , يأخذ جانب الإعلام ليبني عليه تحركه السياسي , فيحرض الأمة على الإعلام المضلل, و يسعى إلى جعل الإعلام يعود إلى الأمة الإسلامية فيتبنى أفكارها و مشاريعها و مصالحها . ويتعامل مع هذا الإعلام الجامح ويستغل جموحه من حيث يدري او لا يدري في اتجاه مشروع الأمة ... فكم من عمل ملتوي او مقال حاقد خدم الدعوة و خدم مشروع الأمة أكثر من ألف مقال يسير في نفس اتجاه هذا المشروع ,فالمقال المغرض و العمل الملتوي يكون اكثر نفعا اذا تمت مناقشته و محاسبته و دحضه و بيان أدلة مخالفته , و من ثم نشر هذا البيان و النقد بين أبناء الأمة , فيحرضهم على التفكير والتأمل ما بين السطور , فيجد الإعلام حينها نفسه أمام متلق قادر على كشفه و على محاسبته و على عدم التأثر بأساليبه .. وقد حرص الناقد الإعلامي على توعية أعضاءه عامة وأعضاء مجموعاته خاصة لهذه الأساليب الإعلامية التي يتبعها الإعلام الموجه لتوجيه الرأي العام كأسلوب التحضير المسبق لتهيئة الأجواء أو الترويج الحماسي لمخطط ما أو استصدار فتاوى مؤيدة لخدمة مآربهم وإضفاء طابع شرعي على كل تصرف يقومون به أو استغلال الدين والمشاعر الدينية أو أسلوب الاستعانة بآراء وتصريحات أشخاص ذوي نفوذ وشهرة أو الاستفتاءات المزورة وغيرها من الأساليب التي يمارسها الإعلام لتوجيه الرأي العام وكذلك الأساليب التي يتبعها الإعلام للإلهاء الرأي العام كسياسة الإغراق بالمشاكل الحياتية اليومية او سياسة الإلهاء بالرياضة والنشاطات الشبابية أو سياسة الإلهاء بنعيم الدنيا الزائل وكل مظاهر الترف واللهث وراء المال أو سياسة كم الأفواه و سياسية تنفيس الجمهور أو ركوب الموجة او الانحناء للموجة وغيرها من الأساليب التي يجب على المسلم أن يقف على مدلولاتها وأهدافها رعايةً لما يخدم أهداف الامة وقضاياها.. ومن هنا يرتفعُ الصحفيُّ ليصبحَ سياسياً إذا كان الخبرُ عندَهُ لرعايةِ الشؤون، ويهبطُ السياسيُّ إلى مستوى أنْ يكونَ صحفياً أو معلقاً صحفياً، إذا كان همُّهُ فقط نقلُ الأخبارالتي نتصدى لنقلها والتعليقِ عليها، انما من أجلِ رعايةِ الشؤونِ ونحرص أثناء ذلك وفي كل حال أن لا ننقد لمجرد النقد، فلسنا ناقلي أخبار، و لسنا ناقدين ومحلّلين، وإنما نقوم بكل ذلك رعايةً لما يخدم أهداف أمتنا وقضاياها، وهذا هو منهج الناقد الإعلامي .النفاذ من الإعلام الى قضايا الأمة، و من المقال الإعلامي الى الرؤية السياسية، و من النقد الى الموقف. فلا يعتبر إبداء الرأي مباشرة تحت المقال او الخبر , او المادة الإعلامية , نقدا لها و لا يعد إبداء الرأي بشكل مباشر دون تحليل المادة الإعلامية و مصدرها و مكوناتها و شكلها نقدا ,بل تشريح المادة نفسها , ثم بيان نقاط قوتها و ضعفها , ثم نقضها , او إقراراها , و بيان لماذا نقضها او لماذا اقرها , هذا هو النقد . و لذلك فالنقد يمر بالمراحل التالية : 1- نقل المادة الإعلامية و ربطها بمصدرها ( رابط) 2- التعريف بهذا المصدر 3- إضافة بعض المعلومات الموثقة او المتداولة حول هذا لمصدر 4- التعريف بصاحب تلك المادة، اي مؤلفها، و الإتيان ببعض المعلومات المتداولة عنه او الموثقة. 5- التعريف بفكرة تلك المادة 6- بيان اهم نقط ارتكاز تلك الفكرة 8- تناول اسلوب التطرق للفكرة ( و هذا يحتاج معارف و معلومات في اللغة و البلاغة و متعلقاتها) 9- شكل إخراج المادة، في اي زاوية من وسيلة الإعلام، في اي حيز زمني، في الواجهة او مخفية يصعب الوصول اليها، ما هي أنواع الصور و الأصوات التي تتخللها، مدى تأثير هذا الإخراج في تلقي المادة .. حيث ان المؤثرات الصوتية و المصورة هي الاخطر وهذا لا يعني ان الامر ينحصر في الاذاعة و التلفزيون فقط , بل ايضا المقال المكتوب , له اخراج معين يسعى به صاحبه الى التاثير , مثل التركيز في ناحية , التخفيف في ناحية اخرى , و هذا التخفيف قد يكون تمهيدا لتركيز مستقبلي , و كذلك في تقديم المبتدءات و الاخبار , و في تراكيب الجمل الفعلية و الاسمية , في مضامين الفقرات تقديما و تاخيرا .. وهو ما يسمى بالتزيين ,, اي نصب الفخاخ للمتلقي , ففي اي فخ وقع فقد وقع .. و الحماية من هذا كله , يكمن في حل سحري بسيط . اطلبوا أدلة كل فكرة على حدة,و و حاسبوها بدقة على ادلتها . اخرجوا المعنى من زخرفه , كما فعل القرآن الكريم بافكار الكفر , يخرجها من زخرف القول , و يعرضها عارية تماما كما هي . اطرحوا هذا السؤال دائما : ماذا يريد ان يقول ؟ ما هي الفكرة التي يتمركز حولها كلامه , او عمله.. ؟ سترون ثعالب و ذئاب لا صحفيين .
|