إعلام مخادع ومخدوعون يروجون له
عندما يأتي الإعلام بصورة لديفيد كاميرون مثلا وهو يقرأ صحيفة في أحد القطارات بدون الحراسة المشددة، تجد الكثيرون يقولون : "انظر إلى تواضع الرئيس البريطاني، انظر إلى وجوده بدون حراسة مشددة"، وعندما يأتي الإعلام بتصريح لرئيس وزراء كندا يمنع "دونالد ترامب" المرشح للرئاسة الأمريكية من دخول بلاده بسبب تصريحاته ضد المسلمين، يأتي الإعلام بهذا التصريح وهم يمتدح هذا الشخص، ومثلا يأتون بصور أخرى أو فيديوهات أخرى لرئيس غربي يأكل في مطعم عادي، أو رئيس يداعب طفلا صغيرًا أو يأتون بصورة زعيم غربي وهو يستقبل بعض اللاجئين المسلمين، ليكيلوا له المديح، ولتبدأ المقارنة تلقائيا عند المتابع لهذا الإعلام مع زعماء المسلمين الحاليين وبذخهم وحراستهم القوية، وليقال انظر إلى النظام الغربي في الحكم، أليس نظاما متميزا؟؟، أليس الغربيون متفوقون علينا في مجالات كثيرة ومنها نظام الحكم؟؟؟، أليست هذه هي الديمقراطية بأبهى صورها؟؟؟
وفي نفس الوقت ترى الإعلام يركز على بعض أعمال الحركات المسلحة في العالم الإسلامي مثل تنظيم الدولة وغيره، ويأتي بأكاذيب أخرى تم تلفيقها وإلصاقها بهذه الجماعات، ليقال انظر إلى نظام الحكم الإسلامي، أليس من يطالب بحكم إسلامي إنما يطالب بإرجاعنا آلاف السنين إلى الوراء، انظر إلى المسلمين عندما يصلون الحكم فإنهم سيبدؤون بالقتل وسفك الدماء، ولذلك فان أنظمتنا الحالية بإجرامها تبقى أرحم آلاف المرات من وصول الإسلاميين إلى الحكم، وغيره الكثير من التساؤلات التي يطرحها الإعلام وينقلها ويروجها المتابعون المخدوعون بهذا الإعلام.
ويأتي الإعلام بصورة بعض المسلمين من الخليج وحياة الترف الشديدة التي هم فيها، من لباس وطعام وهم يأكلون، ليبدأ المتابع فورا بسب المسلمين من أهل الخليج على بذخهم وعدم اهتمامهم بالمسلمين الذين يموتون جوعا في بلاد أخرى، وعندما يرى المتابع الرقص والغناء في بلد معين ومسابقات الغناء ويرى كيف يقتل المسلمين يبدأ هذا الشخص بسب أهل تلك البلد التي فيها رقص وغناء وغيره، تلقائيا.
هذه ثلاث حالات أتينا بها تبين أن الإعلام يروج أمر والمتابع يبدأ بالتلقي والترويج تلقائيا لما يريده الإعلام، فيحب تصرفات بعض الزعماء الغربيين لأنه يرى ديكتاتوريات تحكم بلده، ويرفض حكم الإسلاميين لأنه شاهد بعض الإسلاميين يسفكون الدماء عندما يدعون أنه أقاموا خلافة أو حكم إسلامي، فيترحم على أيام الديكتاتور السابق، ويسب بعض أبناء المسلمين لما هم فيه من حياة الترف والبذخ والانحلال وعدم اهتمامهم بأمور المسلمين.
والملاحظ أن هذه الجوانب تركز على محاور رئيسية أهمها: • النظام الديمقراطي عندما يطبق بشكل جيد ستجد الخير والعدل والتواضع • الغربيون هم القدوة حتى في أنظمة الحكم • المسلمون غير ناجحين لأنهم لم يطبقوا النظم الديمقراطي جيدا • نظام الحكم في الإسلام نظام رجعي ومتخلف ويعيد الناس إلى الوراء، وهو نظام دموي يبطش بمن يعارضه. • الإنسان الغربي إنسان متحضر يجب الاقتداء به، والإنسان المسلم يبقى إنسان متخلف لا همّ له إلا شهواته.
