الديموقراطية تقتل أبنائهايخفي الإعلام حقيقة النظام الأمريكي وحقيقة جهاز الشرطة التابعة له. والحقيقة أن هذا النظام نظام تتأصل العنصرية فيه ويحمل في طياته الظلم والإجرام والعنف والقتل ضد من ينظر إليهم نظرة دونية كجزء طبيعي منه وفيه وقائم عليه منذ نشأته والتاريخ يشهد بذلك ويكفي أن تقرأ بعمق عن تاريخ أمريكا ونشأتها والحروب التي خاضتها وأن تبحث في القوانين والدساتير الوضعية التي تطبقها على شعبها وعلى العالم.
نعم فإن وحشية هذا النظام لا تخفى على أحد داخلياً أو خارجياً ولم تبقى دولة وإلا ولدغت بسم الحية الأمريكية عامة وبلاد المسلمين خاصة. فما يحصل من جرائم على يد الشرطة العنصرية في أمريكا ضد أبنائها من أصحاب البشرة السوداء نموذج مصغر لما يحصل من هيمنة على العالم على يد أمريكا عسكرياً وسياسياً وإقتصادياً وإجتماعياً. فأمريكا دولة إرهابية وتقوم على المبدأ الرأسمالي الوحشي ونظامه الديموقراطي المجرم.
ونستعرض هنا بعض المقالات التي تفضح إجرام النظام "الديموقراطي" الذي يتغنى به كثير من المسلمين ويريدون تطبيقه في بلادهم!! على ضوء الخبر التالي عن عشرات الحوادث وقتل الشباب السود بدم بارد على يد الشرطة البيضاء والتي تتكرر سنوياً:
غضب في الولايات المتحدة بعد إطلاق الشرطة النار على رجل أسود25 أغسطس 2020
(وكالة الصحافة الفرنسية أ ف ب)
تزايد الغضب مساء الاثنين في الولايات المتحدة غداة تجاوزات ارتكبتها الشرطة وضحيتها رجل أسود في ولاية ويسكنسن، في مأساة جديدة أججت الجمر المتّقد في حركة الاحتجاج التاريخية ضد العنصرية التي ولدت منذ ثلاثة أشهر إثر مقتل الأميركي الإفريقي جورج فلويد.
وهتف آلاف المتظاهرين "لا عدالة، لا سلام!" أثناء تجمع أمام محكمة في مدينة كينوشا الواقعة على بعد أربعين كيلومتراً نحو جنوب ميلووكي حيث أطلقت الشرطة النار الأحد مرات عدة على مواطن أميركي من أصل إفريقي يُدعى جاكوب بليْك.
وعلى غرار تصوير شهود جورج فلويد الرجل الأربعيني الذي تُوفي اختناقاً في 25 أيار/مايو تحت ركبة شرطي أبيض، صوّر شاهد عيان محاولة توقيف بليك وهو ربّ عائلة.
ويُظهر مقطع فيديو التُقط بواسطة هاتف خلوي وانتشر على نطاق واسع بليك يتبعه ضابطا شرطة وقد شهرا سلاحهما، وهو يدور حول سيارة.
ثم يمسكه شرطي بطرف قميصه وهو يفتح الباب ويحاول الجلوس في مقعد السائق. ثم يطلق الشرطي النار ويصاب بليك عدة مرات في ظهره، ويُسمع في التسجيل صوت سبع طلقات.
وخضع الضحية لعملية جراحية طارئة وأُدخل إلى وحدة العناية المركزة في مدينة ميلووكي، حيث لا يزال وضعه حرجاً لكن في طور التحسّن، وفق شهادات أدلى بها أقربائه لوسائل إعلام محلية.
وأوقف الشرطيان عن الخدمة وفُتح تحقيق بالحادثة.
- "صدمة مدى الحياة" -
قالت شيريز لوت (37 عاماً) التي أتت للتظاهر في مدينة كينوشا التي تعدّ 170 ألف نسمة وتطل على بحيرة ميشيغن، لوكالة فرانس برس "إذا قتلتُ شخصاً، سأُدان وسيتمّ التعامل معي كمجرمة. أعتقد أنه يجب أن يحصل الأمر نفسه مع الشرطة".
