منتدى الناقد الإعلامي

السلام عليكم , للمشاركة اختر ( دخول | تسجيل )



ملتيميديا

مقتطفات فيديو من انتاج الشبكة

> الدَّوْلَةُ الْـمَدَنِيَّةُ .. الْـمَفَاهِيمُ وَالْأَحْكَامُ, جولة في محتويات كتاب
طالب عوض الله
المشاركة Mar 11 2012, 08:11 PM
مشاركة #1


كاتب وباحث إسلامي
صورة المجموعة

المجموعة: الكتّاب
المشاركات: 378
التسجيل: 26-September 11
رقم العضوية: 55



جولة في محتويات كتاب

عنوان الكتاب: الدولة المدنية مفاهيم وأحكام


المؤلف: أبو فهر السلفى


المكتبة الوقفية


تاريخ الإضافة: 17 / 09 / 2011
شوهد: 2325 مرة
التحميل المباشر: الكتاب

مختصر الكتاب ننشره على حلقات

http://www.waqfeya.com/category.php?cid=19


--------------------
Go to the top of the page
 
+Quote Post
 
Start new topic
الردود
طالب عوض الله
المشاركة Apr 2 2012, 11:50 AM
مشاركة #2


كاتب وباحث إسلامي
صورة المجموعة

المجموعة: الكتّاب
المشاركات: 378
التسجيل: 26-September 11
رقم العضوية: 55





(4)
مفهومُ الدولةِ المدنيَّةِ وِفْقَ الدافعِ التاريخيِّ لنشأتِهَا كفلسفةٍ رافضةٍ للدولةِ الدينيَّةِ بالمعانِي السابقِ ذكرُهَا .

تكوَّنَ مفهومُ الدولةِ المدنيَّةِ عبرَ كتاباتِ عددٍ مِنْ فلاسفةِ أوروبَّا الحديثةِ ، وسنحاولُ استعراضَ مقتطفاتٍ من كلامِهِمْ نُدَلِّلُ بها علَى مفهومِ الدولةِ المدنيَّةِ عندهُمْ ، كمَا سنستخلصُهُ من طرحِهِمْ .


1 ـ «ميكيافِيلِّي» (1496-1527).

لـم يؤسسِ «ميكيافيلي» في كتابِهِ «الأميرِ» لدولةٍ غيرِ دينيَّةٍ تفُكُّ عنْ نفسِهَا قيدَ الدِّينِ والحكمِ الدينيِّ فَحَسَبْ ، بلْ أسسَ لدولةٍ لَا تخضعُ لأيِّ منظومةٍ قِيَمِيَّةٍ ، أَوْ أخلاقيَّةٍ على الإطلاقِ ، فدولَةُ «ميكيافيلي» لَا ينبغِي أَنْ تخضعَ لأيِّ مرجعيَّةٍ متجاوزةٍ تعوقُ الأميرَ عَنِ اتِّخاذِ السياساتِ التي يراهَا مناسبةً ، وكانتْ تلكَ هي البذرةَ الأُولَى لنزعِ المطلقِ الدينيِّ ، بلْ وَالْقِيَمِيِّ عَنِ الدَّولةِ.

يَقُولُ ميكيافيلِّي : «فَمِنِ الخيرِ أنْ تتصفْ بالرحمةِ ، وحفظِ الوعدِ ، والشعورِ الإنسانيِّ النبيلِ ، والأخلاقِ والتديُّنِ ، وأنْ تكونَ فِعْلًا مُتَّصِفًا بها ، ولكنْ عليكَ أنْ تُعِدَّ نفسكَ عندمَا تقتَضِي الضرورةُ ، لتكونَ مُتَّصِفًا بعكسِهَا»، وَيَقُولُ : «وفِي أعمالِ جميعِ النَّاسِ ولاسِيَّمَا الأمراءَ ـ وهي حقيقةٌ لَا استثناءَ فيهَا ـ تُبَرِّرُ الغايةُ الوسيلةَ»، ولَا تخطيءُ عينكُ نبرةَ السُّخريةَ التي تحدَّثَ فيهَا ميكيافيلِّي عَنِ الْإماراتِ الكَنَسِيَّةِ ، ولَا محاولَتَهُ الملتفةَ للإعراضِ عَنِ الْحديثِ عنها خوفَ سطوةِ الكنيسةِ ، أَوْ كلامَهُ عَنِ الْأثرِ السيِّئِ للكنيسةِ بنفسِ الطريقةِ الملتفةِ فِي «المطارحاتِ» (ص/267-269).

