أبى الرويبضات إلا الدخول في الخيانة كافة خيارات

[أم المعتصم]

بسم الله الرحمن الرحيم
أبى الرويبضات إلا الدخول في الخيانة كافة

تالله ما كان حكام الضرار فينا إلا زمن بؤسنا وضنك عيشنا، حُمِّلت فيه أماناتنا لخؤون فأُسندت شرَّ مُسند، يناقضوننا دنيانا وآخرتنا، ديننا ولغتنا وتاريخنا، ما كانت سياساتهم فينا إلا نقضا لقضايانا ومصالحنا، ما إن يأتي الواحد منهم بسياسة حتى تكون ألعن من أختها.

خبرناهم أنظمة ضاربة في الخيانة موغلة في العمالة، ما كانوا ليكونوا إلا خونة عملاء، ففي الرحم الملعونة لسايكس بيكو وإيفيان وإيكس ليبان تخلّقوا، وقذفنا الغرب بهم مسوخا مشوهة مجبولة على الخيانة، ترى في الغرب وسياساته مُنْجَزاً واجب الإنفاذ والتنفيذ، وفي قضايانا ومصالحنا أمراً واجب النقض والإبطال والإلغاء، يبغون للغرب الكافر ما لا يبغون لنا.

والذي زاد من قبح خيانتهم وإجرامهم فينا، هو إرهاصات قيامة الإسلام ونهضة أمته، ثم حالة التيه السياسي التي باتوا يتخبطون فيها وهم يعيشون خريف عمرهم المشؤوم وينازعون فناءهم المحتوم، فدفع بهم الغرب الكافر إلى آخر خنادقه في حربه على الإسلام وأهله وتدنيس مقدساته.

وهكذا اجتهد أوباش الرويبضات في اعتناق الخيانة دينا، حتى باتوا جمعا لا يحصى من أبي رغال، لسان حالهم ادخلوا في الخيانة كافة ولا تحيدوا عن صراط الغرب الكافر إنه لكم ولي حميم، فمتى هلك هلكتم ومتى خاب خبتم. وهكذا هم خناجر مسمومة، وقنابل محشوة كفرا وغدرا، لقد ربَّاهم الغرب الكافر في مَدَاجِنِه ونشَّأهم في حَظَائره وأنفذهم فينا لإنفاذ سياساته.

وما كان تهافتهم وسرعتهم في يهود وكيانهم المسخ إلا من تلك السياسات وضمن آخر معارك الغرب الكافر الحضارية مع الإسلام وأهله. فالغرب الكافر عن طريق يهود يغتصب أقصانا وأرض إسراء ومعراج رسولنا ﷺ ويدنس مقدساتنا، ويضع خنجرا مسموما في قلب ذواتنا لمنع وحدتنا، وجرثومة سَدّاً لمنع تواصلنا الحضاري، وهَمّاً يشغلنا عن قضيتنا المصيرية.

فبعد رويبضات الإمارات والبحرين والسودان ومن قبلهم مصر والأردن ها هو رويبضة المغرب يقتفي قبيح أثرهم وشنيع خيانتهم ويُخرج ما كان في الأقبية الخلفية من علاقات مع كيان يهود إلى العلن. لقد كانت علاقة هذا النظام بكيان يهود منذ نشأته زمن الاستعمار الفرنسي للمغرب، وبعده في ستينات القرن الماضي ما بين 1961 و1964 يَسَّرَ هذا النظام لعصابات اليهود وجواسيسهم تهجير 97 ألفاً من اليهود المقيمين بالمغرب صوب فلسطين، وتلقى ثمن خيانته نصف مليون دولار كدفعة أولى، ثم يسر لعملاء الموساد التجسس على قمة دويلات الضرار التي انعقدت بالدار البيضاء عام 1965، ثم تلا وتلا...

فعلاقة هذا النظام بكيان يهود عادة طادية، فقد كان نشِطاً في تيسير اللقاءات بين حاكم مصر السادات ويهود والتي انتهت باتفاقية كامب ديفيد المشؤومة سنة 1978، ثم في سنة 1986 استقبل رئيس وزراء كيان يهود شمعون بيريز بالعاصمة الرباط بالمغرب، وفي أيلول/سبتمبر 1994 خطا هذا النظام في طريق خيانته خطوة متقدمة ففتح مكاتب لكيان يهود بالمغرب، ثم كانت زيارة وزير خارجية كيان يهود سليفان شالوم سنة 2003، وكذلك زيارة وفد من كنيست يهود للمغرب سنة 2012، ثم أعقب وأعقب...

