الإعلام والعمل للتغيير
هذا الموضوع يتحدث عن العمل للتغيير الجذري وعن رائد هذا العمل حزب التحرير، وسيتحدث عن محاربة الإعلام لدعوة التغيير الجذري، وكيف أن الفكر الصائب سيظهر في النهاية مهما بذل المجرمون وإعلامهم من حرب على هذا الفكر.
التعمية على أخبار حزب التحريرالمتابع للكثير من نشاطات حزب التحرير في العالم يجدها كثيرة وضخمة ومؤثرة، لكن يجد الإعلام يتغاضى عن هذه النشاطات أو لا يعطيها حقها من التغطية أو يتعرض لهذه النشاطات بالتشويه.
في السابق ربما لم يكن حزب التحرير كما هو الآن من حيث الانتشار والعمل والحركة، ولكن الآن من خالط الناس عرف ماذا يعني حزب التحرير؛ وبالذات إذا سأل عن موضوع الخلافة، فعندها يتبادر إلى الذهن فورا حزب التحرير وما يقوم به، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن حزب التحرير موجود وله عمل بين الناس.
ولذلك يطرح السؤال لماذا لا يغطي الإعلام هذه النشاطات؟
سيظل هذا السؤال صعب الإجابة إن ظننا أن هناك إعلاما محايدا يبث الأخبار بشكل حيادي، ولكن الإجابة تصبح سهلة إذا عرفنا أن الإعلام هو بوق ودرع وسلاح للجهة التي تخدمه، فالدولة تدعم هذا الجهاز الإعلامي لينطق باسمها فيما تريد، وتدافع عن نفسها بهذا الجهاز ضد ممن يهاجمون هذه الدولة، وتهاجم به الجهات الأخرى، وطبعا ليس مهما صحة الأخبار أو عدم صدقها المهم عندهم استخدام هذا الجهاز لصالح هذه الدولة.
ونعود فنقول إذا نظرنا إلى عمل حزب التحرير لتغيير هذا الواقع الفاسد إلى دار الإسلام وعدم مهادنة هذه الأنظمة الموجودة، عرفنا انه لا يمكن للإعلام وبالذات الإعلام الرسمي أن يبث أخبار حزب التحرير، لطبيعة عمل حزب التحرير في التغيير (طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم في إيجاد دار الإسلام) ضد الأنظمة الموجودة في العالم.
ولكن قد يقول قائل وماذا عن شعار الرأي والرأي الآخر؟ نقول انه شعار للتجميل ليس إلا. إذ كيف يمكن لمحطة تتلقى دعما من جهة معينة أن تبث ما يؤذي هذه الجهة.
وقد يطرح سؤال آخر انه يمكن لأي جهة أن تؤسس وسيلة إعلامية مبتعدة عن هذه الأنظمة؟
أقول إن الدولة التي ستؤسس فيها هذه المحطة ستقوم بملاحقتها وإغلاقها .
إذن ما الحل؟الحل أن تعمل تلك الجهة المحرومة (الجماعة) من نشر أفكارها وأخبارها عن طريق فرض نفسها على الرأي العام، وهذا لن يكون من أفراد إذ سيكون القضاء عليهم سهلا من قبل النظام الموجود، أما الجماعة فتستطيع أن تنشر فكرها بين الناس عن طريق الأفراد وهذه ابسط وسيلة إعلامية لهذه الجماعة، وبقدر تفاعل هذه الأفكار مع المجتمع بقدر ما تنجح هذه الوسيلة الإعلامية في نشر الأفكار، هذا طبعا عدا عن قيام تلك الجماعة بشكل حثيث على اختراق وسائل الإعلام حسب الاستطاعة.
الآن على الدولة أن تقاوم هؤلاء الذين ينشرون أفكار ضدها وهذا سيكون بالفكر المضاد، فإذا كان فكر الدولة صحيحا فسرعان ما يندثر هذا الفكر الناشئ، لان العقول تتقبل الفكر الصحيح وتترك الفكر الخاطئ، ولكن إذا كان فكر هؤلاء الأفراد هو الصحيح وكانوا يحملون هذا الفكر عن عقيدة راسخة، فلن تستطيع هذه الدولة منع هذا الفكر من الانتشار.
كيف تمنعه الدولة؟أول ما تفكر به الدول بعد الهزيمة في ساحة الأفكار هو التعرض لهذا الفكر بالتشويه والافتراء وهذا السلاح يصد البعض عن الاقتراب منه، وطبعا هذا لا يكون بالإعلام قدر الإمكان حتى لا تنتشر أخبار هذه الجماعة أكثر من المناطق التي تعمل بها، ولكن يكون عن طريق أفراد هذه الدولة- من يعملون مع النظام- وهذا أول تحدي لهذه الجماعة التي تحاول نشر الفكر الصحيح، ولكن الثبات على هذه الفكرة يجعل التشويه والافتراء يزول شيئا فشيئا، ويؤدي هذا إلى اتساع عمل الجماعة، وعندها تبدأ الدولة إلى جانب هذا السلاح بالتفكير بسلاح آخر إذا استمرت هذه الجماعة تنشر الأفكار بين الناس، وهو سلاح التهديد بالأرزاق والأهل والنفس, وهو تحد قوي يبين مدى تمسك هذه الجماعة بفكرها.
إذن التحديات كبيرة وكثيرة أمام هذه الجماعة وهذه الدولة، هذه الجماعة تحاول أن تنشر فكرها بين الناس، وهذه الدولة تحاول منع هذه الجماعة من نشر هذا الفكر الصائب.
الناس هنا تراقب وتنظر، وتقيّم من على صواب، وفي نفس الوقت تنظر إلى الإعلام وما يبثه من أخبار وماذا يقول عن هذه الجماعة، الأفكار تطرق سمع الناس ويقتنعون بها شيئا فشيئا والإعلام كأنه غير موجود!!
إذا على الإعلام أن يثبت نفسه، إن بقي ساكتا أصبح يبتعد عن الناس شيئا فشيئا، وان ذكر أخبار هذه الجماعة فهذا ضد الدولة، ما العمل إذا؟
التشويه والتضليل؛ ولكن هذا سلاح ذو حدين، لأنه فعلا يطرح تشويه ضد هذه الجماعة وفي الوقت نفسه يثير التساؤلات عند عامة الناس عن هذه الأخبار؛.......
هل هي صحيحة؟
من هي هذه الجماعة؟
لماذا تفعل هذه الجماعة هذه الأعمال السيئة(حسب ادعاء الإعلام)؟
وهذا يدفع الناس للتساؤل والبحث عن هذه الجماعة.
إلى متى يبقى الإعلام يشوه هذه الحقائق ويخفيها؟
إن بقي الإعلام على هذه الوتيرة فلن يطول حتى ينكشف زيفه وولاؤه الأعمى للنظام، إذا لا بد من بعض الأخبار التي تلهي الناس لأنهم موضع الصراع بين الدولة والحزب، فلا بأس عند الدولة من بعض الملهيات مثل المباريات والمسلسلات والأفلام والمسابقات.
ولكن الناس سرعان ما تدرك أن ما يبث في الإعلام هو للإلهاء، وطبعا نحن نتحدث عن أصحاب الرأي والتأثير والقيادة في الأمة، ولا نتحدث عن عوام الناس حيث أكثرهم لا هم له إلا إشباع شهواته ويبحثون عن الملهيات حتى لو لم تعرضها لهم الدولة، فإذا أدركت هذه الفئة من الناس الدافع وراء ما يبث وما يعرض من هذه الملهيات فسينفض عنهم الناس، وهنا على الدولة أن تغير أسلوب عرضها، حتى لا تفقد التأييد الشعبي لها الذي يتضاءل شيئا فشيئا.
والدولة بطبيعة الحال تستخدم الكثير من المغريات حتى تستقطب الناس حولها، مثل إغداق الأموال على أعوانها، وترهيب معارضيها من الجماعات الأخرى، ومثل تأسيس جماعات معارضة لها شكلا مُعينة لها حقيقة.
الجماعات المعارضة والإعلام أصبحا يتطورا كي يحافظا على هذه الأنظمةفالجماعات المعارضة تحاول أن تبدو أنها شديدة المعارضة للنظام وقد يعتقل أفرادها، فتبدو أمام الناس أنها تعمل على تغيير الوضع القائم، وتطرح أيضا فكرا يبدو للعامة انه قريب من الفكر الصحيح ولكنه نسخة مشوهة من الفكر الصحيح حتى يضللوا الناس.
أما الإعلام فيلعب لعبته هنا فيحاول إبراز المعارضة الوهمية للنظام، وأعمالها ومعتقليها، فيبدو للعامة أنهم على صواب وأنهم فعلا يحاولون الوصول للتغيير الذي يريح الناس، ومن ناحية أخرى يأتون بالمشايخ الذين ينفسون مشاعر الناس، ويسمحون للناس بطرح آرائهم بصدق أيضا لينفسوا مشاعرهم، ولكن دائما يحاولون الابتعاد عن الحل الصحيح للمشكلة وطريقة التغيير الصحيحة، ولن يألوا جهدا في محاول طمس الحقيقة.
بعد النجاح في التغييرالإعلام يحاول دائما التقدم مع تقدم انتشار الفكر الصحيح بين الناس، ولكن دائما يحاول بتر الحقيقة وتشويهها.
فإذا وصلت هذه الجماعة التي تحمل الفكر الصحيح إلى السلطة، فلا تتوقع انتهاء الحرب الإعلامية ضدها، فالحرب ستصبح أقوى وأوسع وفي مجالات متعددة ولكن من دول مجاورة وليس من نفس الدولة الوليدة؛ حيث ستقوم الدول المجاورة باستضافة أتباع النظام القديم وتوفر لهم الإعلام كي يهاجموا الدولة الوليدة، فالحرب ستصبح عسكرية واقتصادية وإعلامية وفي جميع المجالات من الأعداء بشكل عام ضد الدولة الوليدة، ففي مجال الإعلام من فلول النظام السابق سيتم بث الإشاعات المغرضة ضد قادة الدولة الجديدة وسيحاول الأعداء عن طريق عملائهم إضعاف الجبهة الداخلية، وهنا على الدولة التصدي لهم بالفكر أولا والقوة ثانيا لأنهم سيكونون من النوع الذي لا يبحث عن الحقيقة بل هدفهم الفت في الجبهة الداخلية، ولكن بالفكر حتى يدرك الناس أنهم أعداء لهم وليسوا منافسين على الحكم تم القضاء عليهم.
أما من الخارج فلن تتوانى الجهات الخارجية عن الحرب على مستوى الإعلام، فمثلا:
• سيركز الإعلام على موضوع الجبهة الداخلية للدولة وإظهارها أنها ضعيفة ومتضعضعة، وسيعمل على تشويه صورة الحكام الجدد.
• إبراز بعض الأعمال داخل الدولة للنيل منها، مثل إبراز قتل احد العملاء على إجرام تلك الدولة الوليدة وأنها تقتل كل من يعارضها.
• إبراز بعض العملاء المتذمرين من النظام الجديد على أن تلك الدولة دولة ظالمة لشعبها.
• أثناء الحرب تحاول الدول المعادية التركيز على بعض الأمور الحربية وليّ الأخبار كي تبرز همجية هذه الدولة الجديدة.
هذا الاتجاه هو اتجاه هجومي من قبل الدول، فهو كالسلاح يستخدم ضد هذه الدولة الوليدة، والآن على الدولة أن تقوم برد هذه الهجوم عليها من قبل أعدائها، فيجب الرد على الأعداء بهذا السلاح ومهاجمتهم في نفس الوقت، فسلاحها (إعلامها) يجب أن يهاجم ويدافع في نفس الوقت. فمثلا:
• تقوم الدولة بفضح العملاء الذين يعملون في الداخل وتبين أهدافهم وغاياتهم وارتباطاتهم.
• تنشر الدولة صورة تطبيقها للنظام الجديد، على الناس حتى يرى ويلمس الناس التغيير الذي حصل.
• تحاول عن طريق الإعلام تقوية الجبهة الداخلية بنشر الأفكار الصحيحة.
• مهاجمة الأنظمة المعادية ببيان زيف نظامها والظلم الذي ألحقته بالبشر.
• بيان إجرامها وما أحدثه تطبيق نظامها على البشرية من ويلات.
وستكون الأيام الأولى عصيبة على الدولة الوليدة، ولكنه الفكر الصائب يأبى إلا أن يكون في المقدمة وله السيادة على جميع الأفكار الأخرى.
والإعلام لهذه الدولة ينمو ويكبر مع نمو هذه الدولة، فالدولة لا غنى لها عن الإعلام في حربها على الدول المعادية، ولكن ليعلم أن الفكر الصائب لن يحجبه أحد وان استخدمت كل الأغطية الموجودة في العالم لحجبه، قال تعالى: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُون).