منتدى الناقد الإعلامي

السلام عليكم , للمشاركة اختر ( دخول | تسجيل )



ملتيميديا

مقتطفات فيديو من انتاج الشبكة

 
Reply to this topicStart new topic
> الأمة الإسلامية أمة عابرة للقارات
الخلافة خلاصنا
المشاركة May 9 2016, 04:56 PM
مشاركة #1


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 4,312
التسجيل: 8-July 15
البلد: فلسطين
رقم العضوية: 2,314



خطبة جمعة ألقيت قبل ست سنوات تقريبا


الأمة الإسلامية أمة عابرة للقارات


(الخطبة الأولى) أيها الناس: ينهمك خبراء الجغرافيا السياسية في العالم في مسألة الحدود العالمية جغرافيا وسياسيا، فيقولون إن العالم ينقسم إلى أربع أو خمس أو ست أو سبع قارات تبعا للانتشار البري والمائي على كوكبنا، ويرصدون المرتفعات الجبلية الشاهقة والمنخفضات السحيقة وحفر الانهدام، والتباعدات المائية والصحراوية فيجعلونها علامات فاصلة بين القارات. وبعد أن استقر لديهم تعريف القارة بأنها أرض يغلب عليها الانبساط وترتفع عما حولها من أرض، أو هي الأرض اليابسة الواسعة التي تزيد على الجزيرة، غير أن العتبة التي تعد عندها اليابسة قارة أو جزيرة كبيرة هي أمر خلافي بين فقهاء الجغرافيا ودارسي علوم الأرض. واستقر عندهم الرأي كذلك على تقسيم العالم إلى قارات أطلقوا عليها آسيا وأفريقيا وأوروبا وأميركا وأقيانوسيا، إلا أن رأيهم هذا لم يستقر على المناطق التي ألحقت بإحدى القارات بحكم موقعها الجغرافي المحير أو السياسي المتنازع عليه، فقالوا عنها مناطق عابرة للقارات مثل فرنسا وإسبانيا ومصر، وبعض المدن التي لم تنطبق عليها شروط التعريف القاري كاسطنبول وتبليسي وفقا لمعايير كوبنهاغن التي تعتبر منطقة غربي نهر الأردن وسيناء جزءا من إفريقيا، فنكون وفقها أفارقة لا أسيويين!

أيها الناس: تعتبر هذه المقدمة الجغرافية مهمة في نظر السياسيين اليوم باعتبارها قيودا صارمة للمحافظة على حدود الدول الكبيرة والصغيرة على حد سواء، وعليها بني القانون الدولي لضمان عدم تغييرها بالقوة العسكرية كي يبقى القوي قويا، والضعيف ضعيفا، ومنع عبور القارات جغرافيا إلا وفق تلك الأنظمة، وليتحقق بذلك الاستقرار الطويل للنظام السياسي العالمي. فالقوى الكبرى تمنع الدول الأخرى من ضم الأراضي إليها ولو كانت من أراضيها وتغضب إن ضُمت، كما حصل في الكويت وهي أراض عراقية، وترحب بانفصال الأقاليم إذا توافرت فيها شروط معينة وفق معاييرها، وترحب بها إن انفصلت، كما حصل في إقليم تيمور الشرقية وهي أراض أندونيسية، وما هو متوقع حصوله في جنوب السودان. ولكن المعايير الدولية والقوانين التي بنيت عليها قد أغفلت تماما معاقبة أي دولة كبرى إذا حركت قواتها العسكرية لتعبر القارات من أجل السيطرة على بلد ما، وقتل سكانه، واستنزاف ثرواته تحت أي ذريعة كانت. وقد رأينا بريطانيا - لما كانت دولة عظمى - تصول وتجول في العالم، وتعبر قاراته وكأنها مزارع للعرش البريطاني، ومعها فرنسا وإيطاليا، ومن قبلها هولندا والبرتغال، ومن بعدهم الاتحاد السوفييتي البائد، والولايات المتحدة الأميركية التي لا زالت قواتها تحتل العراق وأفغانستان، وتجوب البر والبحر والجو عابرة للقارات، غير عابئة بما خلفته من قتل ودمار. وقد أذاقوا شعوب العالم الويلات وارتكبوا بحقهم الفظائع، ولكن ذنبهم مغفور، وحجهم إلى بقاع الأرض المختلفة طمعا في الثروة مبرور، وسعيهم لكبت الشعوب وقتلها وتشريدها مشكور مشكور، وعبورها للقارات مقبول أيما قبول!!

أيها الناس: إن هذه المعايير المزدوجة المضطربة في مسألة عبور القارات قد جعلت العالم يعيش في وضع مأساوي غير مسبوق في التاريخ، وأكبر الخاسرين في ظل هذا النظام الجائر هم المسلمون الذين كانوا أول من تخطى حاجز الجغرافيا في دينهم وعقيدتهم ونظامهم، ولم يكونوا يكترثون بالحدود والسدود بين البلاد لما قاموا لنشر دينهم، ونجحوا في صهر الشعوب على اختلاف ألسنتها وألوانها في بوتقة الإسلام بغض النظر عن مواقعهم الجغرافية، وصار الآسيوي أخا حميما للإفريقي، وأصبح من أسلم من الأوروبيين جزءا لا يتجزأ من العالم الإسلامي العابر للقارات، ولو قدر للإسلام أن ينتشر في قارات أخرى لمضت فيها سنة عبور القارات، ولما شعرنا بالفرق بين المسلم الأميركي والأسترالي وبين أخيه المسلم الآسيوي والإفريقي والأوروبي. فالله سبحانه وتعالى يقول: {فأصبحتم بنعمته إخوانا}. وعن أبي نضرة رضي الله عنه قال: حدثني – أو قال حدثنا – من شهد خطبة النبي صلى الله عليه وسلم بمنى في وسط أيام التشريق، وهو على بعير، فقال: يا أيها الناس، ألا إن ربكم عز وجل واحد، ألا وأن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي، ألا لا فضل لأسود على أحمر إلا بالتقوى، ألا قد بلغت؟ قالوا: نعم, قال: ليبلغ الشاهد الغائب.

