جريدة الشرق القطرية :يومية سياسية جامعة
الثورات العربية وخلافة آخر الزمان2011-08-13
"الثورات العربية هي مقدمة لانبثاق الخلافة الإسلامية حسب معطيات الواقع وحركة التاريخ وخط الزمن الممتد نحو المستقبل".. هذه النبوءة ليست لأحد قيادات التيارات الإسلامية في العالم العربي، بل هي لإعلامي أمريكي يدعى جلن بيك " Glenn Beck " يقدم برنامجا تحليليا حول أحداث العالم على قناة فوكس نيوز الأمريكية.
فقد عرض بيك في برنامجه الذي قدمه على مدار خمس سنوات، بتاريخ 29- 6- 2011 قراءته السياسية- التاريخية للثورات التي تجتاح العالم العربي، مشيرا إلى أن هذه الثورات سوف تقود إلى قيام خلافة آخر الزمان التي أخبر عنها نبي الإسلام (محمد صلى الله عليه وسلم) مرددا الحديث المشهور عن الرسول الكريم: "تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها، ثم تكون ملكا عضوضا، فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكا جبرية، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج نبوة.. ثم سكت".
وقد أثارت تلك الحلقة ضجة كبيرة في وسائل الإعلام الأمريكية وبين الرأي العام هناك، خاصة أن بيك كان يحاول من خلال هذا الطرح دق ناقوس الخطر في المجتمعات الغربية حول الخطر القادم من الشرق الإسلامي الذي يستعد لإقامة خلافته الجامعة التي تذكر بالخلافة الأولى التي قامت في صدر الإسلام واستطاعت أن تسود العالم القديم حينها، وأن تكون الدولة الأعظم القائدة لذلك العالم، وهو ما يعني أن إعادة بناء هذه الخلافة مرة أخرى يعني تهديد موقع الدولة الأمريكية، بل وتهديد الدول الغربية جميعها.
وبغض النظر عن التحليل الذي قدمه بيك حول التطورات الحالية التي تعيشها الأمة العربية، فإن هناك مؤشرات تؤكد أن هذه التطورات سوف تقود بالفعل إلى قيام الخلافة الراشدة التي بشر بها الرسول الكريم في حديثه آنف الذكر.
فهذا الحديث الشريف ذكر المراحل السياسية التي ستمر بها الأمة الإسلامية منذ عهد النبوة حتى قيام الساعة. وقد تحققت كل تلك المراحل بما فيها المرحلة قبل الأخيرة المتعلقة بالملك الجبري الذي مازالت تعيشه الأمة حتى هذه الأيام.. لكن من ناحية أخرى بدأت ملامح المرحلة الأخيرة التي سيسود فيها حكم الخلافة الراشدة مع تضعضع وانهيار جزء أساسي من الحكم الجبري عبر الثورات التي قامت في كل من تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن.
وكما هو متوقع وفقا لتطورات الأحداث فسوف يؤدي نجاح هذه الثورات إلى انتشارها في بقية الدول العربية والإسلامية والقضاء تماما على مرحلة الحكم الجبري وإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.
وحتى يمكننا فهم طبيعة حركة التاريخ هذه التي بدأت مع هذه الثورات، ربما يجب توضيح طبيعة الحكم الجبري التي قصدها الرسول الكريم في أحاديثه ومدى انطباقها مع واقع الدول العربية والإسلامية. وهنا سوف أقوم بنقل جزء من مقال للدكتور محمد بن عبدالله الشباني يصف فيه الحكم الجبري فيقول إن المرحلة الثالثة التي حددها الرسول الكريم لمسيرة الأمة الإسلامية هي مرحلة الملك الجبري التي تتميز بتعطيل أحكام الشريعة الإسلامية، بجانب الظلم والاستبداد وقد أخبر النبي عليه الصلاة والسلام في عدة أحاديث عن سمات هذه المرحلة ومنها:
* الخروج على أحكام الإسلام وقيمه وتعاليمه، وإحلال التشريعات الوضعية محل التشريع الإسلامي: فقد قال الرسول الكريم (إن الله عز وجل بدأ هذا الأمر نبوة ورحمة وكائنا خلافة ورحمة وكائنا ملكا عضوضا وكائنا جبرية وفسادا في الأرض يستحلون الفروج والخمور والحرير وينصرون على ذلك ويرزقون حتى يلقوا الله).