ويهمُّنَا الآن الإشارةُ لبدايةِ ظهورِ المصطلحِ([1]) في البابِ التاسعِ من كتابِ «الأميرِ» والذي كان عُنوانُهُ : «في الإماراتِ المدنيَّةِ» ويقولُ ميكيافيلِّي في مطلعِهِ : «ولكنَّا نصلُ الآن إلى الحالةِ التي يصبحُ فيها مواطنٌ أميرًا برغبةِ أقرانِهِ المواطنينَ ، وليسَ بالجريمةِ أَوِ الْعنفِ الذي لا يُطاقُ ؛ وقد تُسمَّى هذه الحالةَ بـ«الإمارةِ المدنيَّةِ» ، وبلوغُ هذه الولايةِ لا يتوقَّفُ بتاتًا على الجدارةِ أَوِ الْحظِّ ، ولكنَّهُ يعتمدُ بالأحرَى علَى المكرِ يُعينُهُ الحظُّ ؛ لِأَنَّ المرءَ يبلغُهَا برغبةِ الشَّعبِ ، أو بإرادةِ الطبقةِ الأرستقراطيَّةِ» . [الأمير (ص/241)].

وإذنْ ؛ فمشاركَةُ ميكيافيلي في وضعِ أسسِ مفهومِ الدولةِ المدنيَّةِ تتمثلُ في إرسائِهِ لمعنيينِ ذويْ أثرٍ في مفهومِ الدولةِ المدنيَّةِ عندَ هذه الطبقةِ مِنْ فلاسفةِ أوروبَّا :

الْـمَعْنَى الْأَوَّلُ : «نزعُ المطلقِ الدينيِّ والقيميِّ عَنْ تصرفاتِ السياسيِّ» .
الْـمَعْنَى الثَّانِي : «توضيحُ آليةِ اختيارِ الأميرِ عبرَ الإرادةِ الشعبيةِ ، أو باختيارِ طبقةِ النبلاءِ، وتسميةُ ذلك بالإمارةِ المدنيَّةِ».


2 ـ «جان بودان» (1530ـ 1596).

في عامِ (1576م) نشرَ الفرنسيُّ «جان بودان» كتابَهُ «ستةَ كتبٍ عن الجمهوريَّةِ» ، وأعادَ نشرَهُ بعدَ توسعتِهِ عامَ (1586 م ) ، وتُرْجِمَ للإنجليزيَّةِ عامَ (1606).

يَقُولُ «جورج سباين» : «وترجعُ أهميَّةُ الكتابِ إلى أنَّهُ أخرجَ فكرةَ السُّلْطَةِ ذاتَ السِّيَادَةِ من سجنِ اللَّاهُوتِ ، حيثُ تركتْهَا نظريَّةُ الحقِّ الإلهيِّ» . (ص/548).

يقول جَان بودان : ((إنَّ العلامةَ الأولى للأمير المتمتعِ بالسيادةِ، هي قدرته على منحِ القوانين للجميعِ على وجه العمومِ، ولكلِ واحد على وجهِ التخصيصِ،بغض النظر عَن رِضا مَن هو أعلى وَمن هو مماثل ومن هو أدنى، ومَهما كان نوعه؛ ذلك لأنه إذا ما كان الأمير ملزماً على ألا يضع القانون إلا بموجب رضا الأعلى أي أعلى = فإنه سيكون واحداً من الرعايا، سواء تمثل هؤلاء في مجلسِ الشيوخِ، أو في الشعب، فإنه سوف لا يكون صاحبَ سيادة)).

وهكذا ينحلُ جان بودان من أي قَيد قِيَمِي أو ديني أو حتى شعبي يقيدُ الملكَ أو سلطاته في إصدارِ القوانين، وهو وإن تكلم عن وجوبِ مراعاةِ الخيرِ العامِ أو الملكية الخاصة فهذه نفسها عنده لا تختلفُ عن وجوب سيادةِ الأمير سيادةً مطلقة فهي مجموعة من المسلمات المسبقة لحفظ الحكم وليست قيوداً تفصيلية تظهر عند وضع القوانين، ولذلك فقد أكد هو على أنَّه لا يتصور أن يقعَ الأميرُ في مخالفة ذلك إلا نادراً.


3 ـ «توماس هوبز» (1588ـ 1679).

في عامِ (1651م) أصدرَ «توماس هوبز» كتابَهُ «اللوباثان»(leviathan) ، وهو لفظٌ عبريٌّ من مصطلحاتِ العهدِ القديمِ يصفُ وحشًا بحريًّا هائلًا يشبِهُ التِّنِّينَ .