أيها الناس: إن أمة الإسلام أمة عابرة للقارات، ولا تعترف بحدود جغرافية برية كانت أم مائية أم فضائية، فالأرض كلها من خلق الله، والدين عند الله هو الإسلام، ولا اعتبار للون أو عرق أو جنس أو لسان في تحديد مكان السكنى أو النظام السياسي لبني البشر، وما يطبق اليوم في العالم من أنظمة تحدد ذلك هي أنظمة باطلة، وعبور للقارات باطل، وانتماءات وطنية وقومية وطائفية ومذهبية فاسدة يرفضها الإسلام ويحاربها، ويعيب على من ينادي بها، ويحض على محاربته وقهره، ويتوعده بالعذاب الشديد في الآخرة. عن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس منا من دعا إلى عصبية، وليس منا من قاتل على عصبية، وليس منا من مات على عصبية)، وفي رواية أخرى عن البخاري: (دعوها فإنها منتنة). وفي هذا دليل قاطع على حرمة الانكفاء على مساحة جغرافية معينة في الأرض تسمى دولة، تكون حدودها ثابتة لا تتغير، ولو كانت في مكة أو المدينة أو بيت المقدس. وما حاجتنا لدول لا يستطيع سكانها الانتقال بين مدنهم وقراهم إلا بأمر أسياد حكام تلك الدول؟ فلو كان ذلك مقبولا شرعا لما جاز لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتخطى حدود المدينة الجغرافية، ويوسع الدولة الإسلامية الأولى لتضم كيانات يهود ومشركي العرب حولها، وتلحق مكة بدار الإسلام بعد فتحها، ولما أجمع الصحابة على فتح الأمصار شرقا وغربا وضمها ومنها بيت المقدس، دون أن يكترثوا بمسمياتها، آسيوية كانت أم إفريقية أم أوروبية. وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من رواية تميم الداري رضي الله عنه أنه قال: (ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين، بعز عزيز أو بذل ذليل، عزا يعز الله به الإسلام وأهله، وذلا يذل الله به الكفر), وكان تميم الداري يقول: عرفت ذلك في أهل بيتي، لقد أصاب من أسلم منهم الخيرُ والشرف والعز، ولقد أصاب من كان منهم كافرا الذلُّ والصغار والجزية. وشاهد فسادها أن قوما يعبرون القارات اليوم بالباطل معززين مكرمين، وآخرين لا يتنقلون داخل مدنهم وقراهم بالحق إلا بعد الفحص والتدقيق، وعبور الحواجز، فعبروها وما كادوا يفعلون!

(الخطبة الثانية) أيها الناس: إن من شروط قيام الدولة الإسلامية أن تكون عابرة للقارات، وإن عبور القارات يستلزم أن يكون العابر لها رحيما بالناس، باذلا وسعه في إخراجهم من الظلمات إلى النور، وليس طامعا في ثرواتهم، ولا متعاليا عليهم يستعبدهم ويذلهم. وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟ وهكذا فعل المسلمون على مدى قرون طويلة قبل أن يصيبهم داء الأمم. أما الذين يعبرون القارات اليوم بطائراتهم وصواريخهم وآلة الحرب الجهنمية التي يصطلي العالم كله بنيرانها، ولم يسلم منها بشر أو شجر أو حجر، فهؤلاء هم الأكابر المجرمون الذين يمكرون بالقرى اليوم في الأرض. وقد قال الله عز وجل فيهم وفي أمثالهم: {وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا ۖ وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ}. فلن تلبث أميركا وباقي أكابر المجرمين اليوم إلا قليلا حتى ينقلب مكرها عليها، وتدور الدوائر، ويصبح المتجبر منكسرا، والظالم المتكبر ذليلا مهينا. فدولة الخلافة الثانية الراشدة على منهاج النبوة قائمة قريبا بإذن الله، وهي التي ستحدد معايير الجغرافيا وغيرها من المعايير التي تسعد البشرية بعد أن شقيت ردحا طويلا من الزمن بغيابها، والخلافة هي التي ستعز الإسلام وأهله، وتذل الكفر وأهله، وهي التي ستبسط سلطانها العادل على أرجاء المعمورة كافة، فيرضى ساكن الأرض وساكن السماء، ولا تبقى الأرض من خيراتها شيئا إلا أخرجته، ولا تبقي السماء شيئا من خيراتها إلا أنزلته. فاللهم اجعل ذلك الأمر قريبا، واجعلنا من شهوده وجنوده، ولنكن جميعا من العاملين المخلصين الجادين لتحقيقه.
Go to the top of the page
 
+Quote Post

Reply to this topicStart new topic
1 عدد القراء الحاليين لهذا الموضوع (1 الزوار 0 المتخفين)
0 الأعضاء:

 

RSS نسخة خفيفة الوقت الآن: 28th April 2024 - 08:55 AM