مقال الكاتبة هاجر اليعقوبي "تغيّر حال نساء تونس بدون قلع النظام الديمقراطي من جذوره كعشم إبليس في الجنّة" في جريدة الراية ....
شاركت المرأة في تونس في الصفوف الأولى لطرد الدكتاتور بن علي ونظامه الفاسد المفسد حين اشتعال جذوة ثورة الربيع العربي. وكانت صيحاتها العالية المطالبة بالعيش الكريم أملاً ترجو إيجاده على أرض الواقع لتطوي بتحققه صفحة الماضي الأليم؛ ماضي الفقر والتهميش والبطالة وانعدام الأمن والأمان وغيرها؛ فنادت بإسقاط النظام وتعرضت في المقابل للضرب والإصابات، بل وقدمت الأرواح والأجساد مسترخصة كل ذلك في سبيل تحقيق التغييرات المنشودة واسترداد الحقوق المغصوبة. فهل يا ترى تحققت الآمال وطويت صفحات عفنات بعد رحيل المخلوع؟؟
هل يا ترى بعد خمس سنوات كاملات على خروجهنّ أمِنت النساء في تونس واسترددن ما كان مسلوبا منهنّ ونلن الأمنيات؟؟
لا يخفى على كل لبيب أنّ ما حدث في الخضراء بل وفي كل دول "الربيع العربي" لم يتعدَّ التغيير الشكلي لأعلى هرم السلطة وأنّ النظام قد بقي على حاله؛ نظاما ديمقراطيا علمانيا يعالج مشاكل الناس بنفس الحلول القديمة التي أثبتت فشلها وألجأت الناس للثورة. كما لا يخفى أيضا أنّ "الشعب يريد إسقاط النظام" قد بقيت مجرد أمنية لم تتحول بعد إلى واقع لأسباب كثيرة؛ أهمّها أنّ النّاس لم يعدّلوا بوصلتهم كما يجب ولم يتبنّوا مشروعا واضحا؛ نظاما بديلا قادرا على تحقيق الانعتاق والكرامة فكانت النتيجة أن استطاع الخونة الالتفاف على المسار وإرجاع الناس إلى نقطة البداية بل إلى الأسوأ منها؛ فنتج عن 14 يناير وما تلاه؛ فقط بعض الترقيعات وبعض المساحات وتقليص في جرعات الديكتاتورية.
كما نتج عن تبديل الوجوه ومجيء حكومة وذهاب أخرى أن زاد الضنك وتكدّرت أكثر حياة الناس على المستوى المعيشي، بل وزادت البطالة وانعدم الأمن وتواصل نهب الثروات وبخس المقدرات.
وطبعا زادت معاناة المرأة تباعا؛ بل لقد مثلت المرأة في تونس حسب رأي بعض الخبراء المحليين خلال السنوات الماضية "قاع هرم الاستغلال" في المجتمع، وأنها الضحية الأولى لفشل سياسات الحكومات المتعاقبة وفشلها أيضا في حماية حقوق المرأة".
سندع الأرقام تتحدث الآن لتزيد البيان وتكشف حجم المشاكل والخذلان:
فبحسب ما ورد في التقرير الذي أصدر بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي والمعتمد في تموز/يوليو 2014 "ملامح النوع الاجتماعي في تونس" فإنّ نسبة الأمية تبلغ في صفوف النساء 28.2% مقابل 12.3% في صفوف الرجال؛ كما تبلغ نسبة البطالة عندهنّ 21.9 في المائة.
وأما فيما يتعلق بنسبة التواجد بمواقع القرار في الوظيفة العمومية فتقدر النسبة بـ2.03% فقط وهي نسبة هزيلة.
كذلك الأمر فيما يتعلق بأمن المرأة؛ فمن الأرقام الصادمة التي كثر الحديث حولها في الفترة الأخيرة هي تلك التي تتعلق بالعنف؛ فقد صرحت وزارة المرأة أن نصف نساء تونس بعد الثورة يتعرضن لشكل من أشكال الاعتداءات!! أما نسبة العنوسة فحدّث ولا حرج فقد تجاوزت 60%.
ويطول الحديث إذا ما ذكرنا الفقر؛ فقد بلغت نسبته حسب آخر إحصائيات صادرة عن وزارة الشؤون الاجتماعية 24.7%، كما صرحت الوزارة أيضا بأنّ 91.9% من العائلات المعوزة تعيلها النساء. ولا يمكن في هذا المقام عدم التركيز على معاناة المرأة الريفية بالذات بل معاناتها المضاعفة وافتقارها لأبسط مقومات العيش الكريم من ماء وكهرباء ودواء؛ كما طفت على السطح في الآونة الأخيرة أنباء موت الكثير من الحوامل لبعد المستشفيات ونقص المعدّات... فماذا بعد ذلك!!
كل ما ذكر آنفا هو غيض من فيض ثمار ما ادعوه قوانين ثورية ستنصف المرأة وتسترد لها حقوقها وتجعلها مثالا لباقي دول الربيع، فما لبث أن انكشف زيف ادعائهم. وما أغنت اتفاقية سيداو ولا الفصلان 21 و42 من الدستور الجديد ولا غيرها النساء شيئا بل على العكس تماما فقد زادت الأمر رهقا.
إلى نساء تونس الأبية نقول:
لقد كان خروجكنّ قبل خمس سنوات مناديات بإسقاط النظام أمراً عظيماً عظيماً؛ فمحاسبة الظالمين فعل يرضي رب العالمين؛ وقد بذلتنّ أرواحا وأجسادا فلا تدعنها تذهب أدراج الرياح ولا تكنّ كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا، بل واصلن مسيرة التغيير التي خطوتنّ أولى خطواتها ولكن هذه المرة بوعي وبحكمة؛ متبنيات مشروعا واضحا ونظاما بديلا تقتلعن به القديم وتقطعن به دابر المرجفين الذين وعدوكنّ بالديمقراطية الغرور فأخلفوكنّ الوعد.
ومَنْ غيرُ الإسلام نظام رب العالمين قادر على تغيير حالنا والنهضة بحياتنا؟؟ ألم تعش المرأة "في ظل الخلافة حين أُحسن تطبيقها" هانئة مطمئنة مضمونة الحقوق مصانة الجانب؟؟ أكانت تجوع ويعتدى عليها وتفتقر الماء والدواء والمسكن وغيرها؟؟ كلا والله لقد عاشت العيش الهنيء في ظلها ولن تعود إلا بعودتها.
شمرن عن سواعدكنّ يا حرائر تونس؛ فبالخلافة الراشدة على منهاج النبوة وحدها تحرركنّ وعزكنّ وكرامتكنّ.
بقلم: هاجر اليعقوبي - تونس
المصدر: جريدة الراية