وعليه فما يجري اليوم من إعلان صريح عن ترسيم العلاقات مع كيان يهود، ما كان إلا خيانة من تلك الشنشنة التي عرفناها من أخزم، وعرق خيانة من ذلك الأصل. فما كان بالأمس خيانة في السر أصبح اليوم جهراً معلناً، وما كان بالأمس علاقات تدار في الأقبية الخلفية أصبح اليوم علاقات رسمية، وما كان بالأمس مكاتب اتصال أصبح اليوم سفارة وقنصليات وأجهزة رسمية.

وبعد إعلان هذا النظام لشنيع خيانته وسعيا منه لطمس قبحها وإخفاء شناعتها، علا صوت إعلامه المأجور وتصريحات وزير خارجيته تغنياً بتغريدات رئيس أمريكا ترامب المنتهية ولايته "عن تطبيع العلاقات بين المغرب وكيان يهود، ومن أن مقترح الحكم الذاتي الموسع هو الأساس الوحيد لحل عادل ودائم لقضية الصحراء، وعن عزمه إصدار مرسوم لفتح قنصلية لأمريكا هناك".

فكان النظام في تبريره للخيانة أقبح وأشنع خيانة من الخيانة نفسها، أي قايضنا غصب أقصاكم معشر المسلمين والأرض المباركة أرض الإسراء والمعراج باعتراف مزعوم من رأس الكفر أمريكا بمغربية أقاليمنا الصحراوية.

أما عن اعترافه المزعوم والذي ما كان إلا إعلانا، والذي يسعى به إخفاء سوأة خيانته، فهو بين أمرين كلاهما شر، فقرار ترامب الذي لم يبق إلا أسابيع على انتهاء ولايته، لا يفهم إلا في سياق الانقسام الحاد بين الجمهوريين والديمقراطيين ورأسماليي الطرفين أصحاب التأثير الفعلي في السياسات الأمريكية، ولما كانت شركات النفط والغاز والتنقيب الأمريكية هي الوعاء المالي لحملة ترامب الانتخابية، فكانت رؤيتهم الاستراتيجية بعد خسارة رهانهم الاستفادة من إدارة ترامب حتى آخر نفس لها، فهم يسابقون الزمن لوضع ملفاتهم الحارقة على مكتب الرئيس الديمقراطي بايدن لتصبح جزءا من سياساته. ومتى عُلِم أن الصحراء المغربية في ضخامتها تمتد على مساحة 266 ألف كيلومتر مربع، غنية بالفوسفات وحقول الغاز والنفط والمناجم النادرة فالقرار الأمريكي هو قرار لفتح المنطقة أمام شركات النفط والغاز والتنقيب الأمريكية لوضع يدها على ثروات المنطقة وما القنصلية هناك إلا لإدارة مصالح أمريكا وشركاتها.

أي بعد أن كان المشكل مع ذنب من أذناب أمريكا (البوليساريو)، ها هي أمريكا ستحل بقضها وقضيضها بالمنطقة تحت مسمى التنمية والاستثمار، ثم بعدها ذلك الحكم الذاتي الموسع المشؤوم الذي ما كان إلا باباً مُشْرَعاً للانفصال، فوا حرّ مصيبتنا بغباء رويبضاتنا، فما كفاه شنيع خيانته لله ورسوله والمؤمنين في أرض الإسراء والمعراج حتى زادها أن ساق الخراب لأهل المغرب واستحل أرضهم لرأس الكفر أمريكا.

أو أن يكون عمر الإعلان بعمر الأسابيع الباقية من ولاية ترامب، كما أن هذا الإعلان الرئاسي لا يرقى إلى مستوى معاهدة ولا حتى صيغة قانونية ملزمة يقرها مجلس الشيوخ في الكونغرس، أي هذا الإعلان يسهل إلغاؤه، فمتى قرر بايدن خلافه أصبح لاغيا، ويستمر الخؤون في عراء خيانته.

معشر المسلمين هذا حالكم زمن الرويبضات اللئام تتقاذفكم خياناتهم من واد سحيق إلى أسحق منه، والله ما كانوا فيكم إلا شرا محضا، ويكأن فيهم يتلى قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ﴾.

معشر المسلمين: أما آن لكم أن تبرأوا إلى الله من خيانتهم وأن تنفضوا عنكم غبار المهانة وتنزعوا عنكم لباس الذل وتكسروا أغلال القهر؟! ولن يكون ذلك إلا إذا اتخذتم من تحكيم شرع ربكم قضية مصيرية لكم، ولن يكون ذلك إلا بانتزاع سلطانكم المغصوب من هكذا رويبضات وبيعة إمام راشد على كتاب الله وسنة نبيه ﷺ يعمل فيكم بسيرة الراشدين رضي الله عنهم، ينفذ فيكم شرع ربكم فترد لكم حقوقكم وتحمى بيضتكم وتعز أنفسكم ويهاب جانبكم ويذل عدوكم وتستحقون شرف تكريمكم ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ﴾.

فلنور الله ندعوكم فاستجيبوا وأجيبوا فذاك خلاصكم.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
مناجي محمد