تأملات في العيد
عندما يموت للشخص قريب، فإن الحزن الشديد يلفه ويسيطر عليه، وتراه يعطل أعماله وأشغاله ويلتف حوله الجيران ولا ترى للبسمة سبيلا إليه، بل الحزن والبكاء والتفكر في الأيام الخوالي مع هذا القريب، حتى لو كانت وفاته في أيام العيد فإن عيدهم يتحول إلى حزن شديد.
المسلمون منذ ما يقارب 100 سنة وهم يتعرضون للبؤس والشقاء والقتل والدمار وكل ما يمكن أن تتخيله من ضنك وذلك لغياب الخلافة، ويمر عليهم العيد تلو العيد وحالهم هو هو لم يتغير ولم يتبدل.
فهل يجب على أمة هكذا حالها من هذه الشدة والقتل والموت والبؤس والفقر والذل والهوان أن تفرح بأعيادها؟؟؟
لو كانت أعيادنا اختيارية فإن الاحتفال بها يعتبر جنونا مثل الشخص الذي يدخل بيت عزاء وهو يغني ويضرب الدفوف، ولكن أعيادنا مرتبطة بأركان الإسلام، فعيد الفطر يعقب رمضان وعيد الأضحى يأتي في مناسك الحج، ولأنهما مرتبطان بأمور شرعية كان الاحتفال بالعيد واجبا على المسلمين.
ولكن عن أي احتفال نتكلم؟؟؟هنا يكون السؤال، فلا أنا ولا غيري يجرؤ على إلغاء أعياد المسلمين، ولكن أي احتفال بالعيد نتكلم عنه؟؟؟
في مشاعر الحج وعيد الأضحى تتجسد كل معاني الوحدة بين المسلمين، فالحج ينسف الوطنية والقومية والطبقية بلباس الإحرام، والحج شعيرة نتذكر فيها أننا امة واحدة لها عقيدة واحدة وهذا يجب أن يتبعه دولة واحدة وقوة واحدة وخلافة واحدة ودستور واحد هو القران والسنة، ورجم إبليس يجسد لنا رجم الكفر وشرائعه ودساتيره من ديمقراطية وعلمانية واشتراكية وأي نظام يكون للبشر يد فيه، والهدي يوم النحر ويوم العيد لغير الحاج والتعب في الحج وبذل الأموال يجب أن يكون دافعا لنا للتضحية بكل ما نملك فقط من اجل أن نرضي الله تعالى، فنضحي بأموالنا وأنفسنا وراحتنا وأعمالنا من اجل نصرة دين الله تعالى وإقامة شرعه.
هنا السؤال: أين هذه المعاني من المحتفلين بالعيد؟؟؟
أعيد الأضحى يأمركم أن تحتفلوا وتنسوا إخوتكم المظلومين المقهورين في سوريا وفلسطين وبورما وغيرها من البلاد؟؟
أعيد الأضحى يأمركم أن تلتهوا بأعمالكم ولا تعملوا لإقامة الخلافة وتحكيم شرع الله؟؟؟
أعيد الأضحى يأمركم أن ترفعوا رايات التفرقة والاستعمار رايات سايكس بيكو؟؟؟
أعيد الأضحى يأمركم أن توالوا الشطيان وجنده كأمريكا وروسيا والحكام الخونة المجرمين؟؟؟
أعيد الأضحى يأمركم أن تنادوا بشريعة إبليس من ديمقراطية ودولة مدنية وعلمانية وغيرها؟؟؟
أعيد الأضحى يأمركم بالانشغال بأنفسكم والفرح والسرور ونسيان بقية المسلمين الذين يعانون؟؟؟؟
الأكيد لا، فمن احتفل بالعيد ولم يعمل لإقامة شرع الله في الأرض خلافة راشدة على منهاج النبوة ولم يعمل لإغاثة إخوانه من المستضعفين ولم يعمل على البراء من الكفر وأهله وأنظمته ولم يعمل لإرضاء الله فانه آثم لم يدرك معنى الحج وشعيرته ولم يدرك معنى الاحتفال بالعيد.
وهذه الأمور وقت القيام بها يكون في العيد وفي غير العيد، صحيح أن للعيد أعمال معينة من زيارات للأرحام وذبح للأضاحي وتكبير وتهليل، ولكن هذه لا تمنع المسلم أبدا عن العمل لدين الإسلام ونصرة الإسلام، وان أيام العيد يوم العيد مع أيام التشريق أربعة، فان انشغلت بهذه الأمور في العيد، فماذا عن بقية الأيام؟؟؟؟.
أيها المحتفلون بالعيد
تقبل الله طاعتكم وكل عام وانتم بخير، احتفلوا بالعيد وزوروا أرحامكم وأصلحوا ذات البين وقدموا الأضاحي قربانا لله تعالى، ولكن لا تنسوا أهم أمر في حياتكم فيه مرضاة ربكم ورد لكيد أعدائكم عنكم وفيه عزتكم ومنعتكم وبه وحده تستطيعون رفع الظلم والقهر والبؤس عن المسلمين في كل مكان وعن أنفسكم وبلادكم، هذا الأمر هو العمل لإقامة الخلافة التي بها وحدها يتغير حالكم، ويصبح العيد يأتيكم وانتم موحدين أقوياء أعزاء تدمرون أعداءكم في كل مكان، ولا يجرؤ كافر أن يرفع رأسه في حضرتكم.