منتدى الناقد الإعلامي

السلام عليكم , للمشاركة اختر ( دخول | تسجيل )



ملتيميديا

مقتطفات فيديو من انتاج الشبكة

 
Reply to this topicStart new topic
> نص الكلمة التي ألقاها د.ياسر صابر في مؤتمر حزب التحرير - ولاية مصر, طريق نهضة الأمة .. خلافة على منهاج النبوة
أم حنين
المشاركة Jul 12 2012, 09:42 AM
مشاركة #1


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الإداريين
المشاركات: 5,578
التسجيل: 22-September 11
رقم العضوية: 35



السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ،،

ألقى د. ياسر صابر كلمة تاريخية ومستنيرة، ترتبط بحياة المسلمين وواقعهم، فالكلمة تركز على النهضة على أساس العقيدة الإسلامية ويتطرق إلى أنظمة المجتمع في الإسلام ويطرح مقارنة بين نظام الإسلام المتكامل الذي فيه سعادة وهناء البشرية ونهضتها النهضة الفكرية الصحيحة، وبين النظام الرأسمالي السائد في العالم اليوم ويفضح عوار عقيدته العلمانية القائمة على فصل الدين عن الحياة و عن الدولة والذي أدى إلى شقاء البشر و ضنك المعيشة وإنحطاط الأوضاع بالرغم من النهضة التكنولوجية المادية الظاهرة للناس بينما تعيش دول الغرب الكافر حياة إنحطاط فكري وأخلاقي واضح تعمل وسائل اللإعلام بمختلف أشكالها على تجميل وجهها القبيح و لا زالت تُعتم تعتيما شديدا على نظام الإسلام النقي الذي أقامته الدولة الإسلامية وطبقته وعاشت البشرية عصرا ذهبيا ليس له مثيل في التاريخ.

إليكم نص الكلمة :


طريق نهضة الأمة .. خلافة على منهاج النبوة

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ، سيدنا محمد عليه الصلاة وأتم التسليم ، نزل عليه الوحى الأمين ، فنهض بأمته على أساس متين وأقام حضارة فريدة لم يشهد لها العالم من قبل مثيل

أما بعد

الأخوة والأخوات ، الحضور الكرام أحييكم بتحية الإسلام فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إن العملَ لإنهاضِ الأمةِ يتطلبُ منا أولاً الوقوفَ على حقيقة النهضة ماهى ، وماهى مقوماتُها وكيف تتحقق وهل هناك فرقٌ بين النهضات ؟ لأن من يتصورَ النهضةَ هى التقدمُ العلمى وإنتاجُ العلماءِ ، أو أنها الإبداعُ فى إنتاجِ وسائلِ الإشباع التى يحتاجها الإنسان ، أو فى زيادةِ الثروة وعلاجِ الفقر ، أو التغلبُ على الأمراض ، من يتصور أن هذه هى النهضة ، فسوف يُضَّيعُ عمرَه دون إدراكِها . فهاهى بلادُ المسلمين تتركز فيها أربعةُ أخماسِ الثروةِ فى العالم ، وقد أخرجت من العلماءِ وحاملى الشهاداتِ ماأغرقَ بلادَ الغربِ ، ووصلَ الأمرُ ببعضِ بلدانِنِا أن شواطَئها أصبحت مكيفة الهواء ، وقصورُها بُنيت تحت الماء ، وأبراجُها تناطحُ السحاب ، ومع ذلك مازالت هذه البلاد غارقةً فى التخلفِ والإنحطاط .

