بسم الله الرحمن الرحيم
الاستقلال الحقيقي يكون بكنس النظام الرأسمالي العلماني وتطبيق الإسلام دين الأمة
خاطب يوم الجمعة الموافق 1/1/2020 رئيس الوزراء السوداني الشعب السوداني بمناسبة الذكرى الخامسة والستين لذكرى الاستقلال قائلا: (جماهير شعبنا الأبي...
أُخطابكم اليوم في ذكرى الاستقلال الخامسة والستين ونحن نستشرف مرحلة إعادة بناء الدولة الوطنية على أُسس الديمقراطية والعدالة والحرية، وعبر مؤسسات قوية وراسخة ومُتمكِّنة. ولا سبيل لذلك إلا بمشاركة كل القوى الوطنية في عملية البناء الوطني، وهذا هو المعنى الحقيقي للمواطنة والاستقلال، وهو ما يُساعد على فتح الطريق واسعاً للتنمية المُستدامة، والعادلة، والمُرتبطة بمصالح المواطنين. لقد كان الأول من يناير 1956، هو اليوم الذي ارتفع فيه علمنا الوطني إيذاناً بدخول مرحلة الدولة الوطنية، والانعتاق من الاحتلال، وقد ظللنا منذ ذلك الحين نبحثُ عن إجابات لنفس الأسئلة المعنية بكيفية إدارة الدولة والموارد والتعايش في سلام وتطور... الخ).
قيل إنَّ الاستقلال ضد الاستغلال، أي أن يكون البلد حراً مستقلاً عن أي قيودٍ من أي جهة خارجية، ويعبر عن ذلك بالتحرر من قيود المستعمر العسكرية والسياسية والاقتصادية...الخ. وهذه المعاني إذا كانت حقيقية، فلا جدال في جمالها وسموّها وروعتها، إذ إن النفس البشرية جُبِلت على كراهيةِ قيود الذُّل والهوان والظلم سواء أكان من القريب أم من البعيد، ولكن جمالها ورونقها لا يكون عبارة عن كلمات جوفاء خاوية، يدندن بها البعض، أو يتشدق بها البعض الآخر، بل في الأصل أن تكون المعاني تعبر حقيقة عن الواقع الذي يحسه الإنسان، في محيطه وبيئته، والذي يتفاعل معه بطبيعته وسجاياه، لا مُضَللاً ولا مُسْتَحْمَراً، فهل حقيقةً نلنا استقلالنا من تبعية الكافر المستعمر؟! فبمجرد قراءة هذا الخبر يتبين لنا كذبة بما يسمى بالاستقلال، فقد نشرت الجريدة الرسمية الروسية يوم الثلاثاء 9 كانون الأول/ديسمبر 2020م نص اتفاقية بين روسيا والسودان حول إقامة قاعدة تموين وصيانة للبحرية الروسية على ساحل البحر الأحمر بهدف "تعزيز السلام والأمن في المنطقة" ولا تستهدف أطرافاً أخرى، وحسبما جاء في مقدمة الاتفاقية سيحصل السودان مقابل ذلك على أسلحة ومعدات عسكرية من روسيا. وكان الرئيس الروسي قد وقع في 16 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي على الاتفاقية. (بي بي سي). وبحسب موقع أخبار الدفاع الروسي، فإن الحكومة السودانية معنية بتوفير البنية التحتية اللازمة لتأسيس الموانئ، وقطعة الأرض التي تقام عليها المنشآت مجاناً، والسماح بنقل أي نوع من المعدات العسكرية أو الذخائر عبر الموانئ السودانية، إضافة إلى إصلاح وتوريد السفن الحربية، لمدة 25 عاماً، قابلة للتجديد لمدة 10 سنوات أخرى. فكيف نقول نلنا استقلالنا وأرضنا مستباحة للغرب الكافر؟! فهل استقلينا حقا وما زال المستعمر يجوب بلادنا شرقا وغربا بدون حسيب أو رقيب وما زال هو الحاكم الفعلي للبلاد؟!!
هل انعتقنا حقا من المستعمر، أم لا زلنا نأخذ التعليمات والأوامر من السفارات الغربية بالبلاد، والتي نصبت نفسها حاكما عاما للبلاد فلا يقطع أمر إلا بعد أخذ إذن مسبقا منها؟! فأين هو الاستقلال الذي تدعيه الحكومات؟ وعن أي استقلال يتحدثون، ونحن ما زلنا نستجدي المعونات من أعداء الله؟! وما حدث قبل أيام من استقبال السودان لمعونة عبارة عن حمولة 20 ألف طن من القمح وبلادنا أغنى بلاد الدنيا بما حباها الله تعالى من ثروات طبيعية ورغم امتلاكنا 200 مليون فدان صالحة للزراعة ومياه وفيرة؟! والأغرب من ذلك ما زلنا نستورد أنظمتهم وقوانينهم ودساتيرهم البالية التي أشقت البشرية جمعاء، وحتى أهلها رفضوها وخرجوا عليها والتي ما نالوا من ورائها إلا الانحطاط إلى مرتبة البهائم!
فالاستقلال الحقيقي يكون بكنس كل مشاريع الغرب الكافر وقطع كل أياديه الآثمة من بلاد المسلمين، ومحاربة أفكاره، وثقافته الاستعمارية، وفضح عملائه، وإسقاط أنظمته، ولا يكون ذلك إلا بتبني الإسلام باعتباره نظاماً سياسياً، يكفر بكل قيود المحتلين وينعتق منها، والإسلام هو الوحيد الذي يحوي المخرج لهذه الأمة العظيمة، بل للعالم أجمع، بوصفه نظاماً سياسياً متميزاً يعالج قضايا البشرية، كما وللإسلام القدرة على مد كل الخطوط الحياتية للناس؛ السياسية والاقتصادية والاجتماعية...إلخ، بالمعالجات والحلول للمشاكل، ويقدم فهما راقياً وفكراً مستنيراً، يقنع الناس ويطمئن أنفسهم ويوافق فطرتهم، لينهضوا به، وبتطبيق هذا الدين في السياسة والاقتصاد عبر دولته الخلافة، تطبيقاً فعلياً، لا بشعاراتٍ وأمنيات، عندها يكون الانعتاق حقيقياً، ويكون الاحتفال بخروج المحتل احتفالاً صادقاً مميزاً؛ حيث نحكم بلادنا بأنفسنا ونتمتع بخيرات بلادنا في دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، فلا غش ولا تضليل، ولا تجار للسياسة، ولا سماسرة للحروب. قال تعالى: ﴿أَلَا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [يونس: 55].
فعندما نلفظ هذا النظام الرأسمالي الجائر وننعتق منه ونطبق نظامنا الذي ارتضاه الله لنا في هذه الحياة في ظل دولته الخلافة كما لفظ وكنس رسولنا الكريم ﷺ الشرك ودعا للإسلام وأقام دولة للمسلمين تحكم فيهم بعقيدة الإسلام بل وحمله إلى العالم بالدعوة والجهاد لإخراج الناس من ظلمات الكفر إلى نور الإسلام، فحينها يحق لنا أن نفرح ونبتهج. ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد الخالق عبدون علي
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية السودان