ومرادُ هوبز هُوَ : أنَّ على البشرِ أن يُحكَمُوا بواسطةِ دولةٍ تكونُ علَى غرارِ التنينِ ، حتَّى تقومَ بحمايتِهِمْ ، وفرضُ أسسِ النظام والمدنية على الإنسان الذي لا يصيرُ مدنياً سوى بهذه الطريقة، وفِي هذَا الكتابِ تعرَّضَ هوبز للدولةِ الدينيَّةِ وطبيعةِ دولتِهِ التنينِ ، وموقفِهَا من الحكمِ الدينيِّ ، وأدَّاهُ لهذا البحثِ أن هوبز قَدِ اختَارَ نظامَ الحكمِ الشموليِّ وفضلَّ منهُ الملكيَّةَ المستبِدَةَ كنظامٍ مثاليٍّ للحكمِ ، ويصلُ الملكُ للحكمِ باختيارِ الأغلبيَّةِ ، ولكنَّهُ لَـمْ يجعلْ على هذا الملكِ قيدًا حقيقياً بعدَ وصولِهِ للحكمِ سِوَى منعِهِ من قتلِ الأفرادِ ، أمَّا مَا دونَ ذلك فللملكِ سلطةٌ مطلقةٌ لا يُحَدُّ منها شيءٌ ، ولا يجوزُ الاعتراضُ عليهِ ، ولا الثورةُ عليهِ ، وأنَّ للحاكمِ أنْ يراقبِ كلَّ تعبيرٍ عنِ الرَّأيِ ، وألَّا يسمحَ بحقِّ التَّمَرُّدِ والعصيانِ وأنْ يقمَعَهُ كمَا يشاءُ ، والإنسانُ في نظرِ هوبز : «كائنٌ غيرُ مُنَظَّمٍ يحتاجُ لسلطةٍ ذاتِ سيادةٍ مطلقةٍ ؛ لتجعلَهُ مدنيًّا» . [انظر : «موسوعة الفلسفة» لعبد الرحمن بدوي (2/562)] ([2]) .

* وهذه مقتطفاتٌ من نصوصِ أقوالِ «هوبز» في دعوتِهِ لفصلِ الحكمِ عن مطلقِ الدينِ :

ـ «إنَّ الحكومةَ الزمنيَّةَ والحكومةَ الروحيَّةَ لفظانِ لَـمْ يظهرَا إلى العالَـمِ إلَّا ليُحْدِثَا ازدواجيةً عندَ النَّاسِ ، بحيثُ يخطؤونَ معرفةَ الحاكمِ الشرعيِّ» (ص/300) .
ـ «إنَّ التمييزَ بينَ الحكومةِ الروحيَّةِ ، والحكومةِ الدنيويَّةِ زائفٌ ، فكلُّ حكومةٍ في هذِهِ الحياةِ حكومةِ الدولةِ وحكومةِ الدينِ مؤقتةٌ تحتَ أمرِ صاحبِ سيادةٍ مدنيٍّ واحدٍ» (ص/189) .
ـ «لَا يستطيعُ الإنسانُ أن يخدمَ سيدينِ([3]) ، ولا يمكنُ للسلطةِ الرُّوحيَّةُ أن تنفصلَ وتستقلَ عَنِ السُّلطةِ الزمنيَّةِ ، كمَا أنَّ الحكومةَ المشترَكةَ ، أَوِ الْـمُختلَطةِ بينهُمَا ، ليستْ حكومةٌ بالمعنَى الدقيقِ لهذِهِ الكلمةِ ، فلم يبقَ سِوَى أنْ تخضعَ إحداهُمَا للأخرَى ، أعنِي أنْ تخضعَ السُّلطةُ الرُّوحيَّةُ لسيطرةِ الدولَةِ ، فالأخطاءُ الَّتي وقعتْ فيهَا الأممُ بسببِ السُّلطةِ الرُّوحيَّةِ لَا حدَّ لها، ولهذا كانَ لابُدَّ أن نحدِّدَ بدقَّةٍ المكانَةَ التي يشغلُهَا الدينُ داخلَ الدولةِ ، وأنْ نبيِّنَ حدودَ السُّلطةِ الرُّوحيَّةِ».

قُلْتُ : وهذه الحياةُ الرُّوحيَّةُ عندَهُ تقتصرُ حُرِّيَّتُهَا على الحياةِ الداخليَّةِ للإنسانِ ، أَمِ السُّلُوكِ الخارجيِّ مهمَا اتَّسَعَ نطاقُهُ أو ضاقَ فهو خاضعٌ لسيطرةِ السلطةِ الحكوميَّةِ ورقابَتِهَا . [انظر : «توماس هوبز .. فيلسوف العقلانية » : (ص/289)] .

فقَدِ اتَّضحتْ معالِـمُ الدولةِ المدنيَّةِ التي يدعُو لها هوبز ، وأنَّهَا كما يقولُ الدكتورُ عبدُ الوهابِ المسيرِي : «يصبحُ قانونُ الدولةِ القانونَ المطلقَ الذي يفرضُهُ الملكُ فرضًا ، والدولةُ هنا أصبحتَ حرفيًا هِيَ «المطلقُ» ، و«المرجعيَّةُ النهائيَّةُ» ، ومن هنا ألَّهَ هوبز الدولةَ ، واعتبرَهَا إلهًا زمنيًّا مرتبطًا بالإلَهِ الخالدِ ، وقدْ اعتبرَهَا أيضًا التنينَ الحتميَّ» . [«العلمانيَّةُ الجزئيَّةُ ، والعلمانيَّةُ الشاملةُ» : (2/76)] .

