البحث عن الحقيقة
هل تحب أن تكون باحثا عن الحقيقية؟ كلنا يحب هذا اللقب ولا احد يحب أن يوصف بغير هذا الوصف، أي انه متعصب أعمى لا يسمع إلا لنفسه، ولكن: 1- هل تقرا للجميع بتجرد؟ 2- هل تملك مقياس للحكم على الأشياء؟ 3- هل تملك القدرة على التمييز بين الآراء الصحيحة والخاطئة؟ 4- هل أنت مستعد لترك ما أنت عليه إن تبين خطؤه ولو دام سنينا؟ 5- هل أنت مستعد للانتماء لتيار معين مكثت فترة طويلة تهاجمه ثم تبين انه الحق؟ 6- هل أنت مستعد لتحمل جميع النتائج المترتبة على إتباع الحق؟ 7- هل تبحث عن الحقيقة لتتبعها أم أنت مجرد شخص يحب المعرفة؟ 8- هل مرضاة الله الدافع لأعمالك أم هناك دافع آخر؟ 9- كم هي الفترة التي قضيتها للبحث عن الحقيقة؟
وأسئلة أخرى لمن يبحث عن الحقيقة فعلا.
*********************************************** أما بالنسبة للنقطة الأولى وهي القراءة بتجرد فهي غير موجودة إلا عند من رحم ربي، فمثلا الكثير من الناس عندما يقرا لحزب التحرير او عن وجوب الخلافة فتاخذه والعياذ بالله القشعريرة من سيرة الحزب من العنوان قبل قراءة النص، فيغشى على قلبه وعقله، فيفتح ملفات منشورة على الانترنت مليئة بالحقد والأكاذيب ويبدا النشر عن الحزب وكانه قد انتصر لدين الاسلام من حزب التحرير، بينما تجده يسمع للعلماني والشيوعي والكل، اما حزب التحرير، فيبدا باتهامات لا يملك عنها ادنى فكرة، كوصف الحزب بالمرجئة والمنحرفين في العقيدة وانهم ليسوا من اهل السنة والجماعة، وان حزب التحرير مجموعة من الناس الضالين.
اقول لهذا الانسان اتق الله تعالى، واقرا بتجرد ستعرف الحقيقية ان كنت تبحث عنها، اما ان كنت من الحاقدين الذين لا يريدون معرفة الحقيقة مجرد اتهامات واباطيل، فاقول له مت بغيظك فالله ناصر دينه واهل الحق،،،،،،،،،،،،،،، وهذا الكلام موجه لشباب حزب التحرير قبل الناس ان اقرؤوا للجميع ولا تتهموا اي شخص من انتمائه أو أعماله السابقة، فاحكموا على الشخص من قوله وفعله، حتى لا يكون الحقد والبغضاء هي التي تسيركم. ******************************** أما بالنسبة للنقطة الثانية، فطرحتها لان الكثير من المعلقين يتخبطون بشكل عشوائي في تعليقاتهم، فهذا يحتد عندما تهاجم الديمقراطية، وذلك يقول لك إن هذا الرئيس جيد فلم تهاجمه وهكذا من التعليقات. والحقيقة أن هذا نابع من عدم وضوح مقياس محدد للحكم على الأفعال، وليس عند عامة الناس فقط بل عند الكثير من المتعلمين.
فأن تسمع أو تقرأ ( هذا أفضل، وأنا أرى أن هذا الأمر أحسن، والعقل يقول، وأيهما أحسن أو أفضل) تدرك عدم وضوح المقياس لهذا الإنسان.
فالمقياس العقلي للحكم على الأفعال باطل، لان العقل عرضة للتفاوت والاختلاف والتناقض والتأثر بالبيئة، فعند عرض مشكلة والبحث عن حل لها، نجد الأحكام العقلية لحل المشكلة مختلفة، فمثلا لو أن شخص سرق وأردنا علاجه بالعقل، لقال البعض يجب سجنه سنة وآخر يقول 3 سنوات وآخر عشرة سنوات، وآخر يرى قطع يده من الرسغ وآخر من الكوع وآخر يرى إطلاق النار عليه وهكذا، والسبب أن كل شخص حكم عليه بمنظور معين عن الجريمة وعن مدى تأثيرها على المجتمع وآخذًا بالاعتبار مصالحه الخاصة، وللعلم فان نفس الأشخاص لو عرضت عليهم المشكلة في مكان آخر أو زمان آخر لاختلفت حلولهم، وهكذا نرى عدم صلاحية المقياس العقلي للحكم على الأفعال، ولذلك فكلمات (أحسن وأفضل ورأيي) وغيرها من التبريرات العقلية لا تصلح للحكم على الأفعال.