لذلك نقول أن التقدم المادى ليس سبباً للنهضة ، إنما أساس النهضة هو الإرتفاع الفكرى الذى يبلور للإنسان وجهة نظره فى الحياة ، ولايمكن أن تحدث نهضة فى أى مجتمع إلا بوجود فكرة كلية عن الكون والإنسان والحياة تجيب للإنسان عن كل تساؤلاته التى تتعلق بوجوده فيها والغاية منها ، أى وجود عقيدة لديه ، وبوجود نظام شامل ينبثق عن هذه العقيدة ينظم للإنسان حياته فى كل جزئياتها بناءاً على هذه العقيدة ، أو بكلمات أخرى وجود المبدأ هو سبب وجود النهضة . أما مايتعلق بالتقدم المادى والأخذ بأسباب الحياة فهو نتيجة طبيعية للنهضة ، لأن أى أمة ناهضة تسعى لتسخير مادة الكون وأشكالها المختلفة للأخذ بأسباب القوة التى تجعلها قادرة على تطبيق مبدئها والحفاظ عليه وحمله لغيرها من الأمم والشعوب. وعلى هذا الأساس وجدت نهضة على أنقاض روسيا القيصرية بعد بلورة الإشتراكية كمبدأ وحملها الإتحاد السوفيتى كدولة ، وفى أوروبا الغربية وجدت نهضة بعد صياغة الرأسمالية أيضاً كمبدأ صار عليها الغرب بعد عصوره المظلمة إلى يومنا هذا ، وفى كلتا الحالتين لاينكر أحد أن الإتحاد السوفيتى وأوروبا الغربية قد إنتقلتا من مرحلة الإنحطاط إلى مرحلة النهضة بعد صياغة مبدئيهما .
فهل هناك فرق بين النهضات ، وهل هناك نهضة صحيحة وأخرى خاطئة ؟


إذا كان المبدأ هو سبب النهضة ، فإن المبدأ الصحيح يؤدى حتماً إلى النهضة الصحيحة والمبدأ الصحيح هو ذلك المبدأ الذى يستند إلى عقيدة صحيحة تقنع العقل وتتفق مع فطرة الإنسان التى خلق عليها وبالتالى تملأ قلبه طمأنينة وتمنحه السعادة الحقيقية وليست تلك السعادة المتوهمة. وبما أن الكون والإنسان والحياة حقيقة موجودة لذلك لايتصور أن تكون هناك أجوبة مختلفة عنها سوى جواب واحد الذى يفسرها وهذا الجواب قد أتى به الوحى ، لذلك لايمكن وجود أكثر من نهضة صحيحة سوى التى أوجدها الإسلام بينما النهضات الخاطئة يمكن أن تتعدد كتلك التى أوجدتها الإشتراكية أو التى أتت بها الرأسمالية ، فالأولى أنكرت وجود الخالق بينما الثانية أنكرت دوره فى حياتنا أما الإسلام فقد أتى بعقيدة أجابت للإنسان عن تساؤلاته بما يخص الكون والإنسان والحياة فقالت أن الكون والإنسان والحياة مخلوقة لخالق وأن الحياة فى الدنيا ليست أزلية وأعطت جواباً بما يتعلق بالغاية منها حين أقرت بأن الله خلق الإنسان من أجل عبادته " وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ" الذاريات 56 ، وأن الموت يتبعه حساب يفضى إما إلى الجنة وإما إلى النار وهذه هى حياة الخلود ولذلك فالسعادة الحقيقية التى يبحث المسلم عنها فى الدنيا هى نوال رضوان الله ، وبناءاً على هذه العقيدة إنبثقت أنظمة حياة شاملة تنظم الحكم والإقتصاد والعقوبات والسياسة الخارجية وغيرها ، كانت كلها وحياً من عند الله خالق الإنسان والكون والحياة ويظهر فى كل تفصيلاتها إنبثاقها عن هذه العقيدة ، لهذا فالإسلام هو المبدأ الوحيد الذى أوجد نهضة صحيحة إستمرت أربعة عشر قرناً من الزمن وقد إنتشر الإسلام إنتشاراً سريعاً لأنه إمتلك العقول والقلوب بعقيدته التى يقبل عليها أى إنسان ، وأنظمة حياته التى تتفق مع فطرة الإنسان التى فطره الله عليها " فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ" الروم 30 .

