نستطيع أن نقطع بأنه ﻻ يوجد, ولن يوجد على وجه اﻷرض ﻻ اﻵن, وﻻ في المستقبل إعلام حر، فاﻹعلام الحر خرافة وخيال. أمثلة على خرافة اﻹعلام الحر المحايد: 1. جرائم اسرائيل, والتعامل معها في كل مذابحها من دير ياسين إلى غزة، فلا هي إرهاب وﻻ هي مدانة، وتحتاج إلى لجان تحقيق، على العكس تمامًا في حق المسلمين فهم مدانون بدون تحقق. 2. شتم الرسول صلى الله عليه وسلم والطعن في دين الله، والصور واﻷفلام المسرحيات التي تسيء للإسلام هي حرية فكر وحرية إعلام، والتشكيك في محرقة يهود جريمة ومعاداة للسامية. 3. قتل المسلمين, وحرقهم أحياء على أيدي مليشيات إيران في العراق, وعلى أيدي بشار ومليشيات إيران في سوريا، وعلى يد مليشيات الحوثي في اليمن ليست إرهابا, وﻻ تغطى إعلاميًا خدمة للسيد اﻷمريكي. 4. مجازر المسلمين ومحارقهم في مينيمار, وإفريقيا الوسطى برعاية فرنسية, وأمريكية ﻻ يلتفت إليها اﻹعلام، وعملية واحدة ﻻ تساوي شيئًا في جرائم الدول الاستعمارية تقوم لها الدنيا وﻻ تقعد. 5. مقتل الذي شتم دين الله, وأهان المسلمين، يحشد له إعلاميًا ودوليًا، ومقتل مسلمين عُزَّل لم يسيئُوا ﻷحد بل كانوا نشطاء في العمل الخيري في داخل بيتهم على يد أمريكي، ومقتل قاضٍ على يد جندي يهودي يمر كأنه حادث سير. ان القائمة طويلة, ومن ﻻ يرى الشمس في رابعة النهار ليس أعمى البصيرة والبصر فحسب, بل مجرم شريك في الجريمة. فاﻹعلام في زمن سيادة الرأسمالية أعور يكيل بمكاييل متعددة, وليس فيه من اﻹنسانية شي. 00000000000000000000000000000000000 بنظرة سريعة في السيرة النبوية المطهرة والنصوص الشرعية نجد أن اﻹسلام اعتنى عناية فائقة باﻹعلام, وكيفية التعاطي مع الخبر, وهذه نماذج تدلل على ذلك: النموذج الأول: عندما أراد الصحابة قتل ابن سلول ﻹيذائه رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال: (لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ). (المنافقون 8) منعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك حتى ﻻ يُستغلَّ الحدث إعلاميًا لتشويه صورة اﻹسلام, ويشيطنوا دولة اﻹسلام فقال : «دعوه حتى ﻻ تقول العرب: إن محمدًا يقتل أصحابه». فالأعداء لن ينقلوا الخبر كما هو بل سيقولون: "محمد يقتل أصحابه" وكيف يتقبل الناس دعوة رجل ﻻ يأمن صاحبه شره وغدره؟؟ النموذج الثاني: في غزوة الخندق بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر غدر يهود, فأرسل إليهم السعدين ليتثبت من الخبر وأوصاهما: إن وجدا الخبر كاذبًا, والقوم على عهدهم بأن يشيعوا في الناس، وإن وجدا أنهم غدروا، فقال صلى الله عليه وسلم: «الحنوا لي لحنا أفهمه». النموذج الثالث: عندما عزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسير إلى الحديبية أرسل في القبائل المحيطة بالمدينة معلنًا عن مسيره وغايته من ذلك داعيًا الناس للمسير معه، فهيأ الرأي العام إعلاميًا، ونجح في ذلك وكانت الحديبية فتحًا من الله. هذه النماذج وغيرها توضح أهمية اﻹعلام وكيفية التعاطي مع الخبر، وأنه لم يكن حرًا، بل خادمًا لسياسة الدولة والمجتمع والدعوة. 000000000000000000000000000000000000 - مع تطور المجتمعات وتطور وسائل الاتصالات الحديثة, واشتداد الحاجة للإعلام في خدمة غايات الدول, والمؤسسات, والشركات حتى غدا اﻹعلام السلطة اﻷولى, وليس الرابعة لما له من قدرة على الدعاية وتزيين اﻷمور, وتسويق السلع واﻷفكار, وتمرير الخطط السياسية، وقدرة على قلب الحقائق، أصبح نجاح اﻷعمال يستحيل بإهمال اﻹعلام سواء في مجال الخير أو الشر. - ونظراً لشدة حاجة اﻹعلام للإنفاق الضخم، أصبح اﻹعلام أشد حاجة للارتباط بجهات معينة ممولة وراعية له، وهذه الجهات إما أن تكون جهة صاحبة مبدأ، تريد حمل المبدأ، وﻻ تلتفت إلى اﻹنفاق من حيث الربح المادي، وإما أن تكون جهة صاحبة أغراض سياسية أو تجارية نفعية، وفي كل الأحوال يكون اﻹعلام خاضعًا لهذه الجهات كاﻹعلام الرسمي، والموجَّه، والتجاري، فيفقد اﻹعلام حياديته وحريته. - ملاحظة أخرى في غاية اﻷهمية، أﻻ وهي أن اﻹعلام العالمي ينطلق من فضاء الدول القائمة، وتحت سلطانها, وسيكون محكومًا بتوجهاتها، ومخترق من أجهزتها الاستخباراتية مع تفاوت في هامش الحركة المسموح به للإعلام.
|