والمقياس المصلحي لا يصلح للحكم على الأفعال، لان كل إنسان يرى المصلحة ما يستفيد منها هو لا ما يستفيد منها الآخر، فعلى سبيل المثال أهل العراق كانوا يرون في صدام حسين طاغية مجرم، بينما أهل فلسطين كانوا يرون به مساعدا لهم، فاختلف حكمهم عليه، وأيضا من يجلس على بساط السلطان يختلف عمن هو في سجن السلطان، فكلاهما له رأي مختلف في السلطان.
وإذا كان العقل بترجيحاته لا يصلح للحكم على الأفعال وكذلك النظرة المصلحية، وغيرها من المقاييس البشرية الكثيرة، فلم يبق أمامنا إلا مقياس آخر وهو المقياس الإلهي للحكم على الأفعال، وهذا المقياس الإلهي هو " الحلال والحرام" فنقدم على ما كان حلالا لان المصلحة فيه بعلم الله ، ونبتعد عن المعصية لان المضرة فيها بعلم الله، لأننا نؤمن أن الله هو العليم الخبير، فمقياسنا كمسلمين هو الحلال والحرام فما كان حلالا عملناه وما كان حراما اجتنبناه, والعقل هنا دوره "فهم" النصوص القرآنية ونصوص السنة المطهرة، لا أن يحكم هو على الأفعال، ومن خلال فهم النصوص نعرف الحلال والحرام، وهذا دور العقل لا يجوز تجاوز أبدا. ولذلك عند نقاش الناس يجب محاولة استدراجهم لمعرفة كيف يحكمون على الأفعال أولا، وان كانوا يحتكمون إلى الشرع فهل يستخدمون المقياس الشرعي بشكل صحيح أم بشكل معوج، فهناك بعض المسلمين يظن أن عقله له دخل في التشريع، أو أن هناك أمور يجوز استخدام العقل فيها، وهذا يجب إفهامه الصواب قبل نقاشه. وعندها نبدأ معرفة أينا على حق إذا اتفقنا على المقياس وبشكل صحيح، وبدون ذلك نبقى ندور في دائرة مغلقة أنا أقول له حلال وهو يقول لي أن هذا الأمر لا يدخل عقله، أو أقول له هذا محرم وهو يقول لي لكني أراه الحل الصحيح. ........................ ***************************** أما بالنسبة للنقطة الثالثة، فهناك الكثير من الناس يريدون الاحتكام إلى الشرع لكنهم لا يملكون الملكة لذلك، فتجده مثلا يفسر قوله تعالى: { لا إكراه في الدين} بان تطبيق الإسلام اختياري، أي لا يجوز إكراه الناس على النزول لأحكام الإسلام، أو يستدل بفعل شخص على انه حكم شرعي، أو لا يستطيع تمييز مناط الحكم، وهكذا من الجهل في عملية الاستدلال على أفعاله.
أما بالنسبة للاجتهاد فهذا لا يملكه أي إنسان، إلا من ملك القدرة على الاجتهاد، وهذا ليس موجودا إلا في العلماء، لكن يجوز نقل آراء العلماء وفهمها والاستدلال بها، فمثلا الكثير من حملة الدعوة على الانترنت ليسوا مجتهدين، ولكنهم ناقلين للعلم، فانا أو غيري نستدل على فرضية الخلافة بآراء العلماء وما هي الآيات والأحاديث التي استدلوا بها وكيف فهموها، وهذا أقوى بكثير من مجرد نقل رأي عالم دون معرفة ما استدل به على رأيه.
