منتدى الناقد الإعلامي

السلام عليكم , للمشاركة اختر ( دخول | تسجيل )



ملتيميديا

مقتطفات فيديو من انتاج الشبكة

 
Reply to this topicStart new topic
> بعد الموقعة..عمل كثير في الانتظار, مقالة نقدية سنمائية
شاشة-كريتيك
المشاركة Apr 19 2013, 09:57 AM
مشاركة #1


ناقد جديد
*

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 1
التسجيل: 19-April 13
رقم العضوية: 2,106





بدأت موجة الأفلام المصرية الراصدة للثورة مباشرة بعد بداية العهد الجديد، عهد ما بعد مبارك حيث
تبحث مصر عن الاستقرار و بناء الهوية الديموقراطية الحقة. إن فيلم "بعد الموقعة” لمخرجه يسري
نصر الله واحد من الأعمال المرتبطة بهذا السياق حيث تحاول إعادة طرح السؤال حول موقعة الجمل،
أو بتعبير آخر هي محاولة للبحث عن أجوبة مغايرة لتلك التي سبق أن فهمنا من خلالها قصة أصحاب
الخيول و الجمال في ميدان التحرير.
تُستهل الأحداث بسجال محتدم بين فاعلات نسائيات نستدخل من خلاله مجموعة من الأفكار التي تُميز
لأيديولجية الشابة ريم، أيديولجية تنتقد فكر "الإخوان” و لا تعتبره المساوي الأوحد للدين الإسلامي،
كما و تنتقد نظرته للمرأة باعتبارها "عورة”، باختصار، تعتبر ريم أن أجرأت المفاهيم الإخوانية تقود نحو
بداية قمع للحريات الإنسانية.


ريم..لا للوصاية عنوانا موحدا للحياتين الشخصية و السياسية

تعمل الكاميرا إذن في البداية على التعريف بالشخصية المحركة لمجرى الأحداث كلها و هي ريم، هذه الشابة
التي ترى بأن عهدا جديدا قد حل، لذا فالتغيير كنتيجة بات ضروريا يشمل جميع مناحي الحياة، و ما قرار
الشابة بطلب الطلاق من زوجها إلا واحد من أوجه التغيير الذي لا يقبل التسامح معه حسبها، و المتمعِن
صراحة في عمق هذه الشخصية يجد فيها نزوعا نحو تطبيق فكرة "إسقاط الوصاية” تطبيقا مطلقا ينطلق من
الذات محاولا الامتداد إلى الآخر عبر الفعل النضالي التوعوي. تتحدث الكاميرا في شأن تطبيق المبدأ على الذات
عندما تصور لقطة "القبلة” بين ريم و محمود "الخيال”، و كأنها تلبية لحاجة استشعار الأنوثة من خلال جاذبية
فحولة مثيرة، هكذا تثبت ريم لنفسها أنها رفعت الوصاية عن أي كيان يقمعها، فهي تفعل و تمارس بكل حرية و
من دون قيود.
هذا الإفراط في المطابقة بين الحياة العامة و الحياة الخاصة سوف يعتدل عندما تجد ريم نفسها لا زالت تنجذب
إلى زوجها حتى و هي غاضبة عليه، هي لحظة اكتشاف مفاجئة مؤداها أن عقلها غير راض على الزوج من
جهة، و من جهة أخرى لازات عواطفها متشبثة به تحبه، بما معناه المستشف أننا كذوات بشرية لا نستطيع
تحكيم كل شيء بالعقل، لأن العاطفة فينا تشعرنا بقيمة ذواتنا أيضا.





المرأة و المرأة النقيض

لقد قاد رصد الحبكة لتفاصيل شخصية ريم نحو التعرف على شخصية محمود، هكذا هي خاصية حبكة الشريط،
تعرفنا على قادم الشخصيات بشكل عنقودي ينطلق من فكرة واحدة ليتفرع إلى أفكار أخرى مرتبطة أو على وجه
الدقة إلى عوالم أخرى تقارب الهم الحياتي بمنظار آخر.
إن الكاميرا تنتقل إلى تصوير فضاء جديد يمثل "القاع” الاجتماعي، هناك نشاهد نوعا آخر من النساء، و الذين
يربطن بهجتهن بظروف أخرى مختلفة، و المثال المصوغ يتمظهر في مشهد طلب الأم من ابنها أن يخبر أباه
محمود بأن يلعبوا جميعا لعبة الخيال و الفرس، لنستخلص أن الأم في هذا السياق لا ترغب في شيء عدى
جو الدفئ الأسري حينما تكون الابتسامة مرسومة على أفواه الجميع، حينها تستشعر السعادة التي ما بعدها سعادة.
نحن إذن أمام نوعين من النساء، امرأة تربط السعادة بإرساء و نشر قيم العدالة، الحرية، المناصفة أو
بعبارة أجمع القيم الكونية، و أخرى تربطها بمجرد رسم الابتسامة على محيطها، نحن إذن أمام منظورين
للسعادة، منظور أول يطابق الإصلاح في العام و الخاص و آخر ينظر إلى الخاص فقط و يكتفي به.



مشكلة لا تغير البنيات الذهنية

إن الشريط يرسل رسالة مفادها أن التغيير الذي لا يمس الذهنيات أو يعجز عن التأثير في التمثلات تغيير
زائف غير ذا جدوى، لأن الوصم يظل هو هو حاضرا مترسخا في الأذهان، و يصور لنا الشريط نماذج
من هذه الأحكام النمطية من مثال ما تعرض له ابني محمود في المدرسة، لقد عمدا إلى قضاء وقت
الاستراحة في لعب لعبة الخيال و الفرس المعجبان بها و قدوتهما هو والدهما، لكن فرحة اللعب ستتكسر
بعدما لوحظ الابنان من طرف أقرانهما التلاميذ، لقد تقمص هؤلاء التلاميذ دور الثوار في مواجهة الخيالة
"الأشرار” حسب منظورهم.