وقال بن كرومب، محامي عائلة جاكوب بليْك، إن أبناء الضحية الثلاثة كانوا في السيارة وإن الرجل حاول التدخل في شجار بين امرأتين.
وقال في بيان إنه "بينما سار مبتعداً لرؤية أبنائه، أطلقت الشرطة النار عليه مرارًا وتكرارًا في ظهره من مسافة قريبة. كان أبناء بليْك الثلاثة بجواره مباشرة ورأوا الشرطة تطلق النار على والدهم".
وأضاف "سوف يصابون بصدمة مدى الحياة".
وأعلن الحاكم الديموقراطي لولاية ويسكنسن توني إيفرز الاثنين الدعوة لجلسة استثنائية للبرلمان المحلي الأسبوع المقبل، بهدف تبني سلسلة تدابير حول "المسؤولية والشفافية" لدى قوات الشرطة.
وكتب في تغريدة "فيما يكافح جاكوب بليك من أجل البقاء على قيد الحياة، يتمّ تذكيرنا مرة جديدة بأن العنصرية أزمة عامة. ليس هناك وقت نهدره".
- حظر تجوّل -
في كينوشا، أُعلن حظر تجوّل ليل الاثنين الثلاثاء اعتباراً من الساعة 20,00، بعد التجاوزات التي حصلت في الليلة الماضية.
وبعد ساعة من بدء سريان حظر التجوّل، أطلقت الشرطة على المتظاهرين قنابل غاز مسيّل للدموع، فيما رمى المحتجون زجاجات مياه على عناصر الأمن، وفق ما أفاد صحافيون في وكالة فرانس برس.
وكان الحاكم توني إيفرز الذي دعا للتظاهر سلمياً، أعلن نشر 125 جندياً من الحرس الوطني في المدينة بهدف ضبط احترام النظام.
واعتبر مساعده مانديلا بارنز وهو أميركي من أصل إفريقي، أن المأساة لم تكن "حادثاً". وأكد أنها "لم تكن خطأ. إنها عنف طبيعي بالنسبة للكثير من بيننا".
وطالب المرشح الرئاسي الديموقراطي للانتخابات الرئاسية جو بايدن "بإجراء تحقيق فوري وشامل وشفاف وبمحاسبة الشرطيين على أفعالهما".
وقال بايدن في رسالته التي أرفقها بكلمة "كفى" على خلفية سوداء: "تستيقظ البلاد مرة أخرى وقد جللها الألم والغضب لأن رجلاً أسود أميركياً وقع مرة أخرى ضحية لتجاوزات الشرطة".
ودعت شرطة كينوشا من جهتها إلى عدم استخلاص استنتاجات متسرعة "إلى حين معرفة كامل الوقائع".
ووصل الغضب إلى مدن أميركية أخرى.
في مينيابوليس، حيث قُتل جورج فلويد، أحرق متظاهرون العلم الأميركي.
وفي نيويورك، تظاهر حوالى مئتي شخص ورفع بعضهم إشارة القبضة هاتفين باسم جاكوب بليك.
ومن بين المتظاهرين كاميلا سبيلمان البالغة 24 عاماً التي قالت إنها مصممة على عدم ترك الشرطة "تواصل التصرف بهذه الطريقة".
وقال الشابة "إنه أمر محبط للغاية. إطلاق النار من مسافة قريبة على ظهر شخص لم يفعل شيئاً على الإطلاق. لا يمكن أن نترك ذلك يمرّ".
