بسم الله الرحمن الرحيم
أتساءل ومعي الملايين في هذا العالم، كيف ينام ملئ جفونه من بارك للمحتل غزو العراق، كيف يأمن مكر الله من وضع يديه بيد المحتل الصليبي، كيف هان على عالم الدين أن يفتي بتحريم دماء المحتل وعملاؤه الذين صالوا في ذبحنا وجالوا، كيف للحاكم أن يعلن الحرب على الله بمحاربته لجنود الرحمن وتعطيل شرع الله ومنع العباد من السير في درب الجهاد دفاعاً عن ملة الإسلام بعدما تخاذل هو في حماية البلاد والعباد..
وبعد كل ما جرى لنا على يد طواغيت العصر من صليبين غزاة وفرس انجاس، وتواطؤ من جيش صفوي، وشرطة مرتدة، وصحوات عاهرة ألا يحق لنا أن نرفع لواء الجهاد ونقاتلهم حتى آخر قطرة من دمائنا..
لمن لا يزال يشكك في حرمة دماء المحتل وعملائه وقاذوراته من جيش وشرطة وصحوات عهر أسوق لهم هذا البرهان والدليل لعل رشدهم يستفيق..
حسين المعاضيدي
أم مصطفى صبراً.. الثأر قادم!
كم هو حدث جلل قد حل بهذا البلد، وكم هي مأساة عاشها الأهل، وكم من فاجعة في النفوس لم تزل، فبعد الأمن والأمان بتنا اليوم ككرة تتقاذفها الأقدام وتتجاذبها السيقان والركب، فأضحت مساكننا المعتقلات والسجون والأقبية والقعر، وبات مستقرنا ظلمات القبور واللحود والكفن، وكل يوم يمضي يزداد فينا وقع الألم، والكل يعيش في كبت وضيق وكمد! ولم يعد الموت يفرق بين شاب أو صبية أو امرأة أو كهل وولد، بل لم يترك مدينة او حارة او شارع او دار إلا اتاها عن عمد، ومثلما زار الأنبار والموصل وديالى وصلاح الدين، زار قلب بغداد بلا رحمة أو حياء أو وجلّ.. موت تجسد في احتلال بغيض وعملاء أذلاء وصحوة خسة أصابتنا في كبد، فساق إلينا الجيش المغير الوباء والامراض والنياح والصراخ والموت حتى أصبحنا كنطيحة مربوطة بحبل ووتد..
وتستمر جرائم الاحتلال في بلاد الرافدين على مرأى ومسمع من الجميع، وسط صمت العالم المطبق من حولنا، ولا يزال الخونة والعملاء والصحوات المخزية والشرطة المجوسية والجيش الحكومي الصفوي هم أدوات هذا الاحتلال البغيض الخسيس..
فاجعة جديدة ألمت بعائلة عراقية عانت الأمرّين وهي تسعى للعيش في كرامة وعزّ وانعزال عن عالم بات (بفضل) الاحتلال وكلابه ومن والاهم، لا يأمن الأنسان حاله، وأهله، وداره، وعرضه ودينه وماله.. ففي واقعة يندى لها جبين الإنسانية ارتكبت قوات الاحتلال الأميركي مجزرة بشعة بحق عائلة لا ذنب لها سوى أن القدر جعلها تقطن مدينة العامرية في بغداد ليكون مصيرها التفتيت والهدم والقتل على يد جنود الاحتلال الذين كانوا يعربدون سكارى في شوارع العامرية ليختاروا هذه الدار وتلك العائلة لينفذوا فيهم حكم شريعة الغاب التي ترفع عدوة الله والشعوب أميركا الملعونة فيها راية الدناءة والخسة والعهر والمجون الديمقراطي الذي يتشدقون به..
فتية في مقتبل العمر لم يبلغوا بعد سن الرشد، كانوا منشدّين إلى دراستهم بعقول نيرة رغم الظلام الحالك الذي يلف بغداد.. أحلامهم كانت أكبر من أعمارهم التي لم تتجاوز السادسة عشرة والسابعة عشرة بعد، أحلام كانت أكبر من آلة الحرب الأميركية، ومن لغة القتل الحكومية المجوسية، أحلام صبا في مستقبل أخضر رغم كل النيران التي التهمت أخضر العراق ويابسه بفعل الاحتلال وجوقة العملاء والخونة والمارقين الذين يتسيدون بلاد الرافدين اليوم..
