|
بسم الله الرحمن الرحيم
(وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ (العصر1-3)
يتحدث الكثيرون عن "وحدة" الأمة الإسلامية ولكنهم لا يعلمون كيف ستتحق هذه الوحدة، فمنهم من يرى أن إنشأ المراكز الإسلامية يحقق هذه الوحدة، ومنهم من يرى أن الدعاء والتنهدات تكفي، والمشكلة الأساسية في كل هذه الحلول أنها ليست حلول شرعية فهل رجع هؤلاء إلى الحكم الشرعي في المسألة؟ فكيف يتوحد المسلمين؟ وعلى ماذا يتوحدون؟ وما مفهوم الوحدة شرعاً؟ وما هو المقصود بالوحدة وبالأمة الواحدة أساسا؟
وبالنظر إلى النصوص الشرعية وكتب الثقافة الإسلامية وتاريخ الإسلام العظيم يجد الباحث أن عليه أن يجد الحل والأجوبة لأسئلة كثيرة:
هل تتحقق وحدة الأمة بدون دولة إسلامية واحدة وحاكم واحد يطبق شرع الله على المسلمين جميعا كما كانت تحكمهم الخلافة الراشدة وتوحدهم في دولة واحدة ليست لها حدود؟
هل تتحقق وحدة المسلمين والحدود والسدود تفرق بين بلادهم وهم يرفعون أعلام الكافر المستعمر التي لم يرفعها المسلمون إلا بعد الإستعمار البغيض؟ فلم يرفع المسلمون إلا راية واحدة خلال مئات السنين وهي راية " لا إله إلا الله محمد رسول الله" التي جمعتهم ووحدتهم وآلفت بين قلوبهم..
هل تتحقق وحدة المسلمين وهم يحكمون بقوانين وضعية وتقمعهم الأنظمة الجبرية أم أن عليهم إسقاط هذه الأنظمة الفاسدة المفسدة التي رهنت رقاب المسلمين للكافرين ونهبت ثروات الأمة؟
إن وحدة المسلمين لن تتحقق إلا بشروط وشروط واضحة لا تُخفى على أحد:
أول شرط أن يبحث المسلم بجدية في النصوص الشرعية التي تشرح مفهوم الوحدة والأمة الواحدة على أساس العقيدة الإسلامية الواحدة، وأن يكون مصدر بحثه القرآن الكريم وطريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم. عليه أن يبتعدعن ما يقوله مشايخ الفضائيات المآجورين عامة الذين يتاجرون ب"فقه الواقع" ويضللون الناس بمسايرتهم للأوضاع، وعليه أن يحذر من علماء السلاطين التابعين لآل سعود خصوصا!
ثانياً أن يقبل المسلم بالحكم الشرعي وأن يطبقه ويعمل به حالما يتأكد منه، وأن يتخذ من قضية العمل لتغيير واقع المسلمين الفاسد قضية حياة أو موت لعله يكون موقفا مشرفا عند الله ورسوله صلى الله عليه وسلم،
ثالثاً على المسلم أن يتابع الأخبار والأحداث وأن يفهم واقع القضايا السياسية والإقتصادية والإجتماعية التي تمر بها الأمة الإسلامية وأن يقرأها قراءة واعية وأن يهتم لأمر المسلمين من وجهة نظر العقيدة الإسلامية، وأن يلجأ للواعين من أبناء الأمة الذين يسيرون على نهج الإسلام ولا يتهاونون في ذلك مهما كانت الظروف. فالإعلام الذي يتيع للأنظمة أداة في يدها تتحكم به في عقول الضعفاء الجهلاء، فتجعل من الكافر مسلم ومن المجرم ضحية ومن أوباما مفتيا!!
رابعاً أن لا يكون إنهزاميا ولا يؤسا ولا محبطا ولا متعجلا ..فلا يوجد مستحيل ولا يوجد بعيد ولا يوجد حلم فالنتيجة بيد الله تعالى والعمل للتغيير فرض عظيم وعمل الأنبياء ويتطلب الصبر والتوكل والمثابرة والإصرار والتفاؤل والثقة بالنصر، فمن ينصر الله ينصره، والفرج قريب والآجر عند الله سبحانه.
إن المسلمين اليوم على طريق واحد إما طريق الحياة أو طريق الموت! لا نقول أنهم على مفترق طرق بل الواقع المؤلم والمعيشة الضنكة والقتل والقمع والظلم في كل بلادهم تحتم عليهم أن يقفوا مواقف تحييهم، فليست المسألة مسألة وحدة المسلمين فقط، بل القضية قضية حياة أمة أو فنائها، والحل الجذري للمشاكل والمصائب لن يكون في إيمان بدون عمل، أو عمل بدون إيمان، بل الحل في الذين آمنوا وعملوا، وعملوا الصالحات - أي أعمال محددة فرضها الله تعالى عليهم وليس أعمالا من هنا وهناك هباءا منثورا ...!
|
كيف تتحقق وحدة المسلمين؟
Dec 21 2015, 05:10 PM