إن إلقاء نظرة على أنظمة الحياة التى إنبثقت عن عقيدة فصل الدين عن الحياة التى بنى عليها المبدأ الرأسمالى ومقارنتها بالإسلام تظهر لنا بوضوح الفرق بين النهضة الصحيحة والنهضة الخاطئة .

على مستوى الحكم :

لقد تشدق الغرب بديمقراطيته ، وإعتبرها أرقى نظام للحكم عرفته البشرية بحجة أنه يجعل السيادة للشعب ، فالشعب هو الذى يحكم نفسه بنفسه وهو الذى يضع قوانينه من عقله . إلا أن الواقع الذى عاشه الغرب أثبت بما لايدع مجالاً للشك أن هذه الفكرة خيالية ، وأن الذى يحكم فى حقيقة الأمر هم أصحاب رؤوس الأموال ، والذى يشارك فى وضع القوانين ليس الشعب بل بضعة أفراد يخول إليهم مسألة التشريع حتى يضعوا مقاييساً للناس ويحددوا لهم مايجوز ومالايجوز أن يفعلوه ، وهذا نوع أخر من الإستعباد نقل الغرب من الإستعباد الذى مارسه رجال الدين والإقطاعيون فى العصور الوسطى إلى إستعباد البرلمان فى العصر الحديث. وبشهادة الغرب نفسه فإن الديمقراطية لم تعد صالحة للحكم وأصبح مصطلح عدم القدرة على الحكم "ungovernability" متداولاً بين المفكرين وأهل السياسة الغربيين منذ مايزيد عن 50 عاماً ، وأصبح البحث عن بديل للديمقراطية هو الشغل الشاغل للمفكرين حتى أنهم أطلقوا الأن مصطلحاً جديداً أسموه مابعد الديمقراطية " Postdemocracy" يقوم على بحث الوسائل التى تمكن الشعب من المشاركة الفعلية فى إتخاذ القرار ، ولكن هذا أيضاً لم يحل لهم مشاكلهم لأن مشكلة الديمقراطية ومابعدها ليست المشاركة فى إتخاذ القرار بل فى القرار نفسه.

أما نظام الخلافة الذى يقوم على أساس أن السيادة للشرع والتى تعنى أنه لايجوز لأحد أن يشرع سوى الخالق فإرادة الأفراد والأمة يتم تسييرها حسب الشرع ، حسب أوامر الله ونواهيه " فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا " النساء 65 ، وهنا تكمن قوة الإسلام فى نظام حكمه فالجميع يتساوى أمام المشرع وبذلك ينتهى إستعباد البشر لبعضهم البعض . وحين يأتى التشريع من خالق الإنسان ، يكون متكاملاً ، ولايخضع لعامل الزمان والمكان " أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ " الملك 14 . ولأن السيادة للشرع فيستوى بذلك الجميع أمام المشرع حكاماً ومحكومين ويحرص الجميع على الإلتزام بالقانون عن رغبة صادقة لأن الإلتزام به يكون عبادة يُتقرب بها إلى الله ويُبتغى بها رضوانه .
ولأن المحاسبة فرض على الأمة تمارسها ممارسة حقيقية فلايستطيع الحاكم أن يسىء إستغلال السلطان الممنوح له من الأمة وشتان الفارق بين المحاسبة فى الإسلام والمعارضة فى الديمقراطية فالأولى تعلقت بفرض يجب على الأمة أن تمارسه ، والثانية تعلقت بحرية رأى يمكن للناس أن يمارسوها أو لايمارسوها وحتى إذا مارسوها فليست ضمانة أن يلتزم الحكام فى النظام الديمقراطى بها ، وتدخل الغرب فى العراق على عكس رغبة شعوبه مثال واضح على ذلك.