https://www.swissinfo.ch/ara/%D8%BA%D8%B6%D...%D8%AF/45989986تعرف على العنصرية : تاريخ طويل من الممارسات الممقوتة حول العالم العنصرية واحدة من أسوأ الممارسات التي عرفها العالم، فقت ارتكبت الكثير من الجرائم بدعوى العنصرية ، نتعرف سويًا على تاريخ العنصرية في العالم. عمرو عطية أكتوبر 24, 2016 2٬949 مشاهدات 6 دقائق قراءة ضرر الهواتف المحمولة تعريف العنصرية ببساطة شديدة هو اتخاذ لون الإنسان أو جنسيته أو دينه أو حتى المجموعة التي ينتمي إليها كمبرر ليسكن منزلة أعلى من غيره في المجتمع، وعلى مدار التاريخ شهد العالم أجمع أوجه العنصرية المتطرفة ضد بعض أفراده ربما كان أهم أوجه التمييز بينهم هو اللون؛ ففي الكثير من الدول عانى أصحاب البشرة الداكنة من الاضطهاد على حساب أصحاب البشرة البيضاء. تاريخ العنصرية في العالم الأسباب وراء نشأة العنصرية بادئ ذي بدء عند الحديث عن تاريخ العنصرية حول العالم يجب البحث عن جذور العنصرية في التاريخ الحديث وكيف نشأت وأين؛ حيث يوجد بضع تفسيرات وضعها المؤرخون والمحللون تفسر نشأة العنصرية: الأولى والأكثر شيوعاً أن نشأة الظلم ترجع إلى تجمع العديد من البشر من طوائف مختلفة في مكان واحد؛ فتسبب الاختلافات الجذرية بينهم كره البعض للبعض الآخر مما يولد العنصرية والاضطهاد، وربما يعد أشهر مثال لها هم المهاجرين الجدد الذين وفدوا للولايات المتحدة الأمريكية من شتى بقاع الأرض مما ولد الكره والحقد في نفوس أصحاب الجلد الأبيض ضد الزنوج أو أصحاب الجلود الداكنة وترجم هذا الشعور إلى أفعال عنصرية ضدهم، وعلى هذا الافتراض فمقاومة العنصرية تكمن في التعليم والتثقيف الجيد بمبدأ المساواة بين الجميع. الثانية تبرر تولد فكرة العنصرية لأنها مزروعة ضمن جينات الفرد فمهما كان جنسه أو لونه أو ديانته لابد من أن يشنأ عنصرياً يكره كل من يختلف عنه وبالتالي فلا توجد رابطة محددة تربط العنصرية بفئة معينة دون الأخرى، وإذا تعاملنا مع تلك الفرضية على أنها الأصح فهذا يعني أنه يجب فصل كل مجتمع متشابه في الصفات في مكان منعزل ومنع الاختلاط بين المختلفين حتى لا تتولد العنصرية. الفرضية الثالثة ترجع التصرفات الظالمة إلى نشأة الفرد داخل مجتمع عنصري منذ البداية، فمن يولد في وسط يضطهد المختلفين سيتبع نفس المنهاج عندما تتاح له الفرصة والعكس صحيح. العنصرية ضد الزنوج مع وصول المهاجرين الأوروبيين إلى الولايات المتحدة لأول مرة وتطبيقهم لنظام توسعي يهدف للاستقرار في تلك الدولة تولدت فكرة العنصرية ضد السكان الأصليين حيث تم تلقيبهم من قبل البيض بالهمج والمتوحشين الذين يحتاجون بشدة للحضارة الأوروبية لتعلمهم كيفية التمدن والتحضر؛ أدت تلك الاعتقادات إلى وجود محاولات عدة للإبادة الجماعية والسيطرة على الأراضي المملوكة للسود، كما تبنت بعض الجماعات العنصرية فكرة إنشاء مدارس داخلية ومؤسسات إيواء لاستيعاب الزنوج كمحاولة للتخلص من وجودهم في المجتمع. توسعت الفكرة أكثر وأكثر وصارت معتقد ثابت كمعتقد الدين لدى بيض أمريكا، ومع تواجد وسائل الإعلام التي بدأت تروج أن الزنوج هو درجة أقل من البشر ويجب إبادتهم فوجد الكثير من الأوروبيين الفرصة سانحة مع وجود ذلك الغطاء الإعلامي لتنفيذ مصالحهم. العنصرية ضد الأفارقة توسعت فكرة الظلم والاضطهاد أكثر في أمريكا لتشمل المهاجرين الأفارقة الذين عملوا كعبيد وخدم لدى الجنس الأوروبي هناك مع إجبارهم على تغيير اسمهم ليتبع مالكهم الجديد، وحتى الذين تمكنوا من شراء حريتهم بالنقود أو حتى بعد موت سيدهم كانت هناك قوانين تسلبهم حق التملك أو التصويت في الانتخابات. العنصرية ضد اليابانيين بعد أحداث بيرل هابر في هاواي عام 1941 ولأن المتسبب بها كانوا من اليابان عانى اليابانيون المقيمون بأمريكا أو حتى الذين حصلوا على جنسيتها من شتى أنواع الاضطهاد تماماً مثلما حدث مع المسلمين والعرب عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر؛ فتم اعتقال ما يزيد عن 120 ألف مواطن أمريكي/ياباني وإرسالهم لمعسكرات معزولة عن المجتمع عاشوا فيها لسنين عديدة حتى أن بعض الأجيال ولدت ونشأت هناك. العنصرية ضد اليهود عانى كذلك اليهود في بداية وصولهم للولايات المتحدة الأمريكية منذ 300 عام مضوا من بعض أشكال الظلم التي كانت توجه ضد كل من لا يؤمن بالمسيحية؛ حيث منعت بعض الولايات الأمريكية في القرن الثامن عشر غير المسيحيين من حق التصويت أو العمل بالمكاتب الحكومية العامة.