لينظر العالم من حولنا إلى ما يجري لنا، انظروا كيف يجازى محب الدراسة والتفوق، انظروا كيف يتم التعامل مع الباحثين عن العلم وطالبيه، انظروا مصير الأمهات اللواتي يحاولن تربية وتخريج أجيال هذا الزمان! انظروا كيف هي نهاية أبٍ يحفر وينحت بالصخر حتى يؤمّن قوت عياله في هذا الزمن العصيب الذي بات فيه الخارج إلى العمل كالسائر في طريق الموت، لا يعلم ان كان سيعود منه أم لا، بعد أن باتت حتى مراكز العمل أوكاراً للقتل والتعذيب على أيدي جلاوزة النظام وكلابه الأنجاس ممن تربوا في أحضان الصليب وتعمدوا بنار المجوس..
مصطفى وزيد، أشقاء بعمر متقارب، فعام واحد فقط هو ما يفصل بينهما في الولادة، كانا في السادسة والسابعة عشرة من العمر، وهما كل ما تملكه هذه العائلة من أرث، بل هما كنز الأم والأب الذين بنوا عليهما آمالاً كبيرة، وعلى صخورهما ستتفتت أمواج الحياة العاتية، ليهنئ الأبوين بشاطئ آمن يقضيان في مينائه ما تبقى لهما من سني عمرهما، فالوالدان قد أحسنا التربية، وفعلا المستحيل رغم ضيق ذات اليد، وعسر الحال، وضنك العيش لينشئا مستقبلاً وارف الظلال لأبنيهما، مؤدين رسالتهما في هذه الحياة على أكمل وجه، بانتظار أن يفي الأبناء حق الآباء في مستقبل الأيام وقادمها حينما تطرق الشيخوخة والهرم أبواب الأم والأب، لكن ليس كل ما يشتهيه المرء يدركه، فرياح العراق اليوم في ظل الاحتلال تجري بما لا تشتهي سفن أبناء هذا البلد، ومنهم والدا مصطفى وزيد، اللذين تركا الكتاب والقلم والدفتر لبرهة ليتسليا بتزيين سيارة والدهما المركونة بداخل الدار بانتظار أن تعد لهما والدتهما بعض ما يسد رمق جوعهما، دون أن يدركا أنهما في طريق ترك الحياة بأكملها على يد قطاع الطرق من رعاة البقر الأوغاد، ففي غفلة من زمن ذلك اليوم المشؤوم قطع دوي انفجار عاصف ضحكاتهما البريئة، ومزاحهما الجميل، وهدوء دارهما الغريب، وإذا بأصوات الرصاص تملئ دارهما، ورائحة البارود تعم المكان، وما هي سوى لحظات حتى ذهبت الضحكات وتجمد المزاح وحل الموت والدمار، وتلونت الجدران بألوان الدماء والهلاك، واصطبغت بلون قان تناثر على مساحات شاسعة من جدران وأرض تلك الدار..
صراخ، وآهات، وعويل، ودماء في مشهد، بدا وكأنه من أفلام هوليوود، لكن بنسخته العراقية، وبحقيقته الواقعية، لا في خيالات التأليف وسيناريوهات التمثيل، فتحولت في لحظات أول أحلام الصبا إلى بقايا مخ على جدار الدار، وصرخة اعقبها صمت أبدي لـ(مصطفى) الذي فارق الحياة على عجل بتأثير الرصاصة القاتلة التي خلّدت روحه في عليين، إن شاء الله تعالى، مثلما خلدت المحتلين وعملاؤهم في قعر سحيق الجحيم، بإذن الله تعالى، وعارهم في ذاكرة التاريخ ووجده..
حال يرثى لها كانت عليه الأم، فابنها البكر، وفلذة كبدها، وأول الطلع قد غادر الدنيا وفارقها، قتلوا حلمها، وأدوا مستقبلها ومستقبل عائلتها، وصادروا فرحة الأمومة، وختموا عليها بالجنون، لكن حتى الجنون لم يشبع المحتلين، ولم يكفهم القتل ولا الوأد ولا الاغتيال لأحلام العائلة بأبنها البكر مصطفى، بل أن ما كانوا يخبئونه لهم أكبر من كل هذا وذاك، فقد سارعوا للإجهاز على بقية الأحلام، واستهداف آخر العنقود، الأبن المدلل، الذي لا تمل والدته من النظر إليه باستمرار وهو يكبر أمام عينيها يوماً بعد يوم، حتى أنها أخذت تخاف من عينيها عليه، كما كانت تقول، من فرط حبها له وتعلقها به، أنه زيد، ذلك الفتى الصغير الذي تلقى ثلاثة رصاصات من سلاح أتوماتيكي أميركي اعتاد كثير من العراقيين أن يكونوا هدفاً له بمناسبة أحياناً، ودون مناسبات في أغلب الأحيان، سلاح هو عنوان لقتل السلام، وهوية لرافعي لواء محاربة الإسلام، وشعار لأعداء الحياة، رصاصات انطلقت من فوهة ذلك السلاح الغادر الجبان لتنهي سنين من الصبر والمتابعة والتربية، ومجاهدة فقر العيش وآفات الزمان على هذه العائلة ولتنهي حياة ومستقبل هذه العائلة بشكل درامي مأساوي تراجيدي، سمه ما شئت، لكن إياك أن تسميه تقليدي، فالابتكارات هي سمة المحتل، ابتكار في القتل، ابتكار في فن التعذيب، ابتكار في الإذلال، وابتكار في الإمعان والإيغال في الإهانات، وابتكار في توزيع الآلام، وللأسف بمساعدة من الكلاب الخونة الأنجاس المتآمرين على أبناء العراق ممن جاءوا على ظهر تلك الدبابة الأميركية الإمبريالية الحاقدة على كل ما له علاقة بالإسلام، وبدعم مباشر ولا محدود من كلاب، خونة، أنجاس، أرجاس هم صحوات العار والخسة والنذالة الذين جعلوا من أنفسهم خفافيشاً للظلام وأدلاءاً للسوء وجنوداً للعهر، يتمسحون بقدم سيدهم الصليبي، ويتبركون بحاخامهم اليهودي، ويقبّلون دبر حليفهم الفارسي الصفوي..
