في الرثاء
إلى سيِّدي
شعر : جواد عبد المحسن الهشلمون
جفف دموعك ان أتيتَ معزياً = واحمل بكفك من رسولك رايةِ
واجعل عزاءكَ دافعاً تسمو به = فالعينُ يخبو نورها بالدمعةِ
وارفع بساريةٍ يرفرف فوقها = رآي العقاب فعزها هو عزتي
واسلك سبيل الله تهدى للهدى = سُبلَ السلامِ طريقةً لطريقتي
واسمع بأذنِ القلب صوتَ جحافلٍ = رفعوا اللواء بيثربٍ و بمؤتةِ
وانظر تراه أبا عبيدة شامخاً = و ابنَ الوليدِ و جعفراً و الصفوةِ
رفعوا العقابَ على البسيطةِ كلها = فغدت تشعَّ النور بعدَ الظلمةِ
**********
لكن من طبع الثعالب غدرَها = نسجت بلؤمٍ كي تُبيدَ خليفتي
وكبا الجوادُ فلو سمعتَ كبيرهم = يعوي و ينهش في السَّدى و اللُّحمةِ
الانجليز بقضهم و قضيضهم = والغاصبونَ تحكَّموا بالامةِ
و تمزق الجسدُ العظيم بمكرهم = و تقوقعوا كلٌّ يُنادي دولتي
حتى تصدى للذئاب غضنفر = وَرعٌ تَقيٌ رافضٌ للذلةِ
زرع البذور فأنبتت جناتهُ = عبد القديمِ و صالحٍ و قيادتي
********
روحي فداك لو المنايا أسعفت = آثرتُ عنكَ بأن تكونَ منيَّتي
قدري بأن تبكي العيونُ دُموعها = و القلبُ يبكي غُصةً من غصتي
قالوا أتبكي ؟ قلت عينِيَ لا أنا = عيني عصتني و الجفونُ و مقلتي
خمسونَ عاماً او تَزيد وما كبا = هذا الجوادُ و ما حناها هامتي
رغم التشردِ و الجراحِ و سطوةٍ = رفع الشعار .. بأن سأبني دولتي
مضمارهُ الدنيا و يحفرُ فِكره = أن الخلافةَ مطلبي و مهمتي
الزاد تقوى و العزيمةُ معولٌ = و الدربُ صعبٌ ؟؟ لا تَلينُ عزيمتي
فكأنه النحل المواظِبُ واصلٌ = ليلٌ نهارٌ لحظةً في لحظةِ
فتراه يُهرعُ إن رأك بمأزقِ = و يَبَشُ فَرِحاً ان رآكَ بفرحةِ
راعٍ و يَرعى بانسجامٍ و التُقى = حُلَلٌ و قلبٌ واسعٌ لمحبتي
ما كان من كسلٍ ينام وغفلةٍ = بل كانَ من عزمٍ يسابق خطوتي
يغدو الى النُّوامِ يَشحذُ عَزمهم = فِكراً يُنير طريقهم بالحجةِ
تسرى البشاشةُ في رقيق كلامه = وَ تَحسُّ دِفئَ حنانهِ و الرقةِ
يا أيها العَلمُ المؤمَّل كالندى = قيظِ يُقصدُ وارفٌ كالجنةِ
أنتَ المنارةُ في بحورٍ بُعدُها = عُمقٌ وافقٌ في سماءِ متاهتي
فأخذتَ من همم الصحابةِ نفحةً = وجعلتَ منها موئِلاً للهمة
وطلبتَ قمةَ كل علمٍ نافعٍ = تروي به عطشى القلوب بامةِ
فوجدتُ فيكَ الرَّي بعد تعطشٍ = ظمآنَ أنهلُ من صفاءِ الفكرةِ
أنا قد اطعتكَ مذ وَعيتُ تقرباً = لله فيكَ تَقربي ومحبتي
من كان لا يدري بأنك سيدٌ = طوعاً بأمر الله أنتَ الجُّنةِ