تاريخ العنصرية في دولة جنوب أفريقيا بعد حصولها على الاستقلال في عام 1948 عملت الحكومة على إنشاء نظام يتخذ مساراً قانونياً يعمل على فصل المواطنين السود عن المواطنين البيض على الرغم من أن الطرف الأول يشكل غالبية السكان، فقسمت الدولة إلى قطاعات يعيش بها المواطنين أصحاب البشرة البيضاء وأخرى لأصحاب البشرة السوداء كما تم إنشاء جهات حكومية خاصة بخدمة كل لون على حدة، وبالطبع كانت أفضل الخدمات تقدم للبيض دون السود. يعتقد بعض السياسيين أن نشأة التفرقة العنصرية في جنوب أفريقيا كان وراءها أغراض الدول الاستعمارية كبريطانيا وهولندا التي احتلك الدولة لفترات طويلة حيث كانت تسعى للسيطرة على حقول الماس الموجودة بوفرة هناك. على الرغم من المعارضة الشديدة التي لاقتها قوانين التفرقة العنصرية في جنوب أفريقيا إلا أن مثل تلك القوانين ظلت مطبقة لمدة تصل إلى 50 عاماً، فمع بروز اسم نيلسون مانديلا وشغله لمناصب قيادية عديدة كرئيس المؤتمر الوطني الأفريقي والأمين العام لحركة عدم الانحياز بدأ العمل على قدم وساق لدحض كافة أفكار الفصل العنصري المتبعة في جنوب أفريقيا وربما كان أعظم الخطوات التي قام بها الشعب هناك هو انتخاب نيلسون مانديلا رئيساً لجنوب أفريقيا عام 1994؛ فأصبح بذلك أول رئيس أسود البشرة لجنوب أفريقيا كما كانت تلك أول انتخابات تشهدها البلاد يسمح فيها لكافة المواطنين بالاقتراع دون تمييز بينهم. تاريخ العنصرية في أستراليا كما كان الحال في الولايات المتحدة الأمريكية عمل المهاجرون البيض على إرساء مبادئ الظلم ضد سكان قارة أستراليا الأصليين فور بدء هجرتهم إليها في عام 1788؛ حيث اعتبر المهاجرون الأوروبيون ألا ملكية للأستراليين في أرضهم وأنها حق مكتسب لمن يضع يده عليها ووجدوا في ذلك المبرر الكافي للسيطرة على كافة أراضي القارة وطرد سكانها منها، أثار ذلك غضب السكان خاصة بعد انتشار عدة شعارات يرددها الكثيرون مطالبة بإقامة سياج من الأسلاك الشائكة تفصل بين أراضي البيض وأراضي السود. لم تنقرض العنصرية في أستراليا بين ليلة وضحاها، بل استمرت لقرون حتى منتصف القرن العشرين، فقبل عام 1950 كان على أي مواطن أسترالي الأصل أن يعتمد على المعونات الغذائية المقدمة له وأن يمتثل لأوامر المواطنين الأوروبيين خوفاً من تعرضه للاعتقال والسجن، حتى بعد اتحاد أستراليا كدولة واحدة في 1901 لم يتم التعامل مع سكانها الأصليين باعتبارهم مواطنين لهم الأهلية الكاملة؛ فلم يكن هم الحق في امتلاك أرض أو شراء منزل أو حتى التصويت في الانتخابات. العنصرية في دول الخليج هل سمعت من قبل عن البدون؟ البدون هم فئة من المواطنين في دول الخليج وبالأخص في الكويت، لقبوا بالبدون لأنهم بدون جنسية فعلى الرغم من أنهم ولدوا وعاشوا في الكويت إلا أنهم لا يحملون جنسيتها وكذلك لا ينتسبون لأي دولة أخرى. معظم سكان البدون هم في الأصل قبائل من البدو تعمل في رعي الغنم مما يجبرها على التنقل المستمر، وربما كان هذا هو السبب الذي منعهم من الحصول على الجنسية، رغم محاولات عدة على مدار السنين السابقة فشل أصحاب البدون في الحصول على أي جنسية وما زالت مشكلتهم قائمة إلى يومنا هذا.