المأساة لم تنته ها هنا، فالقادم من المجهول لهذه العائلة لا يزال في أوله، إذ لم يكف المحتل قتل فلذات الأكباد، ووضع بصمات القتل على كل ركن وزاوية في ثنايا الدار، بل أقدموا، وفي عمل عجزت التوصيفات عن الوصف والتسميات عن المسمى، على ربط جثة مصطفى، الحلم الأكبر للأبويين، على مقدمة الهمر الاميركي كما اعتادوا على فعل ذلك مع أبناء العامرية، حينما فعلوها في أول أيام الاحتلال، فقد ربطوا مصطفى على مقدمة السيارة وراحوا يجوبون به شوارع هذا الحي الذي طالما اكتوى بنار الاحتلال وبغدر الصحوات الملعونة، وراحوا يطلقون النار في الهواء كتعبير منهم على النصر، ولكن أي نصر ذلك الذي يقطف ارواح الفتية الصغار، ويحصد أحلام الأبوة، وينهي أحلام مستقبل وغدٍ مشرق لصبية صغار لم يبلغوا الحلم بعد..
تستنجد الأم ولا من مغيث، تمسك ببنادقهم لتمنع عن أطفالها رصاصتهم الغادرة، فتتقاذفها الأيدي وتركلها الأقدام ككرة بين المتبارين، ثم تعود لتلقي بنفسها على الهمر لتحتضن جثة ولدها وقرة عينها المربوط فوق محرك مركبتهم بعد مقتله لتمنعهم من أخذها أو التمثيل فيها، فهي تريد حمايته منهم حتى وهو جثة هامدة، لكن حتى هذا الحلم قتلوه، مثلما قتلوا كل أحلامها!!
استنجدت، واستنجدت، واستنجدت ولكن لا مغيث، وأين المغيث بعدما أصبح الجمع كالنعام.. لجأت إلى الشارع وهي تنادي وتصرخ لعل هناك من يجرؤ على الوقوف قبالة آلة القتل والدمار، وبوجه رسل الموت والهلاك، ولكن لا مجيب، وكيف يجيب من أدمن مشاهد الموت والقتل والتمثيل بالأموات والأحياء!
كان وقع وهول ما جرى كافياً لتموت الأم من فرط ألمها على فراق أبنائها وما جرى لهم بعد القتل من التمثيل بجثثهم، حيث حاول الناس تحريكها بعدما رمت بنفسها على جثة ولدها فوجدوها قد أصبحت جثة ثالثة تضاف لجثث ولديها الوحيدين، لتمنحنا درساً في معنى الأمومة ومقدار حب الآباء للأبناء، مثلما أعطتنا درساً بليغاً في أننا شعب لا نستحق الحياة أن رضينا بالقعود ولبسنا ثياب العار!
أما حال الأب الذي عرف ما جرى لعائلته بعد عودته إلى الدار فكان يدمي القلوب، ويكسر النفوس فهو قد فقد لغة الكلام بعدما أصابه الخرس من شدة الذهول، فأصبح لا يجيد غير لغة الدموع، فيما أخذت العيون تبحث، بعد عجزه، عمن يأخذ له الثأر من الصلبان والمجوس!