إن رمز الافتخار و القدوة في أذهان أبناء محمود قد تهشم بعد الذي لقياه من مهانة و استهزاء،
و هذه الصورة النمطية لا تنطبق على كل خيال بالضرورة، و ربما قد لا يكون هؤلاء الخيالة
"أعداءا للثورة” على حد تعبير الثوار أنفسهم.
في هذا السياق، يقدم لنا هذا الشريط جوابا مختلفا يفند منظور الأطفال التلاميذ و هو منظور الجميع
تقريبا، فحسب رواية محمود، ذهب الخيالة إلى ميدان التحرير من أجل إيصال صوتهم العاتب على
إقفال أبواب الرزق أمامهم عندما حُرِموا من الخدمات السياحية التي كانوا يقدمونها للسياح الأجانب، فقرروا
التظاهر في ميدان التحرير كتعبير عن الاحتجاج، احتجاج لم يفهمه أحد على أنه كذلك.
يستمر الفيلم في عرض نماذج حكم القيمة النمطي عندما تسأل المعلمة ريم :هل تلك الأم خادمة عندك ؟
فتجيب : لا، إنها صديقتي. كما و لا ننسى أن الأم الصديقة المقهورة نفسها جمعت في مشهد ذا
دلالة عميقة بين دوري (الجلاد و الضحية) عندما عرضت زوجها محمود على ريم
بالقول:فلتتزوجيه، أم أنه ليس في مقام المستوى ؟
نعم، إنها الأم الضحية لواقع مأزوم يضطهد أسرتها تنزع في فعل رمزي لجلد ذاتها عندما تقوم هي دونما
الحاجة إلى الآخر إلى احتقار و تنقيص قيمة كيانها.



لكم تكره ريم النظرة المتفاوتة إلى الإنسان، هذا "بيه” وجب احترامه و ذاك "حتة مسكين” لا ضير في
احتقاره و استغلاله، و مثل هذه النماذج تقدم خلاصة مؤداها أن تغيير وعي المجتمع لا يمكن أن يحصل
في لحظة واحدة لحظة إسقاط نظام مبارك، ببساطة، إن تغيير وعي المجتمع يفرض عملا جبارا و نفَسا طويلا.



رغم كل شيء، التوعية و النضال ضرورين لتحقيق المراد

بدأ محمود بامتهان دور مُخبر لمالك المنطقة بدل مهنته اللامهيكلة السابقة و هي خيال سياحي، مهنة جديدة
أثارت خوف و غضب الزوجة التي وجدت أن زوجها قد انحرف عن طريق الحياة الشريفة حسب منظورها،
خوف جعل الزوجة توقن بأن السعادة لن تتحقق إلا بتغيير الواقع العام، ذاك من يقذف بالمقهورين إلى
عوالم الشر السوداء.
إن ذهاب الزوجة عند ريم إلى ساحة التحرير يحمل في معناه الرمزي انتصارا لصورة المناضلة على صورة
المرأة المختَزلة في دور الأم فقط. بل و يمتد الفيلم إلى تقديم جواب ذا صبغة تفائلية يؤكد على أن
سيرورة العمل التوعوي-التحسيسي مهما طالت سوف تعطي ثمارها و تجعل الجميع يرفع الوصاية عن
الاستبداد، من مثال استقالة محمود من عمله كمخبر و إيمانه بضرورة المشاركة النضالية في تغيير
الواقع المأزوم، و مساهمته و الجميع في استرداد صورة الخيال الصافية من كل حكم قيمة قبلي.



الفيلم يخاطب حِسنا التأملي و لا يخاطب وجداننا

إن أي مشاهد للشريط يلمس أن الموسيقى التصويرية لم تنل بنصيب لها من كعكة الإخراج الفني، بل
إن الإخراج نفسه على مستوى البعد الاستطيقي لم يكن بتلك السحرية و الإبهار في التقاط عناصر
الفضاء، إلا أن ذلك لا يمنعني شخصيا من التأكيد على جمالية الخطاب الفلسفي المُضمن، و الذي تتكلمه
الصورة الصامتة أكثر ما يحضر في حوارات الشخصيات، و لا يفوتني في هذا الصدد الإشادة بالمشهد
الختامي الذي حافظ على صوت أنفاس محمود التعِبة المرتبطة بمشهد قبلي تَعَرَض فيه إلى طلق ناري و
هو في ساحة التحرير، ينقطع هذا المشهد و يدخل مشهد النهاية حيث يظهر فيه محمود و هو يتسلق
هرما ، في إيحاء رمزي يربط صوت الأنفاس بتشبث الخيال بالحياة، و تسلقه الشاق للهرم بروح المخاطرة
و التضحية، و كأنما يختتم الشريط محاضرته الفلسفية بجملة : الطريق طويلة و صعبة، لكن مصر قادرة
على التغيير بإقدام و تضحية أبنائها.




المصدر : مدونتي الشخصية
Go to the top of the page
 
+Quote Post

Reply to this topicStart new topic
1 عدد القراء الحاليين لهذا الموضوع (1 الزوار 0 المتخفين)
0 الأعضاء:

 

RSS نسخة خفيفة الوقت الآن: 17th June 2024 - 03:26 AM