هذا المقال منقول من موقع تسعة : العنصرية : تاريخ طويل من الممارسات الممقوتة حول العالم أمريكا "لا تستطيع التنفس"، فبعض الحقوق مشروطة باللون، والعنصرية باتت تفوق أحياناً دعاوى الحرية، واليوم رقبة رئيسها تحت ركبة شعبه الغاضب، والتمييز هو السبب والنتيجة. فدرجة قتامة بشرتك تهمة غير معلنة، قد تدان بها وتحاكم وتعدم، أحياناً في الشارع، بل وربما تحت أقدام رجال الأمن.
في 25 من مايو/أيار لفظ جورج فلويد آخر أنفاسه ممدداً على الأرض، وفوق عنقه ركبة شرطي أبيض.ظل فلويد يصيح ويستنجد: "لا أستطيع التنفس"، حتى غادرت روحه جسده، ضحية لـ"وباء العنصرية"، كما يقول محامي أسرته. وما هي إلا ساعات حتى انفجرت شوارع العديد من الولايات الأمريكية بالغاضبين، ليسمع العالم ما لم يستطع ذلك الشرطي سماعه.
"لدي حلم"
لم يكن الزعيم الحقوقي الأمريكي ذو الأصول الإفريقية "مارثن كينج" يعلم أن حلمه سيتحول إلى كابوس بعد أكثر من نصف قرن من الزمان.
فكينج أشهر زعماء النضال ضد التمييز العنصري في أمريكا والذي مازالت خطاباته وآماله وأحلامه ببلد تساوي بين مواطنيها بغض النظر عن العرق والدين والجنس تتردد أصداؤها في جنبات الأرض كلما ذكرت حقوق الإنسان، لم يكن يدري أنه لن يحظى حتى بميتة عادلة.
أشباه فلويد
صحيح أن جهاد الزعيم الأسود في خمسينيات القرن الماضي قد تمخض عن انتزاع السود قانون الحقوق المدنية، وحق الانتخاب، وقانون إنهاء التمييز العنصري ضد اللون أو الدين والمعتقد والجنس إلا أن التمييز لم ينقطع، ولجورج فلويد أشباه كثر.
ففي عام 1991 ضجت الولايات المتحدة بالاحتجاجات وأعمال الشغب بعد تبرئة المحاكم الأمريكية لضباط شرطة لوس أنجلوس الذين أبرحوا مواطناً أسود ضرباً دون وجه حق.
"لقد تخلى عنا القضاء"
ولا تكاد حادثة تهدأ حتى تثور أخرى، وما خفي ربما كان أعظم. ففي 2010 قالت أم الشاب الأسود أوسكار غرانت وهي تبكي بحرقة: "لقد تخلى عنا القضاء"، عندما عوقب رجال الشرطة الذين قتلوا ابنها، بعامين فقط في السجن، لكن "محكمة الشارع" كان لها رأي آخر، إذ ضجت البلاد بالمتظاهرين المطالبين بإنصاف الضحية.
وبقيت كلمات الكاتبة الأمريكية أوسيت لويس، آنذاك، وصمة عار على جبين القضاء الأمريكي، حين قالت "لقد غدت سترة الحارس السوداء كفناً، لأن العدالة قد دُفنت في حكم البراءة، واليوم ليس رثاء للضحية وحسب، بل للعدالة في أمريكا أيضاً. فلم يكن الشرطي هو الوحيد الذي يحاكم. وإنما أمريكا كلها، كانت تحاكم".