لهذا فالخلافة نظام حكم متميز قادر على إيجاد حلول لأى مشاكل تستجد فى المجتمع نظراً لكمال التشريع الإسلامى وصلاحيته لكل زمان ومكان ، وبأن هذه الحلول هى التى ستطبق لأنها أحكام شرعية وجب على الأمة أن تحاسب الحاكم على تطبيقها ، وهذا مايمنح نظام الحكم فى الإسلام القدرة على الحكم إلى أن تقوم الساعة دون أزمات ، بعكس الديمقراطية التى فشلت فى ذلك فشلاً ذريعاً لدرجة أن الشعوب الغربية ثارت الأن عليها وأطلقت عليها ديمقراطية الواحد بالمائة.

وعلى مستوى الإقتصاد :

إن الأزمات الإقتصادية التى عصفت ومازالت تعصف بالغرب والتى ليست وليدة اليوم بل يمتد عمرها إلى قرابة المائة عام ، لم تكن إلا بسبب عجزهم عن تدبير شؤون المال بالشكل الذى يشبع حاجات الإنسان بالطريقة التى تتفق مع طبيعته ، فنجدهم قد فشلوا فى تحديد المشكلة الإقتصادية وإعتبروها هى فقر الدول ، وعجزوا عن فهم طبيعة الإنسان وبالتالى لم يستطيعوا التفريق بين حاجاته الأساسية وحاجاته الكمالية ، وجعلوا التملك حرية ليس لها ضابط يضبطها بسبب جهلهم بطبيعة المال الذى يُتملك ، وجعلوا الربا العمود الفقرى لنظامهم الإقتصادى فأفسد عليهم المال وقيمته ، فعمدوا إلى النظام النقدى وقضوا عليه فتفاقمت مشاكلهم وفى كل مرة يحاولون لملمة مصائبهم إلا أن خروقاتهم إتسعت على راقعهم ، حتى إنقلب النظام على نفسه وأصبحنا نرى دولاً رأسمالية تتبع سياسة التأميم مما يعد إنقلاباً على مبدئهم ، ويكفى تدليلاً على فساد هذا النظام الرأسمالى ماقاله أحد أبنائه وهو روجر تيري في كتابه المعنون بـ "جنون الاقتصاد": (إن المشكلة لا تكمن في كيفية تطبيق نظامنا الاقتصادي، فنظامنا الاقتصادي بعينه هو المشكلة. إن الخطأ هو في التركيبة الأساسية لنظامنا الاقتصادي، ولن تكون الحلول الجزئية وتضميد النتائج حلاًّ يذهب بالمشاكل، إذا أردنا الوصول إلى مُثُلِنا فيجب اقتلاع المشاكل من جذورها لا بقصقصة بعض الأوراق، وعلينا أن نحاكم الأسس والافتراضات كلَّها التي تسيِّر نظامنا وكشفها كما هي على حقيقتها ).

أما الإسلام فقد حدد المشكلة الإقتصادية بأنها فقر الأفراد وليست فقر الدول وعمد إلى حلها حلاً صحيحاً ، ففرق بين النظام الإقتصادى وعلم الإقتصاد ، وبالتالى إعتبر أن حل المشكلة الإقتصادية التى هى فقر الأفراد لايكون بزيادة الناتج القومى بل يكون فى المعالجات التى تضمن توزيع الثروة بتمكين كل فرد فى المجتمع من إشباع حاجاته الأساسية . أما الربا الذى يدمر الإقتصاد فقد حرمه الإسلام تحريماً صارماً وتوعد من يأكله بحرب من الله ورسوله. والملكيات قد فرق الإسلام بينها حسب حالة المال الذى يُتملك ، فنجد فى الإسلام الملكية الفردية والملكية العامة وملكية الدولة ، وهذا التفريق قد صان المجتمع من أن يتعدى أحد على حقوق الجماعة ، وقد أعطى الدولة القدرة أن ترعى شؤون الناس دون الحاجة إلى فرض ضرائب عليهم ، أما النقد فقد أوجب الإسلام أن يكون ذهباً وفضة وبالتالى يكون المال المتداول مالاً حقيقياً وليس مالاً مخلوقاً كما نرى الأن فى الإقتصاد الرأسمالى الذى يشبه بيت العنكبوت. وليس غريباً تلك النداءات التى صدرت فى الغرب مؤخراً بضرورة تبنى النظام الإقتصادى فى الإسلام لحل مشاكلهم.