جثة الأبن مصطفى وجدها عمال النفايات والقمامة في إحدى مزابل بغداد في اليوم التالي للفاجعة، وجدوها وقد تشوهت بقسوة، بعد التمثيل الوحشي فيها، في وقت احترقت أجزاء كبيرة من جسد مصطفى الغض بفعل حرارة محرك الآلية التي ربط على مقدمتها، وليتم زف الشابين الصغيرين مع والدتهما إلى إحدى مقابر بغداد ليدفنوا الولدين، بعدما توسطهما قبر والدتهما التي أرادت حتى وهي في عالم الأموات أن تظل قريبة من فلذات كبدها، ولتدفن مع أفراد تلك العائلة أحلامهم الجميلة، التي ختمها المحتل بالدم الأحمر كعادته في التعامل مع بقية الشعوب المقهورة.
فيا ترى هل دفنت النخوة مع من دفنوا !؟ وهل ماتت الغيرة مع من ماتوا !؟ أم يا ترى قد طمست الرجولة !؟.. ويحكم أبناء العامرية، ألستم من كان يقول: أينتهك الدين ونحن أحياء! ألستم أصحاب القول المأثور: أيهنئ المحتل بالسير في شوارعنا ونحن نشم عبق الحياة! ألستم من كان يردد: أتسبى الحرة ونحن الأباة! فما بالكم خذلتم هذه الأم المفجوعة! كيف هان عليكم عويلها وصراخها وأنتم تسمعون فكنتم عنها لاهون !؟
كان عليكم وأنتم ترون المشهد أن تلتهموا حديد آلياتهم قبل أن تحطموا بقاياهم.. كان عليكم أن تشربوا من دمائهم قبل أن تأكلوا لحم أجسادهم.. كان عليكم أن تطلبوا من الأرض أن تنشق وتبتلعكم من حجم العار، ما لم تغسلوا ذلك العار برد الصاع صاعين لهم، وتكيلوا لهم بنفس مكيالهم، هم وكلابهم الأنجاس وعملاؤهم وصحواتهم الخسيسة، العالم كله ينتظر منكم أن تثأروا لأبنة العامرية المكلومة، المفجوعة، المذبوحة بين أيديكم، مع قرة عينيها، والتي استنجدت بكم، يا من جميعنا يعرفكم ويناديكم بالغيارى منذ أول أيام الاحتلال!!
ما كان عليكم، ما كان عليكم، ما كان عليكم أن تصمتوا، ولن يكون عليكم ان تصمتوا بعد اليوم! ففاجعة هذه الأم المسكينة يفرض عليكم أبناء العامرية خصوصاً، ومجاهدو العراق عموماً أخذ الثأر اضعافاً مضاعفة..
أيصل بكم الحال ان تخافوا المحتل الغادر وأنتم أهل الشجاعة والجهاد..
أتخافون من فئران وجرذان صحوات الخسة والنذالة التي توهمت بأنها صارت شواهينا..
أبناء الإسلام..
أبناء العراق..
أبناء العامرية..
لن نخاطب فيكم الذين لبسوا ثياب العار..
لن نخاطب فيكم الذين باعوا الدين بالدنيا..
لن نخاطب فيكم من ارتضى لنفسه القعود..
لن نخاطب فيكم من صم اُذنيه، وأغمض عينيه، وأبتلع ما بين فكيه..
بل نخاطب فيكم من أيديهم على الزناد، من هم أهل للرجولة، من هم أحق بالحياة، من هم على درب الجهاد سائرون، من لا ينامون على ضيم، ولا يقبلون الذل، من لا يعرفون العيش مع العار..
نخاطبكم وأنتم أهل للخطاب أن خذوا بثأرنا من شلة الأوغاد والطغاة، وامحوا عار الخونة والعملاء، فمن لها غيركم، ومن للثكالى واليتامى والمكلومين غيركم، مجاهدونا الأفذاذ، أهل النخوة، والرجولة، والأباة، حماة الدين والديار، فأنتم أهلها يوم الكريهة، يوم يحمى الوطيس وتكفهر الوجوه، وتعسر الخطوب وتشتد الكروب، فأذهلوا كل مرضعة عما أرضعت من هول الفعال والفعول!
يا من تتباكون على المحتل، وعلى عملائه، وكلابه، وميليشياته، وجيشه، وشرطته، وصحواته..
أيها العالم من حولنا..
أيها المتخاذلون..
أيها الناعقون..
أيها المهادنون..
يا من تفتون بعدم جواز استهداف كلاب المحتل ودرعه الحكومي..
يا من تحرمون جز رقاب الصحوات..
يا من تنددون بمقتل الخونة وعملاء الصلبان..
يا من تستكثرون علينا حق الدفاع عن أنفسنا وحماية أعراضنا..
ويحكم، وبُعداً لكم، وتعساً لأمثالكم، أعرفتم اليوم لماذا نقاتلهم؟!almaadidimedia@gmail.com