عنصرية فوق الإنكار
لا يمكننا إنكار أن الأمريكيين ذوي الأصول الإفريقية حصلوا على العديد من الحقوق التي لم تكن متاحة لهم سابقاً، فيمكننا أن نراهم اليوم يتقلدون المناصب الرفيعة والمتميزة، لكن تبقى الفروق بينهم وبين نظرائهم من ذوي البشرة البيضاء قائمة وصارخة.
فلا تقتصر مشاكل مجتمع الملونين الذي يشكل حوالي 13% من سكان الولايات المتحدة على التهميش والعنصرية فقط، وإنما يعاني من عدة ظواهر مقلقة أيضاً لعلَّ أبرزها الفقر. إذ يعيش 24.7% من السود تحت خط الفقر، أي ما نسبته 12.7% على المستوى القومي الأمريكي.
وتمر الأعوام وتتبدل الأزمنة، لكن القناعات العنصرية تأبى أن تسكن الماضي أو أن تتغير. فبالرغم من تربع أمريكي أسود هو باراك أوباما، على عرش البيت الأبيض -الذي يحمل بالمناسبة شيئاً من العنصرية في اسمه- وحتى مع شعبيته الكبيرة، يبدو أن ذلك لم يغير من الأمر الكثير.
وهذا ما يؤكده الاعتراف الأخير الذي صرح به وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر، حين قال "إن التمييز العنصري ظاهرة حقيقية في الولايات المتحدة". فبهذه الجملة يوثق الوزير الأبيض حقيقة جلية لطالما حاولت السياسة الأمريكية إخفاءها أو تجميلها.
فما تعيشه الولايات المتحدة اليوم قد يبدو وكأنه خرج من كتاب التاريخ الذي تنبأ بمستقبل بلاد الحرية منذ نحو 70 عاماً، حين خطب المناضل مارتن كينج في الناس قائلاً "إن أعمال الشغب هي لغة غير المسموعين، فليس هنالك شيء اسمه نضال لأجل حق صغير، أو ظرفي أو مؤقت، بل هناك النضال الدائم لأجل إنسان، خلقه الله حراً ويجب أن يعيش حراً وكريماً".
يحكي أندرو، وهو أحد ناشطي منظمة Black lives matter، عن حادثة حفرت مكانها في ذاكرة طفولته في بداية السبعينيات بكاليفورنيا في منطقة خاصة بالسود.
يقول أندرو في معرض حديث مع TRT عربي: "اصطحبتني أمي في نزهة خارج منطقة الحدود المسموحة لنا إلى مسرح "فوكس"، وبعد وقت وجيز داهمت الشرطة المكان وأوسعت الأمريكيين من أصل إفريقي ضرباً وحشياً، وكانت أمي تخبئنا خلف الأعمدة حتى لا نتأذى. صحيح أنني وقتها كنت طفلاً، لكنني كنت شاهداً على كل ذلك وأكثر".
ويكمل حديثه "تعلمنا هذا اليوم ألا نتجاوز المنطقة المسموح لنا بالتنقل فيها، لأننا لو فعلنا ذلك مجدداً فقد لا نعود سالمين إلى المنزل أبداً".
لكن قصص الطفولة المرة لا تنتهي. يقول أندرو: "أتذكر أيضاً يوماً من الأيام أن نجل رئيس الشرطة والذي كان ضابطاً أيضاً، داهم منزلاً في منطقتنا وقتل صاحبه، نعم.. الشرطة كانت تتعامل معنا كأننا بلا قيمة، يطلقون النار أولاً ويستجوبوننا لاحقًا، وإلى الآن ما زلنا نعاني أسوأ أشكال العنصرية".
لم نمض بعيداً عن الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة العنصرية 21 من مارس/آذار، حتى شهد العالم تتويجها في بلاد الحريات.
ويبدو أن الجمهوري الأشقر الذي ألصق به معارضوه كثيراً من الصفات السيئة من الطبقية والنرجسية إلى الاختلال، كان على وعي كبير بطبيعة المرحلة التي قرر فيها أن يخوض غمار السياسة.
فوجود الرئيس الأسبق أوباما ذي البشرة السمراء في الحكم لم يكن مرضياً لشريحة من الشعب الأمريكي، وأولهم ترمب، الذي عمد كثيراً إلى مهاجمة سلفه بالتذكير بأصوله الإفريقية، واتهامه بإخفاء حقيقة ديانته، خاصة بعد تعيينه مسلمة محجبة من أصول عربية، مستشارة له للشؤون الإسلامية، وهو الأمر الذي مثّل أرضاً خصبة لتقبل المجتمع التصريحات التحريضية خلال حملته الانتخابية، حيث شكلت أساساً استطاع أن يبني عليه شعبية واسعة حين وصف المهاجرين المكسيكيين "بالمجرمين".