أما نظامهم الإجتماعى :

فيظهر بجلاء تأثير عقيدة فصل الدين عن الدولة على نظرة المجتمع الغربى للعلاقة بين الرجل والمرأة ، وبأنها نظرة قائمة على أساس الذكورة والأنوثة ، ومسلطة على اللذة والتمتع ، لذلك نجد المجتمع هناك ينحى منحىً غريباً أبعده عن الغاية التى وجد من أجلها التنوع بين الذكر والأنثى ، ونجد المجتمعات الغربية يغلب عليها شقاء مابعده شقاء ، وهاهى مجتمعاتهم قد إنقرضت أو شارفت على الإنقراض بسبب نظرتهم الخاطئة إلى العلاقة بين الرجل والمرأة .
ومن شقائهم أنهم لم يجدوا سعادتهم فيما ظنوه طريقاً للسعادة ، فهبطوا إلى مستوى تأبى البهائم أن تهبط إليه ، حيث أصبح الرجل فى الغرب يتزوج الرجل والمرأة تتزوج المرأة ، فأنحرفوا بالنفس البشرية إلى طريق بعيد كل البعد عن فطرتها وهذا مظهر طبيعى من مظاهر النهضة الخاطئة . . وبالرغم من رفاهية العيش التى يتمتعون بها إلا أن أمراضهم النفسية تتفاقم بشكل مطرد حتى أن 165 مليون من سكان الإتحاد الأوروبى يعانون من أمراض نفسية حسب أرقامهم .

أما الإسلام الذى هو وحى من رب العالمين فقد محى من النفوس تسلط فكرة الإجتماع الجنسى ، وأبقى على صلات التعاون بن الرجل والمرأة ، وبذلك جعل الإجتماع بينهما فيه مصلحة الجماعة لأنه يسيطر عليها تقوى الله لاحب التمتع والشهوات ، ولم ينكر الإسلام على الإنسان حقه فى التمتع بل جعله تمتعاً مشروعاً محققاً بقاء النوع بعلاقة شرعية تحقق المثل العليا عند المسلم وهى رضاء الله " وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" الروم 21

أما مايتعلق بتوحيد الشعوب وصهرهم فى بوتقة واحدة فنجد أن العقيدة الغربية التى مقياسها فى الحياة المصلحة قد فشلت فشلاً ذريعاً فى توحيد شعوبها تحت راية واحدة ، ومايحدث الأن فى الإتحاد الأوروبى لأكبر دليل على ذلك فالذى يهدد وحدتهم هى عقيدتهم التى جعلت مصالح الدول الفردية تتغلب على مصلحة الجماعة فكان سقوطهم مبرمج فى فكرهم. فى حين يبقى الإسلام هو الوحيد الذى صهر الناس من جميع الأعراق والقوميات بعقيدته التى يُقبل عليها العقل البشرى مُسَلماً ومنقاداً لها . وفيما يتعلق بالتعامل مع الأخر فإن الحضارة الغربية لم تستطع إلى الأن إستيعاب من يعيش فى كنفها من غير معتنقيها ، لأن أفكارها التى فى حقيقتها ردة فعل على الواقع شكلت نظرة خاصة ولم تستطع أن تخرج إلى العالمية لتكسب إليها شعوباً أخرى وبقيت خاصة فى أفكارها وأساسها ، وكل مافعله الغرب مع غيره من الشعوب كان بقوة السلاح وإستعمارها ولم يستطع أن يُخضع أى شعب مسلم لأفكاره ، بل بعد مئات السنين من الصراع الدموى يخرج الغرب الأن من بلادنا يجر أذيال الهزيمة والخيبة ، ويكفى الغرب عاراً وخزياً أن قوانينه التى تقدس الحرية قد ضاقت ذرعاً بحجاب المرأة المسلمة فى عقر داره .