تبقَى فائدةٌ مهمةٌ : وهي أنَّ توماس هوبز لَـمْ يُمانعْ في أنْ تكونَ قوانينُ وأحكامُ الدِّينِ قانونًا يحكمُ في الناسِ بشرطِ أنْ يكونَ ذلك باختيارِ السلطةِ المدنيَّةِ ، ولا يُفرضُ عليهَا من قِبَلِ المؤسسةِ الدينيَّةِ ، ويتحولُ النصُّ المقدسُ ساعتَهَا إلى قانونٍ مدنيٍّ ويستمدُ قوتَهُ من هذه الناحيَةِ لا من كونِهِ دينًا ، فَيَقُولُ : «إنَّ الكتابَ المقدسَ لا يصبحُ قانونًا إلَّا إذا جعلَتْهُ السُّلطةُ المدنيَّةُ الشرعيَّةُ كذلِكَ» (ص/258)، ويمكنُ مراجعةُ صحةِ فهمِنَا لها فِي «توماس هوبز .. فيلسوف العقلانية» للدكتورِ إمامِ عبدِ الفتاحِ إمامِ (ص/429) .

ولا يعارضُ هذا ما ذكرنَاهُ مِنْ أنَّ هوبز يدعُو لدولةٍ مطلقةٍ عن القيمِ والدينِ ؛ لأنَّ هوبز لَـمْ يجعلهَا مطلقةً عن القانونِ المدنيِّ الذي يختارُهُ الملكُ ، وهو لا يستطيعُ أن يُقيِّدَ الملكَ أو يمنَعَهُ إنْ أرادَ أنْ يجعلَ أجزاءَ هذَا القانونِ مأخوذَةً من النَّصِّ الدينيِّ ، وسنعودُ لهذِهِ الملاحظةِ بعد ذلك .


4 ـ «اسبينوزا» (1632-1677).

لـم يخرجِ اسبينوزا كثيرًا عن الخطوطِ التي رسمهَا أسلافُهُ مِنْ تقريرِ الأغلبيَّةِ كوسيلةٍ لوصولِ الحاكمِ في الدولةِ المدنيَّةِ ، ثُمَّ إطلاقِ هذه الدولةِ عَنْ مطلقِ القيدِ مِنَ الدِّينِ وغيرِهِ ، فَيَقُولُ في «رسالةٍ في اللاهوتِ والسياسةِ» : «إنَّ كلَّ شخصٍ في حالةِ الطبيعةِ مُلزَمٌ بالقانونِ الموحَى بِهِ كما أنَّهُ يعيشُ طِبقًا لنظامِ العقلِ ؛ لأنَّ ذلكَ ضروريٌّ لمصلحتِهِ ولخلاصِهِ ، ولكنَّهُ في ذلك حرٌّ أن يرفضَ ذلكَ متحملًا ما ينتجُ عن رفضِهِ من مخاطرَ وأضرارَ ، وهو أيضًا حرٌّ في أن يعيشَ كما يشاءُ لا كما يشاءُ الآخرونَ ، وليسَ عليهِ أن يعترِفَ بأيِّ مخلوقٍ حَكَمًا أَوْ مُدافعًا عَنْ حقِّ الدينِ ، هذا الحق ـ في رأيي ـ هو الذي تتمتعُ به السلطةُ العليَا ، التي تستطيعُ أنْ تأخذَ رأيَ الأفرادِ دونَ أنْ تكونَ مُلْزَمَةً بالاعترافِ بأيِّ فردٍ حَكَمًا ، أَوْ بأيِّ مخلوقٍ من فوقها مدافعًا عن أي حقٍّ (تأملْ إطلاقَ يدِ الدَولَّةِ فوقَ كلِّ المرجعياتِ) إلَّا إذا كانَ نبيًّا بعثهُ اللهُ وبرهنَ بآياتٍ لاشكَّ فيهَا على بعثتِهِ ، وحتَّى هذه الحالةِ ، تلتزمُ السلطةُ العليَا طاعةَ اللهِ فيما أوحِيَ به من قانونٍ ، فهي حرَّةٌ في ذلك ، وعليهَا أن تتحملَ ما ينتجُ عن ذلكَ من أضرارٍ أو أخطارٍ ، أعنِي أنَّهُ لا يمكنُ أن يقفَ في سبيلِ ذلكَ أيُّ قانونٍ مدنيٍّ أو طبيعيٍّ ؛ إذ يعتمدُ القانونُ المدنيُّ على مشيئةِ هذه السلطةِ وحدها ، أمَّا القانونُ الطبيعيُّ فإنَّهُ يعتمدُ على قانونِ الطبيعةِ الذي لا علاقةَ لها بالدينِ ، والذي يتخذُ المصلحةَ الإنسانيَّةَ هدفَه الوحيدُ بلْ تتعلَّقُ بنظامِ الطبيعةِ الشاملِ ..

وَقَدْ يسألُنِي سائلٌ : «مَا العملُ إذا ما أعطتِ السُّلطةُ العليَا أمرًا مُناقضًا للدِّينِ .. هل يجبُ الخضوعُ للآمرِ الإلهيِّ أَمْ للآمرِ البشريِّ ؟» .