* الكذب واستمراؤه والطلب من الناس تصديق الحكام فيما يدعونه من كذب.. فقد قال رسول الله لكعب بن عجرة: (أعاذك الله من إمارة السفهاء قال وما إمارة السفهاء قال أمراء يكونون بعدي لا يهتدون بهدي ولا يستنون بسنني من صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فأولئك ليسوا مني ولست منهم ولا يردون على حوضي ومن لم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فأولئك مني وأنا منهم وسيردون على حوضي)
* التسلط المطلق وعدم الاعتراف بحقوق الآخرين.. قال الرسول الكريم: (لا تزالون بخير ما لم يكن عليكم أمراء لا يرون لكم حقا إلا إذا شاءوا).
* التشدق بالكلام والتحلي بالحكمة.. قال رسول الله: (سيكون بعدي أئمة يعطون الحكمة على منابرهم فإذا نزلوا نزعت عنهم وأجسادهم أشر من الجيف).
* فساد البيئة الإدارية لأنظمة الحكم.. قال رسول الله: (يكون في آخر الزمان أمراء ظلمة ووزراء فسقة وقضاة خونة وفقهاء كذبة فمن أدرك ذلك الزمان منكم فلا يكون لهم جابيا ولا عريفا ولا شرطيا).
إن المتأمل لهذه الصفات التي تتصف بها المرحلة الجبرية يجدها هي الصفات الغالبة على أنظمة الحكم في العالم العربي والإسلامي وأنها السبب الذي قامت من أجله الثورات التي تسعى للقضاء على هذه المرحلة بكل سوءاتها لإقامة نظم حكم تحفظ حقوق الإنسان وتحميها من بطش الحكام وتعلي من سيادة القانون وهي الصفات المنطبقة على مرحلة خلافة آخر الزمان التي لا تحقق ذلك فقط بل تقود إلى عودة الأخلاق الكريمة مرة أخرى للمجتمعات العربية بعد أن فارقتها منذ زمن.. وربما هنا يمكن أن نفهم سر المجتمع المثالي الذي نشأ في ميدان التحرير خلال الأيام الأولى لثورة 25 يناير والتي ظهرت فيها أخلاق الإسلام على كل من تواجد في الميدان بصورة لم تحدث منذ عقود طويلة وربما منذ قرون بهذا الشكل الجماعي.
هذه المؤشرات وغيرها تؤكد أن الأحداث الجلل التي يمر بها العالم العربي تسير نحو المرحلة الأخيرة من دائرة التاريخ الإسلامية التي أخبر عنها الرسول الكريم وهي مرحلة خلافة آخر الزمان، خاصة أنه لا يوجد معوقات تقف أمامها من قبيل وجود تيار علماني موحد وقادر على التأثير في الشعوب العربية المسلمة وقيادتها نحو حكم مدني مماثل للموجود في الغرب الذي يقوم على فصل الدين عن الدولة.
كما أن هناك تغيرا في رؤية الحركات الإسلامية خاصة المتشددة منها بشأن الحقوق والحريات للشعوب الإسلامية والموجودة في الشريعة الإسلامية لكن هذه الحركات كانت تهملها وتركز فقط على جزء العبادات والحدود فقط لكنها الآن تجمع بين الحسنيين أي الدعوة لتحكيم شرع الله وفق صورته البهية الحقيقية التي جاءت على يد الرسول الأكرم.. أي الخلافة على منهاج النبوة.
أحمد فوده
مدير مركز النخبة للدراسات – القاهرة
elite_center2000@hotmail.com
By: أحمد فودة
http://www.al-sharq.com/articles/more.php?id=253705====================
بارك الله بالكاتب
المتلقي بحاجة لأن يقرا مثل هذه المقالات وأن يرى برامج على الفضائيات تتحدث عن هذه المرحلة مرحلة الحكم الجبري
حتى تساعد في تسريع إنهاء هذه المرحلة . ولكن الإعلام العربي ليس هدفه إنهاء حكم الطواغيت فهو يتكلم بلسانهم ووجوده وبقائه ببقاء هؤلاء الحكام