منتدى الناقد الإعلامي

السلام عليكم , للمشاركة اختر ( دخول | تسجيل )



ملتيميديا

مقتطفات فيديو من انتاج الشبكة

الملف الشخصي
صورة العضو
التقيم
 
الخيارات
الخيارات
الإعلان الشخصي
طارق عبد المعز لم يقم بكتابة أي إعلان .
معلومات شخصية
طارق عبد المعز
ناقد نشط
العمر غير محدد
الجنس غير محدد
إسم البلد غير محدد
تاريخ الولادة غير محدد
الهوايات :
لا توجد معلومات
الإحصائيات
الإلتحاق بتاريخ: 24-February 15
عدد مشاهدة الملف 5,517*
آخر تواجد في : 17th July 2015 - 08:31 PM
التوقيت المحلي: Nov 14 2024, 02:28 PM
41 المشاركات (0 :المشاركات باليوم)
معلومات الإتصال
AIM لا توجد معلومات
Yahoo لا توجد معلومات
ICQ لا توجد معلومات
MSN لا توجد معلومات
Contact خاص
* يتم تجديد عدد المشاهدات كل ساعة

طارق عبد المعز

الأعضاء

***


المواضيع
الردود
التعليقات
الأصدقاء
المحتوى
التطبيع
التطبيع هو جعل العلاقة طبيعة أي حالة سلام لا حرب و لا تهديد بحرب.

و حالة التطبيع تقتضي الاعتراف المتبادل و اقامة علاقات سياسية و دبلوماسية و تجارية و ثقافية وسياحية و اتصالات وغيرها.

و كل علاقة من هذه العلاقات تقام مع الكيان اليهودي تعتبر تطبيع ففتح السفارات أو فتح المكاتب التجارية أو التبادل التجاري أو إقامة شراكة تجارية أو صناعية أو زراعية أو سياحية تعتبر من التطبيع و كل اتفاقية سياسية أو تجارية أوصناعية أو زراعية أو سياحية أو اتصالات أو غيرها تعقد مع الكيان اليهودي تعتبر من التطبيع .

و أخذ إذن من سفارات الكيان اليهودي لزيارة فلسطين أو للقيام بالسياحة هو من التطبيع و هو اعتراف بالكيان اليهودي و بإتفاقيات الصلح التي عقدت معه .

و كل عمل من أعمال التطبيع لا يجوز القيام به لا من حكام المسلمين و لا من أفرادهم و هو حرام مثل حرمة الصلح مع الكيان اليهودي و الاعتراف به .

و كل ذلك يتناقض مع حالة الحرب الفعلية القائمة بيننا و بين الكيان اليهودي.

و بالنسبة لمن يعيشون تحت الاحتلال اليهودي فإنهم في حكم الاسرى و يجوز لهم أن يتاجروا مع اليهود بيعا و شراءا .

الا أنه لا يجوز لهم أن يتاجروا معهم في السلع التي حرمها الله كالخمر و الخنزير و لا في السلع التي تؤدي الى تقويتهم .

و كذلك لا يجوز لهم أن يتاجروا معهم فيما يستوردونه من الخارج و لو كانوا وكلاء لمصدرين في الخارج كما لا يجوز لهم أن يصدروا للخارج ما ينتجه اليهود من بضائع و سلع لا لأنفسهم و لا وكلاء عن اليهود لأن هذين النوعين من التجارة هي من أعمال التطبيع .

و لا يتوقف ذلك على شهادات المنشأ أو وثائق من حكومة الكيان اليهودي أو غيرها

و عليه فلا يجوز لأي شاب من الشباب القيام بأي عمل من أعمال هذين النوعين تجاري أم غير تجاري .
أبناؤنا والفضائيات

إن للإعلام دور فاعل ومؤثر في الأمة فهو أهم وسيلة لإيصال الأفكار والمفاهيم إلى الناس والإعلان عن الأعمال ومواعيدها المتعلقة بهذه الأفكار والمفاهيم، فهو أسرع وسيلة لذلك كله إذ إن الفئة العظمى من الناس يتابعون وسائل الإعلام بشتى أنواعها.
وأهم وسيلة من وسائل الإعلام هي الفضائيات ، ويرجع السبب في هذه الأهمية على ما يلي:-
1. لأنها أسرع وسيلة إعلامية على الإطلاق، فالمشاهد يرى ما تبثه هذه الفضائيات مباشرة عن طريق الأقمار الصناعية التي تغطي الكرة الأرضية بكاملها.
2. لأنها تستقطب السواد الأعظم من الناس إن لم يكن جميعهم بسبب عظم المساحات التي يصل إليها بث هذه الفضائيات .
3. مقدرة هذه الفضائيات على تغطية الأحداث العالمية ونقلها بشكل مباشر أو لحظة حدوثها إلى المشاهدين وذلك عن طريق المراسلين والمصورين والفنيين المختصين بذلك وعبر الأقمار الصناعية.
وإذا قمنا بدراسة لهذه الفضائيات ومؤسسيتها ومموليها في بلاد المسلمين خاصة وفي العالم عامة فإننا نجد أن معظمها إن لم يكن جميعها قد أنشئ بأموال الغرب الكافر أو بأموال مستثمرين من العرب وأمثالهم من غير العرب يسيرون على نهج الكفار بتأثرهم بثقافتهم ونهجهم في الحياة ، فنتج عن ذلك أن تصبح هذه الفضائيات مسيسة بسياسة الغرب الكافر وبوقاً يدوي بصوته وساحة كبرى ليعرض بضاعته فيها ويسوقها في بلاد المسلمين .
وأخطر ما في الأمر طريقة الإدارة التي يدير بها الغرب هذه الفضائيات حسبما تتطلب مصلحته في كل بلد من بلاد المسلمين، فعلى سبيل المثال لا الحصر نجد في البلاد التي يريد الغرب الكافر تقطيع أوصالها وتجزئتها كالعراق و السودان ومصر وليبيا والجزائر، فضائيات لكل واحد منها خلفية طائفية لا هم لها إلا عرض مواد تثير بين الناس فتنة النزعة الطائفية والرغبة في الانفصال عن الآخرين. كذلك قام هذا الكافر باستغلال نسبة الجهل المرتفعة عند سكان بعض المناطق في بلاد المسلمين فأنشأ فيها فضائيات تبث الدجل والشعوذة بدعوى إعطاء الناس حلولاً وعلاجات لمشاكلهم في شتى نواحي الحياة عن طريق ترتيل آيات متفرقة من القرآن الكريم والقرآن بريء مما يفعلون، وما لهم من ذلك إلا أن يصرفوا الناس عن حقيقة كتاب الله " تعالى" وسنة رسوله "صلى الله عليه وسلم" فهما دستور الأمة ومصدري التشريع لها، محاولين بذلك إقناعهم بأن القرآن ولا سنة صيدلية دواء وليسا مصدرين للأحكام الشرعية. ثم بعد ذلك أخذ هذا الكافر في إنشاء فضائيات لا عمل لها إلا أن تتبنى المغنيين والمغنيات والماجنين والماجنات وتنتج لهم أعمالهم الخليعة ثم تسوقها وتبثها للناس بشكل مستمر ودون انقطاع بغية إسقاط الناس أخلاقياً وخاصة الشباب منهم ذكوراً وإناثاً، وإنشاء أجيال جديدة من المسلمين لا تعرف في الحياة إلا الرقص والغناء والمجون والشهوات وارتكاب المعاصي فيتخذون من القائمين على هذه الأعمال مثلاً أعلى لهم في حياتهم ، فيسهل بذلك انتزاع الإسلام من قلوب المسلمين فتضيع الأمة ويدوسها الكافر بقدميه.
ومما يندى له الجبين أن تستضيف الفضائيات بجميع ألوانها أعداداً هائلة من علماء السلاطين المدثرين برداء الإسلام زورا وبهتاناً ليصدروا من خلالها فتاويهم الخبيثة والتي تصب في مصلحة الكافر زاعمين بأنها من الإسلام وهو بريء من ذلك، ناهيك عن خبث مرادهم بأن تصبغ فضائياتهم بصبغة الإسلام كذباً وزوراً فلا تجد من ينكر عليها أعمالها والمتبع لهذه الفضائيات يدرك الأفكار والمفاهيم التي تدعوا لها وثبتها وهي ما يلي :
1. نشر الديمقراطية والدعوة إليها بما فيها من إبعاد لشرع الله " تعالى" عن حياة المسلمين.
2. إفساد أمهات المسلمين عن طريق حثهن على المطالبة بما يسمونه "حقوق المرأة".
3. إسقاط أبناء وبنات المسلمين بدعوى ما يسمونه " الحرية الشخصية" والتي تمنع تدخل الآباء والأمهات بتصرفات أبنائهم وبناتهم الذين وصلوا إلى عمر الثامنة عشر عاماً فما فوق.
4. صرف عقول المسلمين ذكوراً وإناثاً وخاصة الشباب منهم عن دينهم بإلهائهم بشتى مغريات الدنيا وشهواتها.
5. محاولة تزوير أحكام الإسلام وحرفها عن مقاصدها الحقيقة بإبراز علماء السلاطين وفتاويهم الكاذبة.
6. تزويد تاريخ المسلمين العظيم عن طريق إنتاج وبث المسلسلات التاريخية المزورة والتي تظهر أسلافهم بصورة مشوهة وقبيحة لفصلهم عن هذا التاريخ المشرف حتى لا يكون دافعاً لهم لاستعادة عزتهم .
7. الطعن بحملة الدعوة من هذه الأمة والعمل على التعتيم عليهم وعلى ما يحملونه من فكرة وطريقة نابعين من العقيدة الإسلامية لإنهاض الأمة والارتقاء بها ، ومحاولة التجريح بهم وإظهارهم بصورة المتخلفين والرجعيين والإرهابيين.
والملاحظ من هذه الفضائيات أنها تستهدف بشكل مركز الشباب من أبناء وبنات المسلمين وكذلك الأمهات لأن الغرب الكافر يعلم بخبثه أنه إذا استطاع إفساد عقول هذه الشريحة من الأمة وإبعادها عن عقيدتها فإنه حينئذ يحقق الجزء الأعظم من هدفه، فبإفساد الأمهات تخرب بيوت المسلمين ويتشتت أبناؤهم وتتشتت بناتهم، فيصبحوا لقمة سائغة لهذا الكافر فيبتلعهم ثم يلفظهم في حظيرته بعد تدجينهم وهذه الفضائيات شد مستطير ومكر سيء خبيث يحيط بالأمة وأبناؤها فيجب علينا ان نقي أنفسنا وأبناءنا من هذا البلاء العظيم، وذلك من خلال واقعين :
فأولهما واقع غياب الدولة الإسلامية إذ لا يود فيه تطبيق لأحكام الله عز وجل ، وبالتالي لا تجد هذه الفضائيات من يوقفها ويقضي على ما تبثه من شرور وإفساد، فيكون الحل حينئذ حلاً فردياً ترقيعياً ، ألا وهو قيام رب الأسرة بتوعية أهل بيته على حقيقة هذه الفضائيات وأهدافها وتحذيرهم منها، ومراقبته الدائمة لهم ولمدى تأثيرها عليهم ، ومنعهم عن المحطات الخليعة والغنائية الماجنة، وتوجيهم إلى الابتعاد عن هذه الفتن والتركيز على تعلم الأحكام الشرعية المتعلقة بجميع شؤون حياتنا، وإدراك أوامر الله " عز وجل" لإتباعها وكذلك نواهيه لاجتنابها. وأما ثانيهما فنسال الله "تعالى" أن يعل لنا به فهو واقع وجود دولة الإسلام التي تطبق أحكام الله " عز وجل " بجميع شؤون حياتنا، فحينئذ لن تسكت هذه الدولة عن هذه الفضائيات بل ستقضي عليها وتستبدلها بأخرى تبث مفاهيم وأفكار الإسلام إلى العالم بأسره ، فهذا هو الحل الجذري لهذه المشكلة العظيمة ، لذلك وجب على جميع المسلمين أن يعملوا مع العاملين لإعادة دولة الإسلام فتستعيد الأمة مجدها وعزتها في الدنيا فيرضى الله عنا ويجزينا خير جزاء في الآخرة.


محمود حمد - فلسطين
بســم الله الـرحمــن الرحيــم
إمكانات الأمة.
مقدمة
عندما يُذكر موضوع استئناف الحياة الإسلامية بإقامة الدولة الإسلامية ويوجد الإسلام في الحياة فتُحل كل المشاكل العالقة لدى المسلمين والمتراكمة على مدى عشرات السنين سواء أكانت سياسية أو عسكرية أو إقتصادية أو قضائية أو غيرها، فيُضيء النور ما كان مظلماً وتحل الأحكام الشرعية كل الأزمات ويَلْتَمُّ الشمل ويجتمع المتفرق ويُرد الغائب إلى أهله فيُسرُّون به {الإسلام}، ويُعاد المغصوب والمنهوب إلى أهله ويعمُّ الخير من دين الخير ودولته.
عندما يُذكر هذا وغيره أمام الناس فالكثير منهم يستبعد ذلك لأنهم لم يعيشوا واقع دولة الإسلام ولم يَتَفَيَّئُوا ظلالها، وآخرون يستغربون ذلك ويتساءلون عن إمكانية ذلك في مثل هذه الظروف التي تعيشها الأمة من الضعف والتفرق والتشرذم والتأخر والفقر مع أن دُوَلاً كثيرة تعيش في وحدة واتحاد ونعيم ورُقِيّ وازدهار وغنىً وإمكانات كثيرة جداً في مثل هذه الظروف فهل مطلب إقامة الدولة الإسلامية مطلباً معقولاً ويتساءلون عن إمكانية ذلك وإن قامت فما هي مقوّمات حمايتها ودوامها وأين القوة والمال اللازم لذلك وأين هي القوى البشرية العلمية والصناعية والعسكرية التي يعتمد عليها مثل هذا المطلب العظيم.
لهؤلاء جميعاً نقول بعد أن نعذر بعضهم من البسطاء الذين لا توجد لهم تلك المعرفة عن إقامة الدول ومقوماتها بشكل عام وعن الأمة الإسلامية ودولتها بشكل خاص لأنهم لم يقرأوا التاريخ رغم أن ذلك مطلوب منهم ولم تفت الفرصة لهم فاقرأوا وتعلموا إمكانية قيام الدولة الإسلامية وانظروا في واقع الأمة تجدوا ما يكفي لإقامتها وحمايتها وتروا كذلك قدرة هذه الدولة على حل المشاكل التي تواجهها أمة الإسلام بل والناس أجمع وأن ذلك لا يستغرق من هذه الأمة ودولتها إلا وقتاً يسيراً.
ولبيان أن ذلك يقع في المقدور العقلي والفعلي نقول:-
إن مقومات قيام الدولة أَيّ دولة تنقسم إلى قسمين رئيسيين هما:
1- المقوِّمات الفكرية التي تقوم على أساسها هذه الدولة.
2- المقوِّمات المادِّية التي تقوم بها بتنفيذ الفكرة التي من أجلها أُقيمت هذه الدولة.
أما عن المقومات الفكرية لدى أمة الإسلام التي تقوم عليها تلك الدولة فإن الناظر إلى أمة الإسلام يجد أن لها فكرة ليست من أرقى الأفكار فحسب بل هي أرقاها قاطبة بل هي الوحيدة التي تصلح لأن يقام عليها وعلى أساسها دولة قوية محفوظة من السقوط أو الضعف إذا التزمت هذه الدولة ومن ورائها الأمة بالفكرة وبالأحكام والآراء والأفكار المنبثقة عنها حيث أن هذه الفكرة وطريقة تنفيذها جاءت من الله الخالق العالم بخلقه وما يصلح لهم وما يُصلحهم.
فبالإيمان بهذه الفكرة {العقيدة} التي تجيب على كافة تساؤلات الإنسان وتحل له كل مشاكله الفكرية حتى تصل به إلى حل يقنع العقل ويرضي الفطرة حتى يمتلئ القلب طمأنينة وبالإلتزام بالأحكام المنبثقة عن هذه العقيدة تحل كل مشاكل الإنسان بوصفه إنساناً سواء أكانت إقتصادية أو سياسية.
وقد تضافرت الأدلة من القرآن الكريم والأحاديث النبوية على تمام هذا الدين وكماله وإمكانية الحل الشافي منه لكل مشاكلنا وكذلك قد ظهر ذلك فيه تطبيق الإسلام خلال وجود الدولة الإسلامية ويظهر ذلك من تاريخ تلك الأمة والدولة، فمن القرآن قول الله تعالىٰ في سورة المائدة {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }المائدة﴾ آية 3.
ففي هذه الآية الشاملة نجد أن الله حرَّم علينا أكل أكثر من عشرة أصناف من المطعومات وشرع لنا التذكية وأباح لنا ما ذُبِحَ معها وحرَّم علينا الإستقسام بالأزلام وقرر لنا أن الذين كفروا قد يئسوا من ديننا وطلب منا أن لا نخشاهم وأن نحصر خشيتنا له وحده، ومَنَّ علينا بكمال الدين وإتمام النعمة وأنه لم يرضَ لنا إلا الإسلام ثم ختم الآية برخصة عند الاضطرار وأنه غفور رحيم.
وفي سورة النحل ﴿وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَى هَؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) ﴾ آية 89.
وفي التفسير تبياناً يعني بياناً تاماً لكل شيء يحتاجه الإنسان.
هذه الآيات هي بعض من كثير وقد جئنا بها على سبيل المثال لا الحصر فمن يقرأ في كتاب الله يجد مثلها الكثير.
وأما من حيث نصوص الأحاديث فقال ﷺ ﴿إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلاثًا فَإِنَّهُ لا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ﴾ متفق عليه-هذا في الصحة.
وقال ﷺ في الأدب ﴿اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ قَالُوا وَمَا اللَّعَّانَانِ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ فِي ظِلِّهِمْ﴾ رواه مسلم.
وقال ﷺ في الغَصب ﴿مَنْ اقْتَطَعَ شِبْرًا مِنْ الأَرْضِ ظُلْمًا طَوَّقَهُ اللهُ إِيَّاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ﴾ متفق عليه.
وقال في العلاقات الزوجية ﴿إِذَا أَطَالَ أَحَدُكُمْ الْغَيْبَةَ فَلا يَطْرُقْ أَهْلَهُ لَيْلاً﴾ رواه البخاري.
وفي الحضِّ على الجهاد قال ﴿مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ وَلَمْ يُحَدِّثْ بِهِ نَفْسَهُ مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنْ نِفَاقٍ﴾ رواه مسلم.
إلى غير ذلك مما يدل على شمولية الإسلام من النصوص.
وأما من حيث حل الإسلام للمشاكل فلو أخذنا فترة حكم عمر بن عبد العزيز مثالاً للتطبيق الحقيقي للإسلام لرأينا أنه وفي خلال ثلاثين شهراً تمكَّن من إعادة الوضع لما كان عليه قبل ذلك بأكثر من ستين عاماً فعمَّ الخير وقلَّت المسألة حتى أن يحيى بن سعيد يقول بعثني عمر بن عبد العزيز على صدقات أفريقيا فلما جمعتها بحثت عن أصحاب الحقوق منها فلم أجد، فاشتريت بها رقيقاً وأعتقتهم، هذا بعد أن كان كل الثروات لا تكفي حاجات الأمويين وترفهم، فبتطبيق الإسلام حقاً عمَّ الخير وحُلَّت المشاكل.
وكذلك توجد الحلول لما استجد من أمور من خلال الإجتهاد الصحيح المعتبر الذي يقوم به أهل الكفاءة والتقوى من العلماء.
من ذلك يتضح أن هذا الدين بفكرته وطريقته يحمل الحل لكل مشاكل الإنسان كإنسان في كل زمان ومكان وإنه لم يترك للناس أن يحكموا بغيره من القوانين الوضعية والعشائرية وحكم العقل والهوى.
ولا يغيب عن بالنا كذلك {في معرض حديثنا عن صلاحية هذا الدين وهذه الأمة لإقامة الدولة وحمايتها} تلك الفترة التي قامت فيها دولة الإسلام الأولى على بضع مئات من العرب الذين آمنوا بهذه الفكرة ممن كانوا لا شأن لهم قبل الإسلام في تلك الفترة التي كانت فيه السيادة على الأرض وعلى غير بعيد من المدينة المنورة كانت السيادة لعملاقين آنذاك يتنازعان العالم القديم هما الفرس في المشرق والروم في المغرب وليس للعرب (المسلمين) أي تدخل أو وجود في صنع السياسة العالمية والموقف الدولي آنذاك.
فما هي إلا سنوات حتى أخضعوا نصف الجزيرة لدولتهم تقريباً وأخذوا يتطلعون إلى أطرافها لإخضاعها كما حصل في تبوك ومؤتة ولم يمر عقد ونصف على تلك الدولة حتى أخضعت المركز الروحي للروم وهي القدس لسلطان الإسلام ودولة الإسلام مروراً بالبلدان الواقعة بين المدينة والقدس ولم تمضِ سنة 91 هـ حتى انهارت دولة الفرس وانضم معظم بلدانها لدولة الإسلام وكذلك سقطت بلاد الشام ومصر وشمال إفريقيا ودانت لدولة الإسلام التي باتت آنذاك تسيطر على 75% من العالم القديم، وأصبحت في مركز الدولة الأولى في العالم التي يحسب لها ولجيشها ألف حساب ويهاب جانبها عندما أخذت تفتح البلدان وتخضعها لسلطان الإسلام والمسلمين جهاداً في سبيل الله وإظهاراً لهذا الدين.
وقد بقيت على ذلك حتى اعتراها الضعف نتيجة انحطاطها الفكري وابتعادها عما يربطها بفكرتها وبفهم هذه الفكرة ويرجع ذلك إلى إهمال اللغة العربية حيث أنها الوعاء الذي يحمل الإسلام وبها نزل القرآن فضعف الاجتهاد أو زال مما جعل من السهل على الكافر المستعمر أن يهاجم الإسلام والمسلمين بزرع النعرات الوطنية والقومية والشعور بالنقص والحاجة إليه إلى أن تَمكَّن من القضاء على الدولة الإسلامية، في وقت عجزت عنه الدولة عن حماية نفسها لتفككها وترهلها وكثرة الثغرات فيها وكذلك عدم وجود من يقوم بأخذ زمام المبادرة لإصلاح الوضع بالمحاسبة وإعادة الدولة إلى العهد الذي بينها وبين الأمة من أن تحكمهم بالإسلام ولها الطاعة وذلك ناتج عن عدم تطلع العلماء بالواقع السياسي وجهلهم به مما أدى إلى هدم تلك الدولة وتوزيع ميراثها بين دُوَل الكفر وخاصة بريطانيا وفرنسا وهو ما نعاني نتائجه حتى اليوم وسنبقى إن لم نَقُمْ بإعادة هذه الدولة إلى الواقع.
لقد كان ذلك في بحثنا عن المقومات الفكرية والتي تبين لنا من خلال هذا البحث أنها متوفرة لم يبقَ إلا تناولها فقط وإعمالها.
أما عن المقومات المادية فتقسم إلى:-
1- المقومات البشرية - أعداد بشرية - كفاءات علمية وصناعية - واستعداد هذه الكفاءات.
2- المقومات الاقتصادية - ثروات ومعادن - صناعات - أموال لرفد الدولة بما تحتاجه وتستغني به عن غيرها.
3- المقومات العسكرية التي تُمكِّن الدولة من فرض سيطرتها في الداخل وحمايتها في الخارج وحمل دعوتها لفكرتها إلى العالم.
1- المقوِّمات البشرية:
من العناصر الرئيسية التي تقوم عليها وبها الدول العنصر البشري الذي هو أساس في العمل فهو الذي يصنع وهو الذي يتاجر وهو الذي يستخرج ما في باطن الأرض من الخيرات وهو الذي يحولها إلى مواد وأدوات تلبي حاجاته وحاجات غيره المباشرة وغير المباشرة والإنسان هو الباحث والعالم ليجد الحلول للمشاكل المادية كالعلاج للأمراض وتطوير الصناعة والزراعة وإمكانية زيادة الإنتاجية الحيوانية والنباتية لتلبي حاجات الإنسان الحديث.
وهو كذلك الذي يجتهد في النصوص الشرعية ليجد حلاً لمشكلات الإنسان المحدثة من خلال الشرع بعدما لم يجد لها حلاً في ما وصله مما سبق وذلك لعدم حصول مشكلات مشابهة، والإنسان هو الذي يتعلم ويُعلم وهو الذي يقيم الدول وهو كذلك الذي يهدمها وهو الذي يحاسبها و يحافظ عليها ويقومها وهو الذي يقود الجيوش لنشر أفكار الدولة في الخارج ويطبق أحكامها في الداخل وهو الذي يحمي الدولة من الأفكار الخبيثة لمنع دخولها وتداولها.
ونحن المسلمون في مجال الطاقة البشرية لدينا الكثير فنحن 1.5 مليار مسلم تقريباً موزعين في كل أقطارنا وطاقاتنا وإمكاناتنا وثقافاتنا العلمية وجغرافيتنا وهذا ما يُوفر لنا معرفة شاملة واطِّلاع واسع على ما يجري في العالم.
ففي هذه الكفاية لإقامة دولة فهناك دول قامت بإعداد أقل بكثير وأولها كما قلنا سابقاً عن الدولة الإسلامية الأولى وكذلك في العصر الحاضر هناك دولاً كبرى لا يتجاوز تعدادها تعداد قطر واحد من أقطار المسلمين، فبريطانيا مثلاً سكانها مساوٍ تقريباً تعداد سكان مصر وكذلك تتماثلان في المساحة إلا أن مصر أهم في موقعها الجغرافي فهي (مصر) الآن من دول العالم الثالث تعيش على المعونات الخارجية وكانت إحدى مستعمرات بريطانيا قبل قرن تقريباً بينما بريطانيا دولة منافسة تقريباً على موقع الدولة الأولى وكانت دولة استعمارية حتى وقت قريب ومصر لا شأن لها بالسياسة الدولية، دولة فيها النيل والدلتا وقناة السويس أهم معبر تجاري في المنطقة بحاجة لمساعدات؟، ودولة تفتقر لكل هذا فموقعها غرب البر الأوروبي لا يحتاجها للعبور أحد وليس لها تاريخ قديم تدفع المساعدات لتجعل منها طعما لتقع ضحية للاستعمار كما هو حاصل الآن، إذ أنها لها دول تدور في فلكها وتعمل لصالحها على حساب مصالح شعوبها كما هو الحال في الخليج العربي وغيره.
إذن العنصر البشري الذي استخدمته بريطانيا لتستعمر الدول ليس فقط لإقامة الدولة، فقد وصلوا لجنوب إفريقيا للحصول على الذهب وليس لرفع المستوى الفكري والثقافي لدى السود، وهذا العنصر موجود لدينا منه ما هو أفضل منه بكثير في عقليته وطاقاته وتوحده وتجربته وخبرة الآباء والأجداد وتاريخهم، فالمادة الأساسية لإقامة الدولة الإسلامية متوفرة ومهيأة لنا.
وأما عن الطاقات العلمية لدينا فعندنا طاقات علمية كثيرة وكبيرة ومميزة وقادرة على استغلال الثروات الموجودة وهذا واضح وجلي فكما كانت هذه الأمة في السابق فيها العلماء في كل مجال فأبو البصريات ابن الهيثم ومكتشف الدورة الدموية ابن النفيس والخوارزمي أبو اللوغاريتم والكمبيوتر.
أما مَنْ يسأل عن أمثالهم في عصرنا فنقول بنظرة بسيطة تُرَى كم هم علماء الأمة الذين يهجرونها إلى الخارج إما بضغط من السلطات أو عدم إمكانية العمل في مجالاتهم، فعلى سبيل المثال عالم مصري في وكالة ناسا الفضائية الأمريكية وأمثلة ذلك كثيرة
يقول البروفيسور أنطوان زحلان عندما سئل أن هناك اعتقاداً بإنه إذا لم تذهب إلى الغرب فاجلب الغرب إليك ولدينا الجامعة الأمريكية في بيروت والقاهرة ومضى على وجودها مئة سنة فلماذا لا تُنتج علماء يتولون حكم السياسة العلمية على الأقل؟
فأجاب: ليس بيدهم شيء إن المنظومة لا يمكن تغييرها ببساطة فاليابان تطلبت 30 سنة والصين 200 سنة.
سنة 1949 كان هناك ثلاثون ألف عربي يحملون شهادات جامعية والآن عددهم عشرة ملايين أو أكثر، كذلك 822 عالماً مصرياً في المجالات الحديثة كالذرة والهندسة الوراثية يعيشون في أمريكا ومثلهم في أنحاء أخرى من العالم كما صرح بذلك رئيس الجهاز المركزي للإحصاء في مصر.
وهناك أكثر من خمسين ألف دكتوراه في العلوم ولا يمكن الإستفادة منهم إذا لم توفر لهم الظروف التي تساعدهم على العمل ولا يمكن أن توظف طبَّاعين دون مطبعة ولا حاجة لك بعشرين جرَّاح قلب إذا لم يكن لديك مستشفى وفيه إمكانات إجراء الجراحة.
هذا عن واقع الأعداد البشرية للمسلمين والكفاءات العلمية المتوفرة لديهم وأما عن استعدادهم للعمل في كل مجالات العمل الذي يستطيعونه فإليكم أدلة ذلك من الواقع:-
أ- من ناحية الإستعداد العلمي للعطاء فلم يهاجر عالم مسلم من بلاده إلاّ بعد أن لم يجد له وظيفة أو عمل ضمن اختصاصه بل إن بعضهم تم قهره وتشغيله في مكان يجعله يفرُّ للغرب لأن هذه الوظيفة تكون على سبيل الإهانة مثال ذلك أن يعمل باحث كيماوي (دكتوراه) كاتب دوام لعمال مما دعاه للهجرة كذلك استعدادهم للعودة ومنهم من عادوا.
ب- أما من الناحية العسكرية فمن يسمع عن الجيش المصري سنة 1973 الذي لولا الأمر بالإنسحاب بعد التوقف وإحداث لعبة جيب الجيش الثالث لتمكَّن من اجتياز الحدود إلى عمق دولة اليهود وكذلك الجيش السوري الذي شهد له الجميع بأنه وصل إلى طبريا ويروي شهود العيان من الداخل الإسرائيلي أن الجبهة الداخلية كانت مهتزة تماماً وكذلك ما حصل سنة 1982 في جنوب لبنان وكذلك أحداث الإنتفاضة ضد اليهود التي بدا تأثيرها على اليهود واضحاً لكل من له عين، ومقدرة الفرد المسلم بفرديته فكيف بأمته.
هذه هي القوى البشرية للأمة وإمكاناتها واستعداداتها عبر التجارب التي سقناها كمثال ليس للحصر، فهل من يملك كل هذا يستغرب أو يستبعد أو حتى يتساءل عن إمكانية قيام دولة إسلامية، بالإشارة إلى أن اليهود في مؤتمر بال سنة 1897 قرروا إقامة دولة في مدة أقصاها خمسون عاماً فماذا كانت إمكاناتهم وهم شعب صغير مشرد في أصقاع الأرض مكروه، وأقاموها فعلاً لأنهم سَعَوْ لها بجدٍ وثقة.
وبعد الحديث عن الإمكانات البشرية والقدرات العلمية والاستعداد للعمل، فلا يكون حديثاً كاملاً إلا إذا استوفى مواده ومنها العسكرية وهي قسمان:
1- الإنفاقات العسكرية.
2- المعدات العسكرية الموجودة لديهم وعدد الأفراد والمقومات.
أما عن الأول وهي الإنفاقات العسكرية:-
إن لعبة الأرقام وتجارة السلاح في الوطن العربي لا تعرف عنها شيئاً إلا عبر الأرقام التي ترد عبر تقارير معاهد الدراسات الإستراتيجية الغربية وأهمها معهد الدراسات الإستراتيجية في لندن {I.I.SS } نظراً لاستقلاليته وكذلك معهد أبحاث السلام الدولي في استكهولم الذي نشر تقريره السنوي عن التسلح ونزع السلاح والأمن الدولي {سيبري}
تقول تقارير أن إسرائيل والسعودية تُقدِّر إنفاقهما العسكري بنصف الإنفاقات الإقليمية على السلاح في المنطقة وبتفصيل أكثر السعودية ثُلُث = 33%، وإسرائيل خُمْس= 20%.
ويقدر التقرير إنفاقات إسرائيل بِـ (7) بليون دولار سنوياً.
وإنفاقات السعودية سنة 1996 بِـ (17) بليون دولار وهذه تمثل انخفاض عن عام 1991 حيث وصل المبلغ (33) بليون وسنة 1992 (18) بليون دولار وفي سنة 1993 (20) بليون وكذلك نفس المبلغ سنة 1994 وفي سنة 1995 (17) بليون مما يجعلنا نخلص إلى أن مجموع إنفاقات السعودية من سنة 1991-1996 = (125) بليون دولار وهذا لا يشمل إنفاقات صفقة اليمامة التي تراوح سنوياً بين (3-4) بلايين من الميزانية السعودية سنوياً.
ويقول التقرير كذلك إن الميزانية الدفاعية لإسرائيل ارتفعت بمقدار (90) مليون دولار فأصبحت (7) بلايين دولار لا يدخل فيها (3) بلايين دولار هي قيمة المساعدات العسكرية الأمريكية السنوية ويُشار هنا أن (1.8) بليون دولار من المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل تُخَصَّص لشراء المعدات العسكرية والأبحاث والتطوير العسكري.
وللإطلاع على حجم الإنفاقات العسكرية للأمة الإسلامية بالأرقام رأينا أن نأخذ شريحة منها وعلى فترة بسيطة ولكن بعد أن نأخذ رقماً ضخماً للإنفاق السعودي والذي يشير إلى ما سبق أن ذكرناه وهو أن السعودية أنفقت عسكرياً (125) بليون دولار من سنة 1991-1996 بمعدل أكثر من (20) بليون دولار سنوياً عدا عن صفقة اليمامة وهي من (3-4) بليون دولار سنوياً.

أما الآن فإلى الإحصائية التي تدل بوضوح تام على وجود الأموال الكثيرة في بلادنا التي يُشكل هذا الإنفاق جزءً يسيراً منها:-
الدولة الإنفاق سنة 1995 سنة 1996 ملاحظات
الجزائر 1.4 بليون دولار 1.8 بليون دولار -
مصر 2.5 بليون دولار 2.7 بليون دولار -
ليبيا - 1.3 بليون دولار جيش صغير
المغرب - 1.6 بليون دولار جيش صغير
تونس - 0.399 بليون دولار شبه جيش {قوى أمن}
سوريا 1.7 بليون دولار 1.6 بليون دولار -
البحرين 0.273 بليون دولار 0.285 بليون دولار {11 ألف عسكري}
الكويت 3.5 بليون دولار 3.6 بليون دولار عدا نفقات الحرب وتدفع كل مناورة 14 مليون دولار
عُمان 2.00 بليون دولار 1.9 بليون دولار نفقات القوات الخارجية 10.8 مليون
قطر 0.700 بليون دولار 0.755 بليون دولار -
السعودية 17.2 بليون دولار 17.4 بليون دولار عدا صفقات الحرب وصفقة اليمامة
الإمارات 2.00 بليون دولار 2.1 بليون دولار -
اليمن 0.345 بليون دولار 0.362 بليون دولار -
الأردن 0.308 بليون دولار 0.283 بليون دولار على الصحة 290 والتربية 300 مليون
لبنان 0.490 بليون دولار 0.484 بليون دولار من أين
المجموع ما يُقارب 33 بليون دولار 36.5 بليون دولار = 69.5 بليون دولار
إيران في عامين = 8.1 بليون دولار
الأفغان من عام 1981 – 1989 = 20.0 بليون دولار
المجموع : 69.5 + 8.1 + 20.0 = 97.6 بليون دولار

وبطرح السؤال نفسه أين هي المعدات التي دُفِعَت هذه المبالغ ثمناً لها ولِمَنْ أُحْضِرت؟
خاصة وأن الدول العربية والإسلامية منها ما وقعت اتفاقية مع اليهود ومنها ما هو على الطريق فهل هذه للنزاعات الداخلية بين الأنظمة لتمرير مصالح أسيادهم، أم للشعوب الذين دفعوا ثمنها من كَدِّهم ومن خبز عائلاتهم وحليب أطفالهم.
وَلِنُكْمِل إحصائيتنا لابد لنا من ذكر نبذة مقارنةً بين إحدى الكيانات العربية وكيان اليهود لنرى ونفكر ونحكم:-
سوريا:-
عدد القوات {320 ألف}، والإحتياطي {550 ألف} ، {4600} دبابة ، {2400} مدفع منوع ،{2250} آلية منوعة ، {4200} صاروخ منوع -سكاد + فروغ + سام-.
البحرية: {5000} جندي، {3} غواصات، {4} فرقاطات، {27} زورق، {7} كاسحات ألغام ،{24} طائرة بحرية.
سلاح الجو: {40 ألف} بين طيَّار وجندي وخبير، {589} طائرة مقاتلة، {72} طائرة عمودية (هليوكوبتر )، {170} مقاتلة قاذفة، {6} طائرات تجسس.
الدفاع الجوي: {60 ألف} جندي، {130} بطارية سام، {200} سام 6، {450} سام 2+3، {48} سام 5، {60} سام 8.
هذا بالنسبة لكيان عربي واحد وهو سوريا.
أما بالنسبة لإسرائيل:
عدد القوات {175 ألف} مع الإحتياطي في الخدمة، الجيش {134 ألف} جندي، {4300} آلية، {5900} مدرعة، {400} مدفع، {400} قطعة مدفعية، {1000} صاروخ.
البحرية: {9000} جندي وخبير، {3} غواصات، {53} زورق قتال ودورية، {21} حاملة صواريخ بحرية.
سلاح الجو: {32 ألف} بين جندي وطيَّار وخبير، {384} طائرة مقاتلة، {8} بوينغ معدلة إلى أواكس، {200} طائرة عمودية ( هليوكبتر )، بطاريات منوعة مثل هوك وباتريوت.
ملاحظات:-
1- تم تطوير البوينغ إلى أواكس عند اليهود فأين تطويراتنا؟
2- هناك أسلحة متكافئة بين الجهتين.
3- لِمَنْ كل هذه الإستعدادات.
4- نكرر إن هذه الإنفاقات تدل على أننا لدينا المال الكافي لعمل كل شيء وهو موضوع الجزء التالي من بحثنا وهو موضوع:-
الإمكانات الاقتصادية:-
أما من ناحية الإمكانات الإقتصادية فهي تشمل المواد الأساسية والثروات كالبترول والمعادن الأخرى من المواد الأولية وكذلك إمكانات التصنيع والأموال اللازمة لذلك بالإضافة إلى العقول التي تقوم بالأعمال المطلوبة والتي سبق أن تكلمنا عنها.
فمن ناحية المعادن والبترول فالإحصائيات تشير إلى أن بلاد المسلمين تسيطر على أكثر وأهم المعادن اللازمة ليس لنا فقط ولكن للعالم أجمع فإن الدراسات تشير إلى أن نسبة مساهمة الفحم الحجري في ميزان الطاقة العالمي سنة 1938 مـ {73%} ثم انخفضت سنة 1950 حتى وصلت إلى {59%} وسنة 1965 وصلت {40%} ومع التقدم الزمن والعلم أصبحت الطاقة تؤخذ من المواد التالية حسب النسب التالية:-
من البترول 50%، من الفحم 20%، من الغاز الطبيعي 20%، طاقات أخرى بما فيها النووية 10%.
ويتوزع البترول في العالم على النحو التالي:
20% في أوروبا الشرقية {الجمهوريات الإسلامية}، 15% أمريكا وأوروبا الغربية ، 22% السعودية ، 29% الشرق الأوسط .
وأما عن توزيع العناصر الأخرى فيوجد في بلاد المسلمين ما مجموعه على النحو التالي:-
الحديد: {3525} مليون طن في الجزائر، ونفس الرقم في ليبيا.
الكبريت: {70} مليون طن في السعودية، {96} مليون طن في مصر، {500} مليون طن في المغرب.
الرصاص: {107} مليون طن في مصر.
البوتاس: {2000} مليون طن في الأردن.
اليورانيوم: في السعودية بنسبة وحجم مجهول.
المنغنيز: {7.5} مليون طن في سوريا.
النحاس: {100} مليون طن في الأردن.
الصخر الزيتي: {1030} مليون طن في الأردن 10%.
الفوسفات: {1038} مليون طن في الأردن.
الزنك: {2.5} مليون طن في مصر.
الذهب: {9000} طن في السعودية.
الفضة: {60 ألف} طن في السعودية.
وفي البحر الميت منفرداً فيه:-
{2000} مليون طن من كلوريد الصوديوم المستخدم في صناعة البارود.
{22 ألف} مليون طن من كلوريد المغنيسيوم المستخدم في صناعة الطائرات.
{980} مليون طن من بروميد المغنيسيوم المستعمل في صناعة القنابل.
هذا من ناحية بعض المخزون في باطن أرضنا وليس بشكل كلي فهناك الكثير من المعادن والأرقام والكميات لم نذكرها لأن الموضوع للإشارة والتنويه إلى وجود هذه المواد والخيرات وليس على سبيل الحصر، فالحديث عن ذلك يحتاج إلى وقت أطول من هذا بكثير لشرح ذلك ولكن قصدنا المثال الذي به يتَّضح الحال.
أما من ناحية الإمكانات المالية لتصنيع هذه المواد والموارد وتحويلها إلى مواد وأدوات لخدمة البشرية بعد استخراجها، فإليكم بعض الأرقام التي تشير إلى وجود هذه الأموال التي تحل بها المشكلة المالية سواء بالصناعة والتصنيع والتعدين فيساهم في تخفيض البطالة إن لم يكن القضاء عليها والتي هي مشكلتنا ومشكلة العصر فمثلاً:-
1- {725} مليون دولار لتوسعة شركة ألمنيوم أبو ظبي.
2- حجم الإيداعات النقدية والذهبية لِـ {35 ألف} أردني في الغرب تقدر بِـ {15} بليون دولار، (وبالمناسبة يذهب منها {250} مليون دولار كل عام تقريباً لصالح هذه الدول حسب قوانين هذه الدول بسبب الوفيات لأصحاب هذه الأرصدة حيث تنص هذه القوانين في هذه الدول بفرض على المودع إذا مات يُصادر نفس رصيده).
نائب أردني يقول: في الأردن {البلد الفقير} عشرة آلاف مليونير فكيف بالخليج.
وأما ما يذهل فهو هذه الإحصائية لرؤوس أموال وأرباح {25} شركة في بعض أقطار المسلمين في عامين فقط 1996-1997:-
حيث نرى أن مجموع رأسمال هذه الشركات يبلغ {71.147} بليون دولار .
أما أرباحها في سنة 1996 فقد بلغت {4.918} بليون دولار.
وفي سنة 1997 فقد بلغت {4.538} بليون دولار.
{وبعملية حسابية بسيطة نرى أن زكاة هذه المبالغ فقط يُشكل مبلغاً يحل مشكلة الكثير من فقراء المسلمين فكيف بزكاة كل أموال المسلمين}.
كذلك تشغيل هذه الأموال في بلاد المسلمين وبمواردهم الذاتية ولصناعتهم يحل كثير من المشاكل من البطالة إلى الفقر إلى الاستغناء عن العالم بل تظهر حاجته لنا إذا كنا قادرين على إدارة هذه الأموال والمعادن بشكل صحيح.
فإذا كانت {25} شركة فقط قادرة على حل أكبر مشكلتين يعاني منها المسلمين والعالم فكيف بأموال الأمة التي تكون بمالها تعيش في رغد من العيش ونتخلص من العناء والتبعية ومن الأزمات الإقتصادية التي هي صلب معاناة العالم بأكمله الناتج عن غياب الإسلام.
إحصائية الشركات الـ 25 التي أشرنا إليها سابقاً بالتفصيل:-
اسم الشركة رأس المال بالملايين أرباح سنة 1997 بالملايين أرباح سنة 1996 بالملايين
سابك السعودية 12640 1177 1675.1
الإتصالات الإماراتية 6928 464 393.8
الراجحي السعودية 5532 322 298
البنك السعودي الأمريكي 4314 246 258.8
بنك الرياض 3424 216 203.6
بنك الكويت الوطني 2873 238 218.1
البنك السعودي المتحد 2561 --- ---
إس سي آي سي المركزي 2347 --- ---
البنك السعودي البريطاني 2302 124 107
البنك العربي الوطني السعودي 2276 123 110.3
سوليدير لبنان 2260 59 32.3
إس سي آي سي الغرب السعودية 2171 260 259
البنك العربي الأردن 2097 135 239.9
بنك الإمارات العالمي 1863 104 86.7
السعودية للأسمدة 1845 164 162
بنك أبوظبي الوطني 1666 86 58.5
البنك العربي السعودي الفرنسي 1608 80 94.2
بيت التمويل الكويتي 1568 114 102.5
أو إن أي المغرب 1564 95 70.6
إتصالات الكويت 1562 114 102.5
بنك الخليج الكويتي 1419 104 85.5
بنك أبوظبي التجاري 1395 99 81.9
بنك دبـي الوطني 1351 99 95.9
بنك المشرق الإماراتي 1329 96 88.3
الصناعات الوطنية الكويتية 1274 78 66.7
المـجمـوع 71.147 بليون دولار 4.537 بليون دولار 4.918 بليون دولار
***********
وفي الختام نقول بأننا لم نأتِ بهذه الأرقام من أجل التباهي بالمعرفة فهي متاحة لكل من يريد معرفتها ولكن وضعناها أمام القارئ وهي جزء من الواقع للإثبات أن الأمة تملك الإمكانات المختلفة ما يُمَكِّنُها ليس فقط من إقامة دولة بل إقامة دولة إسلامية قوية وتستطيع هذه الأمة المحافظة على هذه الدولة وتقدر على تنفيذ فكرتها فإذا كانت أمة هذه إمكاناتها عاجزة عن إقامة دولة فما هي مقومات الدول الأخرى وقد سبق أن ذكرنا أن دُوَلاً قامت بإمكانات أقل بكثير أو حتى بشبه إمكانات.
وبعد هذا التوضيح والبيان لم يَبْقَ قَوْلٌ لِمُتَقَوِّل أو استغراب لِمُستغرب أو استبعاد لِمُستبعد في إمكانية قيام هذه الدولة رغم كثرة أعدائها والحائلين دون قيامها ولم يبقَ إلا الالتزام بالعمل لإقامة هذه الدولة التي هي وعدٌ من الله ولا عُذْرَ لأحد وخاصة القادرين على دَوْرٍ فاعل في هذا العمل لا عُذْرَ لأحد بحجة العجز وصعوبة ذلك بل إن مثل هذا يكون في صف الجهلة الذين لا يعرفون صدق وعد ربهم وقدرته على التنفيذ ولا يعرفون قوة أمتهم هذا إن لم يكونوا في صف أعدائها.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
تم بحمد الله سنة 1999مـ
﴿الحُرِّيات﴾

الحرية لغةً: الْحُرّْ: هو الخالص من الشوائب، ويقال ذَهَبٌ حُرّ أي لا نحاس فيه، وفرس حُرّ أي عتيق الأصل، ورجل حُرّ أي خالص من الرِّق أو هو الكريم، والجمع أحرار وحرائر.

والحُرِّية: الخلوص من الشوائب أو الرِّق.

وعرَّف الجرجاني في تعريفاته الحرية بقوله: {الحرية في اصطلاح أهل الحقيقة: الخروج عن رِق الكائنات وتقطع جميع العلائق والأغيار وهي على مراتب، حرية العامة عن رِق الشهوات، وحرية الخاصة عن رِق المرادات لغناء إراداتهم في إرادات الحق، وحرية خاصة الخاصة عن رِق الرسوم والآثار لانمحاقهم في تجلي نور الأنوار}.

والحرية في الإسلام هي ضِدَّ العُبودية وهي لا تساوي أو تقابل الحريات في النظام الديمقراطي وهو نظام كفر وهو الذي نريد بحثه، لأن البحث في الحريات العامة ليس بحث الحرية التي هي ضد العبودية، ولا هو بحث في الحرية مطلقاً.

فالإسـلام ليس نـظاماً دينياً فحسب، بل هو مـبدأ ودين فـي آن واحد، أما كَوْنه مبدأ فإن العقيدة الإسلامية هي ﴿لا إله إلا الله﴾ هي القيادة الفكرية وهي أساس الحياة وهي التي تُعَيِّن وجهة النظر في الحياة، وعنها تنبثق أنظمة الحياة، وأما كَوْنه نظاماً فإنه جاء بأحكام شرعية قد انبثقت من المبدأ، لذلك فهو مبدأ ونظام دين ومنه الدولة، فأحكام الشرع جاءت مقيدة للإنسان أي إنسان سواء أكان مسلماً أو غير مسلم، فالمسلم مقيد بعقيدته فلا يصح له أن يعتقد ما يشاء، والإنسان الذي يعيش تحت ظل الإسلام وليس بمسلم فهو مقيد بأحكام الشرع كلها، فيجب السير حسب أحكام الشرع، فالإنسان أي إنسان ليس حراً مطلقاً من أي قيد، بل هو مقيد بأحكام الشرع.

أما الرأسمالية والتي تعتبر الحريات الأساس الذي انبثقت عنه حقوق الإنسان فإنها تنادي بتأمين أربع حريات للفرد وهي حرية العقيدة وحرية الرأي وحرية التملك والحرية الشخصية، وهذه الحريات هي أُسُّ البلاء في المجتمعات الرأسمالية التي تحولت بسببها إلى غابات وحوش يأكل القوي فيها الضعيف، وينحدر فيها الإنسان إلى درك الحيوان نتيجة لإطلاق العنان لغرائزه وحاجاته.

فالناس في المجتمعات الرأسمالية أشبه بالبهائم، هـمّهم التمتع بأكبر قسط من المتع الجسدية، الأمر الذي يعتبره المبدأ الرأسمالي قمة السعادة، رغم أن الحقيقة هي أن هذه المجتمعات لا تعرف للسعادة طعماً، بل يعمها الشقاء والإضطراب والقلق الدائم.

هذه الحريات الأربع الأساسية التي يدعو لها المبدأ الرأسمالي وما زال، والتي تطبقها الدول بل ويصف الرأسماليون مبدأهم بها أحياناً فيقولون {المبدأ الحر}.

وهذه الحريات الأربع مناقضة للإسلام بالكامل ولا يجوز قبولها أو الدعوة إليها، وهي التي تدعو لها أمريكا كما يدعو لها ويتباهى بها حكام المسلمين ومن حولهم من المحسوبين على الإسلام إلى جانب المضبوعين بثقافة الغرب والـمُضَلَلين من السذج وغيرهم ممن يدَّعون أنهم يحملون الإسلام دعوة للناس ويطرحون الفكر الرأسمالي مثل حرية الإعتقاد على قاعدة أن الإسلام سبق الأنظمة الحالية إلى الحريات وأن قاعدة ذلك آية ﴿لا إكراه في الدين﴾ وهي التي لا تشير لا من قريب ولا من بعيد على موضوع حرية الإعتقاد ولا ندري هل هؤلاء لا يعلمون معنى هذه الآية فنعدهم مع الجهلة أم أن الأمر ليس كذلك، خاصةً وأنهم يدَّعون حمل الإسلام دعوة للناس على حد زعمهم، أو ممن يتمترسون خلف شهادات عُليا حصلوا عليها من بعض الجامعات وبعض الوسائل والظروف، وهو ما يجعلنا ننحى منحىً آخر في الحكم عليهم بأنهم ليسوا من الجهلة، بل هم من فئات أخرى.

إن من يدعو من المسلمين إلى هذه الحريات فهو إما جاهل وهو الذي لا يدرك تناقض إعلان حقوق الإنسان مع الإسلام وهذا إن كان معذوراً سابقاً فلا عذر له الآن بعد هذا البيان، وإما فاجر وهو الذي يدرك تناقض هذا الإعلان مع الإسلام ولكنه يدعو لها عصياناً وفسقاً، وإما كافر وهو الذي يعلم هذه الحقوق الواردة في إعلان حقوق الإنسان ويعلم مناقضتها للإسلام وأنها منبثقة عن عقيدة فصل الدين عن الحياة التي هي عقيدة كفر ويدعو لها على هذا الأساس فإنه كافر دون أدنى شك أو ريب لأنه والحالة هذه لا يعتنق عقيدة الإسلام.

وإعلان حقوق الإنسان هذا كان أول ما ظهر عندما نادت به الثورة الأمريكية سنة 1779مـ ثم تبعتها في ذلك الثورة الفرنسية سنة 1789مـ ثم وضعته في دستورها سنة 1791مـ ثم تبنته سائر الدول الأوربية في القرن التاسع عشر، غير أنه بقي شأن داخلي لكل دولة، وتحول إلى شرعة دولية سنة 1948مـ حين صدر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ثم صدر العهد الدولي بشأن حقوق الإنسان المدنية والسياسية سنة 1961مـ والذي أُلحق بالإعلان السابق، ثم أُلحق به سنة 1966مـ ما سمي {العهد الدولي بشأن حقوق الإنسان الإقتصادية والثقافية والإجتماعية}.

إلا أن هذه الشرعة بقيت دون عمل بها حتى سنة 1993مـ أي عند تفرد المبدأ الرأسمالي في العالم بعد سقوط المبدأ الشيوعي، وذلك عندما صدر إعلان فـَينّـا سنة 1993مـ والذي سمي {إعلان فـيَنّـا للمنظمات غير الحكومية لحقوق الإنسان} والذي أوصت مجموعة العمل فيه بالتأكيد على عالمية حقوق الإنسان وتطبيقها بالتساوي على مختلف الأنماط الثقافية والقانونية، ورفض الإدِّعاء بأن هذه الحقوق تتباين بين مجتمع وآخر، وهذا يعني بكل صراحة رفض أخذ الإسلام بعين الإعتبار عند تطبيقه على المسلمين وفي بلادهم.

وللتأكيد على حقوق الإنسان كشرعة دولية اتخذتها أمريكا ركيزة من ركائز سياستها الخارجية وذلك أيام كارتر، وصارت الخارجية الأمريكية منذ ذلك الحين تُصدر تقريراً سنوياً حول تقيد الدول الأخرى بتطبيق هذه الحقوق ومن ذلك ربطها بين مبيع القمح الأمريكي للإتحاد السوفييتي وبين السماح بهجرة اليهود في الإتحاد السوفييتي إلى فلسطين، كما اتخذت أمريكا حقوق الإنسان ذريعة للتدخل في هاييتي والآن في العراق.............، كما هو حال السياسة الخارجية الأمريكية بوجه عام فهي سياسة انتقائية تجاه دول العالم، فتغض الطرف عن هذه الحقوق مثلاً في دولة يهود وأوربا، وتكتفي بالتنديد في بعض الدول مثل إيران والسعودية، وتتدخل في غيرها كما حصل في أفغانستان والعراق، وترفض التدخل كما في أوزبكستان.

إن الأصل في رفض إعلان حقوق الإنسان من قِبَل المسلمين هو كوْنها من المبدأ الرأسمالي بعقيدته الفاسدة وكونها تعبيراً عن نظرة هذا المبدأ للفرد والمجتمع، وأنها بفضل الحريات الأربع والتي نادت بها فعقيدة هذا المبدأ وكل الأفكار التابعة له أو المبنية عليه تتناقض مع الإسلام جملة وتفصيلاً، ويجب على المسلمين نبذها والتصدي لها.

إن الذي سمح أو شجع على تطبيق نظام الحريات على المسلمين وفي بلادهم وهو نظام كفر يخالف الإسلام مخالفة صريحة، إن الذي شجع على ذلك وسمح به هو غياب الإسلام في هذه الأيام عن الساحة السياسية للعالم أجمع والمسلمين خاصة، وكذلك وجود أنظمة وقوانين ودساتير اعتبرت قواعد لهذا النظام وغيره من أنظمة الكفر التي لو وُجِدَ الإسلام في الساحة العالمية كمبدأ مُطبق في جميع نواحي الحياة لما كان لكل هذه الأنظمة الفاسدة من وجود.

إن من أبرز هذه الأنظمة والقوانين ما تصدره الأمم المتحدة من تشريعات تُلزم بها كافة الدول المنتسبة إليها، ولكن مُحاسبة كل دولة تتم حسب قوتها وواقعها وفاعليتها في المسرح الدولي.

إن الأمم المتحدة قد انبثقت عنها إضافة إلى التشريعات التي ذكرناها هيئات تُعْنى بجوانب محددة مُتخصصة، تقوم بتطبيق ما أفرزه النظام الغربي المنبثق عن الرأسمالية، مثل اليونيسيف واليونسكو وهما منظمتان تهتمان بحماية الطفل والثقافة، وهاتان المنظمتان تعملان في مجالات التربية والتعليم وتلزمان الدول المنتسبة لها بتطبيق ما يرونه مناسباً حسب تشريعاتهم وهي تشريعات كفر وأنظمة كفر قائمة على العداء للإسلام والمسلمين والتي صارت فيما بعد قواعد لدساتير الأنظمة الحاكمة في بلاد المسلمين بعد أن أَلْغوا نظام الإسلام.

وكمثال على هذه القوانين الدولية نورد بعض النصوص الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان:-

المادة 18: {لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين، ويشمل هذا الحق حرية التعبير عن ديانته أو عقيدته وحرية الإعراب عنها بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها سواء أكان ذلك سراً أم مع الجماعة}.

المادة 19: {لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأي وسيلة كانت دون تقييد بالحدود الجغرافية}.

ويشرح كتاب المدنيات الصادر عن مركز البحوث والدراسات الفلسطينية هذه المواد فيقول:-

{......... ويكمن جوهر هذه الحرية في الإصرار على حق الإنسان الفرد في حرية اعتناق وتكوين أية آراء وأفكار ومعتقدات يرى أنها صحيحة ومناسبة وتقود إلى حياة أفضل وأرخى للبشر وحرية التعبير عنها ........... وإذا فكر الإنسان وبقي الأمر بينه وبين نفسه فإنه لن يكون بوسع أي إنسان أن يعرف ذلك.

فالإقرار بحرية الإعتقاد يعني الإقرار بحق الآخرين في اعتناق المعتقدات التي يرونها مناسبة ويستند مبدأ حرية العقيدة على مبدأ حرية الفكر وبدون حرية الفكر لا يكون إبداع ولا تقدم ولا تطور علمي وتكنولوجي .......... وفي التاريخ البشري بما في ذلك التاريخ العربي أمثلة عديدة على تدخل مؤسسات أو مجموعات متنفذة أو حكام لحجب أفكار ومعتقدات معينة ومعاقبة أصحابها بالنفي أو القتل أو السجن أو النبذ، وهذا ما حصل مع الفارابي وابن حنبل وسقراط وغاليلو ........ إن رفض مبدأ حرية الإعتقاد والفكر نظرة محافظة تخشى التقدم والتغيير والإختلاف والتنوع وترفض التعددية الفكرية والسياسية والتنظيمية والفلسفية والعقائدية.

إن المجتمع الديمقراطي هو المجتمع الذي يتمتع فيه المواطنون بحرية الرأي والفكر والمعتقد والذي يُمَكِّن من وجود أو تنمية المنابر الحرة والمؤسسات التي تشجع البحث وحرية البحث ......... إن جميع الحريات تفقد قيمتها إذا لم تتمكن من التعبير عن الرأي ووجهة النظر .......... وتقترن حرية التعبير حينما نص عليها إعلان حقوق الإنسان بحرية الصحافة}. انتهى اقتباس الكتاب.

إن الناظر لهذه المواد وغيرها وشروحها الواردة في هذا الكتاب المذكور أعلاه، لا يجد صعوبة في الحكم عليها بأنها مخالفة للإسلام في جملتها وتفصيلاتها.

والمصيبة في ذلك أن هذه التشريعات والقوانين الدولية صارت أُسُـساً لتشـريع الحريات فِي دساتير الأنظمة الحاكمة فِي بلاد المسلمين وخاصة النواحي التعليمية والعمالية والإجتماعية، ويظهر ذلك جلياً في مناهج التعليم ومدى مخالفتها أو رفضها لنظام الإسلام، وذلك بعدما قام مُشَـرِعوا اليوم بتشـريع هذه القوانين بدل الأنظمة الإسلامية بدعاوى كثيرة منها التغير بالأزمنة، ومنها مسايرة العصـر الحاضر وقابلية الإسلام للتطور والإنفتاح والعَصْرَنَة حتى ظهر هؤلاء المشرعون وكأنهم أقدر على تشريع أنظمة تخدم مصالح الناس وأعدل فيما بينهم من الذي خلقهم ويعرف مصالحهم وما يصلح لهم.

ومن الأمثلة القائمة أمامنا في هذا الباب قانون السلطة الفلسطينية والدستور المقترح لدولة فلسطين، حيث أن فيها ما يتصل أو قُل ما ينبثق عن هذه التشريعات الدولية السالفة الذكر.

ونقتطف هنا من كتاب المدنيات السالف الذكر من إعلان الإستقلال الفلسطيني ما نصه:-

{إن دولة فلسطين هي للفلسطينيين أينما كانوا فيها يطورون هويتهم الوطنية والثقافية ويتمتعون بالمساواة الكاملة في الحقوق، وتُصان فيها معتقداتهم الدينية والسياسية وكرامتهم الإنسانية في ظل نظام ديمقراطي برلماني يقوم على أساس حرية الرأي وحرية تكوين الأحزاب ............... إن المدنية التي تعني تنظيم علاقات الأفراد والمجموعات داخل المجتمع هي الخيار الحضاري الذي يواجهه شعبنا البطل بدلاً من عنجهية الإحتلال وآلام التشرد والإبعاد ومختلف أشكال القهر ........ وتعلن دولة فلسطين إلتزامها بمبادئ الأمم المتحدة وأهدافها وبالإعلان العالمي لحقوق الإنسان ............}.

ومن الأمور التي يكفلها الدستور، المادة 5: {ضمان حرية الرأي والتعبير بما في ذلك الحق في اعتناق الآراء دون مُضايقة والتعبير عنها ونقلها إلى الآخرين وتلقي المعلومات عنها}.

ومن الجوانب المتعلقة بالنساء نورد بعض النصوص:-

المادة 2: ضرورة الإعتناء بالنواحي الصحية المتعلقة بالمرأة كونها وبسبب تركيبتها الجسمية ووظيفتها البيولوجية المتعلقة بالحمل والولادة أكثر حاجة لمثل هذه العناية ........ الإجهاض - عدم الإنجاب .......... .

من المادة 19 من مشروع القانون الأساسي للسلطة: {لا مساس بحرية الرأي ولكل إنسان الحق في التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غير ذلك من وسائل التعبير أو الفن مع مراعاة أحكام القانون}.

ومن مشروع الدستور للدولة الفلسطينية المقترح:-

المادة 26: {للمرأة شخصيتها القانونية وذمتها المالية المستقلة ولها ذات الحقوق والحريات التي للرجل وعليها ذات الواجبات}.

المادة 43: {حرية العقيدة وممارسة شعائر العبادة مكفولة وفقاً لأحكام الدستور}.

المادة 44 ، نفس مادة 19 من القانون الأساسي للسلطة الذي ذكرناه سابقاً.

إن ما أثبتناه من قوانين وتشريعات ليس حصراً لكل ما جاء في هذا الموضوع ولكن كمثال أو أمثلة للتدليل على الأساس الذي قامت عليه هذه التشريعات، ومن يتفحص الدساتير والقوانين والأنظمة يجد الكثير.

ويظهر ذلك جلياً في المناهج التدريسية التي قام على وضعها مجموعات من أصحاب الشهادات الذين ينتسبون لهذه الأمة انتساباً شكلياً وهم قد تربوا في أحضان اليونسكو واليونيسيف ومؤسسات دولية أخرى مشابهة أو شقيقة لها حتى صارت لديهم الإمكانات لوضع مناهج مدرسية لا نقول مبنية على قوانين الأمم المتحدة وتشريعاتها ومنظماتها، بل وبكل ثقة نقول إن معظم هذه المواد نقلت نصاً وأُثبتت في الكتب المدرسية وبكل صراحة بعناوينها الحقيقية مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان واتفاقية حقوق الطفل سنة 1989مـ وكذلك اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وهو بذلك لم يكتفوا بنثر بعض هذه الأفكار في الكتب المدرسية بل وضعوا مواد هذه الإتفاقيات مفصلة في ذيل بعض الكتب كما هو حاصل مثلاً في كتاب التربية المدنية للصف التاسع.

إن واضعي هذه المناهج لم يكونوا بريـئين من تهمة التشريع بغير ما أنزل الله وخصوصاً أنهم يعلمون مدى مخالفة هذه التشريعات للإسلام، فكما ورد في إعلان الإستقلال الفلسطيني بأن الديمقراطية هي خيار حضاري للشعب الفلسطيني، وهذا يعني أن على الفلسطينيين من أجل التقدم أن يختاروا الديمقراطية لتحقيق ذلك، وهذا يعني ترك الإسلام {لتعارض الواقع بين الإسلام والديمقراطية} إلا في أذهان الملوثين والمضبوعين بالثقافة الغربية الرأسمالية وإفرازاتها.

وبتفصيل بسيط لبعض المناهج المدرسية نرى إثبات ما ذكرناه، ولنأخذ مثالاً لذلك كتاب التربية الإسلامية والتربية المدنية للصف التاسع، ونرى فيه موضوع الحريات والأسس والقوانين التي وُضِعَت فيها وكيف أنها أُخِذت وبُنِيَت على قوانين وتشريعات المنظمات الدولية {الكافرة}.

إن موضوع الحريات في كتاب التربية الإسلامية لم يتم الدخول فيه بشكل مباشر، بل تم التدرج في تناوله حتى يخفى على من ليس عنده معرفة بما يخططه الكافر المستعمر لنا ولديننا ولبلادنا، سواء أكان ذلك بطريقة مباشرة أو عن طريق عملائه من الحكام، ولكن الخطر الأعظم هو عملاؤه الفكريين الذين يبثون سمومه بداعي الحرص على الإسلام ومن خلال طرح يرى فيه البعض بأنه نابع عن حرص على الإسلام والمسلمين، ففي كتاب التربية الإسلامية كانت البداية في الجزء الثاني صفحة 7 حيث تم بحث الحوار في القرآن الكريم وهو مدخل خبيث خاصة وأن الحوار المطروح في هذه الأيام هو مطلب غربي، واستجاب له نخبة من علماء السلاطين، لأن العلماء الأتقياء الذين لديهم الوعي الكافي عن ما يخططه الغرب رفضوا هذا الحوار لأنه لم يقم على أساس شرعي، أي لدعوة الكفار إلى الإسلام وإقناعهم بأن عقيدة الإسلام هي الصحيحة السليمة بل كان الحوار من أهدافه التقريب بين الأديان حتى الوصول إلى دين يُقِرُ له الجميع ويدينون به وهو ما يفرغ الإسلام من قوته ويساوي بينه وبين غيره من الديانات سواء التي أصلها سماوي أم لا، وبهذه المناسبة نذكر قول أحدهم ؟؟؟؟؟!!!!!!! قبل أكثر من ستين عاماً في رؤياه للمجتمع المصـري فيقول: {نطالب اليهود والنصارى أن يُربوا أبناءهم على التوراة والإنجيل لأن المجتمع المتدين يخلو من النزاعات} أي أن المسلمين واليهود والنصارى إذا تمسكوا بأديانهم لم يكن هناك صراع بينهم لأن ذلك يشكل مجتمعاً متديناً، فهل وعى هذا ما يقول وما مدى مخالفة قوله للإسلام، كذلك في أيامنا هذه ظهر من يقول بالحوار مع اليهود والنصارى تحت مسمى عقلاء الغرب وعقلاء اليهود، وعلى أُسس منها:-

1- الإتفاق بين الأديان على محاربة الفساد والإلحاد.

2- كسر روح العداء التي زرعتها الحروب الصليبية ........ فانظر هل هذا هو الحوار الذي سمح به ديننا وحضَّ عليه.

نعود لكتابنا: يذكر الكتاب الحوار وأهميته في النقطة الثالثة ما نصه: {الحوار يُقرب بين المختلفين ويجعل كل طرف منهم يفهم حقيقة ما يقوله الآخر}.

ويقول في ذكره لآداب الحوار {إن الحوار يجب أن يستند إلى المنطق السليم والأدلة الصحيحة} تُرى فما هو المنطق وهل هو دليل، كذلك يقول: {أن يُقصد بالحوار الوصول إلى الحقيقة بعيداً عن التعصب للرأي} فهل التمسك بالإسلام تعصب وخاصة أنهم في هذه الأيام يُسمّون المسلمين مُتعصبين، كذلك يُطالب بإفساح المجال للمخالف أن يُعبر عن رأيه وهذه كلمة فضفاضة خاصة وأن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يقول بأن من حق الإنسان أن يُعبر عن رأيه بشتى الوسائل دون إعاقة.

ثم يتقدم الكتاب في الموضوع بشكل أعمق فيتكلم عن العلم فيربط بين العلم والإيمان حيث يقول صفحة 70: {ولذا ينبغي أن يقترن العلم بالإيمان ليكون هادياً للإنسان ومنيراً لدربه يمده بالقيم الرفيعة والأخلاق السامية ...... ولا يمكن أن يتعارض الإسلام والعلم فلا تعارض بين نصوص الكتاب والسنة الصحيحة وبين الحقائق العلمية الثابتة}.

إن هذا الموضوع هو مدخل خبيث آخر وهو الربط بين العلم والإيمان وهو الموضوع الذي يُحاول البعض تفسير العلمانية على أنها إيمان وعلم ويظهر ذلك جلياً عند ذكر الكتاب صفحة 71 تحت باب نشاط : {أكتب مقالة عن العلمانية من حيث تعريفها ونشأتها وموقف الإسلام منها}.

إن مثل هذا النشاط يُري أن تعريف العلمانية الذي يريدونه هو الذي لا يتعارض مع الإسلام وهو ما ذكروه سابقاً {العلم والإيمان}، كذلك من أين لطالب لم يبلغ خمسة عشر عاماً من عمره أن يعرف عن العلمانية شيء إلا أن يذهب لصاحب هذا الفكر فيستزيد منه خاصة وأن مثل هذا النشاط المطلوب يقترن بعلامات مدرسية لتشجيع الطلاب على المعرفة المرجوة، ولزخرفة هذا الفكر وردت هذه العبارة {لم يشهد تاريخ المسلمين صراعاً بين العلم والدين كما شهد تاريخ أوروبا}.

وبعد أن قدّموا لطلابنا عـن موضوع الحوار ثم عن العلمانية انتقلوا إلى موضوع التشـريع فبدأوا كعادتهم بتقديم يخطف الأبصار الضعيفة ويستوعب العقول المغطاة بالجهل ويستعطف المخلصين البسطاء فقالوا: {تطبيق الشريعة الإسلامية يحقق العدل والمساواة وإن ترسيخ مبدأ السيادة للشرع يجعل من الدولة الإسلامية دولة ذات قانون ونظام تخضع كل تصرفاتها وشؤونها للشريعة الإسلامية ...... وأي خلاف في الدولة الإسلامية يكون حله بالرجوع إلى الشرع الإسلامي الذي لا يُحابي أحداً ولا يظلم أحداً ولا يُفرّق .... فالجميع سواسية .........}، ثم ينتقلون إلى دور السلطة التشريعية في الدولة الإسلامية فيقولون: {السلطة التشريعية هي التي تضع الأنظمة اللازمة لإدارة شؤون الدولة ويكون ذلك في نطاق القواعد العامة التي دلَّ عليها الشرع فالأمور التي ليس فيها نصٌ شرعي تكون متروكة للإجتهاد ..... والإسلام لا يرفض مبدأ قيام سلطة تشريعية وإنما يجعل صلاحيات هذه السلطة مقيدة بالإلتزام بالأحكام الشرعية ..... فالإسلام أكد على مفاهيم وقيم أساسية ثابتة في الحياة السياسية في المجتمع الإسلامي كالعدل والشورى، وتَرَكَ للناس أن يجتهدوا في إطارها استجابة للظروف المتغيرة بما يُلائم العصر}.

إن ما ذكر في موضوع التشريع تظهر فيه تناقضات كثيرة، ففلسطين التزمت حسب دستورها المقترح بأنظمة الأمم المتحدة والمنظمات المنبثقة عنها، وهذه لها قوانين تتعارض مع الإسلام فأيهما الْمُنَفذ، كذلك يقولون إن المجلس التشريعي يشرّع قوانين شرعية، فإذا كانت أحكام الشرع موجودة فماذا يُشـرّع المجلس التشريعي، كذلك يقولون إن الشورى مُلْزمة وهي حق للأمة يحب على الإمام أن يُشاور الأمة، لو شرعت الأمة بممثليها غير الإسلام فمن يُنَفذ؟!

إن هذا مدخل خبيث أُريد به الدخول إلى التشريع بغير ما أنزل الله وهو ما يظهر لنا بعد قليل في موضوع حقوق الإنسان صفحة 84 حيث ورد أن أهم حقوق الإنسان:-

الحق في المساواة: وهذه كلمة مطاطة يمكن إدخال مواضيع شتى تحتها خاصة وأن قوانين الأمم المتحدة والهيئات المنبثقة عنها مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ومؤسسة حماية الطفل وحقوق المرأة وغير ذلك وهذه الهيئات لها قوانين مُلْزمة للدول الملتزمة بها ومنها فلسطين، وهي التي تساوي في كل الحقوق والواجبات بين المرأة والرجل وهذا مُخالف للإسلام، أن كلّ ما بُحِثَ سابقاً هو مُقدمة للدخول في موضوع الحريات حيث ورد صفحة 86:-

{الحرية الدينية: أعلن الإسلام أن التدين يقوم على الإقناع والبرهان لا على الإكراه والخوف} وقد ظهر تفسير ذلك في الإعلان العالمي كما سبق وذكرنا في المادة 18-19 وشروحها السابقة.

وذكـر كـذلك ضوابط الحرية فقال صفحة 87 {حـرية التصـرف مُقيدة بعدم إلحاق الأذى والضـرر بالآخرين} إن هذا الضابط فقط يُعارض الإسلام فعلى ذلك يحق للإنسان أن يتصرف ما يشاء فيما يتعلق بذاته دون التقيد بأي شرع ما دام لا يؤذي غيره؟

إذا كان كتاب التربية الإسلامية وهو الذي كان الواجب أن يكون وُضع من أجل مساعدة أبنائنا على فهم دينهم وما يطلبه منهم ربهم، إذا كان هذا الكتاب قد حدث فيه من التشويهات ما رأينا في خلال فترة بسيطة، فكيف التشويه والتحريف بعد مدة أطول وظروف أخرى.

إن الكافر المستعمر يدفع بنا برغبة منه وإصرار وقبول منا وخنوع، وقد يكون عند بعضنا قناعة نحو الهاوية، هاوية عذاب الله والبعد عن أحكامه وأوامره، وهو ما يؤدي في الدنيا إلى ذلّنا وهواننا على الناس فيأخذوا بلادنا وينهبوا ثرواتنا ويستحلوا دماءنا ويستبيحوا مقدساتنا وأعراضنا وهو ما يحصل الآن دون حِراكٍ منا لأن علماءنا علماء سوء وحكامنا حكام فجور وشبابنا في طريق الهاوية منحدرون فنسأل الله العافية.

أما كتاب التربية المدنية ففيه:-

بدأ مؤلفو هذا الكتاب بداية متدرجة كما حصل في الكتاب السابق ففي صفحة 2 ورد ما يلي:-

{تعلمنا في السنوات السابقة الكثير عن قضايا المجتمع المدني وعرفنا أن المجتمع المدني السليم هو مجتمع يقوم على مبادئ الديمقراطية والتعددية الفكرية والسياسية والحزبية وعرفنا أن الدولة بوجود مجتمع مدني قوي هي دولة مؤسسات تطبق القانون وتهتم بحقوق الإنسان وأن المواطن في المجتمع المدني يعرف حقوقه وواجباته ويحترم حقوق الآخرين وسيادة القانون ومن أهم قيم المجتمع المدني احترام كرامة الإنسان وقبول الآخر واحترام التعددية}.

إن مثل هذه النصوص نرى شرحها وتفسيرها في إعلان حقوق الإنسان حيث نفهم منه أن المجتمع السليم هو الذي يقوم على مبادئ الديمقراطية، وهل هذا يعني إلا رفض المجتمع الإسلامي لأنه ليس سليماً ولا يقوم على مبادئ الديمقراطية.

وهل التعددية السياسية وقبول الآخر تعني غير القبول بالأحزاب والأفكار الغريبة عن ديننا وقبولها في مجتمعنا كرأي له أحزابه ويجب عدم التعرض له حسب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وكذلك حسب مادة 12 من مسودة الدستور الفلسطيني {النظام السياسي الفلسطيني ديمقراطي نيابي برلماني يقوم على التعددية الحزبية السياسية ويكفل للمواطن هذه الحقوق والحريات دون تمييز} صفحة 7.

وورد في صفحة 6 {.... ولم يعد مقبولاً فرض رأي الأغلبية السياسية أو الثقافية أو الدينية أو العرقية على الأقلية}.

صفحة 22 {من حقي كمواطن فلسطيني أن أنتمي إلى أي حزب سياسي وأن أشارك في تحقيق أهداف هذا الحزب}.

صفحة 27 {يشكل الوعي بحقوق الإنسان أساساً للوعي بقيم الديمقراطية، إن الممارسة اليومية لحقوق الإنسان والدفاع عن حقوقنا وحقوق الآخرين أهم ما يجب أن نسعى إليه من أجل الوصول إلى مجتمع ديمقراطي يشعر أبناؤه بالإنتماء إليه}.

صفحة 28 {تقسم حقوق الإنسان إلى مجالين رئيسيين هما:.... الحقوق الفردية ومنها الحق في حرية الرأي والتعبير}.

صفحة 29 {من الحقوق السياسية والمدنية ... الحق في حرية الفكر والحق في حرية التعبير}.

صفحة 37 {إنتهاكات حقوق الإنسان التي تُعاني منها النساء دون الرجال:- الزواج المبكر؛ فهل يعني هذا إلا أن الشرع انتهك حقوق الإنسان، .................. تُطالب الأمم المتحدة جميع الدول التي صادقت على الإتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان بـِ :- 2- إلغاء أية بنود قانونية تتعارض مع نصوص أو روح الإتفاقية}. أي (إلغاء الإسلام وأحكامه).

مما تقدم نرى أن كل هذه التشريعات من أجل تطبيقها وأخذها فلا بد من إلغاء جميع القوانين الإسلامية السائدة لأنه لا يمكن تطبيق قانونيْن على حالة واحدة وهو ما طالبت به الأمم المتحدة كما ظهر صفحة 38.

إن أطفالنا ليسوا بحاجة لمعرفة بنود قوانين وتشريعات الأمم المتحدة بل هم بحاجة لفهم أحكام الإسلام حتى يعزّوا في الدنيا ويفوزوا بالآخرة، ولكن الطغاة من الحكام المسيَّرين من أسيادهم والملعونين من العلماء الخاضعين بما أُشربوه من الفكر الغربي يقفون سدّاً منيعاً في سبيل ذلك، ولكن الأمل بالله بالتغيير الأكيد والثقة به حقيقة وواقعة وتصديق وعده عقيدة ثابتة وما علينا إلا العمل لذلك.

أما الآن فإلى بعض المواد من الملاحق المرفقة في الكتاب من التشريعات الدولية والتي لسنا بحاجة لها فكيف بأطفالنا، إلا إن كان ذلك من أجل أخذها والتمتع بها بما فيها من انفلات وعدم انضباط.

من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان:-

مادة 2 : لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان دون تمييز من أي نوع ولا سيّما التمييز بسبب العنصر أو اللون.

مادة 18 + 19 : ذكرت سابقاً.

مادة 21 : (م) إرادة الشعب هي مناط سلطة الحكم ........ .

إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة

مادة 1 : لأغراض هذه الإتفاقية يعني مصطلح التمييز ضد المرأة أي تفرقة أو استبعاد أو تمييز يتم على أساس الجنس.

مادة 2 : إدماج الدول في دساتيرها الوطنية مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة.

مادة 5 sad.gifأ) تغيير الأنماط الإجتماعية والثقافية لسلوك الرجل والمرأة بهدف تحقيق القضاء على التحيزات والعادات العرفية.

الجزء الثالث

مادة 1 : (جـ) .......... تشجيع التعليم المختلط وغيره من أنواع التعليم التي تساعد في تحقيق هذا الهدف ولا سيّما عن طريق تنقيح كتب الدراسة والبرامج المدرسية وتكثيف أساليب التعليم.