أقولُ هنَا : عليهِ أن يطيعَ اللهَ قبلَ كلِّ شيءٍ عندمَا يكونُ لدينَا وحيٌ يقينيٌّ لا شكَّ فيهِ ، ومع ذلك فلمَّا كان اختلافُ طبائِعَهُمْ يُوَلِّدُ بينهُمْ ما يشبِهُ المنافسَةَ على الأوهامِ الباطلةِ ، كما تشهدُ التجربَةُ اليوميَّةُ مرارًا وتكرارًا ، فمِنَ الـمُؤَكَّدِ أنَّهُ لو لَـمْ يكنِ الْـمَرْءُ مُلْزَمًا بموجبِ القانونِ بطاعةِ السلطةِ العليَا ـ فيمَا يظنُّهُ من أمورِ الدينِ ـ ؛ لأصبحَ قانونُ الدولةِ مُتوقفًا ـ ولا شَكَّ ـ على الأحكامِ الشخصيَّةِ ، وعلى الانفعالاتِ الفرديَّةِ ؛ إذ لا يلتزمُ أحدٌ بالقوانينِ الجاريةِ إذْ ظنَّ أنَّهَا مخالفةٌ لعقيدتِهِ أَوْ خُرافتِهِ ، وبهذه الحجةِ يسمحُ كلُ فردٍ لنفسِهِ أنْ يفعلَ ما يشاءُ ، ولـمَّا كان قانونُ الدولةِ يُنتهكُ كليَّةً في هذه الحالةِ ، فإنَّ السُّلطةَ العليَا التي هي المكلفَةُ وحدَهَا بناءً على حقِّهَا الإلهيِّ وحقِّهَا الطبيعيِّ بالمحافظةِ على حقوقِ الدولةِ وحمايتِهَا يكونُ لَهَا الحقُّ المطلَقُ في اتِّخَاذِ جميعِ الإجراءاتِ المناسبَةِ في موضوعِ الدينِ ، وعلى جميعِ الأفرادِ الالتزامُ بطاعةِ قراراتِ السلطةِ العُليَا وأوامِرِهَا في هذا الصددِ ؛ نظرًا إلى الولاءِ الذي وعدوهَا بهِ ، والذي يأمرُ اللهُ بالالتزامِ بِهِ التزامًا تامًا ، فإذا كانَ مُمَثِّلُو السلطةِ وثنيينَ ؛ فإمَّا أنْ يرفضَ المرءُ عقدَ أيِّ اتفاقٍ معهُمْ ، ويتعرضَ لأبشعِ الأضرارِ ، دونَ أن يفوضَ لهُمْ أيَّ حقٍّ ، وإمَّا أنْ يظلَّ على الولاءِ والطاعةِ لهُمْ ، ويحفظُ عهدَهُ لهُمْ إنْ طوعًا وإنْ كرهًا ، إذا ما تمَّ لَهُ عقدُ اتفاقٍ معهُمْ وتفويضِ الحقِ لهُمْ» . [«رسالةٌ في اللَّاهوتِ والسياسَةِ» : (ص/380-381)] .

ويتطرفُ أكثرُ ويأبَى حتى إشرافَ أهلِ الدينِ على شؤونِهِ ، فيقُولُ : «فَلَا شكَّ أنَّ تنظيمَ شؤونِ الدينِ يقعُ على عاتقِ السُّلطةِ الحاكمةِ وحدَهَا»، ونرَى عند اسبينوزا نفسَ الملاحظةِ المهمَّةِ التي ختمنَا بها حديثنَا عنْ هوبز ، فنرَاهُ يقولُ : «إنَّ الدينَ لا تكونُ لَهُ قوةُ القانونِ إلَّا بإرادةِ مَنْ لَهُ الحقُّ في الحكمِ» . [(ص/422) ، وانظرْ : (ص/424)] .

وهذَا يصبُّ في نفسِ المعنَى أنَّ اختيارَ الحاكمِ مِنَ الدِّينِ ما يسرِي في النَّاسِ كقانونٍ مدنيٍّ لَا يتنافَى عندَ اسبينوزا ومَنْ قبلَهُ هوبز مَعَ مفهومِ الدولةِ المدنيَّةِ ، والدينُ عندهُمْ حينَ يختارُ منهُ الحاكمُ ؛ فهوَ يختارُ منه باعتبارِهِ مجرَّدُ تعاليمٍ عقليَّةٍ يُختارُ منهَا ولا يُلزمُ بهَا .


5 ـ «جون لوك» (1632-1704).