ووفقاً لدراسة أعدها مركز الفقر الجنوبي القانوني (SPLC) "فإن كلاً من خطابات العنصرية وضغوطات اليمين المتطرف على أصحاب التوجهات الأخرى في الولايات المتحدة شهدت زيادة مع تسلم ترمب للحكم".
"القوم في السر غير القوم في العلن"
تهمتك في أمريكا ليست لونك فحسب بل عرقك أحياناً أو دينك، تروي الأمريكية تالات حمداني -باكستانية الأصل- في حديثها مع TRT عربي، كيف فقدت ابنها سلمان ضحية هجمات 11 سبتمبر على برجي التجارة الدولية بنيويورك، وتقول إن نجلها اعتبر حينها أحد المشتبه بهم، بالرغم من ذهابه مسرعاً عند وقوع الهجوم ليساعد الناجين، كونه حاصلاً على تدريب فني طوارئ طبية في وقت سابق، ولكن عرقه وضعه موضع الاشتباه الجنائي، في نظر السلطات.
وبصوت حزين تسترجع حمداني الذكريات قائلة "لقد ضحى ابني بنفسه من أجل واجبه الإنساني، ولم تشفع له ثلاث سنوات من التدريب في شرطة نيويورك"، إلا أنها واصلت الكفاح حتى ثبتت براءته، لكنها تشعر بالأسف لأن الحادثة "لم توقف توجيه التهم إلى المواطنين وفق أصولهم العرقية".
ترمب.. أكثر من لغة للعنصرية
وعن المسلمين، فإن لترمب سجل طويل من الأزمات العنصرية، فلا يمكن لأحد أن ينسى موقفه من خطاب خضر خان، الذي فقد ابنه في حرب 2004 حينما أشار لوالدة الشاب قائلاً باستنكار: "هل يسمح لها بالكلام من الأساس؟!
ولا تُنسى أزمة انتقاده لنائبات ديمقراطيات في مجلس النواب من أصول أجنبية هنّ الكسندريا اوكاسيو-كورتيز من نيويورك، والهان عمر من مينيسوتا، وايانا بريسلي من ماساشوستش، ورشيدة طليب من ميتشيغان، وطلبه منهن أن يعدن إلى بلادهن في إشارة إلى الأصول الإفريقية وديانة البعض منهن، والسجال بينه وبين النائبة إلهان عمر مثالاً لا ينتهي. ناهيك عن تهديده بين الحين والآخر بمنع دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة.
وقد زادت سلوكيات ترمب من حدة العنصريين البيض، وساهمت في طرد مهاجرين، وحظر مواطني دول ذات غالبية مسلمة من دخول الولايات المتحدة. وهو ما حذر منه الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر وقتها، قائلاً "إن ترشح ملياردير العقارات النيويوركي للرئاسة عن الحزب الجمهوري أزال الغطاء عن مستودع من العنصرية".
ديانتك تهمة غير مباشرة
الأمر أشبه بدخولك فيلم خيال، ولا تستطيع أن تجد نفسك وسط هذه الشوارع والبيوت"، هكذا وصفت الطبيبة المسلمة هاجر درجام لـTRT عربي، كيف كانت حياتها هي وزوجها في الولايات المتحدة منذ قدومهما إليها قبل تسع سنوات.
تقول درجام: "كنت أتعرض لمضايقات طيلة الوقت بسبب التزامي بالزي الإسلامي وكذلك الحال مع زوجي الملتحي". وتروي الطبيبة المسلمة حادثة مروعة عاشتها جراء العنصرية: "أتذكر ذلك اليوم جيداً عندما كنت أشتري بعض المستلزمات من المتجر المقابل للبيت حين وجه أمريكي أبيض سكيناً نحوي".
وتصمت للحظات ثم تستكمل: "كان معي طفلي وطلب مني المهاجم الرحيل عن البلاد ووصفني بالإرهابية، وخيرني في حال أردت البقاء بترك حجابي، وعند قدوم زوجي للدفاع عني طعنه الرجل الأبيض ثلاث طعنات".
