بسم الله الرحمن الرحيم
إلى أمتي خير أمة أخرجت للناس
أطل رمضان هذا الشهر الكريم المبارك على المسلمين، وهم ولا زالوا وللأسف الشديد أيتام على موائد اللئام، مر عليهم أربع وتسعون رمضان وهم كذلك، نذكر تحديداً شهر رمضان لما فيه من عظم ثواب الأعمال فيه، أمة لم تتخذ قرارها بعد، من خلال العمل الجاد في نفسها وأبنائها القادرين على قلب الموازين على رؤوس أعدائها، أمة لم تتخذ قضيتها المصيرية الأولى التي يجب أن تتخذ حيالها الحياة أو الموت، ولا زالت ولغاية هذا الشهر الـرابع والتسعون منذ هدم عروتها الأولى الخلافة الإسلامية ولى هذه الساعة ما زالت مقصرة في حمل الأمانة التي شرفها الله بتكليفها إياها لهذا الأمر العظيم، تطبيق الإسلام، نظام السعادة لهذا المخلوق على وجه الأرض وتحتها وما بعدها، حمل السعادة لكل مخلوقات الله عز وجل، فما بالها تستدين من أموالها وتقذف بالحمم المحرمة دولياً من أثمان ثرواتها، يمر عليها رمضان تلو رمضان ولم تحسم أمرها، فيما تلهو عن امتلاكها قرارها السياسي من هؤلاء الذين يتربعون على صدورها، والذين هم عند أسيادهم عبيد وخدم، لدول أسمت نفسها دول عظمـى، وبأي شيء عظمت تلك الدول عن غيرها من الدول، عظمت في التسلط على رقاب المخلوقات كلها، من انسها وحجرها وشجرها، في برها وجوها وبحرها، عظمت بامتصاص خيرات الأمم والشعوب ونهب ثرواتها وهدر دمائها وكرامتها في سبيل تحقيق متع غرائزها، عظمت بوحشيتها وافتراس الضعيف فيها، عظمت بصناعة الويلات حتى لشعوبها لتحقيق سيادتها وهيمنتها بالباطل، وذلك دون الحيوانات في تحقيق سبل بقاءها، وإنما لأنانيتها وملذاتها وشهواتها، وحالها ليس كحال الحيوانات والمفترس منها في الغابات، فهذه شريعتهم الذي بقائهم فيها، أما هذه الآفات العظمى التي سمت نفسها دول عظمى، فإنها عظمت بما لا تعظم الحيوانات بها، وما لا يقبله الحيوان بها، لا بل والمفترس منها، أليس ما عند المسلمين كفيل بإسعاد البشرية كلها، لا بل مخلوقات الله كلها في برها وبحرها وجوها.
هؤلاء دول عظمى في غياب العقلاء والراشدين من أتباع رسالة العدل رسالة الله لخاتم النبيين محمد ، في غياب الغيورين على حال أمتهم والبشرية كلها، وليس المسلمين منهم فقط، الذين يدركون ما عند الله من نعيم مقيم وهو جزاء طاعتهم لله بأنفسهم وأموالهم لله وأقول لله يا عباد الله، ولذلك استحقوا كرم ربهم لما قدموا لربهم ولأنفسهم وللبشرية، ولكل مخلوقات الله جميعا، أو ليس العمل لتطبيق الإسلام هو سعادة للمسلمين بل هو سعادة لكل مخلوقات الله، وسعادة ناجمة من التقيد بنظام من خلقها رب العالمين سبحانه وتعالى سعادة للبشرية كلها لتعالج مشاكلها على أساس ما أنزل الله عز وجل على رسوله خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم.
نعود ونذكر الذين عقلوا ورشدوا إلى ما أكرمهم الله به، بهذا التكليف الإلهي لها، في معرفة الخير والشر والحق والباطل، ونذكرهم ونعيد لهم الذكرى تلوى الذكرى ويشتد بنا التذكير لهم في هذا الشهر الكريم شهر بدر الكبرى التي أصبحت بعدها مهيوبة الجانب بخلاف ما كان الاستخفاف بها وبمحمد عليه الصلاة والسلام وبمن آمن معه قبلها، فيا مؤمنون يا مسلمون يا عقلاء أتخافونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين، يا مقبلون على الله عاجلاً أم آجلاً، وبين يديه ستقفون ألم تشدوا العزم والخطى لتحقيق أمر ربكم وحلم أمتكم في فِكاكها من قبضة هؤلاء السفهاء الرويبضات اللكعات، أين الأيدي الطاهرة التي تتوضأ لله تعالى لكل صلاة لم للآن لم ترمي بهؤلاء إلى أرذل المزابل في التاريخ، ولا أقول مزابل التاريخ فقط.
