وكالة معا بقلم رئيس التحرير انا علمانيكتب رئيس التحرير د. ناصر اللحام - حين وصل رئيس الوزراء التركي طيب رجب اردوغان في ايلول 2011 ودعا الاحزاب الاسلامية في مصر الى تبنّي النموذج الاسلامي التركي العلماني ، غضب اصحاب الرؤوس الحامية منه واعتبروا ان مصطلح علمانية لا يليق بهم وتناسوا ان تجربة الاسلام السياسي في تركيا من انجح التجارب قياسا مع افغانستان والسودان وايران والصومال والباكستان وغزة .
وكم حاول اردوغان ان يشرح للعوام ان العلمانية بمعنى فصل حكم الدين عن حكم الدولة هي مكسب للاسلام وللمسلمين .فالعلمانية هي الاعتدال واحترام الاخر وتقدير طاقاته ومواهبه ووطنيته بغض النظر عن كونه ذكر او انثى او اسود او ابيض ،بل ان العلمانية هي الوسط وهو روح الاسلام الحقيقي الذي يمكن ان نفخر به بعيدا عن الجهل والتخلف والتشدد والتعصب .
وبالمقابل وفي كلمته الاسبوع الماضي قال وزير داخلية الحكومة المقالة في غزة : لن نصالح العلمانيين ولو على رقابنا !!! على اعتبار ان العلمانيين هم الذين يركضون ويلهثون وراء الاحزاب الاسلامية ولا يكفّون عن التوسل لمصالحتها فيما الاحزاب الاسلامية لا تريد ، رغم ان العكس هو الصحيح ، فالعلمانيين هم الذين يرفضون مصالحة المتشددين الاسلاميين ولا يثقون بهم ويعتبرون انهم اصحاب تقية ومخادعون وغدّارون وينقلبون على الانظمة الديموقراطية ويحوّلون كل بلد يحكمونها الى ارض يباب .
ولا ننسى ان اليسار وقع في نفس الفخ من قبل ، وحين حكم بلاد بعينها كان شديدا وعنيفا وقاسيا وقمع الشعوب واستسهل اقامة نظام شمولي فاشل بحجة ان احزابه هي الاطهر ثوريا والانقى ايديولوجيا ، ووصل الامر في حزب الخمير الحمر في كمبوديا ان يذبح اساتذة اللغة الانجليزية باعتبار انهم مسكونون بجن اامريكي امبريالي !!! وقد تمكّن الخمير الحمر بقيادة بول بوت ان يذبحوا ثلث الشعب الكمبودي بحجة تطهيرهم ثوريا !!!ّ!!!!! وراحت كوريا الشمالية تعصف الارض عصفا ضد المعارضة ما جعل الناس يميلون الى تفضيل الانظمة اليمينة المتخلفة والفاسدة على اليسار " المجنون " الذي يريد ان يحرق الارض بهم وباولادهم . وفي روسيا اقام ستالين المقاصل لمن خالفه الرأي واتهمه بانه خائن لوطنه وللشيوعية الثورية !!! ولغاية الان يدفع اليسار العالمي اثمان تلك التجارب الفاشلة .ولولا سارع اليسار الاوروبي الى تبنّي العلمانية لما فاز مرة اخرى .
وها قد فاز الدكتور محمد مرسي في مصر ، وهو على مفترق طرق حقيقي ، فاما ان يحترم نصيحة اردوغان ويقيم نظاما علمانيا في مصر على الطريقة التركية ، ترفع اسهم الاحزاب الاسلامية في كل العالم العربي وتجعل منها نموذجا للنجاح والتحرر والتطور والازدهار ، واما ان يختار نموذج رافض لمصالحة العلمانيين ولو على رقبته هو الاخر ...
الرئيس المصري الجديد فاز باصوات الجماهير ، ومن خلال انتخابات ديموقراطية حرة ، فالشعب قال كلمته وانه يريد من الاخوان المسلمين ان يحكموا مصر ،وعلى الصحافيين والمثقفين ان يمكّنوه من النجاح وان يتمنوا له رفع مصر الى مصاف الدول العظمى ، وبالمقابل فان على الاخوان ان يكفّوا عن التباكي والشكوى ان العالم ضدهم وان العلمانيين ضدهم ، فالعالم ليس ضدهم لوحدهم ، بل ان العالم الغربي الامبريالي ضد كل الاحزاب العربية .... والله الموفق.
********
مقال لرئيس تحرير معاً فيه حقائق ومغالطات ورأي يظهر توجه الوكالة ,
فالحقائق في المقال ما قيل عن أردوغان وتصريحاته وتوجهه , لكن للأسف لم يتطرق ناصر اللحام الى ان توجه أردوغان وتبنيه للنهج العلماني أخرجه من تحت مظلة الاحزاب الاسلامية فاصبح "حزب علماني" فلا نقول تجربة اسلامية تركية , بل هو تحول من حزب اسلامي الى حزب علماني بحت مرضي عنه أمريكياً , حتى ان تلك التجربة تريد امريكا تعميمها ليس لنجاحها فقط في ميزان الغرب فقط بل لأنها خدمت المصالح الغربية بشكل منقطع النظير وهنا نتساءل : هل يمكن للغرب ان يعجب وأن يرضى باسلام صحيح يحكم الامة والبلاد ؟ بالطبع لا وهذا يدلل على ان تلك الاحزاب خرجت من تحت مظلة الاسلام متوجهة الى مظلة أمريكية تحت مسميات الاعتدال والوسطية والديموقراطية والعلمانية وبهذا التوجه الجديد القديم أصبحت تلك الحركات والأحزاب توصف بأنها تمثل الاسلام المعتدل " المرضي عنه من قبل الغرب الكافر " .
حقيقة اخرى ذكرها ناصر اللحام أن مرسي على مفترق طرق فأي طريق سيختار ؟ وفي هذا تعمية عن تغيير الدستور بحيث أصبح الرئيس المصري وضعه مشابهاً لرئيس دولة يهود " لا يهش ولا ينش " .
المغالطات في مقال اللحام شرعية وقراءة خاطئة للواقع , فالمغالطات الشرعية في وصف العلمانية انها روح الاسلام , وقراءة الواقع السياسي الذي ربما لا يراه اللحام من هرولة الاسلاميين نحو العلمانيين أو العكس وقوله ان العلمانية هي الاعتدال واحترام الاخر وتقدير طاقاته ومواهبه ووطنيته بغض النظر عن كونه ذكر او انثى او اسود او ابيض " فأين جواز تمكين كافر من رقاب المسلمين ؟
الحديث يطول في هذا المقال , ولكن المسلمين لن يعجبهم محتواه ولن يتوافق مع فطرتهم السليمة , لكن المقال بالتأكيد يعجب "العلمانيين" الذي أقر اللحام أنه منهم .