أما إسلامنا العظيم فهو الوحيد الذى صهر الشعوب من مختلف القوميات والأعراق والألوان فهو الذى جمع بلال الحبشى وعمر القرشى وسلمان الفارسى ، وهو الذى إنتشر بسرعة فائقة وأقبلت عليه الناس لتدخل فيه أفواجاً ،ومازالت الشعوب المسلمة تشعر إلى يومنا هذا بأنها وحدة واحدة ولم يفصل بينها إلا الحدود السياسية التى وضعها الغرب بأيدى عملائه من الحكام ، وقد سطعت حضارة الإسلام على أوروبا لمدة 800 عاماً ، وعاش فى ظلها المسلم والنصرانى واليهودى وماسجل التاريخ أن الدولة الإسلامية عانت من مشكلة أقليات ، لأن عالمية الإسلام قد أتت من حقيقة أنه وحى من الله ، ففتح العقول وإطمأنت إليه القلوب ، ولأنه تشريع رب العالمين فقد إشتمل على كل التشريعات المتعلقة برعايا الدولة من غير المسلمين ، فتمتع فى ظله غير المسلمين بالعدل والمساواة فى رعاية شؤونهم .

هذه مقارنة سريعة للنهضة الخاطئة التى تستند على فكر الإنسان المحدود مقابل النهضة الصحية التى أتى بها الإسلام لأنه وحى من خالق الإنسان .

"أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ تَقْوَىٰ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" التوبة 109

إن المشاكل التى أُغرقت فيها الأمة فى المائة عام الأخيرة لاتعدو عن كونها مشاكل مصطنعة أراد أعداؤنا أن ننشغل بها عن هدفنا الحقيقى ، أى عن التغيير الذى يعيدنا من جديد خير أمة أخرجت للناس ، لذلك لايجوز أن تكون رؤيتنا للنهضة بمثابة ردة فعل على هذا الواقع السىء .
فمن يتصور أنه قادر على إنهاض الأمة بحل هذه المشاكل فهو خاطىء لأنه بذلك يعمل على معالجة الأعراض وترك الداء ، فكيف يتصور أحد أنه قادر على إنهاض الأمة مع بقائها جزء من النظام العالمى الذى هو سبب الداء وأس البلاء ؟ إن إبقاء الأمة رهينة لهذا النظام العالمى الجائر ماهو إلا إنتحار سياسى يكرس إنحطاط الأمة ولاينهضها ، لذلك فإن أى محاولة لإنهاض الأمة فى ظل هذا النظام الدولى فاشلة لامحالة.


إننا ونحن نعيش اليوم فى عالم التكتلات السياسية ، لايوجد أى مستقبل لدولة قطرية لأنها ستصبح فريسة سهلة للدول الكبرى ، لهذا نحن بحاجة إلى مشروع للنهضة يولد عملاقاً من أول يوم ، والطريق الوحيد لذلك هو الإسلام والنهضة على أساسه لأن الإسلام هو عقيدة الأمة ووجهة نظرها فى الحياة ، لذلك علينا إعادة الربط بين سلوك الأمة وعقيدتها ، حتى يكون الإسلام هو المتحكم فى حياة الفرد والمجتمع والدولة بوصفه مبدأ وبإعتباره سبب النهضة .