ولكن يحدث الكثير من التعليقات على الانترنت: 1- نقل الآراء باجتهاد شخصي وتحليل للآية من نفس الشخص الذي لا يملك أدنى فكرة عن الاجتهاد، كمن قال لا يجوز تطبيق الإسلام على النصارى محتجا بقوله تعالى :{ لا إكراه في الدين} مع أن الآية تتعلق بعدم إكراه غير المسلمين على ترك دينهم ليس إلا، وهذا محرم شرعا لان فيه جرأة على دين الله. 2- القول أن الكثير من العلماء قالوا بهذا الرأي، وهنا ينظر ما هو دليل هؤلاء العلماء على هذا القول، فلا تجد إجابة اللهم إلا أن هناك الكثير من العلماء قد قالوا بهذا الرأي، واليوم وبسبب انتشار علماء السلاطين بين المسلمين ذاعت هذه الفتاوى التي ما انزل الله بها من سلطان. 3- عدم فهم الواقع أو مناط الحكم تجعل الشخص يخلط بين الأحكام ، فالكثير من المسلمين اليوم يخلطون بين الجهاد وبين إقامة الدولة الإسلامية، فيعتبر أن الدولة لن تقوم إلا بالجهاد، وهذا قول خاطئ، لان الجهاد إنما هو لحمل الدعوة ونشر الإسلام وتحطيم ما يقف في وجه الدعوة وللدفاع عن بلاد الإسلام، وأما إقامة الدولة فطريقتها هي طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم في إقامة الدولة كما حدث في المدينة، أو مثل من يستدل بصلح الحديبية أو ما قام به صلاح الدين على عقد السلام مع يهود وهو تحت حرابهم. 4- الاستدلال بأدلة ضعيفة وليّ عنقها وتحميلها ما لا تحتمل وترك الأدلة القطعية من الكتاب والسنة، مثل من يستدل على جواز عدم تطبيق الإسلام وتأخيره واخذ بعضه وترك الآخر بحجج واهية، وينسى آيات الحكم القطعية في القران الكريم.
والخلاصة يجب معرفة الأدلة وتعلمها لإنزالها على الواقع ونقل آراء من نثق بعلمهم من العلماء، ومحاولة تعريف الشخص المقابل بهذه الطريق الشرعية، وإلا فإننا سنواجه جيشا من العلماء الجهلة الذين يصعب إقناعهم بوجهة نظرك.
فمعرفة أن الأفعال توزن بالحلال والحرام وان من نقل رأيا لا بد من معرفة دليله وكيف أتى هذا الدليل شيء مهم في فهم الأحكام على الأفعال. .................. ***************************** أما النقطة الرابعة وهي تحدث كثيرا أن يقتنع الشخص بعض نقاش أو بسبب موقف من المواقف انه على خطأ وهنا يأتي دور الشجاعة لإعلان الانضمام إلى الحق.
فالكثير من المجرمين هلكوا لأنهم عرفوا الحق ولم يتبعوه مثل فرعون وأبي جهل والوليد بن المغيرة عرفوا أن الرسول على حق ولم يتبعوه عنادا.
وأبو طالب رغم دعمه للرسول لكن لم ينفعه ذلك لأنه لم يؤمن بسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام.
وعمر الذي كان يقال عنه " لو اسلم حمار عمر لأسلم" لكنه اسلم منذ عرف الحق ولم يصر على ما هو عليه بل آمن بسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام والقصص كثيرة في من اتبع الحق بعد معرفته.
واليوم تجد الشخص يجادل في الخلافة وفي دعوة حزب التحرير سنينا ولكنه يعرف الحق بعد نقاش فتأخذه العزة بالإثم أن لا يتبع الحق، وقال بعضهم معاندا " لو أن إصبعي تحريري لقطعته" كناية عن الكره والحقد.