وتصف هاجر فترة تولي ترمب الحكم بالمؤسفة: "هي أسوأ فترة مرت علينا نحن المسلمين، فوتيرة وجرأة الاعتداءات علينا تفاقمت بشكل كبير جداً".
التمييز بأمريكا قديم متجدد
من وجهة نظر أخرى ينفي ميشيل سبرينجمان المحلل السياسي والدبلوماسي الأمريكي السابق في تصريح خاص لـTRT عربي، وجود علاقة بين انتخاب ترمب وتصاعد العنصرية، فالعنصرية في أمريكا موجودة منذ الماضي، على حد قوله.
ويتابع الدبلوماسي الجمهوري، والمدافع القوي عن ترامب، القول "إن التظاهرات الحالية ستنتهي، بالرغم من التأجيج الذي تمارسه وسائل الإعلام بوصفها ما يحدث (بالاحتجاجات)"
كما ينفي سبرينجمان أي ارتباط بين العنصرية وعهد ترمب، متهماً الديمقراطيين بالترويج لذلك، وهو "ما سيضعف فرصهم القادمة" على حد وصفه.
ويتعجب سبرينجمان من إلصاق هذه التهمة بترمب، متسائلاً عن تجاهل الديمقراطيين لـ8 سنوات من حكم الرئيس السابق أوباما، دون القضاء على العنصرية.
وبسؤاله عن محاولة ترمب تحويل البلاد لدولة بوليسية، أجاب مبرراً "لقد رأيت تقارير تفيد بأن ترمب يسعى لزيادة بيع أو التبرع بالمعدات العسكرية لقوات الشرطة الحكومية والمحلية، ولكن الرؤساء السابقين فعلوا الأمر ذاته".
لماذا احتدت الأزمة هذه المرة؟
ويشير الخبراء إلى أن التمييز والعنف ضد السود ليس بجديد، والعنصرية تجاه العرق والدين رائجة، فالحوادث نسخ والضحايا كثر، والجاني واحد، لكن حادثة جورج فلويد لها وقع آخر كونها جاءت في تقاطع مع أزمتين:
الأولى: انتشار جائحة كورونا وتصدر الولايات المتحدة رقم الوفيات (ما يزيد عن100 ألف وفاة) والإصابات عالمياً، في أزمة تكشف هشاشة المنظومة الصحية في البلاد، الذي يعاني منه الفقراء وأغلبهم من السود، وما نتج عنه من ترهل الوضع الاقتصادي لكثير من الأمريكيين والسود بشكل خاص. إضافة إلى تضخم نسبة البطالة وفقدان الملايين لوظائفهم جراء الإغلاق الكامل للعديد من الولايات.
وما يزيد الوضع سوءاً، الانتقادات التي وجهت لترمب بسبب ما وصفه البعض بفشل إدارته للأزمة وتهوينه لها في البداية، وقراره بتخفيض ميزانية البحث العلمي والقطاع الطبي، وهو ما كان سبباً في أن يؤول الوضع إلى ما هو عليه الآن.
والثانية: كون الحادث جاء في عام الانتخابات، التي يتحول كل شأن فيها إلى ورقة سياسية، وتنازع تصورات بين الديموقراطيين والجمهوريين على قضايا الحريات وحقوق الإنسان واستغلال الأزمة كل لطرفه.
وقد أضاف وجود ترمب أو "الرئيس التغريدة"، كما تصفه بعض وسائل الإعلام، نكهة خاصة للأزمة فقد تورط أو تسرع في الاستنتاج والوصف والإدانة وحوّل الأمر إلى أزمة مع الديموقراطيين.
كابوس كينغ
حلم "كينغ" أحالته أمريكا-ترمب إلى كابوس مرير، كما يرى الكثيرون حول العالم ممن يتابعون أزمة فلويد، ومظاهر العنصرية هناك خارج القانون تارة، وفوق السلطة أحياناً، فاللون جناية، والدين تهمة، والعرق شبهة، والوقائع تروي حجم المسافة بين الشعارات المعلنة والواقع المعاش، غير أن الشارع الأمريكي قال كلمته بصوت عالٍ ومازال صداها يحاصر "البيت الأبيض."