إن الطريقة الشرعية لتطبيق الإسلام هى إيجاد الدولة التى تطبقه ، الدولة التى أقامها المصطفى صلوات الله وسلامه عليه فى المدينة ، والتى إستمر فى قيادتها الخلفاء من بعده ، دولة الخلافة الإسلامية ، التى لايعرف الإسلام غيرها والتى نظمت شؤون الأمة طيلة 13 قرناً من الزمن ، أخذت فيها الأمة الإسلامية صدارة العالم .
إن حكم العمل لإيجاد هذه الدولة ليس فقط فريضة شرعية بل حتمية عقليه لايوجد أمام الأمة طريق غيرها ، ودولة الخلافة التى أمرنا الشرع بإقامتها ليست دولة قطرية تتحوصل فى حدود سايكس بيكو ، وليست جزءاً من النظام العالمى الذى لم يوجد أساساً إلا لمحاربة الإسلام والقضاء على دولته ، بل هى دولة متميزة تقوم على أساس الإسلام كما أقامها رسول الله فى المدينة ، وتنبثق كل أنظمتها عن العقيدة الإسلامية ، تكون السيادة فيها للشرع وليس للشعب ، والسلطان فيها للأمة فهى صاحبة الحق فى إختيار حاكمها الذى يحكمها بماأنزل الله ، فتولد من يومها اليوم دولة قوية تستطيع أن تُسخر كل ثروات الأمة التى حباها الله بها ، وتستطيع أن تكون صاحبة رسالة تحملها للعالم ، لأن تطبيق الإسلام كما نزل به الوحى هو القادر على حل مشاكل البشر ، وهنا تكمن قوة الدولة فى الإسلام فهى ليست دولة عاجزة تقع من يومها الأول رهينة المؤسسات الدولية أو المؤامرات الخارجية ، بل دولة قادرة على أن تدير الصراع مع أعدائها بقوة وتحسمه لصالحها فى أقصر وقت ممكن ، دولة يخاطب رئيسها الملوك والأمراء فترتعد فرائسهم ، كما كان حكام المسلمين دائماً وقت كانت الأمة عزيزة .


إن دولة الخلافة الإسلامية التى نعمل مع الأمة لإقامتها هى التى وعدنا بها ربنا وبشرنا بها نبينا حيث قال " ثم تكون خلافة على منهاج النبوة " فهى دولة تحقق نهضة على أساس الوحى وهذا مايجعلها على منهاج النبوة ، هذه الدولة لابد أن يكون لها نقطة إرتكاز تقوم فيها ثم تباشر ضم كل بلاد المسلمين تحت لوائها بإزالة الحدود التى صنعها الكافر المستعمر .


وإننا نتسابق مع إخوتنا فى أنحاء المعمورة إلى هذا الشرف لتكون مصر كنانة الله فى أرضه هى عقر دار الإسلام لترفرف عليها راية الإسلام من جديد ، فمن للخلافة أولى من مصر لما حباها الله بها ، فمصر هى قلب العالم الإسلامى ، ومنها خرجت الجيوش محررة ، وقد آن الأوان لتعود لها عزتها من جديد بالإسلام .
إننا ندعوكم جميعأً أن تنالوا هذا الشرف لتكونوا من العاملين لإنهاض الأمة وإنهاض البشرية نهضة صحيحة وإخراجها من ظلم الرأسمالية إلى عدل الإسلام ومن ضيق الإحتكام إلى العقل إلى نور الإحتكام إلى شرع الإسلام ، فيعزكم الله فى الدنيا ويجمعكم فى الأخرة على حوض نبيكم .

د. ياسر صابر

++++++++++++++++
تسجيل مرئي لكلمات المؤتمر

مؤتمر الخلافة الاسلامية بنقابة الصحفيين الجزء العاشر


مؤتمر الخلافة الاسلامية بنقابة الصحفيين ج الحادي عشر


مؤتمر الخلافة الاسلامية بنقابة الصحفيين ج الثاني عشر
Go to the top of the page
 
+Quote Post

Reply to this topicStart new topic
1 عدد القراء الحاليين لهذا الموضوع (1 الزوار 0 المتخفين)
0 الأعضاء:

 

RSS نسخة خفيفة الوقت الآن: 5th November 2024 - 12:27 PM