هلموا يا أمة الإسلام واعملوا مع العاملين المخلصين الجادين المجدين الذين عاهدوا الله عز وجل أن يحققوا ما عقدوا عزمهم عليه وسيروا معهم في حزب التحرير الذي أخذ على عاتقه وعزم أمره لتحقيق استئناف الحياة الإسلامية بإقامة الخلافة الإسلامية التي بها تُسْعَدون وتَسْعِدون في هذه الدنيا وما بعدها في الآخرة، وليس إلى هنا وحسب ينتهي ما عقدوا العزم عليه، وإنما لقيادة الأمة في محاسبة خلفائها من المسلمين على الأخذ بأيديهم لإحسان تطبيق شرع ربها، حتى تكون دولة الخلافة الإسلامية هي الدولة العظمى في العالم، بما هي عظمى بما سبق ذكره للدول القائمة أم بماذا، لا أقول بشيء من عندي بل بما أقروه وقالوه وسطروه أعداءها من تاريخ المسلمين المشع بالعلم والنور والسعادة، والتي سعد فيها كل من عاش تحت ظلالها من مسلمين وذميين ومشركين وغير ذلك، لا ندعي ذلك إدعاء فالأرصفة مليئة بكتب التاريخ التي تشهد بذلك.
فيا أبناء خير أمة أخرجت للناس كيف تطمئنون وهذا حالكم غير الذين في رقابكم، أتطمئنون بالعمرة إلى العمرة لتكفر عنكم إجرامكم بحق أنفسكم، وحق الله للبشرية فيما كلفكم به، فوالله الذي لا رب سواه إن أعدائكم كلما وجدوا فيكم توجه لدينكم أحيّوا لكم من سنن دينكم ليميتوا فيكم توجهكم للفروض، وهكذا دواليك ليفرغوا طاقاتكم في ما لم يقطع دابرهم عنكم. ألا تشتاقون لنوال رضوان الله عز وجل للكرامة للفضيلة للإحسان، للحور العين، كأمثال اللؤلؤ المكنون، زوجة واحدة في الدنيا وهذا السكن معها، فكيف تتركون اثنان وسبعون ممن لم يمسهن قلبكم إنس ولا جان، والتي مؤدى من أقبل على هذا العمل لأفضل من هذا عند رب العالمين.
هبوا يا من جعلتم القرار الحاسم لغير شهواتكم ولا لأنفسكم سلطان عليكم، بل يا من جعلتم طلب ربكم فوق متطلباتكم ومتعكم الفانية بالباقية عند ربكم، أنقذوا أنفسكم وغيركم ولا تجعلوا إثم ما تستطلي به البشرية كلها في رقابكم وأقول إثم البشرية كلها وليس المسلمون فحسب، فالأمانة التي شرفكم بها الله عز وجل هي سعادة لأنفسكم، وأمانة في رقابكم من ربكم لغيركم من الأمم والشعوب، فأنتم الذي وضع الله عز وجل عندكم مفاتيح الخير والسعادة لمخلوقاته كلها في هذا الكون، فأي كرم من الله هذا وأي سعادة من الله هذه، ألم تغتنموها على أحسن وجه، ألم تدركوا أن العمل لتحقيقها فرض على كل منكم بحسب ما أوهبه الله سبحانه وتعالى من مكانة وأثر.
اختصروا الطريق وقللوا التكاليف على البشرية لتنالوا الدرجات العلى في السعادة من عند ربكم في الدنيا والآخرة، وأن تخرجوا أنفسكم من هذا الإثم وأي إثم هذا إنه تفريط فيما أودعكم الله إياه، وإن هذا التفريط يتفرع عنه كل شقاء وضنك لأِعراضِكم عن سبيل عزكم وكرم ربكم.
لذا نهيب بكم يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم أمة الإسلام يا أمة القرآن؛ بما أناديكم لأبرأ عند ربي من عدم حمل ونقل الأمانة من رقبتي إلى رقابكم، اتقوا الله اتقوا الله واعلموا أن ما آل إليه أباؤكم وأجدادكم ستؤولون إليه، أين من يقرضون الله أنفسهم وأموالهم، أليس فيكم رجل رشيد واحد، يا أمة تعدادها لم ينشر حقيقته لئلا تعود ثقتكم بأنفسكم وما تحملون، والذي تسرب شيء منه، إن تعدادكم فوق المليارين ونصف نسمة، وهذا العدد يشكل ثلث سكان المعمورة تقريباً، وعددكم في تزايد، وعدد أعداءكم في تناقص، وتعيشون على أكثر من خمس مساحة الأرض، مقطعي الأوصال وكل عام يشغلوكم ويميتونكم من أجل أن تزدادوا قطعة فوق تقطيعكم؛ أين أنتم؟! أي إثم هذا الذي ينتظر من يستطيع منكم تقديم شعرة ويبخل على ربه بها وأمته ونفسه بها والبشرية كلها.
ماذا أنتم فاعلون ها نحن مقبلون على شهر تتضاعف فيه أجور الأعمال، وأي أعمال أجزى عند الله من هذا العمل، وهذا الفضل والشرف العظيم، أي حياة هذه وأنتم ترون صباح مساء أخواتكم دماؤكم أعراضكم أموالكم سبية لمن لمن يا عباد الله، أهم على الحق وأنتم على الباطل حتى تسكتون وتستكينون؟.
لا والله ما أجرمهم وأجراهم على باطلهم، وما أجبنكم على طلب حقكم، سامحوني بقولها وسأبقى أقولها ولن أتوقف عن قولها حتى تغيروا حالكم هذا؛ وحال أمتكم لا بل وتغيروا حال البشرية كلها ☐
سارعوا إلى سبيل عزكم فإلى هذا أدعوكم فهل أنتم مجيبون؟
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين