بلاد المسلمين كلها مغتصبة
رأوا حلب تتدمر فخرجوا يحتجون وعادوا إلى بيوتهم، ورأوا فلسطين تقصف وكذلك الشيشان وبورما وكشمير فخرجوا واحتجوا، ثم عادوا إلى بيوتهم، ولم يتوقف القتل والتدمير والقصف، بل إن قائمة البلاد التي تتدمر تزداد والشهداء أعدادهم في ازدياد.
هؤلاء هم المسلمون يخرجون متظاهرين محتجين على قتل إخوتهم في البلاد المجاورة، ولكن لان هذا ما بحيلتهم، فان عملهم هذا لا يقدم كثيرا في نصرة المظلومين والمستضعفين.
لو بحثوا قليلا وأعملوا تفكيرهم كثيرا في واقعهم لمعرفة السبب في هذا الواقع الأليم، لوجدوا أنهم الحكام الخونة المجرمين المنصبين على رؤوسهم، فهم من يحرس الحدود بين البلاد في العالم الإسلامي وهم من يحافظ على حدود سايكس بيكو وهم من يحرس يهود ويدعم بشار الأسد ويوالي قتلة أهل الشيشان والعراق وكشمير، حكامنا هم الحراس الحقيقيين للكفر وإجرامه، هم حكام وصلوا للسلطة بطريق غير شرعي، وتغيير حالنا لا يكون إلا بخلعهم من جذورهم، فلا طاعة لهم ولا عصمة كما يفتي بذلك علماء منافقون بالقول: "أن هؤلاء ولاة أمر يجب طاعتهم وعدم الخروج عليهم".
نعم حتى يكون الحاكم شرعيا وولي أمر يجب أن يتوفر له شرطان أساسيان وهم: الحكم بالإسلام والبيعة من أهل البلاد، والحكام الحاليين لا يحكمون بالإسلام بل على العكس يحاربون تطبيق الإسلام ومن يعمل لإعادة الحكم بالإسلام خلافة راشدة على منهاج النبوة، وأما الشرط الثاني فانه لا بيعة لهم من أهل البلاد، بل هم منصبين على رؤوسنا بأمر أمريكي بريطاني غربي، والغرب يدعكم حكمهم الديكتاتوري، وإذا فكر شعب بالخروج على هيمنة الغرب في البلاد الإسلامية سعى الغرب بكل طاقاته ومجندا جميع عملائه لإبادة أي شعب يفكر بالتحرر كما يحصل مع أهل سوريا، جندت أمريكا لعميلها الأسد عملاء آخرين كحكام إيران تركيا والسعودية وقطر والأردن ومصر ليحموا بشار الأسد، واستعانة بروسيا الحقودة على الإسلام لمساندتها في إبقاء بشار الأسد ومنع المسلمين من التحرر الحقيقي من هيمنة الغرب.
ولذلك فحكامنا ليسوا بولاة أمر، ولا تجب طاعتهم، ولا ينطبق عليهم أي حديث شرعي يتكلم عن ولاة الأمر، بل هم مغتصبون للسلطة في بلاد العالم الإسلامي، ولا شرعية لأي منهم ولا لأي عقد يعقدونه مع الكفار والمجرمين ويكون مخالفا للشرع ولصالح الكفار المجرمين.
إذن فلسطين والعراق وأفغانستان وغيرها ليست هي المحتلة فحسب، بل زد عليها البلاد التي تم اغتصاب الحكم فيها من قبل عصابات إجرامية تدعمها الدول الغربية وتسمى هذه العصابات بحكام المسلمين، ولذلك قبل التفكير بنصرة حلب وفلسطين وكشمير والشيشان وبورما وغيرها يجب على كل مسلم في بلده أن يعمل جاهدا على تحرير بلده من تلك العصابات الإجرامية التي تسمى الحكام وقلعهم من جذورهم وإقامة نظام الحكم الإسلامي مكانهم نظام الخلافة الراشدة.
ولكن مع الفارق أن فلسطين وشبيهاتها يحكمها كفار وجنودهم كفار مجرمون وهم معادون شديد العداء لأهل فلسطين ولكل المسلمين، وإزالة هذه الأنظمة لا يكون إلا بالقوة العسكرية، بينما الدول في العالم الإسلامي تحكمها تلك العصابات الإجرامية بدعم من أبناء المسلمين وجيوش المسلمين، فكيف يتم تحريرها من هذه العصابات؟؟؟؟
إن الذي جعل هؤلاء يسيطرون على بلادنا عدة أمور يجب العمل على نقضها والعمل بشكل معاكس لها:
• استطاع هؤلاء الحكام السيطرة على بلاد المسلمين بسبب الجهل وقلة الوعي السياسي والشرعي والفكري على الإسلام، وأيضا ترسيخ هذا الجهل وقلة الوعي بين المسلمين، وهذا هو السبب الرئيسي، ولذلك على أي جماعة تعمل للتغيير إن يكون جزء رئيسي من عملها العمل على نشر الوعي بين المسلمين، لأنه بدون وعي المسلمين ستكون أي جماعة عاملة للإسلام غريبة عن الناس وقد تتعرض لنقمة الناس إن لم تستطع إقناعهم بمشروعها، وهذا هو أهم عمل واشق عمل بنفس الوقت.
• الحكام يسيطرون على البلاد عن طريق أحزاب علمانية وإسلامية معتدلة (منافقين)، ولذلك يجب أن يتم تأسيس أحزاب إسلامية مبنية على أساس العقيدة الإسلامية فقط، لأنه لا نصر لأحزاب في مبدئها شوائب مخالفة للعقيدة الإسلامية وهذا من مقتضيات العقيدة الإسلامية.
• التعرض للأفكار وعدم التعرض للأشخاص لتقليل الأعداء وتفويت الفرصة على الحكام المغتصبين للحكم لإحداث الفتن بين المسلمين، فالحكام يوجدون أشخاصا موالين لهم يقومون بشن الهجوم على كل من يفكر بالعمل ضدهم، مثل علماء منافقين يفتون أن الحكام الحاليين ولاة أمر، ويفتون انه لا أحزاب في الإسلام مع أنهم يدعمون الحزب الحاكم العلماني، ومثل التعرض لنقض الدستور والديمقراطية والدولة المدنية، وبيان عمالة الحكام وارتباطهم بالغرب الكافر، وفي كل هذه الأمور يجب الحذر من الانجرار لجدالات عقيمة مع الأشخاص، لان هذا يصرف التغيير عن الحكام رأس الشر في البلد، بل السياسة الصحيحة هي رسم الخط المستقيم أمام الخط الأعوج.
• الحكام يسيطرون على الجيوش ليحكموا البلاد ولذلك يجب العمل على الاتصال بأفراد الجيش وبيان الصحيح من الخطأ لهم، وبيان عمالة قادتهم، وانه يجب عليهم الثورة على الحكام وخلعهم، وان طاعتهم للحكام في مشاريعهم وسكوتهم عما يجري للمسلمين إثم عظيم.
• بيان كذب إعلام الحكام ودجله وكشف كل مؤامراته على المسلمين، وذلك حتى يفقد الإعلام مصداقيته أمام الناس.
• بيان العلاج الصحيح لمشاكل الناس كما هو وارد في الإسلام وشريعته وبيان أن شريعة الإسلام الوحيدة الصالحة لعلاج جميع مشاكل الناس، وإعطاؤهم صورة مشرقة عن دولة الخلافة لإيجاد الدافعية عندهم لإيجادها، وإعطاؤهم الصورة الحقيقية للحكام الحاليين وللغرب الذي يدعمهم من وراء ستار ولحقيقة المبدأ الرأسمالي لينفروا منها ولتصبح عندهم الدافعية لخلعه ومحاربته.
القيام بهذه الأمور يضرب العلاقة بين الحكام والمحكومين ويشحن الناس للثورة على الحكام وخلعهم، فان ثار الناس فيجب قيادتهم في هذه الثورة، لخلع الحكام وإزالة عروشهم وإقامة نظام الخلافة على أنقاض عروشهم، وان قامت الثورة قبل اكتمال الوعي وهذا ما حصل للثورات في مصر وتونس وليبيا واليمن فان فرصة الالتفاف عليها من قبل الحكام واردة، ولذلك يجب الاستمرار في العمل من قبل الأحزاب الإسلامية الحقيقة لشحن الأمة وبيان فساد الأنظمة الحالية حتى يكتمل الوعي اللازم للثورة، وعندها يجب الاستمرار في تحريض الأمة مجددا على الثورة على الحكام حتى لو حصل قبلها عدة ثورات فاشلة.
وهناك ملاحظ أخرى وهي أن قادة الجيش أو الرتب الثانية في الجيش إن اقتنعوا بفكرة التغيير وقاموا بالانقلاب على الحكام، وأعطوا النصرة للأحزاب العاملة للتغيير، فان هذا سيوصل أهل الحق إلى الحكم ليطبقوا مشروع الحكم الإسلامي الوحيد وهو نظام الخلافة، ومن هذه المرحلة تبدأ مرحلة التغيير العملية الحقيقة في الأمة الإسلامية.
ومن وصل للحكم فيجب عليه الانتباه لأمور يجب أن تكون واضحة عنده سلفا قبل الوصول إلى الحكم، ومن هذه الأمور الهامة جدا:
• وجود مشروع لدستور جاهز لدولة الخلافة، فلا يقال عندما نسقط الحاكم نوجد الدستور، فهذا غير صحيح، لان من وصل الحكم بدون دستور يجد نفسه مضطرا لتطبيق نفس الدستور القديم المبني على الكفر، وهذا فيه إغضاب لله تعالى.
• إزالة جميع الوسط السياسي للحاكم السابق من أحزاب وكتاب ومفكرين وإعلاميين، والسيطرة عليهم إما بالاعتقال أو الإقامة الجبرية أو القتل إن استدعى الأمر، المهم يجب أن لا يبقى هؤلاء طلقاء يعيثون فسادا في الأرض.
• السيطرة التامة الكاملة على وسائل الإعلام، وتغيير جذري كامل لإداراتها وتعيين إدارات جديد لها تبث فقط ما يريده الحكم الجديد الذي يريد تطبيق الإسلام، وفكرة انه يجب ترك الإعلام يبث ما يريد هي فكرة خبيثة لم توجد أصلا في التاريخ والواقع وكل الحكام وظفوا من يبث لهم ما يريدون، وهذا نفسه ما سيكون في دولة الخلافة، فلا يوجد شيء اسمه الإعلام الحر، فهي كذبة صدقناها وخدعنا بها.
• العمل السياسي والإعلامي والعسكري إن لزم الأمر لضم بلاد المسلمين بلدا بلدا لهذه الدولة الوليدة، لان الاكتفاء بالحدود الاستعمارية لهذه الدول والبقاء ضمنها هو مخالفة شرعية صريحة، وهو أول طريق الانهيار بعد البناء، فالأمة الإسلامية واحدة يجب توحيدها وان استلزم الأمر استخدام القوة في ذلك.
وهكذا فقط نحرر بلادنا أولا من الحكام الحاليين، وعندها يتم تحرير البلاد المحتلة من ضمن مشروع توحيد المسلمين، وتحرير بقية البلدان من الحكام الحاليين وأنظمتهم، ويتم إنقاذ أي بقعة تتعرض للاعتداء من قبل الكافر بالقوة العسكرية فقط، لان الكفار لا يفهمون إلا لغة القوة في مثل هذه الأمور، وهذا لا يعني أن يكون قادتنا غير محنكين سياسيا، فيجب أن يكون الوعي عند قادة هذه الدولة في السياسة وفنونها وفي الخدع السياسة لدول الكفر وفي المناورات السياسة عاليا جدا، وفي نفس الوقت يجب أن نكون الأول عالميا في الرد العسكري على أي اعتداء على بلاد المسلمين.
هذا هو الأسلوب الحقيقي للرد على المجازر التي تحصل في بلاد المسلمين، وأما غيره من الأساليب مثل الاكتفاء بالمظاهرات والاحتجاجات والدعاء وغيره فلن ينقذ أي مسلم، فمن أراد إنقاذ أهل حلب أو بورما أو فلسطين فليعمل أولا على تحرير بلاده المغتصبة من قبل الحكام الحاليين وعندها فقط يستطيع مساندة حلب وبورما وفلسطين بشكل حقيقي.
نعم يجب على المسلمين تحرير أنفسهم أولا من المغتصبين للحكم في بلادهم، وعندها يستطيعون مساندة بعضهم والتوحد في دولة واحدة، أما وحراس الكفر موجودين على رقابنا فلن نتمكن من فعل شيء، صحيح أن هذا العمل شاق ومضني، ولكن لا يوجد غيره، فلا الأعمال القتالية ضد الحكام أفادت، ولا مشاركتهم الحكم أفادت كما يفعل الإخوان المسلمون وبعض السلفيين، ولا الارتباط بأنظمة عميلة في العالم الإسلامي أفادت، ولا السكوت عنهم جلب للناس أمنا ورخاء، فلا حل إلا ما طرحناه حاليا، وهذا طبعا للبلاد المستقرة وليس لسوريا أو أهل فلسطين مثلا.