إن الوعي البسيط على بث هذه الأخبار يجعل الإنسان يدرك أن بث هذه الأمور إنما هو لتضليل المسلمين وجعلهم يكرهون نظام الحكم في الإسلام ويكرهون أنفسهم، ولجعلهم يلهثون خلف الغرب ونظام حكمه وخلف الاقتداء بالغربيين حتى في نظام حياتهم العادية. ولكن الحقيقة التي يجب التركيز عليها: • أن كاميرون وجاستن ترودو وغيرهم هم رؤساء لدول صليبية تحارب الإسلام وأهله. • هؤلاء الرؤساء هم الداعم الأول للطغاة في العالم الإسلامي ويزيحونهم ويستبدلونهم على حسب مصالح الدول الغربية شريطة أن يحققوا مصالح الدول الغربية. • الإعلام الخبيث لا يذكر أن هؤلاء الرؤساء يرسلون قواتهم لقتل المسلمين وسفك دمائهم. • لا يذكر هذا الإعلام الخبيث أن هؤلاء الرؤساء يحاربون المظاهر الإسلامية في بلادهم. • لا يذكر الإعلام نفاق هؤلاء الزعماء في وقوفهم بجانب يهود وقتلى فرنسا ويغمضون أعينهم عن المجازر في بلاد المسلمين • لا يذكر الإعلام الخبيث أن هؤلاء الرؤساء في العادة ينتمون إلى الطبقة الرأسمالية المجرمة في العالم الغربي التي أذاقت العالم الويلات وحتى سكان بلادهم يعانون من ظلم الرأسمالية. • لا يذكر الإعلام أن ردات الفعل بالقتل والتفجير التي يقوم بها بعض المسلمين وإن كانت خاطئة على عنجهية وغطرسة الغرب سببها الظلم الشديد الذي يوقعه الغرب على المسلمين. وغيره الكثير من إجرام حكام الغرب والذي يهمله الإعلام للترويج لهم ولأنظمة حكمهم.
أما موضوع نظام الحكم في الإسلام (الخلافة) فالكل يعلم أن كثير من التنظيمات العسكرية مخترقة من المخابرات، وكثير من التفجيرات لا وجود لجماعات إسلامية خلفها بل سببها المخابرات الغربية لهؤلاء الزعماء الذين يروج الإعلام لهم، ولكن خبث الإعلام هو أنه يلصق هذه الأعمال بنظام الحكم في الإسلام (الخلافة) لينفر الناس منها، مع أن فترة حكم أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعمر بن عبد العزيز رضي الله عنهم أجمعين هي الفترة الصحيحة لمن أراد أن يعطي أمثلة على الخلافة، ولكن الإعلام لا يذكر ذلك بل يركز على أعمال القتل والدمار التي تحدثها تلك الجماعات والمخابرات الغربية في بلادنا ويتعمد إلصاقها بالخلافة.
أما أعمال الترف والبذخ والانحلال التي يروجها الإعلام فهي في الحقيقة أعمال قليلة في فئة قليلة من الناس هذا أولا، وثانيا: حتى هذه الفئة القليلة من الناس هي نتاج الأنظمة الديمقراطية المطبقة في بلادنا، فالبذخ والترف سببه أنظمة الحكم التي أنتجت هؤلاء، والفنانون هم من إنتاج الأنظمة الحالية، ولذلك فيجب التركيز على أنظمة الحكم في العالم الإسلامية أنها المنتج لهذه المظاهر والداعم الرئيسي لها، والإعلام مضخم لها، والأنظمة في العالم الإسلامي هي أنظمة قائمة على الأساس الديمقراطي، أي نفس النظام الغربي، والداعم الأول لهؤلاء الطغاة كما قلنا هو الدول الغربية وحكام الغرب، فيكون حكام الغرب أسوأ ما هو موجود هذه الأيام؛ فهم حكام مجرمين طغاة ينشرون الفساد في الأرض ويدعمون الطغاة في العالم الإسلامي وغيره، وينهبون خيرات العالم لصالح الطبقة الرأسمالية المجرمة.
والإعلام لا يذكر حقيقة المجتمعات الغربية وارتفاع نسبة جرائم القتل والأولاد اللقطاء وكيف أن الطبقة الغنية تحتقر الفقراء والأبيض يحتقر الأسود، وانه بدون أمن داخلي تتحول حياتهم إلى حياة أسوأ من حياة الوحوش في الغابات، بينما في العالم الإسلامي رغم أن الحكام يجتهدون ليبعدونا عن ديننا إلا أن هذا أمر مستحيل، ومع ذلك وبدون نظام الحكم الصحيح وهو النظام الإسلامي تجد الحياة في بلاد المسلمين أفضل ملايين المرات من الحياة الغربية القائمة على النفعية فقط، فهي تفتقر لأي قيم إنسانية أو خلقية أو روحية، ولا تجد فيها إلا القيم المادية فقط، والثراء الذي هم فيه يعود بشكل كبير إلى ما ينهبونه من الدول في العالم الإسلامي.
إذن يجب الحذر من هذا الإعلام، ويجب علينا نحن المسلمين أيضا الحذر من الترويج لما يريده الإعلام الخبيث، وان ندرك حقيقة الأمور جيدا، ويجب دراسة الإسلام دراسة فكرية واعية ضمن حزب مبدئي كحزب التحرير ليصبح عندنا مناعة من خداع الإعلام.
|