والأسباب التي تمنع من إتباع الحق كثيرة فقد يكون الحقد أو الحسد أو البغض أو مصلحة دنيوية أو جبن أو غيرها من الأسباب، وليعلم الشخص انه متى عرف الحق فقد لزمته الحجة أمام الله وسيكون مصيره مؤلما يوم القيامة إن لم يتب ويرجع إلى الصواب. ............... *************************** أما النقطة الخامسة وهي مسالة الحقد والحسد على جهة معينة تجعل كل تصرف لهذه الجهة سوداويا ولو كان بماء الذهب، فأن يعرف الشخص بعد فترة من الزمن أن الجهة التي كان يتهمها بأنها هي الحق وانه على باطل تحتاج شجاعة من هذا الشخص للانضمام إلى الحق. الشيطان سيسول له : أين عزة نفسك؟ وماذا سيقول عنك الناس؟ هل ضعفت أمامهم؟ هل لنت؟ سيقولون أنهم غلبوك؟ وهكذا من التعبيرات، فمن عرف الحق فليتبعه ولو على قطع الأعناق والأرزاق؟. **************************** أما النقطة السادسة وهي النتائج المترتبة على إتباع الحق كثيرة وكلها ليست عذرا أمام الله لترك الحق، ومنها: 1- معاداة الجهة التي كان معها، فتركه لها والذهاب إلى جهة أخرى سيجعل العداء يدب بينهم وبينه. 2- الطرد من العمل أو الشركة أو الوظيفة لإتباع الحق. 3- التعرض للسجن والملاحقة من الظالمين، وقد يتعرض للتعذيب والاستشهاد. 4- البدء من الصفر مع أهل الحق وخاصة إذا كان هذا الشخص ذا مكانة عند أهل الباطل. ...............
******************** أما النقطة السابعة هناك الكثير ممن يتعلمون للأسف لأجل العلم ليس إلا أو لأجل الوظيفة، وهذا أسوا شيء. فالأصل في العلم أن يكون لأجل العمل وليس للعلم والترف الفكري، والقول أنني اعرف أكثر هذا يثبت الحجة على الإنسان أكثر أمام الله: انك علمت فماذا عملت؟ مثال بسيط انك تجد دارس الشريعة يعرف الكثير من الأمور، فيقول دارس الشريعة مثلا: الخلافة فرض لكنه لا يعمل لها وهذه مصيبة قطع يد السارق فرض لكنه لا يعمل لإيجاد من يقطع يد السارق وهذه مصيبة.
وهكذا من علماء الشريعة ومن عامة الناس، فلقد كنت أثناء دروسي أقول للناس: الخلافة فرض ومن لم يعمل لها آثم وعليكم واجب العمل لها حتى تنجو أنفسكم من غضب الله. فيهزون رؤوسهم ليس إلا. والسبب أن الكفار استطاعوا بالثقافة الغربية الموجودة بيننا قتل فكرة العلم للعمل وإنما العلم للعلم أو الوظيفة ونجد موضوع الالتزام الشرعي ضعيف عند الناس وعند العلماء، ولذلك تجد حشو العقول أهم عندهم من قاعدة " تعلم لتعمل" وهذا ما يجب محاربته والعمل على القضاء عليه، وهذا يحتاج جهدا من حملة الدعوة.
********************* النقطة الثامنة أما مرضاة الله فهذه يعرفها الإنسان الذي يناقش وهي بينه وبين الله ولن يستطيع أن يكذب على الله، فان استطاع أن يقول لنا لم اقتنع وهو في داخله مقتنع فهذه بينه وبين الله. وعلى كل نحن نناقش لأجل إيصال الدعوة وليس علينا هدى الناس ولكن الله يهدي من يشاء، ومن كذب علينا وقال لم اقتنع فحسابه على ربه. ............... ************************ وأخيرا........الفترة التي يجب على الشخص قضاؤها في البحث عن الحقائق هي طول حياته، والسبب أن الجنة لأهل الحق فابحث دائما عن الحق.
وكم من إنسان مكث دهرا يظن نفسه على خير وهو مع أهل الشر سائر يحارب الله ورسوله.
فالتعب التعب يا عباد الله.
ومعلومة واحدة من شيخ ضال أو من محطة ضالة مضللة أو من كتاب حاقد لا تكفي لمعرفة الحق، فالبحث البحث عن الحق لان الجنة لأهل الحق، والفتن كثيرة هذه الأيام فأكثروا من التنقيب عن الحق.
وفي الختام أرجو أن يكون الموضوع قد كمل ووضح لمن أراد الحق ليس إلا. هذا أهم ما استطعنا جمعه، ولعل الموضوع كثيرة فروعه وبنوده، ومن بحث عن الحقيقية سيجد أن هذه الأمور هي القليل مما يلزم للبحث عن الحق، فإن أصبنا فبتوفيق من الله، إن أخطأنا فمن أنفسنا الأمارة بالسوء، ونسأل الله تعالى العفو والمغفرة، ومن إخواننا النصيحة. ................
****************************
|