الجزء الرابع

مادة 16 : تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في كافة الأمور المتعلقة بالزواج ......... على أساس المساواة بين الرجل والمرأة.

أ – نفس الحق في عقد الزواج. (تُرى هل تدفع مهراً).

ب – نفس الحقوق والمسؤوليات أثناء الزواج وعند فسخه.

هـ - الحق في تحديد عدد أطفالها.

إتفاقية حقوق الطفل 1981

إن القول بالحريات يعني التحلل من كل نظام والتحلل من كل قيْد وهذا يعني الفوضى لذلك يجب القضاء على الفوضى ونُعيد الناس بنظام معين وهو الشـرع، لذلك فالواجب يقضـي بمحاربة الحُريات والمحافظة على النظام فإنه لا حياة بغير نظام ولا عيْش بدون قيود وضوابط، فالحُريات تعني الفوضى والشرع والإنقياد له والإنضباط بأحكامه يعني الحياة المستقرة والإنسان إذا حُرر من كل قيْد عاش في الفوضى، لذلك يجب أن لا تبقى فكرة الحُريات بل يجب أن تُحارب ويُقضى عليها وعلى جميع الأنظمة التي هي من صُنْع البشر، ويجب أن يبقى الإسلام ونظامه الذي هو من عند الله ويجب أن يسود، والذي إن ساد فلا حُرية ولا حُريات بل الكل عبيدٌ لله مُقيدون بشرع الله فبقاء الحُريات يعني ترك الإسلام أو إهماله أو عدم العمل به وهو لا يجوز كُليّة بل يجب أن يبقى الإسلام ويسود حتى يعم الخير البلاد والعباد.

تم بحمد الله
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿العلمانية﴾
غفلة وأي غفلة أن يظن أصحاب الحق والخير والإستقامة والإلتزام بشرع الله أنهم متروكون من الباطل وأهله.
غـفلة وأي غـفلة أن يـظن المسلمون اليوم أنـهم يملكون تـجـنب المعركة أو تأجيلها مع الباطل وأهله.
غفلة وأي غفلة أن تظن الفئة المؤمنة أنه يمكن أن تقوم هناك مصالحة أو مهادنة مع الديمقراطية العلمانية الكافرة.
خـير لأهل الحـق اليوم أن يسـتعدوا للمعركة المـحتومة بالوعي والعدة من أن يستسلموا للوهم والخديعة.
﴿ { وَكَذَلِكَ نُفَصِّل الْآيَات وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيل الْمُجْرِمِينَ } الأنعام 55.
إن قوة الإندفاع بالحق لا تنشأ فقط من شعور أصحاب الحق أنهم على حق، ولكن كذلك من شعورهم بأن الطرف الآخر على باطل، إن سفور الكفر والشر والإجرام ضروري لوضوح الإيمان والخير والصلاح ومعرفة الصابرين على هذا الحق ذلك أن أي غبش أو شبهة في موقف الكفار والمجرمين ترتد غبشاً وشبهةً في موقف المؤمنين منه فهما صفحتان متقابلتان وطريقان مفترقان ولا بدّ من وضوح الألوان.
إن المشقة الكبرى التي تواجه العاملين للإسلام تتمثل في وجود أقوام وتجمعات من سلالات المسلمين تهجر الإسلام حقيقة وتعلنه إسماً وتتنكر لمقومات الإسلام وأحكامه وإن ظنت أنها تدين بالإسلام، وهذه الفئات هي فئات العلمانيين الذين يتوهمون ويوهمون الناس أنهم على الإسلام وأحكامه.
إن العلمانية الكافرة والمعسكرات التي من ورائها لا تخشى شيئاً أكثر مما تخشى الوعي عليها وعلى ما تقوم عليه من أُسس وما تقوم عليه من أعمال، لذلك آن لمن يعمل للإسلام أن يحسم أمره ويحدد موقفه تجاه هؤلاء.
والعلمانية ترجمة خاطئة لـِ {secularism} الإنجليزية أو شبيهةً لها بالفرنسية وهي كلمة لا صلة لها بالعلم ولا الإيمان والترجمة الصحيحة للفظة هي اللادينية أو الدنيوية وتقول دائرة المعارف البريطانية عنها أنها حركة اجتماعية تهدف إلى صرف الناس وتوجيههم من الإهتمام بالآخرة إلى الإهتمام بهذه الدنيا وحدها، ولذلك فإن المدلول الصحيح للعلمانية هو {إقامة الحياة على غير الدين} بالنسبة للأمة أو الفرد، وبناءً على معرفة العلمانية على حقيقتها فإن أحد التحديات الخطيرة أو هو أخطرها هو إسقاط اللافتات الزائفة وكشف المقولات الغامضة وفضح الشعارات الملبسة التي تتخفى وراءها العلمانية الكافرة التي تبث سمومها في عقول وقلوب أبناء هذه الأمة.
ومن أجل ذلك لا بدّ من معرفة التوحيد على حقيقته ومعرفة أنه أعظم حقيقة في التصور الإسلامي، والتوحيد هو الإقرار الحقيقي بـِ لا إله إلا الله محمد رسول الله وهو يعني الإيمان بالله خالقاً مُدبراً مُشرعاً مُطاعاً وأن الطاغوت هو كل ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع، فطاغوت كل قوم هو مَنْ يتحاكمون إليه غير الله ورسوله ﷺ.
فالشرك الذي هو عبر التاريخ محور الصراع بين الأمم والرسل هو عبادة الطاغوت مع الله أو من دون الله من خلال أمرين:-
1- الإرادة والقصد.
2- الطاعة والإتباع.
فواقع الأول هو التوجه إلى غير الله تعالى بالعبادة كالصلاة والقرابين والإستغاثة وطاغوت هذا النوع يكون صنماً.
وواقع الثاني وهو شرك الطاعة والإتباع فهو التمرد على شرع الله وعدم قبول حكمه وتحكيمه في شؤون الحياة ﴿ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ المائدة 50، ﴿ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ۚ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ ۗ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ الشورى 21، وطاغوت هذا النوع يكون زعيماً أو حاكماً أو كاهناً أو شيخاً أو هيئة تشريعية أو أنظمة وأوضاع وأعراف أو تقاليد أو مجالس نيابية أو لجان شعبية أو قوانين أو دساتير أو أهواء أو أحزاب أو مصالح أو غير ذلك.
والواقع أن كلا النوعين من الشرك مردهما إلى أصل واحد وهو تحكيم غير الله والتلقي عن غير الله.
إن مقارنة بسيطة بين العلمانية الحالية والجاهلية توضح أنهما تشتركان في كثير من النقاط، إلا أن العلمانية زادت بأمور أكثر فكان السابقون يُقرون بوجود الخالق والإقرار ببعض الديانات ولكن العلمانية فيها إمكانية إنكار الخالق، كذلك ما وضعته هذه العلمانية من حريات وأخطرها حرية التدين بأن يدين بما يريد ويُغير دينه كما يشاء أو حتى يرفض الدين كله فلا مانع عند العلمانية من ذلك.
إن العلمانية نظام طاغوتي جاهلي كافر وهو يتنافى مع لا إله إلا الله من ناحية كونها حكم بغير ما أنزل الله وهذا هو واقعها، فهي تقوم كما أوضحنا على الحكم بغير ما أنزل الله وتحكيم شريعة غيره وقبول الحكم والتشريع والطاعة والإتباع من طواغيت من دون الله وهذا هو معنى قيام الحياة على غير الدين، أو بعبارة أخرى فصل الدين عن الدولة أو فصل الدين عن السياسة، فهو نظام جاهلي لا مكان لمعتقده ولا لنظامه ولا لشرائعه في دائرة الإسلام، بل هو نظام كفر بنص القرآن الكريم ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ المائدة 44.
وبعد هذا فلماذا التردد في الحكم على الأنظمة العلمانية وعلى العلمانيين الذين يحكمون بغير شرع الله؟
لماذا التردد في قول الحقيقة الشرعية فيهم؟
لماذا يستصعب بعض الناس - ومنهم للأسف الشديد بعض مَنْ يرفع راية الدعوة الإسلامية – القول بأن الأنظمة العلمانية الديمقراطية أنظمة جاهلية كافرة وأن المؤمنين المتبعين لهم هم مثلهم إن اعتقدوا صحة واقعهم وهم آثمون إن اتبعوهم على غير اعتقاد بصحة حالهم؟ كل ذلك بدعوى الشبهة القائلة بأنهم يقولون (الحكام) لا إله إلا الله.
تُرى هل تحمل الرسول ﷺ وأصحابه العنت والمشقة والحرب والجهاد وهل نزل القرآن موجهاً وآمراً، هل كل هذا من أجل أن يقول الجاهليون باللسان لا إله إلا الله ويقيموا الشعائر التي يَمُنُّ دعاة العلمانية على الله أنهم يسمحون بها اليوم ولا يُحرمونها تحت يافطة حرية الأديان.
يقولوا لا إله إلا الله باللسان ويُطبقوا في كل أحوالهم وأحكامهم شريعة غيره؟!
إن العلمانية لها أشباه سابقة، فما فعله جنكيزخان من وضع كتاب الياسق وهو عبارة عن كتاب مجموع من أحكام اقتبسها من اليهودية والنصرانية والإسلام ومن هواه فصارت في بَنِيه شرعاً مُتبعاً يُقدمونه على الحكم بالإسلام فعند ذلك قال ابن كثير {فمن فعل ذلك فهو كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله ﷺ فلا يحكم سواه في قليل ولا كثير} ابن كثير جـ 2 ص67.
تُرى أين يقف العلمانيون الذين يُعلنون الفصل بين الدين والدولة وأن إدارة الكون شركة بين الله وبينهم، فله العقائد والعبادات ولهم ما وراء ذلك من معاملات وعقوبات ومعالجات، فأين يقفون من الدين؟!
أين يقف الذين لا شارع لهم إلا البرلمانات والسيادة عندهم للأمة؟
أين يقف هؤلاء من شرع الله؟
ومن شعارات العلمانيين التي يختبئ تحتها كل أعداء الأمة ومنها {شعار تطوير الشريعة}،{مـرونة الشـريعة لتلـبية حاجات العصـر}، {التـدرج في تطـبيق الشـريعة}، {العقـلانية}، {حـكم الشـعب بالشعب}، {الحريات}، {الأمة مصدر السلطات}، {حرية الثقافة والفكر}، {قبول الآخر}، وغير ذلك كثير من شعارات الفقه الحديث المتماشي مع العصر.
وأخيراً فإن العلمانية شجرة خبيثة قد أثمرت بيننا اليوم مَنْ يستنكر وجود صلة بين العقيدة والأخلاق والمعاملات والعقوبات، وللأسف أثمرت هذه الشجرة الخبيثة بيننا مَنْ حصلوا على الشهادات العليا يتساءلون ما للإسلام ولسلوكنا الشخصي من عُريٍ على الشواطئ وزي المرأة وصداقة الشابة بالشاب طالما كان عن رِضَى منهما ومباركة الأهل والنظام، مصرحين بشعار {الدين لله والوطن للجميع} وكذلك {دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله}، فأي فرق بين هؤلاء وبين سؤال أهل مدين لنبيهم شعيب ﴿قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ ۖ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ.﴾ هود 87.
أَليَس هذا هو ما يُرَدِّدُهُ العَلمانيون؟
فماذا عساكم أَن تفعلوا؟!

تم بحمد الله
سنة 1425هـ - 2004 مـ
آخر الزوار


19 Mar 2015 - 21:15

التعليقات
لم يقم باقي الأعضاء بكتابة تعليق لـ طارق عبد المعز.

الأصدقاء
لا يوجد أصدقاء.
RSS نسخة خفيفة الوقت الآن: 14th November 2024 - 02:28 PM