رغمَ كونِ لوك هو آخرُ الفلاسفةِ المنظريِّنَ للدولةِ المدنيَّةِ من جهةِ أصالةِ التنظيرِ ؛ إلَّا أنَّ مفهومَهُ لَهُ هو أكثرُ المفاهيمِ شُيوعًا عندَ المتكلمينَ في هذِهِ القضيَّةِ ، ولرُبَّمَا ظنَّ بعضُهُمْ أن َّهذا المفهومَ هو ما كانَ يقولُ بِهِ «هوبز» أو «ميكيافيلي» ، وهذَا غيرُ صحيحٍ ، والصورةُ المتكاملةُ للدولةِ المدنيَّةِ كما تسبق للأذهان الآن و القائمةِ على مؤسساتِ المجتمعِ المدنيِّ ، والعقدِ القائمِ بينَ الأفرادِ وبينَ السلطةِ العُليَا التي وصلتْ لمنصبِهَا بالانتخابِ ، وبأغلبيَّةِ الشعبِ ، والحفاظِ على مبدأِ فصلِ السلطاتِ ، وحقِّ الشعوبِ في الاعتراضِ والثورةِ ، هذه الصورةُ المركبَّةُ الشائعةُ = لَا تكادُ تُوجدُ مكتملةً كمفهومٍ للدولةِ المدنيَّةِ سوى عندَ جون لوك دُونَ باقي مَنْ ذكرناهُمْ من فلاسفةِ الدولةِ المدنيَّةِ .

خالفَ جون لوك اسبينوزا في أنه لم يجعلْ للحاكِمِ المدنيِّ سلطةً على الكنيسةِ ، وخالفَ توماس هوبز مخالفةً عنيفةً فدعَا إلى فصلِ السلطاتِ ، وإلى حقِّ الشعبِ في الثورةِ على الاستبدادِ ، وإلى مبدأِ فصلِ السلطاتِ ، مخالفًا تقريراتِ توماس هوبز ، ووافقَهُ في وصولِ الحاكمِ لسدةِ الحكمِ بالانتخابِ والأغلبيَّةِ ، لكنَّهُ حافظَ على نفسِ حالةِ المفاصلةِ للدينِ ، ونزعَ المطلقَ عن الدولةِ .

يقولُ جون لوك : «ينبغِي التمييزَ بوضوحٍ بينَ مهامِ الحكمِ المدنيِّ ، وبينَ الدينِ وتأسيسِ الحدودِ الفاصلةِ بينهُمَا..» (ص/23)، وبعدَ أنْ يشرحَ مهامَ الحاكِمِ المدنيِّ المنحصرةِ في إدارةِ شؤونِ الدولةِ يقولُ : «وتأسيسًا على ذلك أودُّ أنْ أؤكدَ أنَّ سلطةَ الحاكمِ لا تمتدُّ إلى تأسيسِ أيَّةِ بنودٍ تتعلقُ بالإيمانِ أو بأشكالِ العبادةِ استنادًا إلى قوةِ القوانينِ» (ص/26)، ثُمَّ يقولُ : «كلُّ ما أريدُ قولَهُ : هو أيًّا كانَ مصدرُ السلطةِ فإنَّ السُّلطةَ مادامتْ ذاتُ طابعٍ كنسيٍّ ؛ فيجبُ أنْ تكونَ مقيدَةً بحدودِ الكنيسةِ إذْ ليسَ في إمكانِهَا بأيِّ حالٍ مِنَ الأحوالِ أنْ تمتدَّ إلى الشؤونِ الدنيويَّةِ ؛ لأنَّ الكنيسةَ ذاتَهَا منفصلةٌ عَنِ الدولةِ ، ومتميزةٌ عنها تمامًا ، فالحدودُ بينهما ثابتةٌ ومستقرةٌ ، ومن يخلطُ بينَ هذين المجتمعينِ كمن يخلطُ بينَ السماءِ والأرضِ» (ص/36).

ويقولُ : «ليسَ مِنْ حقِّ أحدٍ أنْ يقتحمَ ، باسمِ الدينِ ، الحقوقَ المدنيَّةَ والأمورَ الدنيويَّةَ»، ويقول : «الكنيسةُ والدولةُ إذَا قنعَ كلٌّ منهما بالبقاءِ في داخلِ حدودِهِ ، الدولةُ ترعَى الرفاهيةَ الداخليَّةَ للدولةِ ، والكنيسةُ تنشغلُ بخلاصِ النفوسِ ؛ فإنَّهُ مِنَ المحالِ أنْ يحدثَ بينهما شقاقٌ» (ص/65) .

ويقولُ : «فنُّ الحكمِ ينبغِي ألَّا يحملُ فِي طياتِهِ أيَّةَ معرفةٍ عَنِ الدينِ الحقِّ» ، ويقولُ : «ما هو قانونيٌّ في الدولةِ لا يمكنُ للكنيسةِ أنْ تجعلَهُ محرَّمًا أو ممنوعًا» ، ويقولُ : «مِنَ الغباءِ أنْ يتصورَّ المرءُ أنَّ أيَّ إنسانٍ يمكنُ أنْ يكونَ مُلزَمًا في النهايةِ بطاعةِ أيِّ سلطةٍ في المجتمعِ إلَّا إذا كانت هي السلطةُ العُليَا». [«الرسالة الثانية في الحكم » : (ص/334 ـ العقد الاجتماعي)] .



مَوْقِفُ الْإِسْلَامِ مِنْ نَظَرِيَّةِ الدَّوْلَةِ الْـمَدَنِيَّةِ وِفْقَ الْأَسَاسِ الْفَلْسَفِيِّ السَّابِقِ شَرْحُهُ



1- سبقَ بيانُ رفضِ الإسلامِ المطلقِ والتامِّ للدولةِ الدينيَّةِ «الثِّيُوقْرَاطِيَّةِ» المبنيَّةِ على إحدَى النظرياتِ الثلاثِ السابِقِ شرحُهَا ، وبهذَا يسبقُ الإسلامُ فلاسفةَ الدولةِ المدنيَّةِ في رفضِ تلكَ الدولةِ «الثِّيُوقْرَاطِيَّةِ».
2- ويسبقُ الإسلامُ أيضًا فلاسفةَ الدولةِ المدنيَّةِ في تقريرِ كونِ الشعبِ هو أساسُ اختيارِ الطبقةِ الحاكمةِ ، ورفضِ الحكمِ المغتصبِ على غيرِ إرادةِ الشعبِ ، على خلافٍ في آلياتِ تعيينِ إرادةِ الشعبِ ، ليسَ هذا محلَّ طرحِهَا .
3- ويسبقُ الإسلامُ «جون لوك» إلى رفضِ النظريَّةِ الاستبداديَّةِ التي طرحَهَا «توماس هوبز» للسيادةِ الملكيةِ ، ويسبقُ الإسلامُ «جون لوك» في رفضِ ما طرحَهُ «اسبينوزا» حولَ سلطةِ الحكومةِ في تفسيرِ الدينِ ، ويسبقُ الإسلامُ «جون لوك» إلى تقريرِ أنَّهُ : «لَا طَاعَةَ لِـمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الخالقِ» ، وإلى تقييدِ سلطةِ الحاكمِ في الأمورِ الدينيَّةِ وفقَ نصوصِ الشرعِ .
4- ومفهوم السيادة في الإسلام خلاصته أنه لا سيادة لفرد (من الأمراء أو العلماء أو العامة) ولا لجماعة (بمجردها) على الأمة،والسيادة التي على الأمة وعلى الحاكم الذي ستختاره الأمة هي لنص الوحي ،مع وجود آليات لفهم نص الوحي(كتاباً وسنة) ليس بينها آلية تفيد عصمة ولا سيادة لأحد على الأمة.
5- ويبقَى محلُّ الخلافِ الرئيسيِّ هو في رفضُ الإسلامِ التامِّ وإبطالِهِ المطلقِ لعزلِ الدينِ داخلِ دورِ العبادةِ كما يطرحُ ذلكَ «جون لوك» ، أو جعلُ قوانينِ وتشريعاتِ الدينِ مجردُّ أحكامٍ عقليَّةٍ لا تتحولُ لقوانينَ مُلزمَةً إلا إذا اختارَ ذلك الحاكمُ المدنيُّ كما يقولُ «هوبز» و«اسبينوزا».

ولابُدَّ من التنبيهِ على أمرٍ مهمٍّ : وهوَ أنَّهُ لاشكَّ في كونِ الكنيسةِ ، وطبيعةِ تشريعاتِهَا ، وطبيعةِ الخلافِ بينها وبينَ الحكمِ الزمنيِّ هي أساسُ هذا النظرِ الفلسفيِّ ، لكنْ ما سبقَ أن دللْنَا عليهِ من عباراتِ الفلاسفةِ المذكورينَ يشيرُ إلى أنَّهُمْ لا يقصدونَ بالدينِ مجرَّدَ المسيحيةِ أو أنهم قد يقبلونَ مرجعيَّةً متجاوزةً أخرى دينيةً أو أخلاقيةً ، بل نصوصُهُمْ واضحةٌ في رفضِهِمْ لأيِّ سلطةٍ مُقَيِّدَةٍ لقوانينِ الحاكمِ سواءٌ من قال منهم أنَّ القوانينَ يضعُهَا الحاكمُ بنفسِهِ ، أو من قال منهم باشتراكِ الحاكمِ والسلطةِ التشريعيَّةِ البرلمانيَّةِ في وضعِهَا ، وسواءٌ من نصحَ بالاستهداءِ بالعقلِ والقانونِ الطبيعيِّ منهم ، ومن لم ينصحْ ، فالقدرُ الثابتُ : هو رفضُهُمْ جميعًا لأيِّ مرجعيَّةٍ متجاوزةٍ دينيَّةٍ أو أخلاقيَّةٍ تكونُ لها سلطةٌ أعلى مِنَ السُّلطةِ التشريعيَّةِ ، فالأمرُ قد تجاوزَ المسيحيَّةَ إلى مطلقِ الدينِ والمرجعياتِ المتجاوزَةِ ، ولابُدَّ من التَّنَبُّهِ لهذه الحقيقةِ ؛ لكي نكتشفَ بسهولةٍ بعد ذلك خطأُ صياغةِ بعضِ كُتَّابِ الإسلامِ السياسيِّ لمفهومِهِمْ للدولةِ المدنيَّةِ .

نَعُودُ فنقولُ : إنَّ الإسلامَ يرفضُ بشكلٍ مطلقٍ وتامٍّ عمليَّةَ العزلِ لَهُ عن الحياةِ المدنيَّةِ والسلطةِ التشريعيَّةِ ، فالإسلامُ دينٌ تامٌّ شاملٌ لجميعِ مناحِي الحياةِ يحكمُهَا بالنصِّ تارةً ، وبالسكوتِ والعفوِ أُخرَى ، والحاكمُ في التصورِ الإسلاميِّ لَهُ نطاقانِ في التشريعِ :

الْأَوَّلُ : «الاجتهادُ في فهمِ ما نُصَّ عليه من أحكامِ الشرعِ وتطبيقِهِ».
الثَّانِي : «الاجتهادُ في التشريعِ للأمةِ فيما لا نصَّ فيهِ ، وفيما سكتَ عنه الشرعُ».

وهذا الاجتهادُ قد يكونُ بنفسِهِ إنْ كانَ مجتهدًا كعمرَ بنِ الخطابِ مثلًا ، أو بواسطةِ مشورةِ العلماءِ ومراجعتِهِمْ كأكثرِ حكامِ المسلمينَ،
ونصوصُ الوحيِ الدالة على ذلك التقرير السابق أشهرُ من أن تُذكرَ .

وبالتالِي فمفهومُ الدولةِ عندَ هؤلاءِ الفلاسفةِ هو مفهومٌ لدولةٍ مدنيَّةٍ مطلقةٍ عن أيِّ مرجعيَّةٍ متجاوزةٍ ، وهذا المفهومُ المتغولُ المتوحشُ لا يقبلُهُ الإسلامُ ، ويرى فيه تضييعًا للشعوبِ ، وإهدارًا لكرامتِهِمْ ، وتسييرًا لمصائِرِهِمْ ، بحيثُ تكونُ تحتَ سلطةِ عقولٍ قاصرةٍ لا يمكنُ موازنتَهَا بحكمِ اللهِ الذِي اختارَهُ لعبادِهِ ، معَ تفريقِ الإسلامِ الدائمِ والمستمرِّ بينَ الوحيِ ، وبينَ فهمِ المجتهدينَ للوحيِ، فلا يعطِي لهذا الفهمِ قداسةً بمجردِهِ ، وإنَّمَا بما معَ هذا الفهمِ مِنَ الْحُجَجِ الدالةِ على أنَّ هذا الفهمَ هو مرادُ اللهِ بالوحيِ .

فهذه الدولةُ المطلقةُ عن أيِّ مرجعيَّةٍ ، أو التي تتعاملُ مع الدينِ بالاختيارِ بمجرَّدِ الذوقِ والهوَى لا يقبلُهَا الإسلامُ ويراهَا جاهليَّةً ما أُرْسِلَ النَّبِيُّ ـ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ـ إلَّا لإزالتِهَا : ((أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون)) [المائدة :50] .




( [1]) مع تحفظنا على إشكالية الترجمة،وإمكانية أن يكون وضع كلمة المدنية إنما هو من المترجمين وليس من ميكيافيلي نفسه،لكن يبقى المعنى المقصود هو هو تقريباً.
( [2]) وقدْ تعمدتُ عدمَ العزْوِ لنصوصِ هوبز والاستشهادِ ببدوي هنَا ؛ لأنَّ كثيرًا مِنْ دعاةِ الدولةِ المدنيَّةِ قد لا يتصوَّرُونَ إلَّا بشاهدٍ خارجيٍّ أنَّ هوبز أحدُ المؤسسينَ المؤثرينَ لنظريَّةِ الدولةِ المدنيَّةِ ، كانَ يرمِي إلى الحريَّةِ من مطلقِ الدينِ ، ومِنْ كلِّ مطلقٍ يقيِّدُ سلطَةَ الحاكِمِ الشموليِّ ؛ ليهدِي الحكمَ للملكٍ ليكونَ استبداديًّا مطلقًا عن كلِّ سيادةٍ ، ولَا أظنُّ دعاةَ الدولةِ المدنيَّةِ سيسعدونَ بدولةٍ من هذا النوعِ .
( [3]) فليس الإشكال متعلقاً بالكنيسة بل بمطلق دين أو مرجعية يلزم بها الإنسان غير الملك.


قال شيخ الإسلام ((إن الرد بمجرد الشتم والتهويل لا يعجز عنه أحد والإنسان لو أنه يناظر المشركين وأهل الكتاب لكان عليه أن يذكر من الحجة ما يبين به الحق الذي معه والباطل الذي معهم))


--------------------
Go to the top of the page
 
+Quote Post



Reply to this topicStart new topic
1 عدد القراء الحاليين لهذا الموضوع (1 الزوار 0 المتخفين)
0 الأعضاء:

 

RSS نسخة خفيفة الوقت الآن: 17th May 2024 - 02:27 AM